الوقفات التدبرية

لماذا لم تتكرر قصة يوسف في القرآن كما تكررت قصص الأنبياء الآخرين؟ ...

لماذا لم تتكرر قصة يوسف في القرآن كما تكررت قصص الأنبياء الآخرين؟ الجواب: نقول أولاً: ليست قصة يوسف هي الوحيدة التي لم تتكرر في القرآن، وإنما هناك قصص أخرى لم تتكرر منها قصة سليمان والهدهد، وقصة ذي القرنين، وقصة موسى والخضر، وقصة أصحاب الكهف وغيرها. أما الجواب عن قصة يوسف، فإن هذه القصة ليست فيها تعليمات ولا أحكام ولا دعوة قوم من الأقوام إلى ما دعا إليه الأنبياء الآخرون، وليس ليوسف ولا لأبيه مع قومه شأن من شؤون الدعوة. وبهذا هي تختلف عن رسالات الأنبياء الآخرين من دعوة أقوامهم إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام والنهي عن الشرك والعقائد الباطلة، ونهيهم عن أعمال كانوا يرتكبونها من مثل التطفيف بالموازين والكيل، وإتيان الذكران، وغيرها من الفواحش، ودعوتهم إلى صالح العمل، وهي أُسس عامة لجميع الأقوام والمجتمعات على مر الزمان. أما قصة يوسف على ما فيها من عبر فهي تحكي قصة شأن عائلي، وليست رسالة إلى مجتمع أو قوم من الأقوام. وأما ما قاله يوسف إلى السجينين معه: ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: 39]، فهذا جاء عرضاً استغله يوسف للدعوة إلى الله، وهو بصدد تعبير الرؤيا، ولم يذكر القرآن لنا أن يوسف كان مُكلفاً بتبليغ رسالة ما إلى قومه أو إلى غيرهم. وحتى لو كان يوسف رسولاً من رسل الله كما يفهم من قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا﴾ [غافر: 34]، لكنه لم تُذكر هذه الرسالة ولا بما أُرسل. فاختلف الأمر عن بقية قصص الأنبياء الذين تكرر الحديث عنهم. (أسئلة بيانية في القرآن الكريم - الجزء الأول – صـ 206)

ﵟ الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﵞ سورة يوسف - 1


Icon