تفسير سورة الكهف

الدر المنثور
تفسير سورة سورة الكهف من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ
أخرج النحاس في ناسخه وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الكهف بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه قال : نزلت سورة الكهف بمكة.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الضريس وابن حبان والحاكم والبيهقي في سننه وابن مردويه، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال ».
وأخرج أحمد في مسلم والنسائي وأبو عبيد في فضائله، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال ».
وأخرج أبو عبيد وابن مردويه عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، ثم أدركه الدجال، لم يضره. ومن حفظ خواتيم سورة الكهف، كانت له نورا يوم القيامة ».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن الضريس والنسائي وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والبيهقي في الدلائل، عن أبي العالية قال : قرأ رجل سورة الكهف وفي الدار دابة، فجعلت تنفر. . . فينظر فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم قال :«اقرأ فلان، فإنها السكينة نزلت للقرآن ».
وأخرج الطبراني عن أسيد بن حضير، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :«يا رسول الله، إني كنت أقرأ البارحة سورة الكهف فجاء شيء حتى غطى فمي. . . ! ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مه. . . تلك السكينة جاءت حين تلوت القرآن ».
وأخرج الترمذي وصححه، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال ».
وأخرج ابن الضريس والنسائي وأبو يعلى والروياني، عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف، فإنه عصمة له من الدجال ».
وأخرج ابن مردويه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى عليه وسلم :«من قرأ من سورة الكهف عشر آيات عند منامه عصم من فتنة الدجال، ومن قرأ خاتمتها عند رقاده كان له نورا من لدن قرنه إلى قدمه يوم القيامة ».
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة، عن علي قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم :«من قرأ الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة تكون، وإن خرج الدجال عصم منه ».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في السنن والطبراني في الأوسط وابن مردويه والضياء، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من قرأ سورة الكهف، كانت له نورا من مقامه إلى مكة ؛ ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره ».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قرأ سورة الكهف كما أنزلت، كانت له نورا يوم القيامة ».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في السنن، عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسم قال :«من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ».
وأخرج أبو عبيد وسعيد ابن منصور والدارمي وابن الضريس والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي سعيد الخدري قال : من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من قرأ سورة الكهف كما أنزلت ثم خرج الدجال، لم يسلط عليه ولم يكن له عليه سبيل ».
وأخرج أحمد والطبراني وابن مردويه، عن معاذ بن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«من قرأها كلها كانت له نورا ما بين الأرض إلى السماء ».
وأخرج ابن مردويه عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين ».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ألا أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء والأرض، ولكاتبها من الأجر مثل ذلك ؟ ومن قرأها يوم الجمعة غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، ومن قرأ العشر الأواخر منها عند نومه بعثه الله أي الليل شاء ؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال سورة أصحاب الكهف ».
وأخرج سعيد بن منصور عن خالد بن معدان قال : من قرأ سورة الكهف في كل يوم الجمعة قبل أن يخرج الإمام، كانت له كفارة ما بينه وبين الجمعة وبلغ نورها البيت العتيق.
وأخرج ابن الضريس عن أبي مهلب قال : من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، كانت له كفارة إلى الجمعة الأخرى.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«سورة الكهف تدعى في التوراة الحائلة، تحول بين قارئها وبين النار ».
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«البيت الذي تقرأ فيه سورة الكهف لا يدخله شيطان تلك الليلة ».
واخرج أبو عبيد والبيهقي في شعب الإيمان، عن أم موسى قالت : كان الحسن بن علي يقرأ سورة الكهف كل ليلة، وكانت مكتوبة له في لوح يدار بلوحه حيثما دار في نسائه في كل ليلة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن وهب، أن عمر رضي الله عنه قرأ في الفجر بالكهف.
وأخرج ابن سعد عن صفية بنت أبي عبيد، أنها سمعت عمر ابن الخطاب يقرأ في صلاة الفجر بسورة أصحاب الكهف.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«نزلت سورة الكهف جملة معها سبعون ألفا من الملائكة ».
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل، عن ابن عباس قال :«بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة فقالوا لهم : سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبرهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول عندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى أتيا المدينة فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفا لهم أمره وبعض قوله وقالا : إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صحابنا هذا. فقالوا لهما : سلوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ؛ وإن لم يفعل فالرجل متقول، فروا فيه رأيكم. . . . سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم، فإنه قد كان لهم حديث عجيب. وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هو، فإن أخبركم بذلك فإنه نبي فاتبعوه، وإلا فهو متقول. فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش فقالا : يا مشعر قريش، قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور – فأخبراهم بها- فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد، أخبرنا- فسألوه عما أمروهم به- فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبركم غدا بما سألتم عنه- ولم يستثن- فانصرفوا عنه ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل، حتى أرجف أهل مكة وأحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة، ثم جاء جبريل من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف وقول الله ( ويسألونك عن الروح. . . ) [ الإسراء : ٨٥ ] الآية ».
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير، عن الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس :«أن قريشا بعثوا خمسة رهط- منهم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث إلى المدينة- يسألون اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفوا لهم صفته فقالوا لهم : نجد نعته وصفته ومبعثه في التوراة، فإن كان كما وصفتم لنا فهو نبي مرسل وأمره حق فاتبعوه، ولكن سلوه عن ثلاث خصال، فإنه يخبركم بخصلتين ولا يخبركم بالثالثة. إن كان نبيا، فإنا قد سألنا مسيلمة الكذاب عن هؤلاء الثلاث فلم يدر ما هي. فرجعت الرسل إلى قريش بهذا الخبر من اليهود فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد، أخبرنا عن ذي القرنين الذي كان بلغ المشرق والمغرب، وأخبرنا عن الروح، وأخبرنا عن أصحاب الكهف. فقال : أخبركم بذلك غدا. ولم يقل إن شاء الله فأبطأ عليه جبريل خمسة عشر يوما فلم يأته لترك الاستثناء، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه جبريل عليه السلام بما سألوه فقال : يا جبريل، أبطأت علي. فقال : بتركك الاستثناء، ألا تقول : إن شاء الله ؟ قال :( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ) [ الكهف : ٢٣ ] ثم أخبره بخبر ذي القرنين وخبر الروح وأصحاب الكهف، ثم أرسل إلى قريش فأتوه فأخبرهم عن حديث ذي القرنين وقال لهم : الروح من أمر ربي يقول : من علم ربي لا علم لي به، فلما وافق قول اليهود أنه لا يخبركم بالثالث، ( قالوا : سحران تظاهرا ) [ القصص : ٤٨ ] تعاونا – يعنون التوراة والفرقان- ( وقالوا : إنا بكل كافرون ) [ القصص : ٤٨ ] وحدثهم بحديث أصحاب الكهف ».
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فكان أكثر خطبته ذكر الدجال، فكان فيما قال لنا يومئذ :«إن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا حذر أمته، وإني آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة، فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج كل مسلم ؛ وأن يخرج فيكم بعدي فكل امرئ حجيج نفسه. والله خليفتي على كل مسلم ؛ إنه يخرج من خلة بين العراق والشام، وعاث يمينا وعاث شمالا. يا عباد الله، اثبتوا فإنه يبدأ يقول : أنا نبي ولا نبي بعدي، وإنه مكتوب بين عينيه «كافر » يقرؤه كل مؤمن، فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه وليقرأ بقوارع سورة أصحاب الكهف، وإنه يسلط على نفس من بني آدم فيقتلها ثم يحييها، وإنه لا يعدو ذلك ولا يسلط على نفس غيرها، وإن من فتنته : أن معه جنة ونارا، فناره جنة وجنته نار، فمن ابتلى بناره فليغمض عينيه وليستعن بالله تكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار بردا وسلاما على إبراهيم، وإن أيامه أربعون يوما، يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة ويوم كالأيام، وآخر أيامه كالسراب، يصبح الرجل عند باب المدينة فيمسي قبل أن يبلغ بابها الآخر. قالوا : وكيف نصلي يا رسول الله في تلك الأيام القصار. . . ! ؟ قال : تقدرون فيها كما تقدرون في الأيام الطوال والله أعلم ».

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿الْحَمد لله الَّذِي أنزل على عَبده الْكتاب وَلم يَجْعَل لَهُ عوجا قيمًا﴾ قَالَ: أنزل الْكتاب عدلا قيمًا وَلم يجل لَهُ عوجا ملتبساً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أنزل على عَبده الْكتاب وَلم يَجْعَل لَهُ عوجا﴾ قَالَ: هَذَا من التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير أنزل على عَبده الْكتاب قيمًا وَلم يَجْعَل لَهُ عوجا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿قيمًا﴾ قَالَ: مُسْتَقِيمًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿لينذر بَأْسا شَدِيدا﴾ قَالَ: عذَابا شَدِيدا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿من لَدنه﴾ أَي من عِنْده
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿ويبشر الْمُؤمنِينَ الَّذين يعْملُونَ الصَّالِحَات أَن لَهُم أجرا حسنا﴾ يَعْنِي الْجنَّة
وَفِي قَوْله: ﴿وينذر الَّذين قَالُوا اتخذ الله ولدا﴾ قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى
الْآيَة ٦
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله :﴿ قيماً ﴾ قال : مستقيماً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ لينذر بأساً شديداً ﴾ قال : عذاباً شديداً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ من لدنه ﴾ أي من عنده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً ﴾ يعني، الجنة. وفي قوله :﴿ وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً ﴾ قال : هم اليهود والنصارى.
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اجْتمع عتبَة بن ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة وَأَبُو جهل بن هِشَام وَالنضْر بن الْحَارِث وَأُميَّة بن خلف وَالْعَاص بن وَائِل وَالْأسود بن الْمطلب وَأَبُو البخْترِي فِي نفر من قُرَيْش وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد كبر عَلَيْهِ مَا يرى من خلاف قومه إِيَّاه وإنكارهم مَا جَاءَ بِهِ من النَّصِيحَة فأحزنه حزنا شَدِيدا
فَأنْزل الله ﴿فلعلك باخع نَفسك﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فلعلك باخع نَفسك﴾ قَالَ: قَاتل نَفسك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿فلعلك باخع نَفسك﴾ قَالَ: قَاتل نَفسك
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿فلعلك باخع نَفسك﴾ قَالَ: قَاتل نَفسك ﴿إِن لم يُؤمنُوا بِهَذَا الحَدِيث﴾ قَالَ: الْقُرْآن: ﴿أسفا﴾ قَالَ: حزنا إِن لم يُؤمنُوا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أسفا﴾ قَالَ: جزعا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فلعلك باخع نَفسك على آثَارهم إِن لم يُؤمنُوا بِهَذَا الحَدِيث أسفا﴾ قَالَ: حزنا عَلَيْهِم نهى الله نبيه أَن يأسف على النَّاس فِي ذنوبهم
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿فلعلك باخع نَفسك﴾ مَا الباخع فَقَالَ: يَقُول: قَاتل نَفسك
قَالَ فِيهِ لبيد بن ربيعَة: لَعَلَّك يَوْمًا ان فقدت مزارها على بعده يَوْمًا لنَفسك باخع
الْآيَة ٧ - ٨
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا﴾ قَالَ: مَا عَلَيْهَا من شَيْء
360
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا﴾ قَالَ: الرِّجَال
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا﴾ قَالَ: الرِّجَال
وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا﴾ قَالَ: الْعلمَاء زِينَة الأَرْض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا﴾ قَالَ: هم الرِّجَال الْعباد الْعمَّال لله بِالطَّاعَةِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم فِي التَّارِيخ عَن بن عمر قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة ﴿لنبلوهم أَيهمْ أحسن عملا﴾ فَقلت: مَا معنى ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عقلا وَأَوْرَع عَن محارم الله وأسرعكم فِي طَاعَة الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿لنبلوهم﴾ قَالَ: لنختبرهم ﴿أَيهمْ أحسن عملا﴾ قَالَ: أَيهمْ أتم عقلا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿لنبلوهم أَيهمْ أحسن عملا﴾ قَالَ: أَشَّدهم للدنيا تركا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله: ﴿لنبلوهم أَيهمْ أحسن عملا﴾ قَالَ: أزهدهم فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَإِنَّا لجاعلون مَا عَلَيْهَا صَعِيدا جرزاً﴾ قَالَ: يهْلك كل شَيْء عَلَيْهَا ويبيد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿صَعِيدا جرزاً﴾ قَالَ: الصَّعِيد التُّرَاب
والجزر الَّتِي لَيْسَ فِيهَا فروع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿جرزاً﴾ قَالَ: يَعْنِي بالجزر الخراب
وَالله أعلم
الْآيَة ١٠ - ١٢
361
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً ﴾ قال : يهلك كل شيء عليها ويبيد.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ صعيداً جرزاً ﴾ قال : الصعيد، التراب. والجرز، التي ليس فيها زرع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ جرزاً ﴾ قال : يعني بالجرز، الخراب. والله أعلم.
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: ﴿الْكَهْف﴾ هُوَ غَار فِي الْوَادي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ﴿والرقيم﴾ الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ﴿والرقيم﴾ وادٍ دون فلسطين قريب من أَيْلَة
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي مَا الرقيم لكتاب أم بُنيان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: ﴿والرقيم﴾ مِنْهُم من يَقُول كتاب قصصهم وَمِنْهُم من يَقُول الْوَادي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح قَالَ: ﴿والرقيم﴾ لوح مَكْتُوب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ﴿والرقيم﴾ لوح من حِجَارَة كتبُوا فِيهِ قصَّة أَصْحَاب الْكَهْف وأمْرهم ثمَّ وضع على بَاب الْكَهْف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: ﴿والرقيم﴾ حِين رقمت أَسمَاؤُهُم فِي الصَّخْرَة كتب الْملك فِيهَا أَسمَاؤُهُم وَكتب أَنهم هَلَكُوا فِي زمَان كَذَا وَكَذَا فِي ملك ريبوس ثمَّ ضربهَا فِي سور الْمَدِينَة على الْبَاب فَكَانَ من دخل أَو خرج قَرَأَهَا
فَذَلِك قَوْله: ﴿أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والزجاجي فِي أَمَالِيهِ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا أَدْرِي مَا الرقيم وَسَأَلت كَعْبًا فَقَالَ: اسْم الْقرْيَة الَّتِي خَرجُوا مِنْهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل الْقُرْآن أعلمهُ إِلَّا أَرْبعا: غسلين وَحَنَانًا والأواه والرقيم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس بن مَالك قَالَ: ﴿والرقيم﴾ الْكَلْب
362
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم كَانُوا من آيَاتنَا﴾ يَقُول: الَّذِي آتيتك من الْعلم وَالسّنة وَالْكتاب أفضل من شَأْن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم كَانُوا من آيَاتنَا عجبا﴾ كَانُوا بقَوْلهمْ أعجب آيَاتنَا لَيْسُوا بِأَعْجَب آيَاتنَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم كَانُوا من آيَاتنَا عجبا﴾ قَالَ: لَيْسُوا بِأَعْجَب آيَاتنَا كَانُوا من أَبنَاء الْمُلُوك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر قَالَ: كَانَ أَصْحَاب الْكَهْف صيارفة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن بشير أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحدث عَن أَصْحَاب الرقيم: أَن ثَلَاثَة نفر دخلُوا إِلَى الْكَهْف فَوَقع من الْجَبَل حجر على الْكَهْف فأوصد عَلَيْهِم فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: تَذكرُوا أَيّكُم عمل حَسَنَة لَعَلَّ الله أَن يَرْحَمنَا
فَقَالَ أحدهم: نعم قد عملت حَسَنَة مرّة
إِنَّه كَانَ لي عُمَّال استأجرتهم فِي عمل لي كل رجل مِنْهُم بِأَجْر مَعْلُوم
فَجَاءَنِي رجل ذَات يَوْم وَذَلِكَ فِي شطر النَّهَار فاستأجرته بِقدر مَا بَقِي من النَّهَار بِشَطْر أَصْحَابه الَّذين يعْملُونَ بَقِيَّة نهارهم ذَلِك كل رجل مِنْهُم نَهَاره كُله
فَرَأَيْت من الْحق أَن لَا أنقصه شَيْئا مِمَّا اسْتَأْجَرت عَلَيْهِ أَصْحَابه
فَقَالَ رجل مِنْهُم: يُعْطي هَذَا مثل مَا يعطيني وَلم يعْمل إِلَّا نصف نَهَاره
فَقلت لَهُ: إِنِّي لَا أبخسك شَيْئا من شرطك وَإِنَّمَا هُوَ مَالِي أحكم فِيهِ بِمَا شِئْت
فَغَضب وَترك أجره فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك عزلت حَقه فِي جَانب الْبَيْت مَا شَاءَ الله ثمَّ مر بِي بعد ذَلِك بقر فاشتريت لَهُ فصيلاً من الْبَقر حَتَّى بلغ مَا شَاءَ الله ثمَّ مر بِي الرجل بعد حِين وَهُوَ شيخ ضَعِيف وَأَنا لَا أعرفهُ فَقَالَ لي: إِن لي عنْدك حَقًا
فَلم أذكرهُ حَتَّى عرّفني ذَلِك فَقلت لَهُ: نعم
إياك أبغي
فعرضت عَلَيْهِ مَا قد أخرج الله لَهُ من ذَلِك الفصيل من الْبَقر فَقلت لَهُ: هَذَا حَقك من الْبَقر
فَقَالَ لي: يَا عبد الله لَا تسخر بِي
إِن لَا تَتَصَدَّق عَليّ أَعْطِنِي حَقي
فَقلت: وَالله مَا أسخر مِنْك: إِن هَذَا لحقك
فَدَفَعته إِلَيْهِ اللَّهُمَّ فَإِن كنت تعلم أَنِّي قد كنت صَادِقا وَأَنِّي فعلت ذَلِك لوجهك فأفرج عَنَّا
363
هَذَا الْحجر
فانصدع حَتَّى رَأَوْا الضوؤ وأبصروا
وَقَالَ الآخر: قد عملت حَسَنَة مرّة وَذَلِكَ أَنه كَانَ عِنْدِي فضل فَأصَاب النَّاس شدَّة فجاءتني امْرَأَة فطلبت مني مَعْرُوفا فَقلت: لَا وَالله مَا هُوَ دون نَفسك
فَأَبت عَليّ ثمَّ رجعت فذكرتني بِاللَّه فأبيت عَلَيْهَا وَقلت: لَا وَالله مَا هُوَ دون نَفسك
فَأَبت عَليّ ثمَّ رجعت فذكرتني بِاللَّه فأبيت عَلَيْهَا وَقلت: لَا وَالله مَا هُوَ دون نَفسك
فَأَبت عليّ فذكَرَتْ ذَلِك لزَوجهَا فَقَالَ: أعْطِيه نَفسك وَأغْنِي عِيَالك
فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك سمحت بِنَفسِهَا فَلَمَّا هَمَمْت بهَا قَالَت: إِنِّي أَخَاف الله رب الْعَالمين
فَقلت لَهَا: تَخَافِينَ الله فِي الشدّة وَلم أخفه فِي الرخَاء فأعطيتها مَا استغنت هِيَ وعيالها
اللَّهُمَّ فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك لوجهك فأفرج عَنَّا هَذَا الْحجر فانصدع الْحجر حَتَّى رَأَوْا الضَّوْء وأيقنوا الْفرج
ثمَّ قَالَ الثَّالِث: قد عملت حَسَنَة مرّة كَانَ لي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كبيران قد بلغما الْكبر وَكَانَت لي غنم فَكنت أرعاها
وأختلف فِيمَا بَين غنمي وَبَين أَبَوي أطعمهما وأشبعهما وأرجع إِلَى غنمي فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم أصابني غيث شَدِيد فحبسني فَلم أرجع إِلَّا مُؤَخرا فَأتيت أَهلِي فَلم أَدخل منزلي حَتَّى حلبت غنمي ثمَّ مضيت إِلَى أَبَوي أسقيهما فوجدتهما قد نَامَا فشق عليّ أَن أوقظهما وشق عَليّ عليّ أَن أترك غنمي فَلم أَبْرَح جَالِسا ومحلبي على يَدي حَتَّى أيقظهما الصُّبْح فسقيتهما الله إِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك لوجهك فأفرج عَنَّا هَذَا الْحجر
ففرّج الله عَنْهُم وَخَرجُوا إِلَى أَهْليهمْ رَاجِعين
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن ثَلَاثَة نفر فِيمَا سلف من النَّاس انْطَلقُوا يرتادون لأهليهم فَأَخَذتهم السَّمَاء فَدَخَلُوا غاراً فَسقط عَلَيْهِم حجر فجافّ حَتَّى مَا يرَوْنَ مِنْهُ خصَاصَة
فَقَالَ بَعضهم لبَعض: قد وَقع الْحجر وَعَفا الْأَثر وَلَا يعلم مَكَانكُمْ إِلَّا الله فَادعوا الله عز وَجل بأوثق أَعمالكُم
فَقَالَ رجل مِنْهُم: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنه كَانَ لي والدان فَكنت أحلب لَهما فِي إنائهما فآتيهما فَإِذا وجدتهما راقدين قُمْت على رأسيهما كَرَاهَة أَن أرد سنتهما فِي رأسيهما حَتَّى يستيقظا مَتى استيقظا اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي إِنَّمَا فعلت ذَلِك رَجَاء رحمتك ومخافة عذابك فَفرج عَنَّا
فَزَالَ ثلث الْحجر
364
وَقَالَ الثَّانِي: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي اسْتَأْجَرت أَجِيرا على عمل يعمله فَأَتَانِي يطْلب أجره وَأَنا غَضْبَان فزبرته فَانْطَلق وَترك أجره فجمعته وثمرته حَتَّى كَانَ مِنْهُ كل المَال فَأَتَانِي يطْلب أجره فَدفعت إِلَيْهِ ذَلِك كُله وَلَو شِئْت لم أعْطه إِلَّا أجره الأوّل اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي إِنَّمَا فعلت ذَلِك رَجَاء رحمتك ومخافة عذابك فافرج عَنَّا
فَزَالَ ثلث الْحجر
وَقَالَ الثَّالِث: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنه أَعْجَبته امْرَأَة فَجعل لَهَا جعلا فَلَمَّا قدر عَلَيْهَا وفر لَهَا نَفسهَا وسلّم لَهَا جَعْلَها
اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي إِنَّمَا فعلت ذَلِك رَجَاء رحمتك ومخافة عذابك فَفرج عَنَّا
فَزَالَ الْحجر وَخَرجُوا معاتيق يَمْشُونَ
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَيْنَمَا ثَلَاثَة نفر مِمَّن كَانَ قبلكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُم مطر فأووا إِلَى غَار فانطبق عَلَيْهِم فَقَالَ بَعضهم لبَعض: إِنَّه وَالله يَا هَؤُلَاءِ لَا ينجيكم إِلَّا الصّدْق فَليدع كل رجل مِنْكُم بِمَا يعلم أَنه قد صدق فِيهِ
فَقَالَ وَاحِد مِنْهُم: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنه كَانَ لي أجِير يعلم على فرق من أرز فَذهب وَتَركه وَإِنِّي عَمَدت إِلَى ذَلِك الْفرق فزرعته فَصَارَ من أمره أَنِّي اشْتريت مِنْهُ بقرًا وَأَنه أَتَانِي يطْلب أجره فَقلت لَهُ: اعمد إِلَى تِلْكَ الْبَقر فسقْها فَقَالَ لي: إِنَّمَا لي عنْدك فرق من أرز
فَقلت لَهُ: اعمد إِلَى تِلْكَ الْبَقر فَإِنَّهَا من ذَلِك الْفرق فساقها فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك من خشيتك فَفرج عَنَّا
فانساخت عَنْهُم الصَّخْرَة
فَقَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنه كَانَ لي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كبيران فَكنت آتيهما كل لية بِلَبن غنم لي فأبطأت عَلَيْهِمَا لَيْلَة فَجئْت وَقد رقدا وعيالي يتضاغون من الْجُوع فَكنت لَا أسقيهم حَتَّى يشرب أَبَوي فَكرِهت أَن أوقظهما وكرهت أَن أدعهما فيستكنا بشربتهما فَلم أزل أنْتَظر حَتَّى طلع الْفجْر فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك من خشيتك فَفرج عَنَّا
فانساخت عَنْهُم الصَّخْرَة حَتَّى نظرُوا إِلَى السَّمَاء
فَقَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنه كَانَ لي ابْنة عَم من أحب النَّاس إليّ وَإِنِّي راودتها عَن نَفسهَا فَأَبت إِلَّا أَن آتيها بِمِائَة دِينَار فطلبتها حَتَّى قَدِرْتُ فأتيتها بهَا فدفعْتها إِلَيْهَا فأمكنتني من نَفسهَا فَلَمَّا قعدت بَين رِجْلَيْهَا قَالَ: اتَّقِ الله وَلَا تفض الْخَاتم إِلَّا بِحقِّهِ
فَقُمْت وَتركت الْمِائَة دِينَار فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك من خشيتك فَفرج عنّا
فَفرج الله عَنْهُم فَخَرجُوا
365
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه من حَدِيث ابْن عَبَّاس مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: غزونا مَعَ مُعَاوِيَة غَزْوَة الْمضيق نَحْو الرّوم فمررنا بالكهف الَّذِي فِيهِ أَصْحَاب الْكَهْف الَّذِي ذكر الله فِي الْقُرْآن
فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَو كشف لنا عَن هَؤُلَاءِ فَنَظَرْنَا إِلَيْهِم فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: لَيْسَ ذَلِك لَك قد منع الله ذَلِك عَمَّن هُوَ خير مِنْك فَقَالَ: ﴿لَو اطَّلَعت عَلَيْهِم لَوَلَّيْت مِنْهُم فِرَارًا ولَمُلِئْتَ مِنْهُم رعْبًا﴾ فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَا أَنْتَهِي حَتَّى أعلم علمهمْ
فَبعث رجَالًا فَقَالَ: اذْهَبُوا فادخلوا الْكَهْف فانظروا
فَذَهَبُوا فَلَمَّا دخلُوا الْكَهْف بعث الله عَلَيْهِم ريحًا فأخرجتهم
فَبلغ ذَلِك ابْن عَبَّاس فَأَنْشَأَ يحدث عَنْهُم فَقَالَ: إِنَّهُم كَانُوا فِي مملكة ملك من الْجَبَابِرَة يعبد الْأَوْثَان وَقد أجبر النَّاس على عبادتها وَكَانَ وَهَؤُلَاء الْفتية فِي الْمَدِينَة فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك خَرجُوا من تِلْكَ الْمَدِينَة فَجَمعهُمْ الله على غير ميعاد فَجعل بَعضهم يَقُول لبَعض: أَيْن تُرِيدُونَ
أَيْن تذهبون
فَجعل بَعضهم يخفي على بعض لِأَنَّهُ لَا يدْرِي هَذَا على مَا خرج هَذَا وَلَا يدْرِي هَذَا
فَأخذُوا العهود والمواثيق أَن يخبر بَعضهم بَعْضًا فَإِن اجْتَمعُوا على شَيْء وَإِلَّا كتم بَعضهم بَعْضًا
فَاجْتمعُوا على كلمة وَاحِدَة ﴿فَقَالُوا رَبنَا رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ إِلَى قَوْله: ﴿مرفقاً﴾ قَالَ: فقعدوا فجَاء أهلهم يطلبونهم لَا يَدْرُونَ أَيْن ذَهَبُوا فَرفع أَمرهم إِلَى الْملك فَقَالَ: لَيَكُونن لهَؤُلَاء الْقَوْم بعد الْيَوْم شَأْن
نَاس خَرجُوا لَا يدْرِي أَيْن ذَهَبُوا فِي غير خِيَانَة وَلَا شَيْء يعرف
فَدَعَا بلوح من رصاص فَكتب فِيهِ أَسمَاؤُهُم ثمَّ طرح فِي خزانته
فَذَلِك قَول الله: ﴿أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم﴾ والرقيم هُوَ اللَّوْح الَّذِي كتبُوا
فَانْطَلقُوا حَتَّى دخلُوا الْكَهْف فَضرب الله على آذانهم فَقَامُوا
فَلَو أَن الشَّمْس تطلع عَلَيْهِم لأحرقتهم وَلَوْلَا أَنهم يقلبون لأكلتهم الأَرْض
ذَلِك قَول الله: ﴿وَترى الشَّمْس﴾ الْآيَة
قَالَ: ثمَّ إِن ذَلِك الْملك ذهب وَجَاء ملك آخر فعبد الله وَترك تِلْكَ الْأَوْثَان وَعدل بَين النَّاس فبعثهم الله لما يُرِيد ﴿قَالَ قَائِل مِنْهُم كم لبثتم﴾ فَقَالَ بَعضهم: يَوْمًا
وَقَالَ بَعضهم يَوْمَيْنِ
وَقَالَ بَعضهم أَكثر من ذَلِك
فَقَالَ كَبِيرهمْ: لَا تختلفوا فَإِنَّهُ لم
366
يخْتَلف قوم قطّ إِلَّا هَلَكُوا فَابْعَثُوا أحدكُم بورقكم هَذِه إِلَى الْمَدِينَة
فَرَأى شارة أنكرها وَرَأى بنياناً أنكرهُ ثمَّ دنا إِلَى خباز فَرمى إِلَيْهِ بدرهم وَكَانَت دراهمهم كخفاف الرّبع - يَعْنِي ولد النَّاقة - فَأنْكر الخباز الدِّرْهَم فَقَالَ: من أَيْن لَك الدِّرْهَم لقد وجدت كنزاً لتدلّني عَلَيْهِ أَو لأرفعنك إِلَى الْأَمِير
فَقَالَ: أَوَ تخوّفني بالأمير وأتى الدهْقَان الْأَمِير قَالَ: من أَبوك قَالَ: فلَان
فَلم يعرفهُ
قَالَ: فَمن الْملك قَالَ: فلَان
فَلم يعرفهُ فَاجْتمع عَلَيْهِم النَّاس فَرفع إِلَى عالمهم فَسَأَلَهُ فَأخْبرهُ فَقَالَ: عليّ باللوح فجيء بِهِ فَسمى أَصْحَابه فلَانا وَفُلَانًا
وهم مكتوبون فِي اللَّوْح فَقَالَ للنَّاس: إِن الله قد دلكم على إخْوَانكُمْ
وَانْطَلَقُوا وركبوا حَتَّى أَتَوا إِلَى الْكَهْف فَلَمَّا دنوا من الْكَهْف قَالَ الْفَتى: مَكَانكُمْ أَنْتُم حَتَّى أَدخل أَنا على أَصْحَابِي وَلَا تهجموا فيفزعون مِنْكُم وهم لَا يعلمُونَ أَن الله قد أقبل بكم وَتَابَ عَلَيْكُم
فَقَالُوا لتخْرجن علينا فَقَالَ: نعم إِن شَاءَ الله
فَدخل فَلم يدروا أَيْن ذهب وَعمي عَلَيْهِم فطلبوا وحرضوا فَلم يقدروا على الدُّخُول عَلَيْهِم فَقَالُوا ﴿لنتخذن عَلَيْهِم مَسْجِدا﴾ فاتخذوا عَلَيْهِم مَسْجِدا يصلونَ عَلَيْهِم وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب الْكَهْف أَبنَاء مُلُوك رزقهم الله الْإِسْلَام فتعوذوا بدينهم واعتزلوا قَومهمْ حَتَّى انْتَهوا إِلَى الْكَهْف فَضرب الله على صماخاتهم فلبثوا دهراً طَويلا حَتَّى هَلَكت أمتهم وَجَاءَت أمة مسلمة وَكَانَ ملكهم مُسلما وَاخْتلفُوا فِي الرّوح والجسد فَقَالَ قَائِل: يبْعَث الرّوح والجسد جَمِيعًا
وَقَالَ قَائِل: يبْعَث الرّوح وَأما الْجَسَد فتأكله الأَرْض فَلَا يكون شَيْئا فشق على ملكهم إختلافهم فَانْطَلق فَلبس المسوح وَجلسَ على الرماد ثمَّ دَعَا الله فَقَالَ: أَي رب قد ترى إختلاف هَؤُلَاءِ فَابْعَثْ لَهُم آيَة تبين لَهُم فَبعث الله أَصْحَاب الْكَهْف فبعثوا أحدهم ليَشْتَرِي لَهُم طَعَاما فَدخل السُّوق فَلَمَّا نظر جعل يُنكر الْوُجُوه وَيعرف الطّرق وَرَأى الْإِيمَان ظَاهرا بِالْمَدِينَةِ
فَانْطَلق وَهُوَ مستخف حَتَّى أَتَى رجلا يَشْتَرِي مِنْهُ طَعَاما فَلَمَّا نظر الرجل إِلَى الْوَرق أنكرها
حسبت أَنه قَالَ: كَأَنَّهَا أَخْفَاف الرّبيع - يَعْنِي الْإِبِل الصغار - فَقَالَ الْفَتى: أَلَيْسَ ملككم فلَان قَالَ الرجل: بل ملكنا فلَان
فَلم يزل ذَلِك بَينهمَا حَتَّى رَفعه إِلَى الْملك فَنَادَى فِي النَّاس فَجَمعهُمْ فَقَالَ: إِنَّكُم اختلفتم فِي الرّوح والجسد وَإِن الله قد بعث لكم آيَة فَهَذَا رجل من قوم فلَان - يَعْنِي ملكهم الَّذِي
367
قبله - فَقَالَ الْفَتى: انْطلق بِي إِلَى أَصْحَابِي
فَركب الْملك وَركب مَعَه النَّاس حَتَّى انْتهى إِلَى الْكَهْف فَقَالَ الْفَتى: دَعونِي أَدخل إِلَى أَصْحَابِي
فَلَمَّا أبصروه وأبصرهم ضرب على آذانهم فَلَمَّا استبطؤوه دخل الْملك وَدخل النَّاس مَعَه فَإِذا أجساد لَا يبْلى مِنْهَا شَيْء غير أَنَّهَا لَا أَرْوَاح فِيهَا
فَقَالَ الْملك: هَذِه آيَة بعثها الله لكم فغزا ابْن عَبَّاس مَعَ حبيب بن مسلمة فَمروا بالكهف فَإِذا فِيهِ عِظَام فَقَالَ رجل: هَذِه عِظَام أهل الْكَهْف
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ذهبت عظامهم أَكثر من ثلثمِائة سنة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب الْكَهْف أَبنَاء عُظَمَاء أهل مدينتهم وَأهل شرفهم خَرجُوا فَاجْتمعُوا وَرَاء الْمَدِينَة على غير ميعاد فَقَالَ رجل مِنْهُم - هُوَ أشبههم -: إِنِّي لأجد فِي نَفسِي شَيْئا مَا أَظن أحدا يجده
قَالُوا: مَا تَجِد قَالَ: أجد فِي نَفسِي أَن رَبِّي رب السَّمَوَات وَالْأَرْض
فَقَامُوا جَمِيعًا فَقَالُوا: ﴿رَبنَا رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض لن ندعوا من دونه إِلَهًا لقد قُلْنَا إِذا شططاً﴾ وَكَانَ مَعَ ذَلِك من حَدِيثهمْ وَأمرهمْ مَا قد ذكر الله فِي الْقُرْآن فَأَجْمعُوا أَن يدخلُوا الْكَهْف وعَلى مدينتهم إِذْ ذَاك جَبَّار يُقَال لَهُ (دقيوس) فلبثوا فِي الْكَهْف مَا شَاءَ الله رقوداً ثمَّ بَعثهمْ الله فبعثوا أحدهم ليبتاع لَهُم طَعَاما فَلَمَّا خرج إِذا هم بحظيرة على بَاب الْكَهْف فَقَالَ: مَا كَانَت هَذِه هَهُنَا عَشِيَّة أمس
فَسمع كلَاما من كَلَام الْمُسلمين بِذكر الله - وَكَانَ النَّاس قد أَسْلمُوا بعدهمْ وَملك عَلَيْهِم رجل صَالح - فَظن أَنه أَخطَأ الطَّرِيق فَجعل ينظر إِلَى مدينته الَّتِي خرج مِنْهَا وَإِلَى مدينتين وجاهها أسماؤهن: اقسوس وايديوس وشاموس
فَيَقُول: مَا أَخْطَأت الطَّرِيق - هَذِه اقسوس وايديوس وشاموس
فَعمد إِلَى مدينته الَّتِي خرج مِنْهَا ثمَّ عمد حَتَّى جَاءَ السُّوق فَوضع ورقة فِي يَد رجل فَنظر فَإِذا ورق لَيست بورق النَّاس فَانْطَلق بِهِ إِلَى الْملك وَهُوَ خَائِف فَسَأَلَهُ وَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا من الْفتية الَّذين خَرجُوا على عهد دقيوس فَإِنِّي قد كنت أَدْعُو الله أَن يرينيهم وَأَن يعلمني مكانهم
ودعا مشيخة أهل الْقرْيَة - وَكَانَ رجل مِنْهُم قد كَانَ عِنْده أَسمَاؤُهُم وأنسابهم - فَسَأَلَهُمْ فأخبروه فَسَأَلَ الْفَتى فَقَالَ: صدق
وَانْطَلق الْملك وَأهل الْمَدِينَة مَعَه لِأَن يدلهم على أَصْحَابه حَتَّى إِذا دنوا من الْكَهْف سمع الْفتية حسّ النَّاس فَقَالُوا: أتيتم
ظهر على صَاحبكُم فاعتنق بَعضهم بَعْضًا وَجعل يُوصي بَعضهم بَعْضًا بدينهم فَلَمَّا دنا الْفَتى مِنْهُم أَرْسلُوهُ فَلَمَّا قدم إِلَى أَصْحَابه مَاتُوا عِنْد
368
ذَلِك ميتَة الْحق
فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم الْملك شقّ عَلَيْهِ أَن لم يقدر عَلَيْهِم أَحيَاء وَقَالَ: لَا أدفنهم إِذا فائتوني بصندوق من ذهب
فَأَتَاهُ آتٍ مِنْهُم فِي الْمَنَام فَقَالَ: أردْت أَن تجعلنا فِي صندوق من ذهب فَلَا تفعل وَدعنَا فِي كهفنا فَمن التُّرَاب خلقنَا وَإِلَيْهِ نعود
فتركهم فِي كهفهم وَبنى على كهفهم مَسْجِدا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل من حواريي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى مَدِينَة أَصْحَاب الْكَهْف فَأَرَادَ أَن يدخلهَا فَقيل: على بَابهَا صنم لَا يدخلهَا أحد إِلَّا سجد لَهُ فكره أَن يدْخل فَأتى حَماما فَكَانَ فِيهِ قَرِيبا من تِلْكَ الْمَدِينَة وَكَانَ يعْمل فِيهِ يُؤَاجر نَفسه من صَاحب الْحمام وَرَأى صَاحب الْحمام فِي حمامه الْبركَة والرزق وَجعل يسترسل إِلَيْهِ وعلقه فتية من أهل الْمَدِينَة فَجعل يُخْبِرهُمْ عَن خبر السَّمَاء وَالْأَرْض وَخبر الْآخِرَة حَتَّى آمنُوا بِهِ وَصَدقُوهُ وَكَانُوا على مثل حَاله فِي حسن الْهَيْئَة وَكَانَ يشْتَرط على صَاحب الْحمام: أَن اللَّيْل لي وَلَا تحول بيني وَبَين الصَّلَاة إِذا حضرت حَتَّى أَتَى ابْن الْملك بِامْرَأَة يدْخل بهَا الْحمام فَعَيَّرَهُ الْحوَاري فَقَالَ: أَنْت ابْن الْملك وَتدْخل مَعَ هَذِه الكداء
فاستحيا فَذهب فَرجع مرّة أُخْرَى فَسَبهُ وانتهره فَلم يلْتَفت حَتَّى دخل - وَدخلت مَعَه الْمَرْأَة فباتا فِي الْحمام جَمِيعًا فماتا فِيهِ
فَأتى الْملك فَقيل لَهُ: قتل ابْنك صَاحب الْحمام
فالتمس فَلم يقدر عَلَيْهِ وهرب من كَانَ يَصْحَبهُ فسموا الْفتية
فالتمسوا فَخَرجُوا من الْمَدِينَة فَمروا بِصَاحِب لَهُم فِي زرع لَهُ وَهُوَ على مثل أَمرهم فَذكرُوا لَهُ أَنهم التمسوا فَانْطَلق مَعَه وَمَعَهُ كلب حَتَّى آواهم اللَّيْل إِلَى الْكَهْف فَدَخَلُوا فِيهِ فَقَالُوا: نبيت هَهُنَا اللَّيْلَة حَتَّى نصبح إِن شَاءَ الله ثمَّ تروا رَأْيكُمْ
فَضرب على آذانهم فَخرج الْملك لأَصْحَابه يبتغونهم حَتَّى وجدوهم قد دخلُوا الْكَهْف فَكلما أَرَادَ الرجل مِنْهُم أَن يدْخل أرعب فَلم يطق أحد أَن يدْخلهُ فَقَالَ لَهُ قَائِل: أَلَسْت قلت: لَو قدرت عَلَيْهِم قَتلتهمْ قَالَ: بلَى
قَالَ: فَابْن عَلَيْهِم بَاب الْكَهْف ودعهم يموتوا عطشاً وجوعاً
فَفعل
ثمَّ صَبَرُوا زَمَانا ثمَّ إِن راعي غنم أدْركهُ الْمَطَر عِنْد الْكَهْف فَقَالَ: لَو فتحت هَذَا الْكَهْف وأدخلت غنمي من الْمَطَر فَلم يزل يعالجه حَتَّى فتح لغنمه فادخلها فِيهِ ورد الله أَرْوَاحهم فِي أَجْسَادهم من الْغَد حِين أَصْبحُوا فبعثوا أحدهم بورق ليَشْتَرِي لَهُم طَعَاما فَكلما أَتَى بَاب مدينتهم لَا يرى أحد من ورقهم شَيْئا إِلَّا استنكرها حَتَّى جَاءَ رجلا فَقَالَ: بِعني
369
بِهَذِهِ الدَّرَاهِم طَعَاما
فَقَالَ: وَمن أَيْن لَك هَذِه الدَّرَاهِم قَالَ: إِنِّي رحت وأصحابي أمس فَأتى اللَّيْل ثمَّ أَصْبَحْنَا فأرسلوني
قَالَ: فَهَذِهِ الدَّرَاهِم كَانَت على عهد ملك فلَان
فَأنى لَك هَذِه الدَّرَاهِم
فرفعه إِلَى الْملك ٠ وَكَانَ رجلا صَالحا - فَقَالَ: وَمن أَيْن لَك هَذَا الْوَرق قَالَ: خرجت أَنا وأصحابي أمس حَتَّى إِذا أدركنا اللَّيْل فِي كَهْف كَذَا وَكَذَا ثمَّ أمروني أَن اشْترِي لَهُم طَعَاما
قَالَ: وَأَيْنَ أَصْحَابك قَالَ: فِي الْكَهْف
فَانْطَلق مَعَه حَتَّى أَتَوا بَاب الْكَهْف فَقَالَ: دَعونِي أَدخل على أَصْحَابِي قبلكُمْ
فَلَمَّا رَأَوْهُ ودنا مِنْهُم ضرب على أُذُنه وآذانهم فأرادوا أَن يدخلُوا فَجعل كلما دخل رجل مِنْهُم رعب فَلم يقدروا أَن يدخلُوا إِلَيْهِم فبنوا عِنْدهم مَسْجِدا يصلونَ فِيهِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَصْحَاب الْكَهْف أعوان الْمهْدي
وَأخرج الزجاجي فِي أَمَالِيهِ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم﴾ قَالَ: إِن الْفتية لما هربوا من أَهْليهمْ خوفًا على دينهم
فقدوهم فخبروا الْملك خبرهم فَأمر بلوح من رصاص فَكتب فِيهِ أَسْمَاءَهُم وألقاه فِي خزانته وَقَالَ: إِنَّه سَيكون لَهُم شَأْن وَذَلِكَ اللَّوْح هُوَ الرقيم وَالله أعلم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿فضربنا على آذانهم﴾ يَقُول: أرقدناهم ﴿ثمَّ بعثناهم لنعلم أَي الحزبين﴾ من قوم الْفتية أهل الْهدى وَأهل الضَّلَالَة ﴿أحصى لما لَبِثُوا﴾ أَنهم كتبُوا الْيَوْم الَّذِي خَرجُوا فِيهِ والشهر وَالسّنة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿أَي الحزبين﴾ قَالَ: من قوم الْفتية ﴿أحصى لما لَبِثُوا أمداً﴾ قَالَ: عددا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿لنعلم أَي الحزبين أحصى لما لَبِثُوا أمداً﴾ يَقُول: مَا كَانَ لوَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ علم لَا لكفارهم وَلَا لمؤمنيهم
الْآيَة ١٣ - ١٥
370
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ فضربنا على آذانهم ﴾ يقول : أرقدناهم ﴿ ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين ﴾ من قوم الفتية أهل الهدى وأهل الضلالة ﴿ أحصى لما لبثوا ﴾ أنهم كتبوا اليوم الذي خرجوا فيه والشهر والسنة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١١:وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ فضربنا على آذانهم ﴾ يقول : أرقدناهم ﴿ ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين ﴾ من قوم الفتية أهل الهدى وأهل الضلالة ﴿ أحصى لما لبثوا ﴾ أنهم كتبوا اليوم الذي خرجوا فيه والشهر والسنة.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ أي الحزبين ﴾ قال : من قوم الفتية ﴿ أحصى لما لبثوا أمداً ﴾ قال : عدداً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً ﴾ يقول : ما كان لواحد من الفريقين علم، لا لكفارهم ولا لمؤمنيهم.
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: مَا بعث الله نَبيا إِلَّا وَهُوَ شَاب وَلَا أُوتِيَ الْعلم عَالما إِلَّا وَهُوَ شَاب
وَقَرَأَ: (قَالُوا سمعنَا فَتى يذكرهم يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم) (وَإِذا قَالَ مُوسَى لفتاه) و ﴿إِنَّهُم فتية آمنُوا برَبهمْ﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: ﴿وزدناهم هدى﴾ قَالَ: إخلاصاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وربطنا على قُلُوبهم﴾ قَالَ: بِالْإِيمَان
وَفِي قَوْله: ﴿لقد قُلْنَا إِذا شططا﴾ قَالَ: كذبا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿لقد قُلْنَا إِذا شططا﴾ قَالَ: جوراً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الشطط الْخَطَأ من القَوْل
الْآيَة ١٦
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ وربطنا على قلوبهم ﴾ قال : بالإيمان. وفي قوله :﴿ لقد قلنا إذاً شططا ﴾ قال : كذباً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ لقد قلنا إذا شططا ﴾ قال : جوراً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : الشطط، الخطأ من القول.
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله: ﴿وَإِذ اعتزلتموهم وَمَا يعْبدُونَ إِلَّا الله﴾ قَالَ: كَانَ قوم الْفتية يعْبدُونَ الله ويعبدون مَعَه آلِهَة شَتَّى فاعتزلت الْفتية عبَادَة تِلْكَ الْآلهَة وَلم تَعْتَزِل عبَادَة الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وَإِذ اعتزلتموهم وَمَا يعْبدُونَ إِلَّا الله﴾ قَالَ: هِيَ فِي مصحف ابْن مَسْعُود: وَمَا يعْبدُونَ من دون الله فَهَذَا تَفْسِيرهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿فأووا إِلَى الْكَهْف﴾ قَالَ: كَانَ كهفهم بَين جبلين
371
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿ويهيئ لكم من أَمركُم مرفقاً﴾ يَقُول: عذاء
الْآيَة ١٧ - ٢٠
372
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿تزاور﴾ قَالَ: تميل
وَفِي قَوْله: ﴿تقرضهم﴾ قَالَ: تذرهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿تقرضهم﴾ قَالَ: تتركهم ﴿وهم فِي فجوة مِنْهُ﴾ قَالَ: الْمَكَان الدَّاخِل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿وهم فِي فجوة مِنْهُ﴾ قَالَ: يَعْنِي بالفجوة الْخلْوَة من الأَرْض
وَيَعْنِي بالخلوة النَّاحِيَة من الأَرْض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك فِي قَوْله: ﴿وهم فِي فجوة مِنْهُ﴾ قَالَ: فِي نَاحيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿وتحسبهم﴾ يَا مُحَمَّد ﴿أيقاظاً وهم رقود﴾
372
يَقُول: فِي رقدتهم الأولى ﴿ونقلبهم ذَات الْيَمين وَذَات الشمَال﴾ قَالَ: وَهَذَا التقليب فِي رقدتهم الأولى كَانُوا يقلبون فِي كل عَام مرّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ونقلبهم ذَات الْيَمين وَذَات الشمَال﴾ قَالَ: سِتَّة أشهر على ذِي الْجنب وَسِتَّة أشهر على ذِي الْجنب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عِيَاض فِي قَوْله: ﴿ونقلبهم ذَات الْيَمين وَذَات الشمَال﴾ قَالَ: فِي كل عَام مرَّتَيْنِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿ونقلبهم﴾ قَالَ: فِي التسع سِنِين لَيْسَ فِيمَا سواهُ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿ونقلبهم ذَات الْيَمين وَذَات الشمَال﴾ قَالَ: كي لَا تَأْكُل الأَرْض لحومهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وكلبهم﴾ قَالَ: اسْم كلبهم قطمور
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: اسْم كلب أَصْحَاب الْكَهْف قطمير
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لرجل من أهل الْعلم: زَعَمُوا أَن كلبهم كَانَ أسداً قَالَ: لعمر الله مَا كَانَ أسداً وَلكنه كَانَ كَلْبا أَحْمَر خَرجُوا بِهِ من بُيُوتهم يُقَال لَهُ قطمور
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كثير النواء قَالَ: كَانَ كلب أَصْحَاب الْكَهْف أصفر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سُفْيَان قَالَ: قَالَ رجل بِالْكُوفَةِ يُقَال لَهُ: عبيد وَكَانَ لَا يتهم بكذب قَالَ: رَأَيْت كلب أَصْحَاب الْكَهْف أَحْمَر كَأَنَّهُ كسَاء انبجاني
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق جُوَيْبِر عَن عبيد السواق قَالَ: رَأَيْت كلب أَصْحَاب الْكَهْف صَغِيرا باسطاً ذِرَاعَيْهِ بِفنَاء بَاب الْكَهْف وَهُوَ يَقُول: هَكَذَا يضْرب بأذنيه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن حميد الْمَكِّيّ فِي قَوْله: ﴿وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد﴾ قَالَ: جعل رزقه فِي لحس ذِرَاعَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿بالوصيد﴾ قَالَ: بالفناء
373
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿بالوصيد﴾ قَالَ: بِالْبَابِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي قَوْله: ﴿بالوصيد﴾ قَالَ: بِفنَاء بَاب الْكَهْف
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿بالوصيد﴾ قَالَ: بالصعيد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد﴾ قَالَ: مُمْسك عَلَيْهِم بَاب الْكَهْف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ لي صَاحب شَدِيد النَّفس فَمر بِجَانِب كهفهم فَقَالَ: لَا أَنْتَهِي حَتَّى أنظر إِلَيْهِم فَقيل لَهُ: لَا تفعل
أما تقْرَأ ﴿لَو اطَّلَعت عَلَيْهِم لَوَلَّيْت مِنْهُم فِرَارًا وَلَمُلئت مِنْهُم رعْبًا﴾ فَأبى إِلَّا أَن ينظر فَأَشْرَف عَلَيْهِم فابيضت عَيناهُ وَتغَير شعره وَكَانَ يخبر النَّاس بعد يَقُول: عدتهمْ سَبْعَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أزكى طَعَاما﴾ قَالَ: أحل ذَبِيحَة وَكَانُوا يذبحون للطواغيت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أزكى طَعَاما﴾ يَعْنِي أطهر لأَنهم كَانُوا يذبحون الْخَنَازِير
الْآيَة ٢١
374
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ وتحسبهم ﴾ يا محمد ﴿ أيقاظاً وهم رقود ﴾ يقول : في رقدتهم الأولى ﴿ ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ﴾ قال : وهذا التقليب في رقدتهم الأولى، كانوا يقلبون في كل عام مرة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله :﴿ ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ﴾ قال : ستة أشهر على ذي الجنب، وستة أشهر على ذي الجنب.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عياض في قوله :﴿ ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ﴾ قال : في كل عام مرتين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ ونقلبهم ﴾ قال : في التسع سنين ليس فيما سواه.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ﴾ قال : كي لا تأكل الأرض لحومهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ وكلبهم ﴾ قال : اسم كلبهم قطمور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : اسم كلب أصحاب الكهف، قطمير.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لرجل من أهل العلم : زعموا أن كلبهم كان أسداً، قال : لعمر الله ما كان أسداً، ولكنه كان كلباً أحمر خرجوا به من بيوتهم يقال له، قطمور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير النواء قال : كان كلب أصحاب الكهف أصفر.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان قال : قال رجل بالكوفة يقال له : عبيد وكان لا يتهم بكذب، قال : رأيت كلب أصحاب الكهف أحمر كأنه كساء انبجاني.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر، عن عبيد السواق قال : رأيت كلب أصحاب الكهف صغيراً، باسطاً ذراعيه بفناء باب الكهف، وهو يقول : هكذا يضرب بأذنيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حميد المكي في قوله :﴿ وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ﴾ قال : جعل رزقه في لحس ذراعيه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق، عن ابن عباس في قوله :﴿ بالوصيد ﴾ قال : بالفناء.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله :﴿ بالوصيد ﴾ قال : بالباب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله :﴿ بالوصيد ﴾ قال : بفناء باب الكهف.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ بالوصيد ﴾ قال : بالصعيد.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ﴾ قال : ممسك عليهم باب الكهف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : كان لي صاحب شديد النفس، فمر بجانب كهفهم فقال : لا أنتهي حتى أنظر إليهم، فقيل له : لا تفعل. . . أما تقرأ ﴿ لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً ﴾ فأبى إلا أن ينظر، فأشرف عليهم فابيضت عيناه وتغير شعره، وكان يخبر الناس بعد يقول : عدتهم سبعة.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ أزكى طعاماً ﴾ قال : أحل ذبيحة، وكانوا يذبحون للطواغيت.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله :﴿ أزكى طعاماً ﴾ يعني، أطهر ؛ لأنهم كانوا يذبحون الخنازير.
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَكَذَلِكَ أعثرنا عَلَيْهِم﴾ قَالَ: أطْلعنَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: دَعَا الْملك شُيُوخًا من قومه فَسَأَلَهُمْ عَن أَمرهم فَقَالُوا: كَانَ ملك يدعى دقيوس وَإِن فتية فُقِدُوا فِي زَمَانه وَأَنه كتب أَسْمَاءَهُم فِي
374
الصَّخْرَة الَّتِي كَانَت عِنْد بَاب بِالْمَدِينَةِ
فَدَعَا بالصخرة فقرأها فَإِذا فِيهَا أَسْمَاءَهُم ففرح الْملك فَرحا شَدِيدا وَقَالَ: هَؤُلَاءِ قوم كَانُوا قد مَاتُوا فبعثوا فَفَشَا فيهم أَن الله يبْعَث الْمَوْتَى
فَذَلِك قَوْله: ﴿وَكَذَلِكَ أعثرنا عَلَيْهِم ليعلموا أَن وعد الله حق وَأَن السَّاعَة لَا ريب فِيهَا﴾ فَقَالَ الْملك: لأتخذن عِنْد هَؤُلَاءِ الْقَوْم الصَّالِحين مَسْجِدا فلأعبدن الله فِيهِ حَتَّى أَمُوت
فَذَلِك قَوْله: ﴿قَالَ الَّذين غلبوا على أَمرهم لنتخذن عَلَيْهِم مَسْجِدا﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿قَالَ الَّذين غلبوا على أَمرهم﴾ قَالَ: هم الْأُمَرَاء أَو قَالَ: السلاطين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: بنى عَلَيْهِم الْملك بيعَة فَكتب فِي أَعْلَاهَا أَبنَاء الأراكنة أَبنَاء الدهاقين
الْآيَة ٢٢
375
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿سيقولون ثَلَاثَة﴾ قَالَ: الْيَهُود ﴿وَيَقُولُونَ خَمْسَة﴾ قَالَ: النَّصَارَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَعبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿رجما بِالْغَيْبِ﴾ قَالَ: قذفا بِالظَّنِّ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿مَا يعلمهُمْ إِلَّا قَلِيل﴾ قَالَ: إِنَّا من الْقَلِيل كَانُوا سَبْعَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن سعد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي
375
قَوْله: ﴿مَا يعلمهُمْ إِلَّا قَلِيل﴾ قَالَ: إِنَّا من الْقَلِيل كَانُوا سَبْعَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿مَا يعلمهُمْ إِلَّا قَلِيل﴾ قَالَ: أَنا من الْقَلِيل مكسلمينا وتمليخا وَهُوَ الْمَبْعُوث بالورق إِلَى الْمَدِينَة ومرطوس ونينونس ودردوتس وكفاشطهواس ومنطفواسيسوس وَهُوَ الرَّاعِي
وَالْكَلب اسْمه قطمير دون الْكرْدِي وَفَوق القبطي الألطم فَوق القبطي
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: بَلغنِي أَن من كتب هَذِه الْأَسْمَاء فِي شَيْء وَطَرحه فِي حريق سكن الْحَرِيق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كل شي فِي الْقُرْآن قَلِيل وَإِلَّا قَلِيل فَهُوَ دون الْعشْرَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَلَا تمار فيهم﴾ يَقُول: حَسبك مَا قصصت عَلَيْك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿فَلَا تمار فيهم إِلَّا مراء ظَاهرا﴾ قَالَ: يَقُول: إِلَّا مَا أظهرنَا لَك من أَمرهم ﴿وَلَا تستفت فيهم مِنْهُم أحدا﴾ قَالَ: يَقُول لَا تسْأَل الْيَهُود عَن أَصْحَاب الْكَهْف إِلَّا مَا قد أخبرناك من أَمرهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فَلَا تمار فيهم﴾ الْآيَة
قَالَ: حَسبك مَا قَصَصنَا عَلَيْك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَلَا تستفت فيهم مِنْهُم أحدا﴾ قَالَ: الْيَهُود
وَالله أعلم
الْآيَة ٢٣ - ٢٤
376
أخرج ابْن المنذرعن مُجَاهِد أَن قُريْشًا اجْتمعت فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد قد رغبت عَن ديننَا وَدين آبَائِنَا فَمَا هَذَا الدّين الَّذِي جِئْت بِهِ قَالَ: هَذَا دين جِئْت بِهِ من الرَّحْمَن
فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَعْرِف الرَّحْمَن إِلَّا رَحْمَن الْيَمَامَة - يعنون مُسَيْلمَة الْكذَّاب - ثمَّ كاتبوا الْيَهُود فَقَالُوا: قد نبغ فِينَا رجل يزْعم أَنه نَبِي وَقد رغب عَن ديننَا وَدين آبَائِنَا وَيَزْعُم أَن الَّذِي جَاءَ بِهِ من الرَّحْمَن
قُلْنَا: لَا نَعْرِف الرَّحْمَن إِلَّا رَحْمَن الْيَمَامَة وَهُوَ أَمِين لَا يخون
وفيّ لَا يغدر
صَدُوق لَا يكذب وَهُوَ فِي
376
حسب وثروة من قومه فَاكْتُبُوا إِلَيْنَا بأَشْيَاء نَسْأَلهُ عَنْهَا
فاجتمعت يهود فَقَالُوا: إِن هَذَا لوصفه وزمانه الَّذِي يخرج فِيهِ
فَكَتَبُوا إِلَى قُرَيْش: أَن سلوه عَن أَمر أَصْحَاب الْكَهْف وَعَن ذِي القرنين وَعَن الرّوح فَإِن يكن الَّذِي أَتَاكُم بِهِ من الرَّحْمَن فَإِن الرَّحْمَن هُوَ الله عز وَجل وَإِن يكن من رَحْمَن الْيَمَامَة فَيَنْقَطِع
فَلَمَّا أَتَى ذَلِك قُريْشًا أَتَى الظفر فِي أَنْفسهَا فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد قد رغبت عَن ديننَا وَدين آبَائِنَا
فحدثنا عَن أَمر أَصْحَاب الْكَهْف وَذي القرنين وَالروح
قَالَ: ائْتُونِي غَدا
وَلم يسْتَثْن فَمَكثَ جِبْرِيل عَنهُ مَا شَاءَ الله لَا يَأْتِيهِ ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: سَأَلُونِي عَن أَشْيَاء لم يكن عِنْدِي بهَا علم فَأُجِيب حَتَّى شقّ ذَلِك عليّ
قَالَ: ألم ترنا لَا ندخل بَيْتا فِيهِ كلب وَلَا صُورَة - وَكَانَ فِي الْبَيْت جرو كلب - وَنزلت ﴿وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت وَقل عَسى أَن يهدين رَبِّي لأَقْرَب من هَذَا رشدا﴾ من علم الَّذِي سَأَلْتُمُونِي عَنهُ أَن يَأْتِي قبل غَد وَنزل مَا ذكر من أَصْحَاب الْكَهْف وَنزل (ويسألونك عَن الرّوح
) (الْإِسْرَاء ٨٥) الْآيَة
وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلف على يَمِين فَمضى لَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَة فَأنْزل الله ﴿وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ وَاسْتثنى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَرْبَعِينَ لَيْلَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يرى الِاسْتِثْنَاء وَلَو بعد سنة ثمَّ قَرَأَ ﴿وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت﴾ قَالَ: إِذا ذكرت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: إِذا نسيت أَن تَقول لشَيْء
إِنِّي أَفعلهُ فنسيت أَن تَقول إِن شَاءَ الله فَقل إِذا ذكرت: إِن شَاءَ الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: ﴿وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت﴾ قَالَ: تستثني إِذا ذكرت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي رجل حلف وَنسي أَن يَسْتَثْنِي قَالَ لَهُ: ثنياه إِلَى شهر وَقَرَأَ ﴿وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت﴾
377
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء أَنه قَالَ: من حلف على يَمِين فَلهُ الثنيا حلب نَاقَة
وَكَانَ طَاوس يَقُول: مَا دَامَ فِي مَجْلِسه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: يَسْتَثْنِي مادام فِي كَلَامه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت﴾ قَالَ: إِذا نسيت الِاسْتِثْنَاء فَاسْتَثْنِ إِذا ذكرت
قَالَ: هِيَ خَاصَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ لِأَحَدِنَا أَن يَسْتَثْنِي إِلَّا فِي صلَة يَمِينه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عمر قَالَ: كل اسْتثِْنَاء مَوْصُول فَلَا حنث على صَاحبه وَإِذا كَانَ غير مَوْصُول فَهُوَ حانث
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حلف فَقَالَ: إِن شَاءَ الله
فَإِن شَاءَ مضى وَإِن شَاءَ رَجَعَ غير حانث
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام: لأطوقن اللَّيْلَة على تسعين امْرَأَة تَلد كل امْرَأَة مِنْهُنَّ غُلَاما يُقَاتل فِي سَبِيل الله
فَقَالَ لَهُ الْملك: قل إِن شَاءَ الله فَلم يقل
فَطَافَ فَلم تَلد مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة نصف إنسأن
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قَالَ إِن شَاءَ الله لم يَحْنَث وَكَانَ دركاً لِحَاجَتِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت﴾ قَالَ: إِذا غضِبت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت﴾ قَالَ: إِذا لم تقل إِن شَاءَ الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان قَالَ: سَمِعت أَبَا الْحَارِث عَن رجل من أهل الْكُوفَة كَانَ يقْرَأ الْقُرْآن فِي الْآيَة قَالَ: إِذا نسي الْإِنْسَان أَن يَقُول إِن شَاءَ الله فتوبته من ذَلِك أَن يَقُول: ﴿عَسى أَن يهدين رَبِّي لأَقْرَب من هَذَا رشدا﴾
378
الْآيَة ٢٥ - ٢٦
379
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه، عن ابن عباس أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة، ثم قرأ ﴿ واذكر ربك إذا نسيت ﴾ قال : إذا ذكرت.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، عن ابن عباس في هذه الآية قال : إذا نسيت أن تقول لشيء ؛ إني أفعله، فنسيت أن تقول إن شاء الله، فقل إذا ذكرت : إن شاء الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن أبي العالية في قوله :﴿ واذكر ربك إذا نسيت ﴾ قال : تستثني إذا ذكرت.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في رجل حلف ونسي أن يستثني، قال له : ثنياه إلى شهر، وقرأ ﴿ واذكر ربك إذا نسيت ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء أنه قال : من حلف على يمين فله الثنيا حلب ناقة. وكان طاوس يقول : ما دام في مجلسه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : يستثني «ما دام » في كلامه.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله :﴿ واذكر ربك إذا نسيت ﴾ قال : إذا نسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت. قال : هي خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لأحدنا أن يستثني إلا في صلة يمينه.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر قال : كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه، وإذا كان غير موصول فهو حانث.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من حلف فقال : إن شاء الله. فإن شاء مضى، وإن شاء رجع غير حانث ».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«قال سليمان بن داود عليهما السلام : لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله. فقال له الملك : قل إن شاء الله، فلم يقل. فطاف فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان ».
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«والذي نفسي بيده، لو قال إن شاء الله، لم يحنث وكان دركاً لحاجته ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان، عن عكرمة في قوله :﴿ واذكر ربك إذا نسيت ﴾ قال : إذا غضبت.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات، عن الحسن في قوله :﴿ واذكر ربك إذا نسيت ﴾ قال : إذا لم تقل إن شاء الله.
وأخرج البيهقي من طريق المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبا الحارث، عن رجل من أهل الكوفة كان يقرأ القرآن في الآية قال : إذا نسي الإنسان أن يقول إن شاء الله، فتوبته من ذلك أن يقول :﴿ عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشداً ﴾.
أخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن حَكِيم بن عقال قَالَ: سَمِعت عُثْمَان بن عَفَّان يقْرَأ: ﴿وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاث مائَة سِنِين﴾ منوّنة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الرجل ليفسر الْآيَة يرى أَنَّهَا كَذَلِك فَيهْوِي أبعد مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ تَلا ﴿وَلَبِثُوا فِي كهفهم﴾ الْآيَة
ثمَّ قَالَ: كم لبث الْقَوْم قَالُوا: ثَلَاثمِائَة وتسع سِنِين
قَالَ: لَو كَانُوا لَبِثُوا كَذَلِك لم يقل الله: ﴿قل الله أعلم بِمَا لَبِثُوا﴾ وَلكنه حكى مقَالَة الْقَوْم فَقَالَ: ﴿سيقولون ثَلاَثَة﴾ إِلَى قَوْله: ﴿رجماً بِالْغَيْبِ﴾ وَأخْبر أَنهم لَا يعلمُونَ قَالَ: سيقولون ﴿وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاث مائَة سِنِين وازدادوا تسعا﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي حرف ابْن مَسْعُود وَقَالُوا لَبِثُوا فِي كهفهم الْآيَة
يَعْنِي إِنَّمَا قَالَه النَّاس
أَلا ترى أَنه قَالَ: ﴿قل الله أعلم بِمَا لَبِثُوا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاث مائَة سِنِين وازدادوا تسعا﴾ قَالَ: هَذَا قَول أهل الْكتاب فَرد الله عَلَيْهِم ﴿قل الله أعلم بِمَا لَبِثُوا﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿فِي كهفهم ثَلَاث مائَة﴾ قيل: يَا رَسُول الله أَيَّامًا أم شهوراً أم سِنِين فَأنْزل الله ﴿سِنِين وازدادوا تسعا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس مَوْصُولا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿ثَلَاث مائَة سِنِين وازدادوا تسعا﴾ يَقُول: عدد مَا لَبِثُوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أبْصر بِهِ وأسمع﴾ قَالَ: الله يَقُوله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿أبْصر بِهِ وأسمع﴾ قَالَ: لَا أحد أبْصر من الله وَلَا أسمع تبَارك وَتَعَالَى
وَالله أعلم بِالصَّوَابِ وَالْحَمْد لله وَحده
379
الْآيَة ٢٧ - ٢٩
380
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في حرف ابن مسعود «وقالوا لبثوا في كهفهم » الآية. يعني، إنما قاله الناس. ألا ترى أنه قال :﴿ قل الله أعلم بما لبثوا ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ﴾ قال : هذا قول أهل الكتاب، فرد الله عليهم ﴿ قل الله أعلم بما لبثوا ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ في كهفهم ثَلاَثمائَة ﴾ قيل : يا رسول الله، أياماً، أم شهوراً، أم سنين ؟ فأنزل الله ﴿ سنين وازدادوا تسعاً ﴾.
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر، عن الضحاك عن ابن عباس موصولاً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ﴾ يقول : عدد ما لبثوا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ أبصر به وأسمع ﴾ قال : الله يقوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ أبصر به وأسمع ﴾ قال : لا أحد أبصر من الله ولا أسمع تبارك وتعالى. والله أعلم بالصواب والحمد لله وحده.
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿ملتحداً﴾ قَالَ: ملْجأ
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿وَلنْ تَجِد من دونه ملتحداً﴾ مَا الملتحد قَالَ: الْمدْخل فِي الأَرْض قَالَ فِيهِ خصيب الضمرِي: يَا لهف نَفسِي ولهف غير محدثه عليّ وَمَا عَن قَضَاء الله ملتحد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن سلمَان قَالَ: جَاءَت الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عُيَيْنَة بن بدر والأقرع بن حَابِس فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَو جَلَست فِي صدر الْمجْلس وتغيبت عَن هَؤُلَاءِ وأرواح جِبَابهمْ - يعنون سلمَان وَأَبا ذَر وفقراء الْمُسلمين وَكَانَت عَلَيْهِم جباب الصُّفُوف - جالسناك أَو حادثناك وأخذنا عَنْك فَأنْزل الله ﴿واتل مَا أُوحِي إِلَيْك من كتاب رَبك﴾ إِلَى قَوْله: ﴿أَعْتَدْنَا للظالمين نَارا﴾ يهددهم بالنَّار
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سلمَان قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلتمسهم حَتَّى أَصَابَهُم فِي مُؤخر الْمَسْجِد يذكرُونَ الله فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي لم يُمِتْنِي حَتَّى أَمرنِي أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَ رجال من أمتِي مَعكُمْ الْمحيا وَالْمَمَات
وَأخرج عبد بن حميد عَن سلمَان قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي وَفِي رجل دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَمَعِي شن خوص - فَوضع مرفقه فِي صَدْرِي فَقَالَ: تَنَحَّ
حَتَّى ألقاني على الْبسَاط ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد إِنَّا ليمنعنا كثيرا من أَمرك هَذَا وضرباؤه أَن ترى
380
لي قدماً وسواداً فَلَو نَحّيْتَهُمْ إِذا دَخَلنَا عَلَيْك فَإِذا خرجنَا أَذِنت لَهُم إِذا شِئْت
فَلَمَّا خرج أنزل الله ﴿واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وَكَانَ أمره فرطا﴾
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن سهل بن حنيف قَالَ: نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي بعض أبياته ﴿واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي﴾ فَخرج يلتمسهم فَوجدَ قوما يذكرُونَ الله فيهم ثَائِر الرَّأْس وجاف الْجلد وَذُو الثَّوْب الْوَاحِد فَلَمَّا رَآهُمْ جلس مَعَهم وَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي أمتِي من أَمْرِي أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم
وَأخرج الْبَزَّار عَن بِي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَا: جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل يقْرَأ سُورَة الْحجر وَسورَة الْكَهْف فَسكت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا الْمجْلس الَّذِي أمرت أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عمر بن ذَر عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى إِلَى نفر من أَصْحَابه - مِنْهُم عبد الله بن رَوَاحَة - يذكرهم بِاللَّه فَلَمَّا رَآهُ عبد الله سكت فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذكّر أَصْحَابك
فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَنْت أَحَق
فَقَالَ: أما إِنَّكُم الْمَلأ الَّذين أَمرنِي أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم ثمَّ تَلا ﴿واصبر نَفسك﴾ الْآيَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عمر بن ذَر: حَدثنِي مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَبْد الله بن رَوَاحَة وَهُوَ يذكر أَصْحَابه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما إِنَّكُم للملأ الَّذين أَمرنِي الله أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم
ثمَّ تَلا ﴿واصبر نَفسك﴾ الْآيَة
قَالَ: إِنَّه مَا جلس عدتكم إِلَّا جلس مَعَه عدتهمْ جليسهم من الْمَلَائِكَة إِن سبّحوا الله سبحوه وَإِن حَمَدوا الله حمدوه وَإِن كبّروا الله كبروه
يصعدون إِلَى الرب وَهُوَ أعلم فَيَقُولُونَ: رَبنَا إِن عِبَادك سبحوك فسبحنا وكبروك فكبرنا وحمدوك فحمدنا
فَيَقُول رَبنَا: يَا ملائكتي أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم
فَيَقُولُونَ: فيهم فلَان الخطاء
فَيَقُول: هم الْقَوْم لَا يشقى بهم جليسهم
وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قاصّ يقص
381
فَأمْسك
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قصّ فَلِأَن أقعد غدْوَة إِلَى أَن تشرق الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق أَربع رِقَاب
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن أبي سعيد قَالَ: أَتَى علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نَاس من ضعفة الْمُسلمين وَرجل يقْرَأ علينا الْقُرْآن وَيَدْعُو لنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي أمتِي من أمرت أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم ثمَّ قَالَ: بشر فُقَرَاء الْمُسلمين بِالنورِ التَّام يَوْم الْقِيَامَة يدْخلُونَ الْجنَّة قبل الْأَغْنِيَاء بِنصْف يَوْم مِقْدَار خَمْسمِائَة عَام
هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة ينتعمون وَهَؤُلَاء يحاسبون
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ثَابت قَالَ: كَانَ سلمَان فِي عِصَابَة يذكرُونَ الله فَمر النَّبِي فكفوا فَقَالَ: مَا كُنْتُم تَقولُونَ قُلْنَا: نذْكر الله
قَالَ: فَإِنِّي رَأَيْت الرَّحْمَة تنزل عَلَيْكُم فَأَحْبَبْت أَن أشارككم فِيهَا
ثمَّ قَالَ الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي أمتِي من أمرت أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم
وَأخرج أَحْمد عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من قوم اجْتَمعُوا يذكرُونَ الله لَا يُرِيدُونَ بذلك إِلَّا وَجهه إِلَّا ناداهم منادٍ من السَّمَاء أَن: قومُوا مغفوراً لكم قد بدلت سَيِّئَاتكُمْ حَسَنَات
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن نَافِع قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن عمر فِي هَذِه الْآيَة ﴿واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم﴾ أَنهم الَّذين يشْهدُونَ الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده فِي قَوْله: ﴿واصبر نفسَكَ﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي صَلَاة الصُّبْح وَصَلَاة الْعَصْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هم الَّذين يقرأون الْقُرْآن
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا﴾ قَالَ: نزلت فِي أُميَّة بن خلف وَذَلِكَ أَنه دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَمر كرهه الله من طرد الْفُقَرَاء عَنهُ وتقريب صَنَادِيد أهل مَكَّة
382
فَأنْزل الله ﴿وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا﴾ يَعْنِي من ختمنا على قلبه يَعْنِي التَّوْحِيد ﴿وَاتبع هَوَاهُ﴾ يَعْنِي الشّرك ﴿وَكَانَ أمره فرطا﴾ يَعْنِي فرطا فِي أَمر الله وجهالة بِاللَّه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن بُرَيْدَة قَالَ: دخل عُيَيْنَة بن حصن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم حَار وَعِنْده سلمَان عَلَيْهِ جُبَّة من صوف فثار مِنْهُ ريح الْعرق فِي الصُّوف فَقَالَ عُيَيْنَة: يَا مُحَمَّد إِذا نَحن أَتَيْنَاك فَأخْرج هَذَا وضرباءه من عنْدك لَا يؤذونا فَإِذا خرجنَا فَأَنت وهم أعلم
فَأنْزل الله ﴿وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع قَالَ: حَدثنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدى لأمية بن خلف وَهُوَ ساه غافل عَمَّا يُقَال لَهُ فَأنْزل الله ﴿وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قَلبَه﴾ الْآيَة
فَرجع إِلَى أَصْحَابه وخلى عَن أُميَّة فَوجدَ سلمَان يذكرهم فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي لم أُفَارِق الدُّنْيَا حَتَّى أَرَانِي أَقْوَامًا من أمتِي أَمرنِي أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: ﴿واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي﴾ قَالَ: هم أهل الذّكر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: ﴿واصبر نفسَكَ﴾ الْآيَة
قَالَ: لَا تطردهم عَن الذّكر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر فِي الْآيَة قَالَ: أَمر أَن يصبر نَفسه مَعَ أَصْحَابه يعلمهُمْ الْقُرْآن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم﴾ قَالَ: يعْبدُونَ رَبهم
قَوْله: ﴿وَلَا تعد عَيْنَاك عَنْهُم﴾ يَقُول: لَا تتعداهم إِلَى غَيرهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هَاشم فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا يتفاضلون فِي الْحَلَال وَالْحرَام
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي﴾ قَالَ: المفاضلة فِي الْحَلَال وَالْحرَام
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن إِبْرَاهِيم وَمُجاهد ﴿واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي﴾ قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس
383
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: نزلت ﴿وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا﴾ فِي عُيَيْنَة بن حصن
قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد آذَانِي ريح سلمَان الْفَارِسِي فَاجْعَلْ لنا مَجْلِسا مَعَك لَا يجامعنا فِيهِ وَاجعَل لَهُم مَجْلِسا مِنْك لَا نجامعهم فِيهِ
فَنزلت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَكَانَ أمره فرطا﴾ قَالَ: ضيَاعًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَقل الْحق من ربكُم﴾ قَالَ: الْحق هُوَ الْقُرْآن
وَأخرج حنيش فِي الاسْتقَامَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر﴾ يَقُول: من شَاءَ الله لَهُ الْإِيمَان آمن وَمن شَاءَ الله لَهُ الْكفْر كفر وَهُوَ قَوْله: ﴿وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين﴾ التكوير آيَة ٢٩
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر﴾ قَالَ: هَذَا تهديد ووعيد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن رَبَاح بن زِيَاد قَالَ: سَأَلت عمر بن حبيب عَن قَوْله: ﴿فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر﴾ قَالَ: حَدثنِي دَاوُد بن نَافِع أَن مُجَاهدًا كَانَ يَقُول: فَلَيْسَ بمعجزي وَعِيد من الله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أحَاط بهم سرادقها﴾ قَالَ: حَائِط من نَار
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَابْن جرير وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: السرادق النَّار أَرْبَعَة جدر كَافَّة كل جِدَار مِنْهَا أَرْبَعُونَ سنة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم
384
وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الْبَحْر من جَهَنَّم ثمَّ تَلا ﴿نَارا أحَاط بهم سرادقها﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن قَتَادَة أَن الْأَحْنَف بن قيس كَانَ لَا ينَام فِي السرادق وَيَقُول: لم يذكر السرادق إِلَّا لأهل النَّار
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿بِمَاء كَالْمهْلِ﴾ قَالَ: كَعَكرِ الزَّيْت فَإِذا أقرب إِلَيْهِ سَقَطت فَرْوَة وَجهه فِيهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿كَالْمهْلِ﴾ يَقُول: أسود كَعَكرِ الزَّيْت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الْمهل قَالَ: مَاء غليظ كدردي الزَّيْت
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿كَالْمهْلِ﴾ قَالَ: كدردي الزَّيْت
وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمهل دردي الزَّيْت
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك فِي قَوْله: ﴿كَالْمهْلِ﴾ قَالَ: الْمهل دردي الزَّيْت
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْمهل فَدَعَا بهذب وَفِضة فَإِذا بِهِ قَلما ذاب
قَالَ: هَذَا أشبه شَيْء بالمهل الَّذِي هُوَ شراب أهل النَّار ولونه لون السَّمَاء غير أَن شراب أهل النَّار أشدا حرا من هَذَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿كَالْمهْلِ﴾ قَالَ: الْقَيْح وَالدَّم أسود كَعَكرِ الزَّيْت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿كَالْمهْلِ﴾ قَالَ: أسود وَهِي سَوْدَاء وَأَهْلهَا سود
385
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن خصيف قَالَ: الْمهل النّحاس إِذا أذيب فَهُوَ أَشد حرا من النَّار
وَأخرج عبد بن حميد عَن الحكم فِي قَوْله: ﴿كَالْمهْلِ﴾ قَالَ: مثل الْفضة إِذا أذيبت
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿كَالْمهْلِ﴾ قَالَ: أَشد مَا يكون حرا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا الْمهل مهل الزَّيْت: يَعْنِي آخِره
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَسَاءَتْ مرتفقاً﴾ قَالَ: مجتمعاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَسَاءَتْ مرتفقاً﴾ قَالَ: منزلا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿وَسَاءَتْ مرتفقاً﴾ قَالَ: عَلَيْهَا مرتفقون على الْحَمِيم حِين يشربون والإرتفاق هُوَ المتكأ
الْآيَة ٣١
386
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه، عن عبد الرحمن بن سهل بن حنيف قال : نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بعض أبياته ﴿ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ﴾ فخرج يلتمسهم فوجد قوماً يذكرون الله، فيهم ثائر الرأس وجاف الجلد وذو الثوب الواحد، فلما رآهم جلس معهم وقال :«الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أصبر نفسي معهم ».
وأخرج البزار عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا :«جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقرأ سورة الحجر وسورة الكهف، فسكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«هذا المجلس الذي أمرت أن أصبر نفسي معهم ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عمر بن ذر، عن أبيه :«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى نفر من أصحابه - منهم عبد الله بن رواحة - يذكرهم بالله، فلما رآه عبد الله سكت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذكّر أصحابك. فقال : يا رسول الله، أنت أحق. فقال : أما إنكم الملأ الذين أمرني أن أصبر نفسي معهم، ثم تلا ﴿ واصبر نفسك ﴾ الآية ».
وأخرج الطبراني في الصغير وابن مردويه من طريق عمر بن ذر : حدثني مجاهد عن ابن عباس قال :«مر النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن رواحة وهو يذكر أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أما إنكم للملأ الذين أمرني الله أن أصبر نفسي معهم. ثم تلا ﴿ واصبر نفسك ﴾ الآية. قال : إنه ما جلس عدتكم إلا جلس معه عدتهم جليسهم من الملائكة، إن سبّحوا الله سبحوه، وإن حَمَدوا الله حمدوه، وإن كبّروا الله كبروه. . . يصعدون إلى الرب وهو أعلم فيقولون : ربنا، إن عبادك سبحوك فسبحنا، وكبروك فكبرنا، وحمدوك فحمدنا. فيقول ربنا : يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لهم. فيقولون : فيهم فلان الخطاء. فيقول : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ».
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال :«خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قاصّ يقص، فأمسك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قصّ، فلأن أقعد غدوة إلى أن تشرق الشمس، أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب ».
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وأبو نصر السجزي في الإبانة، عن أبي سعيد قال : أتى علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ناس من ضعفة المسلمين، ورجل يقرأ علينا القرآن ويدعو لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم، ثم قال : بشر فقراء المسلمين بالنور التام يوم القيامة، يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، مقدار خمسمائة عام. هؤلاء في الجنة يتنعمون وهؤلاء يحاسبون ».
وأخرج أحمد في الزهد، عن ثابت قال :«كان سلمان في عصابة يذكرون الله، فمر النبي فكفوا فقال : ما كنتم تقولون ؟ قلنا : نذكر الله. قال : فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها. ثم قال : الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم ».
وأخرج أحمد عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه، إلا ناداهم منادٍ من السماء أن : قوموا مغفوراً لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن نافع قال : أخبرني عبد الله بن عمر في هذه الآية ﴿ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ﴾ أنهم الذين يشهدون الصلوات المكتوبة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده في قوله :﴿ واصبر نفسَكَ ﴾ الآية. قال : نزلت في صلاة الصبح وصلاة العصر.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عدي بن الخيار في هذه الآية قال : هم الذين يقرأون القرآن.
وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله :﴿ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ﴾ قال : نزلت في أمية بن خلف، وذلك أنه دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمر كرهه الله من طرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة، فأنزل الله ﴿ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ﴾ يعني، من ختمنا على قلبه، يعني التوحيد ﴿ واتبع هواه ﴾ يعني الشرك ﴿ وكان أمره فرطاً ﴾ يعني فرطا في أمر الله وجهالة بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن بريدة قال : دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم حار وعنده سلمان عليه جبة من صوف، فثار منه ريح العرق في الصوف، فقال عيينة : يا محمد، إذا نحن أتيناك فأخرج هذا وضرباءه من عندك ؛ لا يؤذونا ؛ فإذا خرجنا فأنت وهم أعلم. فأنزل الله ﴿ ولا تطع من أغفلنا قلبه ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال :«حدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تصدى لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال له، فأنزل الله ﴿ ولا تطع من أغفلنا قَلبَه ﴾ الآية. فرجع إلى أصحابه وخلى عن أمية، فوجد سلمان يذكرهم فقال :«الحمد لله الذي لم أفارق الدنيا حتى أراني أقواماً من أمتي أمرني أن أصبر نفسي معهم ».
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مغيرة، عن إبراهيم في قوله :﴿ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ﴾ قال : هم أهل الذكر.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر من طريق منصور، عن إبراهيم في قوله :﴿ واصبر نفسَكَ ﴾ الآية. قال : لا تطردهم عن الذكر.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن أبي جعفر في الآية قال : أمر أن يصبر نفسه مع أصحابه يعلمهم القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ مع الذين يدعون ربهم ﴾ قال : يعبدون ربهم. وقوله :﴿ ولا تعد عيناك عنهم ﴾ يقول : لا تتعداهم إلى غيرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هاشم في الآية قال : كانوا يتفاضلون في الحلال والحرام.
وأخرج الحكيم الترمذي، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ﴾ قال : المفاضلة في الحلال والحرام.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن إبراهيم ومجاهد ﴿ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ﴾ قال : الصلوات الخمس.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : نزلت ﴿ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ﴾ في عيينة بن حصن ؛ قال للنبي صلى الله عليه وسلم : لقد آذاني ريح سلمان الفارسي، فاجعل لنا مجلساً معك لا يجامعنا فيه، واجعل لهم مجلساً منك لا نجامعهم فيه. فنزلت.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ وكان أمره فرطاً ﴾ قال : ضياعاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ وقل الحق من ربكم ﴾ قال : الحق هو القرآن.
وأخرج حنيش في الاستقامة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس في قوله :﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾ يقول : من شاء الله له الإيمان آمن، ومن شاء الله له الكفر كفر، وهو قوله :﴿ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ﴾ [ التكوير : ٢٩ ].
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾ قال : هذا تهديد ووعيد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن رباح بن زيد قال : سألت عمر بن حبيب عن قوله :﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾ قال : حدثني داود بن رافع أن مجاهداً كان يقول : فليس بمعجزي وعيد من الله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ أحاط بهم سرادقها ﴾ قال : حائط من نار.
وأخرج أحمد والترمذي وابن أبي الدنيا في صفة النار، وابن جرير وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«السرادق النار أربعة جدر كافة، كل جدار منها أربعون سنة ».
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه، وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن يعلى بن أمية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن البحر من جهنم » ثم تلا ﴿ ناراً أحاط بهم سرادقها ﴾ ».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف، عن قتادة أن الأحنف بن قيس كان لا ينام في السرادق ويقول : لم يذكر السرادق إلا لأهل النار.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ بماء كالمهل ﴾، قال : كعكر الزيت، فإذا أقرب إليه سقطت فروة وجهه فيه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ كالمهل ﴾ يقول : أسود كعكر الزيت.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عطية قال : سئل ابن عباس عن المهل قال : ماء غليظ كدردي الزيت.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ كالمهل ﴾ قال : كدردي الزيت.
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : المهل، دردي الزيت.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك في قوله :﴿ كالمهل ﴾ قال : المهل، دردي الزيت.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني، عن ابن مسعود أنه سئل عن المهل فدعا بذهب وفضة، فإذا به قلما ذاب. قال : هذا أشبه شيء بالمهل الذي هو شراب أهل النار، ولونه لون السماء، غير أن شراب أهل النار أشد حراً من هذا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ كالمهل ﴾ قال : القيح والدم أسود كعكر الزيت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله :﴿ كالمهل ﴾ قال : أسود، وهي سوداء وأهلها سود.
وأخرج ابن المنذر عن خصيف قال : المهل، النحاس إذا أذيب فهو أشد حراً من النار.
وأخرج عبد بن حميد عن الحكم في قوله :﴿ كالمهل ﴾ قال : مثل الفضة إذا أذيبت.
وأخرج عبد بن حميد، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ كالمهل ﴾ قال : أشد ما يكون حراً.
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : هل تدرون ما المهل ؟ مهل الزيت : يعني آخره.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ وساءت مرتفقاً ﴾ قال : مجتمعاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ وساءت مرتفقاً ﴾ قال : منزلاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ وساءت مرتفقاً ﴾ قال : عليها مرتفقون على الحميم حين يشربون، والارتفاق هو المتكأ.
أخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي حَاتِم عَن المَقْبُري قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى ابْن مَرْيَم كَانَ يَقُول: يَا ابْن آدم إِذا عملت الْحَسَنَة فاله عَنْهَا فَإِنَّهَا عِنْد من لَا يضيعها
ثمَّ تل ا ﴿إِنَّا لَا نضيع أجر من أحسن عملا﴾ وَإِذا عملت سَيِّئَة فاجعلها نصب عَيْنَيْك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن رجلا من أهل الْجنَّة اطلع فبدت أساوره لطمس ضوءه ضوء الشَّمْس كَمَا يطمس ضوء النُّجُوم
386
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن أدنى أهل الْجنَّة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدُّنْيَا جَمِيعًا لَكَانَ مَا يحليه الله بِهِ فِي الْآخِرَة أفضل من حلية أهل الدُّنْيَا جَمِيعًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِن لله ملكا - وَفِي لفظ -: فِي الْجنَّة ملك لَو شِئْت أَن أُسَمِّيهِ لَسَمَّيْته يصوغ حلى أهل الْجنَّة من يَوْم خلق إِلَى أَن تقوم السَّاعَة وَلَو أَن حليا مِنْهَا أخرج لرد شُعَاع الشَّمْس
وَإِن لأهل الْجنَّة أكاليل من در لَو أَن إكليلاً مِنْهَا دُلي من السَّمَاء الدُّنْيَا لذهب بضوء الشَّمْس كَمَا تذْهب الشَّمْس بضوء الْقَمَر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن أهل الْجنَّة يحلونَ أسورة من ذهب ولؤلؤ وَفِضة هِيَ أخف عَلَيْهِم من كل شَيْء إِنَّمَا هِيَ نور
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أساور من ذهب﴾ قَالَ: الأساور الْمسك
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تبلغ الْحِلْية من الْمُؤمن حَيْثُ يبلغ الْوضُوء
وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمْنَع أَهله الْحِلْية وَالْحَرِير وَيَقُول: إِن كُنْتُم تحبون حلية الْجنَّة وحريرها فَلَا تلبسوهما فِي الدُّنْيَا
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أخبرنَا عَن ثِيَاب أهل الْجنَّة
أخلقاً تخلق أم نسجاً تنسج قَالَ: بل يشقق عَنْهَا ثَمَر الْجنَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث جَابر نَحوه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْخَيْر مرْثَد بن عبد الله قَالَ: فِي الْجنَّة شَجَرَة تنْبت السندس مِنْهُ يكون ثِيَاب أهل الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: الاستبرق الديباج الغليظ وَهُوَ بلغَة الْعَجم استبره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: الاستبرق الديباج الغليظ
387
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: الاستبرق الغليظ من الديباج
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ: يبْعَث الله إِلَى العَبْد من أهل الْجنَّة بالكسوة فتعجبه فَيَقُول: لقد رَأَيْت الْجنان فَمَا رَأَيْت مثل هَذِه الْكسْوَة قطّ فَيَقُول الرَّسُول الَّذِي جَاءَ بالكسوة: إِن رَبك يَأْمر أَن تهيئ لهَذَا العَبْد مثل هَذِه الْكسْوَة مَا شَاءَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: لَو أَن ثوبا من ثِيَاب أهل الْجنَّة نشر الْيَوْم فِي الدُّنْيَا لصعق من ينظر إِلَيْهِ وَمَا حَملته أَبْصَارهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سليم بن عَامر قَالَ: إِن الرجل من أهل الْجنَّة يلبس الْحلَّة من حلل أهل الْجنَّة فَيَضَعهَا بَين أصبعيه فَمَا يرى مِنْهَا شَيْء وَإنَّهُ يلبسهَا فيتعفر حَتَّى تغطي قَدَمَيْهِ يكسى فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة سبعين ثوبا
إِن أدناها مثل شَقِيق النُّعْمَان وَإنَّهُ يلبس سبعين ثوبا يكَاد أَن يتَوَارَى وَمَا يَسْتَطِيع أحد فِي الدُّنْيَا أَن يلبس سَبْعَة أَثوَاب مَا يَسعهُ عُنُقه
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي رَافع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كفن مَيتا كَسَاه الله من سندس واستبرق الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْهَيْثَم بن مَالك الطَّائِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الرجل ليتكئ المتكأ مِقْدَار أَرْبَعِينَ سنة مَا يتحوّل عَنهُ وَلَا يمله يَأْتِيهِ مَا اشتهت نَفسه ولذت عينه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ثَابت قَالَ: بلغنَا أَن الرجل يتكئ فِي الْجنَّة سبعين سنة عِنْده من أَزوَاجه وخدمه وَمَا أعطَاهُ الله من الْكَرَامَة وَالنَّعِيم فَإِذا حانت مِنْهُ نظرة فَإِذا أَزوَاج لَهُ لم يكن يراهن من قبل ذَلِك فيقلن: قد آن لَك أَن تجْعَل لنا مِنْك نَصِيبا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الأرائك السرر فِي جَوف الحجال
عَلَيْهَا الْفرش منضود فِي السَّمَاء فَرسَخ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا تكون أريكة
388
حَتَّى يكون السرير فِي الحجلة فَإِن كَانَ بِغَيْر حجلة لم يكن أريكة وَإِن كَانَت حجلة بِغَيْر سَرِير لم تكن أريكة فَإِذا اجتمعتا كَانَت أريكة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿على الأرائك﴾ قَالَ: السرر عَلَيْهَا الحجال
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأرائك من لُؤْلُؤ وَيَاقُوت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم نَكُنْ نَدْرِي مَا الأرائك حَتَّى لَقينَا رجلا من أهل الْيمن فَأخْبرنَا أَن الأريكة عِنْدهم الحجلة إِذا كَانَ فِيهَا سَرِير
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي رَجَاء قَالَ: سُئِلَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ عَن الأرائك فَقَالَ: هِيَ الحجال أهل الْيمن يَقُولُونَ أريكة فلَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن سُئِلَ عَن الأرائك فَقَالَ: هِيَ الحجال على السرر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأرائك الحجال فِيهَا السرر
الْآيَة ٣٢ - ٣٧
389
وأخرج ابن مردويه عن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«لو أن رجلاً من أهل الجنة اطلع فبدت أساوره، لطمس ضوءه ضوء الشمس كما يطمس ضوء النجوم ».
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في البعث، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«لو أن أدنى أهل الجنة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدنيا جميعاً، لكان ما يحليه الله به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعاً ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن كعب الأحبار قال :«إن لله ملكاً - وفي لفظ - : في الجنة ملك، لو شئت أن أسميه لسميته، يصوغ حلى أهل الجنة من يوم خلق إلى أن تقوم الساعة، ولو أن حلياً منها أخرج لرد شعاع الشمس. وإن لأهل الجنة أكاليل من در، لو أن إكليلاً منها دلي من السماء الدنيا لذهب بضوء الشمس كما تذهب الشمس بضوء القمر ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن عكرمة قال : إن أهل الجنة يحلون أسورة من ذهب ولؤلؤ وفضة، هي أخف عليهم من كل شيء إنما هي نور.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله :﴿ أساور من ذهب ﴾ قال : الأساور، المسك.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء ».
وأخرج النسائي والحاكم عن عقبة بن عامر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنع أهله الحلية والحرير، ويقول :«إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا ».
وأخرج الطيالسي والبخاري في تاريخه والنسائي والبزار وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن ابن عمرو قال : قال رجل :«يا رسول الله، أخبرنا عن ثياب أهل الجنة. . أخلقاً تخلق أم نسجاً تنسج ؟ قال : بل يشقق عنها ثمر الجنة ».
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر نحوه.
وأخرج البيهقي عن أبي الخير مرثد بن عبد الله قال : في الجنة شجرة تنبت السندس، منه يكون ثياب أهل الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم، عن الضحاك قال : الاستبرق، الديباج الغليظ، وهو بلغة العجم استبره.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة قال : الاستبرق، الديباج الغليظ.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة قال : الاستبرق الغليظ من الديباج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن سابط قال : يبعث الله إلى العبد من أهل الجنة بالكسوة فتعجبه، فيقول : لقد رأيت الجنان فما رأيت مثل هذه الكسوة قط ! فيقول الرسول الذي جاء بالكسوة : إن ربك يأمر أن تهيئ لهذا العبد مثل هذه الكسوة ما شاء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : لو أن ثوباً من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا، لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سليم بن عامر قال : إن الرجل من أهل الجنة يلبس الحلة من حلل أهل الجنة فيضعها بين أصبعيه، فما يرى منها شيء، وإنه يلبسها فيتعفر حتى تغطي قدميه، يكسى في الساعة الواحدة سبعين ثوباً. . . إن أدناها مثل شقيق النعمان، وإنه يلبس سبعين ثوباً يكاد أن يتوارى، وما يستطيع أحد في الدنيا أن يلبس سبعة أثواب ما يسعه عنقه.
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي رافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من كفن ميتاً، كساه الله من سندس واستبرق الجنة ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الهيثم بن مالك الطائي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحوّل عنه ولا يمله، يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت قال : بلغنا أن الرجل يتكئ في الجنة سبعين سنة، عنده من أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم، فإذا حانت منه نظرة، فإذا أزواج له لم يكن يراهن من قبل ذلك فيقلن : قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيباً.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأرائك، السرر في جوف الحجال. . . عليها الفرش منضود في السماء فرسخ.
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تكون أريكة حتى يكون السرير في الحجلة، فإن كان سرير بغير حجلة لم يكن أريكة ؛ وإن كانت حجلة بغير سرير لم تكن أريكة، فإذا اجتمعا كانت أريكة.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ على الأرائك ﴾ قال : السرر عليها الحجال.
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأرائك من لؤلؤ وياقوت.
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في الوقف والابتداء، عن الحسن رضي الله عنه قال : لم نكن ندري ما الأرائك حتى لقينا رجلاً من أهل اليمن، فأخبرنا أن الأريكة عندهم الحجلة إذا كان فيها سرير.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي رجاء قال : سئل الحسن رضي الله عنه عن الأرائك فقال : هي الحجال، أهل اليمن يقولون أريكة فلان.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه، أنه سئل عن الأرائك فقال : هي الحجال على السرر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : الأرائك، الحجال فيها السرر.
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿جعلنَا لأَحَدهمَا جنتين من أعناب﴾ قَالَ: إِن الْجنَّة هِيَ الْبُسْتَان فَكَانَ لَهُ بُسْتَان وَاحِد وجدار وَاحِد وَكَانَ بَينهمَا نهر وَذَلِكَ كَانَ جنتين فَلذَلِك سَمَّاهُ جنَّة من قبل الْجِدَار الَّذِي يَليهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ قَالَ: نهر أبي فرطس نهر الجنتين
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: وَهُوَ نهر مَشْهُور بالرملة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿آتت أكلهَا وَلم تظلم مِنْهُ شَيْئا﴾ قَالَ: لم تنقص كل شجر الْجنَّة أطْعم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وفجرنا خلالهما نَهرا﴾ يَقُول: وسطهما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَر﴾ يَقُول: مَال
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَر﴾ بِالضَّمِّ يَعْنِي أَنْوَاع المَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَر﴾ قَالَ: ذهب وَفِضة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بشير بن عبيد أَنه كَانَ قَرَأَ ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَر﴾ بِرَفْع الثَّاء وَقَالَ: الثَّمر المَال والولدان وَالرَّقِيق
وَالثَّمَر: الْفَاكِهَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي يزِيد الْمدنِي أَنه كَانَ يقْرؤهَا ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَر﴾ قَالَ: الأَصْل وَالثَّمَر الثَّمَرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَدخل جنته وَهُوَ ظَالِم لنَفسِهِ﴾ يَقُول كفور لنعمة ربه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿قَالَ مَا أَظن أَن تبيد هَذِه أبدا﴾ يَقُول: تهْلك ﴿وَمَا أَظن السَّاعَة قَائِمَة وَلَئِن﴾ كَانَت قَائِمَة ثمَّ ﴿رددت إِلَى رَبِّي لأجدن خيرا مِنْهَا منقلبا﴾
الْآيَة ٣٨ - ٣٩
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال : نهر أبي فرطس نهر الجنتين. قال ابن أبي حاتم : وهو نهر مشهور بالرملة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً ﴾ قال : لم تنقص، كل شجر الجنة أطعم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ وفجرنا خلالهما نهراً ﴾ يقول : وسطهما.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وكان له ثمر ﴾ يقول : مال.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه قال : قرأها ابن عباس ﴿ وكان له ثمر ﴾ بالضم، يعني أنواع المال.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ وكان له ثمر ﴾ قال : ذهب وفضة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بشير بن عبيد، أنه كان قرأ ﴿ وكان له ثمر ﴾ برفع الثاء، وقال : الثمر، المال والولدان والرقيق. والثمر : الفاكهة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي يزيد المدني، أنه كان يقرؤها ﴿ وكان له ثمر ﴾ قال : الأصل والثمر، الثمرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ ودخل جنته وهو ظالم لنفسه ﴾ يقول كفور لنعمة ربه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً ﴾ يقول : تهلك ﴿ وما أظن الساعة قائمة ولئن ﴾ كانت قائمة ثم ﴿ رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله :﴿ قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً ﴾ يقول : تهلك ﴿ وما أظن الساعة قائمة ولئن ﴾ كانت قائمة ثم ﴿ رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً ﴾.
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت: عَلمنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَلِمَات أقولهن عِنْد الكرب: الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عُرْوَة أَنه كَانَ إِذا رأى من مَاله شَيْئا يُعجبهُ أَو دخل حَائِطا من حيطانه قَالَ: ﴿مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه﴾ ويتأول قَول الله: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زِيَاد بن سعد قَالَ: كَانَ ابْن شهَاب إِذا دخل أَمْوَاله قَالَ: ﴿مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه﴾ ويتأول قَوْله: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطرف قَالَ: كَانَ مَالك إِذا دخل بَيته قَالَ: ﴿مَا شَاءَ الله﴾ قلت لمَالِك لم تَقول هَذَا قَالَ: أَلا تسمع الله يَقُول: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم حَفْص بن ميسرَة قَالَ: رَأَيْت على بَاب وهب بن مُنَبّه مَكْتُوبًا ﴿مَا شَاءَ الله﴾ وَذَلِكَ قَول الله: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن مرّة قَالَ: إِن من أفضل الدُّعَاء قَول الرجل: ﴿مَا شَاءَ الله﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم بن أدهم قَالَ: مَا سَأَلَ رجل مَسْأَلَة أنجح من أَن يَقُول: ﴿مَا شَاءَ الله﴾
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن يحيى بن سليم الطَّائِفِي عَمَّن ذكره قَالَ: طلب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من ربه حَاجَة فأبطأت عَلَيْهِ فَقَالَ: ﴿مَا شَاءَ الله﴾ فَإِذا حَاجته بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: يَا رب أَنا أطلب حَاجَتي مُنْذُ كَذَا وَكَذَا أعطيتنيها الْآن فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا مُوسَى أما علمت أَن قَوْلك: ﴿مَا شَاءَ الله﴾ أنجح مَا طلبت بِهِ الْحَوَائِج
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ عَن معَاذ بن جبل: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا أدلك على بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة قَالَ: مَا هُوَ قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
391
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ عَن قيس بن سعد بن عبَادَة أَن أَبَاهُ دَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخْدمه قَالَ: فَخرج عليَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَقد صليت رَكْعَتَيْنِ واضطجعت فضربني بِرجلِهِ وَقَالَ: أَلا أدلك على بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة قلت: بلَى
قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي ذَر: يَا أَبَا ذَر أَلا أعلمك كلمة من كنز الْجنَّة قَالَ: بلَى
قَالَ: قل لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أدلك على كنز من كنوز الْجنَّة لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أَكثر من قَول لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهُ كنز من كنوز الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن ثَابت: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: أَلا أدلكم على كنز من كنوز الْجنَّة تكثرون من لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كنز من كنوز الْجنَّة
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أنعم الله على عبد نعْمَة فِي أهل أَو مَال أَو ولد فَيَقُول مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه إِلَّا دفع الله عَنهُ كل آفَة حَتَّى تَأتيه منيته وَقَرَأَ ﴿وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من رأى شَيْئا من مَاله فأعجبه فَقَالَ: ﴿مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه﴾ لم يصب ذَلِك المَال آفَة أبدا وَقَرَأَ ﴿وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك﴾ الْآيَة
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أنعم الله عَلَيْهِ نعْمَة فَأَرَادَ بقاءها فليكثر من لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه﴾
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أدلك على كنز من كنوز الْجنَّة تَحت الْعَرْش قلت: نعم
قَالَ: أَن تَقول: ﴿لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه﴾
392
قَالَ عَمْرو بن مَيْمُون: قلت لأبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَقَالَ: لَا إِنَّهَا فِي سُورَة الْكَهْف ﴿وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه﴾
وَأخرج ابْن مَنْدَه فِي الصَّحَابَة من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن سماك عَن جرير قَالَ: خرجت إِلَى فَارس فَقلت: ﴿مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه﴾ فسمعني رجل فَقَالَ: مَا هَذَا الْكَلَام الَّذِي لم أسمعهُ من أحد مُنْذُ سمعته من السَّمَاء فَقلت: مَا أَنْت وَخبر السَّمَاء قَالَ: إِنِّي كنت مَعَ كسْرَى فأرسلني فِي بعض أُمُوره فَخرجت ثمَّ قدمت فَإِذا شَيْطَان خلفني فِي أَهلِي عي صُورَتي فَبَدَأَ لي فَقَالَ: شارطني على أَن يكون لي يَوْم وَلَك يَوْم وَإِلَّا أهلكتك فرضيت بذلك فَصَارَ جليسي يحادثني وأحادثه فَقَالَ لي ذَات يَوْم: إِنِّي مِمَّا يسترق السّمع وَاللَّيْلَة نوبتي قلت: فَهَل لَك أَن أختبئ مَعَك قَالَ: نعم
فتهيأ ثمَّ أَتَانِي فَقَالَ: خُذ بمعرفتي وَإِيَّاك أَن تتركها فتهلك فَأخذت بمعرفته فعرج بِي حَتَّى لمست السَّمَاء فَإِذا قَائِل يَقُول: مَا شَاءَ الله لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فسقطوا على وُجُوههم وَسَقَطت فَرَجَعت إِلَى أَهلِي فَإِذا أَنا بِهِ يدْخل بعد أَيَّام فَجعلت أَقُول: مَا شَاءَ الله لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ: فيذوب لذَلِك حَتَّى يصير مثل الذُّبَاب
ثمَّ قَالَ لي: قد حفظته فَانْقَطع عَنَّا
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن يحيى بن سليم الثَّقَفِيّ عَن شيخ لَهُ قَالَ: الْكَلِمَة الَّتِي تزجر بهَا الْمَلَائِكَة الشَّيَاطِين حَتَّى يسْتَرقونَ السّمع ﴿مَا شَاءَ الله﴾
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ: مَا نَهَضَ ملك من الأَرْض حَتَّى يَقُول: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه دَوَاء من تِسْعَة وَتِسْعين دَاء أيسرها الْهم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب والديلمي من طرق عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَخْبرنِي جِبْرِيل أَن تَفْسِير لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه أَنه لَا حول عَن مَعْصِيّة الله إِلَّا بِقُوَّة الله وَلَا قُوَّة على طَاعَة الله إِلَّا بعون الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهَا فِي لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ: لَا حول بِنَا على الْعَمَل بِالطَّاعَةِ إِلَّا بِاللَّه وَلَا قُوَّة لنا على ترك الْمعْصِيَة إِلَّا بِاللَّه
393
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد أَنه سُئِلَ عَن تَفْسِير لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ: لَا تَأْخُذ مَا تحب إِلَّا بِاللَّه وَلَا تمْتَنع مِمَّا تكره إِلَّا بعون الله
الْآيَة ٤٠ - ٤٥
394
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان، عن عروة أنه كان إذا رأى من ماله شيئاً يعجبه، أو دخل حائطاً من حيطانه قال :﴿ ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﴾ ويتأول قول الله :﴿ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﴾.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن زياد بن سعد قال : كان ابن شهاب إذا دخل أمواله قال :﴿ ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﴾ ويتأول قوله :﴿ ولولا إذ دخلت جنتك ﴾ الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مطرف قال : كان مالك إذا دخل بيته قال :﴿ ما شاء الله ﴾ قلت لمالك لم تقول هذا ؟ قال : ألا تسمع الله يقول :﴿ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن حفص بن ميسرة قال : رأيت على باب وهب بن منبه مكتوباً ﴿ ما شاء الله ﴾ وذلك قول الله :﴿ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عمر بن مرة قال : إن من أفضل الدعاء قول الرجل :﴿ ما شاء الله ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن إبراهيم بن أدهم قال : ما سأل رجل مسألة أنجح من أن يقول :﴿ ما شاء الله ﴾.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، عن يحيى بن سليم الطائفي، عمن ذكره قال : طلب موسى عليه السلام من ربه حاجة فأبطأت عليه فقال :﴿ ما شاء الله ﴾ فإذا حاجته بين يديه فقال : يا رب أنا أطلب حاجتي منذ كذا وكذا أعطيتنيها الآن ؟ فأوحى الله إليه يا موسى، أما علمت أن قولك :﴿ ما شاء الله ﴾ أنجح ما طلبت به الحوائج.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي، عن معاذ بن جبل : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«ألا أدلك على باب من أبواب الجنة ؟ قال : ما هو ؟ قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ».
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وصححه والنسائي، «عن قيس بن سعد بن عبادة أن أباه دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخدمه قال : فخرج عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم - وقد صليت ركعتين واضطجعت، فضربني برجله وقال :«ألا أدلك على باب من أبواب الجنة ؟ قلت : بلى. قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ».
وأخرج أحمد، عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر :«يا أبا ذر، ألا أعلمك كلمة من كنز الجنة ؟ قال : بلى. قال :«قل لا حول ولا قوة إلا بالله ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله ».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي أيوب الأنصاري قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكثر من قول «لا حول ولا قوة إلا بالله » فإنه كنز من كنوز الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن زيد بن ثابت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :«ألا أدلكم على كنز من كنوز الجنة ؟ تكثرون من لا حول ولا قوة إلا بالله ».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة ».
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الشعب، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله إلا دفع الله عنه كل آفة حتى تأتيه منيته » وقرأ ﴿ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر، عن أنس رضي الله عنه قال : من رأى شيئاً من ماله فأعجبه فقال :﴿ ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﴾ لم يصب ذلك المال آفة أبداً، وقرأ ﴿ ولولا إذ دخلت جنتك ﴾ الآية. وأخرجه البيهقي في الشعب، عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً.
وأخرج ابن مردويه، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من أنعم الله عليه نعمة فأراد بقاءها، فليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله » ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﴾.
وأخرج أحمد، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش ؟ قلت : نعم. قال : أن تقول :﴿ لا قوة إلا بالله ﴾ » قال عمرو بن ميمون : قلت لأبي هريرة - رضي الله عنه - «لا حول ولا قوة إلا بالله » فقال : لا إنها في سورة الكهف ﴿ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﴾.
وأخرج ابن منده في الصحابة من طريق حماد بن سلمة، عن سماك، عن جرير قال : خرجت إلى فارس فقلت :﴿ ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﴾ فسمعني رجل فقال : ما هذا الكلام الذي لم أسمعه من أحد منذ سمعته من السماء ؟ فقلت : ما أنت وخبر السماء ؟ قال : إني كنت مع كسرى فأرسلني في بعض أموره، فخرجت ثم قدمت، فإذا شيطان خلفني في أهلي على صورتي، فبدأ لي، فقال : شارطني على أن يكون لي يوم ولك يوم، وإلا أهلكتك، فرضيت بذلك، فصار جليسي يحادثني وأحادثه، فقال لي ذات يوم : إني ممن يسترق السمع والليلة نوبتي، قلت : فهل لك أن أختبئ معك ؟ قال : نعم.
فتهيأ ثم أتاني فقال : خذ بمعرفتي، وإياك أن تتركها فتهلك، فأخذت بمعرفته فعرج بي حتى لمست السماء، فإذا قائل يقول :«ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله » فسقطوا على وجوههم وسقطت، فرجعت إلى أهلي فإذا أنا به يدخل بعد أيام، فجعلت أقول : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله » قال : فيذوب لذلك حتى يصير مثل الذباب. ثم قال لي : قد حفظته فانقطع عنا.
وأخرج أحمد في الزهد، عن يحيى بن سليم الطائفي، عن شيخ له قال : الكلمة التي تزجر بها الملائكة الشياطين حتى يسترقون السمع ﴿ ما شاء الله ﴾.
وأخرج أبو نعيم في الحلية، عن صفوان بن سليم قال : ما نهض ملك من الأرض حتى يقول :«لا حول ولا قوة إلا بالله ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لا حول ولا قوة إلا بالله دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم ».
وأخرج ابن مردويه والخطيب والديلمي من طرق، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال :«أخبرني جبريل أن تفسير ﴿ لا حول ولا قوة إلا بالله ﴾ أنه لا حول عن معصية الله، إلا بقوة الله، ولا قوة على طاعة الله، إلا بعون الله ».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنها في «لا حول ولا قوّة إلا بالله » قال : لا حول بنا على العمل بالطاعة إلا بالله، ولا قوة لنا على ترك المعصية إلا بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن زهير بن محمد أنه سئل، عن تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله قال : لا تأخذ ما تحب إلا بالله، ولا يمتنع مما تكره إلا بعون الله.
أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الحسبان الْعَذَاب
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿حسباناً من السَّمَاء﴾ قَالَ: نَارا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت حسان بن ثَابت وَهُوَ يَقُول: بَقِيَّة معشر صبَّتْ عَلَيْهِم شآبيب من الحسبان شهب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿حسباناً من السَّمَاء﴾ قَالَ: نَارا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فَتُصْبِح صَعِيدا زلقاً﴾ قَالَ: مثل الجزر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿حسباناً من السَّمَاء﴾ قَالَ: عذَابا ﴿فَتُصْبِح صَعِيدا زلقاً﴾ أَي قد حصد مَا فِيهَا فَلم يتْرك فِيهَا شَيْء ﴿أَو يصبح مَاؤُهَا غوراً﴾ أَي ذَاهِبًا قد غَار فِي الأَرْض
394
﴿وأحيط بثمره فَأصْبح يقلب كفيه﴾ قَالَ يصفق ﴿على مَا أنْفق فِيهَا﴾ متلهفاً على مَا فَاتَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿صَعِيدا زلقاً﴾ قَالَ: الصَّعِيد الأملس والزلق الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَبَات ﴿وأحيط بثمره﴾ قَالَ: بثمر الجنتين فأهلكت ﴿فَأصْبح يقلب كفيه﴾ يَقُول: ندامة عَلَيْهَا ﴿وَهِي خاوية على عروشها﴾ قَالَ: قلب أَسْفَلهَا أَعْلَاهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿وأحيط بثمره﴾ قَالَ: أحَاط بِهِ أَمر الله فَهَلَك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَلم تكن لَهُ فِئَة﴾ قَالَ: عشيرة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَلم تكن لَهُ فِئَة﴾ قَالَ: عشيرة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَلم تكن لَهُ فِئَة﴾ أَي جند يعينونه ﴿من دون الله وَمَا كَانَ منتصراً﴾ أَي مُمْتَنعا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُبشر بن عبيد قَالَ: ﴿الْولَايَة﴾ الدّين وَالْولَايَة مَا أتولى
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن صُهَيْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم ير قَرْيَة يُرِيد دُخُولهَا إِلَّا قَالَ حِين يَرَاهَا: اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَمَا أظللن وَرب الْأَرْضين السَّبع وَمَا أقللن وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضللن وَرب الرِّيَاح وَمَا ذرين فَإنَّا نَسْأَلك خير هَذِه الْقرْيَة وَخير أَهلهَا ونعوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا
الْآيَة ٤٦ - ٤٨
395
وأخرج ابن المنذر، عن الضحاك في قوله :﴿ أحيط بثمره ﴾ قال : أحاط به أمر الله فهلك.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ ولم تكن له فئة ﴾ قال : عشيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ولم تكن له فئة ﴾ قال : عشيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ولم تكن له فئة ﴾ أي جند يعينونه ﴿ من دون الله وما كان منتصراً ﴾ أي ممتنعاً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مبشر بن عبيد قال :﴿ الولاية ﴾ الدين والولاية ما أتولى.
وأخرج الحاكم وصححه، عن صهيب أن - النبي صلى الله عليه وسلم - لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها :«اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذرين فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها ».
أخرج ابْن أبي حَاتِم والخطيب عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: كَانَ يُقَال إِنَّمَا سمي المَال لِأَنَّهُ يمِيل بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا سميت الدُّنْيَا لِأَنَّهَا دنت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِيَاض بن عقبَة أَنه مَاتَ لَهُ ابْن يُقَال لَهُ يحيى فَلَمَّا نزل فِي قَبره قَالَ لَهُ رجل: وَالله إِن كَانَ لسَيِّد الْجَيْش فاحتسبه
فَقَالَ: وَمَا يَمْنعنِي أَن أحتسبه وَكَانَ أمس من زِينَة الدُّنْيَا وَهُوَ الْيَوْم من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: ﴿المَال والبنون﴾ حرث الدُّنْيَا وَالْعَمَل الصَّالح حرث الْآخِرَة وَقد يجمعهما الله لأقوام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾ قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله
وَالله أكبر
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: استكثروا من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات قيل: وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ: التَّكْبِير والتهليل وَالتَّسْبِيح والتحميد وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن بشير: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا وَأَن سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خُذُوا جنتكم قيل: يَا رَسُول الله أَمن عدوّ قد حضر قَالَ: لَا
بل جنتكم من النَّار قَول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَإِنَّهُنَّ يَأْتِين يَوْم الْقِيَامَة مُقَدمَات مُعَقِّبَات محسنات وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن شاهين فِي التَّرْغِيب فِي الذّكر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه هن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَهن يحططن الْخَطَايَا كَمَا تحط الشَّجَرَة وَرقهَا وَهن من كنوز الْجنَّة
396
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشجرة يابسة فَتَنَاول عوداً من أعوادها فَتَنَاثَرَ كل ورق عَلَيْهَا فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن قَائِلا يَقُول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر لتتناثر الذُّنُوب عَن قَائِلهَا كَمَا يَتَنَاثَر الْوَرق عَن هَذِه الشَّجَرَة قَالَ الله فِي كِتَابه: هن ﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾
وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر تنفض الْخَطَايَا كَمَا تنفض الشَّجَرَة وَرقهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سَمُرَة بن جُنْدُب: مَا من الْكَلَام شَيْء أحب إِلَى الله من الْحَمد لله وَسُبْحَان الله وَلَا إلَه إِلَّا الله وَالله أكبر هن أَربع فَلَا تكْثر عَليّ لَا يَضرك بأيهن بدأت
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن عجزتم عَن اللَّيْل أَن تكابدوه والعدوّ أَن تجاهدوه فَلَا تعجزوا عَن قَول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَإِنَّهُنَّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خُذُوا جنتكم من النَّار قُولُوا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهُنَّ الْمُقدمَات وإنهن المؤخرات وَهن المنجيات وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَات يَوْم لأَصْحَابه خُذُوا جنتكم مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالُوا: من عدوّ حضر قَالَ: بل من النَّار
قُولُوا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهُنَّ يجئن يَوْم الْقِيَامَة مُقَدمَات ومحسنات ومعقبات وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْبَاقِيَات الصَّالِحَات من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن يثبطكم اللَّيْل فَلم تقوموه وعجزتم عَن النَّهَار فَلم تصوموه وبخلتم بِالْمَالِ فَلم تعطوه وجبنتم عَن العدوّ فَلم تقاتلوه
فَأَكْثرُوا من سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَإِنَّهُنَّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات
397
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن جُنَادَة قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسْلمت وَعَلمنِي (قل هُوَ الله أحد) و (وَإِذا زلزلت) و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) وَعَلمنِي هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر
وَقَالَ: هن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه سُئِلَ عَن ﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾ قَالَ: هِيَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن ﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾ قَالَ: هِيَ ذكر الله لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وتبارك الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأَسْتَغْفِر الله وَصلى الله على مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْحج وَالصَّدَََقَة وَالْعِتْق وَالْجهَاد والصلة وَجَمِيع أَعمال الْحَسَنَات وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات الَّتِي تبقى لأَهْلهَا فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كُنَّا عِنْد سعد بن أبي وَقاص فَسكت سكتة فَقَالَ: لقد قلت فِي سكتتي هَذِه خيرا مِمَّا سقى النّيل والفرات
قُلْنَا لَهُ: وَمَا قلت قَالَ: قلت: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾ قَالَ: الْكَلَام الطّيب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الَّذين يذكرُونَ من جلال الله من تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله يتعاطفن حول الْعَرْش لَهُنَّ دوِي كَدَوِيِّ النَّحْل يذكرن بصاحبهن أَو لَا يحب أحدكُم أَن لَا يزَال عِنْد الرَّحْمَن شَيْء يذكر بِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: أَتَى رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يَأْخُذ من الْقُرْآن شَيْئا وَسَأَلَهُ شَيْئا يُجزئ من الْقُرْآن فَقَالَ لَهُ: قل سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
398
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن مُوسَى بن طَلْحَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَلِمَات إِذا قالهن العَبْد وضعهن ملك فِي ناحيه ثمَّ عرج بِهن فَلَا يمر على ملإٍ من الْمَلَائِكَة إِلَّا صلوا عَلَيْهِنَّ وعَلى قائلهن حَتَّى يوضعن بَين يَدي الرَّحْمَن سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَسُبْحَان الله أبرئه عَن السوء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: رأى رجل فِي الْمَنَام أَن منادياً نَادَى فِي السَّمَاء أَيهَا النَّاس خُذُوا سلَاح فزعكم فَعمد النَّاس وَأخذُوا السِّلَاح حَتَّى أَن الرجل وَمَا مَعَه عَصا فَنَادَى مُنَاد من السَّمَاء لَيْسَ هَذَا سلَاح فزعكم فَقَالَ رجل من الأَرْض مَا سلَاح فزعنا فَقَالَ: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِأَن أَقُول سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر أحب إليّ من أَتصدق بعددها دَنَانِير
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: لِأَن أَقُول سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر أحب إليّ من أَن أحمل على عدتهَا من خيل بأرسانها
وَأخرج عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: من قَالَ من قبل نَفسه الْحَمد لله رب الْعَالمين كتب الله لَهُ ثَلَاثِينَ حَسَنَة ومحا عَنهُ ثَلَاثِينَ سَيِّئَة وَمن قَالَ: الله أكبر كتب الله لَهُ بهَا عشْرين حَسَنَة ومحا عَنهُ بهَا عشْرين سَيِّئَة وَمن قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله كتب الله لَهُ عشْرين حَسَنَة ومحا عَنهُ بهَا عشْرين سَيِّئَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: فِي قَوْله: ﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾ ﴿الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات﴾ الصَّلَوَات الْخمس
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾ قَالَ: كل شَيْء من طَاعَة الله فَهُوَ من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة أَنه سُئِلَ عَن ﴿والباقيات الصَّالِحَات﴾ فَقَالَ: كل مَا أُرِيد بِهِ وَجه الله
399
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿خير عِنْد رَبك ثَوابًا﴾ قَالَ: خير جَزَاء من جَزَاء الْمُشْركين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَخير أملاً﴾ قَالَ: إِن لكل عَامل أملاً يؤمله وَإِن الْمُؤمن من خير النَّاس أملاً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَترى الأَرْض بارزة﴾ قَالَ: لَا عمرَان فِيهَا وَلَا عَلامَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَترى الأَرْض بارزة﴾ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهَا بِنَاء وَلَا شَجَرَة
وَأخرج ابْن مَنْدَه فِي التَّوْحِيد عَن معَاذ بن جبل: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يُنَادي يَوْم الْقِيَامَة يَا عبَادي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا أرْحم الرَّاحِمِينَ وَأحكم الْحَاكِمين وأسرع الحاسبين أحضروا حجتكم ويسروا جَوَابا فَإِنَّكُم مسؤولون مُحَاسَبُون يَا ملائكتي أقِيمُوا عبَادي صُفُوفا على أَطْرَاف أنامل أَقْدَامهم لِلْحسابِ
الْآيَة ٤٩
400
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ وترى الأرض بارزة ﴾ قال : لا عمران فيها ولا علامة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وترى الأرض بارزة ﴾ قال : ليس عليها بناء ولا شجرة.
وأخرج ابن منده في التوحيد، عن معاذ بن جبل : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :« إن الله ينادي يوم القيامة يا عبادي، أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين، أحضروا حجتكم ويسروا جواباً، فإنكم مسؤولون مُحَاسَبُون، يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفاً على أطراف أنامل أقدامهم للحساب ».
أخرج الْبَزَّار عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يخرج لِابْنِ آدم يَوْم الْقِيَامَة ثَلَاثَة دواوين: ديوَان الْعَمَل الصَّالح وديوان فِيهِ ذنُوبه وديوان فِيهِ النعم من الله عَلَيْهِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن جُنَادَة قَالَ: لما فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَزْو حنين نزلنَا قفرا من الأَرْض لَيْسَ فِيهِ شَيْء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجْمَعُوا من وجد عوداً فليأت وَمن وجد عظما أَو شَيْئا فليأت بِهِ قَالَ: فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَة حَتَّى جَعَلْنَاهُ ركاماً
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَرَوْنَ هَذَا فَكَذَلِك تَجْتَمِع الذُّنُوب على الرجل مِنْكُم كَمَا جمعتم هَذَا فليتق الله رجل لَا يُذنب صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة فَإِنَّهَا محصاة عَلَيْهِ
400
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إياك ومحقرات الذُّنُوب فَإِن لَهَا من الله طَالبا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة﴾ قَالَ: الصَّغِيرَة التبسم والكبيرة الضحك
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: الصَّغِيرَة التبسم بالاستهزاء بِالْمُؤْمِنِينَ والكبيرة القهقهة بذلك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَيَقُولُونَ يَا ويلتنا﴾ الْآيَة
قَالَ: يشتكي الْقَوْم كَمَا تَسْمَعُونَ
الإحصاء وَلم يشتك أحد ظلما فإياكم والمحقرات من الذُّنُوب فَإِنَّهَا تَجْتَمِع على صَاحبهَا حَتَّى تهلكه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي الْآيَة
قَالَ: سئلوا حَتَّى عَن التبسم فَقيل فيمَ تبسمت يَوْم كَذَا وَكَذَا
الْآيَة ٥٠
401
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن من الْمَلَائِكَة قَبيلَة يُقَال لَهُم الْجِنّ فَكَانَ إِبْلِيس مِنْهُم وَكَانَ يوسوس مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فعصى فسخط الله عَلَيْهِ فمسخه الله شَيْطَانا رجيماً
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ﴾ قَالَ: كَانَ خَازِن الْجنان فَسُمي بالجن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك قَالَ: اخْتلف ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود فِي إِبْلِيس فَقَالَ أَحدهمَا: كَانَ من سبط من الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُم الْجِنّ
401
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن إِبْلِيس كَانَ من أشرف الْمَلَائِكَة وَأكْرمهمْ قَبيلَة وَكَانَ خَازِنًا على الْجنان وَكَانَ لَهُ سُلْطَان السَّمَاء الدُّنْيَا وَكَانَ لَهُ مجمع الْبَحْرين بَحر الرّوم وَفَارِس أَحدهمَا قبل الْمشرق وَالْآخر قبل الْمغرب وسلطان الأَرْض وَكَانَ مِمَّا سَوَّلت نَفسه مَعَ قَضَاء الله أَنه يرى أَن لَهُ بذلك عَظمَة وشرفاً على أهل السَّمَاء فَوَقع فِي نَفسه من ذَلِك كبر لم يعلم ذَلِك أحد إِلَّا الله فَلَمَّا كَانَ السُّجُود لآدَم حِين أمره الله أَن يسْجد لآدَم استخرج الله كبره عِنْد السُّجُود فلعنه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ﴿كَانَ من الْجِنّ﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّمَا سمي بالجنان لِأَنَّهُ كَانَ خَازِنًا عَلَيْهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ﴾ قَالَ: كَانَ من قبيل من الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُم الْجِنّ وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: لَو لم يكن من الْمَلَائِكَة لم يُؤمر بِالسُّجُود وَكَانَ على خزانَة السَّمَاء الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن قَالَ: مَا كَانَ إِبْلِيس من الْمَلَائِكَة طرفَة عين وَإنَّهُ لأصل الْجِنّ كَمَا أَن آدم أصل الإِنس
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: قَاتل الله أَقْوَامًا يَزْعمُونَ أَن إِبْلِيس كَانَ من مَلَائِكَة الله وَالله تَعَالَى يَقُول: ﴿كَانَ من الْجِنّ﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿كَانَ من الْجِنّ﴾ قَالَ: من خَزَنَة الْجنان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الأضداد من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿كَانَ من الْجِنّ﴾ قَالَ: هم حَيّ من الْمَلَائِكَة لم يزَالُوا يصوغون حلي أهل الْجنَّة حَتَّى تقوم السَّاعَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿كَانَ من الْجِنّ﴾ قَالَ: من الجنانين الَّذين يعْملُونَ فِي الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله: ﴿إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ﴾ قَالَ: إِبْلِيس أَبُو الْجِنّ كَمَا أَن آدم أَبُو الْإِنْس وآدَم من
402
الْإِنْس وَهُوَ أبوهم
وإبليس من الْجِنّ وَهُوَ أبوهم وَقد تبين للنَّاس ذَلِك حِين قَالَ الله: ﴿أفتتخذونه وَذريته أَوْلِيَاء من دوني﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ إِبْلِيس رَئِيسا من الْمَلَائِكَة فِي سَمَاء الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن مَنْصُور قَالَ: كَانَت الْمَلَائِكَة تقَاتل الْجِنّ فسبي إِبْلِيس وَكَانَ صَغِيرا فَكَانَ مَعَ الْمَلَائِكَة فتعبد مَعهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: كَانَ إِبْلِيس من الْجِنّ الَّذين طردتهم الْمَلَائِكَة فَأسرهُ بعض الْمَلَائِكَة فَذهب بِهِ إِلَى السَّمَاء
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ﴾ قَالَ: أجن من طَاعَة الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما لعن إِبْلِيس تَغَيَّرت صورته عَن صُورَة الْمَلَائِكَة فجزع لذَلِك فرن رنة فَكل رنة فِي الدُّنْيَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من رنته
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن نوف قَالَ كَانَ إِبْلِيس رَئِيس سَمَاء الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿ففسق عَن أَمر ربه﴾ قَالَ: فِي السُّجُود لآدَم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ عَن إِبْلِيس هَل لَهُ زَوْجَة فَقَالَ: إِن ذَلِك الْعرس مَا سَمِعت بِهِ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أفتتخذونه وَذريته﴾ قَالَ: ولد إِبْلِيس خَمْسَة: ثبر والأعور وزلنبور ومسوط وداسم فمسوط صَاحب الصخب والأعور وداسم لَا أَدْرِي مَا يفْعَلَانِ والثبر صَاحب المصائب وزلنبور الَّذِي يفرق بَين النَّاس ويبصر الرجل عُيُوب أَهله
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أفتتخذونه وَذريته﴾ قَالَ: باض إِبْلِيس خمس بيضات: زلنبور وداسم وثبر ومسوط والأعور فَأَما الْأَعْوَر فَصَاحب الزِّنَا وَأما ثبر فَصَاحب المصائب وَأما مسوط فَصَاحب أَخْبَار الْكَذِب يلقيها على أَفْوَاه النَّاس وَلَا يَجدونَ لَهَا أصلا وَأما داسم فَهُوَ صَاحب الْبيُوت إِذا دخل بَيته وَلم يسلم دخل مَعَه وَإِذا أكل مَعَه ويريه من
403
مَتَاع الْبَيْت مَا لَا يُحْصى مَوْضِعه وَأما زلنبور فَهُوَ صَاحب الْأَسْوَاق وَيَضَع رَأسه فِي كل سوق بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿أفتتخذونه وَذريته﴾ قَالَ: هم أَوْلَاده يتوالدون كَمَا يتوالد بَنو آدم وهم أَكثر عددا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان قَالَ: باض إِبْلِيس خمس بيضات: وَذريته من ذَلِك
قَالَ: وَبَلغنِي أَنه يجْتَمع على مُؤمن وَاحِد أَكثر من ربيعَة وَمُضر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿بئس للظالمين بَدَلا﴾ قَالَ بئْسَمَا استبدلوا بِعبَادة رَبهم إِذْ أطاعوا إِبْلِيس لَعنه الله تَعَالَى
الْآيَة ٥١ - ٥٢
404
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿مَا أشهدتهم خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَلَا خلق أنفسهم﴾ قَالَ: يَقُول مَا أشهدت الشَّيَاطِين الَّذين اتخذتم معي هَذَا ﴿وَمَا كنت متخذ المضلين﴾ قَالَ: الشَّيَاطِين ﴿عضداً﴾ قَالَ: وَلَا اتخذتهم عضداً على شَيْء عضدوني عَلَيْهِ فأعانوني
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَمَا كنت متخذ المضلين عضداً﴾ قَالَ: أعواناً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَمَا كنت متخذ المضلين عضداً﴾ قَالَ: أعواناً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَجَعَلنَا بَينهم موبقاً﴾ يَقُول: مهْلكا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿موبقاً﴾ يَقُول: مهْلكا
404
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿موبقاً﴾ قَالَ: وَاد فِي جَهَنَّم
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس فِي قَوْله: ﴿وَجَعَلنَا بَينهم موبقاً﴾ قَالَ: وَاد فِي جَهَنَّم من قيح وَدم
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر فِي قَوْله: ﴿وَجَعَلنَا بَينهم موبقاً﴾ قَالَ: هُوَ وَاد عميق فِي النَّار فرق الله بِهِ يَوْم الْقِيَامَة بَين أهل الْهدى والضلالة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو الْبكالِي قَالَ: الموبق الَّذِي ذكر الله وَاد فِي النَّار بعيد القعر يفرق بِهِ يَوْم الْقِيَامَة بَين أهل الْإِسْلَام وَبَين من سواهُم من النَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿موبقاً﴾ قَالَ: هُوَ نهر فِي النَّار يسيل نَارا على حافتيه حيات أَمْثَال البغال الدهم فَإِذا ثارت إِلَيْهِم لتأخذهم اسْتَغَاثُوا بالإقتحام فِي النَّار مِنْهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: إِن فِي النَّار أَرْبَعَة أَوديَة يعذب الله بهَا أَهلهَا: غليظ وموبق وأثام وغي
الْآيَة ٥٣ - ٥٤
405
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس في قوله :﴿ وجعلنا بينهم موبقاً ﴾ يقول : مهلكاً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ موبقاً ﴾ يقول : مهلكاً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ موبقاً ﴾ قال : واد في جهنم.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن أنس في قوله :﴿ وجعلنا بينهم موبقاً ﴾ قال : واد في جهنم من قيح ودم.
وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي، عن ابن عمر في قوله :﴿ وجعلنا بينهم موبقاً ﴾ قال : هو واد عميق في النار، فرق الله به يوم القيامة بين أهل الهدى والضلالة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عمرو البكالي قال : الموبق الذي ذكر الله، واد في النار بعيد القعر يفرق به يوم القيامة بين أهل الإسلام، وبين من سواهم من الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة في قوله :﴿ موبقاً ﴾ قال : هو نهر في النار يسيل ناراً، على حافتيه حيات أمثال البغال الدهم، فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا بالاقتحام في النار منها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن كعب قال : إن في النار أربعة أودية يعذب الله بها أهلها : غليظ، وموبق، وأثام، وغي.
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فظنوا أَنهم مواقعوها﴾ قَالَ: علمُوا
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصلى الله عَلَيْهِ وسلمححه وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ينصب الْكَافِر يَوْم الْقِيَامَة مِقْدَار خمسين ألف سنة كَمَا لم يعْمل فِي الدُّنْيَا وَأَن الْكَافِر ليرى جَهَنَّم ويظن أَنَّهَا مواقعته من مسيرَة أَرْبَعِينَ سنة وَالله أعلم
405
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طرقه وَفَاطِمَة لَيْلًا فَقَالَ: أَلا تصليان فَقلت: يَا رَسُول الله إِنَّمَا أَنْفُسنَا بيد الله إِن شَاءَ أَن يبعثنا بعثنَا
وَانْصَرف حِين قلت ذَلِك وَلم يرجع إِلَيّ شَيْئا ثمَّ سمعته بِضَرْب فَخذه وَيَقُول: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلاً﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلاً﴾ قَالَ: الجدل الْخُصُومَة خُصُومَة الْقَوْم لآنبيائهم وردهم عَلَيْهِم مَا جاؤوا بِهِ وكل شَيْء فِي الْقُرْآن من ذكر الجدل فَهُوَ من ذَلِك الْوَجْه فِيمَا يخاصمونهم من دينهم يردون عَلَيْهِم مَا جاؤوا بِهِ وَالله أعلم
الْآيَة ٥٥ - ٥٩
406
وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن علي رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلاً فقال :«ألا تصليان » فقلت : يا رسول الله، إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا. وانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئاً، ثم سمعته بضرب فخذه ويقول :﴿ وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ﴾ ».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله :﴿ وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ﴾ قال : الجدل الخصومة، خصومة القوم لأنبيائهم، وردهم عليهم ما جاؤوا به، وكل شيء في القرآن من ذكر الجدل، فهو من ذلك الوجه، فيما يخاصمونهم من دينهم، يردون عليهم ما جاؤوا به، والله أعلم.
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿إِلَّا أَن تأتيهم سنة الأوّلين﴾ قَالَ: عُقُوبَة الْأَوَّلين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ ﴿أَو يَأْتِيهم الْعَذَاب قبلا﴾ قَالَ: قبائل
406
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أَو يَأْتِيهم الْعَذَاب قبلا﴾ قَالَ: فَجْأَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَنه قَرَأَ ﴿أَو يَأْتِيهم الْعَذَاب قبلا﴾ أَي عيَانًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله: ﴿قبلا﴾ قَالَ: جهاراً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿أَو يَأْتِيهم الْعَذَاب قبلا﴾ قَالَ: مقابلهم فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَنسي مَا قدمت يَدَاهُ﴾ أَي نسي مَا سلف من الذُّنُوب الْكَثِيرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿بِمَا كسبوا﴾ يَقُول: بِمَا علمُوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿بل لَهُم موعد﴾ قَالَ: الْموعد يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لن يَجدوا من دونه موئلاً﴾ قَالَ: ملْجأ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿لن يَجدوا من دونه موئلاً﴾ قَالَ: مجوزاً
وَفِي قَوْله: ﴿وَجَعَلنَا لمهلكهم موعداً﴾ قَالَ: أَََجَلًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَبَّاس بن عزوان أسْندهُ فِي قَوْله: ﴿وَتلك الْقرى أهلكناهم لما ظلمُوا وَجَعَلنَا لمهلكهم موعداً﴾ قَالَ: قضى الله الْعقُوبَة حِين عصي ثمَّ أَخّرهَا حَتَّى جَاءَ أجلهَا ثمَّ أرسلها
407
الْآيَة ٦٠ - ٨٢
408
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ ونسي ما قدمت يداه ﴾ أي نسي ما سلف من الذنوب الكثيرة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ بما كسبوا ﴾ يقول : بما علموا.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله :﴿ بل لهم موعد ﴾ قال : الموعد يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي، عن ابن عباس في قوله :﴿ لن يجدوا من دونه موئلاً ﴾ قال : ملجأ.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ لن يجدوا من دونه موئلاً ﴾ قال : مجوزاً. وفي قوله :﴿ وجعلنا لمهلكهم موعداً ﴾ قال : أجلاً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله ﴿ لن يجدوا من دونه موئلاً ﴾ قال : مجوزاً. وفي قوله :﴿ وجعلنا لمهلكهم موعداً ﴾ قال : أجلاً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن العباس بن عزوان أسنده في قوله :﴿ وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعداً ﴾ قال : قضى الله العقوبة حين عصي، ثم أخرها حتى جاء أجلها، ثم أرسلها.
أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق ابْن سمْعَان عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول فِي هَذِه الْآيَة ﴿وَإِذ قَالَ مُوسَى لفتاه لَا أَبْرَح﴾ يَقُول: لَا أَنْفك وَلَا أَزَال ﴿حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين﴾ يَقُول: ملتقى الْبَحْرين ﴿أَو أمضي حقباً﴾ يَقُول: أَو أمضي سبعين خَرِيفًا ﴿فَلَمَّا بلغا مجمع بَينهمَا﴾ يَقُول: بَين الْبَحْرين ﴿نسيا حوتهما﴾ يَقُول: ذهب مِنْهُمَا وأخطأهما وَكَانَ حوتاً مليحاً مَعَهُمَا يحملانه فَوَثَبَ من المكتل إِلَى المَاء فَكَانَ ﴿سَبيله فِي الْبَحْر سرباً﴾ فأنسى الشَّيْطَان فَتى مُوسَى أَن يذكرهُ وَكَانَ فَتى مُوسَى يُوشَع بن نون ﴿وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا﴾ يَقُول: مُوسَى عجب من أثر الْحُوت ودوراته الَّتِي غَار فِيهَا ﴿قَالَ ذَلِك مَا كُنَّا نبغ﴾ قَول مُوسَى: فَذَاك حَيْثُ أخْبرت أَنِّي أجد الْخضر حَيْثُ يفارقني الْحُوت ﴿فارتدا على آثارهما قصصاً﴾ يَقُول: اتبع مُوسَى ويوشع أثر الْحُوت فِي الْبَحْر وهم راجعان على سَاحل الْبَحْر ﴿فوجدا عبدا من عبادنَا﴾ يَقُول: فوجدا خضرًا ﴿آتيناه رَحْمَة من عندنَا وعلمناه من لدنا علما﴾ قَالَ الله تَعَالَى: (وَفَوق كل ذِي علم عليم) (يُوسُف آيَة ٧٦) فصحب مُوسَى الْخضر وَكَانَ من شَأْنهمَا مَا قصّ الله فِي كِتَابه
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس أَن نَوْفًا الْبكالِي يزْعم أَن مُوسَى صَاحب الْخضر لَيْسَ مُوسَى صَاحب بني إِسْرَائِيل: قَالَ ابْن عَبَّاس: كذب عدوّ الله
حَدثنَا أبي بن كَعْب أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بني إِسْرَائِيل فَسئلَ: أَي النَّاس أعلم فَقَالَ: أَنا
فعتب الله عَلَيْهِ إِذْ لم يرد الْعلم إِلَيْهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن لي عبدا بمجمع الْبَحْرين وَهُوَ أعلم مِنْك
قَالَ مُوسَى: يَا رب كَيفَ لي بِهِ قَالَ: تَأْخُذ مَعَك حوتاً تَجْعَلهُ فِي مكتل فَحَيْثُمَا فقدت الْحُوت فَهُوَ ثَم
فَأخذ حوتاً فَجعله فِي مكتل ثمَّ انْطلق وَانْطَلق مَعَه فتاه يُوشَع بن نون حَتَّى إِذا أَتَيَا الصَّخْرَة وضعا رأسيهما فَنَامَا واضطرب الْحُوت فِي المكتل فَخرج مِنْهُ فَسقط فِي الْبَحْر ﴿فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً﴾ وَأمْسك الله عَن الْحُوت جرية المَاء فَصَارَ عَلَيْهِ مثل الطاق فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نسي صَاحبه أَن يخبرهه بالحوت فَانْطَلقَا بَقِيَّة يومهما وليلتهما حَتَّى إِذا كَانَ من الْغَد
409
قَالَ مُوسَى ﴿لفتاه آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا﴾ قَالَ: وَلم يجد مُوسَى النصب حَتَّى جَاوز الْمَكَان الَّذِي أمره الله بِهِ فَقَالَ لَهُ فتاه: ﴿أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا﴾ قَالَ: فَكَانَ للحوت سرباً ولموسى ولفتاه عجبا
فَقَالَ مُوسَى ﴿ذَلِك مَا كُنَّا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا﴾ قَالَ سُفْيَان: يزْعم نَاس أَن تِلْكَ الصَّخْرَة عِنْدهَا عين الْحَيَاة وَلَا يُصِيب مَاؤُهَا مَيتا إِلَّا عَاشَ
قَالَ: وَكَانَ الْحُوت قد أكل مِنْهُ فَلَمَّا قطر عَلَيْهِ المَاء عَاشَ
قَالَ: فَرَجَعَا يقصان آثارهما حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَة فَإِذا رجل مسجى بِثَوْب فَسلم عَلَيْهِ مُوسَى فَقَالَ الْخضر: وأنى بأرضك السَّلَام قَالَ: أَنا مُوسَى
قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل قَالَ: نعم أَتَيْتُك لتعلمني مِمَّا علمت رشدا ﴿قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾ يَا مُوسَى إِنِّي على علم من علم الله علمنيه لَا تعلَمُهُ أَنْت وَأَنت على علم من علم الله علمك الله لَا أعلمهُ
فَقَالَ مُوسَى ﴿ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا﴾ فَقَالَ لَهُ الْخضر ﴿فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا فَانْطَلقَا﴾ يمشيان على سَاحل الْبَحْر فمرت بهم سفينة فَكَلمُوهُمْ أَن يحملوهم فعرفوا الْخضر فَحَمَلُوهُ بِغَيْر نول فَلَمَّا ركبُوا فِي السَّفِينَة فَلم يفجأه إِلَّا وَالْخضر قد قلع لوحاً من أَلْوَاح السَّفِينَة بالقدوم فَقَالَ لَهُ مُوسَى: قوم حملونا بِغَيْر نول عَمَدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أَهلهَا
﴿لقد جِئْت شَيْئا إمرا﴾ فَقَالَ: ﴿ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا قَالَ لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً﴾
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَت الأولى من مُوسَى نِسْيَانا قَالَ: وَجَاء عُصْفُور فَوَقع على حرف السَّفِينَة فَنقرَ فِي الْبَحْر نقرة فَقَالَ لَهُ الْخضر: مَا عَلمنِي وَمَا علمك من علم الله إِلَّا مثل مَا نقص هَذَا العصفور من هَذَا الْبَحْر ثمَّ خرجا من السَّفِينَة فَبَيْنَمَا هما يمشيان على السَّاحِل إِذْ أبْصر الْخضر غُلَاما يلْعَب مَعَ الغلمان فَأخذ الْخضر رَأسه بِيَدِهِ فاقتلعه فَقتله فَقَالَ لَهُ مُوسَى: ﴿أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لقد جِئْت شَيْئا نكراً قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾ قَالَ: وَهَذِه أَشد من الأولى ﴿قَالَ إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة استطعما أَهلهَا فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض﴾ قَالَ: مائل فَأخذ الْخضر بِيَدِهِ هَكَذَا فأقامه فَقَالَ مُوسَى: قوم
410
أتيناهم فَلم يطعمونا وَلم يضيفونا ﴿لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا﴾ فَقَالَ: ﴿هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا﴾
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَدِدْنَا أَن مُوسَى كَانَ صَبر حَتَّى يقص الله علينا من خبرهما
قَالَ سعيد بن جُبَير: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ وَكَانَ أمامهم ملك يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا وَكَانَ يقْرَأ وَأما الْغُلَام فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق آخر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِنَّا لعِنْد ابْن عَبَّاس فِي بَيته إِذْ قَالَ: سلوني
قلت: أَي أَبَا عَبَّاس جعلني الله فداءك بِالْكُوفَةِ رجل قاص يُقَال لَهُ نوف يزْعم أَنه [] لَيْسَ بمُوسَى بني إِسْرَائِيل
قَالَ: كذب عدوّ الله حَدثنِي أبيّ بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ذكر النَّاس يَوْمًا حَتَّى إِذا فاضت الْعُيُون ورقت الْقُلُوب ولّى فأدركه رجل فَقَالَ: أَي رَسُول الله هَل فِي الأَرْض أحد أعلم مِنْك قَالَ: لَا
فعتب الله عَلَيْهِ إِذْ لم يرد الْعلم إِلَى الله تَعَالَى
قيل: بلَى
قَالَ: أَي رب فَأَيْنَ قَالَ: بمجمع الْبَحْرين
قَالَ: أَي رب اجْعَل لي علما أعلم بِهِ ذَلِك
قَالَ: خُذ حوتاً مَيتا حَيْثُ ينْفخ فِيهِ الرّوح
فَأخذ حوتاً فَجعله فِي مكتل فَقَالَ لفتاه: لَا أكلفك إِلَّا أَن تُخبرنِي بِحَيْثُ يفارقك الْحُوت
قَالَ: مَا كلفت كثيرا
قَالَ: فَبينا هُوَ فِي ظلّ صَخْرَة فِي مَكَان سريان [] أَن تضرب الْحُوت ومُوسَى نَائِم فَقَالَ فتاه: لَا أوقظه
حَتَّى إِذا اسْتَيْقَظَ نسي أَن يُخبرهُ
وتضرب الْحُوت حَتَّى دخل الْبَحْر فَأمْسك الله عَنهُ جرية الْبَحْر حَتَّى كَانَ أَثَره فِي حجر
قَالَ مُوسَى ﴿لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا﴾ قَالَ: قد قطع الله عَنْك النصب فَرَجَعَا فوجدا خضرًا على طنفسة خضراء على كبد الْبَحْر مسجى ثَوْبه قد جعل طرفه تَحت رجلَيْهِ وطرفه تَحت رَأسه فَسلم عَلَيْهِ مُوسَى فكسف عَن وَجهه وَقَالَ: هَل بِأَرْض من سَلام
من أَنْت قَالَ: أَنا مُوسَى
قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل قَالَ: نعم
قَالَ: فَمَا شَأْنك قَالَ: جِئْت لتعلمني مِمَّا علمت رشدا
قَالَ: أما يَكْفِيك أَن التَّوْرَاة بيديك وَأَن الْوَحْي يَأْتِيك يَا مُوسَى إِن لي علما لَا يَنْبَغِي أَن تعلمه وَإِن لَك علما لَا يَنْبَغِي لي أعلمهُ
فَأخذ طَائِر بمنقاره من الْبَحْر فَقَالَ: وَالله مَا علمي وعلمك فِي جنب علم الله إِلَّا كَمَا أَخذ الطير منقاره من
411
الْبَحْر
حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة وجدا معابر صغَارًا تحمل أهل السَّاحِل إِلَى أهل هَذَا السَّاحِل الآخر فعرفوه فَقَالُوا: عبد الله الصَّالح لَا نحمله بِأَجْر فخرقها ووتد فِيهَا وتداً
قَالَ مُوسَى ﴿أخرقتها لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمرا قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾ كَانَت الأولى نِسْيَانا والوسطة وَالثَّالِثَة عمدا ﴿لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا لقيا غُلَاما فَقتله﴾ وَوجد غلماناً يَلْعَبُونَ فَأخذ غُلَاما كَافِرًا ظريفاً فأضجعه ثمَّ ذبحه بالسكين فَقَالَ: ﴿أقتلت نفسا زكية﴾ لم تعْمل الْحِنْث
قَالَ ابْن عَبَّاس قَرَأَهَا: ﴿زكية﴾ زاكية مسلمة كَقَوْلِك: غُلَاما زكياً
﴿فَانْطَلقَا﴾ ﴿فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض فأقامه﴾ قَالَ: بِيَدِهِ هَكَذَا وَرفع يَده فاستقام ﴿قَالَ لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا﴾ قَالَ: أجر تَأْكُله ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك﴾ قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس وَكَانَ أمامهم ملك يَزْعمُونَ مدد بن ندد والغلام الْمَقْتُول اسْمه يَزْعمُونَ جيسور ﴿ملك يَأْخُذ كل سفينة﴾ صَالِحَة ﴿غصبا﴾ فَأَرَدْت إِذا هِيَ مرت بِهِ أَن يَدعهَا لعيبها فَإِذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بهَا وَمِنْهُم من يَقُول سدوها بالقار (فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين) وَكَانَ كَافِرًا ﴿فَخَشِينَا أَن يرهقهما طغياناً وَكفرا﴾ أَي يحملهما حبه على أَن يتابعاه على دينه ﴿فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما﴾ هما بِهِ أرْحم مِنْهُمَا بِالْأولِ الَّذِي قَتله خضر
وَزعم غير سعيد أَنَّهُمَا أُبْدِلا جَارِيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس وَكُنَّا عِنْده فَقَالَ الْقَوْم: إِن نَوْفًا الشَّامي يزْعم أَن الَّذِي ذهب يطْلب الْعلم لَيْسَ بمُوسَى بني إِسْرَائِيل فَكَانَ ابْن عَبَّاس مُتكئا فَاسْتَوَى جَالِسا فَقَالَ: كذب نوف حَدثنِي أبي بن كَعْب أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: رَحْمَة الله علينا وعَلى مُوسَى لَوْلَا أَنه عجل واستحيا وأخذته دمامة من صَاحبه فَقَالَ لَهُ: إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي لرَأى من صَاحبه عجبا
قَالَ: وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذكر نَبيا من الْأَنْبِيَاء بَدَأَ بِنَفسِهِ فَقَالَ: رَحْمَة الله علينا وعَلى صَالح وَرَحْمَة الله علينا وعَلى أخي عَاد ثمَّ قَالَ: إِن مُوسَى بَينا هُوَ يخْطب قومه ذَات يَوْم إِذْ قَالَ لَهُم: مَا فِي الأَرْض أحد أعلم مني
فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن فِي الأَرْض من هُوَ أعلم مِنْك وَآيَة ذَلِك أَن تزوّد حوتاً مالحاً فَإِذا فقدته فَهُوَ حيت تفقده
فتزوّد حوتاً مالحاً فَانْطَلق هُوَ وفتاه حَتَّى إِذا بلغا الْمَكَان الَّذِي أمروا بِهِ
412
فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى الصَّخْرَة انْطلق مُوسَى يطْلب وَوضع فتاه الْحُوت على الصَّخْرَة فاضطرب ﴿فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً﴾ قَالَ فتاه: إِذا جَاءَ نَبِي الله حدثته
فأنساه الشَّيْطَان فَانْطَلقَا فَأَصَابَهُ مَا يُصِيب الْمُسَافِر من النصب والكلال حِين جَاوز مَا أَمر بِهِ فَقَالَ مُوسَى: ﴿لفتاه آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا﴾ قَالَ فتاه: يَا نَبِي الله ﴿أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت﴾ أَن أحَدثك ﴿وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَان﴾ ﴿فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً﴾ ﴿قَالَ ذَلِك مَا كُنَّا نبغ﴾ [نبغي] فَرَجَعَا ﴿على آثارهما قصصاً﴾ يقصان الْأَثر حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَة فأطاف فَإِذا هُوَ بِرَجُل مسجى بِثَوْب فَسلم عَلَيْهِ فَرفع رَأسه فَقَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: مُوسَى
قَالَ: من مُوسَى قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل
قَالَ: فَمَا لَك قَالَ: أخْبرت أَن عنْدك علما فَأَرَدْت أَن أصحبك ﴿قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾ ﴿قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا﴾ قَالَ: ﴿وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا﴾ قَالَ: قد أمرت أَن أَفعلهُ ﴿قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة﴾ فَخرج من كَانَ فِيهَا وتخلف ليخرقها فَقَالَ لَهُ مُوسَى: تخرقها ﴿لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمرا قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا قَالَ لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً﴾ فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَوا على غلْمَان يَلْعَبُونَ على سَاحل الْبَحْر وَفِيهِمْ غُلَام لَيْسَ فِي الغلمان أحسن وَلَا ألطف مِنْهُ فَأَخذه فَقتله فنفر مُوسَى عِنْد ذَلِك وَقَالَ ﴿أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لقد جِئْت شَيْئا نكراً قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾ قَالَ: فَأَخَذته دمامة من صَاحبه واستحيا فَقَالَ ﴿إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة﴾ وَقد أصَاب مُوسَى جهد شَدِيد فَلم يُضَيِّفُوهُمَا ﴿فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض فأقامه﴾ قَالَ لَهُ مُوسَى مِمَّا نزل بِهِ من الْجهد: ﴿لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا قَالَ هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا﴾ فَأخذ مُوسَى بِطرف ثَوْبه فَقَالَ حَدثنِي ﴿أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر﴾ ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة غصبا﴾ فَإِذا مر عَلَيْهَا فرآها منخرقة تَركهَا ورقعها أَهلهَا بِقِطْعَة من خشب فانتفعوا بهَا
413
وَأما الْغُلَام فَإِنَّهُ كَانَ طبع يَوْم طبع كَافِرًا وَكَانَ قد ألقِي عَلَيْهِ محبَّة من أَبَوَيْهِ وَلَو عصياه شَيْئا لأرهقهما طغياناً وَكفرا فَأَرَادَ رَبك أَن يبدلهما ﴿خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما﴾ فَوَقع أَبوهُ على أمه فعلقت خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما
وَأخرج من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَلَست عِنْد ابْن عَبَّاس - وَعِنْده نفر من أهل الْكتاب - فَقَالَ بَعضهم: إِن نَوْفًا يزْعم عَن أبي بن كَعْب إِن مُوسَى النَّبِي الَّذِي طلب الْعلم إِنَّمَا هُوَ مُوسَى بن مِيشَا فَقَالَ ابْن عَبَّاس: كذب نوف
حَدثنِي أبي بن كَعْب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن مُوسَى بني إِسْرَائِيل سَأَلَ ربه فَقَالَ: أَي رب إِن كَانَ فِي عِبَادك أحد أعلم مني فدلني
قَالَ: نعم فِي عبَادي من هُوَ أعلم مِنْك فنعت لَهُ مَكَانَهُ فَأذن لَهُ فِي لقِيه فَخرج مُوسَى وَمَعَهُ فتاه وَمَعَهُ حوت مليح قد قيل: إِذا حييّ هَذَا الْحُوت فِي مَكَان فصاحبك هُنَالك وَقد أدْركْت حَاجَتك
فَخرج مُوسَى وَمَعَهُ فتاه وَمَعَهُ ذَلِك الْحُوت يحملانه فَسَار حَتَّى جهده السّير وانْتهى إِلَى الصَّخْرَة وَإِلَى ذَلِك المَاء مَاء الْحَيَاة من شرب مِنْهُ خلد وَلَا يُقَارِبه شَيْء ميت إِلَّا حييّ
فَلَمَّا نزلا وَمَسّ الْحُوت المَاء حييّ ﴿فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً﴾ فَانْطَلقَا ﴿فَلَمَّا جاوزا قَالَ﴾ مُوسَى ﴿لفتاه آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا﴾ قَالَ الْفَتى وَذكر ﴿أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: فَظهر مُوسَى على الصَّخْرَة حِين انتهيا إِلَيْهَا فَإِذا رجل ملتف فِي كسائه فَسلم مُوسَى عَلَيْهِ فَرد عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ لَهُ: مَا جَاءَ بك إِن كَانَ لَك فِي قَوْمك لشغل قَالَ لَهُ مُوسَى: جئْتُك لتعلمني مِمَّا علمت رشدا
﴿قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾ وَكَانَ رجلا يعلم علم الْغَيْب قد علم ذَلِك فَقَالَ مُوسَى: بلَى
قَالَ: ﴿وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا﴾ أَي أَن مَا تعرف ظَاهرا مَا ترى من الْعدْل وَلم تحط من علم الْغَيْب بِمَا أعلم ﴿قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا﴾ وَإِن رَأَيْت مَا يخالفني ﴿قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا﴾ فَانْطَلقَا يمشيان على سَاحل الْبَحْر يتعرضان النَّاس يلتمسان من يحملهما حَتَّى مرت بهما سفينة جَدِيدَة وَثِيقَة لم يمر بهما من السفن شَيْء أحسن مِنْهَا وَلَا أجمل وَلَا أوثق مِنْهَا فسألا أَهلهَا أَن يحملوهما فحملوهما فَلَمَّا اطمأنا فِيهَا ولجت بهما مَعَ أَهلهَا أخرج منقاراً لَهُ ومطرقة ثمَّ عمد إِلَى نَاحيَة مِنْهَا فَضرب فِيهَا بالمنقار حَتَّى
414
خرقها ثمَّ أَخذ لوحاً فطبقه عَلَيْهَا ثمَّ جلس عَلَيْهَا يرقعها فَقَالَ لَهُ مُوسَى - وَرَأى أمرا أفظع بِهِ - ﴿أخرقتها لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمرا قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا قَالَ لَا تؤاخذني بِمَا نسيت﴾ أَي بِمَا تركت من عَهْدك ﴿وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً﴾ ثمَّ خرجا من السَّفِينَة فَانْطَلقَا حَتَّى أَتَيَا قَرْيَة فَإِذا غلْمَان يَلْعَبُونَ
فيهم غُلَام لَيْسَ فِي الغلمان غُلَام أظرف مِنْهُ وَلَا أوضأ مِنْهُ فَأخذ بِيَدِهِ وَأخذ حجرا فَضرب بِهِ رَأسه حَتَّى دمغه فَقتله فرآى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أمرا فظيعاً لَا صَبر عَلَيْهِ صبي صَغِير قَتله لَا ذَنْب لَهُ
﴿قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس﴾ أَي صَغِيرَة ﴿لقد جِئْت شَيْئا نكراً قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا قَالَ إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا﴾ أَي قد عذرت فِي شأني ﴿فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة استطعما أَهلهَا فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض﴾ فهدمه ثمَّ قعد يبنيه فضجر مُوسَى مِمَّا يرَاهُ يصنع من التَّكْلِيف وَمَا لَيْسَ عَلَيْهِ صَبر فَقَالَ ﴿لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا﴾ أَي قد استطعمناهم فَلم يطعمونا واستضفناهم فَلم يُضَيِّفُوهُمَا ثمَّ قعدت تعْمل فِي غير صَنِيعَة وَلَو شِئْت لأعطيت عَلَيْهِ أجرا فِي عَمَلك
﴿قَالَ هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر فَأَرَدْت أَن أعيبها وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة﴾ صَالِحَة ﴿غصبا﴾ - فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب كل سفينة صَالِحَة وَإِنَّمَا عيبها لطرده عَنْهَا فَسَلِمَتْ مِنْهُ حِين رأى الْعَيْب الَّذِي صنعت بهَا ﴿وَأما الْغُلَام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين فَخَشِينَا أَن يرهقهما طغياناً وَكفرا فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما وَأما الْجِدَار فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا فَأَرَادَ رَبك أَن يبلغَا أشدهما ويستخرجا كنزهما رَحْمَة من رَبك وَمَا فعلته عَن أَمْرِي﴾ أَي مَا فعلته عَن نَفسِي ﴿ذَلِك تَأْوِيل مَا لم تسطع عَلَيْهِ صبرا﴾ فَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: مَا كَانَ الْكَنْز إِلَّا علما
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَامَ مُوسَى خَطِيبًا لنَبِيّ إِسْرَائِيل فأبلغ فِي الْخطْبَة وَعرض فِي نَفسه أَن أحدا لم يُؤْت من الْعلم مَا أُوتِيَ وعَلِمَ الله الَّذِي حدث نَفسه من ذَلِك فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى إِن من عبَادي من قد آتيته من الْعلم مَا لم أوتك
قَالَ: فادللني عَلَيْهِ
415
حَتَّى أتعلم مِنْهُ
قَالَ: يدلك عَلَيْهِ بعض زادك
فَقَالَ لفتاه يُوشَع ﴿لَا أَبْرَح حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين أَو أمضي حقباً﴾ قَالَ: فَكَانَ فِيمَا تزوداه حوت مملوح وَكَانَا يصيبان مِنْهُ عِنْد الْعشَاء والغداء فَلَمَّا انتهيا إِلَى الصَّخْرَة على سَاحل الْبَحْر وضع فتاه المكتل على سَاحل الْبَحْر فَأصَاب الْحُوت ندى المَاء فَتحَرك فِي المكتل فَقلب المكتل وأسرب فِي الْبَحْر فَلَمَّا جَاوز أحضر الْغَدَاء فَقَالَ: ﴿آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا﴾ فَذكر الْفَتى ﴿قَالَ أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا﴾ فَذكر مُوسَى مَا كَانَ عهد إِلَيْهِ إِنَّه يدلك عَلَيْهِ بعض زادك
﴿قَالَ ذَلِك مَا كُنَّا نبغ﴾ أَي هَذِه حاجتنا ﴿فارتدا على آثارهما قصصاً﴾ يقصان آثارهما حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَة الَّتِي فعل فِيهَا الْحُوت مَا فعل فأبصر مُوسَى أثر الْحُوت فأخذا أثر الْحُوت يمشيان على المَاء حَتَّى انتهيا إِلَى جَزِيرَة من جزائر الْعَرَب ﴿فوجدا عبدا من عبادنَا آتيناه رَحْمَة من عندنَا وعلمناه من لدنا علما قَالَ لَهُ مُوسَى هَل أتبعك على أَن تعلمن مِمَّا عُلِّمت رشدا﴾ فَأقر لَهُ بِالْعلمِ ﴿قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا﴾ يَقُول: حَتَّى أكون أَنا أحدث ذَلِك لَك ﴿فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة خرقها قَالَ أخرقتها لتغرق أهلَهَا﴾ إِلَى قَوْله: ﴿فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا لقيا غُلَاما﴾ على سَاحل الْبَحْر فِي غلْمَان يَلْعَبُونَ فعهد إِلَى أجودهم وأصبحهم ﴿فَقتله قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لقد جِئْت شَيْئا نكراً قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾
قَالَ ابْن عَبَّاس: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فاستحى نَبِي الله مُوسَى عِنْد ذَلِك فَقَالَ: ﴿إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة استطعما أهلَهَا﴾ إِلَى قَوْله: ﴿سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر فَأَرَدْت أَن أعيبها وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة غصبا﴾ قَالَ: وَهِي فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا فَأَرَدْت أَن أعيبها حَتَّى لَا يَأْخُذهَا الْملك فَإِذا جاوزوا الْملك رقعوها فانتفعوا بهَا وَبقيت لَهُم ﴿وَأما الْغُلَام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين﴾ إِلَى قَوْله: ﴿ذَلِك تَأْوِيل مَا لم تسطع عَلَيْهِ صبرا﴾ قَالَ: فجَاء طَائِر هَذِه الْحمرَة فَبلغ فَجعل بغمس منقاره فِي
416
الْبَحْر فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى مَا يُوقَ هَذَا الطَّائِر قَالَ: لَا أَدْرِي
قَالَ: هَذَا يَقُول: مَا علمكما الَّذِي تعلمان فِي علم الله إِلَّا كَمَا أنقص بمنقاري من جَمِيع مَا فِي هَذَا الْبَحْر
وَأخرج الرَّوْيَانِيّ وَابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَيْنَمَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يذكر بني إِسْرَائِيل إِذْ حدث نَفسه أَنه لَيْسَ أحد من النَّاس أعلم مِنْهُ فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي قد علمت مَا حدثت بِهِ نَفسك فَإِن من عبَادي رجلا أعلم مِنْك
يكون على سَاحل الْبَحْر فأته فتعلم مِنْهُ وَاعْلَم أَن الْآيَة الدَّالَّة لَك على مَكَانَهُ زادك الَّذِي تزوّد بِهِ فأينما فقدته فهناك مَكَانَهُ
ثمَّ خرج مُوسَى وفتاه قد حملا حوتاً مالحاً فِي مكتل وخرجا يمشيان لَا يجدان لغوبا وَلَا عنتاً حَتَّى انتهيا إِلَى الْعين الَّتِي كَانَ يشرب مِنْهَا الْخضر فَمضى مُوسَى وَجلسَ فتاه فَشرب مِنْهَا فَوَثَبَ الْحُوت من المكتل حَتَّى وَقع فِي الطين ثمَّ جرى حَتَّى وَقع فِي الْبَحْر
فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً﴾ فَانْطَلق حَتَّى لحق مُوسَى فَلَمَّا لحقه أدْركهُ العياء فَجَلَسَ وَقَالَ لفتاه ﴿آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا﴾ قَالَ: ففقد الْحُوت فَقَالَ: ﴿فَإِنِّي نسيت الْحُوت﴾ الْآيَة
يَعْنِي فَتى مُوسَى ﴿وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا قَالَ ذَلِك مَا كُنَّا نبغ﴾ إِلَى ﴿قصَصَا﴾ فَانْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَة فأطاف بهَا مُوسَى فَلم ير شَيْئا ثمَّ صعد فَإِذا على ظهرهَا رجل متلفف بكسائه نَائِم فَسلم عَلَيْهِ مُوسَى فَرفع رَأسه فَقَالَ: أَنى السَّلَام بِهَذَا الْمَكَان
من أَنْت قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل
قَالَ: فَمَا كَانَ لَك فِي قَوْمك شغل عني قَالَ: إِنِّي أمرت بك
فَقَالَ الْخضر: ﴿إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾ ﴿قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا﴾ الْآيَة
﴿قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا﴾ فَخَرَجَا يمشيان حَتَّى انتهيا إِلَى سَاحل الْبَحْر فَإِذا قوم قد ركبُوا فِي سفينة يُرِيدُونَ أَن يقطعوا الْبَحْر ركبُوا مَعَهم فَلَمَّا كَانُوا فِي نَاحيَة الْبَحْر أَخذ الْخضر حَدِيدَة كَانَت مَعَه فخرق بهَا السَّفِينَة ﴿قَالَ أخرقتها لتغرق أَهْلَهَا﴾ الْآيَة
﴿قَالَ ألم أقل﴾ الْآيَة
﴿قَالَ لَا تؤاخذني﴾ الْآيَة
﴿فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة﴾ فوجدا صبياناً يَلْعَبُونَ يُرِيدُونَ الْقرْيَة فَأخذ الْخضر غُلَاما مِنْهُم وَهُوَ أحْسنهم وألطفهم فَقتله قَالَ لَهُ مُوسَى: ﴿أقتلت نفسا زكية﴾ الْآيَة
﴿قَالَ ألم أقل لَكَ﴾ الْآيَة
﴿قَالَ إِن سَأَلتك﴾ الْآيَة
فَانْطَلقَا حَتَّى انتهيا إِلَى قَرْيَة لئام
417
وَبِهِمَا جهد فاستطعموهم فَلم يطعموهم فَرَأى الْجِدَار مائلاً فمسحه الْخضر بِيَدِهِ فَاسْتَوَى فَقَالَ: ﴿لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا﴾ قَالَ لَهُ مُوسَى: قد ترى جهدنا وحاجتنا لَو سَأَلتهمْ عَلَيْهِ أجرا أعطوك فنتعشى بِهِ ﴿قَالَ هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك﴾
قَالَ: فَأخذ مُوسَى بِثَوْبِهِ فَقَالَ: أنْشدك الصُّحْبَة إِلَّا أَخْبَرتنِي عَن تَأْوِيل مَا رَأَيْت قَالَ: ﴿أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر﴾ الْآيَة
خرقتها لأعيبها فَلم تُؤْخَذ فأصلحها أَهلهَا فامتنعوا بهَا وَأما الْغُلَام فَإِن الله جعله كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين فَلَو عَاشَ لأرهقهما ﴿طغياناً وَكفرا فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما وَأما الْجِدَار فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما ظهر مُوسَى وَقَومه على مصر أنزل قومه بِمصْر فَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ بهم الدَّار أنزل الله (وَذكرهمْ بأيام الله) (إِبْرَاهِيم آيَة ٥) فَخَطب قومه فَذكر مَا آتَاهُم الله من الْخَيْر وَالنَّعِيم وَذكرهمْ إِذْ نجاهم الله من آل فِرْعَوْن وَذكرهمْ هَلَاك عدوهم وَمَا استخلفهم الله فِي الأَرْض وَقَالَ كلم الله مُوسَى نَبِيكُم تكليماً وَاصْطَفَانِي لنَفسِهِ وَأنزل عليّ محبَّة مِنْهُ وآتاكم من كل شَيْء سألتموه فنبيكم أفضل أهل الأَرْض وَأَنْتُم تقرون الْيَوْم
فَلم يتْرك نعْمَة أنعمها الله عَلَيْهِم إِلَّا عرفهم إِيَّاهَا فَقَالَ لَهُ رجل من بني إِسْرَائِيل: فَهَل على الأَرْض أعلم مِنْك يَا نَبِي الله قَالَ: لَا
فَبعث الله جِبْرِيل إِلَى مُوسَى فَقَالَ: إِن الله يَقُول: وَمَا يدْريك أَيْن أَضَع علمي
بلَى على سَاحل الْبَحْر رجل أعلم
قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ الْخضر
فَسَأَلَ مُوسَى ربه أَن يرِيه إِيَّاه فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن ائْتِ الْبَحْر فَإنَّك تَجِد على سَاحل الْبَحْر حوتاً مَيتا فَخذه فادفعه إِلَى فتاك ثمَّ الزم شط الْبَحْر فَإِذا نسيت الْحُوت وَذهب مِنْك فثم تَجِد العَبْد الصَّالح الَّذِي تطلب
فَلَمَّا طَال صعُود مُوسَى وَنصب فِيهِ سَأَلَ فتاه عَن الْحُوت: ﴿قَالَ أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ﴾ لَك
قَالَ الْفَتى
لقد رَأَيْت الْحُوت حِين اتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سربا فأعجب ذَلِك فَرجع حَتَّى أَتَى الصَّخْرَة فَوجدَ الْحُوت فَجعل الْحُوت يضْرب فِي الْبَحْر ويتبعه مُوسَى يقدم
418
عَصَاهُ يفرج بهَا عَنهُ المَاء وَيتبع الْحُوت وَجعل الْحُوت لَا يمس شَيْئا من الْبَحْر إِلَّا يبس حَتَّى يكون صَخْرَة فَجعل نَبِي الله يعجب من ذَلِك حَتَّى انْتهى الْحُوت إِلَى جَزِيرَة من جزائر الْبَحْر فلقي الْخضر بهَا فسلّم عَلَيْهِ فَقَالَ الْخضر: وَعَلَيْك السَّلَام
وأنى يكون هَذَا السَّلَام بِهَذَا الأَرْض
وَمن أَنْت قَالَ: أَنا مُوسَى
فَقَالَ لَهُ الْخضر: أصَاحب بني إِسْرَائِيل فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ: مَا جَاءَ بك قَالَ: جئْتُك ﴿على أَن تعلمن مِمَّا علمت رشدا قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾ يَقُول: لَا تطِيق ذَلِك
قَالَ مُوسَى: ﴿ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا﴾ فَانْطَلق بِهِ وَقَالَ لَهُ: لَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء أصنعه حَتَّى أبين لَك شَأْنه
فَذَلِك قَوْله: ﴿حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والخطيب وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق هرون بن عنترة عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلَ مُوسَى ربه فَقَالَ: رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك قَالَ: الَّذِي يذكرنِي وَلَا ينساني
قَالَ: فَأَي عِبَادك أقضى قَالَ: الَّذِي يقْضِي بِالْحَقِّ وَلَا يتبع الْهوى
قَالَ: فأيّ عِبَادك أعلم قَالَ: الَّذِي يَبْتَغِي علم النَّاس إِلَى علمه عَسى أَن يُصِيب كلمة تهديه إِلَى هدى أَو ترده عَن ردى
قَالَ: وَقد كَانَ حدث مُوسَى نَفسه أَنه لَيْسَ أحد أعلم مِنْهُ
قَالَ: رب فَهَل أحد أعلم مني قَالَ: نعم
قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ قيل لَهُ: عِنْد الصَّخْرَة الَّتِي عِنْدهَا الْعين
فَخرج مُوسَى يَطْلُبهُ حَتَّى كَانَ مَا ذكر الله وانْتهى مُوسَى إِلَيْهِ عِنْد الصَّخْرَة فَسلم كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه فَقَالَ لَهُ مُوسَى: إِنِّي أُرِيد أَن تصحبني
قَالَ: إِنَّك لن تطِيق صحبتي
قَالَ: بلَى
قَالَ: فَإِن صحبتني ﴿فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا﴾ فَسَار بِهِ فِي الْبَحْر حَتَّى انْتهى إِلَى محمع الْبَحْرين وَلَيْسَ فِي الْبَحْر مَكَان أَكثر مَاء مِنْهُ
قَالَ: وَبعث الله الخطاف فَجعل يَسْتَقِي مِنْهُ بمنقاره فَقَالَ لمُوسَى: كم ترى هَذَا الخطاف رزأ بمنقاره من المَاء قَالَ: مَا أقل مَا رزأ
قَالَ: فَإِن علمي وعلمك فِي علم الله كَقدْر مَا استقى هَذَا الخطاف من هَذَا المَاء
وَذكر تَمام الحَدِيث فِي خرق السَّفِينَة وَقتل الْغُلَام وَإِصْلَاح الْجِدَار فَكَانَ قَول مُوسَى فِي الْجِدَار لنَفسِهِ شَيْئا من الدُّنْيَا وَكَانَ قَوْله فِي السَّفِينَة وَفِي الْغُلَام لله عز وَجل
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مقَاتل بن سُلَيْمَان عَن
419
الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْخضر ابْن آدم لصلبه ونسئ لَهُ فِي أَجله حَتَّى يكذب الدَّجَّال
وَأخرج البُخَارِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا سمي الْخضر لِأَنَّهُ جلس على فَرْوَة بَيْضَاء فَإِذا هِيَ تهتز من خَلفه خضراء
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا سمي الْخضر خضرًا لِأَنَّهُ صلى على فَرْوَة بَيْضَاء فاهتزت خضراء
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: إِنَّمَا سمي الْخضر لِأَنَّهُ إِذا صلى اخضر مَا حوله
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: حَدثنَا أَصْحَابنَا إِن آدم عَلَيْهِ السَّلَام لما حَضَره الْمَوْت جمع بنيه فَقَالَ: يَا بني إِن الله سينزل على أهل الأَرْض عذَابا فَلْيَكُن جَسَدِي مَعكُمْ فِي المغارة حَتَّى إِذا هبطتم فابعثوني وادفنوني بِأَرْض الشَّام
فَكَانَ جسده مَعَهم فَلَمَّا بعث الله نوحًا ضم ذَلِك الْجَسَد وَأرْسل الله الطوفان على الأَرْض فغرقت الأَرْض زَمَانا فجَاء نوح حَتَّى نزل بابل وَأوصى بنيه الثَّلَاثَة - وهم سَام وَحَام وَيَافث - أَن يذهبوا بجسده إِلَى الْغَار الَّذِي أَمرهم أَن يدفنوه بِهِ
فَقَالُوا: الأَرْض وحشية لَا أنيس بهَا وَلَا نهتدي لطريق وَلَكِن كفّ حَتَّى يعظم النَّاس ويكثروا
فَقَالَ لَهُم نوح: إِن آدم قد دَعَا الله أَن يُطِيل عمر الَّذِي يدفنه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
فَلم يزل جَسَد آدم حَتَّى جَاءَ الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الَّذِي تولى دَفنه فأنجز الله لَهُ مَا وعده فَهُوَ يحيا مَا شَاءَ الله أَن يحيا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب: أَن الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام أمه رُومِية وَأَبوهُ فَارسي
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما لَقِي مُوسَى الْخضر جَاءَ طير فَألْقى منقاره فِي المَاء فَقَالَ الْخضر لمُوسَى: تَدْرِي مَا يَقُول هَذَا الطَّائِر قَالَ: وَمَا يَقُول قَالَ: يَقُول: مَا علمك وَعلم مُوسَى فِي علم الله إِلَّا كَمَا أَخذ منقاري من المَاء
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما﴾
420
قَالَ: أحلّت لَهُم الْكُنُوز وَحرمت عَلَيْهِم الْغَنَائِم وَأحلت لنا الْغَنَائِم وَحرمت علينا الْكُنُوز
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَزَّار عَن أبي ذَر رَفعه قَالَ: إِن الْكَنْز الَّذِي ذكره الله فِي كِتَابه لوح من ذهب مضمن عجبت لمن أَيقَن بِالْقدرِ ثمَّ نصب وَعَجِبت لمن ذكر النَّار ثمَّ ضحك وَعَجِبت لمن ذكر الْمَوْت ثمَّ غفل
لَا إِلَه إِلَّا الله
مُحَمَّد رَسُول الله
وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ اللَّوْح الَّذِي ذكر الله تَعَالَى فِي كِتَابه ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما﴾ حجر منقوراً فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم عجبا لمن يعلم أَن الْقدر حق كَيفَ يحزن
وعجباً لمن يعلم أَن الْمَوْت حق كَيفَ يفرح
وعجباً لمن يرى الدُّنْيَا وغرورها وَتَقَلُّبهَا بِأَهْلِهَا كَيفَ يطمئن إِلَيْهَا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
وَأخرج الخرائطي فِي قمع الْحِرْص وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي حَازِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما﴾ قَالَ: لوح من ذهب مَكْتُوب فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم عجبا لمن يعرف الْمَوْت كَيفَ يفرح
وعجباً لمن يعرف النَّار كَيفَ يضْحك
وعجباً لمن يعرف الدُّنْيَا وَتَقَلُّبهَا بِأَهْلِهَا كَيفَ يطمئن إِلَيْهَا
وعجباً لمن أَيقَن بِالْقضَاءِ وَالْقدر كَيفَ ينصب فِي طلب الرزق
وعجباً لمن يُؤمن بِالْحِسَابِ كَيفَ يعْمل الْخَطَايَا
لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما﴾ قَالَ: لوح من ذهب مَكْتُوب فِيهِ: شهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله شهِدت أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله عجبت لمن يُؤمن بِالْقدرِ كَيفَ يحزن
عجبت لمن يُؤمن بِالْمَوْتِ كَيفَ يفرح
عجبت لمن تفكر فِي تقلب اللَّيْل وَالنَّهَار ويأمن فجأتهما حَالا فحالاً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما﴾ قَالَ: مَا كَانَ ذَهَبا وَلَا فضَّة كَانَ صحفاً عَلَيْهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَول الله عز وَجل: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما﴾ قَالَ: كَانَ لوح من ذهب مَكْتُوب فِيهِ: لَا إِلَه الله إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
عجبا لمن يذكر الْمَوْت حق كَيفَ يفرح
وعجباً لمن يذكر أَن
421
النَّار حق كَيفَ يضْحك
وعجباً لمن يذكر أَن الْقدر حق كَيفَ يحزن
وعجباً لمن يرى الدُّنْيَا وتصرفها بِأَهْلِهَا حَالا بعد حَال كَيفَ يطمئن إِلَيْهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا﴾ قَالَ: كَانَ يُؤَدِّي الْأَمَانَات والودائع إِلَى أَهلهَا
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا﴾ قَالَ: حفظ الصّلاح لأبيهما وَمَا ذكر عَنْهُمَا صلاحاً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله يصلح بصلاح الرجل وَلَده وَولد وَلَده ويحفظه فِي ذُريَّته وَالدُّوَيْرَاتِ حوله فَمَا يزالون فِي ستر من الله وعافية
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يصلح بصلاح الرجل الصَّالح وَلَده وَولد وَلَده وَأهل دويرات حوله فَمَا يزالون فِي حفظ الله مَا دَامَ فيهم
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر مَوْقُوفا
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن كَعْب قَالَ: إِن الله يخلف العَبْد الْمُؤمن فِي وَلَده ثَمَانِينَ عَاما
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَيْنَمَا مُوسَى يُخَاطب الْخضر يَقُول: أَلَسْت نَبِي بني إِسْرَائِيل فقد أُوتيت من الْعلم مَا تكتفي بِهِ ومُوسَى يَقُول لَهُ: إِنِّي قد أمرت باتباعك
وَالْخضر يَقُول: ﴿إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾ فَبَيْنَمَا هُوَ يخاطبه إِذْ جَاءَ عُصْفُور فَوَقع على شاطئ الْبَحْر
فَنقرَ مِنْهُ نقرة ثمَّ طَار فَذهب فَقَالَ الْخضر لمُوسَى: يَا مُوسَى هَل رَأَيْت الطير أصَاب من الْبَحْر قَالَ: نعم
قَالَ: مَا أصبتُ أَنا وَأَنت من الْعلم فِي علم الله إِلَّا بِمَنْزِلَة مَا أصَاب هَذَا الطير من هَذَا الْبَحْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿لَا أَبْرَح حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين﴾ قَالَ: حَتَّى إنتهي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿مجمع الْبَحْرين﴾ قَالَ: بَحر فَارس وَالروم هما بَحر الْمشرق وَالْمغْرب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس مثله
422
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله: ﴿مجمع الْبَحْرين﴾ قَالَ: أفريقية
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: ﴿مجمع الْبَحْرين﴾ قَالَ: طنجة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿مجمع الْبَحْرين﴾ قَالَ: الْكر والرس حَيْثُ يصبَّانِ فِي الْبَحْر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أَو أمضي حقباً﴾ قَالَ: دهراً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أَو أمضي حقباً﴾ قَالَ: سبعين خَرِيفًا
وَفِي قَوْله: ﴿فَلَمَّا بلغا مجمع بَينهمَا﴾ قَالَ: بَين الْبَحْرين ﴿نسيا حوتهما﴾ قَالَ: أضلاه فِي الْبَحْر ﴿وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا﴾ قَالَ: مُوسَى يعجب من أثر الْحُوت ودوراته الَّتِي غَابَ فِيهَا ﴿فارتدا على آثارهما قصصا﴾ قَالَ: اتِّبَاع مُوسَى وفتاه أثر الْحُوت حَيْثُ يشق الْبَحْر رَاجِعين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿نسيا حوتهما﴾ قَالَ: كَانَ مملوحاً مشقوق الْبَطن
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً﴾ قَالَ: أَثَره يَابِس فِي الْبَحْر كَأَنَّهُ حجر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا انجاب مَاء مُنْذُ كَانَ النَّاس غير بَيت مَاء الْحُوت دخل مِنْهُ صَار منجاباً كالكرة حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ مُوسَى فَرَأى إِمْسَاكه قَالَ: ﴿ذَلِك مَا كُنَّا نبغ فارتدا على آثارهما قصصاً﴾ أَي يقصان آثارهما حَتَّى انتهيا إِلَى مدْخل الْبَحْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً﴾ قَالَ: جَاءَ فَرَأى جناحيه فِي الطين حِين وَقع فِي المَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً﴾ قَالَ: دخل الْحُوت فِي الْبَطْحَاء بعد مَوته حِين أَحْيَاهُ الله ثمَّ اتخذ فِيهَا سرباً حَتَّى وصل إِلَى الْبَحْر
والسرب طَرِيق حَتَّى وصل إِلَى المَاء وَهِي بطحاء يابسة فِي الْبر بَعْدَمَا أكل مِنْهُ دهراً طَويلا وَهُوَ زَاده ثمَّ أَحْيَاهُ الله
423
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام شقّ الْحُوت وملحه وتغدى مِنْهُ وتعشى فَلَمَّا كَانَ من الْغَد ﴿قَالَ لفتاه آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ فِي قِرَاءَة أُبي وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكر لَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: أَتَى الْحُوت على عين فِي الْبَحْر يُقَال لَهَا عين الْحَيَاة فَلَمَّا أصَاب تِلْكَ الْعين ردّ الله إِلَيْهِ روحه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فارتدا على آثارهما قصصاً﴾ قَالَ: عودهما على بدئهما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فوجدا عبدا من عبادنَا﴾ قَالَ: لقيا رجلا عَالما يُقَال لَهُ خضر
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي بن كَعْب: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: شممت لَيْلَة أسرِي بِي رَائِحَة طيبَة فَقلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذِه الرَّائِحَة الطّيبَة قَالَ: ريح قبر الماشطة وابنيها وَزوجهَا وَكَانَ بَدْء ذَلِك أَن الْخضر كَانَ من أَشْرَاف بني إِسْرَائِيل وَكَانَ مَمَره براهب فِي صومعته فَيطلع عَلَيْهِ الراهب فيعلمه الْإِسْلَام وَأخذ عَلَيْهِ أَن لَا يُعلمهُ أحدا
ثمَّ إِن أَبَاهُ زوجه امْرَأَة فعلمها الْإِسْلَام وَأخذ عَلَيْهَا أَن لَا تعلمه أحدا وَكَانَ لَا يقرب النِّسَاء ثمَّ زوجه أُخْرَى فعلمها الْإِسْلَام وَأخذ عَلَيْهَا أَن لَا تعلمه أحدا ثمَّ طَلقهَا فأفشت عَلَيْهِ إِحْدَاهمَا وكتمت الْأُخْرَى فَخرج هَارِبا حَتَّى أَتَى جَزِيرَة فِي الْبَحْر فَرَآهُ رجلَانِ فأفشى عَلَيْهِ أَحدهمَا وكتم الآخر
فَقيل لَهُ: وَمن رَآهُ مَعَك قَالَ: فلَان
وَكَانَ فِي دينهم أَن من كذب قتل فَسئلَ فكتم فَقتل الَّذِي أفشى عَلَيْهِ ثمَّ تزوج الكاتم عَلَيْهِ الْمَرْأَة الماشطة فَبَيْنَمَا هِيَ تمشط ابْنة فِرْعَوْن إِذْ سقط الْمشْط من يَدهَا فَقَالَت: تعس فِرْعَوْن
فَأخْبرت الْجَارِيَة أَبَاهَا فَأرْسل إِلَى الْمَرْأَة وابنيها وَزوجهَا فأرادهم أَن يرجِعوا عَن دينهم فَأَبَوا فَقَالَ: إِنِّي قاتلكم
قَالَ: أحببنا مِنْك إِن أَنْت قتلتنا أَن تجعلنا فِي قبر وَاحِد
فَقَتلهُمْ وجعلهم فِي قبر وَاحِد
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا شممت رَائِحَة أطيب مِنْهَا وَقد دخلت الْجنَّة
424
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِنَّمَا سمي الْخضر لِأَنَّهُ كَانَ إِذا جلس فِي مَكَان اخْضَرّ مَا حوله وَكَانَت ثِيَابه خضرًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿آتيناه رَحْمَة من عندنَا﴾ قَالَ: أعطيناه الْهدى والنبوة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: إِنَّمَا سمي الْخضر لِأَنَّهُ إِذا قَامَ فِي مَكَان نبت العشب تَحت رجلَيْهِ حَتَّى يُغطي قَدَمَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿ركبا فِي السَّفِينَة﴾ قَالَ: إِنَّمَا كَانَت معبراً فِي مَاء الْكر فَرسَخ فِي فَرسَخ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ليغرق أَهلهَا بِالْيَاءِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿لقد جِئْت شَيْئا إمراً﴾ يَقُول: مُنْكرا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿شَيْئا إمراً﴾ يَقُول: مُنْكرا
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿شَيْئا إمراً﴾ قَالَ: عجبا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر فِي قَوْله: ﴿شَيْئا إمراً﴾ قَالَ: عَظِيما
وَأخرج ابْن جرير عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله: ﴿لَا تؤاخذني بِمَا نسيت﴾ قَالَ: لم ينس وَلكنهَا من معاريض الْكَلَام
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة وَمن طَرِيق حَمَّاد بن يزِيد عَن شُعَيْب بن الْحجاب قَالَا: كَانَ الْخضر عبدا لَا ترَاهُ الْأَعْين إِلَّا من أَرَادَ الله أَن يرِيه إِيَّاه فَلم يرِيه من الْقَوْم إِلَّا مُوسَى وَلَو رَآهُ الْقَوْم لحالوا بَينه وَبَين خرق السَّفِينَة وَبَين قتل الْغُلَام
قَالَ حَمَّاد: وَكَانُوا يرَوْنَ أَن موت الْفجأَة من ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز فِي قَوْله: ﴿لقيا غُلَاما﴾ قَالَ: كَانَ غُلَاما ابْن عشْرين سنة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أُبي بن كَعْب قَالَ: لما قتل الْخضر الْغُلَام ذعر مُوسَى ذعرة مُنكرَة
425
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿نفسا زكية﴾ قَالَ: تائبة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ [قتلت نفسا زكية] قَالَ سعيد: زكية مسلمة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿نفسا زكية﴾ قَالَ: لم تبلغ الْخَطَايَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿زكية﴾ يَقُول: تائبة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿نفسا زكية﴾ قَالَ: تائبة
يَعْنِي صَبيا لم يبلغ
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿لقد جِئْت شَيْئا نكراً﴾ قَالَ: النكر أنكر من الْعجب
وَأخرج أَحْمد عَن عَطاء قَالَ: كتب نجدة الحروري إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله عَن قتل الصّبيان فَكتب إِلَيْهِ: إِن كنت الْخضر تعرف الْكَافِر من الْمُؤمن فاقتلهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يزِيد بن جرير قَالَ: كتب نجدة إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله عَن قتل الْولدَان وَيَقُول فِي كِتَابه: إِن الْعَالم صَاحب مُوسَى قد قتل الْوَلِيد
قَالَ يزِيد: أَنا كتبت كتاب ابْن عَبَّاس بيَدي إِلَى نجدة أَنَّك كتبت تسْأَل عَن قتل الْولدَان وَتقول فِي كتابك إِن الْعَالم صَاحب مُوسَى قد قتل الْوَلِيد وَلَو كنت تعلم من الْولدَان مَا علم ذَلِك الْعَالم من ذَلِك الْوَلِيد قتلته وَلَكِنَّك لَا تعلم
قد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَتلهمْ فاعتزلهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الْولدَان فِي الْجنَّة قَالَ: حَسبك مَا اخْتصم فِيهِ مُوسَى وَالْخضر
وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُبيّ بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر طبع يَوْم طبع كَافِرًا وَلَو أدْرك لأرهق أَبَوَيْهِ طغياناً وَكفرا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر طبع كَافِرًا
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر طبع كَافِرًا وَلَو عَاشَ لأرهق أَبَوَيْهِ طغياناً وَكفرا
426
وَأخرج ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا﴾ مهموزتين
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعبد الله بن أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿من لدني عذرا﴾ مثقلة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿أَتَيَا أهل قَرْيَة﴾ قَالَ: كَانَت الْقرْيَة تسمى باجروان كَانَ أَهلهَا لِئَامًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: أَتَيَا الإبلة وَهِي أبعد أَرض الله من السَّمَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق قَتَادَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أَتَيَا أهل قَرْيَة﴾ : قَالَ: هِيَ أبرة
قَالَ: وحَدثني رجل أَنَّهَا انطاكية
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَيُّوب بن مُوسَى قَالَ: بَلغنِي أَن الْمَسْأَلَة للمحتاج حَسَنَة أَلا تسمع أَن مُوسَى وَصَاحبه استطعما أَهلهَا وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا﴾ مُشَدّدَة
وَأخرج الديلمي عَن أبي بن كَعْب رَفعه فِي قَوْله: ﴿فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا﴾ قَالَ: كَانُوا أهل قَرْيَة لِئَامًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿يُرِيد أَن ينْقض﴾ قَالَ: يسْقط
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي بن كَعْب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه قَرَأَ ﴿فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض﴾ فهدمه ثمَّ قعد يبنيه
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿فأقامه﴾ قَالَ: رفع الْجِدَار بِيَدِهِ فاستقام
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هرون قَالَ: فِي حُرُوف عبد الله لَو شِئْت لتخذت عَلَيْهِ أجرا
وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ لَو شِئْت لتخذت عَلَيْهِ أجرا مُخَفّفَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: قَالَ عمر بن
427
الْخطاب وَرَسُول الله يُحَدِّثهُمْ بِهَذَا الحَدِيث حَتَّى فرغ من الْقِصَّة: يرحم الله مُوسَى وَدِدْنَا أَنه لَو صَبر حَتَّى يقص علينا من حَدِيثهمَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَحْمَة الله علينا وعَلى مُوسَى - فَبَدَأَ بِنَفسِهِ - لَو كَانَ صَبر لقص علينا من خَبره وَلَكِن قَالَ: ﴿إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿فَأَرَدْت أَن أعيبها﴾ قَالَ: أخرقها
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ: وَكَانَ أمامهم ملك يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أُبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت تقْرَأ فِي الْحَرْف الأول كل سفينة صَالِحَة غصبا قَالَ: وَكَانَ لَا يَأْخُذ إِلَّا خِيَار السفن
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الزَّاهِرِيَّة قَالَ: كتب عُثْمَان وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شُعَيْب الجبائي قَالَ: كَانَ اسْم الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر جيسور
وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ وَأما الْغُلَام فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: فِي حرف أبي وَأما الْغُلَام فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿فَخَشِينَا﴾ قَالَ: فأشفقنا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: هِيَ فِي مصحف عبد الله فخاف رَبك أَن يرهقهما طغياناً وَكفرا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿فَخَشِينَا أَن يرهقهما طغياناً وَكفرا﴾ قَالَ: خشينا أَن يحملهما حبه على أَن يتابعاه على دينه
428
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطر فِي الْآيَة قَالَ: لَو بَقِي كَانَ فِيهِ بوارهما واستئصالهما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ مطرف بن الشخير: إِنَّا لنعلم أَنَّهُمَا قد فَرحا بِهِ يَوْم ولد وحزنا عَلَيْهِ يَوْم قتل وَلَو عَاشَ لَكَانَ فِيهِ هلاكهما
فَرضِي رجل بِمَا قسم الله لَهُ فَإِن قَضَاء الله لِلْمُؤمنِ خير من قَضَائِهِ لنَفسِهِ وَقَضَاء الله لَك فِيمَا تكره خير من قَضَائِهِ لَك فِيمَا تحب
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿خيرا مِنْهُ زَكَاة﴾ قَالَ: إسلاماً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي قَوْله: ﴿خيرا مِنْهُ زَكَاة﴾ قَالَ: دينا ﴿وَأقرب رحما﴾ قَالَ: مَوَدَّة
فأبدلا جَارِيَة ولدت نَبيا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق بسطَام بن جميل عَن عمر بن يُوسُف فِي الْآيَة قَالَ: أبدلهما جَارِيَة مَكَان الْغُلَام ولدت نبيين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما﴾ قَالَ: كَانَ الْكَنْز لمن قبلنَا وَحرم علينا وَحرمت الْغَنِيمَة على مَا كَانَ قبلنَا وَأحلت لنا فَلَا تعجبن للرجل يَقُول: مَا شَأْن الْكَنْز أحل لمن قبلنَا وَحرم علينا فَإِن الله يحل من أمره مَا يَشَاء وَيحرم مَا يَشَاء وَهِي السّنَن والفرائض
تحل لأمة وَتحرم على أُخْرَى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن خَيْثَمَة قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام: طُوبَى لذرية مُؤمن ثمَّ طُوبَى لَهُم كَيفَ يحفظون من بعده
وتلا خَيْثَمَة ﴿وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن وهب قَالَ: إِن الله يصلح بِالْعَبدِ الصَّالح الْقَبِيل من النَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق شيبَة عَن سُلَيْمَان بن سليم بن سَلمَة قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة إِن الله ليحفظ الْقرن إِلَى الْقرن إِلَى سَبْعَة قُرُون وَإِن الله يهْلك الْقرن إِلَى الْقرن إِلَى سَبْعَة قُرُون
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب قَالَ: إِن الرب تبَارك وَتَعَالَى قَالَ فِي بعض مَا
429
يَقُول لنَبِيّ إِسْرَائِيل: إِنِّي إِذا أَطَعْت رضيت وَإِذا رضيت باركت وَلَيْسَ لبركتي ناهية وَإِذا عصيت غضِبت ولعنت ولعنتي تبلغ السَّابِع من الْوَلَد
وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: يَقُول الله: اتَّقوا غَضَبي فَإِن غَضَبي يدْرك إِلَى ثَلَاثَة آبَاء وأحبوا رضاي فَإِن رضاي يدْرك فِي الْأمة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَمَا فعلته عَن أَمْرِي﴾ قَالَ: كَانَ عبدا مَأْمُورا مضى لأمر الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: قَالَ مُوسَى لفتاه يُوشَع بن نون ﴿لَا أَبْرَح حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين﴾ فاصطادا حوتاً فاتخذاه زاداً وسارا حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَة الَّتِي أرادها فهاجت ريح فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْمَكَان ونسيا عَلَيْهِ الْحُوت ثمَّ ذَهَبا فسارا حَتَّى اشتهيا الطَّعَام فَقَالَ لفتاه: ﴿آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا﴾ يَعْنِي جهداً فِي السّير
فَقَالَ الْفَتى لمُوسَى: ﴿أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ﴾
قَالَ: فسمعنا عَن ابْن عَبَّاس أَنه حدث عَن رجال من عُلَمَاء أهل الْكتاب أَن مُوسَى دَعَا ربه على أَثَره وَمَعَهُ مَاء عذب فِي سقاء فصب من ذَلِك المَاء فِي الْبَحْر وانصب على أَثَره فَصَارَ حجرا أَبيض أجوف فَأخذ فِيهِ حَتَّى انْتهى إِلَى الصَّخْرَة الَّتِي أَرَادَ فصعدها وَهُوَ متشوف: هَل يرى ذَلِك الرجل حَتَّى كَاد يسيء الظَّن ثمَّ رَآهُ فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا خضر
قَالَ: عَلَيْك السَّلَام يَا مُوسَى
قَالَ: من حَدثَك أَنِّي أَنا مُوسَى
قَالَ: حَدثنِي الَّذِي حَدثَك أَنِّي أَنا الْخضر
قَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن أصحبك ﴿على أَن تعلمن مِمَّا علمت رشدا﴾ وَأَنه تقدم إِلَيْهِ فنصحه فَقَالَ: ﴿إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا﴾ وَذَلِكَ بِأَن أحدهم لَو رأى شَيْئا لم يكن رَآهُ قطّ وَلم يكن شهده مَا كَانَ يصبر حَتَّى يسْأَل مَا هَذَا فَلَمَّا أَبى عَلَيْهِ مُوسَى إِلَّا أَن يَصْحَبهُ ﴿قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا﴾ إِن عجلت عليّ فِي ثَلَاث فَذَلِك حِين أُفَارِقك
فهم قيام ينظرُونَ إِذْ مرت سفينة ذَاهِبَة إِلَى أبلة فناداهم خضر: يَا أَصْحَاب السَّفِينَة هَلُمَّ إِلَيْنَا فاحملونا فِي سفينتكم وَإِن أَصْحَاب السَّفِينَة قَالُوا لصَاحِبِهِمْ: إِنَّا نرى رجَالًا فِي مَكَان مخوف إِنَّمَا يكون هَؤُلَاءِ لصوصاً فَلَا تحملهم
فَقَالَ صَاحب السَّفِينَة: إِنِّي أرى رجَالًا على وُجُوههم النُّور لأحملنهم
فَقَالَ الْخضر: بكم
430
حملت هَؤُلَاءِ كل رجل حملت فِي سفينتك فلك لكل رجل منا الضعْف
فحملهم فَسَارُوا حَتَّى إِذا شارفوا على الأَرْض - وَقد أَمر صَاحب الْقرْيَة: إِن أبصرتم كل سفينة صَالِحَة لَيْسَ فِيهَا عيب فائتوني بهَا - وَإِن الْخضر أَمر أَن يَجْعَل فِيهَا عَيْبا لكَي لَا يسخروها فخرقها فنبع فِيهَا المَاء وَإِن مُوسَى امْتَلَأَ غَضبا ﴿قَالَ أخرقتها لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمراً﴾ وَإِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام شدّ عَلَيْهِ ثِيَابه وَأَرَادَ أَن يقذف الْخضر فِي الْبَحْر فَقَالَ: أردْت هلاكهم فتعلّم أَنَّك أول هَالك: فَجعل مُوسَى كلما ازْدَادَ غَضبا اسْتَقر الْبَحْر وَكلما سكن كَانَ الْبَحْر كالدهر وَإِن يُوشَع بن نون قَالَ لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: أَلا تذكر الْعَهْد والميثاق الَّذِي جعلت على نَفسك وَإِن الْخضر أقبل عَلَيْهِ ﴿قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا﴾ وَإِن مُوسَى أدْركهُ عِنْد ذَلِك الْحلم فَقَالَ: ﴿لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً﴾ فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى الْقرْيَة قَالَ خضر: مَا خلصوا إِلَيْكُم حَتَّى خَشوا الْغَرق وَأَن الْخضر أقبل على صَاحب السَّفِينَة فَقَالَ: إِنَّمَا أردْت الَّذِي هُوَ خير لَك فحمدوا رَأْيه فِي آخر الحَدِيث وَأَصْلَحهَا الله كَمَا كَانَت
ثمَّ إِنَّهُم خَرجُوا حَتَّى انْتَهوا إِلَى غُلَام شَاب عهد إِلَى الْخضر أَن أَقتلهُ فَقتله ﴿قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس﴾ إِلَى قَوْله: ﴿قَالَ لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا﴾ وَإِن خضرًا أقبل عَلَيْهِ فَقَالَ: قد وفيت لَك بِمَا جعلت على نَفسِي ﴿هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك﴾ ﴿وَأما الْغُلَام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين﴾ فَكَانَ لَا يغْضب أحدا إِلَّا دَعَا عَلَيْهِ وعَلى أَبَوَيْهِ فطهر الله أَبَوَيْهِ أَن يَدْعُو عَلَيْهِمَا أحد وأيد لَهما مَكَان الْغُلَام آخر خيرا مِنْهُ وأبرّ بِوَالِديهِ ﴿وَأقرب رحما﴾
﴿وَأما الْجِدَار فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما﴾ فسمعنا أَن ذَلِك الْكَنْز كَانَ علما فورثا ذَلِك الْعلم
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْحسن بن عمَارَة عَن أَبِيه قَالَ: قيل لِابْنِ عَبَّاس: لم نسْمع - يَعْنِي مُوسَى - يذكر من حَدِيث فتاه وَقد كَانَ مَعَه
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فِيمَا يذكر من حَدِيث الْفَتى قَالَ: شرب الْفَتى من المَاء فخلد فَأَخذه الْعَالم فطابق بِهِ سفينة ثمَّ أرْسلهُ فِي الْبَحْر فَإِنَّهَا لتموج بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَذَلِكَ أَنه لم يكن لَهُ أَن يشرب مِنْهُ
قَالَ ابْن كثير الْحسن مَتْرُوك وَأَبوهُ غير مَعْرُوف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن يُوسُف بن أَسْبَاط قَالَ: بَلغنِي أَن الْخضر
431
قَالَ لمُوسَى لما أَرَادَ أَن يُفَارِقهُ: يَا مُوسَى تعلم الْعلم لتعمل بِهِ وَلَا تعلمه لتحدث بِهِ
وَبَلغنِي أَن مُوسَى قَالَ للخضر: ادْع لي
فَقَالَ الْخضر: يسر الله عَلَيْك طَاعَته
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب قَالَ: قَالَ الْخضر لمُوسَى حِين لقِيه: يَا مُوسَى انْزعْ عَن اللجاجة وَلَا تمش فِي غير حَاجَة وَلَا تضحك من غير عجب والزم بَيْتك وابك على خطيئتك
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أبي عبد الله - أَظُنهُ الْمَلْطِي - قَالَ: أَرَادَ مُوسَى أَن يُفَارق الْخضر فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أوصني
قَالَ: كن نفّاعاً وَلَا تكن ضِرَارًا كن بشاشاً وَلَا تكن غضباناً ارْجع عَن اللجاجة وَلَا تمش فِي غير حَاجَة وَلَا تُعَيِّرُ امْرأ بخطيئته وابك على خطيئتك يَا ابْن عمرَان
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب أَن الْخضر قَالَ لمُوسَى: يَا مُوسَى إِن النَّاس يُعَذبُونَ فِي الدُّنْيَا على قدر همومهم بهَا
وَأخرج الْعقيلِيّ عَن كَعْب قَالَ: الْخضر على مِنْبَر بَين الْبَحْر الْأَعْلَى وَالْبَحْر الْأَسْفَل وَقد أمرت دَوَاب الْبَحْر أَن تسمع لَهُ وتطيع وَتعرض عَلَيْهِ الْأَرْوَاح غدْوَة وَعَشِيَّة
وَأخرج ابْن شاهين عَن خصيف قَالَ: أَرْبَعَة من الْأَنْبِيَاء أَحيَاء: اثْنَان فِي السَّمَاء عِيسَى وَإِدْرِيس
وإثنان فِي الأَرْض الْخضر وإلياس
فَأَما الْخضر فَإِنَّهُ فِي الْبَحْر
وَأما صَاحبه فَإِنَّهُ فِي الْبر
وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: بَينا أَنا أَطُوف إِذا أَنا بِرَجُل مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَهُوَ يَقُول: يَا من لَا يشْغلهُ سمع عَن سمع وَيَا مَنْ لَا تغلطه الْمسَائِل وَيَا من لَا يتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك قلت: يَا عبد الله أعد الْكَلَام
قَالَ: وسمعته قلت: نعم
قَالَ: وَالَّذِي نفس الْخضر بِيَدِهِ: - وَكَانَ هُوَ الْخضر - لَا يقولهن عبد دبر الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة إِلَّا غفرت ذنُوبه وَإِن كَانَت مثل رمل عالج وَعدد الْمَطَر وورق الشّجر
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِن الْخضر بن عاميل ركب فِي نفر من أَصْحَابه حَتَّى بلغ الْهِنْد - وَهُوَ بَحر الصين -
432
فَقَالَ لأَصْحَابه: يَا أَصْحَابِي أدلوني
فدلوه فِي الْبَحْر أَيَّامًا وليالي ثمَّ صعد فَقَالُوا لَهُ: يَا خضر مَا رَأَيْت فَلَقَد أكرمك الله وَحفظ لَك نَفسك فِي لجة هَذَا الْبَحْر
فَقَالَ: استقبلني ملك من الْمَلَائِكَة فَقَالَ لي: أَيهَا الْآدَمِيّ الخطاء إِلَى أَيْن وَمن أَيْن فَقلت: إِنِّي أردْت أَن أنظر عمق هَذَا الْبَحْر
فَقَالَ لي: كَيفَ وَقد أَهْوى رجل من زمَان دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لم يبلغ ثلث قَعْره حَتَّى السَّاعَة وَذَلِكَ مُنْذُ ثلثمِائة سنة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بَقِيَّة قَالَ: حَدثنِي أَبُو سعيد قَالَ: سَمِعت أَن آخر كلمة أوصى بهَا الْخضر مُوسَى حِين فَارقه: إياك أَن تعير مسيئا بإساءته فتبتلى
أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُسَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه: أَلا أحدثكُم عَن الْخضر قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم يمشي فِي سوق بني إِسْرَائِيل أبصره رجل مكَاتب فَقَالَ: تصدق عليّ بَارك الله فِيك
فَقَالَ الْخضر: آمَنت بِاللَّه مَا شَاءَ الله من أَمر يكون مَا عِنْدِي شَيْء أعطيكه
فَقَالَ الْمِسْكِين: أَسأَلك بِوَجْه الله لما تَصَدَّقت عَليّ فَإِنِّي نظرت السماحة فِي وَجهك وَوجدت الْبركَة عنْدك
فَقَالَ الْخضر: آمَنت بِاللَّه مَا عِنْدِي شَيْء أعطيكه إِلَّا أَن تأخذني فتبيعني
فَقَالَ الْمِسْكِين: وَهل يَسْتَقِيم هَذَا قَالَ: نعم
الْحق أَقُول لقد سَأَلتنِي بِأَمْر عَظِيم: أما أَنِّي لَا أخيبك بِوَجْه رَبِّي تَعَالَى
فقدّمه إِلَى السُّوق فَبَاعَهُ بأربعمائة دِرْهَم فَمَكثَ عِنْد المُشْتَرِي زَمَانا لَا يَسْتَعْمِلهُ فِي شَيْء
فَقَالَ لَهُ: إِنَّك إِنَّمَا ابتعتني التمَاس خير عِنْدِي فأوصني أعمل بِعَمَل
قَالَ: أكره أَن أشق عَلَيْك إِنَّك شيخ كَبِير ضَعِيف
قَالَ: لَيْسَ يشق عليّ قَالَ: فَقُمْ فانقل هَذِه الْحِجَارَة
وَكَانَ لَا ينقلها دون سِتَّة نفر فِي يَوْم فَخرج الرجل لبَعض حَاجته ثمَّ انْصَرف وَقد نقل الْحِجَارَة فِي سَاعَة فَقَالَ: أَحْسَنت وأجملت وأطقت مَا لم أرك تُطِيقهُ ثمَّ عرض للرجل سفرة فَقَالَ: إِنِّي احتسبتك أَمينا فَاخْلُفْنِي فِي أَهلِي خلَافَة حَسَنَة
قَالَ: فأوصني بِعَمَل
قَالَ: إِنِّي أكره أَن أشق عَلَيْك
قَالَ: لَيْسَ يشق عليّ قَالَ: فَاضْرب من اللَّبن لنبني حَتَّى أقدم عَلَيْك فَمر الرجل لسفره فَرجع وَقد شيد بِنَاؤُه فَقَالَ: أَسأَلك بِوَجْه الله مَا سَبِيلك وَمَا أَمرك فَقَالَ: سَأَلتنِي بِوَجْه الله وَوجه الله أوقعني فِي الْعُبُودِيَّة أَنا الْخضر الَّذِي سَمِعت بِهِ
سَأَلَني مِسْكين صَدَقَة وَلم يكن عِنْدِي شَيْء أعْطِيه فَسَأَلَنِي بِوَجْه الله فأمكنته من نَفسِي فباعني
فأخبرك
433
أَنه من سُئِلَ بِوَجْه الله فَرد سائله وَهُوَ يقدر وقف يَوْم الْقِيَامَة جلدَة وَلَا لحم لَهُ وَلَا عظم ليتقصع
فَقَالَ الرجل: آمَنت بِاللَّه
شققت عَلَيْك يَا نَبِي الله وَلم أعلم
فَقَالَ: لَا بَأْس أَحْسَنت وأتقنت
فَقَالَ الرجل: بِأبي أَنْت وَأمي يَا نَبِي الله احكم فِي أَهلِي وَمَالِي بِمَا أَرَاك الله أَو أخيّرك فأخلي سَبِيلك
فَقَالَ: أحب أَن تخلي سبيلي أعبد رَبِّي
فخلّى سَبيله فَقَالَ الْخضر: الْحَمد لله الَّذِي أوقعني فِي الْعُبُودِيَّة ثمَّ نجاني مِنْهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحجَّاج بن فرافصة أَن رجلَيْنِ كَانَا يتبايعان عِنْد عبد الله بن عمر فَكَانَ أَحدهمَا يكثر الْحلف فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ مرّ عَلَيْهِمَا رجل فَقَامَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ للَّذي يكثر الْحلف: مَه يَا عبد الله اتَّقِ الله وَلَا تكْثر الْحلف فَإِنَّهُ لَا يزِيد فِي رزقك وَلَا ينقص من رزقك إِن لم تحلف
قَالَ: امْضِ لما يَعْنِيك
قَالَ: ذَا مِمَّا يعنيني - قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات وردّ عَلَيْهِ قَوْله - فَلَمَّا أَرَادَ أَن ينْصَرف قَالَ: اعْلَم أَن من آيَة الْإِيمَان أَن تُؤثر الصدْق حَيْثُ يَضرك على الْكَذِب حَيْثُ ينفعك وَلَا يكن فِي قَوْلك فضل على فضلك
ثمَّ انْصَرف فَقَالَ عبد الله بن عمر: الْحَقْهُ فاستكتبه هَذِه الْكَلِمَات
فَقَالَ: يَا عبد الله اكتبني هَذِه الْكَلِمَات يَرْحَمك الله
فَقَالَ الرجل: مَا يقدر الله من أَمر يكن فأعادهن عَلَيْهِ حَتَّى حفظهن ثمَّ شهده حَتَّى وضع إِحْدَى رجلَيْهِ فِي الْمَسْجِد فَمَا أَدْرِي أَرض لفظته أَو سَمَاء اقتلعته قَالَ: كَأَنَّهُمْ يرونه الْخضر أَو إلْيَاس عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده بسندٍ واهٍ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْخضر فِي الْبَحْر وَالْيَسع فِي الْبر يَجْتَمِعَانِ كل لَيْلَة عِنْد الرَّدْم الَّذِي بناه ذُو القرنين بَين النَّاس وَبَين يَأْجُوج وَمَأْجُوج ويحجان ويعتمران كل عَام ويشربان من زَمْزَم شربة تكفيهما إِلَى قَابل
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن أبي رواد قَالَ: إلْيَاس وَالْخضر يصومان شهر رَمَضَان فِي بَيت الْمُقَدّس ويحجان فِي كل سنة ويشربان من زَمْزَم شربة تكفيهما إِلَى مثلهَا من قَابل
وَأخرج الْعقيلِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يلتقي الْخضر وإلياس كل عَام فِي الْمَوْسِم فيحلق كل وَاحِد مِنْهُمَا رَأس صَاحبه ويتفرقان عَن هؤلاك الْكَلِمَات: بِسم الله مَا شَاءَ الله لَا يَسُوق الْخَيْر إِلَّا الله
434
مَا شَاءَ الله لَا يصرف السوء إِلَّا الله مَا شَاءَ الله مَا كَانَ من نعْمَة فَمن الله مَا شَاءَ الله لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ ابْن عَبَّاس: من قالهن حِين يصبح وَحين يُمْسِي ثَلَاث مَرَّات أَمنه الله من الْغَرق والحرق والسرق وَمن الشَّيَاطِين وَالسُّلْطَان والحية وَالْعَقْرَب
الْآيَة ٨٣
435
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ أو أمضي حقباً ﴾ قال : سبعين خريفاً. وفي قوله :﴿ فلما بلغا مجمع بينهما ﴾ قال : بين البحرين ﴿ نسيا حوتهما ﴾ قال : أضلاه في البحر ﴿ فاتخذ سبيله في البحر عجباً ﴾ قال : موسى يعجب من أثر الحوت ودوراته التي غاب فيها ﴿ فارتدا على آثارهما قصصاً ﴾ قال : اتباع موسى وفتاه أثر الحوت حيث يشق البحر راجعين.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ نسيا حوتهما ﴾ قال : كان مملوحاً مشقوق البطن.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ فاتخذ سبيله في البحر سرباً ﴾ قال : أثره يابس في البحر كأنه حجر.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما أنجاب ماء منذ كان الناس، غير بيت ماء كان الحوت دخل منه صار منجاباً كالكرة، حتى رجع إليه موسى فرأى إمساكه قال :﴿ ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصاً ﴾ أي، يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى مدخل الحوت ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ فاتخذ سبيله في البحر سرباً ﴾ قال : جاء فرأى جناحيه في الطين حين وقع في الماء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله :﴿ فاتخذ سبيله في البحر سرباً ﴾ قال : دخل الحوت في البطحاء بعد موته حين أحياه الله، ثم اتخذ فيها سرباً حتى وصل إلى البحر. والسرب، طريق حتى وصل إلى الماء وهي بطحاء يابسة في البر، بعدما أكل منه دهراً طويلاً وهو زاده، ثم أحياه الله.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس أن موسى عليه السلام شق الحوت وملحه وتغدى منه وتعشى، فلما كان من الغد ﴿ قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال في قراءة أُبي «وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكر له ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : أتى الحوت على عين في البحر يقال لها عين الحياة، فلما أصاب تلك العين ردّ الله إليه روحه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ فارتدا على آثارهما قصصاً ﴾ قال : عودهما على بدئهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ فوجدا عبداً من عبادنا ﴾ قال : لقيا رجلاً عالماً يقال له خضر.
وأخرج ابن عساكر عن أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«شممت ليلة أسري بي رائحة طيبة فقلت : يا جبريل، ما هذه الرائحة الطيبة ؟ قال : ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها، وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل، وكان ممره براهب في صومعته فيطلع عليه الراهب فيعلمه الإسلام، وأخذ عليه أن لا يعلمه أحداً. ثم إن أباه زوجه امرأة فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحداً، وكان لا يقرب النساء، ثم زوجه أخرى فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحداً، ثم طلقها فأفشت عليه إحداهما وكتمت الأخرى، فخرج هارباً حتى أتى جزيرة في البحر، فرآه رجلان فأفشى عليه أحدهما وكتم الآخر. فقيل له : ومن رآه معك ؟ قال : فلان. وكان في دينهم أن من كذب قتل، فسئل فكتم، فقتل الذي أفشى عليه ثم تزوج الكاتم عليه المرأة الماشطة، فبينما هي تمشط ابنة فرعون إذ سقط المشط من يدها، فقالت : تعس فرعون. فأخبرت الجارية أباها فأرسل إلى المرأة وابنيها وزوجها فأرادهم أن يرجعوا عن دينهم فأبوا، فقال : إني قاتلكم. قالوا : أحببنا منك إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد. فقتلهم وجعلهم في قبر واحد ».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما شممت رائحة أطيب منها وقد دخلت الجنة ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إنما سمي الخضر، لأنه كان إذا جلس في مكان اخْضَرّ ما حوله وكانت ثيابه خضراً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ آتيناه رحمة من عندنا ﴾ قال : أعطيناه الهدى والنبوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : إنما سمي الخضر، لأنه إذا قام في مكان نبت العشب تحت رجليه حتى يغطي قدميه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ ركبا في السفينة ﴾ قال : إنما كانت معبراً في ماء الكر فرسخ في فرسخ.
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ «ليغرق أهلها » بالياء.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله :﴿ لقد جئت شيئاً إمراً ﴾ يقول : منكراً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :﴿ شيئاً إمراً ﴾ يقول : منكراً.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ شيئاً إمراً ﴾ قال : عجباً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر في قوله :﴿ شيئاً إمراً ﴾ قال : عظيماً.
وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب في قوله :﴿ لا تؤاخذني بما نسيت ﴾ قال : لم ينس، ولكنها من معاريض الكلام.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي العالية ومن طريق حماد بن زيد، عن شعيب بن الحجاب قالا : كان الخضر عبداً لا تراه الأعين، إلا من أراد الله أن يريه إياه فلم يره من القوم إلا موسى، ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين خرق السفينة وبين قتل الغلام. قال حماد : وكانوا يرون أن موت الفجأة من ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز في قوله :﴿ لقيا غلاماً ﴾ قال : كان غلاماً ابن عشرين سنة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : لما قتل الخضر الغلام، ذعر موسى ذعرة منكرة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله :﴿ نفساً زكية ﴾ قال : تائبة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه كان يقرأ [ قتلت نفساً زكية ] قال سعيد : زكية مسلمة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ نفساً زكية ﴾ قال : لم تبلغ الخطايا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية أنه كان يقرأ ﴿ زكية ﴾ يقول : تائبة.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الحسن في قوله :﴿ نفساً زكية ﴾ قال : تائبة. يعني صبياً لم يبلغ.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ لقد جئت شيئاً نكراً ﴾ قال : النكر أنكر من العجب.
وأخرج أحمد عن عطاء قال : كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن قتل الصبيان، فكتب إليه : إن كنت الخضر تعرف الكافر من المؤمن فاقتلهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن جرير قال : كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن قتل الولدان، ويقول في كتابه : إن العالم صاحب موسى قد قتل الوليد.
قال يزيد : أنا كتبت كتاب ابن عباس بيدي إلى نجدة أنك كتبت تسأل عن قتل الولدان وتقول في كتابك أن العالم صاحب موسى قد قتل الوليد، ولو كنت تعلم من الولدان ما علم ذلك العالم من ذلك الوليد، قتلته ولكنك لا تعلم. . . قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلهم فاعتزلهم.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم، عن ابن أبي مليكة قال : سئل ابن عباس عن الولدان في الجنة قال : حسبك ما اختصم فيه موسى والخضر.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن مردويه، عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافراً، ولو أدرك لأرهق أبويه طغياناً وكفراً ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الغلام الذي قتله الخضر طبع كافراً ».
وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الغلام الذي قتله الخضر طبع كافراً، ولو عاش لأرهق أبويه طغياناً وكفراً ».
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ﴿ إن سألتك عن شيء بعدها ﴾ مهموزتين.
وأخرج أبو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد والبزار وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه، عن أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ﴿ من لدني عذراً ﴾ مثقلة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن السدي في قوله :﴿ أتيا أهل قرية ﴾ قال : كانت القرية تسمى باجروان كان أهلها لئاماً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : أتيا الإبلة وهي أبعد أرض الله من السماء.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة، عن ابن عباس في قوله :﴿ أتيا أهل قرية ﴾ : قال : هي أبرقة. قال : وحدثني رجل أنها إنطاكية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أيوب بن موسى قال : بلغني أن المسألة للمحتاج حسنة، ألا تسمع أن موسى وصاحبه استطعما أهلها ؟
وأخرج النسائي وابن مردويه عن أبي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ﴿ فأبوا أن يضيفوهما ﴾ مشددة.
وأخرج الديلمي عن أبي بن كعب رفعه في قوله :﴿ فأبوا أن يضيفوهما ﴾ قال : كانوا أهل قرية لئاماً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ يريد أن ينقض ﴾ قال : يسقط.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف، عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قرأ ﴿ فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض ﴾ فهدمه ثم قعد يبنيه.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ فأقامه ﴾ قال : رفع الجدار بيده فاستقام.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هارون قال : في حرف عبد الله «لو شئت لتخذت عليه أجراً ».
وأخرج البغوي في معجمه وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه، عن أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ «لو شئت لتخذت عليه أجراً » مخففة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن كعب القرظي قال : قال عمر بن الخطاب ورسول الله يحدثهم بهذا الحديث حتى فرغ من القصة :«يرحم الله موسى، وددنا أنه لو صبر حتى يقص علينا من حديثهما ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«رحمة الله علينا وعلى موسى - فبدأ بنفسه - لو كان صبر لقص علينا من خبره، ولكن قال :﴿ إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني ﴾ ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ فأردت أن أعيبها ﴾ قال : أخرقها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ :«وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً ».
وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه، أنه قرأ «يأخذ كل سفينة صالحة غصباً ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت تقرأ في الحرف الأول «كل سفينة صالحة غصباً » قال : وكان لا يأخذ إلا خيار السفن.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن أبي الزاهرية قال : كتب عثمان «وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الغلام الذي قتله الخضر جيسور.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري، عن ابن عباس أنه كان يقرأ «وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ».
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : في حرف أبي «وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ فخشينا ﴾ قال : فأشفقنا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : هي في مصحف عبد الله «فخاف ربك أن يرهقهما طغياناً وكفراً ».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله :﴿ فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً ﴾ قال : خشينا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر في الآية قال : لو بقي كان فيه بوارهما واستئصالهما.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن قتادة قال : قال مطرف بن الشخير : إنا لنعلم أنهما قد فرحا به يوم ولد وحزنا عليه يوم قتل، ولو عاش لكان فيه هلاكهما. فرضي رجل بما قسم الله له، فإن قضاء الله للمؤمن خير من قضائه لنفسه، وقضاء الله لك فيما تكره خير من قضائه لك فيما تحب.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ خيراً منه زكاة ﴾ قال : إسلاماً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عطية في قوله :﴿ خيراً منه زكاة ﴾ قال : ديناً ﴿ وأقرب رحماً ﴾ قال : مودة. فأبدلا جارية ولدت نبياً.
وأخرج ابن المنذر من طريق بسطام بن جميل، عن عمر بن يوسف في الآية قال : أبدلهما جارية مكان الغلام ولدت نبيين.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وكان تحته كنز لهما ﴾ قال : كان كنز لمن قبلنا وحرم علينا، وحرمت الغنيمة على ما كان قبلنا وأحلت لنا، فلا تعجبن للرجل يقول : ما شأن الكنز أحل لمن قبلنا وحرم علينا ؟ فإن الله يحل من أمره ما يشاء ويحرم ما يشاء، وهي السنن والفرائض. . . تحل لأمة وتحرم على أخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم، عن خيثمة قال : قال عيسى ابن مريم عليه السلام : طوبى لذرية مؤمن، ثم طوبى لهم كيف يحفظون من بعده. وتلا خيثمة ﴿ وكان أبوهما صالحاً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب قال : إن الله يصلح بالعبد الصالح القبيل من الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق شيبة، عن سليمان بن سليم بن سلمة قال : مكتوب في التوراة «إن الله ليحفظ القرن إلى القرن إلى سبعة قرون، وإن الله يهلك القرن إلى القرن إلى سبعة قرون ».
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : إن الرب تبارك وتعالى قال في بعض ما يقول لبني إسرائيل :«إني إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت وليس لبركتي ناهية، وإذا عصيت غضبت ولعنتي تبلغ السابع من الولد ».
وأخرج أحمد عن وهب قال : يقول الله :«اتقوا غضبي فإن غضبي يدرك إلى ثلاثة آباء، وأحبوا رضاي فإن رضاي يدرك في الأمة ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ وما فعلته عن أمري ﴾ قال : كان عبداً مأموراً مضى لأمر الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : قال موسى لفتاه يوشع بن نون ﴿ لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين ﴾ فاصطادا حوتاً فاتخذاه زاداً وسارا حتى انتهيا إلى الصخرة التي أرادها، فهاجت ريح فاشتبه عليه المكان ونسيا عليه الحوت، ثم ذهبا فسارا حتى اشتهيا الطعام فقال لفتاه :﴿ آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً ﴾ يعني جهداً في السير.
قال الفتى لموسى :﴿ أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ﴾.
قال : فسمعنا عن ابن عباس أنه حدث عن رجال من علماء أهل الكتاب، أن موسى دعا ربه فسأله ومعه ماء عذب في سقاء، فصب من ذلك الماء في البحر وانصب على أثره فصار حجراً أبيض أجوف، فأخذ فيه حتى انتهى إلى الصخرة التي أراد فصعدها وهو متشوف : هل يرى ذلك الرجل ؟ حتى كاد يسيء الظن، ثم رآه فقال : السلام عليك يا خضر. قال : عليك السلام يا موسى. قال : من حدثك إني أنا موسى. . . ! ؟ قال : حدثني الذي حدثك أني أنا الخضر. قال : إني أريد أن أصحبك ﴿ على أن تعلمني مما علمت رشداً ﴾ وأنه تقدم إليه فنصحه فقال :﴿ إنك لن تستطيع معي صبراً وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً ﴾ وذلك بأن أحدهم لو رأى شيئا لم يكن رآه قط ولم يكن شهده ما كان يصبر حتى يسأل ما هذا، فلما أبى عليه موسى إلا أن يصحبه ﴿ قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً ﴾ إن عجلت عليّ في ثلاث فذلك حين أفارقك.
فهم قيام ينظرون إذ مرت سفينة ذاهبة إلى أبلة، فناداهم خضر : يا أصحاب السفينة، هلم إلينا فاحملونا في سفينتكم، وإن أصحاب السفينة قالوا لصاحبهم : إنا نرى رجالاً في مكان مخوف إنما يكون هؤلاء لصوصاً فلا تحملهم. فقال صاحب السفينة : إني أرى رجالاً على وجوههم النور، لأحملنهم. فقال الخضر : بكم حملت هؤلاء ؟ كل رجل حملت في سفينتك فلك لكل رجل منا الضعف. فحملهم فساروا حتى إذا شارفوا على الأرض - وقد أمر صاحب القرية : إن أبصرتم كل سفينة صالحة ليس بها عيب فائتوني بها - وإن الخضر أمر أن يجعل فيها عيباً لكي لا يسخروها فخرقها فنبع فيها الماء، وإن موسى امتلأ غضباً ﴿ قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمراً ﴾ وإن موسى عليه السلام شد عليه ثيابه وأراد أن يقذف الخضر في البحر، فقال : أردت هلاكهم فتعلّم أنك أول هالك : فجعل موسى كلما ازداد غضباً استقر البحر، وكلما سكن كان البحر كالدهر، وإن يوشع بن نون قال لموسى عليه السلام : ألا تذكر العهد والميثاق الذي جعلت على نفسك ؟ وإن الخضر أقبل عليه ﴿ قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً ﴾ وإن موسى أدركه عند ذلك الحلم فقال :﴿ لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً ﴾ فلما انتهوا إلى القرية قال خضر : ما خلصوا إليكم حتى خشوا الغرق، وأن الخضر أقبل على صاحب السفينة فقال : إنما أردت الذي هو خير لك، فحمدوا رأيه في آخر الحديث وأصلحها الله كما كانت.
ثم إنهم خرجوا حتى انتهوا إلى غلام شاب، عهد إلى الخضر أن أقتله فقتله ﴿ قال أقتلت نفساً زكية بغير نفس ﴾ إلى قوله :﴿ قال لو شئت لاتخذت عليه أجراً ﴾ وإن خضراً أقبل عليه فقال : قد وفيت لك بما جعلت على نفسي ﴿ هذا فراق بيني وبينك ﴾ ﴿ وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين ﴾ فكان لا يغضب أحداً إلا دعا عليه وعلى أبويه، فطهر الله أبويه أن يدعو عليهما أحد وأيد لهما مكان الغلام آخر خيراً منه وأبرّ بوالديه ﴿ وأقرب رحماً ﴾.
﴿ وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما ﴾ فسمعنا أن ذلك الكنز كان علماً فورثا ذلك العلم.
وأخرج ابن جرير من طريق الحسن بن عمارة عن أبيه قال : قيل لابن عباس : لم نسمع - يعني موسى - يذكر من حديث فتاه وقد كان معه. فقال ابن عباس : فيما يذكر من حديث الفتى قال : شرب الفتى من الماء فخلد فأخذه العالم فطابق به سفينة ثم أرسله في البحر، فإنها لتموج به إلى يوم القيامة. وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه. قال ابن كثير الحسن متروك وأبوه غير معروف.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن يوسف بن أسباط قال : بلغني أن الخضر قال لموسى لما أراد أن يفارقه : يا موسى، تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به. وبلغني أن موسى قال للخضر : ادع لي. فقال الخضر : يسر الله عليك طاعته.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : قال الخضر لموسى حين لقيه : يا موسى، انزع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة، ولا تضحك من غير عجب، والزم بيتك وابك على خطيئتك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر، عن أبي عبد الله - أظنه الملطي - قال : أراد موسى أن يفارق الخضر، فقال له موسى : أوصني. قال : كن نفّاعاً ولا تكن ضراراً، كن بشاشاً ولا تكن غضباناً، ارجع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة، ولا تُعَيِّرُ امرأً بخطيئته وابك على خطيئتك يا ابن عمران.
وأخرج ابن عساكر عن وهب، أن الخضر قال لموسى : يا موسى، إن الناس يعذبون في الدنيا على قدر همومهم.
وأخرج العقيلي عن كعب قال : الخضر على منبر بين البحر الأعلى والبحر الأسفل، وقد أمرت دواب البحر أن تسمع له وتطيع وتعرض عليه الأرواح غدوة وعشية.
وأخرج ابن شاهين عن خصيف قال : أربعة من الأنبياء أحياء : اثنان في السماء عيسى وإدريس. واثنان في الأرض، الخضر وإلياس. فأما الخضر، فإنه في البحر. وأما صاحبه فإنه في البر.
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال : بينا أنا أطوف، إذا أنا برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول : يا من لا يشغله سمع عن سمع، ويا مَنْ لا تغلطه المسائل، ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك، قلت : يا عبد الله، أعد الكلام.
قال : وسمعته ؟ قلت : نعم. قال : والذي نفس الخضر بيده :- وكان هو الخضر - لا يقولهن عبد دبر الصلاة المكتوبة، إلا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الحلية، عن كعب الأحبار قال : إن الخضر بن عاميل ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ الهند - وهو بحر الصين - فقال لأصحابه : يا أصحابي، أدلوني. فدلوه في البحر أياماً وليالي ثم صعد، فقالوا له : يا خضر، ما رأيت ؟ فلقد أكرمك الله وحفظ لك نفسك في لجة هذا البحر. فقال : استقبلني ملك من الملائكة فقال لي : أيها الآدمي الخطاء إلى أين ؟ ومن أين ؟ فقلت : إني أردت أن أنظر عمق هذا البحر. فقال لي : كيف وقد أهوى رجل من زمان داود عليه السلام لم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة، وذلك منذ ثلثمائة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن بقية قال : حدثني أبو سعيد قال : سمعت أن آخر كلمة أوصى بها الخضر موسى حين فارقه : إياك أن تعير مسيئاً بإساءته فتبتلى.
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن أبي أسامة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه :«ألا أحدثكم عن الخضر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل، أبصره رجل مكاتب فقال : تصدق عليّ بارك الله فيك. فقال الخضر : آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون، ما عندي شيء أعطيكه. فقال المسكين : أسألك بوجه الله لما تصدقت علي، فإني نظرت السماحة في وجهك ووجدت البركة عندك. فقال الخضر : آمنت بالله، ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني. فقال المسكين : وهل يستقيم هذا ؟ ! قال : نعم. الحق أقول، لقد سألتني بأمر عظيم : أما أني لا أخيبك بوجه ربي تعالى. فقدّمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم، فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء. فقال له : إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي، فأوصني أعمل بعمل. قال : أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ضعيف. قال : ليس يشق عليّ قال : فقم فانقل هذه الحجارة. وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم، فخرج الرجل لبعض حاجته ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة، فقال : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه، ثم عرض للرجل سفرة فقال : إني احتسبتك أميناً فاخلفني في أهلي خلافة حسنة. قال : فأوصني بعمل. قال : إني أكره أن أشق عليك. قال : ليس يشق عليّ قال : فاضرب من اللبن لنبني حتى أقدم عليك، فمر الرجل لسفره فرجع وقد شيد بناؤه، فقال : أسألك بوجه الله، ما سبيلك وما أمرك ؟ فقال : سألتني بوجه الله ووجه الله أوقعني في العبودية، أنا الخضر الذي سمعت به. . . سألني مسكين صدقة ولم يكن عندي شيء أعطيه، فسألني بوجه الله فأمكنته من نفسي فباعني. فأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر، وقف يوم القيامة جلدة ولا لحم له ولا عظم ليتقصع. فقال الرجل : آمنت بالله !. . . شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم. فقال : لا بأس، أحسنت وأتقنت. فقال الرجل : بأبي أنت وأمي يا نبي الله، احكم في أهلي ومالي بما أراك الله، أو أخيّرك فأخلي سبيلك. فقال : أحب أن تخلي سبيلي أعبد ربي. فخلّى سبيله فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ثم نجاني منها ».
وأخرج البيهقي في الشعب عن الحجاج بن فرافصة، أن رجلين كانا يتبايعان عند عبد الله بن عمر، فكان أحدهما يكثر الحلف، فبينما هو كذلك إذ مرّ عليهما رجل فقام عليهما فقال للذي يكثر الحلف : مه يا عبد الله، اتق الله ولا تكثر الحلف فإنه لا يزيد في رزقك ولا ينقص من رزقك إن لم تحلف. قال : امض لما يعنيك. قال : ذا مما يعنيني - قالها ثلاث مرات وردّ عليه قوله - فلما أراد أن ينصرف قال : اعلم أن من آية الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك، ولا يكن في قولك فضل على فضلك. ثم انصرف فقال عبد الله بن عمر : الحقه فاستكتبه هذه الكلمات. فقال : يا عبد الله، اكتبني هذه الكلمات يرحمك الله. فقال الرجل : ما يقدر الله من أمر يكن فأعادهن عليه حتى حفظهن ثم شهده حتى وضع إحدى رجليه في المسجد، فما أدري أرض لفظته أو سماء ا
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالَت الْيَهُود للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا مُحَمَّد إِنَّمَا تذكر إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى والنبيين أَنَّك سَمِعت ذكرهم منّا فَأخْبرنَا عَن نَبِي لم يذكرهُ الله فِي التَّوْرَاة إِلَّا فِي مَكَان وَاحِد
قَالَ: وَمن هُوَ قَالُوا: ذُو القرنين
قَالَ: مَا بَلغنِي عَنهُ شَيْء
فَخَرجُوا فرحين وَقد غلبوا فِي أنفسهم فَلم يبلغُوا بَاب الْبَيْت حَتَّى نزل جِبْرِيل بهؤلاء الْآيَات ﴿ويسألونك عَن ذِي القرنين قل سأتلو عَلَيْكُم مِنْهُ ذكرا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر مولى غفرة قَالَ: دخل بعض أهل الْكتاب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم كَيفَ تَقول فِي رجل كَانَ يسيح فِي الأَرْض قَالَ: لَا علم لي بِهِ
فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذْ سمعُوا نقيضاً فب السّقف وَوجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غمَّة الْوَحْي ثمَّ سري عَنهُ فَتلا ﴿ويسألونك عَن ذِي القرنين﴾ الْآيَة
فَلَمَّا ذكر السد قَالُوا: أَتَاك خَبره يَا أَبَا الْقَاسِم حَسبك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَدْرِي أتبع كَانَ لعيناً أم لَا وَمَا أَدْرِي أذو القرنين كَانَ نَبيا أم لَا وَمَا أَدْرِي الْحُدُود كَفَّارَات لأَهْلهَا أم لَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: سُئِلَ عَليّ عَن ذِي القرنين: أَنَبِي هُوَ فَقَالَ: سَمِعت نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هُوَ عبد نَاصح الله فنصحه
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الطُّفَيْل أَن ابْن الْكواء سَأَلَ عليّ بن أبي طَالب عَن ذِي القرنين: أَنَبِيًّا كَانَ أم ملكا قَالَ: لم يكن نَبيا وَلَا ملكا وَلَكِن
435
كَانَ عبدا صَالحا أحب الله فَأَحبهُ ونصح لله فنصحه
بَعثه الله إِلَى قومه فضربوه على قرنه فَمَاتَ ثمَّ أَحْيَاهُ الله لجهادهم
ثمَّ بَعثه إِلَى قومه فضربوه على قرنه الآخر فَمَاتَ فأحياه الله لجهادهم
فَلذَلِك سمي ذَا القرنين وَإِن فِيكُم مثله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ذُو القرنين نَبِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَحْوَص بن حَكِيم عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُئِلَ عَن ذِي القرنين فَقَالَ: هُوَ ملك مسح الأَرْض بِالْإِحْسَانِ
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن خَالِد بن معدان الكلَاعِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن ذِي القرنين فَقَالَ: ملك مسح الأَرْض من تحتهَا بالأسباب
وَأخرج ابْن عبد الحكم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمر أَنه سمع رجلا يُنَادي بمنى: يَا ذَا القرنين فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ: هَا أَنْتُم قد سميتم بأسماء الْأَنْبِيَاء فَمَا بالكم وَأَسْمَاء الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جُبَير بن نفير أَن ذَا القرنين ملك من الْمَلَائِكَة أهبطه الله إِلَى الأَرْض وآتاه من كل شَيْء سَببا
وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن جُبَير بن نفير أَن أحباراً من الْيَهُود قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَدثنَا عَن ذِي القرنين إِن كنت نَبيا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هُوَ ملك مسح الأَرْض بالأسباب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ نَذِير وَاحِد بلغ مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب ذُو القرنين بلغ السدين وَكَانَ نذيراً وَلم أسمع بِحَق أَنه كَانَ نَبيا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي الورقاء قَالَ: قلت لعَلي بن أبي طَالب: ذُو القرنين مَا كَانَ قرناه قَالَ: لَعَلَّك تحسب أَن قرنيه ذهب أَو فضَّة كَانَ نَبيا فَبَعثه الله إِلَى أنَاس فَدَعَاهُمْ إِلَى الله تَعَالَى فَقَامَ رجل فَضرب قرنه الْأَيْسَر فَمَاتَ ثمَّ بَعثه الله فأحياه ثمَّ بَعثه إِلَى نَاس فَقَامَ رجل فَضرب قرنه الْأَيْمن فَمَاتَ فَسَماهُ الله ذَا القرنين
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: إِنَّمَا سمي ذُو القرنين ذَا القرنين لشجتين شجهما على قرنيه فِي الله وَكَانَ أسود
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه أَن ذَا القرنين أول من لبس الْعِمَامَة
436
وَذَاكَ أَنه كَانَ فِي رَأسه قرنان كالظلفين متحركان فَلبس الْعِمَامَة من أجل ذَلِك وَأَنه دخل الْحمام وَدخل كَاتبه مَعَه فَوضع ذُو القرنين الْعِمَامَة فَقَالَ لكَاتبه: هَذَا أَمر لم يطلع عَلَيْهِ خلق غَيْرك فَإِن سَمِعت بِهِ من أحد قتلتك
فَخرج الْكَاتِب من الْحمام فَأَخذه كَهَيئَةِ الْمَوْت فَأتى الصَّحرَاء فَوضع فَمه بِالْأَرْضِ ثمَّ نَادَى: أَلا إِن للْملك قرنين
فأنبت الله من كَلمته قصبتين فَمر بهما رَاع فأعجب بهما فقطعهما واتخذهما مِزْمَارًا فَكَانَ إِذا زمر خرج من القصبتين: أَلا إِن للْملك قرنين
فانتشر ذَلِك فِي الْمَدِينَة فَأرْسل ذُو القرنين إِلَى الْكَاتِب فَقَالَ: لتصدقني أَو لأقْتُلَنّكَ
فَقص عَلَيْهِ الْكَاتِب الْقِصَّة فَقَالَ ذُو القرنين: هَذَا أَمر أرد الله أَن يبديه
فَوضع الْعِمَامَة عَن رَأسه
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ قَالَ: كنت أخدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرجت ذَات يَوْم فَإِذا أَنا بِرِجَال من أهل الْكتاب بِالْبَابِ مَعَهم مصاحف فَقَالُوا: من يسْتَأْذن لنا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: مَا لي وَلَهُم سَأَلُونِي عَمَّا لَا أَدْرِي إِنَّمَا أَنا عبد لَا أعلم إِلَّا مَا أعلمني رَبِّي عز وَجل
ثمَّ قَالَ: ابغني وضُوءًا فَأَتَيْته بِوضُوء فَتَوَضَّأ ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف فَقَالَ - وَأَنا أرى السرُور والبشر فِي وَجهه - أَدخل الْقَوْم عليَّ وَمن كَانَ من أَصْحَابِي فَأدْخلهُ أَيْضا عليّ فَأَذنت لَهُم فَدَخَلُوا فَقَالَ: إِن شِئْتُم أَخْبَرتكُم بِمَا جئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَنهُ من قبل أَن تكلمُوا وَإِن شِئْتُم فتكلموا قبل أَن أَقُول
قَالُوا: بل فَأخْبرنَا
قَالَ: جئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَن ذِي القرنين إِن أول أمره أَنه كَانَ غُلَاما من الرّوم أعطي ملكا فَسَار حَتَّى أَتَى سَاحل أَرض مصر فابتنى مَدِينَة يُقَال لَهَا اسكندرية فَلَمَّا فرغ من شَأْنهَا بعث الله عز وَجل إِلَيْهِ ملكا فعرج بِهِ فاستعلى بَين السَّمَاء ثمَّ قَالَ لَهُ: انْظُر مَا تَحْتك
فَقَالَ: أرى مدينتي وَأرى مَدَائِن مَعهَا ثمَّ عرج بِهِ فَقَالَ: انْظُر
فَقَالَ: قد اخْتلطت مَعَ الْمَدَائِن فَلَا أعرفهَا ثمَّ زَاد فَقَالَ انْظُر: قَالَ: أرى مدينتي وَحدهَا وَلَا أرى غَيرهَا
قَالَ لَهُ الْملك: إِنَّهَا تِلْكَ الأَرْض كلهَا وَالَّذِي ترى يُحِيط بهَا هُوَ الْبَحْر وَإِنَّمَا أَرَادَ ربّك أَن يُرِيك الأَرْض وَقد جعل لَك سُلْطَانا فِيهَا فسر فِيهَا فَعلم الْجَاهِل وَثَبت الْعَالم فَسَار حَتَّى بلغ مغرب الشَّمْس ثمَّ سَار حَتَّى بلغ مطلع الشَّمْس ثمَّ أَتَى السدين وهما جبلان لينان يزلق عَنْهُمَا كل شَيْء فَبنى السد ثمَّ اجتاز يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَوجدَ قوما وُجُوههم وُجُوه الْكلاب يُقَاتلُون يَأْجُوج
437
وَمَأْجُوج ثمَّ قطعهم فَوجدَ أمة قصاراً يُقَاتلُون الْقَوْم الَّذين وُجُوههم وُجُوه الْكلاب وَوجد أمة من الغرانيق يُقَاتلُون الْقَوْم الْقصار ثمَّ مضى فَوجدَ أمة من الْحَيَّات تلتقم الْحَيَّة مِنْهَا الصَّخْرَة الْعَظِيمَة ثمَّ مضى إِلَى الْبَحْر الدائر بِالْأَرْضِ فَقَالُوا: نشْهد أَن أمره هَكَذَا كَمَا ذكرت وَإِنَّا نجده هَكَذَا فِي كتَابنَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُلَيْمَان بن الْأَشَج صَاحب كَعْب الْأَحْبَار أَن ذَا القرنين كَانَ رجلا طَوافا صَالحا فَلَمَّا وقف على جبل آدم الَّذِي هَبَط عَلَيْهِ وَنظر إِلَى أَثَره هاله فَقَالَ لَهُ الْخضر: - وَكَانَ صَاحب لوائه الْأَكْبَر - مَالك أَيهَا الْملك قَالَ: هَذَا أثر الْآدَمِيّين
أرى مَوضِع الْكَفَّيْنِ والقدمين وَهَذِه القرحة وَأرى هَذِه الْأَشْجَار حوله قَائِمَة يابسة يسيل مِنْهَا مَاء أَحْمَر إِن لَهَا لشأناً
فَقَالَ لَهُ الْخضر: - وَكَانَ قد أعطي الْعلم والفهم - أَيهَا الْملك أَلا ترى الورقة الْمُعَلقَة من النَّخْلَة الْكَبِيرَة قَالَ: بلَى
قَالَ: فَهِيَ تخبرك بشأن هَذَا الْموضع
- وَكَانَ الْخضر يقْرَأ كل كتاب - فَقَالَ: أَيهَا الْملك أرى كتابا فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا كتاب من آدم أبي الْبشر أوصيكم ذريتي وبناتي أَن تحذروا عدوي وَعَدُوكُمْ إِبْلِيس الَّذِي كَانَ يلين كَلَامه وفجور أمْنِيته أنزلني من الفردوس إِلَى تربة الدُّنْيَا وألقيت على موضعي هَذَا لَا يلْتَفت إليّ مِائَتي سنة بخطيئة وَاحِدَة حَتَّى درست فِي الأَرْض وَهَذَا أثري وَهَذِه الْأَشْجَار من دموع عَيْني فعلي فِي هَذِه التربة أنزلت التَّوْبَة فتوبوا من قبل أَن تندموا وباردوا من قبل أَن يُبَادر بكم وَقدمُوا من قبل أَن يقدم بكم
فَنزل ذُو القرنين فَمسح مَوضِع جُلُوس آدم فَإِذا هُوَ ثَمَانُون وَمِائَة ميل ثمَّ أحصى الْأَشْجَار فَإِذا هِيَ تِسْعمائَة شَجَرَة كلهَا من دموع آدم نَبتَت فَلَمَّا قتل قابيل هابيل تحولت يابسة وَهِي تبْكي دَمًا أَحْمَر فَقَالَ ذُو القرنين للخضر: ارْجع بِنَا فَلَا طلبت الدُّنْيَا بعْدهَا
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر عَن السّديّ قَالَ: كَانَ أنف الْإِسْكَنْدَر ثَلَاثَة أَذْرع
وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن الْحسن قَالَ: كَانَ أنف الْإِسْكَنْدَر ثَلَاثَة أَذْرع
وَأخرج ابْن عبد الحكم وَابْن أبي حَاتِم والشيرازي فِي الألقاب عَن عبيد بن يعلى قَالَ: إِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ قرنان صغيران تواريهما الْعِمَامَة
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن
438
وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن ذِي القرنين فَقَالَ: لم يُوح إِلَيْهِ وَكَانَ ملكا
قيل: فَلم سمي ذَا القرنين فَقَالَ: اخْتلف فِيهِ أهل الْكتاب فَقَالَ بَعضهم: ملك الرّوم وَفَارِس وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه كَانَ فِي رَأسه شبه القرنين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بكر بن مُضر أَن هِشَام بن عبد الْملك سَأَلَهُ عَن ذِي القرنين: أَكَانَ نَبيا فَقَالَ: لَا وَلكنه إِنَّمَا أعطي مَا أعطي بِأَرْبَع خِصَال كَانَ فِيهِ: كَانَ إِذا قدر عَفا وَإِذا وعد وفى وَإِذا حدث صدق وَلَا يجمع الْيَوْم لغد
وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن يُونُس بن عبيد قَالَ: إِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ غديرتان من رَأسه من شعر يطَأ فيهمَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: إِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَنَّهُ قرن مَا بَين مطلع الشَّمْس وَمَغْرِبهَا
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر عَن ابْن شهَاب قَالَ: إِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَنَّهُ بلغ قرن الشَّمْس من مغْرِبهَا وَقرن الشَّمْس من مطْلعهَا
وَأخرج عَن قَتَادَة قَالَ: الْإِسْكَنْدَر هُوَ ذُو القرنين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق ابْن إِسْحَق عَمَّن يَسُوق أَحَادِيث الْأَعَاجِم من أهل الْكتاب مِمَّن قد أسلم فِيمَا توارثوا من علمه أَن ذَا القرنين كَانَ رجلا صَالحا من أهل مصر اسْمه مرزيا بن مرزية اليوناني من ولد يونن بن يافث بن نوح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبيد بن عُمَيْر أَن ذَا القرنين حج مَاشِيا فَسمع بِهِ إِبْرَاهِيم فَتَلقاهُ
وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ عقيصتان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَن ذَا القرنين كَانَ من سوّاس الرّوم يسوس أَمرهم فخيّر بَين ذلال السَّحَاب وصعابها فَاخْتَارَ ذلالها فَكَانَ يركب عَلَيْهَا
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والشيرازي فِي الألقاب وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه الْيَمَانِيّ - وَكَانَ لَهُ علم الْأَحَادِيث الأولى - أَنه كَانَ يَقُول: كَانَ ذُو القرنين رجلا من الرّوم ابْن عَجُوز من عجائزهم لَيْسَ لَهَا ولد غَيره وَكَانَ اسْمه الْإِسْكَنْدَر وَإِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَن صفحتي رَأسه كَانَتَا من نُحَاس فَلَمَّا
439
بلغ وَكَانَ عبدا صَالحا قَالَ الله لَهُ: يَا ذَا القرنين إِنِّي باعثك إِلَى أُمَم الأَرْض مِنْهُم أمتان بَينهمَا طول الأَرْض كلهَا وَمِنْهُم أمتان بَينهمَا عرض الأَرْض كلهَا فِي وسط الأَرْض مِنْهُم الْإِنْس وَالْجِنّ ويأجوج وَمَأْجُوج فَأَما اللَّتَان بَينهمَا طول الأَرْض فأمة عِنْد مغرب الشَّمْس يُقَال لَهَا ناسك وَأما الْأُخْرَى
فَعِنْدَ مطْلعهَا يُقَال لَهَا منسك وَأما اللَّتَان بَينهمَا عرض الأَرْض فأمة فِي قطر الأَرْض الْأَيْمن يُقَال لَهَا هاويل وَأما الْأُخْرَى الَّتِي فِي قطر الأَرْض الْأَيْسَر فأمة يُقَال لَهَا تَأْوِيل
فَلَمَّا قَالَ الله لَهُ ذَلِك قَالَ لَهُ ذُو القرنين: يَا إلهي أَنْت قد ندبتني لأمر عَظِيم لَا يقدر قدره إِلَّا أَنْت فَأَخْبرنِي عَن هَذِه الْأُمَم الَّتِي تبعثني إِلَيْهَا بِأَيّ قُوَّة أكابرهم وَبِأَيِّ جمع أكاثرهم وَبِأَيِّ حِيلَة أكايدهم وَبِأَيِّ لِسَان أناطقهم وَكَيف لي بِأَن أحاربهم وَبِأَيِّ سمع أعي قَوْلهم وَبِأَيِّ بصر أنفذهم وَبِأَيِّ حجَّة أخاصمهم وَبِأَيِّ قلب أَعقل عَنْهُم وَبِأَيِّ حِكْمَة أدبر أَمرهم وَبِأَيِّ قسط أعدل بَينهم وَبِأَيِّ حلم أصابرهم وَبِأَيِّ معرفَة أفصل بَينهم وَبِأَيِّ علم أتقن أَمرهم وَبِأَيِّ يَد أسطو عَلَيْهِم وَبِأَيِّ رجل أطؤهم وَبِأَيِّ طَاقَة أخصمهم وَبِأَيِّ جند أقاتلهم وَبِأَيِّ رفق أستألفهم
وَإنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي يَا إلهي شَيْء مِمَّا ذكرت يقرن لَهُم وَلَا يقوى عَلَيْهِم وَلَا يطيقهم وَأَنت الرب الرَّحِيم الَّذِي لَا يُكَلف نفسا وَلَا يحملهَا إِلَّا طاقتها وَلَا يعنتها وَلَا يفدحها بل يرأفها ويرحمها
فَقَالَ لَهُ الله عز وَجل: إِنِّي سأطوقك مَا حَملتك أشرح لَك صدرك فيتسع لكل شَيْء وأشرح لَك فهمك فتفقه كل شَيْء وأبسط لَك لسَانك فَتَنْطِق بِكُل شَيْء وأفتح لَك سَمعك فتعي كل شَيْء وأمد لَك بَصرك فتنفذ كل شَيْء وَأدبر لَك أَمرك فتتقن كل شَيْء وأحصر لَك فَلَا يفوتك شَيْء وأحفظ عَلَيْك فَلَا يغرب عَنْك شَيْء وَأَشد ظهرك فَلَا يهدك شَيْء وَأَشد لَك ركبك فَلَا يَغْلِبك شَيْء وَأَشد لَك قَلْبك فَلَا يروعك شَيْء وَأَشد لَك عقلك فَلَا يهولك شَيْء وأبسط لَك يَديك فيسطوان فَوق كل شَيْء وألبسك الهيبة فَلَا يروعك شَيْء
وأسخر لَك النُّور والظلمة فأجعلهما جنداً من جنودك يهديك النُّور من أمامك وتحوطك الظلمَة من ورائك
فَلَمَّا قيل لَهُ ذَلِك انْطلق يؤم الْأمة الَّتِي عِنْد مغرب الشَّمْس فَلَمَّا بَلغهُمْ وجد جمعا وعدداً لَا يُحْصِيه إِلَّا الله تَعَالَى وَقُوَّة وبأساً لَا يطيقه إِلَّا الله وألسنة مُخْتَلفَة وأموراً مشتبهة وَأَهْوَاء مشتتة وَقُلُوبًا مُتَفَرِّقَة فَلَمَّا رأى ذَلِك كابرهم بالظلمة وَضرب
440
حَولهمْ ثَلَاثَة عَسَاكِر مِنْهَا وأحاطت بهم من كل جَانب وحاشدهم حَتَّى جمعهم فِي مَكَان وَاحِد ثمَّ دخل عَلَيْهِم بِالنورِ فَدَعَاهُمْ إِلَى الله وعبادته
فَمنهمْ من آمن وَمِنْهُم من صدّ عَنهُ فَعمد إِلَى الَّذين توَلّوا عَنهُ فَأدْخل عَلَيْهِم الظلمَة فَدخلت فِي أَفْوَاههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم وَدخلت فِي بُيُوتهم ودورهم وَغَشِيَتْهُمْ من فَوْقهم وَمن تَحْتهم وَمن كل جَانب مِنْهُم فماجوا فِيهَا وتحيروا فَلَمَّا أشفقوا أَن يهْلكُوا فِيهَا عجوا إِلَيْهِ بِصَوْت وَاحِد فكشف عَنْهُم وَأَخذهم عنْوَة فَدَخَلُوا فِي دَعوته فجند من أهل الْمغرب أمماً عَظِيمَة فجعلهم جنداً وَاحِدًا ثمَّ انْطلق بهم يقودهم والظلمة تسوقهم من خَلفهم وتحرسهم من حَولهمْ والنور من أَمَامه يَقُودهُ ويدله وَهُوَ يسير فِي نَاحيَة الأَرْض الْيُمْنَى وَهُوَ يُرِيد الْأمة الَّتِي فِي قطر الأَرْض الْأَيْمن الَّتِي يُقَال لَهَا هاويل
وسخر الله يَده وَقَلبه ورأيه وَنَظره وائتماره فَلَا يُخطئ إِذا ائتمر وَإِذا عمل عملا أتقنه فَانْطَلق يَقُود تِلْكَ الْأُمَم وَهِي تتبعه
فَإِذا انْتهى إِلَى بَحر أَو مخاضة بنى سفناً من أَلْوَاح صغَار أَمْثَال البغال فنظمها فِي سَاعَة وَاحِدَة ثمَّ حمل فِيهَا جَمِيع من مَعَه من تِلْكَ الْأُمَم وَتلك الْجنُود فَإِذا قطع الْأَنْهَار والبحار فتقها ثمَّ دفع إِلَى كل إِنْسَان لوحاً فَلَا يكربه حمله فَلم يزل ذَلِك دأبه حَتَّى انْتهى إِلَى هاويل فَعمل فيهم كعمله فِي ناسك فَلَمَّا فرغ مِنْهُم مضى على وَجهه فِي نَاحيَة الأَرْض الْيُمْنَى حَتَّى انْتهى إِلَى منسك عِنْد مطلع الشَّمْس فَعمل فِيهَا وجند مِنْهَا جُنُودا كَفِعْلِهِ فِي الأمتين اللَّتَيْنِ قبلهمَا ثمَّ كرّ مُقبلا فِي نَاحيَة الأَرْض الْيُسْرَى وَهُوَ يُرِيد تاويل - وَهِي الْأمة اللتي بحيال هاويل وهما متقابلتان بَينهمَا عرض الأَرْض كلهَا - فَلَمَّا بلغَهَا عمل فِيهَا وجند مِنْهَا كَفِعْلِهِ فِيمَا قبلهَا فَلَمَّا فرغ مِنْهَا عطف مِنْهَا إِلَى الْأُمَم الَّتِي فِي وسط الأَرْض من الْجِنّ وَسَائِر الْإِنْس ويأجوج وَمَأْجُوج
فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق مِمَّا يَلِي مُنْقَطع أَرض التّرْك نَحْو الْمشرق قَالَ لَهُ أمة من الْإِنْس صَالِحَة: يَا ذَا القرنين إِن بَين هذَيْن الجبلين خلقا من خلق الله
كثيرا فيهم مشابهة من الْإِنْس وهم أشباه الْبَهَائِم وهم يَأْكُلُون العشب ويفترسون الدَّوَابّ والوحش كَمَا يفترسها السبَاع ويأكلون خشَاش الأَرْض كلهَا من الْحَيَّات والعقارب وكل ذِي روح مِمَّا خلق الله فِي الأَرْض وَلَيْسَ لله خلق يَنْمُو نماءهم فِي الْعَام الْوَاحِد وَلَا يزْدَاد كزيادتهم وَلَا يكثر ككثرتهم فَإِن كَانَت لَهُم كَثْرَة على مَا يرى من نمائهم وزيادتهم فَلَا شكّ أَنهم سيملأون الأَرْض ويجلون أَهلهَا ويظهرون عَلَيْهَا فيفسدون فِيهَا وَلَيْسَت تمر بِنَا سنة مُنْذُ جاورناهم ورأيناهم إِلَّا وَنحن
441
نتوقعهم وَنَنْظُر أَن يطلع علينا أوائلهم من هذَيْن الجبلين
فَهَل نجْعَل لَك خرجا على أَن تجْعَل بَيْننَا وَبينهمْ سداً قَالَ: مَا مكني فِيهِ رَبِّي خير فَأَعِينُونِي بقوّة أجعَل بَيْنكُم وَبينهمْ ردماً اغدو إِلَى الصخور وَالْحَدِيد والنحاس حَتَّى أرتاد بِلَادهمْ وَأعلم علمهمْ وأقيس مَا بَين جبليهم
ثمَّ انْطلق يؤمهم حَتَّى دفع إِلَيْهِم وتوسط بِلَادهمْ فَإِذا هم على مِقْدَار وَاحِد
أنثاهم وَذكرهمْ مبلغ طول الْوَاحِد مِنْهُم مثل نصف الرجل المربوع منا لَهُم مخاليب فِي مَوَاضِع الْأَظْفَار من أَيْدِينَا وَلَهُم أَنْيَاب وأضراس كأضراس السبَاع وأنيابها وأحناك كأحناك الْإِبِل قُوَّة يسمع لَهُ حَرَكَة إِذا أكل كحركة الجرة من الْإِبِل أَو كقضم الْفَحْل المسن أَو الْفرس الْقوي وهم صلب عَلَيْهِم من الشّعْر فِي أَجْسَادهم مَا يواريهم وَمَا يَتَّقُونَ بِهِ من الْحر وَالْبرد إِذا أَصَابَهُم وَلكُل وَاحِد مِنْهُم أذنان عظيمتان إِحْدَاهمَا وبرة ظهرهَا وبطنها وَالْأُخْرَى زغبة ظهرهَا وبطنها
تسعانه إِذا لبسهما يلبس إِحْدَاهمَا ويفترش الْأُخْرَى ويصيف فِي إِحْدَاهمَا ويشتو فِي الْأُخْرَى وَلَيْسَ مِنْهُم ذكر وَلَا أُنْثَى إِلَّا وَقد عرف أَجله الَّذِي يَمُوت فِيهِ ومنقطع عمره وَذَلِكَ أَنه لَا يَمُوت ميت من ذكورهم حَتَّى يخرج من صلبه ألف ولد وَلَا تَمُوت الْأُنْثَى حَتَّى يخرج من رَحمهَا ألف ولد فَإِذا كَانَ ذَلِك أَيقَن بِالْمَوْتِ وتهيأ لَهُ
وهم يرْزقُونَ التنين فِي زمَان الرّبيع ويستمطرونه إِذا تحينوه كَمَا يستمطر الْغَيْث لحينه فيقذفون مِنْهُ كل سنة بِوَاحِد فيأكلونه عَامهمْ كُله إِلَى مثلهَا من قَابل فيعينهم على كثرتهم وَمَا هم فِيهِ فَإِذا أمطروا أخصبوا وعاشوا وسهئوا ورؤي أَثَره عَلَيْهِم فَدرت عَلَيْهِم الْإِنَاث وشبقت مِنْهُم الذُّكُور وَإِذا أخطأهم هزلوا وأحدثوا وجفلت مِنْهُم الذُّكُور وأحالت الْإِنَاث وَتبين أثر ذَلِك عَلَيْهِم وهم يتداعون تداعي الْحمام ويعوون عوي الذئاب ويتسافدون حَيْثُمَا الْتَقَوْا تسافد الْبَهَائِم
ثمَّ لما عاين ذَلِك مِنْهُم ذُو القرنين انْصَرف إِلَى مَا بَين الصدفين فقاس مَا بَينهمَا - وَهِي فِي مُنْقَطع أَرض التّرْك مِمَّا يَلِي الشَّمْس - فَوجدَ بعد مَا بَينهمَا مائَة فَرسَخ فَلَمَّا أنشأ فِي عمله حفر لَهُ أساساً حَتَّى بلغ المَاء ثمَّ جعل عرضه خمسين فرسخاً وَجعل حشوه الصخور وطينه النّحاس يذاب ثمَّ يصب عَلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ عرق من جبل تَحت الأَرْض ثمَّ علا وشرفه بزبر الْحَدِيد والنحاس الْمُذَاب وَجعل خلاله عرقاً من نُحَاس أصفر فَصَارَ كَأَنَّهُ محبر من صفرَة النّحاس وحمرته وَسَوَاد
442
الْحَدِيد فَلَمَّا فرغ مِنْهُ وَأحكم انْطلق عَامِدًا إِلَى جمَاعَة الْإِنْس وَالْجِنّ فَبَيْنَمَا هُوَ يسير إِذْ رفع إِلَى أمة صَالِحَة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ فَوجدَ أمة مقسطة يقتسمون بِالسَّوِيَّةِ ويحكمون بِالْعَدْلِ ويتأسون ويتراحمون
حَالهم وَاحِدَة وكلمتهم وَاحِدَة وأخلاقهم مشتبهة وطريقتهم مُسْتَقِيمَة وَقُلُوبهمْ مؤتلفة وسيرتهم مستوية وقبورهم بِأَبْوَاب بُيُوتهم وَلَيْسَ على بُيُوتهم أَبْوَاب وَلَيْسَ عَلَيْهِم أُمَرَاء وَلَيْسَ بَينهم قُضَاة وَلَيْسَ فيهم أَغْنِيَاء وَلَا مُلُوك وَلَا أَشْرَاف وَلَا يتفاوتون وَلَا يتفاضلون وَلَا يتنازعون وَلَا يستّبون وَلَا يقتتلون وَلَا يقحطون وَلَا يحردون وَلَا تصيبهم الْآفَات الَّتِي تصيب النَّاس وهم أطول النَّاس أعماراً وَلَيْسَ فيهم مِسْكين وَلَا فَقير وَلَا فظ وَلَا غليظ
فَلَمَّا رأى ذَلِك ذُو القرنين من أَمرهم أعجب مِنْهُم وَقَالَ لَهُم: أخبروني أَيهَا الْقَوْم خبركم فَإِنِّي قد أحصيت الأَرْض كلهَا
برهَا وبحرها وشرقها وغربها ونورها وظلمتها
فَلم أجد فِيهَا أحدا مثلكُمْ
فَأَخْبرُونِي خبركم
قَالُوا: نعم سلنا عَمَّا تُرِيدُ
قَالَ: أخبروني مَا بَال قبوركم على أَبْوَاب بُيُوتكُمْ قَالَ: عمدا فعلنَا ذَلِك لِئَلَّا ننسى الْمَوْت وَلَا يخرج ذكره من قُلُوبنَا
قَالَ: فَمَا بَال بُيُوتكُمْ لَيْسَ عَلَيْهَا أَبْوَاب قَالُوا: لَيْسَ فِينَا متّهم وَلَيْسَ فِينَا إِلَّا أَمِين مؤتمن
قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ عَلَيْكُم أُمَرَاء قَالُوا: لَيْسَ فِينَا مظالم
قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ بَيْنكُم حكام قَالُوا: لَا نَخْتَصِم
قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ فِيكُم أَغْنِيَاء قَالَ: لَا نتكاثر
قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ فِيكُم أَشْرَاف قَالُوا: لَا نتنافس
قَالَ: فَمَا بالكم لَا تتفاوتون وَلَا تتفاضلون قَالُوا: من قبل أَنا متواصلون متراحمون
قَالَ: فَمَا بالكم لَا تتنازعون وَلَا تختلفون قَالُوا: من قبل ألفة قُلُوبنَا وَصَلَاح ذَات بَيْننَا
قَالَ: فَمَا بالكم لَا تقتتلون وَلَا تستّبون قَالُوا: من قبل أَنا غلبنا طبائعنا بالعزم وسُسْنا أَنْفُسنَا بالحلم
قَالَ: فَمَا بَال كلمتكم وَاحِدَة وطريقتكم مُسْتَقِيمَة قَالُوا: من قبل أَنا لَا نتكاذب وَلَا نتخادع فَلَا يغتاب بَعْضنَا بَعْضًا
قَالَ: فَأَخْبرُونِي من أيي [] تشابهت قُلُوبكُمْ واعتدلت سيرتكم قَالُوا: صحت صدورنا فَنزع الله بذلك الغل والحسد من قُلُوبنَا
قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ فِيكُم مِسْكين وَلَا فَقير قَالُوا: من قبل أَنا نقسم بِالسَّوِيَّةِ
قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ فِيكُم فظ وَلَا غليظ قَالُوا: من قبل الذل والتواضع
قَالَ: فَمَا بالكم جُعِلْتُم أطول النَّاس أعماراً قَالُوا: من قبل أَنا نتعاطى الْحق ونحكم بِالْعَدْلِ
قَالَ: فَمَا بالكم لَا تقحطون قَالُوا: لَا نغفل عَن الاسْتِغْفَار
443
قَالَ: فَمَا بالكم لَا تحردون قَالُوا: من قبل أَنا وطّنا أَنْفُسنَا للبلاء مُنْذُ كُنَّا وأحببناه وحرصنا عَلَيْهِ فعرينا مِنْهُ
قَالَ: فَمَا بالكم لَا تصيبكم الْآفَات كَمَا تصيب النَّاس قَالُوا: لَا نتوكل على غير الله وَلَا نعمل بأنواء النُّجُوم
قَالَ: حَدثُونِي
أهكذا وجدْتُم آبائكم يَفْعَلُونَ قَالُوا: نعم وجدنَا آبَائِنَا يرحمون مساكينهم ويواسون فقراءهم ويعفون عَمَّن ظلمهم ويحسنون إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْهِم ويحلمون على من جهل عَلَيْهِم وَيَسْتَغْفِرُونَ لم سبهم وَيصلونَ أرحامهم ويردون أماناتهم ويحفظون وقتهم لصلاتهم ويوفون بعهودهم ويصدقون فِي مواعيدهم وَلَا يرغبون عَن أكفائهم وَلَا يستنكفون عَن أقاربهم فَأصْلح الله بذلك أَمرهم وحفظهم بِهِ مَا كَانُوا أَحيَاء وَكَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَن يخلفهم فِي تَركتهم
فَقَالَ لَهُم ذُو القرنين: لَو كنتُ مُقيما لأقمت فِيكُم وَلَكِنِّي لم أُؤمر بِالْإِقَامَةِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كَانَ لذِي القرنين صديق من الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُ زرافيل وَكَانَ لَا يزَال يتعاهده بِالسَّلَامِ فَقَالَ لَهُ ذُو القرنين: يَا زرافيل هَل تعلم شَيْئا يزِيد فِي طول الْعُمر لنزداد شكرا وَعبادَة قَالَ: مَا لي بذلك علم وَلَكِن سأسأل لَك عَن ذَلِك فِي السَّمَاء
فعرج زرافيل إِلَى السَّمَاء فَلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث ثمَّ هَبَط فَقَالَ: إِنِّي سَأَلت عَمَّا سَأَلتنِي عَنهُ فَأخْبرت أَن لله عينا فِي ظلمَة هِيَ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الشهد من شرب مِنْهَا شربة لم يمت حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يسْأَل الله الْمَوْت
قَالَ: فَجمع ذُو القرنين عُلَمَاء الأَرْض إِلَيْهِ فَقَالَ: هَل تعلمُونَ أَن لله عينا فِي ظلمَة فَقَالُوا: مَا نعلم ذَلِك
فَقَامَ إِلَيْهِ رجل شَاب فَقَالَ: وَمَا حَاجَتك إِلَيْهَا أَيهَا الْملك قَالَ: لي بهَا حَاجَة
قَالَ: فَإِنِّي أعلم مَكَانهَا
قَالَ: وَمن أَيْن علمت مَكَانهَا قَالَ: قَرَأت وَصِيَّة آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَوجدت فِيهَا: إِن لله عينا خلف مطلع الشَّمْس فِي ظلمَة مَاؤُهَا أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الشهد من شرب مِنْهَا شربة لم يمت حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يسْأَل الله الْمَوْت
فَسَار ذُو القرنين من مَوْضِعه الَّذِي كَانَ فِيهِ اثْنَتَيْ عشرَة سنة حَتَّى انْتهى إِلَى مطلع الشَّمْس عَسْكَر وَجمع الْعلمَاء فَقَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن أسلك هَذِه الظلمَة بكم فَقَالُوا: إِنَّا نعيذك بِاللَّه أَن تسلك مسلكاً لم يسلكه أحدا من بني آدم قطّ قبلك
قَالَ: لَا بُد أَن أسلكها
قَالُوا: إِنَّا نعيذك أَن تسلك بِنَا هَذِه الظلمَة فَإنَّا لَا
444
نَأْمَن أَن ينفتق علينا بهَا أَمر يكون فِيهِ فَسَاد الأَرْض
قَالَ: لَا بُد أَن أسلكها
قَالُوا: فشأنك
فَسَأَلَهُمْ أَي الدَّوَابّ أبْصر قَالُوا: الْخَيل
قَالَ: فَأَي الْخَيل أبْصر قَالُوا: الْإِنَاث
قَالَ: فَأَي الْإِنَاث أبْصر قَالُوا: الْأَبْكَار
فانتقى سِتَّة آلَاف فرس أُنْثَى بكر ثمَّ انتخب من عسكره ستى آلَاف رجل فَدفع إِلَى كل رجل مِنْهُم فرسا وَولى الْخضر مِنْهَا على ألفي فَارس ثمَّ جعله على مقدمته ثمَّ قَالَ: سرْ أَمَامِي
فَقَالَ لَهُ الْخضر: أَيهَا الْملك إِنِّي لست آمن هَذِه الْأمة الضلال فَيَتَفَرَّق النَّاس مني فَدفع إِلَيْهِ خرزة حَمْرَاء فَقَالَ: إِذا تفرق النَّاس فارم هَذِه الخرزة فَإِنَّهَا ستضيء لَك وتصوت حَتَّى تجمع إِلَيْك أهل الضلال واستخلف على النَّاس خَليفَة وَأمره أَن يُقيم فِي عسكره اثْنَتَيْ عشرَة سنة فَإِن هُوَ رَجَعَ إِلَى ذَلِك وَإِلَّا أَمر النَّاس أَن يتفرقوا فِي بلدانهم
ثمَّ أَمر الْخضر فَسَار أَمَامه فَكَانَ الْخضر إِذا أَتَاهُ ذُو القرنين رَحل من منزله وَنزل ذُو القرنين فِي منزل الْخضر الَّذِي كَانَ فِيهِ فَبينا الْخضر يسير فِي تِلْكَ الظلمَة إِذْ تفرق النَّاس عَنهُ فَطرح الخرزة من يَده فَإِذا هِيَ على شَفير الْعين وَالْعين فِي وادٍ فأضاء لَهُ مَا حول الْبِئْر فَنزل الْخضر وَنزع ثِيَابه وَدخل الْعين فَشرب مِنْهَا واغتسل ثمَّ خرج فَجمع عَلَيْهِ ثِيَابه ثمَّ أَخذ الخرزة وَركب وَخَالفهُ ذُو القرنين فِي غير الطَّرِيق الَّذِي أَخذ فِيهِ الخضرز فَسَارُوا فِي تِلْكَ الظلمَة فِي مِقْدَار سِتّ لَيَال وأيامهن وَلم تكن ظلمَة كظلمة اللَّيْل إِنَّمَا كَانَت ظلمَة كَهَيئَةِ ضباب حَتَّى خَرجُوا إِلَى أَرض ذَات نور لَيْسَ فِيهَا شمس وَلَا قمر وَلَا نجم فَعَسْكَرَ ثمَّ نزل النَّاس ثمَّ ركب ذُو القرنين وَحده فَسَار حَتَّى انْتهى إِلَى قصر طوله فَرسَخ فِي فَرسَخ فَدخل الْقصر فَإِذا هُوَ بعمود على حافتي الْقصر وَإِذا طَائِر مَذْمُوم
بِأَنْفِهِ سلسلة معلقَة فِي ذَلِك الْعود شبه الخطاف أَو قريب من الخطاف فَقَالَ لَهُ الطير: من أَنْت قَالَ أَنا ذُو القرنين
قَالَ لَهُ الطير: يَا ذَا القرنين أما كَفاك مَا وَرَاءَك حَتَّى تناولت الظلمَة أنبئني يَا ذَا القرنين
قَالَ: سل
قَالَ: هَل كثر بُنيان من الجص والآجر فِي النَّاس قَالَ: نعم
فانتفخ الطير حَتَّى سد ثلث مَا بَين الحائطين ثمَّ قَالَ: يَا ذَا القرنين أنبئني
قَالَ: سل
قَالَ: هَل كثرت المعازف فِي النَّاس قَالَ: نعم
فانتفخ حَتَّى سد ثُلثي مَا بَين الحائطين ثمَّ قَالَ: يَا ذَا القرنين أنبئني
قَالَ: سل
قَالَ: هَل كثرت شَهَادَة الزُّور فِي النَّاس قَالَ: نعم
فانتفخ حَتَّى سد مَا بَين الحائطين واجث ذُو القرنين مِنْهُ فرقا قَالَ لَهُ الطير: يَا ذَا القرنين لَا تخف
أنبئني
قَالَ: سل
445
قَالَ: هَل ترك النَّاس شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: لَا
قَالَ: هَل ترك النَّاس الْغسْل من الْجَنَابَة قَالَ: لَا
قَالَ: فانضم ثُلُثَاهُ
قَالَ: يَا ذَا القرنين أنبئني
قَالَ: سل
قَالَ: هَل ترك النَّاس الْمَكْتُوبَة قَالَ: لَا
فانضم الطير حَتَّى عَاد كَمَا كَانَ ثمَّ قَالَ: يَا ذَا القرنين انْطلق إِلَى تِلْكَ الدرجَة فاصعدها فَإنَّك ستلقى من تسأله ويخبرك
فَسَار حَتَّى انْتهى إِلَى دَرَجَة مدرجة فَصَعدَ عَلَيْهَا فَإِذا هُوَ بسطح مَمْدُود لَا يرى طرفاه وَإِذا رجل شَاب قَائِم شاخص ببصره إِلَى السَّمَاء وَاضع يَده على فَمه قد قدم رجلا وَأخر أُخْرَى فَسلم عَلَيْهِ ذُو القرنين فَرد عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ قَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: أَنا ذُو القرنين
قَالَ: يَا ذَا القرنين أما كَفاك مَا وَرَاءَك حَتَّى قطعت الظلمَة ووصلت إِلَيّ قَالَ: وَمن أَنْت قَالَ: أَنا صَاحب الصُّور قد قدمت رجلا وأخرت أُخْرَى وَوضعت الصُّور على فمي وَأَنا شاخص ببصري إِلَى السَّمَاء أنْتَظر أَمر رَبِّي ثمَّ تنَاول حجرا فَدفعهُ فَقَالَ: انْصَرف فَإِن هَذَا الْحجر سيخبرك بِتَأْوِيل مَا أردْت
فتصرف [فَانْصَرف] ذُو القرنين حَتَّى أَتَى عسكره فَنزل وَجمع إِلَه الْعلمَاء فَحَدثهُمْ بِحَدِيث الْقصر وَحَدِيث العمود وَالطير وَمَا قَالَ لَهُ وَمَا رد عَلَيْهِ حَدِيث صَاحب الصُّور وَأَنه قد دفع إِلَيْهِ هَذَا الْحجر وَقَالَ: إِنَّه سيخبرني بِتَأْوِيل مَا جِئْت بِهِ فَأَخْبرُونِي عَن هَذَا الْحجر مَا هُوَ وَأي شَيْء أَرَادَ بِهَذَا قَالَ: فدعوا بميزان وَوضع حجر صَاحب الصُّور فِي إِحْدَى الكفتين وَوضع حجر مثله فِي الكفة الْأُخْرَى فرجح بِهِ ثمَّ وضع مَعَه حجر آخر رجح بِهِ ثمَّ وضع مائَة حجر فرجح بهَا حَتَّى وضع ألف حجر فرجح بهَا فَقَالَ ذُو القرنين: هَل عِنْد أحد مِنْكُم فِي هَذَا الْحجر من علم قَالَ - وَالْخضر قَاعد بِحَالهِ لَا يتَكَلَّم - فَقَالَ لَهُ: يَا خضر هَل عنْدك فِي هَذَا الْحجر من علم قَالَ: نعم
قَالَ: وَمَا هُوَ قَالَ الْخضر: أَيهَا الْملك إِن الله ابتلى الْعَالم بالعالم وابتلى النَّاس بَعضهم بِبَعْض وَإِن الله ابتلاك بِي وابتلاني بك
فَقَالَ لَهُ ذُو القرنين: مَا أَرَاك إِلَّا قد ظَفرت بِالْأَمر الَّذِي جِئْت أطلبه
قَالَ لَهُ الْخضر: قد كَانَ ذَلِك
قَالَ: فائتني
فَأخذ الْمِيزَان وَوضع حجر صَاحب الصُّور فِي إِحْدَى الكفتين وَوضع فِي الكفة الْأُخْرَى حجرا وَأخذ قَبْضَة من تُرَاب فوضعها مَعَ الْحجر ثمَّ رفع الْمِيزَان فرجح الْحجر الَّذِي مَعَه التُّرَاب على حجر صَاحب الصُّور فَقَالَت الْعلمَاء: سُبْحَانَ الله رَبنَا
وَضعنَا مَعَ ألف حجر فَمَال لَهَا وَوضع الْخضر مَعَه حجرا وَاحِدًا وقبضة من تُرَاب فَمَال لَهُ
فَقَالَ لَهُ ذُو القرنين:
446
أَخْبرنِي بِتَأْوِيل هَذَا
قَالَ: أخْبرك
إِنَّك مكنت من مشرق الأَرْض وَمَغْرِبهَا فَلم يكفك ذَلِك حَتَّى تناولت الظلمَة حَتَّى وصلت إِلَى صَاحب الصُّور وَإنَّهُ لَا يمْلَأ عَيْنك إِلَّا التُّرَاب
قَالَ: صدقت
ورحل ذُو القرنين فَرجع فِي الظلمَة رَاجعا فَجعلُوا يسمعُونَ خشخشة تَحت سنابك خيلهم فَقَالُوا: أَيهَا الْملك مَا هَذِه الخشخشة الَّتِي نسْمع تَحت سنابك خَيْلنَا قَالَ: من أَخذ مِنْهُ نَدم وَمن تَركه نَدم فَأخذت مِنْهُ طَائِفَة وَتركت طَائِفَة فَلَمَّا برزوا بِهِ إِلَى الضَّوْء نظرُوا فَإِذا هُوَ بالزبرجد فندم الْآخِذ أَن لَا يكون ازْدَادَ وَنَدم التارك أَن لَا يكون أَخذ
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رحم الله أخي ذَا القرنين دخل الظلمَة وَخرج مِنْهَا زاهداً
أما إِنَّه لَو خرج مِنْهَا رَاغِبًا لما ترك مِنْهَا حجرا إِلَّا أخرجه
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَقَامَ بدومة الجندل فعبد الله فِيهَا حَتَّى مَاتَ
وَلَفظ أبي الشَّيْخ: قَالَ أَبُو جَعْفَر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رحم الله أخي ذَا القرنين لَو ظفر بالزبرجد فِي مبداه مَا ترك مِنْهُ شَيْئا حَتَّى يُخرجهُ إِلَى النَّاس لِأَنَّهُ كَانَ رَاغِبًا فِي الدُّنْيَا وَلكنه ظفر بِهِ وَهُوَ زاهد فِي الدُّنْيَا لَا حَاجَة لَهُ فِيهَا
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَن سُئِلَ عَن ذِي القرنين فَقَالَ: كَانَ عبدا أحب الله فَأَحبهُ وناصح الله فناصحه فَبَعثه إِلَى قوم يَدعُوهُم إِلَى الله فَدَعَاهُمْ إِلَى الله وَإِلَى الْإِسْلَام فضربوه على قرنه الْأَيْمن فَمَاتَ فأمسكه الله مَا شَاءَ ثمَّ بَعثه
فَأرْسلهُ إِلَى أمة أُخْرَى يَدعُوهُم إِلَى الله وَإِلَى الْإِسْلَام فضربوه على قرنه الْأَيْسَر فَمَاتَ فأمسكه الله مَا شَاءَ ثمَّ بَعثه فَسخرَ لَهُ السَّحَاب وخيّره فِيهِ فَاخْتَارَ صعبه على ذلوله - وصعبه الَّذِي لَا يمطر - وَبسط لَهُ النُّور ومدّ لَهُ الْأَسْبَاب وَجعل اللَّيْل وَالنَّهَار عَلَيْهِ سَوَاء فبذلك بلغ مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن ذَا القرنين لما بلغ الْجَبَل الَّذِي يُقَال لَهُ قَاف ناداه ملك من الْجَبَل: أَيهَا الخاطئ ابْن الخاطئ جِئْت حَيْثُ لم يجِئ أحد من قبلك وَلَا يَجِيء أحد بعْدك
فَأَجَابَهُ ذُو القرنين: وَأَيْنَ أَنا قَالَ لَهُ الْملك: أَنْت فِي الأَرْض السَّابِعَة
فَقَالَ ذُو القرنين: مَا ينجيني فَقَالَ: ينجيك الْيَقِين
فَقَالَ ذُو القرنين: اللَّهُمَّ ارزقني يَقِينا
فأنجاه الله
قَالَ لَهُ الْملك: إِنَّه ستأتي إِلَى قوم فتبني لَهُم سداً فَإِذا أَنْت بنيته وفرغت مِنْهُ فَلَا تحدث نَفسك أَنَّك
447
بنيته بحول مِنْك أَو قُوَّة فيسلط الله على بنيانك أَضْعَف خلقه فيهدمه
ثمَّ قَالَ لَهُ ذُو القرنين: مَا هَذَا الْجَبَل قَالَ: هَذَا الْجَبَل الَّذِي يُقَال لَهُ قَاف وَهُوَ أَخْضَر وَالسَّمَاء بَيْضَاء وَإِنَّمَا خضرتها من هَذَا الْجَبَل وَهَذَا الْجَبَل أم الْجبَال وَالْجِبَال كلهَا من عروقه فَإِذا أَرَادَ الله أَن يزلزل قَرْيَة حرك مِنْهُ عرقاً
ثمَّ إِن الْملك نَاوَلَهُ عنقوداً من عِنَب وَقَالَ لَهُ: حَبَّة ترويك وحبة تشبعك وَكلما أخذت مِنْهُ حَبَّة عَادَتْ مَكَانهَا حَبَّة
ثمَّ خرج من عِنْده فجَاء الْبُنيان الَّذِي أَرَادَ الله فَقَالُوا اه: ﴿يَا ذَا القرنين إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج مفسدون فِي الأَرْض﴾ إِلَى قَوْله: ﴿أجعَل بَيْنكُم وَبينهمْ ردماً﴾
قَالَ عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ: هم منسك وناسك وَتَأْويل وراحيل
وَقَالَ أَبُو سعيد رَضِي الله عَنهُ: هم خَمْسَة وَعِشْرُونَ قَبيلَة من وَرَاء يَأْجُوج وَمَأْجُوج
وَأخرج الْحَاكِم عَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ملك الأَرْض أَرْبَعَة: سُلَيْمَان وَذُو القرنين وَرجل من أهل حلوان وَرجل آخر
فَقيل لَهُ: الْخضر قَالَ: لَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن ذَا القرنين ملك الأَرْض كلهَا إِلَّا بلقيس صَاحِبَة مأرب فَإِذا ذَا القرنين كلن يلبس ثِيَاب الْمَسَاكِين ثمَّ يدْخل الْمَدَائِن فَينْظر من عورتها قبل أَن يقتل أَهلهَا فَأخْبرت بذلك بلقيس فَبعثت رَسُولا ينظر إِلَيْهِ فيصوّر لَهَا صورته فِي ملكه حِين يقْعد وَصورته فِي ثِيَاب الْمَسَاكِين
ثمَّ جعلت كل يَوْم تطعم الْمَسَاكِين وتجمعهم فَجَاءَهَا رسولها فِي صورته فَجعلت إِحْدَى صورتيه تَلِيهَا وَالْأُخْرَى على بَاب الأسطوانة فَكَانَت تطعم الْمَسَاكِين كل يَوْم فَإِذا فرغوا عرضتهم وَاحِدًا وَاحِدًا فَيخْرجُونَ حَتَّى جَاءَ ذُو القرنين فِي ثِيَاب الْمَسَاكِين فَدخل مدينتها ثمَّ جلس مَعَ الْمَسَاكِين إِلَى طعامها فقربت إِلَيْهِم الطَّعَام فَلَمَّا فرغوا أخرجتهم وَاحِدًا وَاحِدًا وَهِي تنظر إِلَى صورته فِي ثِيَاب الْمَسَاكِين حَتَّى مر ذُو القرنين فَنَظَرت إِلَى صورته فَقَالَت: أجلسوا هَذَا وأخرجوا من بَقِي من الْمَسَاكِين فَقَالَ لَهَا: لم أجلستني وَإِنَّمَا أَنا مِسْكين
قَالَت: لَا
أَنْت ذُو القرنين هَذِه صُورَتك فِي ثِيَاب الْمَسَاكِين وَالله لَا تُفَارِقنِي حَتَّى تكْتب لي أَمَانًا بملكي أَو أضْرب عُنُقك
فَلَمَّا رأى ذَلِك كتب لَهَا أَمَانًا فَلم ينج أحد مِنْهُ غَيرهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ملك ذُو القرنين اثْنَتَيْ عشرَة سنة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشيخفي العظمة عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر
448
رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ ذُو القرنين فِي بعض مسيره فَمر بِقوم قُبُورهم على أَبْوَاب بُيُوتهم وَإِذا ثِيَابهمْ لون وَاحِد وَإِذا هم رجال كلهم لَيْسَ فيهم امْرَأَة فتوسم رجلا مِنْهُم فَقَالَ لَهُ: لقد رَأَيْت شَيْئا مَا رَأَيْت فِي شَيْء من مسري
قَالَ: وَمَا هُوَ فوصف لَهُ مَا رأى مِنْهُم
قَالُوا: أما هَذِه الْقُبُور على أبوابنا فَإنَّا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب أَحَدنَا فَيخرج فَيرى الْقُبُور وَيرجع إِلَى نَفسه فَيَقُول: إِلَى هَذَا الْمصير وإليها صَار من كَانَ قبلي
وَأما هَذِه الثِّيَاب فَإِنَّهُ لَا يكَاد الرجل منا يلبس ثيابًا أحسن من صَاحبه إِلَّا رأى لَهُ بذلك فضلا على جليسه
وَأما قَوْلك: رجال كلكُمْ لَيْسَ مَعكُمْ نسَاء فلعمري لقد خلقنَا من ذكر وَأُنْثَى وَلَكِن هَذَا الْقلب لَا يشغل بِشَيْء إِلَّا شغل بِهِ فَجعلنَا نسائنا وَذُرِّيَّتنَا فِي قَرْيَة قريبَة وَإِذا أَرَادَ الرجل من أَهله مَا يُرِيد الرجل أَتَاهَا فَكَانَ مَعهَا اللَّيْلَة والليلتين ثمَّ يرجع إِلَى مَا هَهُنَا لأَنا خلونا هَهُنَا لِلْعِبَادَةِ
فَقَالَ: مَا كنت لأعظكم بِشَيْء أفضل مِمَّا وعظتم بِهِ أَنفسكُم سلني مَا شِئْت
قَالَ: من أَنْت قَالَ أَنا ذُو القرنين
قَالَ: مَا أَسأَلك وَأَنت لَا تملك لي شَيْئا قَالَ: وَكَيف وَقد آتَانِي الله من كل شَيْء سَببا قَالَ: أتقدر على أَن تَأتِينِي بِمَا لم يقدر لي وَلَا تصرف عني مَا قدر لي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما بلغ ذُو القرنين مطلع الشَّمْس قَالَ لَهُ ملكهَا: يَا ذَا القرنين صف لي النَّاس
قَالَ: إِن محادثتك من لَا يعقل بِمَنْزِلَة من يضع الموائد لأهل الْقُبُور ومحادثتك من يعقل بِمَنْزِلَة من يبلّ الصَّخْرَة حَتَّى تبتل أَو يطْبخ الْحَدِيد يلْتَمس أدمه وَنقل الْحِجَارَة من رُؤُوس الْجبَال أيسر من محادثتك من لَا يعقل
الْآيَة ٨٤ - ٨٥
449
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا﴾ قَالَ: علما
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فأتبع سَببا﴾ قَالَ: الْمنزل
449
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا﴾ قَالَ: علما
من ذَلِك تَعْلِيم الْأَلْسِنَة كَانَ لَا يعرف قوما إِلَّا كَلمهمْ بلسانهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن أبي هِلَال رَضِي الله عَنهُ أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ لكعب الْأَحْبَار: تَقول أَن ذَا القرنين كَانَ يرْبط خيله بالثنايا قَالَ لَهُ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: إِن كنت قلت ذَاك فَإِن الله قَالَ: ﴿وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا﴾ قَالَ: منَازِل الأَرْض وأعلامها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فأتبع سَببا﴾ قَالَ: منزلا وطرفاً من الْمشرق إِلَى الْمغرب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فأتبع سَببا﴾ قَالَ: هَذِه لِأَن الطَّرِيق كَمَا قَالَ فِرْعَوْن لهامان (ابْن لي صرحاً لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب) (غَافِر آيَة ٣٦) أَسبَاب السَّمَوَات طَرِيق السَّمَوَات
قَالَ: وَالشَّيْء يكون اسْمه وَاحِدًا وَهُوَ متفرق فِي الْمَعْنى
وَقَرَأَ (وتقطعت بهم الْأَسْبَاب) (الْبَقَرَة آيَة ١٦٦) قَالَ: أَسبَاب الْأَعْمَال
الْآيَة ٨٦
450
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ فأتبع سبباً ﴾ قال : منزلاً وطرفاً من المشرق إلى المغرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله :﴿ فأتبع سبباً ﴾ قال : هذه لأن الطريق كما قال فرعون لهامان ﴿ ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب ﴾ [ غافر : ٣٦ ] أسباب السماوات، طريق السماوات. قال : والشيء يكون اسمه واحداً وهو متفرق في المعنى. وقرأ ﴿ وتقطعت بهم الأسباب ﴾ [ البقرة : ١٦٦ ] قال : أسباب الأعمال.
أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عُثْمَان بن أبي حَاضر أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ذكر لَهُ أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَرَأَ الْآيَة فِي سُورَة الْكَهْف تغرب فِي عين حامية قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَقلت لمعاوية رَضِي الله عَنهُ: مَا نقرؤها إِلَّا ﴿حمئة﴾ فَسَأَلَ مُعَاوِيَة عبد الله بن عَمْرو: كَيفَ تقرؤها فَقَالَ عبد الله: كَمَا قرأتها
قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَقلت لمعاوية: فِي بَيْتِي نزل الْقُرْآن فَأرْسل إِلَى كَعْب فَقَالَ لَهُ:
450
أَيْن تَجِد الشَّمْس تغرب فِي التَّوْرَاة فَقَالَ لَهُ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: سل أهل الْعَرَبيَّة فَإِنَّهُم أعلم بهَا وَأما أَنا فَإِنِّي أجد الشَّمْس تغرب فِي التَّوْرَاة فِي مَاء وطين - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمغرب -
قَالَ ابْن أبي حَاضر رَضِي الله عَنهُ: لَو أَنِّي عندكما أيدتك بِكَلَام وتزداد بِهِ بَصِيرَة فِي ﴿حمئة﴾
قَالَ ابْن عَبَّاس: وَمَا هُوَ قلت: فِيمَا نأثر قَول تبع فِيمَا ذكر بِهِ ذَا القرنين فِي كلفه بِالْعلمِ وإتباعه إِيَّاه: قد كَانَ ذُو القرنين عَمْرو مُسلما ملكا تدين لَهُ الْمُلُوك وتحسد فَأتى الْمَشَارِق والمغارب يَبْتَغِي أَسبَاب ملك من حَكِيم مرشد فَرَأى مغيب الشَّمْس عِنْد غُرُوبهَا فِي عين ذِي خلب وثاط حرمد فَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَا الخلب قلت: الطين بكلامهم
قَالَ: فَمَا الثاط قلت: الحمأة
قَالَ: فَمَا الحرمد قلت: الْأسود
فَدَعَا ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا غُلَاما فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ مَا يَقُول هَذَا الرجل
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿فِي عين حمئة﴾
وَأخرج الْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ ﴿فِي عين حمئة﴾
وَأخرج الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ بن سعيد رَضِي الله عَنهُ فِي إِيضَاح الْإِشْكَال من طَرِيق مصداع بن يحيى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَقْرَأَنِيهِ أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ كَمَا أقرأه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿تغرب فِي عين حمئة﴾ مُخَفّفَة
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الأعوج قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يقْرؤهَا ﴿فِي عين حمئة﴾ ثمَّ قَرَأَهَا / ذَات حمئة /
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿فِي عين حمئة﴾ قَالَ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: مَا سَمِعت أحدا يقْرؤهَا كَمَا هِيَ فِي كتاب الله غير ابْن عَبَّاس فَإنَّا نجدها فِي التَّوْرَاة تغرب فِي حمئة سَوْدَاء
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خَالَفت عَمْرو بن الْعَاصِ عِنْد مُعَاوِيَة فِي ﴿حمئة﴾ وحامية قرأتها
451
﴿فِي عين حمئة﴾ فَقَالَ عَمْرو: حامية فسألنا كَعْبًا فَقَالَ: إِنَّهَا فِي كتاب الله الْمنزل تغرب فِي طِينَة سَوْدَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن حَاضر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كُنَّا عِنْد مُعَاوِيَة فَقَرَأَ تغرب فِي عين حامية فَقلت لَهُ: مَا نقرؤها إِلَّا ﴿فِي عين حمئة﴾ فَأرْسل مُعَاوِيَة إِلَى كَعْب فَقَالَ: أَيْن تَجِد الشَّمْس فِي التَّوْرَاة تغرب قَالَ: أما الْعَرَبيَّة فَلَا علم لي بهَا وَأما أَنا فأجد الشَّمْس فِي التَّوْرَاة تغرب فِي مَاء وطين
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن طَلْحَة بن عبيد الله أَنه كَانَ يقْرَأ فِي عين حامية
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي عين حامية يَقُول: حارة
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: نظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الشَّمْس حِين غَابَتْ فَقَالَ: نَار الله الحامية لَو مَا يزعها من أَمر الله لأحرقت مَا على الأَرْض
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر قَالَ: كنت ردف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على حمَار فَرَأى الشَّمْس حِين غربت فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن تغرب قلت: الله وَرَسُوله أعلم
قَالَ: فَإِنَّهَا تغرب فِي عين حامية غير مَهْمُوزَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: بَلغنِي أَن الشَّمْس تغرب فِي عين تقذفها الْعين إِلَى الْمشرق
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مردوية عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿وَوجد عِنْدهَا قوما﴾ قَالَ: مَدِينَة لَهَا اثْنَا عشر ألفا بَاب لَوْلَا أصوات أَهلهَا لسمع النَّاس دوِي الشَّمْس حِين تجب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعد بن أبي صَالح قَالَ: كَانَ يُقَال: لَوْلَا لغط أهل الرومية سمع النَّاس وجبة الشَّمْس حِين تقع
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: لَوْلَا أصوات الصنافر لسمع وجبة الشَّمْس حِين تقع عِنْد غُرُوبهَا
452
الْآيَة ٨٧ - ١٠٠
453
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله: ﴿قَالَ أما من ظلم﴾ قَالَ: من أشرك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فَسَوف نعذبه﴾ قَالَ: الْقَتْل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ عَذَابه أَن يجعلهم فِي بقر من صفر ثمَّ توقد تَحْتهم النَّار حَتَّى يتقطعوا فِيهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿فَلهُ جَزَاء الْحسنى﴾ قَالَ: الْحسنى لَهُ جَزَاء
453
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وسنقول لَهُ من أمرنَا يسرا﴾ قَالَ: مَعْرُوفا
وَالله تَعَالَى أعلم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿حَتَّى إِذا بلغ مطلع الشَّمْس﴾ الْآيَة
قَالَ: حدثت عَن الْحسن عَن سَمُرَة بن جُنْدُب
قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ﴿لم نجْعَل لَهُم من دونهَا سترا﴾ أَنَّهَا لم يبن فِيهَا بِنَاء قطّ كَانُوا إِذا طلعت الشَّمْس دخلُوا أسراباً لَهُم حَتَّى تَزُول الشَّمْس
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَزَّار فِي أَمَالِيهِ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿تطلع على قوم لم نجْعَل لَهُم من دونهَا سترا﴾ قَالَ: أَرضهم لَا تحْتَمل الْبناء فَإِذا طلعت الشَّمْس تغور فِي الْمِيَاه فَإِذا غَابَتْ خَرجُوا يتراعون كَمَا ترعى الْبَهَائِم
ثمَّ قَالَ الْحسن: هَذَا حَدِيث سَمُرَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَنهم بِأَرْض لَا يثبت لَهُم فِيهَا شَيْء فهم إِذا طلعت دخلُوا فِي أسراب حَتَّى إِذا زَالَت الشَّمْس خَرجُوا إِلَى حروثهم ومعايشهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سَلمَة بن كهيل فِي الْآيَة قَالَ: لَيست لَهُم أكناف إِذا طلعت الشَّمْس طلعت عَلَيْهِم لأَحَدهم أذنان يفترش وَاحِدَة ويلبس الْأُخْرَى
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وجدهَا تطلع على قوم﴾ الْآيَة
قَالَ: يُقَال لَهُم الزنج
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: تطلع على قوم حمر قصار مساكنهم الغيران فَيلقى لَهُم سمك أَكثر معيشتهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿بِمَا لَدَيْهِ خَبرا﴾ قَالَ: علما
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿حَتَّى إِذا بلغ بَين السدين﴾ قَالَ: الجبلين أرمينية وأذربيجان
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿قوما لَا يكادون يفقهُونَ قولا﴾ قَالَ: التّرْك
454
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن تَمِيم بن جذيم أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿لَا يكادون يفقهُونَ قولا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: أَتَيْنَا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا وَهُوَ فِي قبَّة آدم لَهُ فَخرج إِلَيْنَا فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ: أبشركم أَنكُمْ ربع أهل الْجنَّة
فَقُلْنَا: نعم يَا رَسُول الله فَقَالَ: أبشركم أَنكُمْ ثلث أهل الْجنَّة
فَقُلْنَا: نعم يَا نَبِي الله قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا نصف أهل الْجنَّة إِن مثلكُمْ فِي سَائِر الْأُمَم كَمثل شَعْرَة بَيْضَاء فِي جنب ثَوْر أسود أَو شَعْرَة سَوْدَاء فِي جنب ثَوْر أَبيض إِن بعدكم يَأْجُوج وَمَأْجُوج إِن الرجل مِنْهُم ليترك بعده من الذُّرِّيَّة ألفا فَمَا زَاد وَإِن وراءكم ثَلَاث أُمَم: منسك وتاويل وتاريس لَا يعلم عدتهمْ إِلَّا الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق الْبكالِي عَن عبد الله بن عمر قَالَ: إِن الله جزأ الْمَلَائِكَة وَالْإِنْس وَالْجِنّ عشرَة أَجزَاء تِسْعَة أَجزَاء مِنْهُم الْمَلَائِكَة وجزء وَاحِد الْجِنّ وَالْإِنْس
وجزأ الْمَلَائِكَة عشرَة أَجزَاء تِسْعَة مِنْهُم الكروبيون الَّذِي يسبحون اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يفترون وجزء وَاحِد لرسالاته ولخزائنه وَمَا يَشَاء من أمره
وجزأ الْإِنْس وَالْجِنّ عشرَة أَجزَاء فتسعة مِنْهُم الْجِنّ وَالْإِنْس جُزْء وَاحِد فَلَا يُولد من الْإِنْس ولد إِلَّا ولد من الْجِنّ تِسْعَة
وجزأ الْإِنْس عشرَة أَجزَاء تِسْعَة مِنْهُم يَأْجُوج وَمَأْجُوج وجزء سَائِر النَّاس وَالسَّمَاء ذَات الحبك
قَالَ: السَّمَاء السَّابِعَة وَالْحرم بحيالة الْعَرْش
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة أَن يَأْجُوج وَمَأْجُوج يزِيدُونَ على الْإِنْس الضعفين وَأَن الْجِنّ يزِيدُونَ على الْإِنْس الضعفين وَأَن يَأْجُوج وَمَأْجُوج رجلَانِ اسْمهَا يَأْجُوج وَمَأْجُوج
وَأخرج عبد الرَّزَّاق ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: إِن الله جزأ الْإِنْس عشرَة أَجزَاء تِسْعَة مِنْهُم يَأْجُوج وَمَأْجُوج وجزء سَائِر النَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: صوّرت الدُّنْيَا على خمس صور على صُورَة الطير بِرَأْسِهِ والصدر والجناحين والذنب فالمدينة وَمَكَّة واليمن الرَّأْس والصدر مصر وَالْعراق والجناح الْأَيْمن الْعرَاق وَخلف الْعرَاق أمة يُقَال لَهَا واق وَخلف واق أمة يُقَال وقواق وَخلف
455
ذَلِك من الْأُمَم مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى
والجناح الْأَيْسَر السَّنَد وَخلف السَّنَد الْهِنْد وَخلف الْهِنْد أمة يُقَال لَهَا ناسك وَخلف ذَلِك أمة يُقَال لَهَا منسك وَخلف ذَلِك من الْأُمَم مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى
والذنب من ذَات الْحمام إِلَى مغرب الشَّمْس وَشر مَا فِي الطير الذَّنب
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عَبدة بن أبي لبَابَة أَن الدُّنْيَا سَبْعَة أقاليم: فيأجوج وَمَأْجُوج فِي سِتَّة أقاليم وَسَائِر النَّاس فِي إقليم وَاحِد
وَأخرج ابْن جرير عَن وهب بن جَابر الحيواني قَالَ: سَأَلت عبد الله بن عَمْرو عَن يَأْجُوج وَمَأْجُوج: أَمن آدم هم قَالَ: نعم وَمن بعدهمْ ثَلَاث أُمَم لَا يعلم عَددهمْ إِلَّا الله تاويل وتاريس ومنسك
وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: يَأْجُوج وَمَأْجُوج لَهُم أَنهَار يلقون مَا شاؤوا وَنسَاء يُجَامِعُونَ مَا شاؤوا وَشَجر يُلَقِّحُونَ مَا شاؤوا وَلَا يَمُوت رجل إِلَّا ترك من ذُريَّته ألفا فَصَاعِدا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: يَأْجُوج وَمَأْجُوج أمتان فِي كل أمة أَرْبَعمِائَة أمة لَا تشبه وَاحِدَة مِنْهُم الْأُخْرَى وَلَا يَمُوت الرجل مِنْهُم حَتَّى ينظر فِي مائَة عين من وَلَده
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: خلق يَأْجُوج وَمَأْجُوج ثَلَاث أَصْنَاف صنف أجسامهم كالأرز وصنف أَرْبَعَة أَذْرع طول وَأَرْبَعَة أَذْرع عرض وضنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بِالْأُخْرَى يَأْكُلُون مشائم نِسَائِهِم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن خَالِد الْأَشَج قَالَ: إِن بني آدم وَبني إِبْلِيس ثَلَاثَة أَثلَاث: فثلثان بَنو إِبْلِيس وَثلث بَنو آدم وَبَنُو آدم ثَلَاثَة أَثلَاث: ثلثان يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَثلث سَائِر النَّاس
وَالنَّاس بعد ثَلَاث أَثلَاث: ثلث الأندلس وَثلث الْحَبَشَة وَثلث سَائِر النَّاس الْعَرَب والعجم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: يَأْجُوج وَمَأْجُوج ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ قَبيلَة فسد ذُو القرنين على إِحْدَى وَعشْرين قَبيلَة وَترك قَبيلَة وهم الأتراك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن التّرْك فَقَالَ: هم سيارة لَيْسَ لَهُم أصل هم من يَأْجُوج وَمَأْجُوج لكِنهمْ خَرجُوا يغيرون على النَّاس فجَاء ذُو القرنين فسدّ بَينهم وَبَين قَومهمْ فَذَهَبُوا سيارة فِي الأَرْض
456
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج خمس وَعِشْرُونَ أمة لَيْسَ مِنْهَا أمة تشبه الْأُخْرَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْمثنى الأملوكي قَالَ: إِن الله ذَرأ لِجَهَنَّم يَأْجُوج وَمَأْجُوج لم يكن فيهم صديق قطّ وَلَا يكون ابداً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: مَا مَاتَ رجل من يَأْجُوج وَمَأْجُوج إِلَّا ترك ألف ذُرِّيَّة لصلبه فَصَاعِدا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج شبر وشبران وأطوالهم ثَلَاثَة أشبار وهم من ولد آدم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج من ولد آدم وَلَو أرْسلُوا لأفسدوا على النَّاس مَعَايشهمْ وَلَا يَمُوت رجل مِنْهُم إِلَّا ترك من ذُريَّته ألفا فَصَاعِدا وَإِن من وَرَاءَهُمْ ثَلَاث أُمَم: تاويل وتاريس ومنسك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: الْجِنّ وَالْإِنْس عشرَة أَجزَاء فتسعة أَجزَاء يَأْجُوج وَمَأْجُوج وجزء وَاحِد سَائِر النَّاس
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَمْرو بن أَوْس عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج لَهُم نسَاء يُجَامِعُونَ مَا شاؤوا وَشَجر يُلَقِّحُونَ مَا شاؤوا وَلَا يَمُوت رجل مِنْهُم إِلَّا ترك من ذُريَّته ألفا فَصَاعِدا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عدي وَابْن عَسَاكِر وَابْن النجار عَن حُذَيْفَة قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَقَالَ: يَأْجُوج أمة وَمَأْجُوج أمة كل أمة بأربعمائة أمة
لَا يَمُوت أحدهم حَتَّى ينظر إِلَى ألف رجل من صلبه كل قد حمل السِّلَاح
قلت: يَا رَسُول الله صفهم لنا
قَالَ: هم ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف مِنْهُم أَمْثَال الْأرز
قلت: وَمَا الْأرز قَالَ: شجر بِالشَّام طول الشَّجَرَة عشرُون وَمِائَة ذِرَاع فِي السَّمَاء
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَؤُلَاءِ الَّذين لَا يقوم لَهُم وَلَا حَدِيد وصنف مِنْهُم
457
يفترش إِحْدَى أُذُنَيْهِ ويلتحف بِالْأُخْرَى لَا يَمرونَ بفيل وَلَا وَحش وَلَا جمل وَلَا خِنْزِير إِلَّا أكلوه وَمن مَاتَ مِنْهُم أكلوه مقدمتهم بِالشَّام وساقتهم يشربون أَنهَار الْمشرق وبحيرة طبرية
وَأخرج نعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَابْن مرْدَوَيْه بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَعَثَنِي الله لَيْلَة أسرِي بِي إِلَى يَأْجُوج وَمَأْجُوج فدعوتهم إِلَى دين الله وعبادته فَأَبَوا أَن يجيبوني فهم فِي النَّار مَعَ من عصى من ولد آدم وَولد إِبْلِيس
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر النَّسَفِيّ أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله قد رَأَيْت سد يَأْجُوج وَمَأْجُوج
قَالَ: انْعَتْهُ لي
قَالَ: كَالْبردِ المحبر طَريقَة سَوْدَاء وَطَرِيقَة سَوْدَاء
قَالَ: قد رَأَيْته
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج يحفرون السد كل يَوْم حَتَّى إِذا كَادُوا يرَوْنَ شُعَاع الشَّمْس قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستفتحونه غَدا وَلَا يَسْتَثْنِي
فَإِذا أَصْبحُوا وجدوه قد رَجَعَ كَمَا كَانَ فَإِذا أَرَادَ الله بخروجهم على النَّاس قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستفتحونه إِن شَاءَ الله - ويستثني - فيعودون إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَته حِين تَرَكُوهُ فيحفرونه وَيخرجُونَ على النَّاس فيستقون الْمِيَاه ويتحصن النَّاس مِنْهُم فِي حصونهم فيرمون بسهامهم إِلَى السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء فَيَقُولُونَ: قهرنا من فِي الأَرْض وعلونا من السَّمَاء قسوة وعلوا
فيبعث الله عَلَيْهِم نغفاً فِي أَعْنَاقهم فيهلكون
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن دَوَاب الأَرْض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن زَيْنَب بنت جحش قَالَت: اسْتَيْقَظَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَومه وَهُوَ محمر وَجهه وَهُوَ يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله
ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب فتح الْيَوْم من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذِه - وَحلق - قلت: يَا رَسُول الله أنهلك وَفينَا الصالحون قَالَ: نعم إِذا كثر الْخبث
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فتح الْيَوْم من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذِه - وَعقد بِيَدِهِ تسعين
458
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حبيب الأرجاني فِي قَوْله: ﴿إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج مفسدون فِي الأَرْض﴾ قَالَ: كَانَ فسادهم أَنهم كَانُوا يَأْكُلُون النَّاس
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿فَهَل نجْعَل لَك خرجا﴾ قَالَ: أجرا عَظِيما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: مَا صنع الله فَهُوَ السد وَمَا صنع السد النَّاس فَهُوَ السد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿مَا مكني فِيهِ رَبِّي خير﴾ قَالَ: الَّذِي أَعْطَانِي رَبِّي هُوَ خير من الَّذِي تبذلون لي من الْخراج
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أجعَل بَيْنكُم وَبينهمْ ردماً﴾ قَالَ: هُوَ كأشد الْحجاب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿زبر الْحَدِيد﴾ قَالَ: قطع الْحَدِيد
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿زبر الْحَدِيد﴾ قَالَ: قطع الْحَدِيد
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يَقُول: تلظى عَلَيْهِم حِين شدّ حميمها بزبر الْحَدِيد وَالْحِجَارَة شَاجر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿بَين الصدفين﴾ قَالَ: الجبلين
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿بَين الصدفين﴾ بِفتْحَتَيْنِ قَالَ: يَعْنِي بَين الجبلين
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿بَين الصدفين﴾ بِضَمَّتَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿بَين الصدفين﴾ قَالَ: رَأس الجبلين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿قطراً﴾ قَالَ: النّحاس
459
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿قطرا﴾ قَالَ: نُحَاسا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿آتوني أفرغ عَلَيْهِ قطراً﴾ قَالَ: نُحَاسا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿آتوني أفرغ عَلَيْهِ قطراً﴾ قَالَ: نُحَاسا ليلزم بعضه بَعْضًا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه﴾ قَالَ: مَا اسْتَطَاعُوا أَن يرتقوه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه﴾ يَقُول: أَن يعلوه ﴿وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نقباً﴾ قَالَ: من أَسْفَله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه﴾ قَالَ: من فَوْقه ﴿وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نقباً﴾ قَالَ: من أَسْفَله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿فَإِذا جَاءَ وعد رَبِّي جعله دكاء﴾ قَالَ: جعله طَرِيقا كَمَا كَانَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فَإِذا جَاءَ وعد رَبِّي جعله دكاء﴾ قَالَ: لَا أَدْرِي الجبلين يَعْنِي بِهِ أم مَا بَينهمَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الرّبيع بن خَيْثَم أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿جعله دكاء﴾ ممدوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج خلف السد لَا يَمُوت الرجل مِنْهُم حَتَّى يُولد لَهُ ألف لصلبه وهم يَغْدُونَ كل يَوْم على السد فيلحسونه وَقد جَعَلُوهُ مثل قشر الْبيض فَيَقُولُونَ: نرْجِع غَدا ونفتحه فيصبحون وَقد عَاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل أَن يلحس فَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يُولد فيهم مَوْلُود مُسلم فَإِذا غدوا يلحسون قَالَ لَهُم: قُولُوا بِسم الله فَإِذا قَالُوا بِسم الله فأرادوا أَن يرجِعوا حِين يمسون فَيَقُولُونَ: نرْجِع غَدا فنفتحه
فيصبحون وَقد عَاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَيَقُول: قُولُوا إِن شَاءَ الله
فَيَقُولُونَ: إِن شَاءَ الله
فيصبحون وَهُوَ مثل قشر الْبيض فينقبونه فَيخْرجُونَ مِنْهُ على النَّاس فَيخرج أول من
460
يخرج مِنْهُم سَبْعُونَ ألفا عَلَيْهِم التيجان ثمَّ يخرجُون من بعد ذَلِك أَفْوَاجًا فَيَأْتُونَ على النَّهر مثل نهركم هَذَا - يَعْنِي الْفُرَات - فيشربونه حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُ شَيْء ثمَّ يَجِيء الفوج مِنْهُم حَتَّى ينْتَهوا إِلَيْهِ فَيَقُولُونَ: لقد كَانَ هَهُنَا مَاء مرّة وَذَلِكَ قَول الله: ﴿فَإِذا جَاءَ وعد رَبِّي جعله دكاء﴾ والدكّ التُّرَاب ﴿وَكَانَ وعد رَبِّي حَقًا﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج ينقرون السد بمناقرهم حَتَّى إِذا كَادُوا أَن يخرقوه قَالُوا: نرْجِع إِلَيْهِ غَدا فنفرغ مِنْهُ فيرجعون إِلَيْهِ وَقد عَاد كَمَا كَانَ فيرجعون فهم كَذَلِك وَإِذا بلغ الْأَمر ألقِي على بعض ألسنتهم يَقُولُونَ: نأتي إِن شَاءَ الله غَدا فنفرغ مِنْهُ فيأتونه وَهُوَ كَمَا هُوَ فيخرقونه فَيخْرجُونَ فَيَأْتِي أَوَّلهمْ على الْبحيرَة فيشربون مَا كَانَ فِيهَا من مَاء وَيَأْتِي أوسطهم عَلَيْهَا فيلحسون مَا كَانَ فِيهَا من الطين وَيَأْتِي آخِرهم عَلَيْهَا فَيَقُولُونَ: قد كَانَ هَهُنَا مرّة مَاء
فيرمون بسهامهم نَحْو السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء فَيَقُولُونَ: قهرنا من فِي الأَرْض وظهرنا على من فِي السَّمَاء فيدعو عَلَيْهِم عِيسَى ابْن مَرْيَم فَيَقُول: اللَّهُمَّ لَا طَاقَة لنا بهم وَلَا يَد فاكفناهم بِمَا شِئْت فاكفناهم بِمَا شِئْت
فيبعث الله عَلَيْهِم دوداً يُقَال لَهُ النغف فيأخذهم فِي أقفائهم فيقتلهم حَتَّى تنتن الأَرْض من ريحهم ثمَّ يبْعَث الله عَلَيْهِم طيراً فتنقل أبدانهم إِلَى الْبَحْر وَيُرْسل الله إِلَيْهِم السَّمَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا فينبت الأَرْض حَتَّى أَن الرمانة لتشبع أهل الْبَيْت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن كَعْب قَالَ: عرض أُسْكُفَّة يَأْجُوج وَمَأْجُوج الَّتِي تفتح لَهُم أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ذِرَاعا تحفيها حوافر خيلهم والعليا اثْنَا عشر ذِرَاعا تحفيها أسنة رماحهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِذا خرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج كَانَ عِيسَى ابْن مَرْيَم فِي ثلثمِائة من الْمُسلمين فِي قصر بِالشَّام يشْتَد عَلَيْهِم أَمرهم فَيدعونَ الله أَن يُهْلِكهُمْ فيسلط عَلَيْهِم النغف فتنتن الأَرْض مِنْهُم فَيدعونَ الله أَن يطهر الأَرْض مِنْهُم فَيُرْسل الله مَطَرا فيسيل مِنْهُم إِلَى الْبَحْر ثمَّ يخصب النَّاس حَتَّى أَن العنقود يشْبع مِنْهُ أهل الْبَيْت
وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: يَأْجُوج وَمَأْجُوج يمر أَوَّلهمْ بنهر مثل دجلة ويمر آخِرهم فَيَقُول: قد كَانَ فِي هَذَا النَّهر مرّة
461
مَاء وَلَا يَمُوت رجل إِلَّا ترك ألفا من ذُريَّته فَصَاعِدا وَمن بعدهمْ ثَلَاثَة أُمَم مَا يعلم عدتهمْ إِلَّا الله: تاريس وتاويل وناسك أَو منسك
وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السد قَالَ: يحفرونه كل يَوْم حَتَّى إِذا كَادُوا يخرقونه قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا
فستخرقونه غَدا
قَالَ: فيعيده الله كأشد مَا كَانَ حَتَّى إِذا بلغُوا مدتهم وَأَرَادَ الله قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستخرقونه غَدا إِن شَاءَ الله - وَاسْتثنى - فيرجعون وَهُوَ كَهَيْئَته حِين تَرَكُوهُ فيخرقونه وَيخرجُونَ على النَّاس فيسقون الْمِيَاه وينفر النَّاس مِنْهُم فيرمون سِهَامهمْ فِي السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء فَيَقُولُونَ: قهرنا أهل الأَرْض وغلبنا فِي السَّمَاء قسوة وعلوا فيبعث الله عَلَيْهِم نغفاً فِي أقفائهم فيهلكهم
قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن دَوَاب الأَرْض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم
وَأخرج الْحَاكِم وصحه عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا أعلم بِمَا مَعَ الدَّجَّال مِنْهُ مَعَه نهران أَحدهمَا نَار تأجج فِي عين من رَآهُ وَالْآخر مَاء أَبيض فَإِن أدْركهُ أحد مِنْكُم فليغمض وَيشْرب من الَّذِي يرَاهُ نَارا فَإِنَّهُ مَاء بَارِد وَإِيَّاكُم وَالْآخر فَإِنَّهُ الْفِتْنَة وَاعْلَمُوا أَنه مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يَقْرَؤُهُ من يكْتب وَمن لَا يكْتب وَإِن إِحْدَى عَيْنَيْهِ ممسوحة عَلَيْهَا ظفرة إِنَّه يطلع من آخر أمره على بطن الْأُرْدُن على ثنية أفِيق وكل أحد يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر بِبَطن الْأُرْدُن وَأَنه يقتل من الْمُسلمين ثلثا ويهزم ثلثا وَيبقى ثلث ويجن عَلَيْهِم اللَّيْل فَيَقُول بعض الْمُؤمنِينَ لبَعض: مَا تنتظرون أَن تلحقوا إخْوَانكُمْ فِي مرضاة ربكُم من كَانَ عِنْده فضل طَعَام فليغدُ بِهِ على أَخِيه وصلّوا حَتَّى ينفجر الْفجْر وعجلوا الصَّلَاة ثمَّ أَقبلُوا على عَدوكُمْ
فَلَمَّا قَامُوا يصلونَ نزل عِيسَى ابْن مَرْيَم أمامهم فصلى بهم فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: هَكَذَا فرّجوا بيني وَبَين عَدو الله فيذوب وسلط الله عَلَيْهِم من الْمُسلمين فيقتلونهم حَتَّى أَن الشّجر وَالْحجر لينادي: يَا عبد الله يَا عبد الرَّحْمَن
يَا مُسلم هَذَا يَهُودِيّ فاقتله
فيقتلهم الله ويُنْصر الْمُسلمُونَ فيكسرون الصَّلِيب وَيقْتلُونَ الْخِنْزِير ويضعون الْجِزْيَة فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك أخرج الله يَأْجُوج وَمَأْجُوج فيشرب أَوَّلهمْ الْبحيرَة وَيَجِيء آخِرهم وَقد انتشفوه وَلم يدعوا فِيهِ قَطْرَة فَيَقُولُونَ: ظهرنا على
462
أَعْدَائِنَا قد كَانَ هَهُنَا أثر مَاء
فَيَجِيء نَبِي الله وَأَصْحَابه وَرَاءه حَتَّى يدخلُوا مَدِينَة من مَدَائِن فلسطين يُقَال لَهَا لد فَيَقُولُونَ: ظهرنا على من فِي الأَرْض فتعالوا نُقَاتِل من فِي السَّمَاء فيدعو الله نبيه عِنْد ذَلِك فيبعث الله عَلَيْهِم قرحَة فِي حُلُوقهمْ فَلَا يبْقى مِنْهُم بشر فيؤذي ريحهم الْمُسلمين فيدعو عِيسَى فَيُرْسل الله عَلَيْهِم ريحًا فتقذفهم فِي الْبَحْر أَجْمَعِينَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الزَّاهِرِيَّة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مقفل الْمُسلمين من الْمَلَاحِم دمشق ومقفلهم من الدَّجَّال بَيت الْمُقَدّس ومقفلهم من يَأْجُوج وَمَأْجُوج بَيت الطّور وَالله أعلم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: ﴿وَتَركنَا بَعضهم يَوْمئِذٍ يموج فِي بعض﴾ قَالَ: ذَلِك حِين يخرجُون على النَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: ﴿وَتَركنَا بَعضهم يَوْمئِذٍ يموج فِي بعض﴾ قَالَ: هَذَا أول يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ ينْفخ فِي الصُّور على أثر ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق هَارُون بن عنترة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وَتَركنَا بَعضهم يَوْمئِذٍ يموج فِي بعض﴾ قَالَ: الْجِنّ وَالْإِنْس يموج بَعضهم فِي بعض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن هرون بن عنترة عَن شيخ من بني فَزَارَة فِي قَوْله: ﴿وَتَركنَا بَعضهم يَوْمئِذٍ يموج فِي بعض﴾ قَالَ: إِذا ماج الْجِنّ وَالْإِنْس بَعضهم فِي بعض قَالَ إِبْلِيس: أَنا أعلم لكم علم هَذَا الْأَمر فيظعن إِلَى الْمشرق فيجد الْمَلَائِكَة قد نطقوا الأَرْض ثمَّ يظعن إِلَى الْمغرب فيجد الْمَلَائِكَة قد نطقوا الأَرْض ثمَّ يظعن يَمِينا وَشمَالًا حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أقْصَى الأَرْض فيجد الْمَلَائِكَة قد نطقوا الأَرْض فَيَقُول: مَا من محيص فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ عرض لَهُ طَرِيق كَأَنَّهُ شواظ فَأخذ عَلَيْهِ هُوَ وَذريته
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ هجم على النَّار فَخرج إِلَيْهِ خَازِن من خزان النَّار فَقَالَ: يَا إِبْلِيس ألم تكن لَك الْمنزلَة عِنْد رَبك ألم تكن فِي الْجنان فَيَقُول: لَيْسَ هَذَا يَوْم عتاب لَو أَن الله افْترض عليّ عبَادَة لعبدتُه عبَادَة لم يعبده أحد من خلقه
فَيَقُول: إِن الله قد فرض عَلَيْك فَرِيضَة
فَيَقُول: مَا هِيَ
463
فَيَقُول: يَأْمُرك أَن تدخل النَّار
فيتلكأ عَلَيْهِ فَيَقُول بِهِ وبذريته بجناحه فيقذفهم فِي النَّار فتزفر جَهَنَّم زفرَة لَا يبْقى ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل إِلَّا جثا لِرُكْبَتَيْهِ
الْآيَة ١٠١
464
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن المنذر، عن مسروق رضي الله عنه في قوله :﴿ فله جزاء الحسنى ﴾ قال : الحسنى له جزاء.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ وسنقول له من أمرنا يسراً ﴾ قال : معروفاً. والله تعالى أعلم.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن ابن جريج في قوله :﴿ حتى إذا بلغ مطلع الشمس ﴾ الآية. قال : حدثت عن الحسن عن سمرة بن جندب. . . قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :«﴿ لم نجعل لهم من دونها ستراً ﴾ أنها لم يبن فيها بناء قط، كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسراباً لهم حتى تزول الشمس ».
وأخرج الطيالسي والبزار في أماليه وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله :﴿ تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً ﴾ قال : أرضهم لا تحتمل البناء، فإذا طلعت الشمس تغور في المياه، فإذا غابت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم. ثم قال الحسن : هذا حديث سمرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أنهم بأرض لا يثبت لهم فيها شيء، فهم إذا طلعت دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل في الآية قال : ليست لهم أكناف، إذا طلعت الشمس طلعت عليهم، ولأحدهم أذنان يفترش واحدة ويلبس الأخرى.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ وجدها تطلع على قوم ﴾ الآية. قال : يقال لهم الزنج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : تطلع على قوم حمر قصار، مساكنهم الغيران، فيلقى لهم سمك أكثر معيشتهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ بما لديه خبراً ﴾ قال : علماً.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ حتى إذا بلغ بين السدين ﴾ قال : الجبلين، أرمينية وأذربيجان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ قوماً لا يكادون يفقهون قولاً ﴾ قال : الترك.
وأخرج سعيد بن منصور عن تميم بن جذيم، أنه كان يقرأ ﴿ لا يكادون يفقهون قولاً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال :«أتينا نبي الله صلى الله عليه وسلم يوماً وهو في قبة آدم له، فخرج إلينا فحمد الله ثم قال :«أبشركم أنكم ربع أهل الجنة. فقلنا : نعم يا رسول الله ؟ فقال : أبشركم أنكم ثلث أهل الجنة. فقلنا : نعم يا نبي الله ؟ قال : والذي نفسي بيده، إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، إن مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء في جنب ثور أسود، أو شعرة سوداء في جنب ثور أبيض، إن بعدكم يأجوج ومأجوج، إن الرجل منهم ليترك بعده من الذرية ألفاً فما زاد، وأن وراءهم ثلاث أمم : منسك وتاويل وتاريس لا يعلم عدتهم إلا الله ».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق البكالي، عن عبد الله بن عمر قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء، تسعة أجزاء منهم الملائكة، وجزء واحد الجن والإنس. وجزأ الملائكة عشرة أجزاء، تسعة أجزاء منهم الكروبيون الذي يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وجزء واحد لرسالاته ولخزائنه وما يشاء من أمره. وجزأ الإنس والجن عشرة أجزاء، فتسعة منهم الجن، والإنس جزء واحد فلا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة. وجزأ الإنس عشرة أجزاء، تسعة منهم يأجوج ومأجوج، وجزء سائر الناس والسماء ذات الحبك. قال : السماء السابعة والحرم بحيالة العرش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية، أن يأجوج ومأجوج يزيدون على الإنس الضعفين، وأن الجن يزيدون على الإنس الضعفين، وأن يأجوج ومأجوج رجلان اسمهما يأجوج ومأجوج.
وأخرج عبد الرزاق ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله جزأ الإنس عشرة أجزاء، تسعة منهم يأجوج ومأجوج، وجزء سائر الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : صوّرت الدنيا على خمس صور، على صورة الطير برأسه والصدر والجناحين والذنب، فالمدينة ومكة واليمن الرأس، والصدر مصر والشام، والجناح الأيمن العراق، وخلف العراق أمة يقال لها واق، وخلف واق أمة يقال وقواق، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى. والجناح الأيسر السند وخلف السند الهند، وخلف الهند أمة يقال لها ناسك، وخلف ذلك أمة يقال لها منسك، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى. والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس، وشر ما في الطير الذنب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عبدة بن أبي لبابة، أن الدنيا سبعة أقاليم : فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم، وسائر الناس في إقليم واحد.
وأخرج ابن جرير عن وهب بن جابر الحيواني قال : سألت عبد الله بن عمرو عن يأجوج ومأجوج : أمن آدم هم ؟ قال : نعم، ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله، تاويل وتاريس ومنسك.
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلقون ما شاؤوا، ونساء يجامعون ما شاؤوا، وشجر يلقحون ما شاؤوا، ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ، عن حسان بن عطية قال : يأجوج ومأجوج أمتان، في كل أمة أربعمائة ألف أمة لا تشبه واحدة منهم الأخرى، ولا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين من ولده.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن كعب قال : خلق يأجوج ومأجوج ثلاث أصناف، صنف أجسامهم كالأرز، وصنف أربعة أذرع طول وأربعة أذرع عرض، وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى يأكلون مشائم نسائهم.
وأخرج ابن المنذر عن خالد الأشج قال : إن بني آدم وبني إبليس ثلاثة أثلاث : فثلثان بنو إبليس وثلث بنو آدم، وبنو آدم ثلاثة أثلاث : ثلثان يأجوج ومأجوج، وثلث سائر الناس. والناس بعد ثلاث أثلاث، ثلث الأندلس وثلث الحبشة وثلث سائر الناس العرب والعجم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة، فسد ذو القرنين على إحدى وعشرين قبيلة وترك قبيلة، وهم الأتراك.
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب، أنه سئل عن الترك فقال : هم سيارة ليس لهم أصل، هم من يأجوج ومأجوج، لكنهم خرجوا يغيرون على الناس فجاء ذو القرنين فسدّ بينهم وبين قومهم، فذهبوا سيارة في الأرض.
وأخرج ابن المنذر عن حسان بن عطية قال : إن يأجوج ومأجوج خمس وعشرون أمة، ليس منها أمة تشبه الأخرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي المثنى الأملوكي قال : إن الله ذرأ لجهنم يأجوج ومأجوج، لم يكن فيهم صديق قط ولا يكون أبداً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة عن عبد الله بن سلام قال : ما مات رجل من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذرية لصلبه فصاعداً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن يأجوج ومأجوج شبر وشبران، وأطوالهم ثلاثة أشبار وهم من ولد آدم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث وابن مردويه وابن عساكر، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم، ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً، وإن من ورائهم ثلاث أمم : تاويل وتاريس ومنسك ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر قال : الجن والإنس عشرة أجزاء، فتسعة أجزاء يأجوج ومأجوج، وجزء واحد سائر الناس.
وأخرج النسائي وابن مردويه من طريق عمرو بن أوس عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا، وشجر يلقحون ما شاؤوا، ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عدي وابن عساكر وابن النجار، عن حذيفة قال :«سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يأجوج ومأجوج فقال : يأجوج أمة ومأجوج أمة، كل أمة بأربعمائة ألف أمة. . . لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه، كل قد حمل السلاح. قلت : يا رسول الله، صفهم لنا. قال : هم ثلاثة أصناف، صنف منهم أمثال الأرز. قلت : وما الأرز ؟ قال : شجر بالشام، طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء ».
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«هؤلاء الذين لا يقوم لهم ولا حديد، وصنف منهم يفترش إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه، ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية ».
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن وابن مردويه بسند واه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج ومأجوج، فدعوتهم إلى دين الله وعبادته فأبوا أن يجيبوني، فهم في النار مع من عصى من ولد آدم وولد إبليس ».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي بكر النسفي، «أن رجلاً قال :«يا رسول الله، قد رأيت سد يأجوج ومأجوج. قال : انعته لي. قال : كالبرد المحبر، طريقة سوداء وطريقة حمراء. قال : قد رأيته ».
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إن يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا، فستفتحونه غداً ولا يستثني. فإذا أصبحوا وجدوه قد رجع كما كان، فإذا أراد الله بخروجهم على الناس، قال الذي عليهم : ارجعوا فستفتحونه إن شاء الله - ويستثني - فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء، فيقولون : قهرنا من في الأرض وعلونا من في السماء قسوة وعلواً. فيبعث الله عليهم نغفاً في أعناقهم فيهلكون ».
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«فوالذي نفس محمد بيده، إن دواب الأرض لتَسْمَن وتبطر وتشكر شكراً من لحومهم ».
وأخرج البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول :«لا إله إلا الله. . . ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وحلق - قلت : يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم، إذا كثر الخبث ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وعقد بيده تسعين ».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن حبيب الأرجاني في قوله :﴿ إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض ﴾ قال : كان فسادهم أنهم كانوا يأكلون الناس.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ فهل نجعل لك خرجاً ﴾ قال : أجراً عظيماً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : ما صنع الله فهو السد، وما صنع السد الناس فهو السد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ ما مكني فيه ربي خير ﴾ قال : الذي أعطاني ربي هو خير من الذي تبذلون لي من الخراج.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ أجعل بينكم وبينهم ردماً ﴾ قال : هو كأشد الحجاب.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ زبر الحديد ﴾ قال : قطع الحديد.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن نافع بن الأزرق قال : أخبرني عن قوله ﴿ زبر الحديد ﴾ قال : قطع الحديد. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يقول :
تلظى عليهم حين شد حميمها بزبر الحديد والحجارة شاجر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ بين الصدفين ﴾ قال : الجبلين.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي، أنه كان يقرأ ﴿ بين الصدفين ﴾ بفتحتين، قال : يعني بين الجبلين.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن، أنه كان يقرأ ﴿ بين الصدفين ﴾ بضمتين.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ بين الصدفين ﴾ قال : رأس الجبلين.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله :﴿ قطراً ﴾ قال : النحاس.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر، عن مجاهد في قوله :﴿ قطراً ﴾ قال : نحاساً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله :﴿ آتوني أفرغ عليه قطراً ﴾ قال : نحاسا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله :﴿ آتوني أفرغ عليه قطراً ﴾ قال : نحاسا ليلزم بعضه بعضاً.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله :﴿ فما اسطاعوا أن يظهروه ﴾ قال : ما استطاعوا أن يرتقوه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن جريج في قوله :﴿ فما اسطاعوا أن يظهروه ﴾ يقول : أن يعلوه ﴿ وما استطاعوا له نقباً ﴾ قال : من أسفله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله :﴿ فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء ﴾ قال : جعله طريقاً كما كان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء ﴾ قال : لا أدري الجبلين يعني به أم ما بينهما.
وأخرج سعيد بن منصور عن الربيع بن خيثم، أنه كان يقرأ ﴿ جعله دكاء ﴾ ممدوداً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال علي بن أبي طالب، إن يأجوج ومأجوج خلف السد، لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف لصلبه، وهم يغدون كل يوم على السد فيلحسونه وقد جعلوه مثل قشر البيض، فيقولون : نرجع غداً ونفتحه، فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه قبل أن يلحس، فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم، فإذا غدوا يلحسون قال لهم : قولوا بسم الله، فإذا قالوا بسم الله فأرادوا أن يرجعوا حين يمسون، فيقولون : نرجع غداً فنفتحه. فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه فيقول : قولوا إن شاء الله. فيقولون : إن شاء الله. فيصبحون وهو مثل قشر البيض فينقبونه فيخرجون منه على الناس، فيخرج أول من يخرج منهم سبعون ألفاً عليهم التيجان، ثم يخرجون من بعد ذلك أفواجاً فيأتون على النهر مثل نهركم هذا - يعني الفرات - فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء، ثم يجيء الفوج منهم حتى ينتهوا إليه فيقولون : لقد كان ههنا ماء مرة، وذلك قول الله :﴿ فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء ﴾ والدكّ، التراب ﴿ وكان وعد ربي حقاً ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن كعب قال : إن يأجوج ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم، حتى إذا كادوا أن يخرقوه قالوا : نرجع إليه غداً فنفرغ منه، فيرجعون إليه وقد عاد كما كان، فيرجعون فهم كذلك، وإذا بلغ الأمر ألقي على بعض ألسنتهم يقولون : نأتي إن شاء الله غداً، فنفرغ منه فيأتونه وهو كما هو فيخرقونه فيخرجون، فيأتي أولهم على البحيرة فيشربون ما كان فيها من ماء، ويأتي أوسطهم عليها فيلحسون ما كان فيها من الطين، ويأتي آخرهم عليها فيقولون : قد كان ههنا مرة ماء. فيرمون بسهامهم نحو السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض وظهرنا على من في السماء، فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول :
اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يد، فاكفناهم بما شئت. فيبعث الله عليهم دوداً يقال له النغف، فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأرض من ريحهم، ثم يبعث الله عليهم طيراً فتنقل أبدانهم إلى البحر، ويرسل الله إليهم السماء أربعين يوماً فينبت الأرض، حتى أن الرمانة لتشبع أهل البيت.
وأخرج ابن المنذر عن كعب قال : عرض أسكفة يأجوج ومأجوج التي تفتح لهم أربعة وعشرون ذراعاً تحفيها حوافر خيلهم، والعليا اثنا عشر ذراعاً تحفيها أسنة رماحهم.
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : إذا خرج يأجوج ومأجوج، كان عيسى ابن مريم في ثلثمائة من المسلمين في قصر بالشام، يشتد عليهم أمرهم فيدعون الله أن يهلكهم فيسلط عليهم النغف فتنتن الأرض منهم، فيدعون الله أن يطهر الأرض منهم فيرسل الله مطراً فيسيل منهم إلى البحر، ثم يخصب الناس حتى أن العنقود يشبع منه أهل البيت.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه، عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج يمر أولهم بنهر مثل دجلة، ويمر آخرهم فيقول : قد كان في هذا النهر مرة ماء، ولا يموت رجل إلا ترك ألفاً من ذريته فصاعداً، ومن بعدهم ثلاثة أمم ما يعلم عدتهم إلا الله : تاريس وتاويل وناسك أو منسك.
وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه وابن عساكر، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السد قال :«يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم : ارجعوا. . . فستخرقونه غداً. قال : فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله، قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غداً إن شاء الله - واستثنى - فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس فيسقون المياه، وينفر الناس منهم فيرمون سهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا أهل الأرض وغلبنا في السماء قسوة وعلوّاً، فيبعث الله عليهم نغفاً في أقفائهم فيهلكهم.
قال : والذي نفسي بيده، إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكراً من لحومهم ».
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من رآه، والآخر ماء أبيض فإن أدركه أحد منكم فليغمض ويشرب من الذي يراه ناراً فإنه ماء بارد، وإياكم والآخر فإنه الفتنة، واعلموا أنه مكتوب بين عينيه «كافر » يقرؤه من يكتب ومن لا يكتب، وإن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة، إنه يطلع من آخر أمره على بطن الأردن على ثنية أفيق، وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن، وأنه يقتل من المسلمين ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلث ويجن عليهم الليل فيقول بعض المؤمنين لبعض : ما تنتظرون أن تلحقوا إخوانكم في مرضاة ربكم ؟ من كان عنده فضل طعام فليغدُ به على أخيه، وصلّوا حتى ينفجر الفجر، وعجلوا الصلاة، ثم أقبلوا على عدوكم.
فلما قاموا يصلون، نزل عيسى ابن مريم أمامهم فصلى بهم، فلما انصرف قال : هكذا فرّجوا بيني وبين عدو الله فيذوب، وسلط الله عليهم من المسلمين فيقتلونهم، حتى أن الشجر والحجر لينادي : يا عبد الله، يا عبد الرحمن. . . يا مسلم، هذا يهودي فاقتله. فيقتلهم الله ويُنْصر المسلمون فيكسرون الصليب ويقتلون الخنزير ويضعون الجزية، فبينما هم كذلك أخرج الله يأجوج ومأجوج، فيشرب أولهم البحيرة ويجيء آخرهم وقد انتشفوه ولم يدعوا فيه قطرة فيقولون : ظهرنا على أعدائنا، قد كان ههنا أثر ماء. فيجيء نبي الله وأصحابه وراءه حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين يقال لها«لد » فيقولون : ظهرنا على من في الأرض، فتعالوا نقاتل من في السماء، فيدعو الله نبيه عند ذلك فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم فلا يبقى منهم بشر، فيؤذي ريحهم المسلمين فيدعو عيسى، فيرسل الله عليهم ريحاً فتقذفهم في البحر أجمعين ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الزاهرية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«مقفل المسلمين من الملاحم دمشق، ومقفلهم من الدجال بيت المقدس، ومقفلهم من يأجوج ومأجوج بيت الطور على الناس ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ﴾ قال : ذلك حين يخرجون على الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله :﴿ وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ﴾ قال : هذا أول يوم القيامة، ثم ينفخ في الصور على أثر ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق هارون بن عنترة، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله :﴿ وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ﴾ قال : الجن والإنس يموج بعضهم في بعض.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن هرون بن عنترة، عن شيخ من بني فزارة في قوله :﴿ وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ﴾ قال : إذا ماج الجن والإنس بعضهم في بعض، قال إبليس : أنا أعلم لكم علم هذا الأمر، فيظعن إلى المشرق فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض، ثم يظعن إلى المغرب فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض، ثم يظعن يميناً وشمالاً حتى ينتهي إلى أقصى الأرض فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض فيقول : ما من محيص، فبينما هو كذلك إذ عرض له طريق كأنه شواظ، فأخذ عليه هو وذريته. فبينما هو كذلك إذ هجم على النار فخرج إليه خازن من خزان النار فقال : يا إبليس، ألم تكن لك المنزلة عند ربك ؟ ألم تكن في الجنان ؟ فيقول : ليس هذا يوم عتاب، لو أن الله افترض عليّ عبادةً لعبدتُه عبادة لم يعبده أحد من خلقه. فيقول : إن الله قد فرض عليك فريضة. فيقول : ما هي ؟ فيقول : يأمرك أن تدخل النار. فيتلكأ عليه فيقول به وبذريته بجناحه فيقذفهم في النار، فتزفر جهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا لركبتيه.
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿الَّذين كَانَت أَعينهم فِي غطاء عَن ذكري وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سمعا﴾ قَالَ: كَانُوا عميا عَن الْحق فَلَا يبصرونه صمًّا عَنهُ فَلَا يسمعونه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ سمعا﴾ قَالَ: لَا يعْقلُونَ سمعا
وَالله أعلم
الْآيَة ١٠٢
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿أفحسب الَّذين كفرُوا أَن يتخذوا عبَادي من دوني أَوْلِيَاء﴾ قَالَ: ظن كفرة بني آدم أَن يتخذوا الْمَلَائِكَة من دونه أَوْلِيَاء
وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عليّ بن أبي طَالب أَنه قَرَأَ ﴿أفحسب الَّذين كفرُوا أَن يتخذوا عبَادي من دوني أَوْلِيَاء﴾ قَالَ أَبُو عبيد: بجزم السِّين وَضم الْبَاء
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة أَنه قَرَأَ ﴿أفحسب الَّذين كفرُوا﴾ يَقُول: أفحسبهم ذَلِك
الْآيَة ١٠٣ - ١٠٨
أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُصعب بن سعد قَالَ: سَأَلت أبي ﴿قل هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً﴾ أهم الحرورية قَالَ: لَا هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى
أما الْيَهُود فكذبوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأما النَّصَارَى فكذبوا بِالْجنَّةِ وَقَالُوا: لَا طَعَام فِيهَا وَلَا شراب
والحرورية الَّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه
وَكَانَ سعد يسميهم الْفَاسِقين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُصعب قَالَ: قلت لأبي ﴿قل هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً﴾ الحرورية هم قَالَ: لَا وَلَكِن أَصْحَاب الصوامع والحرورية قوم زاغوا فأزاغ الله قُلُوبهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي خميصة عبد الله بن قيس قَالَ: سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب يَقُول فِي هَذِه الْآيَة ﴿قل هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً﴾ إِنَّهُم الرهبان الَّذين حبسوا أنفسهم فِي السَّوَارِي
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب وَسَأَلَهُ ابْن الْكواء فَقَالَ: مَنْ ﴿هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً﴾ قَالَ: فجرة قُرَيْش
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق [] عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة ﴿قل هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً﴾ قَالَ: لَا أَظن إِلَّا أَن الْخَوَارِج مِنْهُم
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّه ليَأْتِي الرجل الْعَظِيم السمين يَوْم الْقِيَامَة لَا يزن عِنْد الله جنَاح بعوضة
وَقَالَ: اقرأوا إِن شِئْتُم ﴿فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا﴾
465
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليؤتين يَوْم الْقِيَامَة بالعظيم الطَّوِيل الأكول الشروب فَلَا يزن عِنْد الله تبَارك تَعَالَى جنَاح بعوضة اقرؤوا إِن شِئْتُم ﴿فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن كَعْب قَالَ: يمثل الْقُرْآن لمن كَانَ يعْمل بِهِ فِي الدُّنْيَا يَوْم الْقِيَامَة كأحسن صُورَة رَآهَا وَجها أحْسنه وأطيبه ريحًا فَيقوم بِجنب صَاحبه فَكلما جَاءَهُ روع هدأ روعه وسكنه وَبسط لَهُ أمله فَيَقُول لَهُ: جَزَاك الله خيرا من صَاحب فَمَا أحسن صُورَتك
وَأطيب رِيحك فَيَقُول لَهُ: أما تعرفنِي تعال فاركبني فطالما ركبتك فِي الدُّنْيَا أَنا عَمَلك
إِن عَمَلك كَانَ حسنا فترى صُورَتي حَسَنَة وَكَانَ طيبا فترى ريحي طيبَة
فيحمله فيوافي بِهِ الرب تبَارك وَتَعَالَى فَيَقُول: يَا رب هَذَا فلَان - وَهُوَ أعرف بِهِ مِنْهُ - قد شغلته فِي أَيَّام حَيَاته فِي الدُّنْيَا طالما اظمأت نَهَاره وأسهرت ليله فشفعني فِيهِ
فَيُوضَع تَاج الْملك على رَأسه ويكسى حلَّة الْملك فَيَقُول: يَا رب قد كنت أَرغب لَهُ عَن هَذَا وَأَرْجُو لَهُ مِنْك أفضل من هَذَا
فَيعْطى الْخلد بِيَمِينِهِ وَالنعْمَة بِشمَالِهِ فَيَقُول: يَا رب إِن كل تَاجر قد دخل على أَهله من تِجَارَته
فَيشفع فِي أَقَاربه
وَإِذا كَانَ كَافِرًا مثل لَهُ عمله فِي أقبح صُورَة رَآهَا وأنتنه فَكلما جَاءَهُ روع زَاده روعاً فَيَقُول: قبحك الله من صَاحب فَمَا أقبح صُورَتك وَمَا أنتن رِيحك
فَيَقُول: من أَنْت قَالَ: أما تعرفنِي أَنا عَمَلك إِن عَمَلك كَانَ قبيحاً فترى صُورَتي قبيحة وَكَانَ منتناً فترى ريحي مُنْتِنَة
فَيَقُول: تعال حَتَّى اركبك فطالما ركبتني فِي الدُّنْيَا
فيركبه فيوافي بِهِ الله فَلَا يُقيم لَهُ وزنا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عُمَيْر قَالَ: يُؤْتى بِالرجلِ الْعَظِيم الطَّوِيل يَوْم الْقِيَامَة فَيُوضَع فِي الْمِيزَان فَلَا يزن عِنْد الله جنَاح بعوضة ثمَّ تَلا ﴿فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا﴾
وَأخرج هناد عَن كَعْب بن عجْرَة فِي قَوْله: ﴿فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا﴾
قَالَ: يجاء بِالرجلِ يَوْم الْقِيَامَة فيوزن فَلَا يزن حَبَّة حِنْطَة ثمَّ يُوزن فَلَا يزن شعيرَة ثمَّ يُوزن فَلَا يزن جنَاح بعوضة
ثمَّ قَرَأَ ﴿فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا﴾ يَقُول: لَيْسَ لَهُم وزن
466
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلوا الله الفردوس فَإِنَّهَا سرة الْجنَّة وَإِن أهل الفردوس يسمعُونَ أطيط الْعَرْش
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس فَإِنَّهُ وسط الْجنَّة وَأَعْلَى الْجنَّة وفوقه عرش الرَّحْمَن وَمِنْه تفجر أَنهَار الْجنَّة
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض والفردوس أَعْلَاهَا دَرَجَة وَمن فَوْقهَا يكون الْعَرْش وَمِنْهَا تفجر أَنهَار الْجنَّة الْأَرْبَعَة فَإِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن معَاذ بن جبل: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الْجنَّة مائَة دَرَجَة كل مِنْهَا مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وأعلاها الفردوس وَعَلَيْهَا يكون الْعَرْش وَهِي أَوسط شَيْء فِي الْجنَّة وَمِنْهَا تفجر أَنهَار الْجنَّة فَإِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جنَّة الفردوس هِيَ ربوة الْجنَّة الْعليا الَّتِي هِيَ أوسطها وأحسنها
وَأخرج الْبَزَّار عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة: إِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس فَإِنَّهُ أَعلَى الْجنَّة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الفردوس أَعلَى دَرَجَة فِي الْجنَّة وفيهَا يكون عرش الرَّحْمَن وَمِنْهَا تفجر أَنهَار الْجنَّة الْأَرْبَعَة
وجنة عدن قَصَبَة الْجنَّة وفيهَا مَقْصُورَة الرَّحْمَن وَمِنْهَا يسمع أطيط الْعَرْش فَإِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الفردوس مَقْصُورَة الرَّحْمَن فِيهَا خِيَار الْأَنْهَار والأثمار
467
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الفردوس بُسْتَان بالرومية
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: الفردوس هُوَ الْكَرم بالنبطية وَأَصله فرداساً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن الْحَارِث أَن ابْن عَبَّاس سَأَلَ كَعْبًا عَن الفردوس قَالَ: هِيَ جنَّات الأعناب بالسُّرْيَانيَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير: الفردوس يَعْنِي الْجنَّة
قَالَ: وَالْجنَّة بِلِسَان الرومية الفردوس
وَأخرج النجاد فِي جُزْء التزاحم عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْجنَّة مائَة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
والفردوس أَعلَى الْجنَّة فَإِذا سَأَلْتُم الله عز وَجل فسلوه الفردوس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حولا﴾ قَالَ: متحولا
الْآيَة ١٠٩
468
وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ».
وقال :« اقرأوا إن شئتم ﴿ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً ﴾ ».
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ليؤتين يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب، فلا يزن عند الله تبارك تعالى جناح بعوضة، اقرؤوا إن شئتم ﴿ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً ﴾ ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن كعب قال : يمثل القرآن لمن كان يعمل به في الدنيا يوم القيامة كأحسن صورة رآها وجهاً أحسنه وأطيبه ريحاً، فيقوم بجنب صاحبه فكلما جاءه روع هدأ روعه وسكنه وبسط له أمله، فيقول له : جزاك الله خيراً من صاحب، فما أحسن صورتك. . . ! وأطيب ريحك ! فيقول له : أما تعرفني ؟ تعال فاركبني فطالما ركبتك في الدنيا، أنا عملك. . . إن عملك كان حسناً فترى صورتي حسنة، وكان طيباً فترى ريحي طيبة. فيحمله فيوافي به الرب تبارك وتعالى فيقول : يا رب، هذا فلان - وهو أعرف به منه - قد شغلته في أيام حياته في الدنيا، طالما اظمأت نهاره وأسهرت ليله فشفعني فيه.
فيوضع تاج الملك على رأسه ويكسى حلة الملك فيقول : يا رب، قد كنت أرغب له عن هذا وأرجو له منك أفضل من هذا. فيعطى الخلد بيمينه والنعمة بشماله، فيقول : يا رب، إن كل تاجر قد دخل على أهله من تجارته. فيشفع في أقاربه.
وإذا كان كافراً مثل له عمله في أقبح صورة رآها وأنتنه، فكلما جاءه روع زاده روعاً فيقول : قبحك الله من صاحب، فما أقبح صورتك وما أنتن ريحك. . . ! فيقول : من أنت ؟ قال : أما تعرفني ؟ أنا عملك، إن عملك كان قبيحاً فترى صورتي قبيحة، وكان منتناً فترى ريحي منتنة. فيقول : تعال حتى أركبك فطالما ركبتني في الدنيا. فيركبه فيوافي به الله فلا يقيم له وزناً.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، عن عمير قال : يؤتى بالرجل العظيم الطويل يوم القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضة، ثم تلا ﴿ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً ﴾.
وأخرج هناد عن كعب بن عجرة في قوله :﴿ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً ﴾ قال : يجاء بالرجل يوم القيامة فيوزن فلا يزن حبة حنطة، ثم يوزن فلا يزن شعيرة، ثم يوزن فلا يزن جناح بعوضة. ثم قرأ ﴿ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً ﴾ يقول : ليس لهم وزن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة، وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش ».
وأخرج البخاري ومسلم وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة ».
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير والحاكم والبيهقي في البعث وابن مردويه، عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إن في الجنة مائة درجة، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة ومن فوقها يكون العرش ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ».
وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«إن الجنة مائة درجة، كل منها ما بين السماء والأرض، وأعلاها الفردوس وعليها يكون العرش، وهي أوسط شيء في الجنة ومنها تفجر أنهار الجنة، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبزار والطبراني، عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«جنة الفردوس هي ربوة الجنة العليا التي هي أوسطها وأحسنها ».
وأخرج البزار عن العرباض بن سارية : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم :«الفردوس أعلى درجة في الجنة، وفيها يكون عرش الرحمن ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة. وجنة عدن قصبة الجنة، وفيها مقصورة الرحمن ومنها يسمع أطيط العرش، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الفردوس مقصورة الرحمن، فيها خيار الأنهار والأثمار ».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الفردوس بستان بالرومية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الفردوس هو الكرم بالنبطية، وأصله فرداساً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبد الله بن الحارث، أن ابن عباس سأل كعباً عن الفردوس قال : هي جنات الأعناب بالسريانية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير : الفردوس، يعني الجنة. قال : والجنة بلسان الرومية، الفردوس.
وأخرج النجاد في جزء التزاحم، عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض. والفردوس أعلى الجنة، فإذا سألتم الله عز وجل فسلوه الفردوس ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله :﴿ لا يبغون عنها حولا ﴾ قال : متحوّلاً.
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿قل لَو كَانَ الْبَحْر مداداًَ لكلمات رَبِّي﴾ يَقُول: علم رَبِّي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿قل لَو كَانَ الْبَحْر مداداًَ لكلمات رَبِّي لنفد الْبَحْر قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي﴾ يَقُول: ينْفد مَاء الْبَحْر قبل أَن ينْفد كَلَام الله وحكمته
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي البخْترِي قَالَ: صحب سلمَان رجل ليتعلم مِنْهُ فَانْتهى إِلَى دجلة وَهِي تطفح فَقَالَ لَهُ سلمَان: أنزل فَاشْرَبْ
فَشرب قَالَ لَهُ: ازدد فازداد
قَالَ: كم نقصت مِنْهَا قَالَ: مَا عَسى أَن أنقص من هَذِه قَالَ سلمَان: فَكَذَلِك الْعلم تَأْخُذ مِنْهُ وَلَا تنقصه
468
الْآيَة ١١٠
469
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي الْمُشْركين الَّذين عبدُوا مَعَ الله إِلَهًا غَيره وَلَيْسَت هَذِه فِي الْمُؤمنِينَ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْإِخْلَاص وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن طَاوس قَالَ: قَالَ رجل: يَا نَبِي الله إِنِّي أَقف مَوَاقِف أَبْتَغِي وَجه الله وَأحب أَن يرى موطني
فَلم يردّ عَلَيْهِ شَيْئا حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا﴾
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ مَوْصُولا عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ من الْمُسلمين من يُقَاتل وَهُوَ يحب أَن يرى مَكَانَهُ فَأنْزل الله ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم فِي الصَّحَابَة وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق السّديّ الصَّغِير عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ جُنْدُب بن زُهَيْر إِذا صلى أَو صَامَ أَو تصدق فَذكر بِخَير ارْتَاحَ فَزَاد فِي ذَلِك لمقالة النَّاس فلامه الله فَنزل فِي ذَلِك ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا﴾
وَأخرج هناد فِي الزّهْد عَن مُجَاهِد قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَتصدق بِالصَّدَقَةِ وألتمس بهَا مَا عِنْد الله وَأحب أَن يُقَال لي خيرا: فَنزلت ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه﴾ الْآيَة
وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد فِي قَوْله: ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه﴾ قَالَ: ثَوَاب ربه
﴿فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك﴾ قَالَ: لَا يرائي ﴿بِعبَادة ربه أحدا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه﴾ قَالَ: من كَانَ يخْشَى الْبَعْث فِي الْآخِرَة ﴿فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا﴾ من خلقه
469
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن ربكُم يَقُول: أَنا خير شريك فَمن أشرك معي فِي عمله أحدا من خلقي تركت الْعَمَل كُله لَهُ وَلم أقبل إِلَّا مَا كَانَ لي خَالِصا
ثمَّ قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كثير بن زِيَاد قَالَ: قلت لِلْحسنِ قَول الله: ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا﴾ قَالَ: فِي الْمُؤمن نزلت
قلت: أشرك بِاللَّه قَالَ: لَا وَلَكِن أشرك بذلك الْعَمَل عملا يُرِيد الله بِهِ وَالنَّاس فَذَلِك يرد عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الْوَاحِد بن زيد قَالَ: قلت لِلْحسنِ: أَخْبرنِي عَن الرِّيَاء أشرك هُوَ قَالَ: نعم يَا بني وَمَا تقْرَأ ﴿فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا﴾ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخريين ببقيع وَاحِد ينفدهم الْبَصَر وَيسْمعهُمْ الدَّاعِي قَالَ: أَنا خير شريك كل عَمل عُمل لي فِي دَار الدُّنْيَا كَانَ لي فِيهِ شريك فَأَنا أَدَعهُ الْيَوْم وَلَا أقبل الْيَوْم إِلَّا خَالِصا
ثمَّ قَرَأَ (إِلَّا عباد الله المخلصين) (الصافات آيَة ٤٠) ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا﴾
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعد بن أبي فضَالة الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ من الصَّحَابَة -: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخرين ليَوْم لَا ريب فِيهِ نَادَى منادٍ: من كَانَ أشرك فِي عمل عمله لله أحدا فليطلب ثَوَابه من عِنْد غير الله فَإِن الله أغْنى الشُّرَكَاء عَن الشّرك
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله الرجل يُجَاهد فِي سَبِيل الله وَهُوَ يَبْتَغِي عرضا من الدُّنْيَا قَالَ: لَا أجر لَهُ
فأعظم النَّاس هَذِه فَعَاد الرجل فَقَالَ: لَا أجر لَهُ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْإِخْلَاص وَابْن مرْدَوَيْه والحالكم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: كُنَّا نعد الرِّيَاء على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشّرك الْأَصْغَر
470
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من صلى يرائي فقد أشرك وَمن صَامَ يرائي فقد أشرك وَمن تصدق يرائي فقد أشرك
ثمَّ قَرَأَ ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه﴾ الْآيَة
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَنا خير قسيم لمن أشرك بِي من أشرك بِي شَيْئا فَإِن عمله قَلِيله وَكَثِيره لشَرِيكه الَّذِي أشرك بِهِ أَنا عَنهُ غَنِي
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مَنْدَه وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم أَنه قيل لَهُ: أسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من صَامَ رِيَاء فقد أشرك وَمن صلى رِيَاء فقد أشرك وَمن تصدق رِيَاء فقد أشرك فَقَالَ: بلَى وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه﴾ فشق ذَلِك على الْقَوْم وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم فَقَالَ: أَلا أفرجها عَنْكُم قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله فَقَالَ: هِيَ مثل الْآيَة فِي الرّوم (وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربو فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد الله) (الرّوم آيَة ٣٩) فَمن عمل رِيَاء لم يُكْتَبْ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ
وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الشّرك الْخَفي أَن يقوم الرجل يُصَلِّي لمَكَان رجل
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَخَاف على أمتِي الشّرك والشهوة الْخفية
قلت: أتشرك أمتك من بعْدك قَالَ: نعم أما إِنَّهُم لَا يعْبدُونَ شمساً وَلَا قمرا وَلَا حجر وَلَا وثناً وَلَكِن يراؤون النَّاس بأعمالهم
قلت: يَا رَسُول الله فالشهوة الْخفية قَالَ: يصبح أحدهم صَائِما فتعرض لَهُ شَهْوَة من شهواته فَيتْرك صَوْمه ويواقع شَهْوَته
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مدرويه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرويهِ عَن ربه قَالَ: أَنا خير الشُّرَكَاء فَمن عمل عملا أشرك فِيهِ غَيْرِي فَأَنا بَرِيء مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي أشرك
471
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مَحْمُود بن لبيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ان أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم الشّرك الْأَصْغَر
قَالُوا: وَمَا الشّرك الْأَصْغَر يَا رَسُول الله قَالَ: الرِّيَاء يَقُول الله يَوْم الْقِيَامَة: إِذا جزي النَّاس بأعمالهم: اذْهَبُوا إِلَى الَّذين كُنْتُم تراؤون فِي الدُّنْيَا فانظروا هَل تَجِدُونَ عِنْدهم جَزَاء
وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعرض أَعمال بني آدم بَين يَدي الله عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة فِي صحف مختتمة فَيَقُول الله: ألقوا هَذَا واقبلوا هَذَا
فَتَقول الْمَلَائِكَة: يَا رب وَالله مَا رَأينَا مِنْهُ إِلَّا خيرا
فَيَقُول: إِن عمله كَانَ لغير وَجْهي وَلَا أقبل الْيَوْم من الْعَمَل إِلَّا مَا أُرِيد بِهِ وَجْهي
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن الضَّحَّاك بن قيس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله: أَنا خير شريك فَمن أشرك معي أحدا فَهُوَ لشريكي
يَا أَيهَا النَّاس أَخْلصُوا الْأَعْمَال لله فَإِن الله لَا يقبل من الْأَعْمَال إِلَّا مَا خلص لَهُ وَلَا تَقولُوا هَذَا لله وللرحم فَإِنَّهُ للرحم وَلَيْسَ لله مِنْهُ شَيْء
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن الْجِهَاد والغزو قَالَ: يَا عبد الله: إِن قَاتَلت صَابِرًا محتسباً بَعثك الله صَابِرًا محتسباً وَإِن قَاتَلت مرائياً مكاثراً على أَي حَال قَاتَلت أَو قتلت بَعثك الله على تِلْكَ الْحَال
وَأخرج أَحْمد والدارمي وَالنَّسَائِيّ وَالرُّويَانِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن يحيى بن الْوَلِيد بن عبَادَة عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من غزا وَهُوَ لَا يَنْوِي فِي غزاته إِلَّا عقَالًا فَلهُ مَا نوى
وَأخرج الْحَاكِم عَن يعلى بن مُنَبّه قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَبْعَثنِي فِي سراياه فَبَعَثَنِي ذَات يَوْم وَكَانَ رجل يركب فَقلت لَهُ: إرحل
قَالَ: مَا أَنا بِخَارِج مَعَك
قلت: لم قَالَ: حَتَّى تجْعَل لي ثَلَاثَة دَنَانِير
قلت: الْآن حِين ودعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أَنا براجع إِلَيْهِ إرحل وَلَك ثَلَاثَة دَنَانِير
فَلَمَّا رجعت من غزاتي ذكرت ذَلِك للنَّبِي فَقَالَ: أعْطهَا إِيَّاه فَإِنَّهَا حَظه من غزاته
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن أبي أُمَامَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَرَأَيْت رجلا غزا يلْتَمس الْأجر وَالذكر مَا لَهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا شَيْء لَهُ
فَأَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات يَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
472
لَا شَيْء لَهُ
ثمَّ قَالَ: إِن الله لَا يقبل من الْعَمَل إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصا وابتغي بِهِ وَجهه
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الدُّنْيَا ملعونة مَلْعُون مَا فِيهَا إِلَّا مَا ابْتغى بِهِ وَجه الله عز وَجل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يسمع يسمع الله بِهِ وَمن يرائي يرائي الله بِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عبد الله بن عمر: وَسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَامَ بِخطْبَة لَا يلْتَمس بهَا إِلَّا رِيَاء وَسُمْعَة أوقفهُ الله عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة فِي موقف رِيَاء وَسُمْعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من يرائي يرائي الله بِهِ وَمن يسمع يسمع الله بِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ وشرك السرائر
قَالُوا: وَمَا شرك السرائر قَالَ: أَن يقوم أحدكُم يُرِيد صلَاته جاهداً لينْظر النَّاس إِلَيْهِ فَذَلِك شرك السرائر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من صلى صَلَاة وَالنَّاس يرونه فَليصل إِذا خلا مثلهَا وَإِلَّا فَإِنَّمَا هِيَ استهانة يستهين بهَا ربه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة مثله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جِيءَ بالدنيا فيميز مِنْهَا مَا كَانَ لله وَمَا كَانَ لغير الله رمي بِهِ فِي نَار جَهَنَّم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَقَالَ: أَيهَا النَّاس اتَّقوا الشّرك فَإِنَّهُ أخْفى من دَبِيب النَّمْل
فَقَالُوا: وَكَيف نتقيه وَهُوَ أخْفى من دَبِيب النَّمْل يَا رَسُول الله قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك أَن نشْرك بك شَيْئا نعلمهُ ونستغفر لما لَا نعلم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: يجاء بالدنيا يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال: ميزوا مَا كَانَ لله فيميز ثمَّ يَقُول: ألقوا سائرها فِي النَّار
473
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معَاذ بن جبل: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن يَسِيرا من الرِّيَاء شرك وَإِن من عادى أَوْلِيَاء الله فقد بارز الله بالمحاربة وَإِن الله يحب الْأَبْرَار الأخفياء الأتقياء الَّذين إِن غَابُوا لم يفتقدوا وَإِن حَضَرُوا لم يدعوا وَلم يعرفوا قُلُوبهم مصابيح الدجى يخرجُون من كل غبراء مظْلمَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أبي الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الإتقاء على الْعَمَل أَشد من الْعَمَل إِن الرجل ليعْمَل فَيكْتب لَهُ عمل صَالح مَعْمُول بِهِ فِي السِّرّ يضعف أجره سبعين ضعفا فَلَا يزَال بِهِ الشَّيْطَان حَتَّى يذكرهُ للنَّاس فَيكْتب عَلَانيَة ويمحى تَضْعِيف أجره كُله ثمَّ لَا يزَال بِهِ الشَّيْطَان حَتَّى يذكرهُ للنَّاس ثَانِيَة وَيُحب أَن يذكر ويحمد عَلَيْهِ فيمحى من الْعَلَانِيَة وَيكْتب رِيَاء فاتقى الله امْرُؤ صان دينه فَإِن الرِّيَاء شرك
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أحسن أوليائي عِنْدِي منزلَة رجل ذُو حَظّ من صَلَاة
أحسن عبَادَة ربه فِي السِّرّ وَكَانَ غامضاً فِي النَّاس لَا يشار إِلَيْهِ بالأصابع عجلت منيته وَقل تراثه وَقلت بوَاكِيهِ
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هِنْد الدَّارِيّ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَامَ مقَام رِيَاء أَو سمعة رايا الله بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَسمع بِهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن النَّضر قَالَ: بَلغنِي أَن فِي جَهَنَّم وَاديا تعوّذ مِنْهُ جَهَنَّم كل يَوْم أَرْبَعمِائَة مرةٍ أعد ذَلِك للمرائين من الْقُرَّاء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: تعوّذ بِاللَّه من جب الْحزن قيل من يسكنهُ قَالَ: المراؤون بأعمالهم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله عز وَجل: كل من عمل عملا أَرَادَ بِهِ غَيْرِي فَأَنا مِنْهُ بَرِيء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا الشّرك الْأَصْغَر قَالُوا: وَمَا الشّرك الْأَصْغَر قَالَ: الرِّيَاء يَوْم يجازي الله الْعباد بأعمالهم يَقُول: اذْهَبُوا إِلَى الَّذين كُنْتُم تراؤون فِي الدُّنْيَا انْظُرُوا
هَل تصيبون عِنْدهم جَزَاء
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ: كل مَا لَا يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله يضمحل
474
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: قَالَ لي أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا الْعَالِيَة لَا تعْمل لغير الله فيكلك الله عز وَجل إِلَى عملت لَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ربيع بن خُثيم قَالَ: مَا لم يرد بِهِ وَجه الله عز وَجل يضمحل
وَأخرج ابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن إِسْمَاعِيل بن أبي رَافع قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا أخْبركُم بِسُورَة مَلأ عظمتها مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض شيعها سَبْعُونَ ألف ملك سُورَة الْكَهْف من قَرَأَهَا يَوْم الْجُمُعَة غفر الله لَهُ بهَا إِلَى الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام من بعْدهَا وَأعْطى نورا يبلغ السَّمَاء وَوُقِيَ من فتْنَة الدَّجَّال
وَمن قَرَأَ الْخمس آيَات من خاتمتها حِين يَأْخُذ مضجعه من فرَاشه حفظ وَبعث من أَي اللَّيْل شَاءَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَنه تَلا هَذِه الْآيَة ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه﴾ الْآيَة
قَالَ: إِنَّهَا آخر آيَة نزلت من الْقُرْآن
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي حَكِيم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو لم ينزل على أمتِي إِلَّا خَاتِمَة سُورَة الْكَهْف لكفتهم
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ والشيرازي فِي الألقاب عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ فِي لَيْلَة ﴿فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه﴾ الْآيَة كَانَ لَهُ نور من عدن أبين إِلَى مَكَّة حشوه الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: من حفظ خَاتِمَة الْكَهْف كَانَ لَهُ نور يَوْم الْقِيَامَة من لدن قرنه إِلَى قدمه
وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
475

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

١٩ -
سُورَة مَرْيَم
مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَتسْعُونَ
مُقَدّمَة سُورَة مَرْيَم أخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة مَرْيَم بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت سُورَة مَرْيَم بِمَكَّة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم والديلمي من طَرِيق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مَرْيَم الغساني عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: ولدت لي اللَّيْلَة جَارِيَة
فَقَالَ: وَاللَّيْلَة أنزلت عَليّ سُورَة مَرْيَم سمها مَرْيَم
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أم سَلمَة: أَن النَّجَاشِيّ قَالَ لجَعْفَر بن أبي طَالب: هَل مَعَك مِمَّا جَاءَ بِهِ - يَعْنِي رَسُول الله - من الله من شَيْء قَالَ: نعم
فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدرا من ﴿كهيعص﴾ فَبكى النَّجَاشِيّ حَتَّى أخضل لحيته وبكت أساقفته حَتَّى أخضلوا مصاحفهم حِين سمعُوا مَا تلِي عَلَيْهِم ثمَّ قَالَ النَّجَاشِيّ: إِن هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى ليخرج من مشكاة وَاحِدَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُورق الْعجلِيّ قَالَ: صليت خلف ابْن عمر الظّهْر فَقَرَأَ بِسُورَة مَرْيَم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عمر يقْرَأ فِي الظّهْر بكهيعص
وَأخرج ابْن سعد عَن هَاشم بن عَاصِم الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: لما هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مكه إِلَى الْمَدِينَة فَانْتهى إِلَى الغميم أَتَاهُ بُرَيْدَة بن الخصيب فَأسلم
476
قَالَ هَاشم: فَحَدثني الْمُنْذر بن جَهْضَم قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد علم بُرَيْدَة ليلتئذ صَدرا من سُورَة مَرْيَم
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قدمت الْمَدِينَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر فَوجدت رجلا من غفار يؤم النَّاس فِي صَلَاة الْفجْر فَسَمعته يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى سُورَة مَرْيَم وَفِي الثَّانِيَة ويل لِلْمُطَفِّفِينَ
الْآيَة ١ - ١١
477
Icon