الوقفات التدبرية

قوله تعالى: (وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ...

قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ إن قلتَ: كيف قال المؤمنُ ذلك في حقّ موسى عليه السلام، مع أنه صادقٌ عنده وفي الواقع، ويلزم منه أن يصيبهم جميعُ ما وعدهم لا بعضُه فقط؟! قلتُ: " بعضُ " صِلةٌ، أو هي بمعنى " كلّ " كما قيل به في قول الشاعر: إنَّ الأمورَ إذا الأحداثُ دبَّرها دون الشيوخ ترى في بعضها خلَلاً أو ذَكرَ البعضَ تنزّلاً وتلطًّفاً بهم، مبالغاً في نصحهم، لئلا يتَّهموه بميلٍ ومحاباة، ومنه قولُ الشاعر: قد يدركُ المتأنِّي بعض حاجتهِ وقد يكونُ من المستعجلِ الزَّللً كأنه قال: أقلًّ ما يكون في الثاني إدراكُ بعض المطلوب، وفي الاستعجال الزلل، أو هي باقيةٌ على معناها، لأنه وعدهم على كفرهم الهلاكَ في الدنيا، والعذابَ في الآخرة، فهلاكهم في الدنيا بعضُ ما وعدهم به.

ﵟ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﵞ سورة غافر - 28


Icon