الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية ما دلالة القسم بالعصر تحديداً في هذه...

برنامج لمسات بيانية ما دلالة القسم بالعصر تحديداً في هذه السورة؟ من معاني العصر الدهر (العصور) هذا لغة، وربنا أقسم بالدهر لأنه الشاهد على ما أقسم عليه ﴿إن الإنسان لفي خسر﴾ والدهر هو أكبر شاهد، العصر هو أكبر شاهد على ما أقسم عليه وهو أن الإنسان لفي خسر إلا هؤلاء منهم من هلك ومنهم من قُتِل ومنهم من عُذّب والذي أحيا حياً من الناس ولم يؤمن كان خاسراً في عموم الحياة إلا هؤلاء. فإن شئتم أن تعلموا ذلك فاسألوا الدهر لأنه خير شاهد على ما أقسمت عليه. العصر هو الشاهد على أن الإنسان في خسر إلا هؤلاء الأصناف فلا شك أن الدهر والزمن والتاريخ هو شاهد دقيق على ما أصاب الإنسان غير المؤمن. يمكن أن يقال لماذا لم يقسم بوقت آخر كالفجر أو الضحى في هذه السورة مع أنه أقسم بها في مواطن أخرى؟ لأنه لو أقسم بها لم تكن مرحلة للإستشهاد. الفجر ليس هنالك مرحلة للإستشهاد فالناس ما زالوا في أول الزمن ليس هنالك شاهد أما العصر يعني مرّ فترة طويلة وقيل أنها وقت صلاة العصر وهذا من معانيها. من معانيها الدهر ومن معانيها وقت صلاة العصر والمعنيين مرادان في السورة، صلاة العصر بحد ذاتها أي إنسان الآن من الصباح إلى المساء هناك وقت كافي لتعرف حقيقته الناس من أول الدهر إلى زمن العصر والرسول  كما في الحديث بُعث من العصر إلى المغرب فإذن هذه مدة كافية للإستشهاد فيها ووقع فيها من أحداث أي هي مدة كافية للاستشهاد أما الفجر والناس لم يستيقظوا فكيف يكون استشهاد وكيف يكون دليلاً على الاستشهاد بأنهم في خسر ليست هنالك مدة كافية تدل على الاستشهاد ولو قال الضحى أيضاً نفس الشيء لم تكن هنالك مدة كافية للاستشهاد، الفجر أول النهار والضحى بدايته، كذلك المغرب، المغرب غروب الشمس إذن غروب الحياة وزوال الدنيا فما الفائدة من الاستشهاد؟ لقد غربت الدنيا وذهبت والناس ذهبوا إلى الحساب فما الفائدة من الاستشهاد؟ لذلك أنسب وقت للقسم والاستدلال هو العصر مدة كافية من أول النهار إلى ما قبل الغروب مدة كافية للاستشهاد والدلالة على ما يفعله الإنسان في هذا العمر الطويل والملاحظ أنه إذا ذكر الأقوان بعد القسم بالأوقات يناسب بين القوم وما يُقسم به. مثلاً قال ﴿والفجر﴾ لما ذكر الفجر قال ﴿ألم تر كيف فعل ربك بعاد﴾ وعاد من أوائل الدنيا بعد نوح. لما أقسم بالضحى ﴿والشمس وضحاها﴾ قال ﴿كذبت ثمود بطغواها﴾ لأن ثمود بعد عاد والضحى بعد الفجر. هنالك مناسبة بين القسم بالوقت وبين الأقوام فإذا ذكر الأقوام فهي مناسبة للوقت الذي يقسم به كمحطة في تاريخ البشرية كلها. فإذن العصر بمعنى الدهر وبمعنى وقت صلاة العصر وكلاهما مراد لأن العصر هو أحسن شاهد على الإنسان وما أحدث فيه من خسران.

ﵟ وَالْعَصْرِ ﵞ سورة العصر - 1


Icon