الوقفات التدبرية

* ما اللمسة البيانية في استعمال الإفراد ثم الجمع ثم الإفراد في قوله...

* ما اللمسة البيانية في استعمال الإفراد ثم الجمع ثم الإفراد في قوله تعالى (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) الطلاق)؟ ذكرنا سابقاً أن ﴿من﴾ في سنن العربية يُبدأ معها بالإفراد الذي يعود على لفظ ﴿مَن﴾ ثم يُؤتى بالذي يفسّر المعنى. جاءت ﴿خالدين﴾ بالجمع لأن القرآن لم يذكر أبداً خالداً في الجنة بصيغة المفرد أما في النار فجاءت بالإفراد وبالجمع والإفراد في النار تدل على أن العزلة وحدها عذاب ولآن هناك من يُعذّب بالعزلة والإفراد ومنهم من يُعذّب بالنار، أما المؤمنون فتأتي خالدين فيها بالجمع للدلالة على الأُلفة . ثم نسأل لماذا عاد إلى الإفراد في قوله تعالى ﴿قد أحسن الله له رزقا﴾؟ الإفراد للدلالة على أن لكل فرد رزقاً ولو قال تعالى ﴿لهم﴾ تصبح للعموم ولا تعني كل واحد يُحسن له الرزق . فالإفراد دلّ على أنه تعالى أفرد كل واحد على وجه الخصوص يُحسن له الرزق وليس على العموم وهذا تنصيص. ﴿من﴾ تأتي للمفرد والجمع والمثنى والمذكر والمؤنث وتأتي أولاً بصيغة المفرد ثم يأتي بعدها بما يخصص المعنى وهذا هو الأكثر في القرآن إلا إذا اقتضى السياق والبيان أن يخصص ابتداءً كما في قوله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42) يونس).

ﵟ رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﵞ سورة الطلاق - 11


Icon