قال تعالي في سورة النحل : { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ } [ النحل : 48 ] .
سؤال : لماذا أفرد اليمين وجمع الشمائل فقال : ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَالْشَّمَآئِلِ ﴾ ؟
الجواب : قيل : إن ذلك لعدة مناسبات منها :
إنه قيل : إن المراد باليمين جهة المشرق , والمراد بالشمال جهة المغرب , وإن الظلال في جهة المغرب بعد الزوال تمتد وتكثر , بخلافها في جهة المشرق , فإنها تنقص وتضمحل , حتي لا يبقي منها إلا اليسير , فناسب جمع الشمائل وإفراد اليمين . جاء في ( روح المعاني ) : " قيل : إنه أفرد وجمع بالنظر غلي الغايتين ؛ لأن ظل الغداة يضمحل حتي لا يبقي منه الا اليسير , فكأنه جهة واحدة . وهو في العشي علي العكس ؛ لاستيلائه علي جميع الجهات " .
وقيل أيضا : إن اليمين وهو جهة المشرق إنما هو جهة مطلع النور , وإن الشمال هو جهة المغرب , وهو الظلمة . والقرآن يفرد النور ويجمع الظلمات حيث وردا في القرآن . قال تعالي : ﴿ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾ [ الانعام : 1 ] , فناسب إفراد اليمين وجمع ا
الشمال , كما أفرد النور وجمع الظلمات .
وقيل : أيضا " إن الظل الجائي من جهة المشرق لا يتعلق به أمر شرعي , والجائي من جهة المغرب يتعلق به ذلك .فإن صلاة الظهر يدخل وقتها بأول حدوثه من تلك الجهة , يزول الشمس عن وسط السماء , ووقت العصر بصيرورته مثل الشاخص أو مثليه بعد ظل الزوال ... ووقت المغرب بشموله البسيطة بغروب الشمس . وما ألطف وقوع ﴿ سجدا ﴾ بعد ( الشمائل ) علي هذا " .
(أسئلة بيانية في القرآن الكريم
الجزء الثاني
ص : 77)
ﵟ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﵞ سورة النحل - 48