الوقفات التدبرية

قوله تعالى : (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ...

قوله تعالى : (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [التوبة: 3]. إن قلت : لم رفعت کلمه ورسوله و الثانية ؟ فأقول: قيل(1): إن الواو استئنافية، و﴿رسول﴾: مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الضمة، وخبره محذوف تقديره: ورسوله بريء، وحذف الخبر لدلالة ما قبله وقيل : إن الواو عاطفة، و﴿رسول﴾: معطوف على الضمير المستتر في بريء ؛ لأنه اسم مشتق يحتمل الضمير، والتقدير : أن الله بريء هو من المشركين ورسوله، وقيل : إنه معطوف على محل اسم وأن ؛ لأن محله قبل دخول أنو الرفع على الابتداء . وقرأ يعقوب بن إسحاق الحضرمي، وعبدالله بن أبي إسحاق الحضرمي، وعیسی بن عمر، وزيد بن علي، والحسن البصري، وروحابن عبدالمؤمن الهذلي: {ورسوله و بالنصب ، فتكون الكلمة معطوفة على اسم الجلالة في الله و الواقع اسما لو أن ، وفي القراءتين تكون براءة الله ورسوله من المشركين. ومما يحسن أن أذكره بهذه المناسبة أنه يروى أن أعرابي قدم في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه - المدينة المنورة ، فقال : من يقرئني شيئا مما أنزل الله تعالی علی رسوله محمد پالا ؟ فأقرأه رجل سورة براءة، فقال فيها: وأن الله بريء من المشركين ورسوله ها بالجر، فقال الأعرابي: أو قد برئ الله من رسوله ؟ إن يكن الله تعالی برىء من رسوله فأنا أبرأ منه، فبلغت عمر - رضي الله عنه - مقاله الأعرابي، فدعاه ، فقال : يا أعرابي أتبرأ من رسول الله ؟ فقال : يا أمير المؤمنين إني قدمت المدينة، ولا علم لي بالقرآن،فسألت: من يقرئني؟، فأقرأني هذا سورة براءة ، فقال : وأن الله بريء من المشركين ورسوله فقلت : أو قد برئ الله تعالى من رسوله ؟ إن يكن الله تعالی برئ من رسوله فأنا أبرأ منه. فقال عمر: ليس هكذا يا أعرابي، فقال الأعرابي : كيف هي يا أمير المؤمنين ؟ فقال عمر: أن الله بريء من المشركين ورسوله، فقال الأعرابي: وأنا والله أبرأ من بر الله ورسوله منهم، فأمر عمر حينئذ ألا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة . فتأمل كيف انقلب المعنى بسبب حركة إعراب يسيرة لا يلقي كثير من الناس اليوم لها بالا ، بل تجدهم يحركون ما يشاءون بما يشاءون .

ﵟ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﵞ سورة التوبة - 3


Icon