الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ...

برنامج لمسات بيانية قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُمۡ وَأَرۡجُلَكُمۡ إِلَى ٱلۡكَعۡبَيۡنِۚ﴾ [المائدة: 6] سؤال: هل يصح في اللغة عطف الأرجل على الوجوه في الفسل مع أنه قد فصل بين المعطوف والمعطوف عليه بأجنبي عن الغسل وهو المسح بالرؤوس؟ ثم لماذا فعل ذاك؟ الجواب: لا شك في صحة هذا العطف في اللغة، وهو كثير في القرآن وغيره، قال تعالى: ﴿فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ حِينَ تُمۡسُونَ وَحِينَ تُصۡبِحُونَ١٧ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِيّٗا وَحِينَ تُظۡهِرُونَ١٨﴾ [الروم: 17-18] فقد عطف: ﴿حِينَ تُظۡهِرُونَ﴾ على: ﴿حِينَ تُمۡسُونَ﴾ وبينهما متعاطفات، فقوله: ﴿وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ﴾ معطوف على قوله: ﴿فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ﴾، و﴿وَٱلۡأَرۡضِ﴾ معطوفة على ﴿ٱلسَّمَٰوَٰتِ﴾ ونحو ذلك آية الكرسي، فإن قوله:﴿وَلَا يَ‍ُٔودُهُۥ حِفۡظُهُمَاۚ﴾ معطوف على قوله في أول الآية:﴿لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ﴾ وبينهما متعاطفات مختلفة وهي: ﴿لَّهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ﴾، وقوله:﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ و﴾ ، وقوله:﴿وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ﴾ ، ونحو ذلك قوله تعالى:﴿ لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ﴾ [البقرة: 177] ، فعطف:﴿وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ﴾ على ﴿مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ﴾ أي (ومن أقام الصلاة) على ما بينهما من متعاطفات. وقال تعالى في سورة الجن: ﴿وَأَلَّوِ ٱسۡتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسۡقَيۡنَٰهُم مَّآءً غَدَقٗا﴾ (16) فعطف هذه الآية على قوله: ﴿قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ﴾ وهي الآية الأولى. فعطف الآية السادسة عشرة على الآية الأولى. وفي سورة الأعراف عطف قوله: ﴿وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗاۚ﴾ (85) على قوله: ﴿لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ﴾ (59) على ما بينهما من بُعد، وذكر قصصًا متعددة ومتعاطفات كثيرة، فإن بينهما ستّا وعشرين آية، فلا خلاف في صحة نحو هذا. تقول في الكلام: (ذهبت إلى السوق فاشتريت من البقال فاكهة وخضراوات وبيضًا، ومن البزاز قماشًا وقميصًا، ومن المكتبة كتابين ودفترًا ثم عُدت)، فتعطف الفعل ﴿عدت﴾ على ﴿ذهبت﴾ في أول العبارة على ما بينهما من متعاطفات متعددة مختلفة. أما لماذا فعل ذلك في آية الوضوء، فإن الغرض إرادة الترتيب في الوضوء، فإنه يجب أن تكون أعمال الوضوء مرتبة بحسب ما ذكره القرآن الكريم

ﵟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﵞ سورة المائدة - 6


Icon