الوقفات التدبرية

قال تعالى في آل عمران: ﴿فِيهِ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ مَّقَامُ...

قال تعالى في آل عمران: ﴿فِيهِ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ مَّقَامُ إِبۡرَٰهِيمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنٗاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ٩٧﴾ [آل عمران: 97]. سؤال: من المعلوم أن الحج عبادة مأمور بها المسلمون وهي ركن من أركان الإسلام، فلماذا قال: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ﴾ فقال: ﴿على الناس﴾، والناس فيهم الكافر والمسلم، ولم يقل: (على المسلمين) أو ﴿على المؤمنين﴾ كما قال تعالى في الصيام: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ﴾ [البقرة: 183]، وكما قال في الصلاة: ﴿إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا١٠٣﴾ [النساء: 103] فذكر المؤمنين؟ الجواب: 1- قال تعالى قبل هذه الآية: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ [آل عمران: 96]، فذكر أن هذا البيت إنما وضع للناس فناسب أن يدعو الناس إلى حجه. وقال: ﴿مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ فذكر العالمين فناسب ذلك أيضًا أن يدعو العالمين إلى حجه. وقال: ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ فذكر العالمين أيضًا فناسب ذلك من جهة أخرى أن يدعو العالمين إلى حجه. 2- إن هذا الفريضة تختلف عن بقية الفرائض من صلاة وصيام وزكاة، فإن هذه الفرائض مأمور بها الأنبياء السابقون وأتباعهم. فقد قال في الصيام: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ﴾. فذكر أن الصيام كتب علينا كما كتب على الذين من قبلنا، فلو قال: (الله على الناس أن يصوموا) لقال أصحاب الديانات الأخرى أو كثير منهم: نحن نصوم فنحن قائمون بما أمر الله به. ولو قال: (ولله على الناس إقامة الصلاة) لقال كثير من أهل الملل من أهل الكتاب وغيرهم، نحن نقيم الصلاة، فإن الصلاة عبادة مأمور بها الأنبياء وأتباعهم. قال تعالى في سيدنا موسى: ﴿وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوۡمِكُمَا بِمِصۡرَ بُيُوتٗا وَٱجۡعَلُواْ بُيُوتَكُمۡ قِبۡلَةٗ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَۗ﴾ [يونس: 87]. وقال على لسان سيدنا إبراهيم: ﴿رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيۡرِ ذِي زَرۡعٍ عِندَ بَيۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ﴾ [إبراهيم: 37]. (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 35، 36)

ﵟ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﵞ سورة آل عمران - 97


Icon