الوقفات التدبرية

[يوسف: ۲5] . في هذه الآية وقفتان: الوقفة الأولى: قوله : وما جزاء من...

[يوسف: ۲5] . في هذه الآية وقفتان: الوقفة الأولى: قوله : وما جزاء من أراد بأهلك سوءا حيث لم تنسب إرادة السوء صراحة إلى يوسف عليه السلام، بل أتت بلفظ دال على العموم، وهو الاسم الموصول: ﴿من﴾، وهو ما يدخل فيه يوسف وغيره؛ لأنها (لما شاهدت من يوسف عليه السلام - أنه استعصم منها مع أنه كان في عنفوان العمر، وكمال القوة ، ونهاية الشهوة، عظم اعتقادها في طهارته ونزاهته، فاستحيت أن تقول: إن يوسف. عليه السلام. قصدني بالسوء، وما وجدت من نفسها أن ترميه بهذا الكذب). ثم إن المرأة لم تصم بطلب الفاحشة على سبيل التصريح، بل ذكرت کلام مجمة، وقد يظن أنه تعریض منها بأنه أراد أن يضربها، ويدفعها عن نفسه، وكان ذلك بالنسبة إليها جارية مجرى السوء، فلعلها بقلبها كانت تريد إقدامه على دفعها ومنعها، وفي ظاهر الأمر كانت توهم أنه قصدها بما لا ينبغي. الوقفة الأخرى: في قوله تعالى : إلأ أن يسجن أو عذاب أليم ملمحان لطيفان: أحدهما : تقديم طلب سجنه على إيقاع العذاب عليه . والآخر: التعبير عن طلب السجن بالمصدر المؤول: وأن يسجنه بخلاف إيقاع العذاب الذي عبر عنه بالمصدر الصريح: وعذاب أليم). وقد بين الإمام الفخر الرازي- رحمه الله - وجهي هذين الملمحين، | فذكر أن حبها الشديد ليوسف حملها على رعاية دقيقتين في هذا الموضع، وذلك أنها بدأت بذكر السجن، وأخرت ذكر العذاب ؛ لأن المحب لا يسعى في إيلام المحبوب، وأيضا أنها لم تذكر أن يوسف يجب أن يعامل بأحد هذين الأمرين، بل ذكرت ذلك ذکرة كليا صونا للمحبوب عن الذكر بالسوء. وأيضا قالت : و إلا أن يسجنه ، والمراد أن يسجن يوما أو أقل، على سبيل التخفيف، فأما الحبس الدائم فإنه لا يعبر عنه بهذه العبارة، | بل يقال : يجب أن يجعل من المسجونين، ألا ترى أن فرعون هكذا قال حين تهدد موسى عليه السلام في قوله :قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ [الشعراء: ۲۹]».

ﵟ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﵞ سورة يوسف - 25


Icon