الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ...

برنامج لمسات بيانية ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ بعد أن ذكر الذين أضلهم الشيطان ذكر مآلهم وحالهم فقد وقفهم على شفير جهنم وقرعهم قائلاً: انظروا هذه جهنم التي كنتم توعدون فكذبتم بها واتبعتم الشيطان فاصلوها وقاسوا حرها، جاء في (روح المعاني): " قوله تعالى ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ استئناف يخاطبون به بعد تمام التوبيخ والتقريع والإلزام والتبكيت عند إشرافهم على شفير جهنم أي هذه التي ترونها جهنم التي لم تزالوا توعدون بدخولها على ألسنة الرسل عليهم السلام والمبلغين عنهم بمقابلة عبادة الشيطان" (1) لقد قال﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ ﴾ ولم يقل تلك للدلالة على أنها قريبة منهم مرئية وفي هذا من التبكيت والتقريع والتخويف ما فيه. وقال ﴿جهنم﴾باسمها العلم ولم يقل ﴿هذه النار﴾ كما قال في سورة الطور فإنه قال فيها ﴿ هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾ (14) لك أنه قال في الطور قبل هذه الآية ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ فذكر النار فناسب أن يقول ﴿هذه النار﴾ دون آية يس. وقال ﴿الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ ولم يقل (التي وُعدتم) للدلالة على استمرار الوعد وتطاوله، ولو قال (وعدتم) لم يفد الاستمرار. وبني الفعل ﴿توعدون﴾ للمجهول ولم يذكر الواعد للدلالة على أن الواعدين كثر وأنهم جهات متعددة وهم رسل الله والمبلغون عنهم. وقال ﴿توعدون﴾ في يس و﴿تكذّبون﴾ في الطور لمناسبة كل تعبير سياقه الذي ورد فيه فإنه تردد في سورة يس الوعد فقد قال ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ 48 وقال ﴿ هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾ 52 وقال ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾63 فناسب قوله ﴿كنتم توعدون﴾ وقال ﴿تكذّبون﴾ في الطور لما سبق هذه الآية قوله ﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ 11)، فناسب قوله ﴿تكذبون﴾ في الطور و﴿توعدون﴾ في يس.

ﵟ هَٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﵞ سورة يس - 63


Icon