تفسير سورة الفيل

الدر المنثور
تفسير سورة سورة الفيل من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزل ﴿ ألم تر كيف فعل ربك ﴾ بمكة.

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزل ﴿ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك﴾ بِمَكَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس قَالَ: كَانَ من حَدِيث أَصْحَاب الْفِيل أَن أَبْرَهَة الأشرم الحبشي كَانَ ملك الْيمن وَأَن ابْنَته أكسوم بن الصَّباح الحميريّ خرج حَاجا فَلَمَّا انْصَرف من مَكَّة نزل فِي كَنِيسَة بِنَجْرَان فغدا عَلَيْهَا نَاس من أهل مَكَّة فَأخذُوا مَا فِيهَا من الحليّ وَأخذُوا مَتَاع أكسوم فَانْصَرف إِلَى جده مغضباً فَبعث رجلا من أَصْحَابه يُقَال لَهُ شهر بن مَعْقُود على عشْرين ألفا من خولان والاشعريين فَسَارُوا حَتَّى نزلُوا بِأَرْض خثعم فتنحت خثعم عَن طريقهم فَلَمَّا دنا من الطَّائِف خرج إِلَيْهِ نَاس من بني خثعم وَنصر وَثَقِيف فَقَالُوا: مَا حاجت إِلَى طائفنا وَإِنَّمَا هِيَ قَرْيَة صَغِيرَة وَلَكنَّا ندلك على بَيت بِمَكَّة يعبد وحرز من لَجأ إِلَيْهِ من ملكه تمّ لَهُ ملك الْعَرَب فَعَلَيْك بِهِ وَدعنَا مِنْك فَأَتَاهُ حَتَّى إِذا بلغ المغمس وجد إبِلا لعبد الْمطلب مائَة نَاقَة مقلدة فاتهبها بَين أَصْحَابه فَلَمَّا بلغ
627
ذَلِك عبد الْمطلب جَاءَهُ وَكَانَ جميلا وَكَانَ لَهُ صديق من أهل الْيمن يُقَال لَهُ ذُو عَمْرو فَسَأَلَهُ أَن يرد عَلَيْهِ إبِله فَقَالَ: إِنِّي لَا أُطِيق ذَلِك وَلَكِن إِن شِئْت أدخلتك على الْملك فَقَالَ عبد الْمطلب افْعَل
فَأدْخلهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: إِن لي إِلَيْك حَاجَة
قَالَ: قضيت كل حَاجَة تطلبها
قَالَ: أَنا فِي بلد حرَام وَفِي سَبِيل بَين أَرض الْعَرَب وَأَرْض الْعَجم وَكَانَت مائَة نَاقَة لي مقلدة ترعى بِهَذَا الْوَادي بَين مَكَّة وتهامة عَلَيْهَا عير أَهلهَا وَتخرج إِلَى تِجَارَتِنَا وتتحمل من عدوّنا عدا عَلَيْهَا جيشك فَأَخَذُوهَا وَلَيْسَ مثلك يظلم من جاوره
فَالْتَفت إِلَى ذِي عَمْرو ثمَّ ضرب بِإِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى عجبا فَقَالَ: لَو سَأَلَني كل شَيْء أحوزه أَعْطيته إِيَّاه أما ابلك فقد رددنا إِلَيْك وَمثلهَا مَعهَا فَمَا يمنعك أَن تكلمني فِي بنيتكم هَذِه وبلدكم هَذِه فَقَالَ لَهُ عبد الْمطلب: أما بنيتنا هَذِه وَبَلَدنَا هَذِه فَإِن لَهما رَبًّا إِن شَاءَ أَن يمْنَعهَا منعهما وَلَكِنِّي إِنَّمَا أُكَلِّمك فِي مَالِي فَأمر عِنْد ذَلِك بالرحيل وَقَالَ: لتهد من الْكَعْبَة ولتنهبن مَكَّة فَانْصَرف عبد الْمطلب وَهُوَ يَقُول: لَا همّ إِن الْمَرْء يمْنَع رَحْله فامنع حلالك لَا يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك فَإِذا فعلت فَرُبمَا تحمى فَأمر مَا بدالك فَإِذا فعلت فَإِنَّهُ أَمر تتمّ بِهِ فعالك وغدوا غَدا بجموعهم والفيل كي يسبوا عِيَالك فَإِذا تَركتهم وكعبتا فوا حَربًا هُنَالك فَلَمَّا توجه شهر وَأَصْحَاب الْفِيل وَقد أَجمعُوا مَا أَجمعُوا طفق كلما وجهوه أَنَاخَ وبرك فَإِذا صرفوه عَنْهَا من حَيْثُ أَتَى أسْرع السّير فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى غشيهم اللَّيْل وَخرجت عَلَيْهِم طير من الْبَحْر لَهَا خراطيم كَأَنَّهَا البلس شَبيهَة بالوطواط حمر وسود فَلَمَّا رأوها أشفقوا مِنْهَا وَسقط فِي أَيْديهم فرمتهم بحجارة مدحرجة كالبنادق تقع على رَأس الرجل فَتخرج من جَوْفه فَلَمَّا أَصْبحُوا من الْغَد أصبح عبد الْمطلب وَمن مَعَه على جبالهم فَلم يرَوا أحدا غشيهم فَبعث ابْنه على فرس لَهُ سريع ينظر مَا لقوا فَإِذا هم مشدخين جَمِيعًا فَرجع يرفع رَأسه كاشفاً عَن فَخذه فَلَمَّا رأى ذَلِك أَبوهُ قَالَ: إِن ابْن أَفرس الْعَرَب وَمَا كشف عَن فَخذه إِلَّا بشيراً أَو نذيراً فَلَمَّا دنا من ناديهم قَالُوا مَا وَرَاءَك قَالَ: هَلَكُوا جَمِيعًا
فَخرج عبد الْمطلب وَأَصْحَابه فَأخذُوا أَمْوَالهم
628
وَقَالَ عبد الْمطلب شعرًا فِي الْمَعْنى: أَنْت منعت الْجَيْش والأفيالا وَقد رعو بِمَكَّة الأفيالا وَقد خشينا مِنْهُم القتالا وكل أَمر مِنْهُم معضالا شكرا وحمداً لَك ذَا الجلالا فَانْصَرف شهر هَارِبا وَحده فَأول منزل نزله سَقَطت يَده الْيُمْنَى ثمَّ نزل منزلا آخر فَسَقَطت رجله الْيُمْنَى فَأتى منزله وَقَومه وَهُوَ جَسَد لَا أَعْضَاء لَهُ فَأخْبرهُم الْخَبَر ثمَّ فاضت نَفسه وهم ينظرُونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى نزلُوا الصفاح فَأَتَاهُم عبد الْمطلب فَقَالَ: إِن هَذَا بَيت الله لم يُسَلط عَلَيْهِ أحد
قَالُوا: لَا نرْجِع حَتَّى نهدمه وَكَانُوا لَا يقدمُونَ فيلهم إِلَّا تَأَخّر فَدَعَا الله الطير الأبابيل فَأَعْطَاهَا حِجَارَة سُودًا عَلَيْهِم الطين فَلَمَّا حاذتهم رَمَتْهُمْ فَمَا بَقِي مِنْهُ أحد إِلَّا أَخَذته الحكة فَكَانَ لَا يحك إِنْسَان مِنْهُم جلده إِلَّا تساقط لَحْمه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أقبل أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى إِذا دنوا من مَكَّة اسْتَقْبَلَهُمْ عبد الْمطلب فَقَالَ لملكهم: مَا جَاءَ بك إِلَيْنَا أَلا بعثت فنأتيك بِكُل شَيْء أردْت فَقَالَ: أخْبرت بِهَذَا الْبَيْت الَّذِي لَا يدْخلهُ أحد إِلَّا أَمن فَجئْت أخيف أَهله فَقَالَ: إِنَّا نَأْتِيك بِكُل شَيْء تُرِيدُ فَارْجِع فَأبى أَن يرجع إِلَّا أَن يدْخلهُ وَانْطَلق يسير نَحوه وتخلف عبد الْمطلب فَقَامَ على جبل فَقَالَ: لَا أشهد مهلك هَذَا الْبَيْت وَأَهله
ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن لكل إِلَه حَلَالا فامنع حلالك لَا يغلبن محالهم أبدا محالك اللَّهُمَّ فَإِن فعلت فَأمر مَا بدا لَك فَأَقْبَلت مثل السحابة من نَحْو الْبَحْر حَتَّى أظلتهم طيراً أبابيل الَّتِي قَالَ الله ترميهم بحجارة من سجيل فَجعل الْفِيل يعج عجاً فجعلهم كعصف مَأْكُول
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل﴾ قَالَ: أقبل أَبْرَهَة الأشرم بِالْحَبَشَةِ وَمن تبعه من غواة أهل الْيمن إِلَى بَيت الله ليهدموه من أجل بيعَة لَهُم أَصَابَهَا الْعَرَب بِأَرْض الْيمن فَأَقْبَلُوا بفيلهم حَتَّى إِذا كَانُوا بالصفاح فَكَانُوا إِذا وجهوه إِلَى بَيت الله ألْقى بجرانه إِلَى الأَرْض فَإِذا وجهوه قبل بِلَادهمْ انْطلق وَله هرولة حَتَّى إِذا كَانُوا ببجلة اليمانية بعث الله عَلَيْهِم طيراً أبابيل
629
بيضًا وَهِي الْكَبِيرَة فَجعلت ترميهم بهَا حَتَّى جعلهم الله كعصف مَأْكُول فنجا أَبُو يكسوم فَجعل كلما نزل أَرضًا تساقط بعض لَحْمه حَتَّى إِذا أَتَى قومه فَأخْبرهُم الْخَبَر ثمَّ هلك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل﴾ قَالَ: أَبُو يكسوم جَبَّار من الْجَبَابِرَة جَاءَ بالفيل يَسُوقهُ مَعَه الْحَبَش ليهْدم - زعم - بَيت الله من أجل بيعَة كَانَت هدمت بِالْيمن فَلَمَّا دنا الْفِيل من الْحرم ضرب بجرانه فَإِذا أَرَادوا بِهِ الرّجْعَة عَن الْحرم أسْرع الهرولة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أقبل أَبُو يسكوم صَاحب الْحَبَشَة وَمَعَهُ الْفِيل فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْحرم برك الْفِيل فَأبى أَن يدْخل الْحرم فَإِذا وَجه رَاجعا أسْرع رَاجعا وَإِذا ارْتَدَّ على الْحرم أَبى فَأرْسل الله عَلَيْهِم طيراً صغَارًا بيضًا فِي أفواهها حِجَارَة أَمْثَال الحمص لَا تقع على أحد إِلَّا هلك
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى نزلُوا الصفاح فَأَتَاهُم عبد الْمطلب فَقَالَ: إِن هَذَا بَيت لم يُسَلط عَلَيْهِ أحد
قَالُوا: لَا نرْجِع حَتَّى نهدمه وَكَانُوا لَا يقدمُونَ فيلهم إِلَّا تَأَخّر فَدَعَا الله الطير الأبابيل فَأَعْطَاهَا حِجَارَة سُودًا عَلَيْهَا الطين فَلَمَّا حاذت بهم صفت عَلَيْهِم ثمَّ رَمَتْهُمْ فَمَا بَقِي مِنْهُم أحد إِلَّا أَصَابَته الحكة
وَكَانُوا لَا يحك إِنْسَان مِنْهُم جلده إِلَّا تساقط جلده
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أرسل الله الْحِجَارَة على أَصْحَاب الْفِيل جعل لَا يَقع مِنْهَا حجر إِلَّا سقط [] وَذَلِكَ مَا كَانَ الجدري ثمَّ أرسل الله سيلاً فَذهب بهم فألقاهم فِي الْبَحْر
قيل: فَمَا الأبابيل قَالَ: الْفرق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود ﴿طيراً أبابيل﴾ قَالَ: هِيَ الْفرق
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس ﴿طيراً أبابيل﴾ قَالَ: فوجاً بعد فَوْج كَانَت تخرج عَلَيْهِم من الْبَحْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿طيراً أبابيل﴾ قَالَ: خضر لَهَا خراطيم كخراطيم الإِبل وأنف كأنف الْكلاب
630
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس ﴿طيراً أبابيل﴾ قَالَ: لَهَا أكفّ كأكفّ الرجل وأنياب كأنياب السبَاع
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ قَالَ: لما أَرَادَ الله أَن يهْلك أَصْحَاب الْفِيل بعث الله عَلَيْهِم طيراً نشأت من الْبَحْر كَأَنَّهَا الخطاطيف بكف كل طير مِنْهَا ثَلَاثَة أحجر مجزعة فِي منقاره حجر وحجران فِي رجلَيْهِ ثمَّ جَاءَت حَتَّى صفت على رؤوسهم ثمَّ صاحت وَأَلْقَتْ مَا فِي أرجلها ومناقيرها فَمَا من حجر وَقع مِنْهَا على رجل إِلَّا خرج من الْجَانِب الآخر إِن وَقع على رَأسه خرج من دبره وَإِن وَقع على شَيْء من بدنه خرج من الْجَانِب الآخر وَبعث الله ريحًا شَدِيدا فَضربت أرجلها فزادها شدَّة فأهلكوا جَمِيعًا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عِكْرِمَة ﴿طيراً أبابيل﴾ قَالَ: طير بيض وَفِي لفظ: خضر جَاءَت من قبل الْبَحْر كَأَن وجوهها وُجُوه السبَاع لم تَرَ قبل ذَلِك وَلَا بعده فأثرت فِي جُلُودهمْ مثل الجدري فَإِنَّهُ أول مَا رُؤِيَ الجدري
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس ﴿ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل﴾ لما أقبل أَصْحَاب الْفِيل يُرِيدُونَ مَكَّة ورأسهم أَبُو يكسوم الحبشي حَتَّى أَتَوا المغمس أَتَتْهُم طيرا فِي منقار كل طير حجر وَفِي رجلَيْهِ حجران فرمتهم بهَا فَذَلِك قَوْله: ﴿وَأرْسل عَلَيْهِم طيراً أبابيل﴾ يَقُول: يتبع بَعْضهَا بَعْضًا ﴿ترميهم بحجارة من سجيل﴾ يَقُول من طين
قَالَ: وَكَانَت من جزع أظفار مثل بعر الْغنم فرمتهم بهَا ﴿فجعلهم كعصف مَأْكُول﴾ وَهُوَ ورق الزَّرْع الْبَالِي الْمَأْكُول: يَقُول: خرقتهم الْحِجَارَة كَمَا يتخرق ورق الزَّرْع الْبَالِي الْمَأْكُول
قَالَ: وَكَانَ إقبال هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَّة قبل أَو يُولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث وَعشْرين سنة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الكنود ﴿ترميهم بحجارة من سجيل﴾ قَالَ: دون الحمصة وَفَوق العدسة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عمرَان ﴿طيراً أبابيل﴾ قَالَ: طير كَثِيرَة جَاءَت بحجارة كَثِيرَة أكبرها مثل الحمصة وأصغرها مثل العدسة
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ترميهم بحجارة من سجيل﴾
631
قَالَ: بحجارة مثل البندق وَبهَا نضح حمرَة مختمة مَعَ كل طَائِر ثَلَاثَة أَحْجَار حجران فِي رجلَيْهِ وَحجر فِي منقاره حلقت عَلَيْهِم من السَّمَاء ثمَّ أرْسلت تِلْكَ الْحِجَارَة عَلَيْهِم فَلم تعد عَسْكَرهمْ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الديلمي قَالَ: رَأَيْت الْحَصَى الَّتِي رمي بهَا أَصْحَاب الْفِيل حَصى مثل الحمص وأكبر من العدس حمر مختمة كَأَنَّهَا جزع ظفار
وَأخرج أَبُو نعيم عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: كَانَت فِي الْمِقْدَار من الحمصة والعدسة حَصى بِهِ نضح أَحْمَر مختمة كالجزع فلولا أَنه عذب بِهِ قوم أخذت مِنْهُ مَا اتَّخذهُ لي مَسْجِدا وَهِي بِمَكَّة كثير
وَأخرج أَبُو نعيم عَن أم كرز الْخُزَاعِيَّة قَالَت: رَأَيْت الْحِجَارَة الَّتِي رمي بهَا أَصْحَاب الْفِيل حمراً مختمة كَأَنَّهَا جزع ظفار فَمن غير ذَلِك فَلم ير مِنْهَا شَيْئا وَلم يصبهم كلهم وَقد أفلت مِنْهُم
وَأخرج أَبُو نعيم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: جاؤوا بفيلين فَأَما مَحْمُود فَرَبَضَ وَأما الآخر فشجع فحصب
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: حَدثنِي من كلم قَائِد الْفِيل وسائسه قَالَ لَهما: أخبراني خبر الْفِيل قَالَا: أَقبلنَا بِهِ وَهُوَ فيل الْملك النَّجَاشِيّ الْأَكْبَر لم يسر بِهِ قطّ إِلَى جمع إِلَّا هَزَمَهُمْ فَلَمَّا دنا من الْحرم جعلنَا كلما نوجهه إِلَى الْحرم يربض فَتَارَة نضربه فيهبط وتاره نضربه حَتَّى نمل ثمَّ نتركه فَلَمَّا انْتهى إِلَى المغمس ربض فَلم يقم فطلع الْعَذَاب فَقُلْنَا: نجا غيركما قَالَا: نعم
لَيْسَ كلهم أَصَابَهُ الْعَذَاب
وَولى أَبْرَهَة وَمن تبعه يُرِيد بِلَاده كلما دخلُوا أَرضًا وَقع مِنْهُم عُضْو حَتَّى انْتَهوا إِلَى بِلَاد خثعم وَلَيْسَ عَلَيْهِ غير رَأسه فَمَاتَ
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق عَطاء وَالضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبْرَهَة الأشرم قدم من الْيمن يُرِيد هدم الْكَعْبَة فَأرْسل الله عَلَيْهِم ﴿طيراً أبابيل﴾ يُرِيد مجتمعة لَهَا خراطيم تحمل حَصَاة فِي منقارها وحصاتين فِي رِجْلَيْهَا ترسل وَاحِدَة على رَأس الرجل فيسيل لَحْمه وَدَمه وَتبقى عظاماً خاوية لَا لحم عَلَيْهِ وَلَا جلد وَلَا دم
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه سَأَلَ رجلا من هُذَيْل قَالَ: أَخْبرنِي عَن يَوْم الْفِيل فَقَالَ: بعثت يَوْم الْفِيل طَلِيعَة على فرس لي أُنْثَى فَرَأَيْت طيراً خرجت من الْحرم فِي كل منقار طير مِنْهَا حجر وَفِي رجل كل طير مِنْهَا حجر وهاجت ريح
632
وظلمة حَتَّى قعدت بِي فرسي مرَّتَيْنِ فمسحتهم مسحة [] كلفته كرداك وانجلت الظلمَة وسكنت الرّيح
قَالَ: فَنَظَرت إِلَى الْقَوْم خامدين
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن أبي صَالح أَنه رأى عِنْد أم هَانِئ بنت أبي طَالب من تِلْكَ الْحِجَارَة نَحوا من قفيز مخططة بحمرة كَأَنَّهَا جزع ظفار مَكْتُوب فِي الْحجر اسْمه وَاسم أَبِيه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس ﴿فجعلهم كعصف﴾ يَقُول: كالتبن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس ﴿فجعلهم كعصف مَأْكُول﴾ قَالَ: ورق الْحِنْطَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: العصف الْمَأْكُول ورق الْحِنْطَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن طَاوس ﴿كعصف مَأْكُول﴾ قَالَ: ورق الْحِنْطَة فِيهَا النقب
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة ﴿كعصف مَأْكُول﴾ قَالَ: إِذا أكل فَصَارَ أجوف
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس ﴿كعصف مَأْكُول﴾ قَالَ: هُوَ الطُّيُور عصافة الزَّرْع
وَأخرج ابْن إِسْحَق فِي السِّيرَة والواقدي وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: لقد رَأَيْت سائس الْفِيل وقائده بِمَكَّة أعميين مقعدين يستطعمان
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن أَبْزي قَالَ: ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن قيس بن مخرمَة قَالَ: ولدت أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم قَالَ: ولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل وَكَانَت عكاظ بعد الْفِيل بِخمْس عشرَة سنة وَبني الْبَيْت على رَأس خمس وَعشْرين سنة من الْفِيل وتنبأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَأس أَرْبَعِينَ من الْفِيل
633

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

١٠٦
سُورَة قُرَيْش
مَكِّيَّة وآياتها أَربع
مُقَدّمَة السُّورَة
الْآيَة ١ - ٤
634
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ﴿ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ﴾ لما أقبل أصحاب الفيل يريدون مكة ورأسهم أبو يكسوم الحبشي حتى أتوا المغمس أتتهم طير في منقار كل طير حجر، وفي رجليه حجران، فرمتهم بها، فذلك قوله :﴿ وأرسل عليهم طيراً أبابيل ﴾ يقول : يتبع بعضها بعضاً ﴿ ترميهم بحجارة من سجيل ﴾ يقول : من طين. قال : وكانت من جزع أظفار مثل بعر الغنم، فرمتهم بها ﴿ فجعلهم كعصف مأكول ﴾ وهو ورق الزرع البالي المأكول. يقول : خرقتهم الحجارة كما يتخرق ورق الزرع البالي المأكول. قال : وكان إقبال هؤلاء إلى مكة قبل أن يولد النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث وعشرين سنة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس ﴿ فجعلهم كعصف ﴾ يقول : كالتبن.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس ﴿ فجعلهم كعصف مأكول ﴾ قال : ورق الحنطة.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : العصف المأكول ورق الحنطة.
وأخرج عبد بن حميد عن طاوس ﴿ كعصف مأكول ﴾ قال : ورق الحنطة فيها النقب.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ﴿ كعصف مأكول ﴾ قال : إذا أكل فصار أجوف.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس ﴿ كعصف مأكول ﴾ قال : هو الطيور عصافة الزرع.
Icon