تفسير سورة الماعون

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة الماعون من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه تعيلب . المتوفي سنة 2004 هـ
( ١٠٧ ) سورة الماعون مكية
وآياتها سبع
كلماتها : ٢٥ ؛ حروفها : ١١٥

﴿ بالدين ﴾ بوحي الله، أو بجزائه وحسابه.
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ أرأيت الذي يكذب بالدين ( ١ ) فذلك الذي يدع اليتيم ( ٢ ) ولا يحض على طعام المسكين ( ٣ ) ﴾
الاستفهام كأنما أريد به التشويق، حتى يعلم المسلم من هو المكذب، فيحترز عنه وعن فعله. وفي الكلام حذف ؛ والمعنى : أرأيت الذين يكذب بالدين ؛ أمصيب هو أم مخطيء. ١ [.. يجوز أن يتجوز بذلك عن الإخبار، فيكون المراد ب﴿ أرأيت ﴾ أخبرني، وحينئذ تكون متعدية لاثنين : أولهما الموصول، وثانيهما محذوف، تقديره :.. أليس مستحقا للعذاب ؟ ! ]٢ والدين إما أن يكون المراد به الإسلام ؛ أو يراد به الجزاء، كما في قوله سبحانه :﴿ مالك يوم الدين ﴾٣ أي يوم الجزاء ؛ فهذا الذي تعجب منه السورة يكذب بثواب الله وعقابه، فلا يطيعه في أمره ونهيه.
١ - ما بين العارضتين من الجامع لأحكام القرآن..
٢ - ما بين العلامتين [ ] من روح المعاني..
٣ - سورة الفاتحة. الآية ٤..
﴿ يدع ﴾ يدفع، ويقهر.
﴿ اليتيم ﴾ الصغير يموت أبوه.
﴿ فذلك الذي يدع اليتيم( ٢ ) ﴾ فهو الذي يدفع اليتيم عن حقه، ويقهره ويظلمه، ويأكل ماله.
مما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن : والمعنى : هل عرفت الذي يكذب بالجزاء من هو ؟ فإن لم تعرفه فهو الذي يدع اليتيم، وذلك لأن إقدام الإنسان على الطاعات، وإحجامه عن المحظورات، إنما يكون للرغبة في الثواب، أو الرهبة من العقاب، فإذا كان منكرا للقيامة لم يترك شيئا من المشتهيات واللذات، فإنكار المعاد كالأصل لجميع أنواع الكفر والمعاصي ؛ والغرض منه التعجيب... وقيل : الدين هاهنا هو الإسلام ؛ لأنه عند الإطلاق يقع عليه، وسائر الأديان كلا دين، أو يتناولها مع التقييد، كقولك : دين النصارى أو اليهود.
﴿ يحض ﴾ يأمر، ويحث، ويحرض.
﴿ المسكين ﴾ المحتاج.
﴿ ولا يحض على طعام المسكين( ٣ ) ﴾ لا يأمر غيره، ولا يحثه على إطعام المحتاج. وليس الذم عاما حتى يتناول من تركه عجزا، ولكنهم كانوا يبخلون ويعتذرون لأنفسهم، ويقولون :﴿ .. أنطعم من لو يشاء الله أطعمه.. ﴾١ فنزلت هذه الآية فيهم، وتوجه الذم إليهم ؛ فيكون معنى الكلام : لا يفعلونه إن قدروا، ولا يحثون عليه إن عسروا.
١ - سورة يس. من الآية ٤٧..
﴿ فويل ﴾ فعذاب، أو : فواد في جهنم.
﴿ فويل للمصلين ( ٤ ) الذين هم عن صلاتهم ساهون ( ٥ ) الذين هم يراءون ( ٦ ) ويمنعون الماعون ( ٧ ) ﴾
فعذاب بئيس للذين لا يلتفتون إلى الصلاة، ويسهون عنها سهو ترك لها. روى عن ابن عباس قال : هو المصلي الذي إن صلى لم يرج لها ثوابا، وإن تركها لم يخش عليها عقابا ؛ [ الذين يصلون في العلانية، ولا يصلون في السر، ولهذا قال ﴿ للمصلين ﴾ الذين هم من أهل الصلاة، وقد التزموا بها، ثم هم عنها ساهون ؛ إما عن فعلها بالكلية كما قاله ابن عباس، وإما عن وقتها المقدر لها شرعا فيخرجها عن وقتها بالكلية، كما قاله مسروق وأبو الضحى. وقال عطاء بن دينار : الحمد لله الذي قال :﴿ عن صلاتهم ساهون ﴾، ولم يقل في صلاتهم ساهون... وإما عن الخشوع والتدبر لمعانيها، فاللفظ يشمل ذلك كله. ولكل من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية، ومن اتصف بجميع ذلك فقد تم له نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي. كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا ]١. قال الزمخشري : فإن قلت : أي فرق بين قوله :﴿ عن صلاتهم ﴾ وبين قولك : في صلاتهم ؟ قلت : معنى ﴿ عن ﴾ أنهم ساهون عنها سهو ترك لها، وقلة التفات إليها، وذلك فعل المنافقين، أو الفسقة الشطار٢ من المسلمين، ومعنى [ في ] أن السهو يعتريهم فيها، بوسوسة شيطان أو حديث نفس، وذلك لا يخلو منه مسلم ؛ وكان رسول الله يقع له السهو في صلاته، فضلا عن غيره... ٣.
﴿ ساهون ﴾ لا يلتفون إلى الصلاة، ويسهون عنها سهو ترك لها.
﴿ فويل للمصلين ( ٤ ) الذين هم عن صلاتهم ساهون ( ٥ ) الذين هم يراءون ( ٦ ) ويمنعون الماعون ( ٧ ) ﴾
فعذاب بئيس للذين لا يلتفتون إلى الصلاة، ويسهون عنها سهو ترك لها. روى عن ابن عباس قال : هو المصلي الذي إن صلى لم يرج لها ثوابا، وإن تركها لم يخش عليها عقابا ؛ [ الذين يصلون في العلانية، ولا يصلون في السر، ولهذا قال ﴿ للمصلين ﴾ الذين هم من أهل الصلاة، وقد التزموا بها، ثم هم عنها ساهون ؛ إما عن فعلها بالكلية كما قاله ابن عباس، وإما عن وقتها المقدر لها شرعا فيخرجها عن وقتها بالكلية، كما قاله مسروق وأبو الضحى. وقال عطاء بن دينار : الحمد لله الذي قال :﴿ عن صلاتهم ساهون ﴾، ولم يقل في صلاتهم ساهون... وإما عن الخشوع والتدبر لمعانيها، فاللفظ يشمل ذلك كله. ولكل من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية، ومن اتصف بجميع ذلك فقد تم له نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي. كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا ]١. قال الزمخشري : فإن قلت : أي فرق بين قوله :﴿ عن صلاتهم ﴾ وبين قولك : في صلاتهم ؟ قلت : معنى ﴿ عن ﴾ أنهم ساهون عنها سهو ترك لها، وقلة التفات إليها، وذلك فعل المنافقين، أو الفسقة الشطار٢ من المسلمين، ومعنى [ في ] أن السهو يعتريهم فيها، بوسوسة شيطان أو حديث نفس، وذلك لا يخلو منه مسلم ؛ وكان رسول الله يقع له السهو في صلاته، فضلا عن غيره... ٣.
﴿ يراءون ﴾ يتظاهرون بالعبادة ليراهم الناس، ولا يبتغون بأدائها رضوان رب الناس.
﴿ الذين هم يراءون( ٦ ) ﴾ يري الناس ويظهر لهم عبادة الله، يريد بذلك الثناء والجاه، ولا يبتغي بها وجه مولاه، يصلي تقية كالفاسق، ويحسبه الراءون متعبدا. مما يقول صاحب الجامع لأحكام القرآن : ولا يكون الرجل مرائيا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة ؛ فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها، لقوله عليه السلام : " ولا غمة في فرائض الله " ؛ لأنها أعلام الإسلام، وشعائر الدين، ولأن تاركها يستحق الذم والمقت، فوجب إماطة التهمة بالإظهار، وإن كان تطوعا فحقه أن يخفى ؛ لأنه لا يلام بتركه، ولا تهمة فيه، فإن أظهره للاقتداء به كان جميلا ؛ وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين، فتثني عليه بالصلاح. اه.
﴿ الماعون ﴾ ما يستعان به مما فيه منفعة، من نقد أو أدوات.
﴿ ويمنعون الماعون( ٧ ) ﴾ يمنعون عونهم١ عمن يحتاجه، فإن تعين فالعذاب لمن منعه، وفي غير حال الضرورة يكون خدشا للمروءة.
١ - أورد القرطبي في معنى الماعون اثنى عشر قولا: منها: أنه الزكاة، ومنها: منافع البيت، كالفأس والقدر والنار وما أشبه ذلك؛ ومنها: العارية؛ ومنها: أنه المعروف كله الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم: أو المعونة بما خف فعله، وقد ثقله الله. والله تعالى أعلم..
Icon