الوقفات التدبرية

د.أحمد الكبيسى : نبين ما معنى القسط؟. جميع المفسرين يقولون القسط هو...

د.أحمد الكبيسى : نبين ما معنى القسط؟. جميع المفسرين يقولون القسط هو العدل وليس هذا صحيحاً. العدل الحُكم بالحق هذا خصم مع هذا قلنا القاضي يقول الحق مع هذا وليس مع هذا، الحُكم فقط مجرد هذا العدل (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴿90﴾ النحل) يأمر القاضي أن يعدل في حكمه فقط. القسط يعني أولاً أن ترفع الظلم عن الخصم المظلوم ثم تحكم له بالحق ثم تنفذ الحق هذا هو المهم. ولهذا رب العالمين ما قال إن الله يحب العادلين قال (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿42﴾ المائدة) المقسط الذي يحكم وينفذ ولهذا رب العالمين ما امتدح نفسه بالعدل امتدح نفسه بالقسط (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴿18﴾ آل عمران) رب العالمين قال أنا قائم بالقسط أحكم بالحكم وأنفذه ولا مرة قال إن الله يحب العادلين قد تعدل ولكن صاحب الحق لا ينال حقه. رب العالمين يأمرنا بهذا الخطاب الأول في سورة النساء 135 خطاب للقضاة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا﴾ من القضاة ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾ إرفع الظلم أولاً واحكم بالعدل ثانياً ونفذ ثالثاً طبعاً الخطاب لكل العملية القضائية من قاضي وشهود . إذاً رب العالمين في هذه الآيتين لما قال ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ يتكلم عن العملية القضائية. في المائدة ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ﴾ هذه ليست قضائية هذا عدل الحاكم هناك عدل القاضي بين الخصوم وهنا عدل الحاكم بين الرعية ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ﴾ رب العالمين قال ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ حاكم بين عباده. أولاً الله سبحانه وتعالى لا يفرّق بين عباده مسلم كافر يحب الله لا يحب الله يشتم رب العالمين يؤمن به أو لا يؤمن كلهم سواء أمامه في النِعَم الشمس للجميع والهواء للجميع والرزق للجميع والأولاد للجميع كل النعم العامة يشترك فيها الناس لا يحجب نعمه عن بعض عباده لأنهم يكرهونه أو لا يؤمنون به، رب العالمين قال ﴿قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾. فرب العالمين يريد من الحاكم هكذا ولهذا قال له (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿8﴾ المائدة) ماذا قال له؟ قال أنا رب العالمين أعلم أن كل حاكم عنده موقف سلبي من جماعة، قوم، لم يقل واحد ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ﴾ الشنآن شدة البغض كلنا يحدث بيننا سوء تفاهم لكن نتجاهله ونتعامل مع بعض لكن أحياناً يصل هذا إلى شدة البغض يعني لا أطيق سماع صوتك ولا اسمك ولا رؤية وجهك هذا الشنآن إياك وأنت حاكم إياك أن تجعل من هذا الشنآن المترتب على قوم على عائلة عندك منها موقف العائلة كلها عشيرة قبيلة كاملة أنت لا تحبها قرية مدينة قامت بمظاهرة ضدك لا تحبها مجموعة نقابة محامين نقابة أطباء يعني لابد لأي حاكم أنه في قلبه شيء هذه قضية إنسانية حتى الأنبياء النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تخبروني عن أصحابي شيئاً فإني أريد أن ألقاهم وليس في قلبي شيء على أحدهم) هذه قضية إنسانية إياك أن يحملك هذا الشنآن البغض الشديد على أن لا تعدل ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ لماذا أقرب للتقوى؟ لأن التقوى كثيرة صلاة وصوم وحج وزكاة وملايين أعظم نوع من أنواع التقوى هو عدل السلطان لماذا؟ لأنه صعب . حينئذٍ إذا كان الشنآن شدة بغض الحاكم للقبيلة الفلانية قوم القبيلة الفلانية المجتمعات الفلانية الحزب الفلاني الشريعة الفلانية لكن هذا لا يؤثر على حقوقهم هذا قال أقرب للتقوى هي هذه التقوى أصعب شيء (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿34﴾ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿35﴾ فصلت) هذا ما يجري هنا. من أجل ذلك نقول رب العالمين عز وجل لما قال ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لله﴾ أنتم الشهود إياك أن تشهد بكلام ملتوي طبعاً ما معنى محامي؟ المحامي يتلاعب بالألفاظ يغير الموضوع هذا الليّ (لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ﴿46﴾ النساء) هذا عن العملية القضائية كاملة. هنا لما رب العالمين قال ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ﴾ أن يكون كل عملك هذا القاضي فقط أثناء القضاء ﴿شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ أنت يا قاضي كل حياتك لله كن قواماً لله شهيداً بالقسط حينئذٍ ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ هذه التقوى ولهذا هناك فرق بين التقوى وبين من يتقي، كلنا نتقي في حالة من الحالات ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال (سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله) أولهم الإمام العادل. من أجل هذا رب العالمين لما غيّر هذه الصيغة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾ يا قضاة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾ يا حُكّام. حينئذٍ نقول هنا عرفنا الآن أن الفرق بين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ وبين ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ﴾ هنا عدل السلطان وهنا عدل القضاء والفرق بينهما هائل.

ﵟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﵞ سورة المائدة - 8


Icon