الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا...

برنامج لمسات بيانية ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ من المحتمل أن تكون الواو عاطفة على) اللَّيْلُ (فتكون المتعاطفات كلها آية(1). ولم يكرر كلمة ﴿آية﴾ فلم يقل لهم (وآية لهم الشمس) لأنه أراد أن يكون كل ما ذكر آية، فالليل والنهار والشمس والقمر كلها آية. ويحتمل أن تكون ﴿الشَّمْسُ﴾ مبتدأ وما بعدها خبر والجملة معطوفة على ما قلها. ومعنى ﴿لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا﴾ أن لها حداً تنتهي إليه سواء كان ذلك الحد زماناً أم مكاناً. فقد يقصد بالمستقر اسم مكان أو اسم زمان وكل ذلك مراد فهي لها مستقر زماناً ومكاناً فهي تجري في فلك لا تتعداه "ولمنتهى من المشارق والمغارب لأنها تتقصاها مشرقاً مشرقاً ومغرباً مغرباً حتى تبلغ أقصاها ثم ترجع فذلك حدها ومستقرها لأنها لا تعدوه"(2). وهي لها مستقر أي وقت تستقر عنده وهو أجلها "الذي أقر الله عليه أمرها في جريها فاستقرت وهو آخر السنة. وقيل الوقت الذي تستقر فيه وينقطع جريها وهو يوم القيامة"(3). وقد ذكرت في ذلك أمكنة وأزمنة على التفصيل(4) كلها يمكن أن تكون مراده ما لم يكن ذلك مخالفاً لحقيقة علمية. ثم قال ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ بعد أن أسند الجري إليها فقال ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي ﴾ لئلا يظن أنها تجري بنفسها من دون تقدير أو تدبير. فإنها تجري بتقدير العزيز العليم على وفق سنة وضعها لها خالقها، وبذلك أبطل أن تكون حرة مختارة وإنما هي خاضعة لمن جعل لها مستقراً لا تعدوه ولا تتخطاه، فأبطل بذلك صحة أن تكون معبودة أو أن تتخذ إلهاً.

ﵟ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﵞ سورة يس - 38


Icon