الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (52) : * في سورة النمل (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ...

برنامج لمسات بيانية آية (52) : * في سورة النمل (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (81)) وتعاد نفس الآيات في سورة الروم (فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ (53)) فما دلالة هذا الاختلاف؟ ما هو القصد من إعادة آيات كاملة في القرآن في سورة مختلفة وما هو تأثير استخدام الفاء في سورة الروم وكيف تغير المعنى بها؟ وما الفرق في المعنى في سياق السورتين؟ لو قرأنا الآيتين يتضح الأمر. الآية الأولى في الروم (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) الروم)، في النمل قال (وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79) إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80)) إذن آية الروم في سياق الكافرين والتهديد والعقوبة ﴿وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا﴾ هذا تهديد، آية النمل في الكلام عن المؤمنين والهدى والرحمة (وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (77)) إذن اختلف السياق. فلما كان كذلك إذن في آية الروم اقتضى أن يكون هنالك توكيد أكثر لأن فيها عقوبة فجاء بالفاء الدالة على السبب وإنّ الدالة على السبب جاء بحرفين يدلان على السبب والتعليل، ﴿إنّ﴾ تفيد التعليل (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ (103) التوبة) يعلل، (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً (37) الإسراء) ﴿إنّ﴾ تأتي للتعليل أحياناً والفاء كثيراً ما تأتي للتعليل والسبب (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) طه)، تقول "لا تأكل هذا فهو يضرك"، (فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106) يونس) الفاء للسبب والتعليل وإنّ للتعليل فإذن جمع حرفين للتعليل الفاء وإنّ هذا في الموطن الذي استدعى هذا التأكيد وهو سياق التهديد والعقوبة عندما قال (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) الروم) هذه ليست مثل (وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (77) النمل) أيها تحتاج توكيد أكثر؟ الموقف الذي في مقام التهديد والعقوبة، فجاء بالحرفين الدالّين على السبب ﴿فإنك﴾ وفي الأخرى جاء بحرف واحد ﴿إنك﴾ بحسب ما يقتضيه السياق والمقام.

ﵟ فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ﵞ سورة الروم - 52


Icon