الوقفات التدبرية

*لماذا بدأ الله تعالى بـ(قُل) في (قل أعوذ برب الفلق)؟ (د.فاضل...

*لماذا بدأ الله تعالى بـ﴿قُل﴾ في ﴿قل أعوذ برب الفلق﴾؟ (د.فاضل السامرائى) الله سبحانه تعالى يريد من الإنسان أن يعلن صراحة عن ضعفه بلسانه وعن حاجته لربه أن يُعلِن ويقول ولا يكتفي بحاجته في قلبه. الخطاب موجه للرسول ثم إلى سائر البشر. فإذن ربنا تعالى يريد من الإنسان أن يعلن صراحة عن ضعفه لربه وحاجته إليه حتى يخلّصه مما يخاف ويحذر ولا يكتفي بشعوره بالحاجة. هذا الإعلان عن حاجته لربه ضروري من نواحي: أولها فيه قتل للعجب بالنفس والشعور الكاذب بالاستغناء وهذا من أسباب الطغيان (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (7) العلق) فليعلن حتى يعلن ضعفه أمام ربه ن لا يكون مستغنياً عنه لأن هنالك قسم من الناس يمنعهم الكبر من الاستعانة. والأمر الآخر أنه من أسباب الطاعة يعني هذا الإعلان من أسباب الطاعة لأنك إذا استعنت بشخص تطيعه ولا تعصيه فكيف تستعين به وتعصيه؟ إذن هذا الإعلان ﴿قل أعوذ برب الفلق﴾ أنت تقول هذا الأمر أي أنت تستعين بربك إذن هذا يدعوك إلى طاعته فكيف تستعيذ به وأنت تعصيه؟ لا يمكن. الإستعاذة مما يلين القلوب ويجعلها خاشعة لرب العالمين خاصة إذا صاحَبَ الاستعاذة شعور بشدة الحاجة إلى غياث المستغيثين، هو يعوذ لأن عنده شعور بالحاجة إلى من يعينه، أنت تستعين وتستعيذ بشخص وتطلب العون لأنك تشعر بالحاجة إليه هو أكبر من قوتك فأنت تستعين وتعلن حاجتك وتلتجئ إلى من تلتجيء إليه، أكبر من قوتك وأكبر مما تستطيع. هذا الشيء يلين القلوب خاصة إذا كان الأمر كبير (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) غافر) ليس من الشيطان وإنما الإستعاذة عامة فهذا الأمر يجعل القلب يلين عندما يصاحبك الشعور بالحاجة إلى ربك وقلبك يلين ويخشع وشبهه أحد الأوائل أنه ينبغي أن يصحب الإنسان عندما يستعيذ بربه مثل شعور صبي ينبحه كلب فميف يتشبث بأبيه، فيكون هذا من أسباب لين القلوب ثم هو مثل التسبيح والذكر ونحن مأمورون بالتسبيح والذكر نذكره بلساننا (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ (295) الأعراف) كما نذكر التسبيح بالقول نستعين بربنا بالقول واللسان لا بالشعور وحده. لو قال أعوذ بالله هذا ليس أمراً بالقول هو أمره أن يقوله. (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) النحل) لما قال فاستعذ هو أمرك بالاستعاذة وقُل أيضاً أمر بالاستعاذة.

ﵟ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﵞ سورة الفلق - 1


Icon