الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية ية (6) : * (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ...

برنامج لمسات بيانية ية (6) : * (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (6)) ما هي الدابة؟ الدابة هي إسم لكل حيوان ذي روح عاقل أو غير عاقل ويحتاج إلى رزق. إذن هي مطلقة . * ليس المعنى ما يدب على ظهر الأرض؟ هو يدخل فيه كل الزواحف والحشرات ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾، كل شيء. فإذن كل حيوان ذي روح عاقل أو غير عاقل هو دابة. * ما فائدة ﴿من﴾ في ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ﴾؟ ﴿من﴾ هذه الإستغراقية، يعني جميع الدواب كلها بلا إستثناء. * هنا ربنا خصص قال ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ﴾ فأين دواب السماء؟ وقال (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ (29) الشورى) في الأرض والسماء لكنه قال في الاية في الأرض فماذا عن دواب السماء؟ الذي يحدده السياق أصلاً السياق في الآية وفيما بعدها على من في الأرض، على سكان الأرض. السورة أصلاً على أهل الأرض والكلام فيما قبلها وفيما بعدها هو الكلام على أهل الأرض، بداية من أولها (يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ (5)) وما قبلها في الأرض * ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ﴾ هل نفهم الأرض فقط ما عدا السماء؟ هو أشار إشارات أخرى تفيد السماء لكنه خصص الأرض لأن السياق في الأرض. قبل هذه الآية قال (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4)) بعدها قال (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ (7)) إذا خلقها ألا يرزقها؟ قال في آخر السورة (وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ (123) هود) تدخل فيها. لكن السياق لما كان في الأصل الكلام على أهل الأرض وسكان الأرض ذكر الأرض. وأصلاً في السورة كسمت عام ذكر الأرض فيها أكثر من السماء. ذكر الأرض 11 مرة وذكر السموات 6 مرات. إذن هو السياق في أهل الأرض وفي سكان الأرض وما حصل لهم وما يحصل لهم والتكليف فكان أنسب مع أن هنالك إشارات تشير إلى أنه يعلم ما في السموات ﴿وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ ما قبلها وما بعدها إشارات إلى قدرته وأنه خلق السموات والأرض وفي الآخر يرجع الأمر كله إليه. * ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ ما المستقر والمستودع؟ المستقر هو الموضع الذي استقرت فيه قبل مجيئها إلى هذه الدنيا أين كانت؟ في بضة؟ في رحم؟ في صُلب؟ وبعد هذه الدنيا أين تستقر؟ أين تأوي؟ يعني يعلمها قبل أن تكون وبعد أن كانت ومستودعها حيثما تهلك وتتفرق أجزاؤها أينما كان. يعلم مستقرها والموضع الذي تموت فيه وتتفرق. * قال تعالى ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ فأين أماكن الحركة؟ غير المستقر والمستودع؟ الآية ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا﴾ عندما قال على الله رزقها يعني يرزقها أينما كانت تمشي أو مستقرة، قال ﴿إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا﴾ أينما كانت سواء في المستقر أو غير المستقر. لما قال ﴿إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا﴾ ضمن لها ربنا رزقها إذن هي أينما كانت سواء في المستقر أو في غير المستقر قبل أن تكون يرزقها من أمها. هو قال ﴿يعلم﴾. قال ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ﴾ الدابة عندما تخرج، قبلها لا تسمى دابة. عندما تخرج من البيضة الآن أصبحت دابة قبلها لا تسمى دابة. * ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا﴾ إذن لم تكن دابة؟ هذه عامة قال ﴿يعلم﴾ يعلم مستقرها سواء قبل أن تأتي إلى الأرض وهي في الأرض أين تستقر وأين تأوي. ليس فقط مستقرها ومستودعها. * لماذا اختار مستقر؟، ماذا تعني كلمة مستقر في اللغة؟ هي إسم مفعول ومصدر وإسم مكان وإسم زمان. نترك الآن إسم المفعول، يعلم استقرارها ويعلم مكان استقرارها ويعلم زمان استقرارها متى تستقر؟ عندما قال ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا﴾ يعلم استقرارها ومكان استقرارها وزمان استقرارها في كلمة واحدة وكذلك مستودع ينطبق عليها المكان والزمان والمصدر، هذا اختيار الكلمة. * لماذا قدّم الخبر ﴿إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا﴾ في هذه الآية ؟ الحصر يعني رزقها على الله حصراً ليس على غيره، هو الذي ضمن لها رزقها حصراً، هو كل الرزق بيد الله سبحانه وتعالى (وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) الذاريات) هو حصر كل دابة على رزقه وحصر الرزق عليه. ولو قال (رزقها على الله) ليس فيها حصر. لما تقول رزقك عليّ ليس أني تكفلت بذلك. لما تقول عليّ رزقك يعني عليّ ليس على غيره. الآية كيف تضمنت الدلالة؟ جاء بـ ﴿من﴾ الاستغراقية ﴿من دابة﴾ الدالة على الشمول، ثم قال ﴿دابة﴾ وهي أعم شيء في الأحياء تشمل كل الأحياء. يعني ﴿من﴾ الاستغراقية الدالة على جميع الدواب ودابة كل ما يدبّ ثم قال ﴿إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا﴾ بتقديم قصر الرزق على الله دون غيره. لاحظ العموم، كلها عموم والمستودع أيضاً نفس الكلام. ﴿من﴾ والدابة والرزق كله على الله سبحانه وتعالى والمستقر الاستقرار، الزمان والمكان والمصدر والمستودع الزمان والمكان والمصدر. ثم قال ﴿كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ كل ما يتعلق بالدوابّ والعلم كل هذا مدون، كل شيء عن كل دابة كل ما يحصل لها قبل أن تأتي أين رزقها أين تتفرق كل أمر الدواب بلا استثناء كل المعلومات كل الأشياء هذه في كتاب مدوّن مسطور في كتاب، هذا علم. عظيم القدرة والعلم. ومبين مبيّن كل شيء بالتفصيل كل ما يحدث عن كل دابة.

ﵟ ۞ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﵞ سورة هود - 6


Icon