الوقفات التدبرية

قوله تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ...

قوله تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:146 ،145] . تأمل هاتين الآيتين العظيمتين تدرك أن الله تعالى جعل المنافقين شرا من شر الكافرين كآل فرعون ؛ لأنه جعلهم في الدرك الأسفل من النار، وجعل أولئك في أشد العذاب حيث قال : النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]؛ وذلك أنهم جمعوا إلى الكفر الاستهزاء بالإسلام وأهله، وبسبب أنهم لما كانوا يظهرون الإسلام يمكنهم الاطلاع على أسرار المسلمين ، ثم يخبرون الكفار بذلك ، فكانت تتضاعف المحنة من هؤلاء المنافقين، فلهذا جعل الله عذابهم أزيد من عذاب الكفار، وأغلظ في شروط توبتهم: التوبة، والإصلاح، والاعتصام بالله، وهو أن يكون ممرضه من التوبة وإصلاح العمل طلب مرضاة الله تعالى، لا طلب مصلحة الوقت ؛ لأنه لو كان مطلوبه جلب المنافع ودفع المضار لتغير عن التوبة وإصلاح العمل سريعة ، أما إذا كان مطلوبه مرضاة الله تعالى وسعادة الآخرة والاعتصام بدين الله بقي على هذه الطريقة، ولم يتغير عنها والشرط الرابع : إخلاص الدين لله ، ولم يشترط ذلك على غيرهم؛ لأن المنافقين كانوا قد أفسدوا، وخانوا الله، ولم يخلصوا دينهم لله، بل نافقوا، والنفاق ذنب القلب، والإخلاص توبه، ثم قال الله تعالی : و فأولئك مع المؤمنين ولم يقل: (فأولئك هم المؤمنون)؛ لتكون محصله أمرهم الشهادة الظاهرية لهم بالإيمان فقط. والله أعلم.

ﵟ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﵞ سورة النساء - 145

ﵟ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﵞ سورة النساء - 146

ﵟ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﵞ سورة غافر - 46


Icon