الوقفات التدبرية

قوله تعالى عن أبي لهب: ﴿وَامْرَأَتُهُحَمَّالَةَالْحَطَبِ﴿4﴾...

قوله تعالى عن أبي لهب: ﴿وَامْرَأَتُهُحَمَّالَةَالْحَطَبِ﴿4﴾ فِيجِيدِهَاحَبْلٌمِنْمَسَدٍ﴿5﴾ ﴾[المسد: 4، 5] فالجيد لفظ لايطلق إلا على المرأة، وبخاصة إذا ذكر الحلي والحسن، وهي موضع الحلية من عنقها، قال الأعشى: يوم أبدت لنا قتيلة عند جيد تليع تزينه الاطواق وقال ابن الرومي: وأحسن من عقد المليحة جيدها وأحسن من سربالها المتجرد وقال كثير بن عبد الرحمن: إذا ما أراد الغزو لم يثن همه حصان عليه عقد در يزينها وقال يزيد بن معاوية: إذا برزت ليلى من الخدر أبرزت لنا مبسما عذبا وجيدا مطوقا وقال الشماخ: دار الفتاة التي كنا نقول لها ياظبية عطلا حسانة الجيد وقال العرجي: أبصرت وجهاً لها في جيده تلع تحت العقود وفي القرطين تشمير وقال البهاء زهير: أبدا أزيد مع الوصال تلهفا كالعقد في جيد المليحة يعلق وقال الحارث بن خالد المخزومي: ومنها علامات بمجرى وشاحها وأخرى تزين الجيد من موضع العقد وقال أمين الدين عبد الرحمن بن علي الموصلي: هويتها طفلة دقت محاسنها فطرفها نرجس والخد تفاح يتيمة الدهر نثر الدر من فمها والعقد في جيدها والوجه مصباح والعنق لفظ عام للرجل والمرأة وغيرهما، وحين يراد الغل والتعذيب يطلق لفظ العنق، كقوله تعالى﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ﴾[الإسراء: 29]، وقوله:﴿وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾[سبأ: 33]، وقوله: ﴿وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ﴾[الرعد: 5]، وقوله: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا ﴾[يس: 8]، وقوله:﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ﴾[غافر: 71]. والغل والتعذيب هما المرادان في سورة المسد، فكيف جاء التعبير عن ذلك بخلاف الأصل، حيث عبر بالجيد، وليس بالعنق؟ الجواب عن ذلك –والله أعلم- أن النساء مغرمات بالتحلي والحلي، وحينما تبشر المؤمنات بلبس أحسن الحلي يوم القيامة تبشر العوراء أجمل بنت حرب أمرأة أبي لهب بحلي من نوع خاص لا يليق إلا بمثلها، وهو حبل من جهنم، يطوق عنقها، فهذا باب البشارة بالسوء، كقوله تعالى:﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴿138﴾ ﴾[النساء: 138]. قال سعيد بن المسيب –رحمه الله- : "كانت لها قلادة فاخرة من جوهر، فحلفت لتنفقنها في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك عذابا في جسدها يوم القيامة"، وكانت تحمل الغضى والشوك والسعدان، فتطرحها بالليل على طريق النبي صلى الله عليه وسلم، فانظروا كيف جاء الجزاء من جنس العمل: حبل في مقابل حبل، وحلي مقابل حلي، لكن شتان بينهما؛ فلها يوم القيامة حبل طويل من نار تستعر، أو من ليف خشن.

ﵟ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﵞ سورة المسد - 4

ﵟ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﵞ سورة المسد - 5

ﵟ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﵞ سورة الإسراء - 29

ﵟ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا ۚ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﵞ سورة سبأ - 33

ﵟ ۞ وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﵞ سورة الرعد - 5

ﵟ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ﵞ سورة يس - 8

ﵟ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ ﵞ سورة غافر - 71

ﵟ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﵞ سورة النساء - 138


Icon