الوقفات التدبرية

قال تعالى في سورة الأعراف: ﴿قَالَ ٱخۡرُجۡ مِنۡهَا مَذۡءُومٗا...

قال تعالى في سورة الأعراف: ﴿قَالَ ٱخۡرُجۡ مِنۡهَا مَذۡءُومٗا مَّدۡحُورٗاۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمۡ أَجۡمَعِينَ١٨﴾ (18). وقال في سورة (ص): ﴿قَالَ فَٱلۡحَقُّ وَٱلۡحَقَّ أَقُولُ٨٤ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ أَجۡمَعِين﴾. سؤال: لماذا قدّم في آية الأعراف من تبعه على ملء جهنم، فقال: ﴿لَّمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمۡ أَجۡمَعِينَ﴾ وقدّم ملء جهنم على من تبعه في آية (ص) فقال: ﴿لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمۡ أَجۡمَعِينَ﴾ الجواب: إن كلتا الآيتين في قصة آدم وإبليس في السورتين، وقد تقدم قبل هذه القصة في سورة (ص) الكلام على جهنم وعذابها، وذلك من قوله: ﴿هَٰذَاۚ وَإِنَّ لِلطَّٰغِينَ لَشَرَّ مَ‍َٔابٖ٥٥ جَهَنَّمَ يَصۡلَوۡنَهَا فَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ . . .﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقّٞ تَخَاصُمُ أَهۡلِ ٱلنَّارِ﴾ (من الآية 55 إلى 64). فلما تقدم الكلام على جهنم قدّم ما يتعلق بها وهو ملء جهنم. وأما في سورة الأعراف، فقد تأخر ذكر جهنم وعذابها عن هذه القصة، فلما تأخر ذكر جهنم أخّر ما يتعلق بها في القصة. هذا أمر، والأمر الآخر أنه تقدم على القصة في الأعراف ذكر مّن تبع إبليس ممن أهلكهم الله من أهل القرى فقال: ﴿تَذَكَّرُونَ٣ وَكَم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا فَجَآءَهَا بَأۡسُنَا بَيَٰتًا أَوۡ هُمۡ قَآئِلُونَ٤ فَمَا كَانَ دَعۡوَىٰهُمۡ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَآ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ﴾ (4، 5). وتقدَّمها عتابُ ربنا لأهل الأرض لقلة شكرهم، فقال: ﴿وَلَقَدۡ مَكَّنَّٰكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَۗ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ﴾ (10). فكأنه صدّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه حين قال في قصة آدم في هذه السورة: ﴿وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ﴾ (17). فناسب تقديم من اتبعوه في الأعراف من هذه الناحية أيضًا هذا إضافة إلى أن إبليس ذكر في الأعراف ما سيحتال لذرية آدم ليتبعوه أكثر مما ذكره في (ص)، فقد قال: 1- ﴿لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ﴾ 2- ﴿ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ﴾ 3- ﴿وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ﴾ 4- ﴿وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ﴾ 5- ﴿وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ﴾ 6- ﴿وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِين﴾ في حين قال في (ص): ﴿لَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ٨٢ إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِين﴾ (82، 83) فلما أقاض فيما سيفعله ويحتال لذرية آدم في الأعراف ليتبعوه ناسب أن يقدم من تبعه في هذه الذرية، بخلاف ما في (ص) التي لم يكن فيها مثل هذه المناسبة، فناسب كل تعبير مكانه من كل وجه. (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 69، 70)  

ﵟ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ۖ لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ﵞ سورة الأعراف - 18

ﵟ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ﵞ سورة ص - 84


Icon