الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية *ورد في سورة إبراهيم (وَقَالَ مُوسَى إِن...

برنامج لمسات بيانية *ورد في سورة إبراهيم (وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)) وفي لقمان في مكان آخر قال (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26)) وهنا قال ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ فكيف نفهم الفروق البيانية الدلالية الموجودة بين الثلاث الآيات ونظهر اللمسات البيانية فيها؟ ربنا سبحانه وتعالى قال في سورة إبراهيم على لسان موسى ﴿وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾، في لقمان قال ﴿وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ فأكد في سورة إبراهيم فقال ﴿فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ أكد بإنّ واللام في ﴿إن الله لغني﴾، في لقمان أكد بإنّ وحدها وقال ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ في إبراهيم زاد اللام وفي لقمان التوكيد فقط بإنّ. وقلنا أن السياق هو الذي يوضح هذا الأمر. لو نقرأ الآية في لقمان ﴿وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ إذن قسّم العباد إلى قسمين قسم شاكر وقسم كافر، من يشكر ومن كفر إذن قسم العباد إلى قمسين. في إبراهيم إفترض كفر أهل الأرض جميعاً ولم يقسمهم إلى قسمين ﴿إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ إذن في لقمان افترض العباد قسمين وفي إبراهيم افترض كفر أهل الأرض جميعاً فنلاحظ الإختلاف بين التعبيرين في ثلاثة أمور: أولاً في لقمان جرى على التبعيض (بعضهم مؤمن وبعضهم كافر باعتبار من يشكر ومن كفر) بينما في إبراهيم على الشمول شملهم كلهم ولم يستثني أحداً. ونلاحظ في لقمان قال ﴿ومن كفر﴾ بالماضي، في إبراهيم قال ﴿إن تكفروا﴾ بالمضارع، في لقمان فعل الشرط ماضي ﴿ومن كفر﴾ وفي إبراهيم فعل الشرط مضارع ﴿إن تكفروا﴾ والفرق واضح لأنه ذكرنا في حلقة ماضية أنه إذا كان فعل الشرط ماضياً إفتراض وقوع الحدث مرة وإن كان مضارعاً افتراض تكرر الحدث فهنا قال ﴿إن تكفروا﴾ يعني إذا داومتم واستمررتم على الكفر دلالة على تكرر الكفر وتجدده ﴿إن تكفروا﴾ يعني تستمرون على الكفر وتداوموا عليه وفي لقمان قال ومن كفر. ثم قال ﴿جميعاً﴾ جاء بالحال المؤكدة. إذن إفتراض كفر أهل الأرض بلا استثناء لم يجعلهم قمسمين ثم افتراض الكفر مستمر ثم أكد ذلك بـ ﴿جميعاً﴾ فاقتضى ذلك زيادة التأكيد في إبراهيم ﴿فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ الله تعالى لا يحتاج إلى غني لما ذكر هذه الأمور افتراض ليكفر أهل الأرض جميعاً وليداموا على الكفر جميعاً هذه كلها مؤكدات. ربنا تعالى لم يؤكد غني في لقمان لأن الناس فئتان ولما كان الناس على ملة واحدة أكّد لأنه تعالى لا يحتاج إليهم حتى لو كانوا كلهم كفار ويداومون ويستمرون على ذلك. فائدة التأكيد هنا فائدة بلاغية أن الله تعالى غني عن العباد كلهم لو كفروا كلهم جميعاً واستمروا ربنا غني عنهم، تأكيد الغنى.

ﵟ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﵞ سورة لقمان - 12

ﵟ وَقَالَ مُوسَىٰ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﵞ سورة إبراهيم - 8


Icon