الوقفات التدبرية

قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ...

قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلّاَ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجنِّ(50)﴾ . إن قلتَ: هذا يدلُّ على أن " إبليس " من الجنِّ، وهو منافٍ لقوله تعالى في البقرة: " وإذْ قُلْنَا للملاَئِكَة اسجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلَّا إبليسَ " فإِنه يدلُّ على أنه من الملائكة؟ قلتُ: في ذلك قولان: أحدهما: أنه من الجنّ لظاهر هذه الآية، ولأن له ذريةً كفرة بل أكفر الكفرة. بخلاف الملائكة لا ذرية لهم، ولا يعصون الله ما أمرهم، لأنهم عقولٌ مجردة لا شهوةَ لهم، ولا معصيةَ إلَّا عن شهوة، فالاستثناءُ في تلك الآية منقطعٌ. وثانيهما وهو المختارُ (1) أنه من الملائكة، قبل أن يعصي الله تعالى، فلمَّا عصاه مسخه شيطاناً، ورُوي ذلك عن ابن عباس، كما رُوي عنه أيضاً أنه كان من خُزَّانِ الجنة، وهم جماعةٌ من الملائكةِ يسمَّون الجنَّ، ف " كان " بمعنى صار. أو المعنى كان في سابق علمه تعالى، أو من الجنّ الذين هم من الملائكة، فالاستثناءُ متَّصلٌ، ولا منافاة بين الآيتين.

ﵟ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﵞ سورة الكهف - 50


Icon