الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (83-86): * ما دلالة تعدد الأنبياء في سورة...

برنامج لمسات بيانية آية (83-86): * ما دلالة تعدد الأنبياء في سورة الأنعام وتعدد الوصف في الآيات 83 – 86؟(د.فاضل السامرائى) قال تعالى (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)) هو قال ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا﴾ ذكر أنه أنعم عليهم بالهداية، ونوحاً هداه وكذلك داوود أصبح قائداً وصار ملكاً، سليمان وهبه الله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، أيوب آتاه الله أهله ومثله معهم وآتاه مالاً كثراً، يوسف صار عزيز مصر، موسى وهارون أكرمهما الله بالرسالة ونصرهما على فرعون أما يعقوب أبو الأسباط وهو أبو العزيز وابنه رفعه على العرش قال ﴿وكذلك نجزي المحسنين﴾ لأن الله تعالى جازاهم كلهم، المحسن يجزيه كما جزى هؤلاء. بعدها قال (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85)) زكريا قُتل، يحيى قُتل، عيس حاولوا قتله، إلياس طلبه الملك فهرب إلى الجبال فلا يستوي أن يختم الآية ب كذلك نجزي المحسنين وإنما قال (وكل من الصالحين). (وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)) اسماعيل لم يكن ملكاً وإنما جاء فقط برسالة، إسماعيل واليسع ويونس ولوطاً لم يصبهم ما أصاب الآخرين من الأذى ولم ينالوا من الملك ما ناله الآخرون إنما أكرمهم الله تعالى فقال ﴿وكلا فضلنا على العالمين﴾ أعطاهم وصفاً آخر ووسام عالي وهو التفضيل على العالمين لم يذكر ما يجزيهم به فهم ليسوا ملوكاً وإنما قال ﴿وكلا فضلنا على العالمين﴾ إذن كل خاتمة مناسبة لما ورد من مجموعة الأنبياء المذكورين الذين تتحدث عنهم. * سورة الأنعام الآية 83 و84 85 و86 و87 يوجد بها ترتيب معين للأنبياء والرسل فهل من لمسة بيانية لهذا الترتيب؟ (د.فاضل السامرائى) (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) الأنعام) هذه الآيات وما ذكر من الرسل والأنبياء. أولاً هناك نسق منظم في الترتيب أن يذكر ثلاثة أنبياء ثم يعود إلى من هو أقدم: مثلاً إبراهيم، إسحق، يعقوب ثم ذكر نوحاً ﴿وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ﴾. ذكر داوود سليمان وأيوب ثم ذكر من هو أقدم منهم وهو يوسف وموسى وهارون، هؤلاء أقدم. ذكر زكريا ويحيى وعيسى ثم ذكر إلياس وهو قبل عيسى ويحيى، ذكر إسماعيل واليسع ويونس وذكر لوط وهو أقدم من إسماعيل ومن يونس ومن اليسع. هذا من حيث النسق. إذن هذا النسق مرتب وفق خطة واضحة، يبقى الترتيب: - إبراهيم وإسحق ويعقوب بنوّة، إبراهيم الأب وإسحق ويعقوب أبناء. - داوود وسليمان بنوّة وملك. - سليمان وأيوب كلاهما قال الله فيهما ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ أحدهما الغني الشاكر والآخر الفقير الصابر. والشكر والصبر جماع الإيمان. - أيوب ويوسف كلاهما أنعم الله عليه بعد الابتلاء وأصابه الرخاء بعد الشدة. - يوسف وموسى كلاهما رسول ولكن كلاهما إئتُمر عليه ليُقتل، يوسف (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا (9) يوسف) وموسى (قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) القصص)، كلاهما خرج من أهله مُكرهاً، يوسف ألقوه في غيابت الجب وعاش في مصر غريباً وكذلك موسى خرج من مصر مكرهاً وكلاهما كُفل في بيت عظيم من العظماء، سيدنا يوسف كُفل في بيت العزيز وسيدنا موسى في قصر فرعون. إذن أكثر من مناسبة، والعلاقة بين يوسف وموسى علاقة دقيقة . - موسى وهارون الإخوة والرسالة ، هارون أكبر لكن مات قبل موسى .هارون نبي ورسول (فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ (47) طه) الرسول معه رسالة وليس بالضرورة كتاب، نفس رسالة موسى يبلغها لكن كلاهما رسول . - زكريا ويحيى البنوة، يحيى ابن زكريا. - يحيى وعيسى كلاهما مستغرب الولادة، هذا من أم عقيم ورجل كبير وعيسى من دون أب وهما أبناء خالة. عيسى خاتمة النسب من ولد إسحق، بعد عيسى انتهت السلسلة وستأتي سلسلة أخرى، إذن عيسى هو الحد الفاصل، الآن أنهى السلسلة الأولى وستأتي سلسلة أخرى: - ذكر إلياس وهو من ولد إسماعيل ، سيدنا إسماعيل أكبر لكنه ما وضعه قبل إلياس، ذكره بعد عيسى لأن الكتب الإسرائيلية تذكر أن كما أن عيسى طرد فرفعه ربنا فأيضاً إلياس طُرِد وذُكر في الكتب الإسرائليلة أنه رُفِع إلى السماء، إذن هما متشابهان. - إسماعيل هذا أخو إسحق من هاجر، هذا سلسلة أخرى. - اليسع بعده خليفة في النبوة وهو صاحب إلياس ودائماً في القرآن عندما يذكر اليسع يسبقه بذكر إسماعيل، سلسلة أخرى. - يونس ولوط كلاهما ليسا من ذرية إبراهيم، قسم يقول إبراهيم عمّه، إذن ليس من ذريته. يونس ولوط كلاهما خرج يحمل همّ الدعوة يونس خرج مغاضباً يحمل همّ الدعوة ولوط خرج مهاجر إلى ربه. نلاحظ كل هذه الزمرة من الأنبياء بدأت بالذاهب إلى ربه وهو سيدنا إبراهيم (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) الصافات) وختمت بالمهاجر إلى ربه وهو سيدنا لوط (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي (26) العنكبوت). بُدئت بالذاهب إلى ربه وختمت بالمهاجر إلى ربه. *مداخلة من مشاهد: إذا سمحت لي أن أعلق على هذه الآيات الثلاث؟ فقد قسمها الله سبحانه وتعالى إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى نهاها بقوله ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ والمجموعة الثانية نهاها ﴿كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ والمجموعة الثالثة نهاها ﴿وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ وأنا أرى أن المجموعة الأولى دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ تجمعهم ما يلي: داوود وسليمان أنبياء ملوك، أيوب ويوسف أمراء ابتلوا فصبروا، موسى وهارون أنبياء حاكمين على قومهم فتدلى من الأدنى إلى الأعلى بالنسبة للحكم والمُلك أما إذا أخذناها بالمقلوب موسى وهارون أفضل الأنبياء وأيوب ويوسف أفضل داوود وسليمان وداوود وسليمان يأتوا بالدرجة الثالثة وهؤلاء الستة كلهم أحسنوا أداء ما أنيط بهم فقال سبحانه وتعالى ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾. أما وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ هؤلاء الأربعة اشتهروا وعرفوا بالعزوف عن الدنيا وكانوا من الزاهدين فقال سبحانه وتعالى في نهاية الآية عنهم ﴿كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾. أما وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا كلهم أرسلوا إلى أمم صغيرة وأمم غير أممهم، إسماعيل إلى بني جُرهم، يونس إلى نينوى، لوط إلى أهل سدوم وعمورية فقال سبحانه وتعالى ﴿وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ هذه ارتأيت أنها لمسة بيانية أخرى لهذه المجاميع. د. فاضل: بارك الله فيك.

ﵟ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﵞ سورة الأنعام - 83


Icon