الوقفات التدبرية

( وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) أي انفردوا عن...

﴿ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ أي انفردوا عن المؤمنين وكونوا على حدة، ونحوه قوله تعالى ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾ –الروم 14 وقوله (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) -الروم 43 ، وقوله ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ﴾ - يونس 28  (1) وورود هذه الآية بعد قوله ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ من ألطف المناسبات ذلك أن السلام إنما يكون عند خلو المكان من المجرمين فإن كان فيه مجرمون فلا سلام فمازهم من فريق المؤمنين ومكانهم فعمهم السلام. وقيل: إن معنى قوله ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ﴾انفردوا بعضم عن بعض فيكون لكل كافر بيت من نار يكون فيه لا يرى ولا يُرى (2(.. جاء في (التفسير الكبير): "(امتازوا) بعضم عن بعض على خلاف ما للمؤمن من الاجتماع بالإخوان الذي أشار إليه بقوله تعالى ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ﴾ فأهل النار يكون لهم العذاب الأليم وعذاب الفرقة أيضاً ولا عذاب فوق الفرقة" (3) قال في (روح المعاني): "ولعل هذا بعد زمان من أول دخولهم فلا ينافي عتاب بعضهم بعضاً الوارد في آيات آخر كقوله تعالى ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ﴾ (4) ويبدو إن صح هذا القول إن التمايز أول ما يكون بينهم وبين المؤمنين ثم يكون بينهم فيما بعد، والله أعلم **من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء ص 210 1- ينظر الكشاف 2/591، تفسير ابن كثير 3/576. 2- ينظر الكشاف 2/591، روح المعاني 23/39 3- التفسير الكبير 26/95. 4- روح المعاني 23/39

ﵟ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ﵞ سورة يس - 59


Icon