الوقفات التدبرية

قوله تعالي : " وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا...

قوله تعالي : " وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) " [ الاسراء : 35 ] . قيّدَ إيفاءَ الكيلِ بقوله : " إِذَا كِلْتُمْ " , ولم يفعلْ ذلك مع الوزن , ولذلك فائدةٌ جليلةٌ , فالكيلُ إمّا أن يكيلَهُ الإنسانُ أو يكتالَهُ , فالأوّلُ بيعٌ , وهو الذي يقعُ فيه البخسُ والتطفيفُ , قال تعالي : " وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) " [ المطففين : 3 ] , و الثاني هو الاكتيالُُ , شراءٌ لا حاجةَ إلي الأمر بإيفائِه ؛ لأنّ المشتريَ سيكونُ حريصًا علي ذلك دون أن يُوصي به , قال تعالي : " الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) " [ المطففين : 2 ] , بل إن المشتريَ مأمورٌ بأن يتسامحَ عندَ الكيلِ له . ولو لمْ يُقيَّدْ ذلك بقوله : " إِذَا كِلْتُمْ " لأوهمَ أنَّ الإيفاء مطلوبٌ في الكيل , لا وقتُ الاكتيال , لكنَّه لمّا قُيّدَ بالشرط أفهَمَ أنَّ المقصودَ وقتُ الكيلِ , لا وقتُ الاكتيالِ , و قال أبو حيّانَ : " إنَّ المرادَ ألا يتأخرَ الإيفاءُ , بأنْ يكيلَ به بنقصانٍ ما, ثُمّ يُوْفِيَهُ بعدُ , فلا يتأخرُ الإيفاءُ عن وقت الكيل " . أمّا عدم تقييد الوزن بــ ( إذا وزنتم ) , فلعلّ الاكتفاءَ بتقييد كونِ الوزنِ بالقسطاس المستقيم يُغني عن ذكر الشرطِ ؛ لأنَّهُ إذا وُزِنَ بالميزانِ المستقيمِ لا يُتَصَوَّرُ الجورُ غالبًا , بخلافِ الكيلِ فإنّه كثيرًا ما يقعُ التطفيفُ مع استقامةِ الآلةِ , كذا قال أبوالسعود . والله اعلم .

ﵟ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﵞ سورة الإسراء - 35

ﵟ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﵞ سورة المطففين - 2


Icon