وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة التغابن بالمدينة.
وأخرج النحاس عن ابن عباس قال : نزلت سورة التغابن بمكة إلا آيات من آخرها نزلت بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جفاء أهله ووالده، فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوّا لكم فاحذروهم ﴾ إلى آخر السورة.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت سورة التغابن كلها بمكة إلا هؤلاء الآيات ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم ﴾ نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه، فقالوا : إلى من تدعنا ؟ فيرق ويقيم، فنزلت هذه الآيات فيه بالمدينة.
ﰡ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا مكث الْمَنِيّ فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ لَيْلَة أَتَاهُ ملك النُّفُوس فعرج بِهِ إِلَى الرب فَيَقُول: يَا رب أذكر أم أُنْثَى فَيَقْضِي الله مَا هُوَ قَاض فَيَقُول أشقي أم سعيد فَيكْتب مَا هُوَ لَاق وَقَرَأَ أَبُو ذَر من فَاتِحَة التغابن خمس آيَات إِلَى قَوْله: ﴿وصوّركم فَأحْسن صوركُمْ وَإِلَيْهِ الْمصير﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: العَبْد يُولد مُؤمنا ويعيش مُؤمنا وَيَمُوت مُؤمنا وَالْعَبْد يُولد كَافِرًا ويعيش كَافِرًا وَيَمُوت كَافِرًا وَإِن العَبْد يعْمل بُرْهَة من الزَّمَان بالشقاوة ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت بماكتب لَهُ فَيَمُوت شقياً وَإِن العَبْد يعْمل بُرْهَة من دهره بالشقاوة ثمَّ يُدْرِكهُ مَا كتب لَهُ فَيَمُوت سعيدا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس فعرج به إلى الربّ فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي الله ما هو قاض، فيقول أشقي أم سعيد ؟ فيكتب ما هو لاق » وقرأ أبو ذر من فاتحة التغابن خمس آيات إلى قوله :﴿ وصوّركم فأحسن صوركم وإليه المصير ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«العبد يولد مؤمناً ويعيش مؤمناً ويموت مؤمناً، والعبد يولد كافراً ويعيش كافراً ويموت كافراً، وإن العبد يعمل برهة من الزمان بالشقاوة، ثم يدركه الموت بما كتب له، فيموت شقياً، وإن العبد يعمل برهة من دهره بالشقاوة ثم يدركه ما كتب له فيموت سعيداً ».
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه كره: زَعَمُوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد أَنه كره زَعَمُوا لقَوْل الله: ﴿زعم الَّذين كفرُوا﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن هَانِئ بن عُرْوَة أَنه قَالَ لِابْنِهِ: هَب لي اثْنَتَيْنِ: زَعَمُوا وسوف وَلَا يكونَانِ فِي حَدِيثك
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: زعم كنية الْكَذِب
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن شُرَيْح قَالَ: زعم كنية الْكَذِب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة قَالَ: زَعَمُوا زاملة الْكَذِب
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿يَوْم يجمعكم ليَوْم الْجمع﴾ قَالَ: هُوَ يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ ﴿يَوْم التغابن﴾ غبن أهل الْجنَّة أهل النَّار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿يَوْم التغابن﴾ من أَسمَاء يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ذَلِك يَوْم التغابن﴾ قَالَ: غبن أهل الْجنَّة أهل النَّار
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿ذَلِك يَوْم التغابن﴾ قَالَ: غابن أهل الْجنَّة أهل النَّار وَالله أعلم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَلْقَمَة فِي قَوْله:
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: هِيَ المصيبات تصيب الرجل فَيعلم أَنَّهَا من عِنْد الله فَيسلم لَهَا ويرضى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه﴾ يَعْنِي يهد قلبه لليقين فَيعلم أَن مَا أَصَابَهُ لم يكن ليخطئه وَمَا أخطأه لم يكن ليصيبه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه﴾ قَالَ: من أصَاب من الإِيمان مَا يعرف بِهِ الله فَهُوَ مهتدي الْقلب
قَوْله تَعَالَى: ﴿الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وعَلى الله فَليَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ﴾ أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: شعار الْمُؤْمِنُونَ يَوْم يبعثون من قُبُورهم لَا إِلَه إِلَّا الله وعَلى الله فَليَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ
أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوّاً لكم فاحذروهم﴾ فِي قوم من أهل مَكَّة أَسْلمُوا وَأَرَادُوا أَن يَأْتُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأبى أَزوَاجهم وَأَوْلَادهمْ أَن يَدعُوهُم فَلَمَّا أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَوْا النَّاس قد فقهوا فِي الدّين هموا أَن يعاقبوهم فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوّاً لكم فاحذروهم وَإِن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فَإِن الله غَفُور رَحِيم﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يُرِيد الْهِجْرَة فتحسبه امْرَأَته وَولده فَيَقُول: إِنَّا وَالله لَئِن جمع الله بيني وَبَيْنكُم فِي دَار الْهِجْرَة لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَن فَجمع الله بَينهم فِي دَار الْهِجْرَة فَأنْزل الله ﴿وَإِن تعفوا وتصفحوا وتغفروا﴾
وَأخرج عبد حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ ﴿إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوّاً لكم فاحذروهم﴾ قَالَ: مِنْهُم من لَا يَأْمر بِطَاعَة وَلَا ينْهَى عَن مَعْصِيّة وَكفى بذلك عَدَاوَة للمرء أَن يكون صَاحبه لَا يَأْمر بِطَاعَة وَلَا ينْهَى عَن مَعْصِيّة وَكَانُوا يثبطون عَن الْجِهَاد وَالْهجْرَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ يوم التغابن ﴾ من أسماء يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ ذلك يوم التغابن ﴾ قال : غبن أهل الجنة أهل النار.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ﴿ ذلك يوم التغابن ﴾ قال : غابن أهل الجنة أهل النار، والله أعلم.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود رضي الله عنه في الآية قال : هي المصيبات تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ ومن يؤمن بالله يهد قلبه ﴾ يعني يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
وأخرج ابن المنذر عن جريج رضي الله عنه في قوله :﴿ ومن يؤمن بالله يهد قلبه ﴾ قال : من أصاب من الإِيمان ما يعرف به الله فهو مهتدي القلب.
أخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«شعار المؤمنون يوم يبعثون من قبورهم لا إله إلا الله، وعلى الله فليتوكل المؤمنون ».
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : كان الرجل يريد الهجرة فتحبسه امرأته وولده، فيقول : إنا والله لئن جمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لأفعلن ولأفعلن، فجمع الله بينهم في دار الهجرة، فأنزل الله ﴿ وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا ﴾.
وأخرج عبد حميد عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ إن من أزواجكم وأولادكم عدوّاً لكم فاحذروهم ﴾ قال : منهم من لا يأمر بطاعة ولا ينهى عن معصية، وكفى بذلك عداوة للمرء أن يكون صاحبه لا يأمر بطاعة، ولا ينهى عن معصية، وكانوا يثبطون عن الجهاد والهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الضُّحَى قَالَ: قَالَ رجل وَهُوَ عِنْد عمر: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْفِتْنَة أَو الْفِتَن فَقَالَ عمر: أَتُحِبُّ أَن لَا يرزقك الله مَالا وَلَا ولدا أَيّكُم استعاذ من الْفِتَن فليستعذ من مضلاتها
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن عِيَاض رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن لكل أمة فتْنَة وَإِن فتْنَة أمتِي المَال
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لكل أمة فتْنَة وفتنة أمتِي المَال
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لكل أمة فتْنَة وفتنة أمتِي المَال
وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ ابْن عمر لرجل: إِنَّك تحب الْفِتْنَة
قَالَ: أَنا قَالَ: نعم فَلَمَّا رأى ابْن عمر مَا دَاخل الرجل من ذَاك قَالَ: تحب المَال وَالْولد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَمَا هُوَ يخْطب النَّاس على الْمِنْبَر خرج الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي اله عَنهُ فوطئ فِي ثوب كَانَ عَلَيْهِ فَسقط فَبكى فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمِنْبَر فَلَمَّا رأى النَّاس أَسْرعُوا إِلَى الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ يتعاطونه يُعْطِيهِ بَعضهم بَعْضًا حَتَّى وَقع فِي يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قَاتل الله الشَّيْطَان إِن الْوَلَد لفتنة وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا دَريت أَنِّي نزلت عَن منبري
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يحى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكاء حسن أَو حُسَيْن فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْوَالِد فتْنَة لقد قُمْت إِلَيْهِ وَمَا أَعقل وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت (اتَّقوا الله حق تُقَاته) (سُورَة آل عمرَان الْآيَة ١٠٢) اشْتَدَّ على الْقَوْم الْعَمَل فَقَامُوا حَتَّى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فَأنْزل الله تحفيفاً على الْمُسلمين ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم﴾ فنسخت الْآيَة الأولى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم﴾ قَالَ: جهدكم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم﴾ قَالَ: هِيَ رخصَة من الله كَانَ الله قد أنزل فِي سُورَة آل عمرَان (اتَّقوا الله حق تُقَاته) (سُورَة آل عمرَان الْآيَة ١٠٢) وَحقّ تُقَاته أَن يطاع فَلَا يعْصى ثمَّ خفف عَن عباده فَأنْزل الرُّخْصَة ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم واسمعوا وَأَطيعُوا﴾
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَأَبُو دَاوُد عَن الحكم بن حزن الكلفي قَالَ: وفدنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلبثنا أَيَّامًا شَهِدنَا فِيهَا الْجُمُعَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ متوكئاً على قَوس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ كَلِمَات طَيّبَات خفيفات مباركات ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّكُم لن تُطِيقُوا كل مَا أمرْتُم بِهِ فسددوا وابشروا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ ﴿وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون﴾ قَالَ: فِي النَّفَقَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن حبيب بن شهَاب الْعَنْبَري أَنه سمع أَخَاهُ يَقُول: لقِيت ابْن عمر يَوْم عَرَفَة فَأَرَدْت أَن أقتدي من سيرته وأسمع من قَوْله فَسَمعته أَكثر مَا يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشُّح الْفَاحِش حَتَّى أَفَاضَ ثمَّ بَات بِجمع فَسَمعته أَيْضا يَقُول ذَلِك فَلَمَّا أردْت أَن أفارقه قلت يَا عبد الله: إِنِّي أردْت أَن أقتدي بسيرتك فسمعتك أَكثر مَا تَقول أَن تعوذ من الشُّح الْفَاحِش قَالَ: وَمَا أبغي أفضل من أَن أكون من المفلحين قَالَ الله: ﴿وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن تقرضوا الله﴾ الْآيَة
أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله استقرضت عَبدِي فَأبى أَن يقرضني وَشَتَمَنِي عَبدِي وَهُوَ لَا يدر يَقُول وادهراه وادهراه وَأَنا الدَّهْر ثمَّ تَلا أَبُو هُرَيْرَة ﴿إِن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي حَيَّان عَن أَبِيه عَن شيخ لَهُم أَنه كَانَ يَقُول إِذا سمع السَّائِل يَقُول: من يقْرض الله قرضا حسنا قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر هَذَا الْقَرْض الْحسن
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
٦٥سُورَة الطَّلَاق
مَدَنِيَّة وآياتها اثْنَتَا عشرَة
مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الطَّلَاق بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن طَاوُوس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْجُمُعَة بِسُورَة الْجُمُعَة و ﴿يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء﴾
١ - ٣
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما نزلت ﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ [ آل عمران : ١٠٢ ] اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم، فأنزل الله تحفيفاً على المسلمين ﴿ فاتقوا الله ما استطعتم ﴾ فنسخت الآية الأولى.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس ﴿ فاتقوا الله ما استطعتم ﴾ قال : جهدكم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ﴿ فاتقوا الله ما استطعتم ﴾ قال : هي رخصة من الله، كان الله قد أنزل في سورة آل عمران ﴿ اتقوا الله حق تقاته ﴾ [ آل عمران : ١٠٢ ] وحق تقاته أن يطاع فلا يعصى، ثم خفف عن عباده، فأنزل الرخصة ﴿ فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ﴾ قال : السمع والطاعة فيما استطعت يا ابن آدم عليها، بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على السمع والطاعة فيما استطاعوا.
وأخرج ابن سعد وأحمد وأبو داود عن الحكم بن حزن الكلفي قال : وفدنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلبثنا أياماً شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام متوكئاً على قوس، فحمد الله، وأثنى عليه كلمات طيبات خفيفات مباركات، ثم قال :«أيها الناس إنكم لن تطيقوا كل ما أمرتم به فسددوا وابشروا ».
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه ﴿ ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ﴾ قال : في النفقة.
وأخرج عبد بن حميد عن حبيب بن شهاب العنبري أنه سمع أخاه يقول : لقيت ابن عمر يوم عرفة، فأردت أن أقتدي من سيرته، وأسمع من قوله، فسمعته أكثر ما يقول : اللهم إني أعوذ بك من الشح الفاحش، حتى أفاض، ثم بات بجمع، فسمعته أيضاً يقول ذلك، فلما أردت أن أفارقه قلت يا عبدالله : إني أردت أن أقتدي بسيرتك فسمعتك أكثر ما تقول أن تعوذ من الشح الفاحش. قال : وما أبغي أفضل من أن أكون من المفلحين ؟ قال الله :﴿ ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ﴾.
أخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«يقول الله استقرضت عبدي فأبى أن يقرضني، وشتمني عبدي، وهو لا يدري، يقول وادهراه وادهراه، وأنا الدهر » ثم تلا أبو هريرة ﴿ إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي حيان عن أبيه عن شيخ لهم أنه كان يقول إذا سمع السائل يقول : من يقرض الله قرضاً حسناً، قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هذا القرض الحسن.