ﰡ
وهي مكيّة، في قول ابن عباس والكلبي ومقاتل، ومدنية في قول الحسن وعكرمة ومجاهد وقتادة «١».
[الآية: الأولى]
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢).
فَصَلِّ لِرَبِّكَ المراد الأمر له صلّى الله عليه وآله وسلّم بالدوام على إقامة الصلاة المفروضة.
وَانْحَرْ (٢) : البدن التي هي خيار أموال العرب.
قال محمد بن كعب: إن ناسا كانوا يصلون لغير الله، فأمر الله سبحانه نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم أن تكون صلاته ونحره له.
وقال قتادة وعطاء وعكرمة: المراد صلاة العيد ونحر الأضحية.
وقال سعيد بن جبير: صلّ لربك صلاة الصبح المفروضة بجمع «٢»، وانحر البدن في منى.
وقيل: وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة حذاء النحر، قاله محمد بن كعب.
وقيل: هو أن يرفع يديه في الصلاة عند التكبيرة إلى نحره، وقيل: هو أن يستقبل القبلة بنحره، قاله الفراء والكلبي وابن الأحوص.
قال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: نتناحر، أي نتقابل: نحر هذا إلى نحر هذا: أي قبالته.
(٢) يقصد: جمع المزدلفة. [.....]
منازلهم تتناحر أي تتقابل.
وروي عن عطاء أنه قال: أمره أن يستوي بين السجدتين جالسا حتى يبدو نحره.
وقال سليمان التيمي: المعنى وارفع يديك بالدعاء إلى نحرك. وظاهر الآية الأمر له صلّى الله عليه وآله وسلّم بمطلق الصلاة ومطلق النحر وأن يجعلهما لله عز وجل لا لغيره، وما ورد في السنة من بيان هذا المطلق بنوع خاص فهو في حكم التقييد له.
وقد أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في «سننه» والحاكم وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه السورة على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لجبريل: «ما هذه [النحيرة] التي أمرني بها ربي؟ فقال: إنها ليست بنحيرة ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت، وإذا رفعت رأسك من الركوع، فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين هم في السموات السبع، وإن لكل شيء زينة وإن زينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة»، قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «رفع اليدين من الاستكانة التي قال الله: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦) [المؤمنون: ٧٦] ». وهو من طريق مقاتل بن حيان عن الأصبغ عن بنانة عن علي «١».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: «إن الله أوحى إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن ارفع يديك حذاء نحرك إذا كبرت للصلاة فذاك النحر» «٢».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في «تاريخه» وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني في «الأفراد»، وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه والبيهقي في «سننه» عن علي بن أبي طالب في قوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) قال: «وضع يديه اليمنى على وسط ساعد اليسرى ثم وضعهما على صدره في الصلاة» «٣».
(٢) أورده السيوطي في «الدر» (٨/ ٦٥٠) وعزاه لابن مردويه.
(٣) إسناده ضعيف: رواه ابن جرير (٣٠/ ٣٢٥) وابن أبي شيبة في «المصنف» (١/ ٤٢٧)، والبخاري في «الكبير» (٦/ ٤٣٧)، وابن المنذر في «الأوسط» (٣/ ٩١)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (٦/ ٣١٣)، والحاكم (٢/ ٥٣٧)، والبيهقي (٢/ ٢٩، ٣٠)، وضعف ابن كثير إسناد هذا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن شاهين في «سننه» وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس:
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) قال: [وضع اليمنى على الشمال عند التحريم في الصلاة] «٢».
[وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) قال] «٣» :«إذا صليت فرفعت رأسك قائما من الركوع فاستو قائما» «٤».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال: «الصلاة المكتوبة، والذبح يوم الأضحى» «٥».
وأخرج البيهقي في «سننه» عنه وَانْحَرْ (٢) قال: يقول: واذبح يوم النحر «٦».
إلى غير ذلك مما نقله المفسرون.
واللفظ وإن كان واسعا يحتمل الكل إلا أن المتعين هو ما ثبت بالأخبار والآثار كما هو المقرر عند الكبار والأخيار «٧».
وبالله التوفيق ومنه الوصول إلى التحقيق «٨»
(١) إسناده ضعيف: رواه البيهقي (٢/ ٣٠، ٣١)، عن أنس. وعلقه: جهالة حال شيخ عاصم الأحول.
(٢) ما بين [المعقوفين] سقط من المطبوعة، واستدرك من الدر (٨/ ٦٥٠، ٦٥١).
والأثر إسناده ضعيف جدا: رواه البيهقي في «الكبرى» (٢/ ٣١)، وعلته: روح بن المسيب الكلبي. يروي الموضوعات عن الثقات، لا تحل الرواية عنه.
وفيه عمر بن مالك النكري: صدوق له أوهام. وكذا زيد بن حباب: صدوق يخطىء في حديث الثوري.
(٣) ما بين [المعقوفين] سقط من المطبوعة واستدرك من «الدر» (٨/ ٦٥١).
(٤) أورده السيوطي في «الدر» (٨/ ٦٥١).
(٥) أثر ضعيف: رواه ابن جرير (٣٠/ ٣٢٦). وسنده مسلسل بالرواة الضعفاء.
(٦) أثر ضعيف: رواه البيهقي (٩/ ٢٥٩)، وفيه انقطاع بين عليّ بن أبي طلحة وابن عباس. ومعاوية الحضرمي: صدوق له أوهام.
وعبد الله بن صالح: صدوق كثير الغلط، وفيه غفلة.
(٧) انظر: الفراء (٣/ ٢٩٦)، النكت (٤/ ٥٣٢) زاد المسير (٩/ ٢٥٠)، القرطبي (٢٠/ ٢٢)، اللباب (٢٣٥)، ابن كثير (٤/ ٥٩٧، ٥٩٨).
(٨) انتهيت أحمد المزيدي من تحقيقه من عند الآية ٩٢ من سورة النساء إلى سورة الكوثر. والله الموفق لما يحبه ويرضاه.