الوقفات التدبرية

آية:١١١ *لماذا جاءت كلمة (تنصرون) غير مجزومة في الآية (وَإِنْ...

آية:١١١ *لماذا جاءت كلمة ﴿تنصرون﴾ غير مجزومة في الآية (وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)) مع أنها معطوفة على مجزوم؟(الشيخ خالد الجندي) يقاتلوكم ويولوكم فعلان مجزومان الأول هو فعل الشرط ﴿وإن يقاتلوكم﴾ والثاني جواب الشرط ﴿يولوكم﴾ ثم قال تعالى ﴿ثم لا يُنصرون﴾ بدون جزم مع وجود حرف العطف ﴿ثم﴾ وهذا ليس خطأ لغوياً في القرآن حاشا لله كما يدعي بعض المستشرقين الذين يجهلون اللغة العربية ولهؤلاء نقول أنه علينا أن نفهم القرآن أولاً قبل إعراب الجمل والكلمات لأن الإعراب تابع للفهم كما نجد في قوله تعالى ﴿إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ﴾ ونقول أن قوله تعالى ﴿ثم لا تُنصرون﴾ ليست معطوفة على ما قبلها ولكنها تفيد الاستئناف على التراخي وتعني أن أعداء الله تعالى لن يُنصروا على المؤمنين وليس عندهم نُصرة من الله تعالى حتى لو كان عندهم عدّة النصر فهو لا يُنصرون على الاطلاق فلا يوجد عاصي يُنصر من عند الله تعالى فهي إذن جملة مستقلة لوحدها وليست معطوفة على ما قبلها. واستخدام الفعل المضارع في الآية (يقاتولكم، يولوكم) تفيد الاستمرار لأن القتال ضد الدين مستمر ﴿ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم﴾ والخطاب في الآية موجه للأمة المسلمة التي تقيم الشريعة وتعرف حدود الله تعالى. *ما الفرق بين الضرر والأذى؟(الشيخ خالد الجندي) قال تعالى في سورة آل عمران (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)) والكلام في الآية موجه للمؤمنين عن الفاسقين الذين كفروا برسول الله  مع علمهم بصدقه وصدق رسالته ونبوته . الأذى هو نوع من أنواع الضرر والضرر نوعان ضرر قاصر وضرر متعدّي فلو شرب أحدهم خمراً يكون قد أضر نفسه فهذا ضرر قاصر اقتصر على الشخص نفسه أما أن يدخّن الانسان بين الناس فهذا ضرر متعدي للغير وهو ضِرار كما جلء في الحديث الشريف "لا ضرر ولا ضِرار" ينقسم الضرر من حيث التأثير إلى قسمين ضرر قاصر وضرر متعدي ومن حيث مفعوله ينقسم إلى قسمين أيضاً ضرر مؤقت وضرر بائن والضرر المؤقت هو الذي يستمر لفترة زمنية بسيطة أما الضرر البائن فهو الذي يستمر مفعوله لوقت طويل. والضرر المؤقت هو ما يسمى إيذاء أو أذى أما الضرر البائن فهو الضرر الحقيقي المقصود في اللغة. فلو كان الإيلام مؤقتاً يسمى إيذاء وإن كان دائماً يسمى ضرراً لأنه يدوم وقتاً أطول. وقد استعمل القرآن الكريم كلمة أذى استعمالاً دقيقاً فقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) الاحزاب) النظرة تؤذي لأنها مؤقتة غير دائمة. ، وقال تعالى في سورة الأحزاب أيضاً (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)) فمجرد أذى الرسول  يستوجب لعنة الله تعالى في الدنيا والآخرة ولهم عذاب مهين جزاء إيذائهم للرسول . وقال تعالى في سورة البقرة ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)) (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)) وفي سورة النساء (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)) وفي آية سورة آل عمران (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)) فالآية تدل على أن ما يسمعه المؤمنون من الفاسقين هو ليس إلا أذى كلامياً فقط وليس ضرراً لأنهم مؤمنون متمسكون بإيمانهم والخطاب في الآية هو للمؤمنين أما غير المؤمنين فلن يكون ضرر الفاسقين أذى بالنسبة لهم.

ﵟ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ۖ وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﵞ سورة آل عمران - 111


Icon