الوقفات التدبرية

قال تعالي في سورة الأنعام : { قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ...

قال تعالي في سورة الأنعام : ﴿ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [ الأنعام : 47 ] . وقال في سورة مريم : ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً ﴾ [ مريم : 45 ] . سؤال : لماذا قال في آية الأنعام : ﴿ عَذَابُ اللّهِ ﴾ بإضافة العذاب إلي الله , وقال في مريم : ﴿ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن ﴾ فجعل العذاب من الرحمن , ولم يذكر لفظ الجلالة , فيقول ﴿ من الله ﴾ ؟ الجواب : التحذير في آية الأنعام أشد من أوجه : 1- فقد قال : ﴿ أرأيتكم ﴾ فجاء بحرف الخطاب ﴿ كم ﴾ مع ضمير الخطاب , وهذا يفيد التوكيد , والزيادة في التنبيه . فإن ﴿ أرأيتكم ﴾ أشد من ﴿ أرأيتم ﴾ . 2- وقال في الأنعام : ﴿ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ ﴾ , وقال في مريم : ﴿ يَمَسَّكَ عَذَابٌ ﴾ , والإتيان أشد من مجرد المس الذي يكفي في حقيقته اتصال ما . 3- وقال في مريم : ﴿ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن ﴾ فنكر العذاب , وجعله من الرحمن ؛ أي : المتصف بالرحمة . في حين قال في الأنعام : ﴿ عَذَابُ اللّهِ ﴾ فأضافه إلي الله . 4- وقال في الأنعام : ﴿ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً ﴾ زيادة في التحذير والتهديد , ولم يقل مثل ذلك في مريم . 5- وقال في الأنعام : ﴿ هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ ﴾ فجعل العذاب مهلكا مستأصلا لهم , ولم يقل مثل ذلك في مريم , فإنه لا تناسب الرحمة والاهلاك والاستئصال . 6- لم يرد في القرآن : ( يمسك عذاب من الله ) . كما لم يرد : ( عذاب الرحمن ) بإضافة العذاب إلي الرحمن .إنما ورد فيما ورد مضافا إلي الله , كقوله تعالي : ﴿ وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [ الحج : 2 ] , وقوله : ﴿ أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ ﴾ [ يوسف : 107 ] . 7- كما انه لم يرد في الأنعام اسم ﴿ الرحمن ﴾ , وقد ورد فيها لفظ ﴿ الله ﴾ زهاء سبع وثمانين مرة . فناسب لفظ ﴿ لله ﴾ السمة التعبيرية لسورة الأنعام . كما ناسب لفظ ﴿ الرحمن ﴾ السمة التعبيرية لسورة مريم ؛ التي تشيع فيها الرحمة من أولها إلي آخرها , وتكرر فيها لفظ الرحمن ست عشرة مرة , ولا تدانيها سورة في إشاعة الرحمة , فناسب كل تعبير موضعه , من أكثر من وجه . (أسئلة بيانية في القرآن الكريم الجزء الثاني ص : 44)

ﵟ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ ﵞ سورة الأنعام - 47

ﵟ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﵞ سورة مريم - 45


Icon