انظر( موسوعة فضائل سور وآيات القرآن-القسم الصحيح١/٣٤٧ ).
ﰡ
انظر بداية تفسير سورة الفاتحة.
قوله تعالى ﴿ ولم يجعل له عوجا قيما ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ ولم يجعل له عوجا قيما ﴾ أنزل الكتاب عدلا قيما ولم يجعل له ملتبسا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ من لدنه ﴾ أي : من عنده.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ فلعلك باخع نفسك ﴾ يقول : قاتل نفسك.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ﴾ قال : غضبا.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ما على الأرض زينة لها ﴾ قال : ما عليها من شيء.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا ﴾ والصعيد : الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ﴾، يقول : قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم ﴾، يقول : الكتاب.
أخرج البستي القاضي عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال : أخبرنا أبو معاذ عن عبيد، قال : سمعت الضحاك يقول : أما الكهف فهو غار الوادي، والرقيم اسم الوادي.
ورجاله ثقات إلا عبيد وهو ابن سليمان الباهلي لا بأس به وسنده حسن، وأبو معاذ هو : الفضل بن خالد المروزي.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ﴾ ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة من صفة أصحاب الكهف أنهم فتية، وأنهم أووا إلى الكهف وأنهم دعوا ربهم هذا الدعاء العظيم الشامل لكل خير وهو قوله عنهم ﴿ ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ﴾. وبين في غير هذا الموضع أشياء أخر من صفاتهم وأقوالهم، كقوله ﴿ إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى -إلى قوله- ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ﴾.
وانظر سورة البقرة آية ( ١٨٦ ) لبيان : رشدا.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ﴾ ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه ضرب على آذان أصحاب الكهف سنين عددا. ولم يبين قدر هذا العدد هنا، ولكنه بينه في موضع آخر وهو قوله ﴿ ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ﴾.
أخرج آدم بن أبي إياس عن مجاهد ﴿ أي الحزبين ﴾ من قوم الفتية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ لما لبثوا أمدا ﴾ يقول : بعيدا.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ أمدا ﴾، قال : عددا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وربطنا على قلوبهم ﴾ يقول بالإيمان.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله { لقد قلنا إذا شططا يقول كذبا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن ﴾، يقول : بعذر بيّن، وعنى بقوله عز ذكره ﴿ فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ﴾ ومن أشد اعتداء وإشراكا بالله، ممن اختلق، فتخرص على الله كذبا، وأشرك مع الله في سلطانه شريكا يعبده دونه، ويتخذه إلها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله ﴾ وهي في مصحف عبد الله ﴿ وما يعبدون من دون الله ﴾ هذا تفسيرها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿ تزاور عن كهفهم ذات اليمين ﴾، يقول : تميل عنهم.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله ﴿ تزاور كهفهم ذات اليمين ﴾، قال : تميل عن كهفهم ذات اليمين.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال ﴾، يقول : تذرهم.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح قوله :﴿ تقرضهم ذات الشمال ﴾ قال : تدعهم ذات الشمال.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ وهم في فجوة منه ﴾، يقول : في فضاء من الكهف، قال الله ﴿ ذلك من آيات الله ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ﴾ وهذا التقليب في رقدتهم الأولى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ بالوصيد ﴾ بالفناء
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه بعث أصحاب الكهف من نومتهم الطويلة ليتساءلوا بينهم : أي ليسأل بعضهم بعضا عن مدة لبثهم في الكهف في تلك النومة، وأن بعضهم قال : أنهم لبثوا يوما أو بعض يوم، وبعضهم رد علم ذلك إلى الله جل وعلا. ولم يبين هنا قدرة المدة التي تساءلوا عنها في نفس الأمر، ولكنه بين في موضع آخر أنها ثلاثمائة سنة بحساب السنة الشمسية، وثلاثمائة سنة وتسع سنين بحساب السنة القمرية، وذلك في قوله تعالى ﴿ ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ﴾ كما تقدم.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ أزكى طعاما ﴾ قال : خير طعاما.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وكذلك أعثرنا عليهم ﴾
يقول : أطلعنا عليهم ليعلم من كذب بهذا الحديث، أن وعد الله حق، وأن الساعة لا ريب فيها.
قال البخاري : حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن هلال --هو الوزّان- عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا ". قالت : ولولا ذلك لأبرزوا قبره، غير أني أخشى أن يُتخذ مسجدا.
( الصحيح٣/٢٣٨ح١٣٣٠ ) ك الصلاة، ب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، وأخرجه مسلم( الصحيح- ك المساجد، ب النهي عن بناء المساجد على القبور... ح٥٣١ ).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ﴾ قال : قذفا بالظن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ ما يعلمهم إلا قليلا ﴾، يقول : قليل من الناس.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ﴾ أي حسبك ما قصصنا عليك من شأنهم.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ولا تستفت فيهم منهم أحدا ﴾ من يهود.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ ولا تستفت فيهم منهم أحدا ﴾ يقول : من أهل الكتاب، كنا نحدث أنهم كانوا بني الركنا، والركنا : ملوك الروم، رزقهم الله الإسلام، فتفردوا بدينهم واعتزلوا قومهم، حتى تنتهوا إلى الكهف، فضرب الله على أصمختهم، فلبثوا دهرا طويلا حتى هلكت أمتهم وجاءت أمة مسلمة بعدهم، وكان ملكهم مسلما.
قال البخاري : حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صل الله عليه وسلم قال : قال سليمان بن داود : لأطوفنّ الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه : إن شاء الله. فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو قالها لجاهدوا في سبيل الله ". قال شعيب وابن أبي الزناد : " تسعين ". وهو أصح.
( صحيح البخاري٤٥٨/٦ح٣٤٢٤-ك أحاديث الأنبياء، ب قول الله تعالى { ووهبنا لداود سليمان... )وأخرجه مسلم ( الصحيح-٣/١٢٧٥ ح١٦٥٤ ).
قال الحاكم : حدثنا أبو بكر بن إسحاق : أنبأ الحسن بن علي، عن ابن زياد، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا حلف الرجل على يمين فله أن يستثني ولو إلى سنة، وإنما أنزلت هذه الآية في هذا ﴿ واذكر ربك إذا نسيت ﴾ قال : إذا ذكر استثنى.
قال بن مسهر : وكان الأعمش يأخذ بها.
( المستدرك٤/٣٠٣-ك الأيمان والنذور ). قال الحاكم : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي من طريق سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن الأعمش به ( السنن الكبرى١٠/٤٨ ) وسنده صحيح.
قال البخاري : حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صل الله عليه وسلم قال : قال سليمان بن داود : لأطوفنّ الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه : إن شاء الله. فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو قالها لجاهدوا في سبيل الله ". قال شعيب وابن أبي الزناد :" تسعين ". وهو أصح.
( صحيح البخاري٤٥٨/٦ح٣٤٢٤-ك أحاديث الأنبياء، ب قول الله تعالى { ووهبنا لداود سليمان... )وأخرجه مسلم ( الصحيح-٣/١٢٧٥ ح١٦٥٤ ).
قال الحاكم : حدثنا أبو بكر بن إسحاق : أنبأ الحسن بن علي، عن ابن زياد، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا حلف الرجل على يمين فله أن يستثني ولو إلى سنة، وإنما أنزلت هذه الآية في هذا ﴿ واذكر ربك إذا نسيت ﴾ قال : إذا ذكر استثنى.
قال بن مسهر : وكان الأعمش يأخذ بها.
( المستدرك٤/٣٠٣-ك الأيمان والنذور ). قال الحاكم : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي من طريق سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن الأعمش به ( السنن الكبرى١٠/٤٨ ) وسنده صحيح.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا ﴾ هذا قول أهل الكتاب، فرده الله عليهم فقال :﴿ قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض ﴾.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا ﴾، قال : عدد ما لبثوا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ولبثوا في كهفهم ﴾، قال : بين جبلين.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ ما لهم من دونه من ولي ﴾ ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أصحاب الكهف ليس لهم ولي من دونه جل وعلا، بل هو وليهم جل وعلا. وهذا المعنى مذكور في آيات أخر كقوله تعالى ﴿ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ﴾، وقوله تعالى :﴿ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾ فبين أنه ولي المؤمنين، وأن المؤمنين أولياءه والولي : هو من انعقد بينك وبينه سبب يواليك وتواليه به، فالإيمان سبب يوالي به المؤمنين ربهم بالطاعة، ويواليهم به الثواب والنصر والإعانة. وبين في مواضع أخر : أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، كقوله :﴿ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ﴾ الآية، وقوله :﴿ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ﴾ الآية. وبين في مواضع أخر : أن نبينا صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو قوله تعالى ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ﴾. وبين في موضع آخر أنه تعالى مولى المؤمنين دون الكافرين، وهو قوله تعالى :﴿ ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا ﴾ هذا قول أهل الكتاب، فرده الله عليهم فقال :﴿ قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض ﴾.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا ﴾، قال : عدد ما لبثوا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ولبثوا في كهفهم ﴾، قال : بين جبلين.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ ما لهم من دونه من ولي ﴾ ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أصحاب الكهف ليس لهم ولي من دونه جل وعلا، بل هو وليهم جل وعلا. وهذا المعنى مذكور في آيات أخر كقوله تعالى ﴿ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ﴾، وقوله تعالى :﴿ ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾ فبين أنه ولي المؤمنين، وأن المؤمنين أولياءه والولي : هو من انعقد بينك وبينه سبب يواليك وتواليه به، فالإيمان سبب يوالي به المؤمنين ربهم بالطاعة، ويواليهم به الثواب والنصر والإعانة. وبين في مواضع أخر : أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، كقوله :﴿ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ﴾ الآية، وقوله :﴿ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ﴾ الآية. وبين في مواضع أخر : أن نبينا صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو قوله تعالى ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ﴾. وبين في موضع آخر أنه تعالى مولى المؤمنين دون الكافرين، وهو قوله تعالى :﴿ ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ﴾.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى :﴿ ولن تجد من دونه ملتحدا ﴾ أصل الملتحد : مكان الالتحاد وهو الافتعال : من اللحد بمعنى الميل، ومنه اللحد في القبر، لأنه ميل في الحفر، ومنه قوله تعالى :﴿ إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا ﴾ وقوله ﴿ وذروا الذين يلحدون في أسمائه ﴾ الآية فمعنى اللحد والإلحاد في ذلك : الميل عن الحق. والملحد المائل عن دين الحق. وقد تقرر في فن الصرف أن الفعل إن زاد ماضيه على ثلاثة أحرف فمصدر الميمي، واسم مكانه واسم زمانه كلها بصيغة اسم المفعول كما هنا، فالملتحد بصيغة اسم المفعول، والمراد به مكان الالتحاد، أي المكان الذي يميل فيه إلى ملجأ أو منجى ينجيه مما يريد الله أن يفعله به. وهذا الذي ذكره هنا من أن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يجد من دونه ملتحدا، أي مكانا يميل إليه ويلجأ إليه إن لم يبلغ رسالة ربه ويطعه -جاء مبينا في مواضع أخر، كقوله ﴿ قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته ﴾، وقوله ﴿ ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين ﴾ الآية.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ ملتحدا ﴾ قال : ملجأ.
أخرج البستي القاضي في تفسيره عن محمد بن علي بن الحسن عن أبي معاذ عن عبيد قال : سمعت الضحاك يقول : قوله ﴿ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ﴾ يعني : يعبدون وهو مثل قول الله ﴿ لا جرم أنما تدعونني ﴾ يعني تعبدون. وقال ﴿ أولئك الذين يدعون ﴾ يعني : يعبدون ﴿ بالغداة والعشي ﴾ يعني الصلاة المفروضة.
وسنده حسن تقدم في بداية تفسير هذه السورة نفسها.
قوله تعالى ﴿ ولا تطع من أغلفنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ﴾
قال الشيخ الشنقيطي قوله تعالى ﴿ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ﴾ نهى الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة عن طاعة من أغفل الله قلبه عن ذكره واتبع هواه وكان أمره فرطا. وقد كرر في القرآن نهي نبيه صلى الله عليه وسلم عن إتباع مثل هذا الغافل عن ذكر الله المتبع هواه، كقوله تعالى ﴿ فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا ﴾، وقوله ﴿ ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم ﴾ الآية، وقوله تعالى ﴿ ودوا لو تدهن فيدهنون ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم ﴾ إلى غير ذلك من الآيات.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله ﴿ وكان أمره فرطا ﴾ ضياعا.
قال الشيخ الشنقيطي : ظاهر هذه الآية الكريمة بحسب الوضع اللغوي -التخيير بين الكفر والإيمان- ولكن المراد من الآية الكريمة ليس هو التخيير، وإنما المراد بها التخويف والتهديد. والتهديد بمثل هذه الصيغة التي ظاهرها التخيير أسلوب من أساليب اللغة العربية. والدليل من القرآن العظيم على أن المراد من الآية التهديد والتخويف -أنه أتبع ذلك بقوله :﴿ إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ﴾ وهذا أصرح دليل على أن المراد التهديد والتخويف إذ لو كان التخيير على بابه لما توعد فاعل أحد الطرفين المخير بينهما بهذا العذاب الأليم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله ﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾، يقول : من شاء الله له الإيمان آمن، ومن شاء له الكفر كفر، وهو قوله ﴿ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ﴾ وليس هذا بإطلاق من الله الكفر لمن شاء، والإيمان لمن أراد، وإنما هو تهديد ووعيد.
قال الترمذي : حدثنا أبو كريب، حدثنا رشدين بن سعد عن عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ﴿ كالمهل ﴾ قال : كعكر الزيت، فإذا قربه إلى وجهه سقطت فروة وجهة فيه.
( السنن٤/٧٠٤ح٢٥٨١-ك صفة جهنم، ب ما جاء في صفة شراب أهل النار. وأخرجه الطبري ( التفسير٢٥/١٣٢ )عن أبي كريب، عن رشدين به. ورشدين قد تكلم فيه-كما قال الترمذي عقب هذا الحديث- لكن تابعه عبد الله بن وهب، أخرجه الحاكم ( المستدرك٢/٥٠١ ) من طريق هارون بن معروف، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث به، وزاد فيه :( ولو أن دلوا من غسلين يهراق في الدنيا لأنتن بأهل الدنيا )، قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وله طريق أخرى عن دراج، أخرجه الإمام أحمد( المسند٣/٧٠-٧١ )عن حسن عن ابن لهيعة، عن دراج بمثل لفظ الترمذي، والحديث بهذا الإسناد حسن إن شاء الله، حيث قال الحافظ ابن حجر عن دراج صدوق في حديثه عن أبي الهيثم. ( التقريب١/٢٣٥ ). ويشهد له ما يلي :
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله ﴿ كالمهل ﴾، قال : يقول : أسود كهيئة الزيت.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ مرتفقا ﴾ : أي مجتمعا.
قال مسلم : حدثنا سعيد بن عمرو بن سهل بن إسحاق بن محمد بن الأشعت ابن قيس قال : حدثنا سفيان بن عيينة. سمعته يذكره عن أبي فروة، أنه سمع عبد الله بن عُكيم قال : كنا مع حذيفة بالمدائن، فاستسقى حذيفة، فجاءه دهقان بشراب في إناء من فضة، فرماه به. وقال إني أخبركم أني قد أمرته أن لا يسقيني فيه. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تشربوا في إناء الذهب والفضة، ولا تلبسوا الديباج والحرير، فإنه لهم في الدنيا، وهو لكم في الآخرة، يوم القيامة ".
( صحيح مسلم٣/١٦٣٧-ك اللباس والزينة، ب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء ح٢٠٦٧ ).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله :﴿ على الأرائك ﴾ قال : هي الحجال.
وانظر الآية( ٢٩ )من السورة نفسها لبيان مرتفقا : مجتمعا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله ﴿ ولم تظلم منه شيئا ﴾ : أي لم تنقص منه شيئا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿ وكان له ثمر ﴾، يقول : مال.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ﴾ كفور لنعم ربه، مكذب بلقائه، متمن على الله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ﴾ كفور لنعم ربه، مكذب بلقائه، متمن على الله.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ ويرسل عليها حسبانا من السماء ﴾، عذابا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ فتصبح صعيدا زلقا ﴾ : أي قد حصد ما فيها فلم يترك فيها شيء.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ فأصبح يقلب كفيه ﴾ : أي يصفق كفيه ﴿ على ما أنفق فيها ﴾ متلهفا على ما فاته، وهو ﴿ يقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ﴾ ويقول : يا ليتني، يقول : يتمنى هذا الكافر بعد ما أصيب بجنته أنه لم يكن كان أشرك بربه أحدا، يعني بذلك : هذا الكافر إذا هلك وزالت عنه دنياه وانفرد بعلمه، ود أنه لم يكن كفر بالله ولا أشرك به شيئا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله ﴾ أي : جند ينصرونه، وقوله ﴿ ينصرونه من دون الله ﴾ يقول : يمنعونه من عقاب الله وعذاب الله إذا عاقبه وعذبه.
قال أحمد : حدثتنا أبو عبد الرحمن المقري، حدثنا حيوة أنبأنا أبو عقيل أنه سمع الحارث مولى عثمان يقول : جلس عثمان يوما وجلسنا معه، فجاء المؤذن، فدعا بماء في إناء، أظنه سيكون فيه مُدّ، فتوضأ ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا تم قال : " ومن توضأ وضوئي ثم قام فصلى صلاة الظهر غُفر له ما كان بينها وبين الصبح، ثم صلى العصر غُفر له ما بينها وبين صلاة الظهر، ثم صلى المغرب غفر له ما بينها وبين صلاة العصر، ثم صلى العشاء غُفر له ما بينها وبين صلاة المغرب، ثم لعله أن يبيت يتمرغ ليلته، ثم صلى العشاء غفر له ما بينها وبين صلاة المغرب، ثم لعله أن يبيت يتمرغ ليلته، ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غُفر له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهنّ الحسنات يُذهبن السيئات، قالوا : هذه الحسنات فما الباقيات يا عثمان ؟ قال : هن لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
( المسند١/٣٨٢ح٥١٣ )قال محققه : إسناده صحيح، وأخرجه ابن جرير ( التفسير١٥/٥١١-٥١٢ح١٨٦٦٢ ). وذكره الهيثمي في( مجمع الزوائد١/٢٩٧ ) وقال : ورجاله رجال الصحيح غير الحارث مولى عثمان، وهو ثقة وصحح السيوطي إسناده في( الدر٤/٣٥٣ )، وقال الشيخ محمود شاكر في حاشية الطبري : صحيح الإسناد.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ والباقيات الصالحات ﴾، قال : هي ذكر قول لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، وتبارك الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، واستغفر الله، وصلى الله على رسول الله والصيام والصلاة والحج والصدقة والعتق والجهاد والصلة، وجميع أعمال الحسنات، وهن الباقيات الصالحات، التي تبقى لأهلها في الجنة ما دامت السموات والأرض.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ وترى الأرض بارزة ﴾، ليس عليها بناء ولا شجر.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة ﴾، هذا الكلام مقول قول محذوف. وحذف القول مطرد في اللغة العربية، كثير جدا في القرآن لعظيم. والمعنى : يقال لهم يوم القيامة لقد جئتمونا، أي والله لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة، أي حفاة عراة غرلا، أي غير مختونين، كل واحد منكم فرد لا مال معه ولا ولد، ولا خدم ولا حشم، وقد أوضح هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله ﴿ ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ﴾ وقوله ﴿ لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ﴾ وقوله تعالى ﴿ كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا ﴾ الآية، وقوله ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ تقدم.
وانظر سورة الأنبياء آية ( ١٠٤ ).
انظر حديث عائشة الآتي عند سورة القمر آية ( ٥٣ ) وفيه : " يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب ".
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن الكتاب يوضع يوم القيامة. والمراد بالكتاب : جنس الكتاب، فيشمل جميع الكتب التي كتب فيها أعمال المكلفين في دار الدنيا. وأن المجرمين يشفقون مما فيه، أي يخافون منه، وأنهم يقولون ﴿ يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر ﴾. أي لا يترك ﴿ صغيرة ولا كبيرة ﴾ من المعاصي التي عملنا ﴿ إلا أحصاها ﴾ أي ضبطها وحصرها، وهذا المعنى الذي دلت عليه الآية الكريمة جاء موضحا في مواضع أخر، كقوله :﴿ وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ﴾. وبين أن بعضهم يؤتي كتابه بيمينه، وبعضهم يؤتاه بشماله وبعضهم يؤتاه وراء ظهره. قال :﴿ فأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوتي كتابيه ﴾ الآية، وقال تعالى :﴿ فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ﴾ اشتكى القوم كما تسمعون الإحصاء، ولم يشتك أحد ظلما، فإياكم والمحقرات من الذنوب، فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ﴾. قدمنا في سورة البقرة أن قوله تعالى :﴿ اسجدوا لآدم ﴾ محتمل لأن يكون أمرهم بذلك قبل وجود آدم أمرا معلقا على وجوده. ومحتمل لأنه أمرهم بذلك تنجيزا بعد وجود آدم. وأنه جل وعلا بين في سورة الحجر وسورة ص أن أصل الأمر بالسجود متقدم على خلق آدم معلق عليه. قال في الحجر ﴿ وإذا قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ﴾ وقال في ص :﴿ وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ﴾ ولا ينافي هذا أنه بعد وجود آدم جدد لهم الأمر بالسجود تنجيزا. وقوله في هذه الآية الكريمة :﴿ فسجدوا ﴾ محتمل لأن يكونوا سجدوا بعضهم أو كلهم ولكنه بين في مواضع أخر أنهم سجدوا كلهم، كقوله :﴿ فسجد الملائكة كلهم أجمعون ﴾ ونحوها من الآيات.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ إلا إبليس كان من الجن ﴾، قال : كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى :﴿ ففسق عن أمر ربه ﴾، قال : في السجود لآدم.
انظر سورة البقرة آية ( ٣٠ ).
قوله تعالى ﴿ أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ﴾ الآية، وهم يتوالدون كما تتوالد بنو آدم، وهم لكم عدو.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ بئس للظالمين بدلا ﴾ بئسما استبدلوا بعبادة ربهم إذا أطاعوا إبليس.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله ﴿ وما كنت متخذ المضلين عضدا ﴾ : أي أعوانا.
قال الشيخ الشنقيطي : أي واذكر يوم يقول الله جل وعلا للمشركين الذين كانوا يشركون معه الآلهة والأنداد من الأصنام وغيرها من المعبودات من دون الله توبيخا لهم وتقريعا : نادوا شركائي الذين زعمتم أنهم شركاء معي فالمفعولان محذوفان : أي زعمتموهم شركاء لي كذبا وافتراء. أي ادعوهم واستغيثوا بهم لينصروكم ويمنعوكم من عذابي، فدعوهم فلم يستجيبوا لهم، أي فاستغاثوا بهم فلم يغيثوهم. وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة : من عدم استجابتهم لهم إذا دعوهم يوم القيامة جاء موضحا في مواضع أخر، كقوله تعالى في سورة القصص ﴿ ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ﴾ وقوله تعالى ﴿ ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ﴾ وقوله ﴿ ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ وجعلنا بينهم موبقا ﴾ قال : مهلكا.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن المجرمين يرون النار يوم القيامة، ويظنون أنهم مواقعوها، أي مخالطوها وواقعون فيها. والظن في هذه الآية بمعنى اليقين، لأنهم أبصروا الحقائق وشاهدوا الواقع وقد بين تعالى في غير هذا الموضع أنهم موقنون بالواقع، كقوله عنهم ﴿ ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ﴾ وكقوله ﴿ فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ﴾ وقوله تعالى ﴿ أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ﴾ الآية.
قال ابن حبان : أخبرنا ابن سَلم، قال : حدثنا حرملة، قال : حدثنا ابن وهب، قال : أخبرني عمرو بن الحارث، أن أبا السمح حدثه، عن ابن حُجيرة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : يُنصب للكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة، وإن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة ".
( الإحسان ١٦/٣٤٩ح٧٣٥٢. قال محققه : إسناده حسن، رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي السمح... فقد روى له أصحاب السنن وهو صدوق. وله شاهد من حديث أبي سعيد، وأخرجه أحمد ( المسند٣/٧٥ )وأبو يعلى ( المسند٢/٥٢٤ح١٣٨٥ )، والحاكم في المستدرك( ٤/٥٩٧ )وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي : إسناده حسن... ( مجمع الزوائد١٠/٣٣٦ ).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله :﴿ فظنوا أنهم مواقعوها ﴾ قال : علموا.
قال الطبري : ولقد مثلنا في هذا القرآن للناس من كل مثل، ووعظناهم فيه من كل موعظة واحتججنا عليهم فيه بكل حجة. انظر سورة الروم آية ( ٥٨ ).
قوله تعالى ﴿ وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ﴾
قال مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث عن عقيل، عن الزهري، عن علي ابن الحسين، أن الحسين بن علي حدثه عن علي بن أبي طالب، أن النبي صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وفاطمة فقال : " ألا تصلون ؟ " فقلتُ : يا رسول الله ! إنما أنفسنا بيد الله. فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا. فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت له ذلك. ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول : " وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ".
( صحيح مسلم١/٥٣٧-٥٣٨-ك صلاة المسافرين وقصرها، ب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح ح٧٧٥ ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن عبد الرحمن بن زيد في قوله ﴿ وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ﴾ قال : الجدل : الخصومة، خصومة القوم لأنبيائهم.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله ﴿ أو يأتيهم العذاب قبلا ﴾ قال : فجأة.
انظر سورة الحج آية ( ٣ ) لبيان جدال الكفار بالباطل.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه ﴾ ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه لا أحد أظلم : أي أكثر ظلما لنفسه ممن ذكر، أي وعظ بآيات ربه، وهي هذا القرآن العظيم ﴿ فأعرض عنها ﴾ أي تولى وصد عنها. وإنما قلنا : إن المراد بالآيات هذا القرآن العظيم لقرينة تذكير الضمير العائد إلى الآيات في قوله ﴿ أن يفقهوه ﴾ أي القرآن المعبر عنه بالآيات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله ﴿ ونسي ما قدمت يداه ﴾ أي نسي ما سلف من الذنوب.
قوله تعالى ﴿ إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه جعل على قلوب الظالمين المعرضين عن آيات الله إذا ذكروا بها أكنة أي أغطية تغطي قلوبهم فتمنعها من إدراك ما ينفعهم بما ذكروا به. وواحد الأكنة كنان وهو الغطاء، وأنه جعل في آذانهم وقرا، أي ثقلا يمنعها من سماع ما ينفعهم من الآيات التي ذكروا بها وهذا المعنى أوضحه الله تعالى في آيات أخر كقوله ﴿ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ﴾ وقوله ﴿ أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ﴾ الآية، وقوله تعالى ﴿ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا ﴾ وقوله ﴿ أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ﴾ وقوله ﴿ ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ﴾ والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا.
قوله تعالى ﴿ وإن تدعوهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : بين في هذه الآية الكريمة أن الذين جعل الله على قلوبهم أكنة تمنعهم أن يفقهوا ما ينفعهم من آيات القرآن التي ذكروا بها لا يهتدون أبدا، فلا ينفع فيهم دعاؤك إياهم إلى الهدى. وهذا المعنى الذي أشار له هنا من أن من أشقاهم الله لا ينفع فيهم التذكير جاء مبينا في مواضع أخر كقوله ﴿ إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية يروا العذاب الأليم ﴾ وقوله تعالى ﴿ كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم ﴾ وقوله تعالى ﴿ وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ﴾ وقوله تعالى ﴿ وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ﴾ وقوله تعالى ﴿ إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين ﴾.
قوله تعالى ﴿ وربك الغفور ذو الرحمة ﴾.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه غفور، أي كثير المغفرة، وأنه يرحم عباده المؤمنين يوم القيامة، ويرحم الخلائق في الدنيا. وبين في مواضع أخر أن هذه المغفرة شاملة لجميع الذنوب بمشيئته جل وعلا إلا الشرك كقوله ﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾
وقوله ﴿ إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ﴾. وبين في موضع آخر أن رحمته واسعة، وأنه سيكتبها للمتقين، وهو قوله ﴿ ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة... ﴾ الآية.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى :﴿ بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا ﴾ بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه وإن لم يعجل لهم العذاب في الحال فليس غافلا عنهم ولا تاركا عذابهم بل هو تعالى جاعل لهم موعدا يعذبهم فيه لا يتأخر العذاب عنه ولا يتقدم. وبين هذا في مواضع أخر كقوله في النحل :﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ﴾ وقوله في آخر سورة فاطر :﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا ﴾ وكقوله ﴿ ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ﴾.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ لن يجدوا من دونه موئلا ﴾، يقول : ملجأ.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ لمهلكهم موعدا ﴾ قال : أجلا.
قال البخاري : حدثنا الحُميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، قال : أخبرنا سعيد ابن جبير، قال : قلت لابن عباس : إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل، فقال ابن عباس : كذب عدوّ الله، حدثني أُبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل : أيّ الناس أعلم ؟ فقال : أنا. فعتب الله عليه إذ لم يَرُدّ العلم إليه، فأوحى الله إليه : إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك.
قال موسى : يا ربّ فكيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حُوتا فتجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثَمّ. فأخذ حوتا فجعله في مِكتل ثم انطلق، وانطلق معه بفتاه يُوشع بن نُون، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما، واضطرب الحوت في المِكتل فخرج منه فسقط في البحر ﴿ فاتخذ سبيله في البحر سربا ﴾ وأمسك الله عن الحوت جِرْيَةَ الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه :﴿ آتنا غذاءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ﴾ قال : ولم يجد موسى النَصَبَ حتى جاوزا المكان الذي أمر به، فقال له فتاه :﴿ أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ﴾ قال : فكان للحوت سَرَبا، ولموسى ولفتاه عجبا. فقال موسى :﴿ ذلك ما كنا نبغي فارتدّ على آثارهما قصصا ﴾، قال : رجعا يقصّان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجّى ثوبا، فسلّم عليه موسى فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام، قال : أنا موسى. قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم، أتيتك لتُعلمني مما عُلّمت رشدا. ﴿ قال إنك لن تستطيع معي صبرا ﴾ يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علّمك الله لا أعلمه. فقال موسى :﴿ ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك أمرا ﴾ فقال له الخضر :﴿ فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذِكرا ﴾، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرّت سفينة، فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخَضِرَ فحملوه بغير نَوْل. فلما ركبا في السفينة لم يَفْجَأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم. فقال له موسى : قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها، لقد جئت شيئا إمرا. قال : ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا ؟ قال :﴿ لا تؤاخذني بما نسيت، ولا تُرهقني من أمري عُسرا ﴾ " قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وكانت الأولى من موسى نسيانا ". قال : وجاء عُصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، فقال له الخَضر : ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر. ثم خرجا من السفينة، فبينا هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى :﴿ أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئتَ شيئا نُكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا ﴾ قال : وهذه أشدّ من الأولى. ﴿ قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تُصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل القرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ ﴾ قال : مائل، فقام الخضر فأقامه بيده. فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا، ولم يضيفونا، ﴿ لو شئت لاتخذت عليه أجرا ﴾. ﴿ قال : هذا فراق بيني وبينك ﴾ إلى قوله ﴿ ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ﴾. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ودِدنا أن موسى كان صبر حتى يقُصّ الله علينا من خبرهما ". قال سعيد بن جبير : فكان ابن عباس يقرأ ﴿ وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة –صالحة- غضبا ﴾ وكان يقرأ ﴿ وأما الغلام فكان- كافر وكان- أبواه مؤمنين ﴾.
( الصحيح-التفسير-سورة الكهف ح٤٧٢٥ )وأخرجه مسلم في( صحيحه-ك الفضائل، ب فضائل الخضر٤/١٨٤٧ح٢٣٨٠ ).
قال مسم : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه، عن رقبة بن مسقلة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أُبيّ بن كعب، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الغلام الذي قتله الخضر طِبع كافرا. ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا ".
( صحيح مسلم٤/٢٠٥٠-ك القدر، ب معنى كل مولود يولد على الفطرة.. ح٢٦٦١ ).
قال البخاري : حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما سُمّي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء ".
( الصحيح٦/٤٩٩ح٣٤٠٢-ك أحاديث الأنبياء، ب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام ) قوله تعالى ﴿ أو أمضي حقبا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ أو أمضي حقبا ﴾، قال : دهرا.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ فلما بلغ مجمع بينهما نسيا حوتهما ﴾.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن موسى وفتاه نسيا حوتهما لما بلغا مجمع البحرين ولكنه تعالى أوضح أن النسيان واقع من فتى موسى لأنه هو الذي كان تحت يده الحوت وهو الذي نسيه وإنما أسند النسيان إليهما لأن إطلاق المجموع مراد بعضه -أسلوب عربي كثير في القرآن وفي كلام العرب وقد أوضحنا أن من أظهر أدلته قراءة حمزة والكسائي ﴿ فإن قتلوكم فاقتلوهم ﴾ من القتل في الفعلين لا من القتال أي فإن قتلوا بعضكم فليقتلهم بعضكم الآخر والدليل على أن النسيان وقع من فتى موسى دون موسى قوله تعالى عنهما ﴿ فما جاوزا قال لفتاه آتنا غذاءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ﴾ الآية، لأن قول موسى ﴿ آتنا غذاءنا ﴾ يعني به الحوت -فهو يظن أن فتاه لم ينسه كما قاله غير واحد وقد صرح فتاه بأنه نسيه في قوله ﴿ فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان ﴾ الآية. وقوله في هذه الآية الكريمة ﴿ وما أنسانيه إلا الشيطان ﴾ دليل على أن النسيان من الشيطان كما دلت عليه آيات أخر كقوله تعالى ﴿ وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ﴾ وقوله تعالى ﴿ استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ﴾ الآية.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ مجمع بينهما ﴾ قال : بين البحرين.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ نسيا حوتهما ﴾ قال : أضلا حوتهما.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ في البحر عجبا ﴾، قال : موسى يعجب من أثر الحوت في البحر ودوراته التي غاب فيها، فوجدا عندها خضرا.
قوله ﴿ ذلك ما كنا نبغ ﴾
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله ﴿ ذلك ما كنا نبغ ﴾ قال موسى : فذلك حين أخبرت أني واجد خضرا حيث يفوتني الحوت.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال : رجعا عودهما على بدئهما ﴿ فارتدا على آثارهما قصصا ﴾
وانظر حديث البخاري عن ابن عباس في قصة موسى والخضر عليهما السلام المتقدم عند الآية ( ٨٢-٦٠ ) من السورة نفسها، وفيه : " رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة ".
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله ﴿ لقد جئت شيئا إمرا ﴾ أي عجبا، إن قوما لججوا سفينتهم فخرقتها، كأحوج ما نكون إليها، ولكن علم من ذلك ما لم يعلم نبي الله موسى ذلك من علم الله الذي آتاه، وقد قال لنبي الله موسى عليه السلام ﴿ فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ﴾.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ لقد جئت شيئا إمرا ﴾، قال : منكرا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ قال أقتلت نفسا زكية ﴾ قال : الزكية : التائبة.
قوله تعالى ﴿ لقد جئت شيئا نكرا ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ لقد جئت شيئا نكرا ﴾ والنكر أشد من الإمر.
قال الحاكم : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا يحيى بن معين، ثنا يحيى بن آدم، ثنا حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس، عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحمة الله علينا وعلى موسى -فبدأ بنفسه- لو كان صبر لقص علينا من خبره ولكن قال ﴿ إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا ﴾.
( المستدرك٢/٥٧٤ ك التاريخ ) قال الحاكم : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. ونحوه في الصحيحين كما في الحديث الطويل السابق عن أُبي بن كعب رضي الله عنه.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله عز وجل ﴿ فأردت أن أعيبها ﴾، قال : أخرقها.
قوله تعالى ﴿ وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ﴾
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ﴾ ظاهر هذه الآية الكريمة أن ذلك الملك يأخذ كل سفينة صحيحة كانت أو معيبة ولكنه يفهم من آية أخرى أنه لا يأخذ المعيبة وهي قوله ﴿ فأردت أن أعيبها ﴾ أي لئلا يأخذها وذلك هو الحكمة في خرقه لها المذكور في قوله :﴿ حتى إذا ركبا في السفينة خرقها ﴾ ثم بين أن قصده بخرقها سلامتها لأهلها من أخذ ذلك الملك الغاضب لأن عيبها يزهده فيها ولأجل ما ذكرنا كانت هذه الآية الكريمة مثالا عند علماء العربية لحذف النعت أي وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صحيحة غير معيبة بدليل ما ذكرنا.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة ﴿ وأقرب رحما ﴾ : أبر بوالديه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ وكان تحته كنز لهما ﴾ قال : مال لهما.
قوله تعالى ﴿ وما فعلته عن أمري ﴾
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ وما فعلته عن أمري ﴾ كان عبدا مأمورا، فمضى لأمر الله.
قال الضياء المقدسي : أخبرنا أبو المجد زاهرا بن أحمد بن حامد بن أحمد الثقفي -بقراءتي عليه بأصبهان- قلت له : أخبركم أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ابن الحسين الخلال -قراءة عليه وأنت تسمع- أنا الإمام أبو الفضل عبد الرحمن ابن أحمد بن الحسن بن بندار الرازي المقري، أنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم ابن أحمد بن علي بن فراس، ثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديلي، ثنا أبو عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، ثنا سفيان ابن عيينة عن ابن أبي حسين، عن أبي الطفيل قال : سمعت ابن الكوّاء يسأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذي القرنين فقال علي : لم يكن نبيا ولا ملك، كان عبدا صالحا، أحبّ الله فأحبه، وناصح الله فناصحه الله، بُعث إلى قومه فضربوه على قرنه فمات فبعثه الله، فسمي ذي القرنين.
( المختارة٢/١٧٥ح٥٥٥ )وصححه الحافظ ابن حجر بعد غزوه للمختارة للحافظ الضياء( الفتح٦/٣٨٣ ). وأخرجه الطبري من طريق أبي الطفيل قال : سمعت عليا وسألوه... فذكره ( التفسير١٦/٩ ) وسنده صحيح.
قال الضياء المقدسي : أخبرنا عبد المعز بن محمد الهروي -قراءة عليه بها- قلت له : أخبركم محمد بن إسماعيل بن الفُضيل -قراءة عليه وأنت تسمع- أنا محلّم بن إسماعيل الضبي، أنا الخليل بن أحمد السجزي، أنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا أبو عوانة، عن سماك، عن حبيب بن حماز، قال : كنت عند علي بن أبي طالب، وسأله رجل عن ذي القرنين كيف بلغ المشرق والمغرب ؟ قال سبحان الله، سُخّر له السحاب، ومُدّت له الأسباب، وبسط له النور. فقال : أزيدك ؟ قال : فسكت الرجل وسكت علي.
( المختار٢/٣٢ح٤٠٩ )وصححه المحقق ونقل توثيق العجلي لحبيب بن حماز( تعجيل المنفعة/٨٤ ).
أخرج عبد الرزاق والطبري بسنديهما الصحيح عن قتادة ﴿ فأتبع سببا ﴾ : اتبع منازل الأرض ومعالمها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ﴿ تغرب في عين حمئة ﴾ والحمئة : الحمأة السوداء.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿ وجدها تغرب في عين حمئة ﴾، يقول في عين حارة.
أخرج عبد الرزاق والطبري بسنديهما الصحيح عن قتادة في قوله :﴿ أما من ظلم فسوف نعذبه ﴾، قال : هو القتل. وقوله ﴿ ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا ﴾، يقول : ثم يرجع إلى الله تعالى بعد قتله، فيعذبه عذابا عظيما وهو النكر، وذلك عذاب جهنم.
أخرج عبد الرزاق والطبري بسنديهما الصحيح عن قتادة في قوله :﴿ أما من ظلم فسوف نعذبه ﴾، قال : هو القتل. وقوله ﴿ ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا ﴾، يقول : ثم يرجع إلى الله تعالى بعد قتله، فيعذبه عذابا عظيما وهو النكر، وذلك عذاب جهنم.
تقدم تفسيرها في الآية ( ٨٥ ) من السورة نفسها.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ من أمرنا يسرا ﴾ قال : معروفا.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ خبرا ﴾ قال : علما.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ بين السدين ﴾، قال : هما جبلان.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ زبر الحديد ﴾، يقول : قطع الحديد.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :﴿ بين الصدفين ﴾، يقول : بين الجبلين.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد : القطر النحاس.
قال البخاري : حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا ابن عيينة أنه سمع الزهري عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم حبيبة عن زينب ابنة جحش رضي الله عنهن أنها قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمرا وجهه وهو يقول : " لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه -وعقد سُفيان تسعين أو مائة- قيل : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم، إذا كثر الخبث ".
( صحيح البخاري١٣/١٣-١٤ك الفتن، ب قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الحديث )ح٧٠٥٩ )، ( صحيح مسلم-٤/٢٢٠٧-ك الفتن وأشراط الساعة، ب اقتراب الفتن... ).
قال الترمذي : حدثنا محمد بن بشار وغير واحد واللفظ لابن بشار قالوا : حدثنا هشام بن عبد الملك، حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي رافع من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السدّ قال : " يحفرونه كل يوم، حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا، فيعيده الله كأشد ما كان، حتى إذا بلغ مدّتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس. قال للذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله واستثنى. قال : فيرجعون فيجدونه كهيئته حين تركوه فيخرقونه، فيخرجون على الناس، فيستقون المياه، ويفرّ الناس منهم، فيرمون بسهامهم في السماء فترجع مخضّبة بالدماء، فيقولون : قهرنا من في الأرض وعلونا من في السماء قسرا وعلوا، فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيهلكون، فو الذي نفس محمد إن دواب الأرض تسمن وتبطر وتشكَر شَكرا من لحومهم ".
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه مثل هذا. ( السنن٥/٣١٣-٣١٤-ك التفسير، ب سورة الكهف ح٣١٥٣وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي. وأخرجه ابن حبان في صحيحه، ( الإحسان١٥/٢٤٢-٢٤٣ح٦٨٢٩ )من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه قتادة به. وقال محققه : إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن المقدام فمن رجال البخاري )وأخرجه الحاكم من طريق هشام ابن عبد الملك وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك٤/٤٨٨ ).
نغفا : بالتحريك، دود يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدتها : نغفة ( النهاية لابن الأثير٥/٨٧ ).
تشكَر : أي تسمن وتمتلئ شحما. يقال شكِرت الشاة بالكسر تشكر شكرا بالتحريك إذا سمنت وامتلأ ضرعها لبنا. ( النهاية٢/٤٩٤ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ فما استطاعوا أن يظهروه ﴾ قال : ما استطاعوا أن ينزعوه.
قال البخاري : حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا ابن عيينة أنه سمع الزهري عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم حبيبة عن زينب ابنة جحش رضي الله عنهن أنها قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمرا وجهه وهو يقول : " لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه -وعقد سُفيان تسعين أو مائة- قيل : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم، إذا كثر الخبث ".
( صحيح البخاري١٣/١٣-١٤ك الفتن، ب قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الحديث )ح٧٠٥٩ )، ( صحيح مسلم-٤/٢٢٠٧-ك الفتن وأشراط الساعة، ب اقتراب الفتن... ).
قال الترمذي : حدثنا محمد بن بشار وغير واحد واللفظ لابن بشار قالوا : حدثنا هشام بن عبد الملك، حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي رافع من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السدّ قال : " يحفرونه كل يوم، حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا، فيعيده الله كأشد ما كان، حتى إذا بلغ مدّتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس. قال للذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله واستثنى. قال : فيرجعون فيجدونه كهيئته حين تركوه فيخرقونه، فيخرجون على الناس، فيستقون المياه، ويفرّ الناس منهم، فيرمون بسهامهم في السماء فترجع مخضّبة بالدماء، فيقولون : قهرنا من في الأرض وعلونا من في السماء قسرا وعلوا، فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيهلكون، فوالذي نفس محمد إن دواب الأرض تسمن وتبطر وتشكَر شَكرا من لحومهم ".
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه مثل هذا. ( السنن٥/٣١٣-٣١٤-ك التفسير، ب سورة الكهف ح٣١٥٣وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي. وأخرجه ابن حبان في صحيحه، ( الإحسان١٥/٢٤٢-٢٤٣ح٦٨٢٩ )من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه قتادة به. وقال محققه : إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن المقدام فمن رجال البخاري )وأخرجه الحاكم من طريق هشام ابن عبد الملك وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك٤/٤٨٨ ).
نغفا : بالتحريك، دود يكون في أنوف الإبل والغنم، واحدتها : نغفة ( النهاية لابن الأثير٥/٨٧ ).
تشكَر : أي تسمن وتمتلئ شحما. يقال شكِرت الشاة بالكسر تشكر شكرا بالتحريك إذا سمنت وامتلأ ضرعها لبنا. ( النهاية٢/٤٩٤ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله :﴿ فما استطاعوا أن يظهروه ﴾ قال : ما استطاعوا أن ينزعوه.
انظر حديث أبي داود عن عبد الله بن عمرو المتقدم عند الآية ( ٧٣ ) من سورة الأنعام.
وانظر حديث الترمذي عن أبي سعيد الخدري الآتي عند الآية ( ٢٨ ) من سورة الزمر.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ لا يستطيعون سمعا ﴾ قال : لا يعقلون ولا يستطيعون أن يسمعوا خبرا.
أخرج البخاري بسنده عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال : سألت أبي ﴿ هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ﴾ هم الحرورية ؟ قال : لا. هم اليهود والنصارى، وأما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم، وأما النصارى كفروا بالجنة، وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب...
( الصحيح-ك التفسير-الآية، ح٤٧٢٨ ).
وقد بين الله تعالى-ك التفسير الآية، ح٤٧٢٨ ).
قال البخاري : حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا المغيرة قال : حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة. وقال : اقرءوا :﴿ فلا نُقيم لهم يوم القيامة وزنا ﴾.
( صحيح البخاري٨/٢٧٩-ك التفسير-سورة الكهف، ب ( الآية ) ح٤٧٢٩ ). ( صحيح مسلم٤/٢١٤٧-ك صفات المنافقين وأحكامهم... ).
قال الترمذي : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا همام، حدثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " في الجنة مائة درجة، ما بين درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجُر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس ".
( السنن٤/٦٧٥ح٢٥٣١ )ك صفة الجنة، ب ما جاء في صفة درجات الجنة، وأخرجه الحاكم في ( المستدرك١/٨٠ ) من طريق عفان بن مسلم وأبي الوليد الطيالسي، كلاهما عن همام به، قال الحاكم : إسناده صحيح. وسكت الذهبي وقال الألباني : صحيح ( صحيح الترمذي ح٢٠٥٦ )وأخرجه الحاكم في الموضع السابق نفسه من حديث أبي هريرة وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي ) وله شاهد في الصحيح عن أبي هريرة مرفوعا ( صحيح البخاري-كتاب الجهاد-باب درجات المجاهدين ح٢٧٩٠ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال : الفردوس : ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ﴾ أي خالدين في جنات الفردوس لا يبغون عنها حولا أي تحولا إلى منزل آخر لأنها لا يوجد منزل أحسن منها يرغب في التحول إليه عنها بل هم خالدون فيها دائما من غير تحول ولا انتقال وهذا المعنى المذكور هنا جاء موضحا في مواضع أخر كقوله ﴿ الذي أحلنا دار المقامة ﴾ أي الإقامة أبدا، وقوله ﴿ وبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا ﴾ وقوله ﴿ إن هذا لرزقنا ماله من نفاد ﴾ وقوله ﴿ عطاء غير مجذوذ ﴾ إلى غير ذلك من الآيات الدالة على دوامهم فيها، ودوام نعيمها لهم والحول اسم مصدر بمعنى التحول.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ﴿ لا يبغون عنها حولا ﴾ قال : متحولا.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ﴿ قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي لو جئنا بمثله مددا ﴾ أمر جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يقول :﴿ ولو كان البحر مدادا لكلمات ربي ﴾ أي لو كان ماء البحر مدادا للأقلام التي تكتبها كلمات الله ﴿ لنفد البحر ﴾ أي فرغ وانتهى قبل أن تنفد كلمات ربي ﴿ ولو جئنا بمثله مددا ﴾ أي ببحر آخر مثله مددا أي زيادة عليه. وقوله ﴿ مددا ﴾ منصوب على التمييز ويصح إعرابه حالا وقد زاد هذا المعنى إيضاحا في سورة لقمان في قوله تعالى ﴿ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ﴾ الآية وقد دلت هذه الآيات على أن كلماته تعالى لا نفاذ لها سبحانه وتعالى علوا كبيرا.
قال الترمذي : حدثنا قتيبة، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس قال : قالت قريش ليهود : أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل، فقال : سلوه عن الروح قال : فسألوه عن الروح، فأنزل الله ﴿ ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ﴾ قالوا : أوتينا علما كثيرا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا، فأُنزلت :﴿ قل لو كان البحر مددا لكلمات ربي لنفد البحر ﴾ إلى آخر الآية.
( السنن٥/٣٠٤ح٣١٤٠-ك التفسير، ب ومن سورة بني إسرائيل ). وقال : حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وأخرجه النسائي ( التفسير٢/٢٨ح٣٣٤ )، وأحمد( المسند ح٢٣٠٩ ) كلاهما عن قتيبة به، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان١/٣٠١ح٩٩ )من طريق : مسروق بن المرزبان والحاكم ( المستدرك٢/٥٣١ ) من طريق : يحيى بن يحيى. كلاهما عن ابن أبي زائدة به. قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ ابن حجر : رجاله رجال مسلم ( فتح الباري٨/٤٠١ ) وصححه كل من محقق المسند والنسائي، وقال الألباني : صحيح الإسناد ( صحيح الترمذي ح٢٥١٠ ). وقد تقدم مثله من حديث ابن مسعود عند البخاري تحت الآية ( ٨٥ ) من سورة الإسراء لكن بدون ذكر نزول آية الكهف.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قوله :﴿ البحر مدادا لكلمات ربي ﴾، للقلم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :﴿ ولو كان البحر مدادا لكلمات ربي ﴾، يقول : إذا لنفد ماء البحر قبل أن تنفد كلمات الله وحكمه.
قال مسلم : حدثني زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا روح ابن القاسم، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه ".
( الصحيح٤/٢٢٨٩ح٢٩٨٥ )-ك الزهد والرقائق، ب من أشرك في عمله غير الله }.
قال البخاري : حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني سلمة بن كهيل ح. وحدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن سلمة قال سمعت جندبا يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم -ولم أسمع أحدا يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم غيره، فدنوت منه فسمعته يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم- : " من سمّع سمَّّع الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به ".
( الصحيح١١/٣٤٣ح٦٤٩٩-ك الرقاق، ب الرياء والسمعة ). وأخرجه مسلم ( الصحيح-ك الزهد، ب من أشرك في عمله غير الله ح٢٩٨٧ ).
قال الحاكم : أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني : ثنا جدي، ثنا نعيم بن حماد، ثنا ابن المبارك، أنبأ معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رجل : يا رسول الله إني أقف الموقف أريد وجه الله وأريد أن يرى موطني ؟ فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزلت ﴿ فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ﴾.
( المستدرك٢/١١١-ك الجهاد، وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي ).