الوقفات التدبرية

قوله تعالى : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ...

قوله تعالى : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ] المائدة : ۱۳] إن ﴿ما ﴾ في قوله : وفيما نقضهم که زائدة، وجاءت زيادتها لإفادة الحصر، فكأنه قال : ما لعناهم إلا بسبب نقضهم میثاقهم. وتأمل قوله : ويحرفون الكلم عن مواضعه و تجده بيانا لقسوة قلوبهم؛ لأنه لا قسوة أشد من الافتراء على الله وتغيير وحيه والتعبير بالفعل المضارع او يحرفونه يدل على استمرارهم في التحريف، لكن جاء التعبير عن تصيير قلوبهم إلى القسوة قبله، وعن النسيان بعده ، جاء بالماضي: وجعلنا ونسوا ؛ لأنهما قد حصلا، فلا يتجددان، فإذا حصلت القسوة والنسيان فلا يزولان إلا مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية : مرقق ومذكر وتدبر قوله : ( ولا تزال تطلع على خائنة منهم فهو من البلاغة بمنزلة لا يمكن أن يبلغها فصیح بليغ مفوه؛ فهو عبر بالفعل المضارع وتزاله الذي يدل على التجدد والاستمرار، ثم أدخل عليه ﴿لا﴾ التي تدل على أن الخيانة سجني فيهم وطبع، فصارت جزءا من مقومات حياتهم، كالطعام والشراب لهم ولغيرهم، فالمعنى : إن الله ما لعن اليهود إلا بسبب نقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم منذ عهد رسول الله موسى ، وصير قلوبهم قاسية لا تشعر بذنب، ولا يردعها زاجر، يبدلون کلام الله، ويمتهنون الرذائل، حتى صار من طبعهم امتهان الخيانة دون خوف ولا وجل. والله أكبر ، ما أبلغ كلامه!!!

ﵟ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﵞ سورة المائدة - 13


Icon