تفسير سورة الكافرون

تفسير الثعالبي
تفسير سورة سورة الكافرون من كتاب الجواهر الحسان في تفسير القرآن المعروف بـتفسير الثعالبي .
لمؤلفه الثعالبي . المتوفي سنة 875 هـ
مكية، وآياتها ٦، روي في سبب نزول هذه السورة عن ابن عباس وغيره : أن جماعة من صناديد قريش قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم : دع ما أنت فيه ونحن نمولك صلى ونملكك علينا، وإن لم تفعل هذا فلتعبد آلهتنا ونعبد إلهك حتى نشترك، فحيث كان الخير نلناه جميعا. وروي أن هذه الجماعة المذكورة هم الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل وأمية بن خلف وأبي بن خلف وأبو جهل وأبناء الحجاج ونظراؤهم ممن لم يكتب له الإسلام وختم بشقاوته، فاخبرهم صلى الله عليه و سلم عن أمر الله عز وجل أنه لا يعبد ما يعبدون، وأنهم غير عابدي ما يعبد.

تفسير سورة «الكافرون»
وهي مكّيّة إجماعا
[سورة الكافرون (١٠٩) : الآيات ١ الى ٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤)
وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)
رُوِيَ في سَبَبِ نزولِ هذه السورةِ عن ابن عباس وغيرِه «١» أن جماعةً من صناديدِ قريش قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: دَعْ مَا أَنْتَ فيه ونَحْنُ نُمَوِّلُكَ، ونُمَلِّكُكَ عَلَيْنَا، وإن لم تفعلْ هذا فلتعبدْ آلهتَنا، ونَعْبُدُ إلهك، حتى نشتركَ فَحَيْثُ كَانَ الخيرُ نِلْنَاه جميعاً، وَرُوِيَ: أنَّ هذه الجماعةَ المذكورةُ هم: الوليد بن المغيرة، والعاصي بن وائل، وأمية بن خلف، وأُبيُّ بن خلف، وأبو جهل، وأبناءُ الحجاج، ونظراؤهم ممن لم يُكْتَبْ له الإسلام، وحتّم بشقاوته، فأخبرهم صلّى الله عليه وسلّم عن أمر الله- عز وجل- أنه لا يعبدُ ما يعبدونَ وأنهم غيرُ عابدِي ما يَعْبُدُ، ولما كان قوله: لاَ أَعْبُدُ محتملاً أَن يُرَادَ بهِ الآنَ وَيَبْقَى المستأنَفُ منتظَراً، ما يكونُ فيه من عبادتهِ، جاء البيانُ بقوله: وَلا أَنا عابِدٌ مَّا عَبَدْتُّمْ أي: أبداً، ثمَّ جاء قوله: وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ الثاني حَتْماً/ عليهمْ أنَّهم لاَ يؤمِنُونَ به أبداً، كالَّذِي كَشَفَ الغيبَ، ثم زَادَ الأمْرَ بياناً وتَبَرِّياً منهم قولهُ: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ
وقَالَ بعضُ العلماءِ: في هذِه الألْفَاظِ مُهَادَنَةٌ ما وهِيَ منسوخة.
(١) أخرجه الطبري (١٢/ ٦٢٧)، (٣٨٢٢٥)، وذكره ابن عطية (٥/ ٥٣١)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٦٩٢)، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني عن ابن عبّاس.
Icon