الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (٩) : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ...

برنامج لمسات بيانية آية (٩) : ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾ * ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا﴾ ذاق الشيء يعني خبره وجرّبه ويكون بالفم وغير الفمّ، ويكون في المحمود والمكروه، في القليل والكثير، عامّ. ربنا قال ﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ﴾ ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ﴾ . * ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً﴾ قدّم الجار والمجرور بينما في فصلت ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا﴾ قدّم الرحمة: السياق يحدد، فالاهتمام هو في نزع الرحمة في آية هود والاهتمام بالرحمة وأثرها على الإنسان في فصلت. في آية هود ﴿إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُور﴾ هذا التعقيب على نزع الرحمة وليس على الرحمة فأخّر الرحمة. في آية فصلت (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى (٥٠)) هذا من أثر الرحمة ﴿لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي﴾ فقدّم الرحمة. * ﴿ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ﴾ نسبها سبحانه لنفسه فالنزع هنا لا يُفهم منه معنى الغضب وإنما أعاده إلى حالته الأولى، للإختبار كما تعطي الإنسان شيئاً لتختبره ثم تأخذه منه لترى ماذا يصنع، ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ كيف يختبرهم بالحالتين، كيف عمل عندما أعطاه وكيف عمل إذا نزعها. * ﴿لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾ كلاهما من صيغ المبالغة على وزن فعول. يؤوس يعني شديد اليأس من أن تعود إليه النعمة التي سلبت منه والكفور شديد الكفران لما سلف من النعم، يؤوس من أن تعود إليه النعمة وكفور لم يشكر تلك النعمة. * الفرق بين ﴿إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾ و ﴿فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ﴾ في فصلت: في آية هود ذكر أمرين الإتيان والنزع - حالتين- ، حالة إذاقة الرحمة المفروض أن يشكرها ولكنه صار كفوراً وحالة نزع الرحمة التي يئس فيها من العودة إلى الخير وما إلى ذلك فهو يائس من رحمة الله، فصار أمرين يؤوس كفور. في آية فصلت (لَا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاء الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ (٤٩)) لم يذكر حالة معينة، ماذا كان في حالة الدعاء؟ هل كان في نعمة أو في ضر؟ لم يذكر شيئاً، ثم قال بعدها ﴿وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ﴾ إذن ذكر مسألة واحدة وهي مسّ الشر، لم يذكر نعمة فقال (يَؤُوسٌ قَنُوطٌ) من رحمة الله.

ﵟ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ﵞ سورة هود - 9


Icon