تفسير سورة الماعون

إعراب القرآن للنحاس
تفسير سورة سورة الماعون من كتاب إعراب القرآن المعروف بـإعراب القرآن للنحاس .
لمؤلفه ابن النَّحَّاس . المتوفي سنة 338 هـ

١٠٧ شرح إعراب سورة أرأيت (الماعون)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الماعون (١٠٧) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١)
هذه القراءة البيّنة، ويجوز أن تأتي الهمزة بين بين فتقول: أرأيت ويجوز أريت بحذف الهمزة، وعن عبد الله بن مسعود أَرَأَيْتَكَ «١» والكاف زائدة للخطاب وهمزة بين بين متحركة بوزنها مخففة، كذا قال سيبويه، فأما قول من قال: هي لا ساكنة ولا متحركة فمحال لأنها إذا لم تكن ساكنة فهي متحرّكة وإذا لم تكن متحرّكة فهي ساكنة فيجب على قوله أن تكون ساكنة متحرّكة. والدليل على أنها متحركة قوله: [البسيط] ٥٨٨-
أأن رأت رجلا أعشى أضرّ به ريب المنون ودهر مفند خبل «٢»
فلو قلت: أأن لكان الوزن واحدا. وهمزة بين بين كثيرا ما يغلط فيها، وهي من أصعب ما في النحو، ومن دليل ما قلنا قوله عزّ وجلّ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ [البقرة:
٦] فلو كانت همزة بين بين ساكنة لاجتمع ساكنان، وكذا أرأيت الياء ساكنة وهمزة بين بين متحركة، ومن أسكنها وكسر الياء فقد جاء بما لا يجوز وما لا وجه له ولا تقدير في العربية، ويجوز أن يكون «أرأيت» من رؤية العين فلا يكون في الكلام حذف وأن يكون من رؤية القلب فيكون التقدير: أرأيت الذي يكذّب بالدين بعد ما ظهر له من البراهين أليس مستحقا عذاب الله.
[سورة الماعون (١٠٧) : آية ٢]
فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢)
وقرأ أبو رجاء يَدُعُّ الْيَتِيمَ مخفّفة أي يتركه.
[سورة الماعون (١٠٧) : آية ٣]
وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣)
(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٥١٧، ومعاني الفراء ٣/ ٢٩٤.
(٢) الشاهد للأعشى في ديوانه ١٠٥، والكتاب ٣/ ١٧٦، وجمهرة اللغة ٨٧٢، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٧٥، وشرح شافية ابن الحاجب ٣/ ٤٥، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٦٢، وشرح شواهد الشافية ٣٣٢، ولسان العرب (قبل) و (منن)، وبلا نسبة في شرح المفصّل ٣/ ٨٣، والمقتضب ١/ ١٥٥.
قال الفراء: أي لا يحافظ على طعام المسكين ولا يأمر به.
[سورة الماعون (١٠٧) : الآيات ٤ الى ٥]
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٥)
قال أبو العالية: هو الّذي يسجد ويقول هكذا وهكذا أو التفت عن يمينه وشماله.
قال أبو جعفر: وأولى من هذا القول، لعلوّ من قال به ولصحّته في العربية، ما حدثناه علي بن الحسين عن الحسين عن الحسن بن محمد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن طلحة بن مصرّف عن مصعب بن سعد عن سعد بن مالك قال له رجل: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٥) أهو حديث النفس في الصلاة؟ قال: كلّنا نجد ذلك، ولكنه يضيّعها لوقتها. وفي غير رواية طلحة بن مصرف أن سعدا قال: سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الذين هم عن صلاتهم ساهون قال: الذين يؤخّرونها عن وقتها.
[سورة الماعون (١٠٧) : آية ٦]
الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (٦)
أي لا يصلّون خوفا من عقاب ولا رجاء لثواب، ولكن لينظرهم المسلمون فلا يسفكون دماءهم وهم المنافقون.
[سورة الماعون (١٠٧) : آية ٧]
وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (٧)
قد تكلّم العلماء في معناه كما قرئ على إبراهيم بن موسى عن محمد بن الجهم عن الفراء «١» حدّثني قيس بن الربيع عن السدّي عن عبد خير عن علي رضي الله عنه، قال: الماعون الزكاة، ويروى هذا عن ابن عمر وابن عباس باختلاف، وعن ابن عباس:
الماعون ما يتعاطاه الناس، وحكى الفراء عن بعض العرب الماعون الماء، وأنشد:
[الوافر] ٥٨٩- يمجّ صبيره الماعون صبّا «٢» صبيره: سحابه. قال أبو جعفر: وهذه الأقوال ترجع إلى أصل واحد، وإنما هو الظن بالشيء اليسير الذي يجب ألّا يضنّ به مشتقّ من المعن، وهو الشيء القليل. والله أعلم.
(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٥٩.
(٢) الشاهد بلا نسبة في معاني الفراء ٣/ ٢٩٥، وتفسير الطبري ٣٠/ ٢١٤.
Icon