الوقفات التدبرية

برنامج لمسات بيانية آية (2): *ما اللمسة البيانية في قوله تعالى...

برنامج لمسات بيانية آية (2): *ما اللمسة البيانية في قوله تعالى ﴿ربََمَا يودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين﴾ بتخفيف الباء في كلمة ﴿ربما﴾؟وما دلالة استخدام ربما في هذا الموقف مع أنها للشك؟(د.فاضل السامرائى) أولاً رُبّ ليست للشك وإنما هي للتقليل أو التكثير وهذا مقرر في علم النحو واللغة. النحاة يذكرون هذا الأمر ابتداء من سيبويه الذي يقول هي للتكثير وكثير من النحويين يقول هي للتكثير. هم اختلفوا بين التكثير والتقليل وليس في مسألة الشك لا أحد يقول هي للشك ولكن يقولون هي للتكثير أو التقليل وفي الحديث (رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة)، رب أخ لم تلده لأمك، قيل أنها للتقليل (ألا رب مولود وليس له أب) وقيل هي بحسب السياق وهو أرجح الأقوال السياق هو الذي يقضي بها مثل ﴿قد﴾ التي تدخل على المضارع قد تكون للتقليل (قد يصدق الكذوب) أو التكثير (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء (144) البقرة) للتكثير، (قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ (64) النور) تكثير. فإذن قسم قالوا ﴿رُبّ﴾ للتكثير وقسم قالوا للتقليل وقسم وقفوا وقالوا هي بحسب سياقها وقد ترد للتكثير وقد ترد للتقليل وهي ليست في الشك. ﴿ربما﴾ هي ﴿رُبّ﴾ حرف جر زائد و ﴿ما﴾ قد تكون زائدة. يبقى أن فيها قراءتان متواترتان ﴿ربَما﴾ و﴿ربّما﴾. المشددة آكد من المخففة التشديد آكد ﴿ربّ﴾ آكد من ﴿رُبَ﴾ مثل إنّ المخففة وإنّ الثقيلة الثقيلة آكد من المخففة ومثل نون التوكيد الثقيلة والخفيفة (وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) يوسف) لما أرادت السجن أكّدت على السجن وخففت في الثانية. ربّما آكد من ربَما فكيف نفهمها؟ قيل هذا في الدنيا عندما يرى الكفرة الغلبة للمسلمين والغنائم التي يحصلون عليها يتمنون أن لو كانوا مسلمين هذا بحسب رغبة الناس فيها، قسم رغبته فيها شديدة تأتي ﴿ربّما﴾ وقسم رغبته أقل ﴿ربَما﴾ فقراءتان تشمل كل الراغبين في الدنيا من له رغبة شديدة ومن له رغبة قليلة القراءتان تشملهم كلهم من له رغبة شديدة ومن رغبته دون ذلك. وقسم قال هي في الآخرة عندما يُعطى المسلمون الأجور العظيمة فيتمنى الكافرون لو كانوا مسلمين وهنا تأكيد على تمنيهم لأنهم رأوا أجر المسلمين. تكون ﴿ربّما﴾ ولكن القراءة المعتمدة عندنا ﴿ربَما﴾ مخففة ولا تعارض بين القراءتين. وهذان الإحتمالان التمني القليل والتمني الكثير لا يمكن أن يُعبّر عنهما إلا باستخدام القراءتين التين وردتا في الآية (ربّما المشددة) و(ربما المخففة) فشمل كل الإحتمالات في جميع المواقف في الدنيا وفي الآخرة.

ﵟ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ﵞ سورة الحجر - 2


Icon