الوقفات التدبرية

قال تعالى في سورة الحج: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ...

قال تعالى في سورة الحج: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ٢٧﴾ [الحج: 27] سؤال: 1 – لماذا قال ﴿وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ﴾ فذكر وصف الضمور؟ 2 – ولماذا وصف الفج بالعمق ولم يصفه بالبعد مع أن معنى ﴿عميق﴾ هنا ﴿بعيد﴾؟ الجواب: 1 – أما بالنسبة إلى السؤال الأول فإن معنى الضامر هو المهزول الضعيف المنهوك من السفر، وذكر ُ هذا الوصف هنا مناسب من أكثر من جهة منها: أنها تأتي من كل فج عميق أي بعيد، والبعد هو الذي يُضمر الإبل والمطايا، ولم يقل: ﴿من كل فج﴾ فحسب لأن ذلك يشمل البعيد والقريب فلا يناسب ذكر الضمور. ومنها أنه قال: ﴿مِنْ كُلِّ فَجٍّ﴾، وكلمة ﴿فج﴾ في الأصل هو الطريق في الجبل، وهو أنسب بالضمور من كلمة الطريق أو السبيل أو نحوه؛ لأن السير في الجبل أدعى إلى التعب والَمشقة والضُّمور. 2 – وأما اختيار كلمة ﴿عميق﴾ على ﴿بعيد﴾ فهو أنسب هنا من أكثر من جهة أيضاً. منها: أن اختيار كلمة ﴿عميق﴾ على ﴿بعيد﴾ أنسب مع ذكر الضمور، ذلك أن العمق نقيض العلو والارتفاع، وأن الصعود في السير أشق وأصعب من السير في الطريق المستوى، فهو يضمر المطايا وينهكها. ومنها: أن الحج رفعة وعلو في المنزلة عند الله؛ لأنه مدعاة إلى مغفرة الذنوب، فالسالك في طريق الحج آخذ بالارتفاع، وسالك سبيل الصعود فناسب الوصف بالعمق من أكثر من جهة، والله أعلم. (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 130)

ﵟ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﵞ سورة الحج - 27


Icon