الوقفات التدبرية

آية (184): *(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ...

آية (184): *(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿184﴾ آل عمران) - (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿25﴾ فاطر) ما دلالة الاختلاف بين الآيتين؟ ننتقل إلى آية أخرى (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿184﴾ آل عمران) بالبينات والزبر والكتاب المنير، في سورة فاطر 25 أضاف باء حرف جر قال (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴿25﴾ فاطر) بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير أضاف حرف جر. هناك ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ القرآن، هنا ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ حينئذٍ واضحة كما قلنا في الآيات التي قبلها بذي وذي نفس النسق. نحن لدينا نوعين من الأنبياء أنبياء كتابه هو معجزته هذا بالبينات والزبر بدون باء وهو محمد صلى الله عليه وسلم الوحيد الذي معجزته هي كتابه النبي صلى الله عليه وسلم. سيدنا موسى معجزته العصا واليد والقمل والضفادع والماء وغيرها يعني كثير (وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ ﴿133﴾ الأعراف) لكن التوراة شيء ولهذا التوراة ليس معجز ولهذا حرف وضاع وقسموه وحرفوه الخ ليس له نفس حصانة القرآن لأن الله سبحانه وتعالى جعل معجزته غير الكتاب فالكتاب علم فقه ليس بذلك الوعد الإلهي (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿9﴾ الحجر) فلهذا التوراة الآن ما بقي منها شيء والإنجيل ما بقي منها شيء، أناجيل شبيهة كل ما يأتي ملك يعمل له إنجيل لماذا؟ البينات عند موسى وعيسى غير الكتابين عندهم إعجاز خالد لا يمكن أن ينكرها إلا إنسان ظلم نفسه. سيدنا عيسى يبريء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله لأن طبيعة بني إسرائيل مادية حسّية ولهذا قالوا (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ﴿90﴾ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا ﴿91﴾ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا ﴿92﴾ الإسراء) (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ﴿55﴾ البقرة). إذاً هذا الفرق بين هذه الباء لما قال ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ﴾ هناك معجزات وهناك كتاب لكن لما قال ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ الكتاب هو المعجزة نفسه. هكذا هذا الفرق بين الآيتين. إذاً معنى ذلك كما قلنا أن البينات هي الحجج والمعجزات البراهين إما حجة قرآنية أو توراتية أو إنجيلية بما أراد الله عز وجل أن يدلل على وحدانيته وإما معجزات هكذا ذكرنا بين جاءهم وجاءتهم. أمر آخر وهو أن الآية في آل عمران تبدأ ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ بالفاء في سورة فاطر (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (4)). هذه الأولى لأنها مترتبة على التي قبلها، في قوله ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ هو كلام مستأنث أما بالفاء فهي تابعة بالضبط إلى الآية التي قبلها ﴿وإن﴾ كلام مستأنث يعني ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ﴾ كلام جديد ليس له علاقة بالماضي إطلاقاً فالله تعالى تكلم عن التوحيد (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴿3﴾ فاطر) ثم قال ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ﴾ ليس لها علاقة بالآية التي قبلها بدليل المضارعة يدل على الحال والاستقبال هذا الفرق بين ﴿فإن﴾ وبين ﴿وإن﴾. وعندنا ﴿فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ و ﴿كذبت رسلٌ من قبلك﴾ كذب رسلٌ واحد واحد كذب هذا وهذا لم يكذب ناس كذبوه وناس لم يكذبوه أما كُذّبت مجموعة صارت ظاهرة. فى إجابة أخرى للدكتور الكبيسى : عندنا ﴿كُذِّبَ رُسُلٌ﴾ بدون تاء التأنيث وعندنا ﴿كُذِّبَتْ رُسُلٌ﴾ بتاء التأنيث وحينئذٍ رب العالمين سبحانه وتعالى يخبرنا بما يلي الأولى وفى الآية الثانية في فاطر (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25) فاطر) كرر حرف الباء. (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) آل عمران) وفي فاطر (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4) فاطر) لماذا أول مرة قال ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ﴾ ومرة قال ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ﴾؟ واحدة في الماضي والأخرى في المستقبل هذا ما فيه إشكال. ﴿كُذِّبَ رُسُلٌ﴾ و ﴿كُذِّبَتْ رُسُلٌ﴾ كُذّب رسل رب العالمين يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم إن كانوا كذبوك فأنت لست بدعاً ما قبلك كُذبوا. ولما قال كُذِّب رسل كُذبوا مرة واحدة-بدون التاء- جميع الرسل كلهم واحداً واحداً واحداً كُذبوا. لما قال في آية أخرى ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ﴾ مجموعة رسل كُذبوا مرة واحد يعني يأتيك واحد لا يؤمن بالرسل نهائياً هناك رسل كل واحد في زمانه كذب ثم يأتي واحد في الأخير يكذب بهم جميعاً هذا ﴿كُذِّبَتْ رُسُلٌ﴾. ثم ﴿جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ البينات المعجزات والزبر الكتب المكتوبة والكتاب المنير التوراة والإنجيل والفرقان هذه هي الكتب المنزلة.

ﵟ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﵞ سورة آل عمران - 184


Icon