الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية قال تعالى في سورة النساء (162): ﴿لَّٰكِنِ...

برنامج لمسات بيانية قال تعالى في سورة النساء (162): ﴿لَّٰكِنِ ٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ مِنۡهُمۡ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَۚ وَٱلۡمُقِيمِينَ ٱلصَّلَوٰةَۚ وَٱلۡمُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أُوْلَٰٓئِكَ سَنُؤۡتِيهِمۡ أَجۡرًا عَظِيمًا﴾ سؤال: لماذا قال: ﴿وَٱلۡمُقِيمِينَ ٱلصَّلَوٰةَۚ﴾ بنصب ﴿المُقِيمِينَ﴾ مع أنه معطوف على ﴿ٱلرَّٰسِخُونَ﴾ وهو مرفوع؟ الجواب: إن هذا مما يسمى في علم النحو بالقطع وهو يكثر في المدح والذم والترحم، ويكون ذلك لأهمية المعطوف. والقطع هنا للمدح وهو مفعول به لفعل محذوف تقديره (أمدح) أو (أخص). وحسّن القطع أنه ذكر عبادتين ظاهرتين وهما: إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصلاة أهم من إيتاء الزكاة لأنها فرض عين على كل مكلف سواء كان غنيًّا أم فقيرًا، صحيحًا أم سقيمًا، وهي أهم ركن في الإسلام، ولا تسقط في حال من الأحوال، ولذا قطعها للدلالة على فضلها على الزكاة، أما الصفات الأخرى فهي أمور باطنة وقلبية. ونظير ذلك قوله تعالى:﴿۞لَّيۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: 177]. فقطع الصابرين لفضلهم، وذلك أنهم صابرون في الفقر وفي المرض وفي القتال، والبأساء هي البؤس والفقر، والضراء السقم والوجع، وحين البأس أي وقت القتال وجهاد العدو. جاء في (البحر المحيط): ((انتصب (والصابرين) على المدح. ولما كان الصبر مبدأ الفضائل – ومن وجه – جامعًا للفضائل إذ لا فضيلة إلا وللصبر فيها أثر بليغ غيّر إعرابه تنبيهًا على هذا المقصد)). وجاء في (روح المعاني): ((﴿وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ﴾ نصب على المدح بتقدير أخص أو أمدح. وغيّر سبكه عمّا قبله تنبيهًا على فضيلة الصبر ومزيته على سائر الأعمال حتى كأنه ليس من جنس الأول)).

ﵟ لَٰكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ۚ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ ۚ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ﵞ سورة النساء - 162


Icon