الوقفات التدبرية

قال تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ﴾ [النور: 35]. سؤال: لماذا...

قال تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ﴾ [النور: 35]. سؤال: لماذا أخبر الله عن نفسه بأنه نور، ولم يُخبر بأنه ضياء، مع أن الضياء أقوى من النور، بدليل قوله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمۡسَ ضِيَآءٗ وَٱلۡقَمَرَ نُورٗا﴾ (يونس:5)؟ الجواب: ليس صحيحاً ما ذُكر من أن الضياء أقوى من النور؛ لأن الضياء هو نور غير أن النور أعم من الضياء، فكل ضياء هو نور كما هو مُقرر في اللغة، إن الضياء حالة من حالات النور وهو أخص منه، وذلك أن النور درجات بعضها أقوى من بعض، فإذا كان في حالة قوية فهو ضياء فالضياء نور وليس غيره. وقيل: هما مترادفان، جاء في (لسان العرب): (النور: الضياء، والنور: ضد الظلمة). وجاء في (تاج العروس): (النُّور بالضم الضوء أيًّا كان أو شعاعه وسطوعه ... وقوله: ﴿هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمۡسَ ضِيَآءٗ وَٱلۡقَمَرَ نُورٗا﴾ وتخصيص الشمس بالضوء والقمر بالنور من حيث إن الضوء أخص من النور. وجاء في (المفردات) للراغب الأصفهاني: (النور الضوء المنتشر الذي يُعين على الإبصار). وبهذا يتضح أن النور أعم من الضياء، وأن الضياء قسم منه أو حالة من حالاته. وقد قابل ربنا الظلمات بالنور، قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: 1]. وقال: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: 257]. وسمى الهدى نوراً والضلال ظلمات، قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [إبراهيم: 1]. وقال: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ [ [الأنعام: 122]. وسمى القرآن نوراً، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء: 174]. وقال: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا﴾ [التغابن: 8]. فسمّى الله نفسه نوراً لا ضياء لأن الضياء حالة من حالات النور، وهناك حالات من حالات النور لا نعلمها، الله يعلمها هي أعلى من الضياء، وحالات من النور غير الضياء، فلا يصح قصر المطلق على جزئية؛ فالله هو النور المطلق (والنور المطلق هو الله سبحانه). والله أعلم. (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 131، 132)

ﵟ ۞ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﵞ سورة النور - 35


Icon