الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية قال تعالى في آل عمران: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ...

برنامج لمسات بيانية قال تعالى في آل عمران: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّٰصِرِينَ٥٦ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ٥٧﴾ [آل عمران: 56-57]. سؤال: لماذا قال في الآية الأولى: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمۡ﴾ بإسناد التعذيب إلى ضمير المتكلم، وقال في الآية الثانية: ﴿وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ﴾ بإسناد توفية الأجور إلى الغائب ولم يقل: (فأوفيهم أجورهم) فيكون الكلام على نسق واحد؟ الجواب: إن الآية الأولى في سياق كلام الله سبحانه عن نفسه قال تعالى: ﴿إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ فِيمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ٥٥ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدٗا﴾ (55، 56). فناسب إسناد التعذيب إلى نفسه جريًا مع سياق الحديث عن النفس. وأما الآية الثانية فهي في مقام الالتفات إلى الغائب وذلك يكون مدخلًا إلى قوله تعالى: ﴿وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ فإنه لو لم يلتفت لقال: (وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فأوفيهم أجورهم وأنا لا أحب الظالمين). ولم يرد فعل الحب من الله في القرآن إثباتًا أو نفيًا مسندًا إلى ضمير المتكلم أي إن الله سبحانه وتعالى لم يقل في جميع القرآن مخبرًا عن نفسه بنحو: (وأنا لا أحب الظالمين أو المعتدين) أو: (وأنا أحب الصابرين أو المحسنين) بل يسند ذلك إلى لفظ الجلالة في الأغلب أو إلى ضميره كأن يقول: ﴿إنه لا يحب المسرفين﴾ أو: ﴿إنه لا يحب المعتدين﴾. فالمناسب هو الالتفات وليس الاستمرار بالحديث عن النفس.

ﵟ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﵞ سورة آل عمران - 56


Icon