الوقفات التدبرية

قوله تعالى: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى...

قوله تعالى: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الَأنْفُسُ(23)﴾ . قاله هنا وبعدُ، وليس بتكرار، لأن الأول متَّصلٌ بعبادتهم اللَّات والعُزَّى ومناة، والثاني بعبادتهم الملائكة، والظنُّ فيها مذموم بقوله " إن الظَّنَّ لا يُغْني منَ الحقِّ شيئاً " أي لا يقوم مقام العلم. فإن قلتَ: كيف لا يقوم مقامه، مع أنه يقوم مقامه في كثيرٍ من المسائل كالقياس؟ قلتُ: المرادُ هنا: الظنُّ الحاصلُ من اتّباع الهوى، دون الظنِّ الحاصلِ من الاستدلال والنظر، بقرينة قوله " إن يَتَّبعُونَ إلَّا الظنَّ وَمَا تَهْوى الأَنْفُسُ ". 5 - قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلإنسانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ إن قلتَ: ثوابُ الصَّدقة، والقراءة، والحج، والدعاء، يصل إِلى الميِّت، وليس من سعيه؟ قلتُ: ما دلَّت عليه الآية مخصوصٌ بقوم إبراهيم وموسى، وهو حكايةٌ لما في صحفهما، أمَّا هذه الأمة فلها ما سَعَتْ وما سُعِيَ لها، أو هو على ظاهره، ولكنْ دعاءُ ولد الِإنسانِ، وصديقه، وقراءتُهما وصدقتُهما عنه، من سعيهِ أيضاً، بواسطة اكتسابه القرابة، والصَّداقة، أو المحبَّة من الناس، بسبب التقوى والعملِ الصالح.

ﵟ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ ﵞ سورة النجم - 23


Icon