مكية. وهي ثلاث آيات. ومناسبتها : أنه تعالى لما ذم أهل البخل، أمر رسوله بالسخاء، ولما كان لا يظهر إلا في أعز ما عند الإنسان، أمره بنحر الإبل ؛ لأنها كانت أعز ما عندهم، فقال تعالى :
بسم الله الرحمان الرحيم :
﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾*﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾*﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ﴾.
ﰡ
وفسَّره ابن عباس بالخير الكثير، فقيل له : إنَّ الناس يقولون : هو نهر في الجنة، فقال : النهر من ذلك الخير، وقيل : هو : كثرة أولاده وأتباعه، أو علماء أمته، أو : القرآن الحاوي لخيَري الدنيا والدين.
رُوي : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال :" يا رب اتخذت إبراهيم خليلاً، وموسى كليماً، فبماذا خصصتني ؟ " فنزلت :﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى ( ٦ ) ﴾ [ الضحى : ٦ ]، فلم يكتفِ بذلك، فنزلت :﴿ إِنَّا أعطيناك الكوثر ﴾ فلم يكتفِ بذلك، وحُقَّ له ألاَّ يكتفي ؛ لأنَّ القناعة من الله حرمان، والركون إلى الحال يقطع المزيد، فنزل جبريلُ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : إنَّ الله تبارك وتعالى يقرئك السلام، ويقول لك : إن كنتُ اتخذتُ إبراهيم خليلاً، وموسى كليماً، فقد اتخذتك حبيباً، فوعزتي وجلالي لأختارن حبيبي على خليلي وكليمي، فسكن صلى الله عليه وسلم.
قيل : نزلت في العاص بن وائل، كان يُسَمِّي النبيَّ صلى الله عليه وسلم حين مات ابنه " عبد الله " : أبتر، ووقف مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له : مع مَن كنت واقفاً ؟ فقال : مع ذلك الأبتر، وكذلك سمّته قريش أبتر وصُنبوراً، ولمّا قَدِمَ كعب بن الأشرف لعنه الله لمكة، يُحرِّض قريشاً عليه صلى الله عليه وسلم قالوا له : نحن أهل السِّقايةِ والسِّدَانة، وأنت سَيِّدُ أهل المدينة، فنحن خير أمْ هذا الصنبور المُنْبَتِر من قومه ؟ فقال : أنتم خير، فنزلت في كعب :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ. . ﴾ [ النساء : ٥١ ]، الآية، ونزلت فيهم :﴿ إن شانئك هو الأبتر ﴾.