قال تعالي في سورة الأنعام : ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [ الأنعام : 10 ] .
سؤال : لما قال أولا : ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ ﴾ بلفظ الاستهزاء , ثم قال : ﴿ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم ﴾ ؟ وهل هناك فرق بين الاستهزاء والسخرية ؟
الجواب : الاستهزاء هو الاستخفاف والاستحقار والاستهانة والتنبيه علي العبوب والنقائص علي وجه يضحك منه , وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول والاشارة والايماء .
وذكر في الفرق بين الاستهزاء والسخرية أن الانسان يستهزأ به من غير أن يسبق منه فعل يستهزأ به من أجله .
والسخرية تدل علي فعل يسبق من المسخور منه.
قال تعالي في سيدنا نوح : ﴿ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴾ [ هود : 38 ] .
وقال : ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ ﴾ [ التوبة : 79 ] وهذا سخر علي فعل .
ولم ترد السخرية في القرآن إلا من الأشخاص , قال تعالي : ﴿ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ﴾ وقال : ﴿ سَخِرُواْ مِنْهُ ﴾ وقال : ﴿ لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ ﴾ [ الحجرات : 11 ] .
وقال : ﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ [ البقرة : 212 ] .
أم الهزؤ فعام من الأشخاص والأعمال وغيرها . قال تعالي : ﴿ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [ التوبة : 65 ]
وقال تعالي : ﴿ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً ﴾ [ المائدة : 58 ] وقال : ﴿ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً ﴾ [ الجاثية : 9 ] .
فذكر الاستهزاء والسخرية ؛ ليشمل الجميع من الأفعال والأشخاص , وما سبق منهم من فعل , وما لم يسبق .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 42)
ﵟ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﵞ سورة الأنعام - 10