الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية سورة آية (42): * في قوله تبارك وتعالى (وَهِيَ...

برنامج لمسات بيانية سورة آية (42): * في قوله تبارك وتعالى (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ (42)) القصة ماضية وانتهت وقال تجري بصيغة المضارع مع أن الحدث ماضي؟ هذه حكاية الحال وهي التعبير عن الأحداث الماضية بفعل مضارع. لكن نلاحظ أن فيها إيجاز قال ﴿وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ قال ﴿وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ﴾ انتقل إلى مشهد الفلك مباشرة لم يقل فركبوا ثم جرت السفينة، قال اركبوا فيها - وهي تجري، انتقل مباشرة إلى المشهد. لما قال تجري بهم معناها ركبوا فماذا تضيف لو قال فركبوا فيها؟ لا شيء. * ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ﴾ ما هذا النداء؟ أولاً نلاحظ أن نوحاً رفع صوته ﴿نادى﴾ مما يدل على أن ابنه في مكان بعيد لا يُسمعه إلا النداء. نادى معناه أنه في مكان بعيد لا يسمعه إلا النداء والملاحظ أن نوحاً هو الذي نادى ابنه وكان المظنون أن ابن سيدنا نوح هو الذي ينادي لأنه رأى المنظر وهو يأوي إلى جبل كان المنطق أن يقول يا أبت خذني معك لكنه آثر أن لا يركب مع هؤلاء يذهب ولو وحده في جبل كم في نفسه من الإيمان والمؤمنين؟! * قلبه مستغلق والعياذ بالله برغم أنه رأى بأم عينيه ما يحدث! ويرى أن الفلك هو سبيل النجاة الوحيد ليس هناك سبيل آخر لكن مع ذلك آثر أن يذهب. * لطيفة لا بد أن نتوقف عندها ﴿وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ﴾ المتبادر للذهن أنه مجرد النجاة أن ينجو ولم يدعوه إلى الإيمان فلم لم يقل لا تكن من الكافرين؟ لاحظ أن النداء كله عطف قال له ﴿يا بني﴾ بالتصغير والتحبيب والتودد والإضافة إلى نفسه ﴿بني﴾ لم يقل له يا فلان وإنما يا بني أراد أن يتودد له ويحننه حتى يأتي. وقال له ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ﴾ حتى يأتي به لو قال لا تكن من الكافرين قد يبقى مصراً لكن لا تكن مع الكافرين فتغرق، أثنجُ أنت الآن، فدعاه إلى النجاة أولاً. الآن ليس وقت إيمان وإنما وقت نجاة وقت ليأتي إلى مجتمع جديد يالفهم ويبعده عن أولئك الذين أهلكوه (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) الفرقان) أراد له النجاة ليعيش في مجتمع آخر مجتمع مؤمن غير المجتمع الذي هو فيه. يعني المعيشة مع المجتمع المؤمن جعله خطوة للنجاة أولاً ثم أن يعيش مع هذه الزمرة ويبتعد عن تلك الزمرة الضالة حتى تكون مرقاة للإيمان، هذه فيها حكمة لأنه لو قال لا تكن من الكافرين يبتعد مباشرة، هو الآن دعاه للصحبة والنجاة حتى تكون مرقاة للإيمان. ستأتي سيعيش مع مجتمع مؤمن ويرى الفرق بين هؤلاء وهؤلاء ويهتدي. * د.حسام النعيمى : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) القمر) يعني كل ذرة من الأرض انفجرت عيوناً، الأرض كلها صارت عيوناً، (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ (42) هود) معناه هناك ريح تعصف بحيث تضرب الماء فيرتفع الماء فيكون أمواجاً هذا شيء مخيف. لو قال في فلك، الفلك مكان آمن خاصة إذا إستعمل ﴿في﴾، الإنسان آمن في داخل السفينة. لكن أراد أن يقوي صورة الخوف والرعب فقال ﴿على ذات ألواح ودسر﴾ هي عبارة عن ألواح مشدودة وقال ﴿وحملناه على﴾ ما قال ﴿في﴾ فلما يتخيل الإنسان هذا المشهد، هو فوق ألواح ودسر وهذا الماء بهذا الشكل يزداد رعباً ويتذكر أن ذلك قدرة الله سبحانه وتعالى كيف حمل نوحاً ومن معه على هذه الألواح والدُسُر.

ﵟ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﵞ سورة هود - 42


Icon