الوقفات التدبرية

آية (20): * قال تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ...

آية (20): * قال تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ (20) المائدة) و (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ (6) إبراهيم) ؟ مادلالة ذكر ﴿يَا قَوْمِ﴾ في الآية الأولى؟ في الآية 20 من المائدة يقول سبحانه وتعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ (20)) يا قوم تحبب تودد تلطف، في الآية 6 من سورة إبراهيم (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)) ليس فيها ﴿يا قوم﴾ وإنما فيها غلظة، فيها شدة، فيها جفاء. فرق بين قوله تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ﴾ وبين ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ﴾ ليس فيها يا قوم وليس فيها مجاملة ولا تودد وهذا من نسق القرآن الكريم. وهكذا مرات رب العالمين على لسان الأنبياء تجدهم يتلطفون بالمخاطَب ومرة تجدهم شديدين مع المخاطَب نفسه. الفرق بين قول سيدنا موسى أنه قال ﴿يا قوم﴾ في مرحلة طاعة بني إسرائيل وإقبالهم على هذا الدين وعصيانهم لفرعون وعبروا، في تلك الحالة الوديعة الجميلة كان يتلطفهم ويتألفهم كما هو معروف في كتاب الله عز وجل. بعد ذلك أيضاً من كتاب الله عز وجل تعرفون ماذا فعل بنو إسرائيل بموسى عليه السلام حاربوه واتهموه وآذوه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) الأحزاب) ثم عبدوا العجل ولم يطيعوه. فعندما يكون الأمر مؤاتياً بين سيدنا موسى أو بين كل الأنبياء وقومهم يقول ﴿يا قوم﴾ وهذا دليل على المودة ، وإذا عصوا وتجبروا وتمردوا لا يقول ﴿يا قوم﴾ وإنما يأتي الأمر لهم مباشرة (إحذروا، إفعلوا، اذكروا). قال تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) إبراهيم) غاية الشدة. هذا الفرق بين آيتين في نفس النسق في نفس القضية في نفس الحالة ، هذا الفرق بين حذف ﴿يا قوم﴾ مرة وإثباتها مرة أخرى. وهذه قضية عقائدية، مسألة الحب في الله والكره في الله مسألة عجيبة وكثير منا يعجز عنها. أن تحب في الله وأن تبغض في الله قضية في غاية الأهمية " والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليحب القوم لا يلحقهم بعمل إلا بحبه لهم" ما فرح الصحابة بحديث كما فرحوا بهذا الحديث.

ﵟ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ﵞ سورة المائدة - 20


Icon