أخرج أحمد وأبو عبيد في فضائله والنحاس في ناسخه والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن جبير بن نفير قال : حججت فدخلت على عائشة، فقالت لي : يا جبير تقرأ المائدة ؟ فقلت : نعم. فقالت : أما إنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه، وما وجدتم من حرام فحرموه.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عبد لله بن عمرو قال : آخر سورة نزلت سورة المائدة، والفتح.
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو راكب على راحلته، فلم يستطع أن تحمله فنزل عنها.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر في الصلاة والطبراني وأبو نعيم في الدلائل والبيهقي في شعب الإيمان عن أسماء بنت يزيد قالت : إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت المائدة كلها، فكادت من ثقلها تدق عضد الناقة.
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والبغوي في معجمه وابن مردويه والبيهقي في دلائل النبوة عن أم عمرو بنت عبس عن عمها " أنه كان في مسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت عليه سورة المائدة، فاندق كتف راحلته العضباء من ثقل السورة ".
وأخرج عبد بن حميد في مسنده عن ابن عباس " ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في خطبته سورة المائدة، والتوبة ".
وأخرج أبو عبيد عن محمد بن كعب القرظي قال " نزلت سورة المائدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فيما بين مكة والمدينة وهو على ناقته، فانصدعت كتفها، فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وأخرد بن جرير عن الربيع بن أنس قال : نزلت سورة المائدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسير، في حجة الوداع وهو راكب راحلته، فبركت به راحلته من ثقلها.
وأخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " المائدة من آخر القرآن تنزيلا، فأحلوا حلالها، وحرموا حرامها ".
وأخرج أبو سعيد بن منصور وابن المنذر عن أبي ميسر قال : آخر سورة أنزلت سورة المائدة، وأن فيها لسبع عشرة فريضة.
وأخرج الفريابي وأبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي ميسرة قال : في المائدة ثمان عشرة فريضة ليس في سورة من القرآن غيرها وليس فيها منسوخ. المنخنقة، والموقوذة، والمرتدية، والنطحية، وما أكل السبع، إلا ما ذكيتم، وما ذبح على النصب، وأن تستقسموا بالأزلام، والجوارح مكلبين، وطعام الذين أوتوا الكتاب، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب، وتمام الطهور، وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا، والسارق والسارقة، وما جعل الله من بحيرة الآية.
وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل قال : لم ينسخ من المائدة شيء.
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن المنذر عن ابن عون قال : قلت للحسن : نسخ من المائدة شيء ؟ فقال : لا.
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر والنحاس عن الشعبي قال : لم ينسخ من المائدة إلا هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ) ( المائدة : ٢ ).
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم والنحاس والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : نسخ من هذه السورة آيتان آية. القلائد، وقوله( فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ) ( المائدة : ٤٢ ).
وأخرج البغوي في معجمه من طريق عبدة بن أبي لبابة قال : بلغني عن سالم مولى أبي حذيفة قال " كانت لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة، فأتيت المسجد فوجدته قد كبر، فتقدمت قريبا منه، فقرأ بسورة البقرة، وسورة النساء، وبسورة المائدة، وبسورة الأنعام، ثم ركع، فسمعته يقول سبحان ربي العظيم، ثم قام فسجد، فسمعته يقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا في كل ركعة ".
ﰡ
- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَوْفوا بِالْعُقُودِ﴾ يَعْنِي بالعهود مَا أحل الله وَمَا حرم وَمَا فرض وَمَا حدَّ فِي الْقُرْآن كُله لاتغدروا وَلَا تنكثوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أَوْفوا بِالْعُقُودِ﴾ أَي بِعقد الْجَاهِلِيَّة ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول أَوْفوا بِعقد الْجَاهِلِيَّة ولاتحدثوا عقدا فِي الْإِسْلَام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أَوْفوا بِالْعُقُودِ﴾ قَالَ: بالعهود وَهِي عُقُود الْجَاهِلِيَّة الْحلف
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عُبَيْدَة قَالَ: الْعُقُود خمس: عقدَة الْإِيمَان وعقدة النِّكَاح وعقدة البيع وعقدة الْعَهْد وعقدة الْحلف
وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: الْعُقُود خمس: عقدَة الْإِيمَان وعقدة النِّكَاح وعقدة البيع وعقدة الْعَهْد وعقدة الْحلف
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ: هَذَا كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عندنَا الَّذِي كتبه لعَمْرو بن حزم حِين بَعثه إِلَى الْيمن يفقِّه أَهلهَا وَيُعلمهُم السّنة وَيَأْخُذ صَدَقَاتهمْ فَكتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
هَذَا كتاب من الله وَرَسُوله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَوْفوا بِالْعُقُودِ﴾ عهدا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم أمره بتقوى الله فِي أمره كُله ﴿إِن الله مَعَ الَّذين اتَّقوا وَالَّذين هم محسنون﴾
وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَدّوا للحلفاء عقودهم الَّتِي عاقدت أَيْمَانكُم
قَالُوا: وَمَا عقدهم يَا رَسُول الله قَالَ: الْعقل عَنْهُم والنصرلهم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: بلغنَا فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَوْفوا بِالْعُقُودِ﴾ يَقُول: أَوْفوا بالعهود يَعْنِي الْعَهْد الَّذِي كَانَ عهد اليهم فِي الْقُرْآن فِيمَا أَمرهم من طَاعَته أَن يعملوا بهَا وَنَهْيه الَّذِي نَهَاهُم عَنهُ وبالعهد الَّذِي بَينهم وَبَين الْمُشْركين وَفِيمَا يكون من العهود بَين النَّاس
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى ﴿أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام﴾ قَالَ: يَعْنِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: أهل القباب الْحمر والن عَم [وَالنعَم] المؤثل والقبائل وَأخرج عبد بن حميد ابْن جرير ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام﴾ قَالَ: الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس
أَنه أَخذ بذنب الْجَنِين فَقَالَ: هَذَا من بَهِيمَة الْأَنْعَام الَّتِي أحلَّت لكم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر فِي قَوْله ﴿أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام﴾ قَالَ: مَا فِي بطونها
قلت: إِن خرج مَيتا آكله قَالَ: نعم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام﴾ قَالَ: الْأَنْعَام كلهَا ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم﴾ قَالَ: إِلَّا الْميتَة ومالم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم﴾ قَالَ ﴿الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل لغير الله بِهِ﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم﴾ قَالَ: إِلَّا الْميتَة وماذكر مَعهَا ﴿غير محلي الصَّيْد وَأَنْتُم حرم﴾ قَالَ: غير أَن يحل الصَّيْد أحد وَهُوَ محرم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن أَيُّوب قَالَ: سُئِلَ مُجَاهِد عَن القرد أيؤكل لَحْمه فَقَالَ: لَيْسَ من بَهِيمَة الْأَنْعَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: الْأَنْعَام كلهَا حل الاما كَانَ مِنْهَا وحشياً فَإِنَّهُ صيد فلايحل إِذا كَانَ محرما
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِن الله يحكم مَا يُرِيد﴾ قَالَ: إِن الله يحكم ماأراد فِي خلقه وَبَين مااراد فِي عباده وَفرض فَرَائِضه وحدَّ حُدُوده وَأمر بِطَاعَتِهِ وَنهى عَن مَعْصِيَته
- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَا تحلوا شَعَائِر الله﴾ قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يحجون الْبَيْت الْحَرَام ويهدون الْهَدَايَا ويعظمون حُرْمَة المشاعر وينحرون فِي حجهم فَأَرَادَ الْمُسلمُونَ أَن يُغيرُوا عَلَيْهِم فَقَالَ الله ﴿لَا تحلوا شَعَائِر الله﴾ وَفِي قَوْله ﴿وَلَا الشَّهْر الْحَرَام﴾ يَعْنِي لاتستحلوا قتالاً فِيهِ ﴿وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام﴾ يَعْنِي من توجه قبل الْبَيْت فَكَانَ
ماأمرت بِهِ ﴿وَالتَّقوى﴾ مانهيت عَنهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: شَعَائِر الله مَا نهى الله عَنهُ أَن تصيبه وَأَنت محرم وَالْهَدْي مالم يقلدوا القلائد مقلدات الْهَدْي ﴿وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام﴾ يَقُول: من توجه حَاجا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَا تحلوا شَعَائِر الله﴾ قَالَ: مَنَاسِك الْحَج
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿لَا تحلوا شَعَائِر الله﴾ قَالَ: معالم الله فِي الْحَج
وَأخرج ابْن جرير وَابْن المنذرعن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن شَعَائِر الْحَج فَقَالَ: حرمات الله اجْتِنَاب سخط الله وَاتِّبَاع طَاعَته فَذَلِك شَعَائِر الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحلوا شَعَائِر الله وَلَا الشَّهْر الْحَرَام وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام﴾ قَالَ: مَنْسُوخ كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا خرج من بَيته يُرِيد الْحَج تقلد من السمر فَلم يعرض لَهُ أحد واذا تقلد بقلادة شعر لم يعرض لَهُ أحد وَكَانَ الْمُشرك يَوْمئِذٍ لايصد عَن الْبَيْت فَأمر الله أَن لايقاتل الْمُشْركُونَ فِي الشَّهْر الْحَرَام ولاعند الْبَيْت ثمَّ نسخهَا قَوْله ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ التَّوْبَة الْآيَة ٥
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: نسخ مِنْهَا ﴿آمّين الْبَيْت الْحَرَام﴾ نسختها الْآيَة الَّتِي فِي بَرَاءَة ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ وَقَالَ ﴿مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسَاجِد الله شَاهِدين على أنفسهم بالْكفْر﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿لَا تحلوا شَعَائِر الله﴾ الْآيَة
قَالَ: نسختها ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ التَّوْبَة الْآيَة ٥
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك
مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: كَانُوا يتقلدون من لحاء شجر الْحرم يأمنون بذلك إِذا خَرجُوا من الْحرم فَنزلت ﴿لَا تحلوا شَعَائِر الله وَلَا الشَّهْر الْحَرَام وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿لَا تحلوا شَعَائِر الله﴾ قَالَ: القلائد
اللحاء فِي رِقَاب النَّاس والبهائم أَمَانًا لَهُم والصفا والمروة وَالْهَدْي وَالْبدن كل هَذَا من شَعَائِر الله قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا كُله عمل أهل الْجَاهِلِيَّة فعله وإقامته فَحرم الله ذَلِك كُله بِالْإِسْلَامِ إِلَّا اللحاء القلائد ترك ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: أما القلائد
فَإِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا ينزعون من لحاء السمر فيتخذون مِنْهَا قلائد يأمنون بهَا فِي النَّاس فَنهى الله عَن ذَلِك أَن ينْزع من شجر الْحرم
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿وَلَا الشَّهْر الْحَرَام﴾ قَالَ: هُوَ ذُو الْقعدَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحُدَيْبِية وَأَصْحَابه حِين صدهم الْمُشْركُونَ عَن الْبَيْت وَقد اشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِم فَمر بهم أنَاس من الْمُشْركُونَ من أهل الْمشرق يُرِيدُونَ الْعمرَة فَقَالَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نصد هَؤُلَاءِ كَمَا صدنَا أَصْحَابنَا فَأنْزل الله ﴿وَلَا يجرمنكم﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: أقبل الحطم بن هِنْد الْبكْرِيّ حَتَّى أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَاهُ فَقَالَ: إلام تَدْعُو فَأخْبرهُ وَقد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه يدْخل الْيَوْم عَلَيْكُم رجل من ربيعَة يتَكَلَّم بِلِسَان شَيْطَان فَلَمَّا أخبرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: انْظُرُوا لعَلي أسلم ولي من أشاوره فَخرج من عِنْده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
قَالَ: أَنه قد قلد قَالُوا: إِنَّمَا هُوَ شَيْء كُنَّا نصنعه فِي الْجَاهِلِيَّة فَأبى عَلَيْهِم فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: قدم الحطم بن هِنْد الْبكْرِيّ الْمَدِينَة فِي عير لَهُ تحمل طَعَاما فَبَاعَهُ ثمَّ دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَايعهُ وَأسلم فَلَمَّا ولى خَارِجا نظر اليه فَقَالَ لمن عِنْده لقد دخل عليَّ بِوَجْه فَاجر وَولى بقفا غادر فَلَمَّا قدم الْيَمَامَة ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَخرج فِي عير لَهُ تحمل الطَّعَام فِي ذِي الْقعدَة يُرِيد مَكَّة فَلَمَّا سمع بِهِ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تهَيَّأ لِلْخُرُوجِ اليه نفر من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار ليقتطعوه فِي عيره فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحلوا شَعَائِر الله﴾ الْآيَة
فَانْتهى الْقَوْم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام﴾ قَالَ: هَذَا يَوْم الْفَتْح جَاءَ النَّاس يؤمُّونَ الْبَيْت من الْمُشْركين يهلون بِعُمْرَة فَقَالَ الْمُسلمُونَ: يَا رَسُول الله إِنَّمَا هَؤُلَاءِ مشركون فَمثل هَؤُلَاءِ فَلَنْ ندعهم إِلَّا أَن نغير عَلَيْهِم فَنزل الْقُرْآن ﴿وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام يَبْتَغُونَ فضلا من رَبهم ورضواناً﴾ قَالَ: يَبْتَغُونَ الْأجر وَالتِّجَارَة حرم الله على كل أحد إخافتهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿يَبْتَغُونَ فضلا من رَبهم ورضواناً﴾ قَالَ: هِيَ للْمُشْرِكين يَلْتَمِسُونَ فضل الله ورضواناً نَمَاء يصلح لَهُم دنياهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: خمس آيَات فِي كتاب الله رخصَة وَلَيْسَت بعزمة ﴿وَإِذا حللتم فاصطادوا﴾ إِن شَاءَ اصطاد وَإِن شَاءَ لم يصطد ﴿فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا﴾ الْجُمُعَة الْآيَة ١٠
﴿أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ١٨٤ ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا﴾ الْحَج الْآيَة ٢٨
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَلَا يجرمنكم شنآن قوم﴾ قَالَ: لَا يحملنكم بغض قوم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله ﴿وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام﴾ قَالَ: الَّذين يُرِيدُونَ الْحَج ﴿يَبْتَغُونَ فضلا من رَبهم﴾ قَالَ: التِّجَارَة فِي الْحَج ﴿ورضواناً﴾ قَالَ: الْحَج ﴿وَلَا يجرمنكم شنآن قوم﴾ قَالَ: عَدَاوَة قوم ﴿وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى﴾ قَالَ: الْبر
ماأمرت بِهِ وَالتَّقوى
مانهيت عَنهُ
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد فِي هَذِه الْآيَة وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن وابصة قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا لَا أُرِيد أَن أدع شَيْئا من الْبر وَالْإِثْم إِلَّا سَأَلته عَنهُ فَقَالَ لي ياوابصة أخْبرك عَمَّا جِئْت تسْأَل عَنهُ أم تسْأَل قلت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي قَالَ: جِئْت لتسأل عَن الْبر والاثم ثمَّ جمع أَصَابِعه الثَّلَاث فَجعل ينكت بهَا فِي صَدْرِي وَيَقُول: يَا وابصة استفت قَلْبك استفت نَفسك الْبر: مااطمأن اليه الْقلب واطمأنت اليه النَّفس وَالْإِثْم: ماحاك فِي الْقلب وَتردد فِي الصَّدْر وَإِن أَفْتَاك النَّاس وأفتوك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن النّواس بن سمْعَان قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْبر والاثم فَقَالَ ماحاك فِي نَفسك فَدَعْهُ قَالَ: فَمَا الْإِيمَان قَالَ: من ساءته سيئته وسرته حسنته فَهُوَ مُؤمن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الاثم حوّاز الْقُلُوب فَإِذا حز فِي قلب أحدكُم شَيْء فليدعه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِثْم حوّاز الْقُلُوب وَمَا من نظرة إِلَّا وللشيطان فِيهَا مطمع
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مامن رجل ينعش لِسَانه حَقًا يعْمل بِهِ إِلَّا أجْرى عَلَيْهِ أجره إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ بوَّأه الله ثَوَابه يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ فِيمَا يُخَاطب ربه عز وَجل: يَا رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك أحبه بحبك قَالَ: يَا دَاوُد أحب عبَادي إليّ نقي الْقلب نقي الْكَفَّيْنِ لَا يَأْتِي إِلَى أحد سوءا وَلَا يمشي بالنميمة تَزُول الْجبَال وَلَا يَزُول أَحبَّنِي وَأحب من يحبني وحببني إِلَى عبَادي قَالَ: يَا رب إِنَّك لتعلم إِنِّي أحبك وَأحب من يجبك فَكيف أحببك إِلَى عِبَادك قَالَ: ذكرهم بآلائي وبلائي ونعمائي يَا دَاوُد إِنَّه لَيْسَ من عبد يعين مَظْلُوما أَو يمشي مَعَه فِي مظلمته إِلَّا أُثَبِّتُ قَدَمَيْهِ يَوْم تزل الْأَقْدَام
وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من رد عَن عرض أَخِيه رد الله عَن وَجهه النَّار يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أعَان على قتل مُؤمن وَلَو بِشَطْر كلمة لَقِي الله مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ آيس من رَحْمَة الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أعَان ظَالِما بباطل ليدحض بِهِ حَقًا فقد برىء من ذمَّة الله وَرَسُوله
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعَان على خُصُومَة بِغَيْر حق كَانَ فِي سخط الله حَتَّى ينْزع
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أَوْس ابْن شُرَحْبِيل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَشى مَعَ ظَالِم ليعينه وهويعلم أَنه ظَالِم فقد خرج من الْإِسْلَام
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق فسيلة
أَنَّهَا سَمِعت أَبَاهَا وَهُوَ وَاثِلَة بن الْأَسْقَع يَقُول: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمن الْمعْصِيَة أَن يحب الرجل قومه قَالَ لَا وَلَكِن من الْمعْصِيَة أَن يعين الرجل قومه على الظُّلم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَشى مَعَ قوم يرى أَنه شَاهد وَلَيْسَ بِشَاهِد فَهُوَ شَاهد زور وَمن أعَان على خُصُومَة بِغَيْر علم كَانَ فِي سخط الله حَتَّى ينْزع وقتال الْمُسلم كفر وسبابه فسوق
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعَان قوما على ظلم فَهُوَ كالبعير المتردي فَهُوَ ينْزع بِذَنبِهِ
وَلَفظ الْحَاكِم: مثل الَّذِي يعين قومه على غير الْحق كَمثل الْبَعِير يتردى فَهُوَ يمد بِذَنبِهِ
- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قومِي أدعوهم إِلَى الله وَرَسُوله وَأعْرض عَلَيْهِم شَعَائِر الْإِسْلَام فأتيتهم فَبَيْنَمَا نَحن كَذَلِك إِذْ جاؤوا بقصعة دم واجتمعوا عَلَيْهَا يأكلونها
قلت: وَيحكم
إِنَّمَا أتيتكم من عِنْد من يحرِّم هَذَا عَلَيْكُم وَأنزل الله عَلَيْهِ
قَالُوا: وماذاك قَالَ: فتلوت عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة ﴿حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن قَتَادَة قَالَ: إِذا أكل لحم الْخِنْزِير عرضت عَلَيْهِ التَّوْبَة فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمَا أهل لغير الله بِهِ﴾ قَالَ: ماأهل للطواغيت بِهِ ﴿والمنخنقة﴾ قَالَ: الَّتِي تخنق فتموت ﴿والموقوذة﴾ الَّتِي تضرب بالخشبة فتموت ﴿والمتردية﴾ قَالَ: الَّتِي تتردى من الْجَبَل فتموت ﴿والنطيحة﴾ قَالَ: الشَّاة الَّتِي تنطح الشَّاة ﴿وَمَا أكل السَّبع﴾ يَقُول: ماأخذ السَّبع ﴿إِلَّا مَا ذكيتم﴾ يَقُول: ماذبحتم من ذَلِك وَبِه روح فكلوه ﴿وَمَا ذبح على النصب﴾ قَالَ: النصب
إنصاب كَانُوا يذبحون ويهلون عَلَيْهَا ﴿وَأَن تستقسموا بالأزلام﴾ قَالَ: هِيَ القداح كَانُوا يستقسون بهَا فِي الْأُمُور ﴿ذَلِكُم فسق﴾ يَعْنِي من أكل من ذَلِك كُله فَهُوَ فسق
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى ﴿والمنخنقة﴾ قَالَ: كَانَت الْعَرَب تخنق الشَّاة فَإِذا مَاتَت أكلُوا لَحمهَا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت امرىء الْقَيْس وَهُوَ يَقُول: يغط غطيط الْبكر شدّ خناقه ليقتلني والمرء لَيْسَ بِقِتَال قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿والموقوذة﴾ قَالَ: الَّتِي تضرب بالخشب حَتَّى تَمُوت
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: يلوينني دين النَّهَار واقتضي ديني إِذا وقذ النعاس الرقدا قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿والأنصاب﴾ قَالَ: الأنصاب
الْحِجَارَة الَّتِي كَانَت الْعَرَب تعبدها من دون الله وتذبح لَهَا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان وَهُوَ يَقُول: فَلَا لعمر الَّذِي مسحت كعبته وَمَا هريق على الأنصاب من جَسَد قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿وَإِن تستقسموا بالأزلام﴾ قَالَ: الأزلام
القداح كَانُوا يستقسمون الْأُمُور بهَا مَكْتُوب على أَحدهمَا أَمرنِي رَبِّي وعَلى الآخر نهاني ربّي
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الحطيئة وَهُوَ يَقُول: لايزجر الطير إِن مرت بِهِ سنحاً ولايفاض على قدح بأزلام وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أرمي بالمعراض الصَّيْد فأصيب فَقَالَ: إِذا رميت بالمعراض فخزق فكله وَإِن أَصَابَهُ بعرضه فَإِنَّمَا هُوَ وقيذ فلاتأكله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الرادة الَّتِي تتردى فِي الْبِئْر والمتردية الَّتِي تتردى من الْجَبَل
وَأخرج عَن أبي ميسرَة أَنه كَانَ يقْرَأ (والمنطوحة)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (وأكيل السَّبع)
وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ قَالَ: إِذا أدْركْت ذَكَاة الموقوذة والمتردية والنطيحة وَهِي تحرّك يدا أَو رجلا فَكلهَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لاتأكل الشريطة فَإِنَّهَا ذَبِيحَة الشَّيْطَان قَالَ ابْن الْمُبَارك: هِيَ أَن تخرج الرّوح مِنْهُ بِشَرْط من غير قطع حلقوم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمَا ذبح على النصب﴾ قَالَ: كَانَت حِجَارَة حول الْكَعْبَة يذبح عَلَيْهَا أهل الْجَاهِلِيَّة ويبدلونها بحجارة: إِذا شاؤوا أعجب اليهم مِنْهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِن تستقسموا بالأزلام﴾ قَالَ: سِهَام الْعَرَب وكعاب فَارس الَّتِي يتقامرون بهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَإِن تستقسموا بالأزلام﴾ قَالَ: القداح كَانُوا إِذا أَرَادوا أَن يخرجُوا فِي سفر جعلُوا قداحاً لِلْخُرُوجِ وللجلوس فَإِن وَقع الْخُرُوج خَرجُوا وَإِن وَقع الْجُلُوس جَلَسُوا
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَإِن تستقسموا بالأزلام﴾ قَالَ: حَصى بيض كَانُوا يضْربُونَ بهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا أَرَادوا أمرا أَو سفرا يَعْمِدُونَ إِلَى قداح ثَلَاثَة على وَاحِد مِنْهَا مَكْتُوب أَمرنِي وعَلى الآخر إنهني ويتركون الآخر محللاً بَينهمَا عَلَيْهِ شَيْء ثمَّ يجيلونها فَإِن خرج الَّذِي عَلَيْهِ مرني مضوا لأمرهم وَإِن خرج الَّذِي عَلَيْهِ إنهني كفوا وَإِن خرج الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء أعادوها
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن يلج الدَّرَجَات العلى من تكهَّن أَو استقسم أَو رَجَعَ من سفر تطيراً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ﴾ قَالَ: يئسوا أَن ترجعوا إِلَى دينهم أبدا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ﴾ يَقُول: يئس أهل مَكَّة أَن ترجعوا إِلَى دينهم عبَادَة الاوثان أبدا ﴿فَلَا تخشوهم﴾ فِي اتِّبَاع مُحَمَّد ﴿واخشوني﴾ فِي عبَادَة الْأَوْثَان وَتَكْذيب مُحَمَّد فَلَمَّا كَانَ وَاقِفًا بِعَرَفَات نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل وَهُوَ رَافع يَده والمسلمون يدعونَ الله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ يَقُول: حلالكم وحرامكم فَلم ينزل بعد هَذَا حَلَال ولاحرام ﴿وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي﴾ قَالَ: منتي فَلم يحجّ مَعكُمْ مُشْرك ﴿ورضيت﴾ يَقُول: واخترت ﴿لكم الْإِسْلَام دينا﴾ مكث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نزُول هَذِه الْآيَة إِحْدَى وَثَمَانِينَ يَوْمًا ثمَّ قَبضه الله إِلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ فَلَا تخشوهم واخشون الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ قَالَ: هَذَا حِين فعلت
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿فَلَا تخشوهم واخشون﴾ قَالَ: فَلَا تخشوهم ان يظهروا عَلَيْكُم
وَأخرج مُسلم عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الشَّيْطَان قد يئس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة الْعَرَب وَلَكِن فِي التحريش بَينهم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان قد أيس أَن يعبد بأرضكم هَذِه وَلكنه رَاض مِنْكُم بِمَا تحقرون
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان قد يئس أَن تعبد الْأَصْنَام بِأَرْض الْعَرَب وَلَكِن سيرضى مِنْكُم بِدُونِ ذَلِك بالمحقرات وَهِي
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أخبر الله نبيه وَالْمُؤمنِينَ أَنه قد أكمل لَهُم الْإِيمَان فَلَا تحتاجون إِلَى زِيَادَة أبدا وَقد أتمه فَلَا ينقص أبدا وَقد رضيه فلايسخطه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ قَالَ: أخْلص الله لَهُم دينهم وَنفى الْمُشْركين عَن الْبَيْت قَالَ: وبلغنا أَنَّهَا أنزلت يَوْم عَرَفَة ووافقت يَوْم جُمُعَة
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة يَوْم جُمُعَة حِين نفى الله الْمُشْركين عَن الْمَسْجِد الْحَرَام وأخلص للْمُسلمين حجهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ والمسلمون يحجون جَمِيعًا فَلَمَّا نزلت بَرَاءَة فنفي الْمُشْركُونَ عَن الْبَيْت الْحَرَام وَحج الْمُسلمُونَ لايشاركهم فِي الْبَيْت الْحَرَام أحد من الْمُشْركين فَكَانَ ذَلِك من تَمام النِّعْمَة وَهُوَ قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ قَالَ: تَمام الْحَج وَنفي الْمُشْركين عَن الْبَيْت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَاقِف بِعَرَفَات وَقد أطاف بِهِ النَّاس وتهدمت منار الْجَاهِلِيَّة ومناسكهم واضمحل الشّرك وَلم يطف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلم يحجّ مَعَه فِي ذَلِك الْعَام مُشْرك فَأنْزل الله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة وَهُوَ بِعَرَفَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ وَكَانَ إِذا أَعْجَبته آيَات جَعلهنَّ صدر السُّورَة قَالَ: وَكَانَ جِبْرِيل يعلم كَيفَ ينْسك
وَأخرج الْحميدِي وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن طَارق بن شهَاب قَالَ قَالَت الْيَهُود لعمر: إِنَّكُم تقرأون آيَة فِي كتابكُمْ لَو علينا معشر الْيَهُود نزلت لاتّخذنا ذَلِك الْيَوْم عيداً
قَالَ: وَأي آيَة قَالُوا ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي﴾
وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانُوا عِنْد عمر فَذكرُوا هَذِه الْآيَة فَقَالَ رجل من أهل الْكتاب: لَو علمنَا أَي يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة لاتخذناه عيداً
فَقَالَ عمر: الْحَمد لله الَّذِي جعله لنا عيداً وَالْيَوْم الثَّانِي نزلت يَوْم عَرَفَة وَالْيَوْم الثَّانِي يَوْم النَّحْر فأكمل لنا الْأَمر فَعلمنَا أَن الْأَمر بعد ذَلِك فِي انتقاص
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عنترة قَالَ: لما نزلت ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ وَذَلِكَ يَوْم الْحَج الْأَكْبَر بَكَى عمر فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مايبكيك قَالَ: أبكاني أَنا كُنَّا فِي زِيَادَة من ديننَا فَأَما إِذْ كمل فَإِنَّهُ يكمل شَيْء قطّ إِلَّا نقص
فَقَالَ: صدقت
وَأخرج ابْن جرير عَن قبيصَة بن أبي ذُؤَيْب قَالَ: قَالَ كَعْب: لَو أَن غير هَذِه الْأمة نزلت عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة لنظروا الْيَوْم الَّذِي أنزلت فِيهِ عَلَيْهِم فاتخذوه عيداً يَجْتَمعُونَ فِيهِ فَقَالَ عمر: وَأي آيَة ياكعب فَقَالَ ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ فَقَالَ عمر: لقد علمت الْيَوْم الَّذِي أنزلت وَالْمَكَان الَّذِي نزلت فِيهِ نزلت فِي يَوْم جُمُعَة وَيَوْم عَرَفَة وَكِلَاهُمَا بِحَمْد الله لنا عيد
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ فَقَالَ يَهُودِيّ: لَو نزلت هَذِه الْآيَة علينا لاتخذنا يَوْمهَا عيداً
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فَإِنَّهَا نزلت فِي يَوْم عيدين اثْنَيْنِ: فِي يَوْم جُمُعَة يَوْم عَرَفَة
وَأخرج ابْن جرير عَن عِيسَى بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الدِّيوَان فَقَالَ لنا نَصْرَانِيّ: ياأهل الْإِسْلَام لقد أنزلت عَلَيْكُم آيَة لَو أنزلت علينا لاتخذنا ذَلِك الْيَوْم وَتلك السَّاعَة عيدا مابقى منا اثْنَان ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ فَلم يجبهُ أحد منا فَلَقِيت مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: ألارددتم عَلَيْهِ فَقَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: أنزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَاقِف على الْجَبَل يَوْم عَرَفَة فلايزال ذَلِك الْيَوْم عيد للْمُسلمين مابقي مِنْهُم أحد
وَأخرج ابْن جرير عَن دَاوُد قَالَ: قلت لعامر الشّعبِيّ ان الْيَهُود تَقول كَيفَ لم
قلت لَهُ: فَأَي يَوْم هُوَ قَالَ: يَوْم عَرَفَة أنزل الله فِي يَوْم عَرَفَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ قَائِم عَشِيَّة عَرَفَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَمْرو بن قيس السكونِي
أَنه سمع مُعَاوِيَة ابْن أبي سُفْيَان على الْمِنْبَر ينْزع بِهَذِهِ الْآيَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ حَتَّى خَتمهَا
فَقَالَ: نزلت فِي يَوْم عَرَفَة فِي يَوْم جُمُعَة
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِعَرَفَة وَاقِف يَوْم الْجُمُعَة
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِعَرَفَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ولد نَبِيكُم يَوْم الِاثْنَيْنِ ونبأ يَوْم الِاثْنَيْنِ وَخرج من مَكَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَدخل الْمَدِينَة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَفتح مَكَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وأنزلت سُورَة الْمَائِدَة يَوْم الِاثْنَيْنِ ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ وَتُوفِّي يَوْم الِاثْنَيْنِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ لما نصب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا يَوْم غَدِير خم فَنَادَى لَهُ بِالْولَايَةِ هَبَط جِبْرِيل عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما كَانَ يَوْم غَدِير خم وَهُوَ يَوْم ثَمَانِي عشر من ذِي الْحجَّة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ
فَأنْزل الله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ قَالَ: هَذَا نزل يَوْم عَرَفَة فَلم ينزل بعْدهَا حرَام ولاحلال وَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَاتَ فَقَالَت أَسمَاء بنت عُمَيْس: حججْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ الْحجَّة فَبَيْنَمَا نَحن نسير إِذْ تجلى لَهُ جِبْرِيل على الرَّاحِلَة فَلم تطق الرَّاحِلَة من ثقل ماعليها من الْقُرْآن فبركت فَأَتَيْته فسجيت عَلَيْهِ بردا كَانَ عليّ
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿ورضيت لكم الإِسلام دينا﴾ أخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَنه يمثل لأهل كل دين دينهم يَوْم الْقِيَامَة فَأَما الْإِيمَان فيبشر أَصْحَابه وَأَهله ويعدهم إِلَى الْخَيْر حَتَّى يَجِيء الْإِسْلَام فَيَقُول: رب أَنْت السَّلَام وَأَنا الْإِسْلَام فَيَقُول: إياك الْيَوْم أقبل وَبِك الْيَوْم أجزي
وَأخرج أَحْمد عَن عَلْقَمَة بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: حَدثنِي رجل قَالَ: كنت فِي مجْلِس عمر بن الْخطاب فَقَالَ عمر لرجل من الْقَوْم: كَيفَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينعَت الْإِسْلَام قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الْإِسْلَام بَدَأَ جذعاً ثمَّ ثنياً ثمَّ رباعياً ثمَّ سدسياً ثمَّ بازلاً
قَالَ عمر: فَمَا بعد البزول إِلَّا النُّقْصَان
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَمن اضْطر﴾ يَعْنِي إِلَى ماحرم مِمَّا سمي فِي صدر هَذِه السُّورَة ﴿فِي مَخْمَصَة﴾ يَعْنِي مجاعَة ﴿غير متجانف لإثم﴾ يَقُول: غير معتدٍ لإثم
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿فِي مَخْمَصَة﴾ قَالَ: فِي مجاعَة وحهد
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: تبيتون فِي المشتى ملاء بطونكم وجاراتكم غرتي يبتن خمائصا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَمن اضْطر فِي مَخْمَصَة غير متجانف لإثم﴾ قَالَ: فِي مجاعَة غير متعرض لإثم
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: رخص للْمُضْطَر إِذا كَانَ غير متعمد لإثم أَن يَأْكُلهُ من جهد فَمن بغى أَو عدا أَو خرج فِي مَعْصِيّة الله فَإِنَّهُ محرم عَلَيْهِ أَن يَأْكُلهُ
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ أَنهم قَالُوا يارسول الله إِنَّا بِأَرْض تصيبنا بهَا المخمصة فَمَتَى تحل لنا الْميتَة قَالَ: إِذا لم تصطبحوا وَلم تغتبقوا وَلم تحتفئوا بقلاً فشأنكم بهَا
أَنه قَالَ يارسول الله مايحل لنا من الْميتَة فَقَالَ: ماطعامكم قُلْنَا: نغتبق ونصطبح
قَالَ عقبَة: قدح غدْوَة وقدح عَشِيَّة
قَالَ: ذَاك
وأبى الْجُوع وَأحل لَهُم الْميتَة على هَذِه الْحَال وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا رويت أهلك من اللَّبن غبوقا فاجتنب مانهى الله عَنهُ من ميتَة
- أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي رَافع قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ فَأذن لَهُ فَأَبْطَأَ فَأخذ رِدَاءَهُ فَخرج فَقَالَ: قد أذنا لَك قَالَ: أجل وَلَكنَّا لاندخل بَيْتا فِيهِ كلب ولاصورة فنظروا فَإِذا فِي بعض بُيُوتهم جرو
قَالَ أَبُو رَافع: فَأمرنِي أَن أقتل كل كلب بِالْمَدِينَةِ فَفعلت وجاءالناس فَقَالُوا: يارسول الله مَاذَا يحل لنا من هَذِه الْأمة الَّتِي أمرت بقتلها فَسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿يَسْأَلُونَك مَاذَا أحل لَهُم قل أحل لكم الطَّيِّبَات وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح مكلبين﴾ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أرسل الرجل كَلْبه وَذكر اسْم الله فَأمْسك عَلَيْهِ فَليَأْكُل مالم يَأْكُل
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا رَافع فِي قتل الْكلاب فَقتل حَتَّى بلغ العوالي فَدخل عَاصِم بن عدي وَسعد بن خَيْثَمَة وعويم بن سَاعِدَة فَقَالُوا: مَاذَا أحل لنا يارسول الله فَنزلت ﴿يَسْأَلُونَك مَاذَا أحل لَهُم﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ لما أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الْكلاب قَالُوا: يارسول الله مَاذَا أحل لنا من هَذِه الْأمة فَنزلت ﴿يَسْأَلُونَك مَاذَا أحل لَهُم﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير أَن عدي بن حَاتِم وَزيد بن المهلهل
فَمَاذَا يحل لنا فَنزلت ﴿يَسْأَلُونَك مَاذَا أحل لَهُم قل أحل لكم الطَّيِّبَات﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَامر
أَن عدي بن حَاتِم الطَّائِي أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن صيد الْكلاب فَلم يدر مايقول لَهُ حَتَّى أنزل الله عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة فِي الْمَائِدَة ﴿تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن رعوة بن الزبير عَمَّن حَدثهُ أَن رجلا من الْأَعْرَاب أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستفتيه فِي الَّذِي حرم الله عَلَيْهِ وَالَّذِي أحل لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يحل لَك الطَّيِّبَات وَيحرم عَلَيْك الْخَبَائِث إِلَّا ان تفتقرالى طَعَام لَك فتأكل مِنْهُ حَتَّى تَسْتَغْنِي عَنهُ
فَقَالَ الرجل: ومافقري الَّذِي يحل لي وَمَا غناي الَّذِي يغنيني عَن ذَلِك قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كنت ترجو نتاجاً فتبلغ من لُحُوم ماشيتك إِلَى نتاجك أَو كنت ترجو غنى تطلبه فتبلغ من ذَلِك شَيْئا فاطعم أهلك مابدا لَك حَتَّى تَسْتَغْنِي عَنهُ
فَقَالَ الْأَعرَابِي: ماغناي الَّذِي أَدَعهُ إِذا وجدته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أرويت أهلك غبوقاً من اللَّيْل فاجتنب ماحرم الله عَلَيْك من طَعَام وَأما مَالك فَإِنَّهُ ميسور كُله لَيْسَ فِيهِ حرَام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن صَفْوَان بن أُميَّة أَن عرفطة بن نهيك التَّمِيمِي قَالَ: يارسول الله إِنِّي وَأهل بَيْتِي يرْزقُونَ من هَذَا الصَّيْد وَلنَا فِيهِ قسم وبركة وَهُوَ مشغلة عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فِي جمَاعَة وبنا اليه حَاجَة أفتحله أم أحرمهُ قَالَ: أحله لِأَن الله قد أحله نعم الْعَمَل وَالله أولى بالعذر قد كَانَت قبلي لله رسل كلهم يصطادون وَيطْلبُونَ الصَّيْد وَيَكْفِيك من الصَّلَاة فِي جمَاعَة إِذا غبت غبت عَنْهَا فِي طلب الرزق حبك الْجَمَاعَة وَأَهْلهَا وحبك ذكر الله وَأَهله وابتغ على نَفسك وَعِيَالك حَلَالا فَإِن فِي ذَلِك جِهَاد فِي سَبِيل الله وَاعْلَم أَن عون الله فِي صَالح التُّجَّار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح مكلبين﴾ قَالَ: هِيَ الْكلاب المعلمة والبازي يعلم الصَّيْد والجوارح يَعْنِي: الْكلاب والفهود والصقور وأشباهها والمكلبين الضوراي ﴿فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم﴾ يَقُول: كلوا مِمَّا قتلن فَإِن قتل وَأكل فَلَا تَأْكُل ﴿واذْكُرُوا اسْم الله عَلَيْهِ﴾ يَقُول: إِذا أرْسلت جوارحك فَقل بِسم الله وَإِن نسيت فَلَا حرج
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿من الْجَوَارِح مكلبين﴾ قَالَ: يكالبن الصَّيْد ﴿فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم﴾ قَالَ: إِذا أرْسلت كلبك أَو طائرك أَو سهمك فَذكرت اسْم الله فَأمْسك أَو قتل فَكل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس: فِي الْمُسلم يَأْخُذ كلب الْمَجُوسِيّ الْمعلم أَو بازه أَو صقره مِمَّا علمه الْمَجُوسِيّ فيرسله فَيَأْخذهُ
قَالَ: لايأكله وَإِن سميت لِأَنَّهُ من تَعْلِيم الْمَجُوسِيّ وَإِنَّمَا قَالَ ﴿تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح﴾ قَالَ: كُلّ مَا ﴿تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله﴾ قَالَ: تعلمونهن من الطّلب كَمَا علمكُم الله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا الْمعلم من الْكلاب أَن يمسك صَيْده فلايأكل كل مِنْهُ حَتَّى يَأْتِيهِ صَاحبه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أكل الْكَلْب فلاتأكل فَإِنَّمَا أمسك على نَفسه
وَأخرج ابْن جرير عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صيد الْبَازِي
قَالَ: ماأمسك عَلَيْك فَكل
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ قلت: يارسول الله إِنِّي أرسل الْكلاب المعلمة وَاذْكُر اسْم الله فَقَالَ: إِذا أرْسلت كلبك الْمعلم وَذكرت اسْم الله فَكل ماأمسكن عَلَيْك
قلت: وَإِن قتلن قَالَ: وَإِن قتلن مَا لم يشركها كلب لَيْسَ مِنْهَا فَإنَّك إِنَّمَا سميت على كلبك وَلم تسمِّ على غَيره
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قلت يارسول الله إِنَّا قوم نصيد بالكلاب والبزاة فَمَا يحل لنا مِنْهَا قَالَ: يحل لكم ﴿وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح مكلبين تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم واذْكُرُوا اسْم الله عَلَيْهِ﴾ ثمَّ قَالَ: مَا أرْسلت من كلب وَذكرت اسْم الله فَكل مَا أمسك عَلَيْك
قلت: وَإِن قتل قَالَ: وَإِن قتل مالم يَأْكُل هُوَ الَّذِي أمسك
قلت: إِنَّا قوم نرمي فَمَا يحل لنا قَالَ: ماذكرت اسْم الله وخزقت فَكل
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن الحكم أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَ ابْن عَبَّاس
قَالَ نَافِع: يَقُول الله ﴿إِلَّا مَا ذكيتم﴾ تَقول أَنْت: وَإِن قتل قَالَ: وَيحك ياابن الْأَزْرَق
أَرَأَيْت لَو أمسك على سنور فأدركت ذَكَاته أَكَانَ يكون على يأس وَالله إِنِّي لأعْلم فِي أَي كلاب نزلت: فِي كلاب نَبهَان من طي وَيحك ياابن الْأَزْرَق
لَيَكُونن لَك نبأ
وَأخرج عبد بن حميد عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماأمسك عَلَيْك الَّذِي لَيْسَ بمكلب فأدركت ذَكَاته فَكل وَإِن لم تدْرك ذَكَاته فَلَا تَأْكُل
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أكل الْكَلْب فَلَا تَأْكُل وَإِذا أكل الصَّقْر فَكل لِأَن الْكَلْب تَسْتَطِيع أَن تضربه والصقر لاتستطيع
وَأخرج عبد بن حميد عَن عُرْوَة أَنه سُئِلَ عَن الْغُرَاب أَمن الطَّيِّبَات هُوَ قَالَ: من أَيْن يكون من الطَّيِّبَات وَسَماهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسِقًا
- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب﴾ قَالَ: ذَبَائِحهم
وَفِي قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ﴾ قَالَ: حل لكم ﴿إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ﴾ يَعْنِي مهورهن ﴿محصنين﴾ يَعْنِي تنكحوهن بِالْمهْرِ وَالْبَيِّنَة ﴿غير مسافحين﴾ غير معلنين بِالزِّنَا ﴿وَلَا متخذات أخدان﴾ يَعْنِي يسررن بِالزِّنَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم﴾ قَالَ: ذبيحتهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله ﴿وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب﴾ قَالَ: ذَبَائِحهم
وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نتزوج نسَاء أهل الْكتاب ولايتزوجون نِسَاءَنَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: الْمُسلم يتَزَوَّج النَّصْرَانِيَّة ولايتزوج النَّصْرَانِي الْمسلمَة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: أحل لنا طعامهم وَنِسَاؤُهُمْ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا أحلّت ذَبَائِح الْيَهُود وَالنَّصَارَى من أجل أَنهم آمنُوا بِالتَّوْرَاةِ والإِنجيل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ﴾ قَالَ: من الْحَرَائِر
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ﴾ قَالَ: من العفائف
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله ﴿وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ﴾ قَالَ: الَّتِي أحصنت فرجهَا وَاغْتَسَلت من الْجَنَابَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله
أَنه سُئِلَ عَن نِكَاح الْمُسلم الْيَهُودِيَّة والنصرانية فَقَالَ: تزوجناهن زمن الْفَتْح وَنحن لانكاد نجد المسلمات كثيرا فَلَمَّا رَجعْنَا طلقناهن
قَالَ: ونساؤهن لنا حل وَنِسَاؤُنَا عَلَيْهِم حرَام
وَأخرج عبد بن حميد عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن نسَاء أهل الْكتاب فَتلا عليّ هَذِه الْآيَة ﴿وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ﴾
﴿وَلَا تنْكِحُوا المشركات﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٢٢١
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن
أَنه سُئِلَ: أيتزوج الرجل الْمَرْأَة من أهل الْكتاب قَالَ: مَاله وَلأَهل الْكتاب وَقد أَكثر الله المسلمات فَإِن كَانَ لابد فَاعِلا فليعهد إِلَيْهَا حصاناً غير مسافحة
قَالَ الرجل: وَمَا المسافحة قَالَ: هِيَ الَّتِي إِذا ألمح اليها الرجل بِعَيْنِه تَبعته
قَالَ: ذكر لنا أَن رجَالًا قَالُوا: كَيفَ نتزوج نِسَاءَهُمْ وهم على دين وَنحن على دين فَأنْزل الله ﴿وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله﴾ قَالَ: لاوالله لايقبل الله عملا إِلَّا بِالْإِيمَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله﴾ قَالَ: أخبرالله أَن الْإِيمَان هُوَ العروة الوثقى وَأَنه لايقبل عملا إِلَّا بِهِ ولايحرم الْجنَّة إِلَّا على من تَركه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْنَاف النِّسَاء الاماكان من الْمُؤْمِنَات الْمُهَاجِرَات وَحرم كل ذَات دين غير الْإِسْلَام قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله﴾
- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن عَلْقَمَة بن صَفْوَان قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أراق الْبَوْل نكلمه فَلَا يُكَلِّمنَا ونسلم عَلَيْهِ فَلَا يرد علينا حَتَّى يَأْتِي أَهله فيتوضأ كوضوئه للصَّلَاة فَقُلْنَا: يارسول الله نكلمك فَلَا تكلمنا ونسلم عَلَيْك فَلَا ترد علينا حَتَّى نزلت آيَة الرُّخْصَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة﴾ الْآيَة
وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ عِنْد كل صَلَاة فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْفَتْح تَوَضَّأ وَمسح على خفيه وَصلى الصَّلَوَات بِوضُوء وَاحِد فَقَالَ لَهُ عمر: يارسول الله إِنَّك فعلت شَيْئا لم تكن تَفْعَلهُ قَالَ: إِنِّي عمدا فعلت ياعمر
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى الْخَلَاء فَقدم إِلَيْهِ طَعَام فَقَالُوا: أَلا نَأْتِيك بِوضُوء فَقَالَ: إِنَّمَا أمرت بِالْوضُوءِ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن حَنْظَلَة بن الغسيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِالْوضُوءِ لكل صَلَاة طَاهِرا كَانَ أوغير طَاهِر فَلَمَّا شقّ ذَلِك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة وَوضع عَنهُ الْوضُوء إِلَّا من حدث
وَأخرج ابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن عَليّ أَنه كَانَ يتَوَضَّأ عِنْد كل صَلَاة وَيقْرَأ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة﴾ الْآيَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن رِفَاعَة بن رَافع
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للمسيء صلَاته: إِنَّهَا لاتتم صَلَاة أحدكُم حَتَّى يسبغ الْوضُوء كَمَا أمره الله يغسل وَجهه وَيَديه إِلَى الْمرْفقين وَيمْسَح بِرَأْسِهِ وَرجلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ
وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم والنحاس أَن معنى هَذِه الْآيَة ﴿إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة﴾ الْآيَة
إِن ذَلِك إِذا قُمْتُم من الْمضَاجِع يَعْنِي النّوم
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ
مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة﴾ يَقُول: قُمْتُم وَأَنْتُم على غير طهر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ﴾ قَالَ: ذَلِك الْغسْل الدَّلْك
وَأخرج الدَّارقطني وَالْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنهمَا عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَوَضَّأ أدَار المَاء على مرفقيه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَلْحَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ فَمسح رَأسه هَكَذَا وأمرَّ حَفْص بيدَيْهِ على رَأسه حَتَّى مسح قَفاهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ فَمسح بناصيته وعَلى الْعِمَامَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ أَنه قَرَأَ (وأرجلكم) قَالَ: عَاد إِلَى الْغسْل
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والنحاس عَن ابْن مَسْعُود
أَنه قَرَأَ (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) بِالنّصب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة
أَنه كَانَ يقْرَأ (وأرجلكم) يَقُول: رَجَعَ الْأَمر إِلَى الْغسْل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة أَن ابْن مَسْعُود قَالَ: رَجَعَ قَوْله إِلَى غسل الْقَدَمَيْنِ فِي قَوْله ﴿وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ: قَرَأَ الْحسن وَالْحُسَيْن ﴿وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ فَسمع عَليّ ذَلِك وَكَانَ يقْضِي بَين النَّاس فَقَالَ: أَرْجُلكُم هَذَا من الْمُقدم والمؤخر فِي الْكَلَام
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أنس أَنه قَرَأَ (وأرجلكم)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم﴾ قَالَ: هُوَ الْمسْح
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَبى النَّاس إِلَّا الْغسْل وَلَا أجد فِي كتاب الله إِلَّا الْمسْح
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْوضُوء غسلتان ومسحتان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة
مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: افْترض الله غسلتين ومسحتين ألاترى أَنه ذكر التَّيَمُّم فَجعل مَكَان الغسلتين مسحتين وَترك المسحتين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة
مثله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أنس
أَنه قيل لَهُ: إِن الْحجَّاج خَطَبنَا فَقَالَ: اغسلوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم وَأَنه لَيْسَ شَيْء من ابْن آدم أقرب إِلَى الْخبث من قَدَمَيْهِ فَاغْسِلُوا بطونهما وَظُهُورهمَا
فَقَالَ أنس: صدق الله وَكذب الْحجَّاج
قَالَ الله ﴿وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم﴾ وَكَانَ أنس إِذا مسح قَدَمَيْهِ بلهما
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزل جِبْرِيل بِالْمَسْحِ على الْقَدَمَيْنِ أَلا ترى أَن التَّيَمُّم أَن يمسح ماكان غسلا ويلقى ماكان مسحاً
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش والنحاس عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزل الْقُرْآن بِالْمَسْحِ وَجَرت السُّنة بِالْغسْلِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانُوا يقرؤونها ﴿برؤوسكم وأرجلكم﴾ بالخفض وَكَانُوا يغسلون
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: اجْتمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على غسل الْقَدَمَيْنِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الحكم قَالَ: مَضَت السّنة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُسْلِمين بِغسْل الْقَدَمَيْنِ
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: لم أرَ أحدا يمسح الْقَدَمَيْنِ
وَأخرج ابْن جرير عَن أنس قَالَ: نزل الْقُرْآن بِالْمَسْحِ وَالسّنة بِالْغسْلِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن الْبَراء بن عَازِب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يزل يمسح على الْخُفَّيْنِ قبل نزُول الْمَائِدَة وَبعدهَا حَتَّى قَبضه الله عزوجل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أَنه قَالَ: ذكر الْمسْح على الْقَدَمَيْنِ عِنْد عمر وَسعد وَعبد الله بن عمر فَقَالَ: عمر: سعد أفقه مِنْك
فَقَالَ عمر ياسعد انا لاننكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح وَلَكِن هَل مسح مُنْذُ أنزلت سُورَة الْمَائِدَة فَإِنَّهَا أحكمت كل شَيْء وَكَانَت آخر سُورَة نزلت من الْقُرْآن إِلَّا بَرَاءَة قَالَ: فَلم يتَكَلَّم أحد
وَأخرج أَبُو الْحسن بن صَخْر فِي الهاشميات بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزل بهَا جِبْرِيل على ابْن عمي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم﴾ قَالَ لَهُ: اجْعَلْهَا بَينهمَا
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ وَاللَّفْظ لَهُ عَن جرير أَنه بَال ثمَّ تَوَضَّأ وَمسح على
قَالَ: ماأسلمت إلابعد نزُول الْمَائِدَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن جرير بن عبد الله قَالَ قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نزُول الْمَائِدَة فرأيته يمسح على الْخُفَّيْنِ
وَأخرج ابْن عدي عَن بِلَال قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: امسحوا على الْخُفَّيْنِ
وَأخرج ابْن جرير عَن الْقَاسِم بن الْفضل الْحدانِي قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَر: من الْكَعْبَيْنِ فَقَالَ الْقَوْم: هَهُنَا فَقَالَ: هَذَا رَأس السَّاق وَلَكِن الْكَعْبَيْنِ هما عِنْد الْمفصل
أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا﴾ يَقُول: فاغتسلوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ رجل جيد الثِّيَاب طيب الرّيح حسن الْوَجْه فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يارسول الله
فَقَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام
قَالَ أدنو مِنْك قَالَ: نعم
فَدَنَا حَتَّى ألصق ركبته بركبة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: يارسول الله ماالاسلام قَالَ: تقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتصوم رَمَضَان وتحج إِلَى بَيت الله الْحَرَام وتغتسل من الْجَنَابَة قَالَ: صدقت
فَقُلْنَا: مارأينا كَالْيَوْمِ قطّ رجلا - وَالله - لكأنه يعلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد بن حميد عَن وهب الذمارِي قَالَ: مَكْتُوب فِي الزبُور من اغْتسل من الْجَنَابَة فَإِنَّهُ عَبدِي حَقًا وَمن لم يغْتَسل من الْجَنَابَة فَإِنَّهُ عدوي حَقًا
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن كُنْتُم مرضى﴾ الْآيَة
أخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: احْتَلَمَ رجل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مجذوم فغسلوه فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَتَلُوهُ قَتلهمْ الله ضيعوه ضيعهم الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس
أَنه كَانَ يطوف بِالْبَيْتِ بَعْدَمَا ذهب بَصَره وَسمع قوما يذكرُونَ المجامعة وَالْمُلَامَسَة والرفث ولايدرون مَعْنَاهُ وَاحِد أم شَتَّى فَقَالَ: الله أنزل الْقُرْآن بلغَة كل حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب فَمَا كَانَ مِنْهُ
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس
إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى ﴿أَو لامستم النِّسَاء﴾ قَالَ: أَو جامعتم النِّسَاء وهذيل تَقول اللَّمْس بِالْيَدِ
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة وَهُوَ يَقُول: يلمس الاحلاس فِي منزله بيدَيْهِ كاليهودي المصل وَقَالَ الْأَعْشَى: ودارعة صفراء بالطيب عندنَا للمس الندى مَا فِي يَد الدرْع منتق وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ قَالَ: إِن أعياك المَاء فلايعييك الصَّعِيد أَن تضع فِيهِ كفيك ثمَّ تنفضهما فتمسح بهما يَديك ووجهك لاتعدو ذَلِك لغسل جَنَابَة وَلَا لوضوء صَلَاة وَمن تيَمّم بالصعيد فصلى ثمَّ قدر على المَاء فَعَلَيهِ الْغسْل وَقد مَضَت صلَاته الَّتِي كَانَ صلاهَا وَمن كَانَ مَعَه مَاء قَلِيل وخشي على نَفسه الظمأ فليتيمم الصَّعِيد ويتبلغ بمائه فَإِنَّهُ كَانَ يُؤمر بذلك وَالله أعذر بالعذر
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة قَالَت: سَقَطت قلادة لي بِالْبَيْدَاءِ وَنحن داخلون الْمَدِينَة فَأَنَاخَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وثنى رَأسه فِي حجري رَاقِدًا وَأَقْبل أَبُو بكر فلكزني لكزة شَدِيدَة وَقَالَ: حبست النَّاس فِي قلادة فَبِي الْمَوْت لمَكَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أوجعني ثمَّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَيْقَظَ وَحَضَرت الصُّبْح فالتمس المَاء فَلم يُوجد فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم﴾ الْآيَة
فَقَالَ أسيد بن الْحضير: لقد بَارك الله فِيكُم ياآل أبي بكر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَابْن مَاجَه عَن عمار بن يَاسر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرس باولات الْجَيْش وَمَعَهُ عَائِشَة فَانْقَطع عقد لَهَا من جزع ظفار فَجَلَسَ ابْتِغَاء عقدهَا ذَلِك حَتَّى أَضَاء الْفجْر وَلَيْسَ مَعَ النَّاس مَاء فَأنْزل الله على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخصَة الطُّهْر بالصعيد الطّيب فَقَامَ الْمُسلمُونَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضربُوا بِأَيْدِيهِم إِلَى المناكب من بطُون أَيْديهم إِلَى الابط
وَأخرج مَالك وَمُسلم وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا تَوَضَّأ العَبْد الْمُسلم فَغسل وَجهه خرج من وَجهه كل خَطِيئَة بطشتها يَدَاهُ مَعَ المَاء أَو مَعَ آخر قطر المَاء حَتَّى يخرج نقياً من الذُّنُوب
وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن عبد الله بن دارة عَن حمْرَان مولى عُثْمَان عَن عُثْمَان بن عَفَّان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ماتوضأ عبد فأسبغ وضوءه ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة إِلَّا غفر لَهُ مابينه وَبَين الصَّلَاة الْأُخْرَى
قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: وَكنت إِذا سَمِعت الحَدِيث عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التمسته فِي الْقُرْآن فَالْتمست هَذَا فَوَجَدته ﴿إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَيتم نعْمَته عَلَيْك﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٢٢١ فَعرفت أَن الله لم يتم عَلَيْهِ النِّعْمَة حَتَّى غفر لَهُ ذنُوبه ثمَّ قَرَأت الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة ﴿إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم﴾ حَتَّى بلغ ﴿وَلَكِن يُرِيد ليطهركم وليتم نعْمَته عَلَيْكُم﴾ فَعرفت أَن الله لم يتم النِّعْمَة عَلَيْهِم حَتَّى غفر لَهُم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة من أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَوَضَّأ الرجل الْمُسلم خرجت ذنُوبه من سَمعه وبصره وَيَديه وَرجلَيْهِ فَإِن جاس جلس مغفوراً لَهُ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد صَحِيح عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تمضمض أحدكُم حط ماأصاب بِفِيهِ وَإِذا غسل وَجهه حط ماأصاب بِوَجْهِهِ وَإِذا غسل يَدَيْهِ حط ماأصاب بيدَيْهِ وَإِذا مسح رَأسه تناثرت خطاياه من أصُول الشّعْر وَإِذا غسل قَدَمَيْهِ حط ماأصاب برجليه
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا رجل قَامَ إِلَى وضوئِهِ يُرِيد الصَّلَاة فَغسل كفيه نزلت كل خَطِيئَة من كفيه فَإِذا مضمض واستنشق واستنثر نزلت خطيئته من لِسَانه وشفتيه مَعَ أول قَطْرَة فاذ غسل
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من تَوَضَّأ فأسبغ الْوضُوء غسل يَدَيْهِ وَوَجهه وَمسح على رَأسه وَأُذُنَيْهِ ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة غفر لَهُ ذَلِك الْيَوْم مامشت رجله وقبضت عَلَيْهِ يَدَاهُ وَسمعت إِلَيْهِ أذنَاهُ وَنظرت إِلَيْهِ عَيناهُ وَحدث بِهِ نَفسه من سوء
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم يتَوَضَّأ فَيغسل يَدَيْهِ ويمضمض فَاه وَيتَوَضَّأ كَمَا أَمر الاحط عَنهُ ماأصاب يَوْمئِذٍ مانطق بِهِ فَمه وَمَا مس بيدَيْهِ وَمَا مَشى إِلَيْهِ حَتَّى أَن الْخَطَايَا لتتحادر من أَطْرَافه ثمَّ هُوَ إِذا مَشى إِلَى الْمَسْجِد فرِجل تكْتب حَسَنَة وَأُخْرَى تمحو سَيِّئَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَعْلَبَة بن عباد عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مامن عبد يتَوَضَّأ فَيحسن الْوضُوء فَيغسل وَجهه حَتَّى يسيل المَاء على ذقنه ثمَّ يغسل ذِرَاعَيْهِ حَتَّى يسيل المَاء على مرفقيه ثمَّ يغسل رجلَيْهِ حَتَّى يسيل المَاء من كعبيه ثمَّ يقوم فَيصَلي الاغفر الله ماسلف من ذَنبه
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم يتَوَضَّأ للصَّلَاة فيمضمض إلاخرج مَعَ قطر المَاء كل سَيِّئَة تكلم بهَا لِسَانه ولايستنشق الاخرج مَعَ قطر المَاء كل سَيِّئَة نظر إِلَيْهَا بهما ولايغسل شَيْئا من يَدَيْهِ إلاّ خرج مَعَ قطر المَاء كل سَيِّئَة مَشى بهما إِلَيْهَا فَإِذا خرج إِلَى الْمَسْجِد كتب لَهُ بِكُل خطْوَة خطاها حَسَنَة ومحا بهَا عَنهُ سَيِّئَة حَتَّى يَأْتِي مقَامه
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: قلت يارسول الله أَخْبرنِي عَن الْوضُوء فَقَالَ: مامنكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويمج ثمَّ يستنشق وينثر إِلَّا جرت خَطَايَا فِيهِ وخياشيمه مَعَ المَاء ثمَّ يغسل وَجهه كَمَا أمره الله إِلَّا جرت خَطَايَا وَجهه من أَطْرَاف لحيته مَعَ المَاء ثمَّ يغسل يَدَيْهِ إِلَى الْمرْفقين إِلَّا جرت خَطَايَا يَدَيْهِ بَين أَطْرَاف أنامله ثمَّ يمسح رَأسه كَمَا أمره الله الاجرت خَطَايَا رَأسه من أَطْرَاف شعره مَعَ المَاء ثمَّ يغسل قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا أمره الله إِلَّا جرت
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَيتم نعْمَته عَلَيْك﴾ قَالَ: تَمام النِّعْمَة
دُخُول الْجنَّة لم تتمّ نعْمَته على عبد لم يدْخل الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالتِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات والخطيب عَن معَاذ بن جبل قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الصَّبْر
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَأَلت الْبلَاء فَاسْأَلْهُ المعافاة
وَمر على رجل وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك تَمام النِّعْمَة
قَالَ: ياابن آدم هَل تَدْرِي ماتمام النِّعْمَة قَالَ: يارسول الله دَعْوَة دَعَوْت بهَا رَجَاء الْخَيْر قَالَ: تَمام النِّعْمَة دُخُول الْجنَّة والفوز من النَّار
وَمر على رجل وَهُوَ يَقُول: يَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام
فَقَالَ: قد اسْتُجِيبَ لَك فسل
وَأخرج ابْن عدي عَن أبي مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتتم على عبد نعْمَة إِلَّا بِالْجنَّةِ
- أخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم وميثاقه الَّذِي واثقكم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سمعنَا وأطعنا﴾ حَتَّى ختم بعث الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنزل عَلَيْهِ الْكتاب قَالُوا: آمنا بِالنَّبِيِّ وَالْكتاب وأقررنا بِمَا فِي التَّوْرَاة فأذكرهم الله ميثاقه الَّذِي أقرُّوا بِهِ على أنفسهم وَأمرهمْ بِالْوَفَاءِ بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم﴾ قَالَ: النعم
آلَاء الله وميثاقه الَّذِي واثقكم بِهِ
قَالَ: الَّذِي واثق بِهِ بني آدم فِي ظهر آدم عَلَيْهِ السَّلَام
- أخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن عبد الله بن كثير فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا قوّامين لله شُهَدَاء بِالْقِسْطِ﴾ الْآيَة نزلت فِي يهود خَيْبَر ذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليستعينهم فِي دِيَة فَهموا ليقتلوه فَذَلِك قَوْله ﴿وَلَا يجرمنكم شنآن قوم على أَلا تعدلوا﴾ الْآيَة
وَالله أعلم
- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل منزلا فَتفرق النَّاس فِي العضاه يَسْتَظِلُّونَ تحتهَا فعلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلاحه بشجرة فجَاء أَعْرَابِي إِلَى سَيْفه فَأَخذه فَسَلَّهُ ثمَّ أقبل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: من يمنعك مني قَالَ: الله
قَالَ الْأَعرَابِي: مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثَة من يمنعك مني وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الله
فَشَام الْأَعرَابِي السَّيْف فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه فَأخْبرهُم بصنيع الْأَعرَابِي وَهُوَ جَالس إِلَى جنبه لم يُعَاقِبهُ
قَالَ معمر: وَكَانَ قَتَادَة يذكر نَحْو هَذَا وَيذكر أَن قوما من الْعَرَب أَرَادوا أَن يفتكوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأرسلوا هَذَا الْأَعرَابِي ويتألوا ﴿اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم﴾ الْآيَة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: قَاتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محَارب خصفة بِنَخْل فَرَأَوْا من الْمُسلمين غرَّة فجَاء رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ غورث بن الْحَارِث قَامَ على رَأس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: من يمنعك قَالَ: الله فَوَقع السَّيْف من يَده فَأَخذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: من يمنعك قَالَ: كن خيرا آخذ
قَالَ: تشهد أَن
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْحسن
أَن رجلا من محَارب يُقَال لَهُ غورث بن الْحَارِث قَالَ لِقَوْمِهِ: أقتل لكم مُحَمَّدًا قَالُوا لَهُ: كَيفَ تقتله فَقَالَ: أفتك بِهِ فَأقبل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس وسيفه فِي حجره فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أنظر إِلَى سَيْفك هَذَا قَالَ: نعم فَأَخذه فاستله وَجعل يهزه ويهم فيكبته الله فَقَالَ: يَا مُحَمَّد مَا تخافني وَفِي يَدي السَّيْف ورده إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم فكفَّ أَيْديهم عَنْكُم﴾ الْآيَة
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عَطاء وَالضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي حِين انْصَرف من بِئْر مَعُونَة لَقِي رجلَيْنِ كلابيين مَعَهُمَا أَمَان من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَتَلَهُمَا وَلم يعلم أم مَعَهُمَا أَمَانًا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني النَّضِير وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعلي فَتَلقاهُ بَنو النَّضِير فَقَالُوا: مرْحَبًا
يَا أَبَا الْقَاسِم لماذا جِئْت قَالَ: رجل من أَصْحَابِي قتل رجلَيْنِ من بني كلاب مَعَهُمَا أَمَان مني طلب مني دِيَتهمَا فَأُرِيد أَن تُعِينُونِي
قَالُوا: نعم أقعد حَتَّى نجمع لَك
فَقعدَ تَحت الْحصن وَأَبُو بكر وَعمر وَعلي وَقد تآمر بَنو النَّضِير أَن يطْرَحُوا عَلَيْهِ حجرا فجَاء جِبْرِيل فاخبره بِمَا هموا بِهِ فَقَامَ بِمن مَعَه وَأنزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم﴾ الْآيَة
وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس
نَحوه
وَأخرج أَيْضا عَن عُرْوَة وَزَاد بعد نزُول الْآيَة وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإجلائهم لما أَرَادوا فَأَمرهمْ أَن يخرجُوا من دِيَارهمْ
قَالُوا: إِلَى أَيْن قَالَ: إِلَى الْحَشْر
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَعبد الله بن أبي بكر قَالَا: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني النَّضِير يَسْتَعِينهُمْ على دِيَة الْعَامِرِيين
فَقَالَ عمر بن جحاش بن كَعْب: أَنا فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَبَر فَانْصَرف فَأنْزل الله فيهم وَفِيمَا أَرَادَ هُوَ وَقَومه ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم﴾ قَالَ: هم يهود
دخل عَلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَائِطا لَهُم وَأَصْحَابه من وَرَاء جِدَاره فاستعانهم فِي مغرم فِي دِيَة غرمها ثمَّ قَامَ من عِنْدهم فائتمروا بَينهم بقتْله فَخرج يمشي الْقَهْقَرَى مُعْتَرضًا ينظر إِلَيْهِم ثمَّ دَعَا أَصْحَابه رجلا رجلا حَتَّى تقاوموا إِلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن زِيَاد قَالَ: جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني النَّضِير يَسْتَعِينهُمْ فِي عقل أَصَابَهُ وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعلي فَقَالَ أعينوني فِي عقل أصابني
فَقَالُوا: نعم يَا أَبَا الْقَاسِم قد آن لَك تَأْتِينَا وتسألنا حَاجَة اجْلِسْ حَتَّى نُطْعِمك ونعطيك الَّذِي تسألنا فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ينتظرونه وَجَاء حييّ بن أَخطب فَقَالَ حييّ لأَصْحَابه: لَا تَرَوْنَهُ أقرب مِنْهُ الْآن اطرحوا عَلَيْهِ حِجَارَة فَاقْتُلُوهُ وَلَا ترَوْنَ شرا أبدا فجاؤوا إِلَى رحى لَهُم عَظِيمَة ليطرحوها عَلَيْهِ فَأمْسك الله عَنْهَا أَيْديهم حَتَّى جَاءَهُ جِبْرِيل فأقامه من بَينهم فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم﴾ الْآيَة
فَأخْبر الله نبيه مَا أَرَادوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي كَعْب بن الْأَشْرَف وَأَصْحَابه حِين أَرَادوا أَن يغروا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُنْذر بن عَمْرو أحد النُّقَبَاء لَيْلَة الْعقبَة فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار إِلَى غطفان فَالْتَقوا على مَاء من مياه عَامر فَاقْتَتلُوا فَقتل الْمُنْذر ابْن عَمْرو وَأَصْحَابه إِلَّا ثَلَاثَة نفر كَانُوا فِي طلب ضَالَّة لَهُم فَلم يرعهم إِلَّا وَالطير تجول فِي جوّ السَّمَاء يسْقط من خراطيمها علق الدَّم فَقَالُوا قتل أَصْحَابنَا والرحمن
فَانْطَلق رجل مِنْهُم فلقي رجلا فاختلفا ضربتين فَلَمَّا خالطه الضَّرْبَة رفع طرفه إِلَى السَّمَاء ثمَّ رفع عَيْنَيْهِ فَقَالَ: الله
الْجنَّة وَرب الْعَالمين وَكَانَ يرْعَى أعنق ليَمُوت فَانْطَلق صَاحِبَاه فلقيا رجلَيْنِ من بني سليم فانتسبا لَهما إِلَى بني عَامر فَقَتَلَاهُمَا وَكَانَ بَينهمَا وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موادعة فَقدم قومهما على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطْلبُونَ عقلهما فَانْطَلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف حَتَّى دخلُوا على بني النَّضِير يستعينونهم فِي عقلهما فَقَالُوا: نعم
فاجتمعت يهود على أَن يقتلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَاعْتَلُّوا لَهُ بصنعة الطَّعَام فَلَمَّا أَتَاهُ جِبْرِيل بِالَّذِي أجمع لَهُ يهود من الْغدر خرج ثمَّ أعَاد عليا فَقَالَ: لاتبرح من مَكَانك هَذَا فَمن مر بك من أَصْحَابِي فسألك عني فَقل: وَجه إِلَى الْمَدِينَة فأدركوه فجعلو يَمرونَ على عَليّ فَيَقُول لَهُم الَّذِي أمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ آخِرهم ثمَّ تَبِعَهُمْ فَفِي ذَلِك أنزلت ﴿إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم﴾ حَتَّى ﴿وَلَا تزَال تطلع على خَائِنَة مِنْهُم﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ إِن قوما من الْيَهُود صَنَعُوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولأصحابه طَعَاما ليقتلوه فَأوحى الله إِلَيْهِ بشأنهم فَلم يَأْتِ الطَّعَام وَأمر أَصْحَابه فَلم يأتوه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ ذكر لنا أَنَّهَا أنزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِبَطن نخل فِي الْغَزْوَة الثَّانِيَة فَأَرَادَ بَنو ثَعْلَبَة وَبَنُو محَارب ان يفتكوا بِهِ فأطلعه الله على ذَلِك ذكر لنا أَن رجلا انتدب لقَتله فَأتى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسيفه مَوْضُوع فَقَالَ: آخذه يارسول الله قَالَ: خُذْهُ
قَالَ: استله قَالَ: نعم
فاستله فَقَالَ: من يمنعك مني قَالَ: الله يَمْنعنِي مِنْك فهدده أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأغلظوا لَهُ القَوْل فَشَام السَّيْف فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه بالرحيل فأنزلت عَلَيْهِ صَلَاة الْخَوْف عِنْد ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿اثْنَي عشر نَقِيبًا﴾ قَالَ: من كل سبط من بني إِسْرَائِيل رجال أرسلهم مُوسَى إِلَى الجبارين فوجدوهم يدْخل فِي كم أحدهم اثْنَان ولايحمل عنقود عنبهم إِلَّا خَمْسَة أنفس بَينهم فِي خَشَبَة وَيدخل فِي شطر الرمانة إِذا نزع حبها خَمْسَة أنفس وَأَرْبَعَة فَرجع النُّقَبَاء كل مِنْهُم ينْهَى سبطه عَن قِتَالهمْ إِلَّا يُوشَع بن نون وكالب بن بَاقِيَة
أمرا الأسباط بِقِتَال الجبارين ومجاهدتهم فعصوهما وأطاعوا الآخرين فهما الرّجلَانِ اللَّذَان أنعم الله عَلَيْهِمَا فتاهت بَنو إِسْرَائِيل أَرْبَعِينَ سنة يُصْبِحُونَ حَيْثُ أَمْسوا وَيُمْسُونَ حَيْثُ أَصْبحُوا فِي تيههم ذَلِك فَضرب مُوسَى الْحجر لكل سبط عينا حجر لَهُم يحملونه مَعَهم فَقَالَ لَهُم مُوسَى: اشربوا ياحمير
فَنَهَاهُ الله عَن سبهم وَقَالَ: هم خلقي فَلَا تجعلهم حميراً
والسبط كل بطن بني فلَان
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: أَمر الله بني إِسْرَائِيل بالسير إِلَى أريحاء - وَهِي أَرض بَيت الْمُقَدّس - فَسَارُوا حَتَّى إِذا كَانُوا قَرِيبا مِنْهُ أرسل مُوسَى اثْنَي عشر نَقِيبًا من جَمِيع أَسْبَاط بني إِسْرَائِيل فَسَارُوا يُرِيدُونَ أَن يأتوه بِخَبَر الْجَبَابِرَة فَلَقِيَهُمْ رجل من الجبارين يُقَال لَهُ عاج فَأخذ اثْنَي عشر فجعلهم فِي حجزته وعَلى رَأسه حزمة حطب فَانْطَلق بهم إِلَى امْرَأَته فَقَالَ: انظري إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم يُرِيدُونَ أَن يقاتلونا فطرحهم بَين يَديهَا فَقَالَ: أَلا أطحنهم برجلي فَقَالَت امْرَأَته: بل خل عَنْهُم حَتَّى يخبروا قَومهمْ بِمَا رَأَوْا
فَفعل ذَلِك فَلَمَّا خرج الْقَوْم قَالَ بَعضهم لبَعض: ياقوم إِنَّكُم ان أخبرتم بني إِسْرَائِيل خبر الْقَوْم ارْتَدُّوا عَن نَبِي الله وَلَكِن اكتموه ثمَّ رجعُوا فَانْطَلق عشرَة مِنْهُم فَنَكَثُوا الْعَهْد فَجعل كل مِنْهُم يخبرأخاه وأباه بِمَا رأى من عاج وكتم رجلَانِ مِنْهُم فَأتوا مُوسَى وهاورن فأخبروهما فَذَلِك حِين يَقُول الله ﴿وَلَقَد أَخذ الله مِيثَاق بني إِسْرَائِيل وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا﴾ قَالَ: شَهِيدا من كل سبط رجل شَاهد على قومه
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس
أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل ﴿اثْنَي عشر نَقِيبًا﴾
قَالَ: اثْنَي عشر وزيراً وصاروا أَنْبيَاء بعد ذَلِك
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: وَإِنِّي بِحَق قَائِل لسراتها مقَالَة نصح لايضيع نقيبها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله عز وَجل ﴿اثْنَي عشر نَقِيبًا﴾ قَالَ: هم من بني إِسْرَائِيل بَعثهمْ مُوسَى لينظروا إِلَى الْمَدِينَة فجاؤوا بِحَبَّة من فاكهتهم فَعِنْدَ ذَلِك فتنُوا فَقَالُوا: لانستطيع الْقِتَال فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو صدقني وآمن بِي واتبعني عشرَة من الْيَهُود لأسلم كل يَهُودِيّ كَانَ قَالَ كَعْب اثْنَي عشر وتصديق ذَلِك فِي الْمَائِدَة ﴿وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا﴾
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود
أَنه سُئِلَ كم يملك هَذِه الْأمة من خَليفَة فَقَالَ: سَأَلنَا عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اثْنَا عشر كعدة بني إِسْرَائِيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس
أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للنقباء الاثْنَي عشر: سِيرُوا الْيَوْم فحدثوني حَدِيثهمْ وَمَا امرهم ولاتخافوا إِن الله ﴿مَعكُمْ لَئِن أقمتم الصَّلَاة وَآتَيْتُم الزَّكَاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وعزرتموهم﴾ قَالَ: أعنتموهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وعزرتموهم﴾ قَالَ: نصرتموهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: التعزيز والتوقير
النُّصْرَة وَالطَّاعَة
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فبمَا نقضهم﴾ يَقُول: فبنقضهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فبمَا نقضهم ميثاقهم لعناهم﴾ قَالَ: اجتنبوا نقض الْمِيثَاق فَإِن الله قدم فِيهِ وأوعد فِيهِ وَذكره فِي آي من الْقُرْآن تقدمة ونصيحة وَحجَّة وَإِنَّمَا بِعظم عظمها الله بِهِ عِنْد أولي الْفَهم وَالْعقل وَأهل الْعلم بِاللَّه وانا مانعلم الله أوعد فِي ذَنْب مَا أوعد فِي نقض الْمِيثَاق
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه﴾ يَعْنِي حُدُود الله فِي التَّوْرَاة يَقُول: ان أَمركُم مُحَمَّد بِمَا أَنْتُم عَلَيْهِ فاقبلوه وَإِن خالفكم فاحذروا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ونسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ﴾ قَالَ: نسوا الْكتاب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ونسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ﴾ قَالَ: نسوا الْكتاب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ونسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ﴾ قَالَ: كتاب الله إِذا نزل عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿ونسوا حظاً﴾ تركُوا نَصِيبا
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿ونسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ﴾ قَالَ: عرى دينهم ولطائف الله الَّتِي لايقبل الْأَعْمَال إِلَّا بهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: نسوا كتاب الله بَين أظهرهم وَعَهده الَّذِي عَهده إِلَيْهِم وَأمره الَّذِي أَمرهم بِهِ وضيعوا فَرَائِضه وعطلوا حُدُوده وَقتلُوا رسله ونبذوا كِتَابه
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأحمد فِي الزّهْد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِنِّي لأحسب الرجل ينسى الْعلم كَانَ يُعلمهُ بالخطيئة يعملها
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَا تزَال تطلع على خَائِنَة مِنْهُم﴾ قَالَ: هم يهود مثل الَّذِي هموا بِهِ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم دخل عَلَيْهِم حائطهم
وَفِي قَوْله ﴿فَاعْفُ عَنْهُم وَاصْفَحْ﴾ قَالَ: لم يُؤمر يَوْمئِذٍ بقتالهم فَأَمرهمْ الله أَن يعْفُو عَنْهُم ويصفح ثمَّ نسخ ذَلِك فِي بَرَاءَة فَقَالَ ﴿قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر﴾ التَّوْبَة الْآيَة ٢٩ الْآيَة
- أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ قَالَ: كَانُوا بقرية يُقَال لَهَا ناصرة كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم ينزلها
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ قَالَ: كَانُوا بقرية يُقَال لَهَا ناصرة نزلها عِيسَى وَهُوَ اسْم تسموا بِهِ وَلم يؤمروا بِهِ
وَفِي قَوْله ﴿ميثاقهم فنسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ﴾ قَالَ: نسوا كتاب الله بَين أظهرهم وعهد الله الَّذِي عهد لَهُم وَأمر الله الَّذِي أَمر بِهِ وضيعوا فَرَائِضه ﴿فأغرينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة﴾ قَالَ: بأعمالهم أَعمال السوء وَلَو أَخذ الْقَوْم بِكِتَاب الله وَأمره ماتفرقوا وماتباغضوا
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله ﴿فأغرينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة﴾ قَالَ: أغرى بَعضهم بَعْضًا بالخصومات والجدال فِي الدّين
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: مَا أرى الإغراء فِي هَذِه الْآيَة إِلَّا الْأَهْوَاء الْمُخْتَلفَة
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: إِن الله تقدم إِلَى بني إِسْرَائِيل أَن لايشتروا بآيَات الله ثمنا قَلِيلا ويعلموا الْحِكْمَة ولايأخذوا عَلَيْهَا أجرا فَلم يفعل ذَلِك إِلَّا قَلِيل
- أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: لما أخبر الْأَعْوَر سمويل بن صوريا الَّذِي صدق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الرَّجْم أَنه فِي كِتَابهمْ وَقَالَ: لَكنا نخفيه فَنزلت ﴿يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم كثيرا مِمَّا كُنْتُم تخفون من الْكتاب﴾ وَهُوَ شَاب أَبيض طَوِيل من أهل فدك
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا﴾ قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿يبين لكم كثيرا﴾ يَقُول: يبين لكم مُحَمَّد رَسُولنَا كثيرا مِمَّا كُنْتُم تكتمونه النَّاس: ولاتبينونه لَهُم مِمَّا فِي كتابكُمْ وَكَانَ مِمَّا يخفونه من كِتَابهمْ فبينه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنَّاس: رجم الزَّانِيَيْنِ المحصنين
وَأخرج ابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من كفر بِالرَّجمِ فقد كفر بِالْقُرْآنِ من حَيْثُ لايحتسب
قَالَ تَعَالَى ﴿يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم كثيرا مِمَّا كُنْتُم تخفون من الْكتاب﴾ قَالَ: فَكَانَ الرَّجْم مِمَّا أخفوا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَيَعْفُو عَن كثير﴾ من ذنُوب الْقَوْم جَاءَ مُحَمَّد باقالة مِنْهَا وَتجَاوز إِن اتَّبعُوهُ
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿يهدي بِهِ الله من اتبع رضوانه سبل السَّلَام﴾ قَالَ: سَبِيل الله الَّذِي شَرعه لِعِبَادِهِ ودعاهم إِلَيْهِ وابتعث بِهِ رسله وَهُوَ الْإِسْلَام الَّذِي لايقبل من أحد عمل إِلَّا بِهِ لَا الْيَهُودِيَّة وَلَا النَّصْرَانِيَّة وَلَا الْمَجُوسِيَّة
وَالله تَعَالَى أعلم
- أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أبي وبحري بن عَمْرو وشاس بن عدي فَكَلَّمَهُمْ وكلموه ودعاهم إِلَى الله وحذرهم نقمته فَقَالُوا: ماتخوفنا يامحمد نَحن وَالله أَبنَاء الله وأحباؤه كَقَوْل النَّصَارَى فَأنْزل الله فيهم ﴿وَقَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى﴾ إِلَى آخر الْآيَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل فَلم يعذبكم﴾ الْآيَة
فَأَخَذته فَقَالَ الْقَوْم: يارسول الله ماكانت هَذِه لتلقي ابْنهَا فِي النَّار فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لاوالله ولايلقى حَبِيبه فِي النَّار
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالله لايعذب الله حَبِيبه وَلَكِن يَبْتَلِيه فِي الدُّنْيَا
أخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء﴾ يَقُول: يهدي مِنْكُم من يَشَاء فِي الدُّنْيَا فَيغْفر لَهُ وَيُمِيت من يَشَاء مِنْكُم على كفره فيعذبه
- أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهود إِلَى الْإِسْلَام فرغبهم فِيهِ وحذرهم فَأَبَوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم معَاذ بن جبل وَسعد بن عبَادَة وَعقبَة بن وهب: يامعشر يهود اتَّقوا الله فوَاللَّه إِنَّكُم لتعلمون أَنه رَسُول الله لقد كُنْتُم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه لنا بِصفتِهِ فَقَالَ رَافع بن حُرَيْمِلَة ووهب بن يهودا: ماقلنا لكم هَذَا وَمَا أنزل الله من كتاب من بعد مُوسَى وَلَا أرسل بشيراً وَلَا نذيراً بعده فَأنْزل الله ﴿يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم على فَتْرَة﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم على فَتْرَة من الرُّسُل﴾ قَالَ: هُوَ مُحَمَّد جَاءَ بِالْحَقِّ الَّذِي فتر بِهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل فِيهِ بَيَان وموعظة وَنور وَهدى وعصمة لمن أَخذ بِهِ قَالَ: وَكَانَت الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر لنا أَنه كَانَت سِتّمائَة سنة أَو ماشاء الله من ذَلِك
قَالَ معمر: قَالَ الْكَلْبِيّ: خَمْسمِائَة سنة وَأَرْبَعُونَ سنة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَت الفترة خَمْسمِائَة سنة
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَت الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد أَرْبَعمِائَة سنة وبضعاً وَثَلَاثِينَ سنة
- أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قوم اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جعل فِيكُم أَنْبيَاء وجعلكم ملوكاً﴾ قَالَ: وَاسم الله قد جعل نَبيا وجعلكم ملوكاً على رِقَاب النَّاس فاشكروا نعْمَة الله إِن الله يحب الشَّاكِرِينَ
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قوم اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جعل فِيكُم أَنْبيَاء وجعلكم ملوكاً﴾ قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنهم أول من سخَّر لَهُم الخدم من بني آدم وملكوا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وجعلكم ملوكاً﴾ قَالَ: ملَّكهم الخدم وَكَانُوا أول من ملك الخدم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وجعلكم ملوكاً﴾ قَالَ: كَانَ الرجل من بني إِسْرَائِيل إِذا كَانَت لَهُ الزَّوْجَة وَالْخَادِم وَالدَّار يُسمى ملكا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وجعلكم ملوكاً﴾ قَالَ: الزَّوْجَة وَالْخَادِم وَالْبَيْت
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِذْ جعل فِيكُم أَنْبيَاء وجعلكم ملوكاً﴾ قَالَ: الْمَرْأَة الْخَادِم ﴿وآتاكم مَا لم يُؤْت أحدا من الْعَالمين﴾ قَالَ: الَّذين هم بَين ظهرانيهم يَوْمئِذٍ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا كَانَ لأَحَدهم خَادِم ودابة وَامْرَأَة كتب ملكا
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسليه عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ بَيت وخادم فَهُوَ ملك
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسليه عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله ﴿وجعلكم ملوكاً﴾ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَوْجَة ومسكن وخادم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ
أَنه سَأَلَهُ رجل: أَلسنا من فُقَرَاء الْمُهَاجِرين قَالَ: أَلَك امْرَأَة تأوي إِلَيْهَا قَالَ: نعم
قَالَ: أَلَك مسكن تسكنه قَالَ: نعم
قَالَ: فَأَنت من الْأَغْنِيَاء
قَالَ: إِن لي خَادِمًا
قَالَ: فَأَنت كم الْمُلُوك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وجعلكم ملوكاً﴾ قَالَ: جعل لَهُم أَزْوَاجًا وخدماً وبيوتاً ﴿وآتاكم مَا لم يُؤْت أحدا من الْعَالمين﴾ المنَّ والسلوى وَالْحجر والغمام
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن ﴿وجعلكم ملوكاً﴾ قَالَ: وَهل الْملك إِلَّا مركب وخادم وَدَار
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وآتاكم مَا لم يُؤْت أحدا من الْعَالمين﴾ قَالَ: الْمَنّ والسلوى
- أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿الأَرْض المقدسة﴾ قَالَ: هِيَ الْمُبَارَكَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن معَاذ بن جبل قَالَ: الأَرْض مابين الْعَريش إِلَى الْفُرَات
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿الأَرْض المقدسة﴾ قَالَ: هِيَ الشَّام
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿الَّتِي كتب الله لكم﴾ قَالَ: أَمركُم الله بهَا
- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِن فِيهَا قوما جبارين﴾ قَالَ: ذكر لنا أَنهم كَانَت لَهُم أجسام وَخلق لَيست لغَيرهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿يَا مُوسَى إِن فِيهَا قوما جبارين﴾ قَالَ: هم أطول منا أجساماً وَأَشد قوّة
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر عَن أبي ضَمرَة قَالَ: استظل سَبْعُونَ رجلا من قوم مُوسَى خلف رجل من العماليق
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن زيد بن أسلم قَالَ: بَلغنِي أَنه رُئِيَتْ ضبع وَأَوْلَادهَا رابضة فِي فجاج عين رجل من العمالقة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس بن مَالك
أَنه أَخذ عَصا فذرع فِيهَا شَيْئا ثمَّ قَاس فِي الأَرْض خمسين أَو خمْسا وَخمسين ثمَّ قَالَ: هَكَذَا أطوال العماليق
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَمر مُوسَى أَن يدْخل مَدِينَة الجبارين فَسَار بِمن مَعَه حَتَّى نزل قَرِيبا من الْمَدِينَة وَهِي أريحاء فَبعث إِلَيْهِم اثْنَي عشر نَقِيبًا من كل سبط مِنْهُم عين فيأتوه بِخَبَر الْقَوْم فَدَخَلُوا الْمَدِينَة فَرَأَوْا أمرا عَظِيما من هيبتهم وجسمهم وعظمهم فَدَخَلُوا حَائِطا لبَعْضهِم فجَاء صَاحب الْحَائِط ليجني من حَائِطه فَجعل يحش الثِّمَار فَنظر إِلَى آثَارهم فَتَبِعهُمْ فَكلما أصَاب وَاحِد مِنْهُم أَخذه فَجعله فِي كمه مَعَ الْفَاكِهَة وَذهب إِلَى ملكهم فنثرهم بَين يَدَيْهِ فَقَالَ الْملك: قد رَأَيْتُمْ شَأْننَا وأمرنا اذْهَبُوا فَأخْبرُوا صَاحبكُم
قَالَ: فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فأخبروه بِمَا عاينوا من أَمرهم
فَقَالَ: اكتموا عَنَّا فَجعل الرجل يخبر أَبَاهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ادخُلُوا الأَرْض المقدسة﴾ قَالَ: هِيَ مَدِينَة الجبارين لما نزل بهَا مُوسَى وَقَومه بعث مِنْهُم اثْنَي عشر رجلا وهم النُّقَبَاء الَّذين ذكرهم الله تَعَالَى ليأتوهم بخبرهم فَسَارُوا فَلَقِيَهُمْ رجل من الجبارين فجعلهم فِي كساءته فحملهم حَتَّى أَتَى بهم الْمَدِينَة ونادى فِي قومه: فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: من أَنْتُم قَالُوا: نَحن قوم مُوسَى بعثنَا لنأتيه بخبركم فأعطوهم حَبَّة من عِنَب تَكْفِي الرجل وَقَالُوا لَهُم: اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى وَقَومه فَقولُوا لَهُم: أقدروا قدر فاكهتهم فَلَمَّا أتوهم قَالُوا: ياموسى ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٢٤ ﴿قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا﴾ وَكَانَا من أهل الْمَدِينَة أسلما واتبعا مُوسَى فَقَالَا لمُوسَى ﴿ادخُلُوا عَلَيْهِم الْبَاب فَإِذا دخلتموه فَإِنَّكُم غالبون﴾ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿قَالَ رجلَانِ﴾ قَالَ: يُوشَع بن نون وكالب
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله ﴿قَالَ رجلَانِ﴾ قَالَ: كالب ويوشع بن نون فَتى مُوسَى
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا﴾ قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة (يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا)
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَا من الْعَدو فصارا مَعَ مُوسَى
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس ﴿قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ﴾ بِرَفْع الْيَاء
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿من الَّذين يخَافُونَ﴾ بِنصب الْيَاء فِي يخَافُونَ
وَأخرج ابْن جرير عَن سهل بن عَليّ ﴿قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا﴾ بالخوف
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا﴾ قَالَ: هم النُّقَبَاء
وَفِي قَوْله ﴿ادخُلُوا عَلَيْهِم الْبَاب﴾ قَالَ: هِيَ قَرْيَة الجبارين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ ادخلوا الأرض المقدسة ﴾ قال : هي مدينة الجبارين، لما نزل بها موسى وقومه بعث منهم اثني عشر رجلاً، وهم النقباء الذين ذكرهم الله تعالى ليأتوهم بخبرهم، فساروا فلقيهم رجل من الجبارين فجعلهم في كساءته، فحملهم حتى أتى بهم المدينة ونادى في قومه : فاجتمعوا إليه فقالوا : من أنتم ؟ قالوا : نحن قوم موسى بعثنا لنأتيه بخبركم، فأعطوهم حبة من عنب تكفي الرجل، وقالوا لهم : اذهبوا إلى موسى وقومه فقولوا لهم : أقدروا قدر فاكهتهم، فلما أتوهم قالوا : يا موسى ﴿ اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ﴾ [ المائدة : ٢٤ ] ﴿ فقال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ﴾ وكانا من أهل المدينة أسلما واتبعا موسى، فقالا لموسى ﴿ ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ﴾.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ﴿ قال رجلان ﴾ قال : يوشع بن نون وكالب.
وأخرج عبد بن حميد عن عطية العوفي في قوله ﴿ قال رجلان ﴾ قال : كالب ويوشع بن النون فتى موسى.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ من الذين يخافون أنعم الله عليهما ﴾ قال : في بعض القراءة ﴿ يخافون أنعم الله عليهما ﴾.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير. أنه كان يقرأها بضم الياء ﴿ يخافون ﴾.
وأخرج ابن منذر عن سعيد بن جبير قال : كانا من العدو، فصارا مع موسى.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس ﴿ قال رجلان من الذين يخافون ﴾ برفع الياء.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ من الذين يخافون ﴾ بنصب الياء في يخافون.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ﴿ قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ﴾ بالهدى فهداهما فكانا على دين موسى، وكانا في مدينة الجبارين.
وأخرج ابن جرير عن سهل بن علي ﴿ قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ﴾ بالخوف.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ﴿ قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ﴾ قال : هم النقباء. وفي قوله ﴿ ادخلوا عليهم الباب ﴾ قال : هي قرية الجبارين.
- أخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سَار إِلَى بدر اسْتَشَارَ الْمُسلمين فَأَشَارَ عَلَيْهِ عمر ثمَّ استشارهم فَقَالَت الْأَنْصَار: يامعشر الْأَنْصَار إيَّاكُمْ يُرِيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالُوا: لَا نقُول كَمَا قَالَت بَنو اسرئيل لمُوسَى ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَو ضربت أكبادها إِلَى برك الغماد لاتبعناك
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عتبَة بن عبد السّلمِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاصحابه ألاتقاتلون قَالُوا: نعم
ولانقول كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾ وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ مُقَاتِلُونَ
وَأخرج أَحْمد عَن طَارق بن شهَاب أَن الْمِقْدَاد قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر يارسول الله انا لانقول كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾ وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ مُقَاتِلُونَ
وَأخرج البُخَارِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لقد شهِدت من الْمِقْدَاد مشهداً لِأَن أكون أَنا صَاحبه أحب إليَّ مِمَّا عدل بِهِ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَدْعُو على الْمُشْركين قَالَ: وَالله يارسول الله لانقول كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾ وَلَكِن نُقَاتِل عَن يَمِينك
وَأخرج ابْن جريرعن قَتَادَة ذكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه يَوْم الْحُدَيْبِيَة حِين صد الْمُشْركُونَ الْهَدْي وحيل بَينهم وَبَين مناسكهم إِنِّي ذَاهِب بِالْهَدْي فناحره عِنْد الْبَيْت
فَقَالَ الْمِقْدَاد بن الْأسود: اما وَالله لانكون كالملأ من بني إِسْرَائِيل إِذْ قَالُوا لنبيهم ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾
- أخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: غضب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حِين قَالَ لَهُ الْقَوْم: ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾ فَدَعَا عَلَيْهِم فَقَالَ: ﴿رب إِنِّي لَا أملك إِلَّا نَفسِي وَأخي فافرق بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الْفَاسِقين﴾ وَكَانَ عجلة من مُوسَى عجلها فَلَمَّا ضرب عَلَيْهِم التيه نَدم مُوسَى فَلَمَّا نَدم أوحى الله إِلَيْهِ ﴿فَلَا تأس على الْقَوْم الْفَاسِقين﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٢٦ لاتحزن على الْقَوْم الَّذين سميتهم فاسقين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فافرق بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الْفَاسِقين﴾ يَقُول: افصل بَيْننَا وَبينهمْ
- أخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَإِنَّهَا مُحرمَة عَلَيْهِم﴾ قَالَ: أبدا
وَفِي قَوْله ﴿يتيهون فِي الأَرْض﴾ قَالَ: أَرْبَعِينَ سنة
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنهم بعثوا اثْنَي عشر رجلا من كل سبط رجلا عيُونا ليأتوهم بِأَمْر الْقَوْم فَأَما عشرَة فجبنوا قَومهمْ وكرهوا إِلَيْهِم الدُّخُول وَأما يُوشَع بن نون وَصَاحبه فأمرا بِالدُّخُولِ واستقاما على أَمر الله ورغبا
قَالَ: لما جبن الْقَوْم عَن عدوّهم وَتركُوا أَمر رَبهم قَالَ الله ﴿فَإِنَّهَا مُحرمَة عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ سنة﴾ إِنَّمَا يشربون مَاء الاطوار لايهبطون قَرْيَة ولامصرا ولايهتدون لَهَا وَلَا يقدرُونَ على ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: حرمت عَلَيْهِم الْقرى فَكَانُوا لَا يهبطون قَرْيَة وَلَا يقدرُونَ على ذَلِك إِنَّمَا يتبعُون الاطواء أَرْبَعِينَ سنة والاطواء الركايا وَذكر لنا أَن مُوسَى توفّي فِي الْأَرْبَعين سنة وَأَنه لم يدْخل بَيت الْمُقَدّس مِنْهُم إِلَّا أبناؤهم وَالرجلَانِ اللَّذَان قَالَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تاهوا أَرْبَعِينَ سنة فَهَلَك مُوسَى وهرون فِي التيه وكل من جَاوز الْأَرْبَعين سنة فَلَمَّا مَضَت الْأَرْبَعُونَ سنة ناهضهم يُوشَع بن نون وَهُوَ الَّذِي قَامَ بِالْأَمر بعد مُوسَى وَهُوَ الَّذِي قيل لَهُ الْيَوْم يَوْم الْجُمُعَة فَهموا بافتتاحها فدنت الشَّمْس للغروب فخشي إِن دخلت لَيْلَة السبت أَن يُسْبِتُوا فَنَادَى الشَّمْس: إِنِّي مَأْمُور وَإنَّك مأمورة
فوقفت حَتَّى افتتحها فَوجدَ فِيهَا من الْأَمْوَال مالم ير مثله قطّ فقربوه إِلَى النَّار فَلم تأتِ فَقَالَ: فِيكُم غلُول فَدَعَا رُؤُوس الاسباط وهم اثْنَا عشر رجلا فبايعهم فالتصقت يَد رجل مِنْهُم بِيَدِهِ فَقَالَ: الْغلُول عنْدك فَأخْرجهُ فَأخْرج رَأس بقرة من ذهب لَهَا عينان من ياقوت وأسنان من لُؤْلُؤ فوضعا مَعَ القربان فَأَتَت النَّار فَأَكَلتهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: تاهت بَنو إِسْرَائِيل أَرْبَعِينَ سنة يُصْبِحُونَ حَيْثُ أَمْسوا وَيُمْسُونَ حَيْثُ أَصْبحُوا فِي تيهم
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل لما حرم الله عَلَيْهِم أَن يدخلُوا الأَرْض المقدسة أَرْبَعِينَ سنة يتيهون فِي الأَرْض شكوا إِلَى مُوسَى فَقَالُوا: مانأكل فَقَالَ: إِن الله سيأتكم بِمَا تَأْكُلُونَ
قَالُوا: من أَيْن قَالَ: إِن الله سينزل عَلَيْكُم خبْزًا مخبوزاً
فَكَانَ ينزل عَلَيْهِم المنّ وَهُوَ خبز الرقَاق وَمثل الذّرة
قَالُوا: وَمَا نَأْتَدِمُ وَهل بُدِّلْنَا من لحم قَالَ: فَإِن الله يأتيكم بِهِ
قَالُوا: من أَيْن فَكَانَت الرّيح تأتيهم بالسلوى وَهُوَ طير سمين مثل الْحمام
فَقَالُوا: فَمَا نلبس قَالَ: لَا يخلق لأحدكم ثوب أَرْبَعِينَ سنة
قَالُوا: فَمَا نحتذي قَالَ: لَا يَنْقَطِع لأحدكم شسع أَرْبَعِينَ سنة
قَالُوا: فَإِنَّهُ يُولد فِينَا أَوْلَاد صغَار فَمَا نكسوهم
قَالُوا: فَمن أَيْن لنا المَاء قَالَ: يأتيكم بِهِ الله
فَأمر الله مُوسَى أَن يضْرب بعصاه الْحجر قَالُوا: فَمَا نبصر تغشانا الظامة فَضرب لَهُ عموداً من نور فِي وسط عسكره أَضَاء عسكره كُله
قَالُوا: فَبِمَ نستظل الشَّمْس علينا شَدِيدَة قَالَ: يظلكم الله تَعَالَى بالغمام
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: ظلل عَلَيْهِم الْغَمَام فِي التيه قدر خَمْسَة فراسخ أَو سِتَّة كلما أَصْبحُوا سَارُوا غادين فَإِذا امسوا إِذا هم فِي مكانهم الَّذِي ارتحلوا مِنْهُ فَكَانُوا كَذَلِك أَرْبَعِينَ سنة وهم فِي ذَلِك ينزل عَلَيْهِم الْمَنّ والسلوى وَلَا تبلى ثِيَابهمْ وَمَعَهُمْ حجر من حِجَارَة الطّور يحملونه مَعَهم فَإِذا نزلُوا ضربه مُوسَى بعصاه فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق لَهُم فِي التيه ثِيَاب لَا تخلق وَلَا تذوب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن طَاوس قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا كَانُوا فِي تيهم تشب مَعَهم ثِيَابهمْ إِذا شبوا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: لما استسقى مُوسَى لِقَوْمِهِ أوحى الله إِلَيْهِ: أَن اضْرِب بعصاك الْحجر فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا فَقَالَ لَهُم مُوسَى: ردوا معشر الْحمير
فَأوحى الله إِلَيْهِ: قلت لعبادي معشر الْحمير وَإِنِّي قد حرمت عَلَيْكُم الأَرْض المقدسة
قَالَ: يارب فَاجْعَلْ قَبْرِي مِنْهَا قذفة حجر
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو رَأَيْتُمْ قبر مُوسَى لرأيتموه من الأَرْض المقدسة قذفة بِحجر
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لما استسقى لِقَوْمِهِ فسقوا قَالَ: اشربوا ياحمير
فَنَهَاهُ عَن ذَلِك وَقَالَ: لَا تدع عبَادي ياحمير
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَلَا تأس﴾ قَالَ: لَا تحزن
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل ﴿فَلَا تأس﴾ قَالَ: لَا تحزن
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت امْرُؤ الْقَيْس وهويقول: وقوفاً بهَا صحبي عليّ مطيهم يَقُولُونَ لَا تهْلك أسى وتجمَّل وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت
قَالَ: فحبسها الله تَعَالَى حَتَّى افْتتح الْمَدِينَة وَكَانُوا إِذا أَصَابُوا الْغَنَائِم قربوها فِي القربان فَجَاءَت النَّار فَأَكَلتهَا فَلَمَّا أَصَابُوا وضعُوا القربان فَلم تجىء النَّار تَأْكُله
فَقَالُوا: يانبي الله مالنا لَا يقبل قرباننا قَالَ: فِيكُم غلُول
قَالُوا: وَكَيف لنا أَن نعلم من عِنْده الْغلُول قَالَ: وهم اثْنَا عشر سبطاً قَالَ: يبايعني رَأس كل سبط مِنْكُم فَبَايعهُ رَأس كل سبط فلزقت كَفه بكف رجل مِنْهُم فَقَالُوا لَهُ: عنْدك الْغلُول
فَقَالَ: كَيفَ لي أَن أعلم قَالَ تَدْعُو سبطك فتبايعهم رجلا رجلا فَفعل فلزقت كَفه بكف رجل مِنْهُم قَالَ: عنْدك الْغلُول
قَالَ: نعم عِنْدِي الْغلُول
قَالَ: وماهو قَالَ: رَأس ثَوْر من ذهب أعجبني فغللته فجَاء بِهِ فَوَضعه فِي الْغَنَائِم فَجَاءَت النَّار فأكلته فَقَالَ كَعْب: صدق الله وَرَسُوله هَكَذَا وَالله فِي كتاب الله يَعْنِي فِي التَّوْرَاة ثمَّ قَالَ: ياأبا هُرَيْرَة أحدثكُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي نَبِي كَانَ قَالَ: هُوَ يُوشَع بن نون
قَالَ: فحدثكم أَي قَرْيَة قَالَ: هِيَ مَدِينَة أريحاء وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم تحل الْغَنِيمَة لأحد قبلنَا وَذَلِكَ أَن الله رأى ضعفنا فطيبها لنا وَزَعَمُوا أَن الشَّمْس لم تحبس لأحد قبله وَلَا بعده
- أخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود عَن نَاس من الصَّحَابَة
أَنه كَانَ لايولد لآدَم مَوْلُود أَلا ولد مَعَه جَارِيَة فَكَانَ يزوّج غُلَام هَذَا الْبَطن لجارية الْبَطن الآخر ويزوّج جَارِيَة هَذَا الْبَطن غُلَام هَذَا الْبَطن الآخر حَتَّى ولد لَهُ ابْنَانِ يُقَال لَهما قابيل وهابيل وَكَانَ قابيل صَاحب زرع وَكَانَ هابيل صَاحب ضرع وَكَانَ قابيل أكبرهما وَكَانَت لَهُ أُخْت أحسن من أُخْت هابيل وَإِن هابيل طلب أَن ينْكح أُخْت قابيل فَأبى عَلَيْهِ وَقَالَ: هِيَ اختي ولدت معي وَهِي أحسن من أختك وَأَنا أَحَق أَن أتزوّج بهَا
فَأمره أَبوهُ أَن يتزوّجها هابيل فَأبى وإنهما قَرَّبَا قرباناً إِلَى الله أَيهمَا أَحَق
فَلَمَّا انْطلق آدم قربا قرباناً وَكَانَ قابيل يفخر عَلَيْهِ فَقَالَ: أَنا أَحَق بهَا مِنْك هِيَ أُخْتِي وَأَنا أكبر مِنْك وَأَنا وَصِيّ وَالِدي فَلَمَّا قربا قرب هابيل جَذَعَة سَمِينَة وَقرب قابيل حزمة سنبل فَوجدَ فِيهَا سنبلة عَظِيمَة ففركها فَأكلهَا فَنزلت النَّار فَأكلت قرْبَان هابيل وَتركت قرْبَان قابيل فَغَضب وَقَالَ: لأَقْتُلَنك حَتَّى لَا تنْكح أُخْتِي
فَقَالَ هابيل ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ﴾ ﴿إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وإثمك﴾ يَقُول: إِثْم قَتْلِي إِلَى إثمك الَّذِي فِي عُنُقك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد جيد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نهى أَن ينْكح الْمَرْأَة أخاها توأمها وَأَن ينْكِحهَا غَيره من اخوتها وَكَانَ يُولد لَهُ فِي كل بطن رجل وَامْرَأَة فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك ولد لَهُ امْرَأَة وضيئة وَأُخْرَى قبيحة ذميمة فَقَالَ أَخُو الذميمة: انكحني أختك وأنكحك أُخْتِي
قَالَ: لَا أَنا أَحَق بأختي فقربا قرباناً فجَاء صَاحب الْغنم بكبش أَبيض وَصَاحب الزَّرْع بصبرة من طَعَام فَتقبل من صَاحب الْكَبْش فخزنه الله فِي الْجنَّة أَرْبَعِينَ خَرِيفًا وَهُوَ الْكَبْش الَّذِي ذبحه إِبْرَاهِيم وَلم يقبل من صَاحب الزَّرْع فبنو آدم كلهم من ذَلِك الْكَافِر
وَأخرج إِسْحَق بن بشر فِي الْمُبْتَدَأ وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه من طَرِيق جُوَيْبِر وَمُقَاتِل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ولد لآدَم أَرْبَعُونَ ولدا عشرُون غُلَاما وَعِشْرُونَ جَارِيَة فَكَانَ مِمَّن عَاشَ مِنْهُم هابيل وقابيل وَصَالح وَعبد الرَّحْمَن وَالَّذِي كَانَ سَمَّاهُ عبد الْحَارِث وود وَكَانَ يُقَال لَهُ شِيث وَيُقَال لَهُ هبة الله وَكَانَ اخوته قد سودوه وَولد لَهُ سواع ويغوث ونسر وَإِن الله أمره أَن يفرق بَينهم فِي النِّكَاح ويزوج أُخْت هَذَا من هَذَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ من شَأْن ابْني آدم أَنه لم يكن مِسْكين يتَصَدَّق عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ القربان يقربهُ الرجل فَبينا ابْنا آدم قاعدان إِذْ قَالَا: لَو قربنا قرباناً وَكَانَ أَحدهمَا رَاعيا وَالْآخر حراثاً وَإِن صَاحب الْغنم قرب خير غنمه واسمنه وَقرب الآخر بعض زرعه فَجَاءَت النَّار فَنزلت فَأكلت الشَّاة
فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ: مَا ذَنبي ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ لَئِن بسطت إليّ يدك لتقتلني مَا أَنا بباسط يَدي إِلَيْك لأقتلك﴾ لَا أَنا مستنصر ولأمسكن يَدي عَنْك
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: إِن ابْني آدم اللَّذين قربا قرباناً كَانَ أَحدهمَا صَاحب حرث وَالْآخر صَاحب غنم وأنهما أُمِرَا أَن يُقَرِّبَا قرباناً وَأَن صَاحب الْغنم قرب أكْرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبَة بهَا نَفسه وَإِن صَاحب الْحَرْث قرب شَرّ حرثه الكردن والزوان غير طيبَة بهَا نَفسه وَإِن الله تقبل قرْبَان صَاحب الْغنم وَلم يقبل قرْبَان صَاحب الْحَرْث وَكَانَ من قصتهما مَا قصّ الله فِي كِتَابه وَايْم الله إِن كَانَ الْمَقْتُول لأشد الرجالين [الرجلَيْن] وَلكنه مَنعه التحرج أَن يبسط يَده إِلَى أَخِيه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ ابْني آدم﴾ قَالَ: هابيل وقابيل لصلب آدم قرب هابيل عنَاقًا من أحسن غنمه وَقرب قابيل زرعا من زرعه فَتقبل من صَاحب الشَّاة فَقَالَ لصَاحبه: لأَقْتُلَنك
فَقتله
فعقل الله إِحْدَى رجلَيْهِ بساقه إِلَى فَخذهَا من يَوْم قَتله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَجعل وَجهه إِلَى الْيمن حَيْثُ دارت عَلَيْهِ حَظِيرَة من ثلج فِي الشتَاء وَعَلِيهِ فِي الصَّيف حَظِيرَة من نَار وَمَعَهُ سَبْعَة أَمْلَاك كلما ذهب ملك جَاءَ الآخر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ ابْني آدم بِالْحَقِّ﴾ قَالَ: كَانَا من بني إِسْرَائِيل وَلم يَكُونَا ابْني آدم لصلبه وَإِنَّمَا كَانَ القربان فِي بني اسرئيل وَكَانَ أوّل من مَاتَ
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لِأَن استيقن ان الله تقبل مني صَلَاة وَاحِدَة أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا ومافيها إِن الله يَقُول ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ﴾
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لايقل عمل مَعَ تقوى وَكَيف يقل مايتقبل
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز
أَنه كتب إِلَى رجل: أوصيك بتقوى الله الَّذِي لايقبل غَيرهَا ولايرحم إِلَّا عَلَيْهَا ولايثيب إِلَّا عَلَيْهَا فَإِن الواعظين بهَا كثير والعاملين بهَا قَلِيل
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن فضَالة بن عبيد قَالَ: لِأَن أكون اعْلَم أَن الله يقبل مني مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا ومافيها فَإِن الله يَقُول ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ﴾
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ عَامر بن عبد قيس آيَة فِي الْقُرْآن أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا أَن أعطَاهُ أَن يَجْعَلنِي الله من الْمُتَّقِينَ فَإِنَّهُ قَالَ ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ﴾
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن همام بن يحيى قَالَ: بَكَى عَامر بن عبد الله عِنْد الْمَوْت فَقيل لَهُ: مايبكيك قَالَ: آيَة فِي كتاب الله
فَقيل لَهُ: أيّة آيَة قَالَ ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لايقبل عمل عبد حَتَّى يرضى عَنهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ثَابت قَالَ: كَانَ مطرف يَقُول: اللَّهُمَّ تقبَّل مني صِيَام يَوْم اللَّهُمَّ اكْتُبْ لي حَسَنَة ثمَّ يَقُول ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ﴾ قَالَ: الَّذين يَتَّقُونَ الشّرك
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن هِشَام بن يحيى عَن أَبِيه قَالَ: دخل سَائل إِلَى ابْن عمر فَقَالَ لِابْنِهِ: اعطه دِينَار فاعطاه فَلَمَّا انْصَرف قَالَ ابْنه: تقبل الله مِنْك ياأبتاه فَقَالَ: لَو علمت أَن الله تقبل مني سَجْدَة وَاحِدَة أَو صَدَقَة دِرْهَم لم يكن غَائِب أحب إِلَيّ من الْمَوْت تَدْرِي مِمَّن يتَقَبَّل الله ﴿إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ﴾
قَالَ: كَانَ كتب عَلَيْهِم إِذا أَرَادَ الرجل رجلا تَركه ولايمتنع مِنْهُ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة
قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل كتب عَلَيْهِم إِذا الرجل بسط يَده إِلَى الرجل لايمتنع عَنهُ حَتَّى يقْتله أَو يَدعه فَذَلِك قَوْله ﴿لَئِن بسطت﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وإثمك﴾ قَالَ: بقتلك إيَّايَ ﴿وإثمك﴾ قَالَ: بِمَا كَانَ مِنْك قبل ذَلِك
وَأخرج عَن قَتَادَة وَالضَّحَّاك
مثله
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل ﴿إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وإثمك﴾ قَالَ: ترجع بإثمي وإثمك الَّذِي عملت فتستوجب النَّار
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: من كَانَ كَارِه عيشه فليأتنا يلقى الْمنية أَو يبوء عناء وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعد بن أبي وَقاص: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّهَا سَتَكُون فتْنَة الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم والقائم خير من الْمَاشِي والماشي خير من السَّاعِي قَالَ: أَفَرَأَيْت إِن دخل عَليّ بَيْتِي فَبسط إليّ يَده ليقتلني قَالَ: كن كَابْن آدم وتلا ﴿لَئِن بسطت إلىّ يدك لتقتلني﴾ الْآيَة
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْحَاكِم عَن أبي ذَر قَالَ ركب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمارا وأردفني خَلفه فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر أَرَأَيْت إِن أصَاب النَّاس جوع لاتستطيع أَن تقوم من فراشك إِلَى مسجدك كَيفَ تصنع قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: تعفف يَا أباذر أَرَأَيْت إِن أصَاب النَّاس موت شَدِيد يكون الْبَيْت فِيهِ بِالْعَبدِ يَعْنِي الْقَبْر قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: اصبر يَا أَبَا ذَر
قَالَ: أَرَأَيْت إِن قتل النَّاس بَعضهم بَعْضًا حَتَّى تغرق حِجَارَة الزَّيْت من الدِّمَاء كَيفَ تصنع قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: اقعد فِي بَيْتك واغلق بابك
قلت: فَإِن لم أترك قَالَ: فَائت من أنق مِنْهُم فَكُن فيهم
قلت: فآخذ سلاحي قَالَ: إِذن تشاركهم فِيمَا هم فِيهِ وَلَكِن إِن خشيت أَن يروّعك شُعَاع السَّيْف فالق طرف ردائك على وَجهك حَتَّى يبوء بإثمه وإثمك فَيكون من أَصْحَاب النَّار
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة قَالَ: لَئِن اقتتلتم لأنتظرن أقْصَى بَيت فِي دَاري فلألجنه فلئن عليَّ فلأقولن: هَا بؤ بإثمي وإثمك كخير ابْني آدم
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أبي نَضرة قَالَ: دخل أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ يَوْم الْحرَّة غاراً فَدخل عَلَيْهِ الْغَار رجل وَمَعَ أبي سعيد السَّيْف فَوَضعه أَبُو سعيد وَقَالَ: بؤ بإثمي وإثمك وَكن من أَصْحَاب النارولفظ ابْن سعد وَقَالَ: ﴿إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وإثمك فَتكون من أَصْحَاب النَّار﴾ قَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ: أَنْت
قَالَ: نعم
قَالَ: فَاسْتَغْفر لي
قَالَ: غفر الله لَك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ابْني آدم ضربا مثلا لهَذِهِ الْأمة فَخُذُوا بِالْخَيرِ مِنْهُمَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ياأيها النَّاس أَلا إِن ابْن آدم ضربا لكم مثلا فتشبهوا بخيرهما وَلَا تتشبهوا بشرهما
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه قَالَ: قلت لبكر بن عبد الله: أما بلغك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله ضرب لكم ابْني آدم مثلا فَخُذُوا خيرهما ودعوا شرهما
قَالَ بلَى
وَأخرج الْحَاكِم بِسَنَد صَحِيح عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا إِنَّهَا سَتَكُون فتن أَلا ثمَّ تكون فتْنَة الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم والقائم فِيهَا خير من الْمَاشِي والماشي فِيهَا خير من السَّاعِي إِلَيْهَا فَإِذا نزلت فَمن كَانَ لَهُ إبل فليلحق بإبله وَمن كَانَ لَهُ أَرض فليلحق بأرضه
فَقيل: أَرَأَيْت يارسول الله إِن لم يكن لَهُ ذَلِك قَالَ: فليأخذ حجرا فليدق بِهِ على حد سَيْفه ثمَّ لينج إِن اسْتَطَاعَ النجَاة اللَّهُمَّ هَل بلغت ثَلَاثًا
فَقَالَ رجل: يارسول الله أَرَأَيْت إِن أكرهت حَتَّى ينْطَلق بِي إِلَى أحد الصفين فيرميني رجل بِسَهْم أَو يضربني بِسيف فَيَقْتُلنِي قَالَ يبوء بإثمه وإثمك فَيكون من أَصْحَاب النَّار
قَالَهَا ثَلَاثًا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة أَنه قيل لَهُ: مَا تَأْمُرنَا إِذا قتل المصلون قَالَ: آمُرك أَن تنظر أقْصَى بَيت فِي دَارك فلتج فِيهِ فَإِن دخل عَلَيْك فَتَقول لَهُ: بُؤْ بإثمي وإثمك فَتكون كَابْن آدم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يكون فتْنَة النَّائِم فِيهَا خير من المضطجع والمضطجع خير من الْقَاعِد والقاعد خير من الْمَاشِي والماشي خير من السَّاعِي قتلاها كلهَا فِي النَّار
قَالَ: يارسول الله فيمَ تَأْمُرنِي إِن أدْركْت ذَلِك قَالَ: ادخل بَيْتك
قلت: أَفَرَأَيْت إِن إِن دخل عليَّ قَالَ: قل بؤ بإثمي وإثمك وَكن عبد الله الْمَقْتُول
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: من قتل مَظْلُوما كفَّر الله كل ذَنْب عَنهُ وَذَلِكَ فِي الْقُرْآن ﴿إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وإثمك﴾
وَأخرج ابْن سعد عَن خباب بن الْأَرَت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر فتْنَة الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم والقائم فِيهَا خير من الْمَاشِي والماشي فِيهَا خير من السَّاعِي فَإِن أدْركْت ذَلِك فَكُن عبد الله الْمَقْتُول ولاتكن عبد الله الْقَاتِل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعجز أحدكُم أَتَاهُ الرجل أَن يقْتله أَن يَقُول هَكَذَا وَقَالَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى فَيكون كالخير من ابْني آدم وَإِذا هُوَ فِي الْجنَّة وَإِذا هُوَ فِي الْجنَّة وَإِذا قَاتله فِي النَّار
وأخرج عن قتادة والضحاك. مثله.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل ﴿ إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك ﴾ قال : ترجع بإثمي وإثمك الذي عملت فتستوجب النار. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت الشاعر يقول :
من كان كاره عيشه فليأتنا | يلقى المنية أو يبوء عناء |
وأخرج أحمد ومسلم والحاكم عن أبي ذر قال « ركب النبي صلى الله عليه وسلم حماراً وأردفني خلفه فقال : يا أبا ذر أرأيت إن أصاب الناس جوع لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك، كيف تصنع ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ! قال : تعفف يا أبا ذر، أرأيت إن أصاب الناس موت شديد يكون البيت فيه بالعبد يعني القبر ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ! قال : اصبر يا أبا ذر. قال : أرأيت إن قتل الناس بعضهم بعضاً حتى تغرق حجارة الزيت من الدماء، كيف تصنع ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ! قال : اقعد في بيتك واغلق بابك. قلت : فإن لم أترك ؟ قال : فائت من أنق منهم فكن فيهم. قلت : فآخذ سلاحي ؟ قال : إذن تشاركهم فيما هم فيه، ولكن إن خشيت أن يروّعك شعاع السيف فالق طرف ردائك على وجهك حتى يبوء بإثمه وإثمك فيكون من أصحاب النار ».
وأخرج البيهقي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « اكسروا سيفكم يعني في الفتنة، واقطعوا أوتاركم، والزموا أجواف البيوت، وكونوا فيها كالخير من ابني آدم ».
وأخرج ابن مردويه عن حذيفة قال : لئن اقتتلتم لأنتظرن أقصى بيت في داري فلألجنَّه فلئن دخل عليَّ فلأقولن : ها بؤ بإثمي وإثمك كخير ابني آدم.
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أبي نضرة قال : دخل أبو سعيد الخدري يوم الحرة غاراً، فدخل عليه الغار رجل ومع أبي سعيد السيف، فوضعه أبو سعيد وقال : بؤ بإثمي وإثمك وكن من أصحاب النار، ولفظ ابن سعد وقال :﴿ إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار ﴾ قال أبو سعيد الخدري : أنت. . . ؟ ! قال : نعم. قال : فاستغفر لي. قال : غفر الله لك.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن ابني آدم ضربا مثلاً لهذه الأمة فخذوا بالخير منهما ».
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « يا أيها الناس ألا إن ابني آدم ضربا لكم مثلاً، فتشبهوا بخيرهما ولا تتشبهوا بشرهما ».
وأخرج ابن جرير من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه قال : قلت لبكر بن عبد الله : أما بلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إن الله ضرب لكم ابني آدم مثلاً، فخذوا خيرهما ودعوا شرهما ؟. . قال بلى ».
وأخرج الحاكم بسند صحيح عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ألا إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها، فإذا نزلت فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كان له أرض فليلحق بأرضه. فقيل : أرأيت يا رسول الله إن لم يكن له ذلك ؟ قال : فليأخذ حجراً فليدق به على حد سيفه، ثم لينج إن استطاع النجاة، اللهم هل بلغت ثلاثاً. فقال رجل : يا رسول الله، أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين، فيرميني رجل بسهم أو يضربني بسيف فيقتلني ؟ قال يبوء بإثمه وإثمك فيكون من أصحاب النار. قالها ثلاثاً ».
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة أنه قيل له : ما تأمرنا إذا قتل المصلون ؟ قال : آمرك أن تنظر أقصى بيت في دارك فتلج فيه، فإن دخل عليك فتقول له : بُؤْ بإثمي وإثمك فتكون كابن آدم.
وأخرج أحمد والحاكم عن خالد بن عرفطة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يا خالد إنه سيكون بعدي أحداث وفتن واختلاف، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل فافعل ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول « يكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع، والمضطجع خير من القاعد، والقاعد خير من الماشي، والماشي خير من الساعي، قتلاها كلها في النار. قال : يا رسول الله، فيم تأمرني إن أدركت ذلك ؟ قال : ادخل بيتك. قلت : أفرأيت إن دخل عليَّ ؟ قال : قل بؤ بإثمي وإثمك، وكن عبد الله المقتول ».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن الأوزاعي قال : من قتل مظلوماً كفَّر الله كل ذنب عنه، وذلك في القرآن ﴿ إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك ﴾.
وأخرج ابن سعد عن خباب بن الأرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم « أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يعجز أحدكم أتاه الرجل أن يقتله أن يقول هكذا، وقال بإحدى يديه على الأخرى، فيكون كالخير من ابني آدم، وإذا هو في الجنة وإذا هو في الجنة وإذا قاتله في النار ».
- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فطوّعت لَهُ نَفسه قتل أَخِيه﴾ قَالَ: زيَّنت لَهُ نَفسه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة ﴿فطوّعت لَهُ نَفسه قتل أَخِيه﴾ ليَقْتُلهُ فرَاغ الْغُلَام مِنْهُ فِي رُؤُوس الْجبَال فَأَتَاهُ يَوْمًا من الْأَيَّام وَهُوَ يرْعَى غنما لَهُ وَهُوَ نَائِم فَرفع صَخْرَة فشدخ بهَا رَأسه فَمَاتَ فَتَركه بالعراء ولايدري كَيفَ يدْفن فَبعث الله غرابين أَخَوَيْنِ فاقتتلا فَقتل أَحدهمَا صَاحبه فحفر لَهُ ثمَّ حثا عَلَيْهِ التُّرَاب فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: ياويلتا أعجزت أَن أكون مثل هَذَا الْغُرَاب
وَأخرج عَن مُجَاهِد نَحوه
وَأخرج ابْن جرير عَن خَيْثَمَة قَالَ: لما قتل ابْن آدم أَخَاهُ شفت الأَرْض دَمه فلعنت فَلم تشف الأَرْض دَمًا بعد
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بِدِمَشْق جبل يُقَال لَهُ قاسيون فِيهِ قتل ابْن آدم أَخَاهُ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن خَبِير الشَّعْبَانِي قَالَ: كنت مَعَ كَعْب الْأَحْبَار على جبل دير المران فَرَأى لجة سَائِلَة فِي الْجَبَل فَقَالَ: هَهُنَا قتل ابْن آدم أَخَاهُ وَهَذَا أثر دَمه جعله الله آيَة للْعَالمين
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن كَعْب قَالَ: إِن الدَّم الَّذِي على جبل قاسيون هُوَ دم ابْن آدم
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: إِن الأَرْض نشفت دم ابْن آدم الْمَقْتُول فلعن ابْن آدم الأَرْض فَمن أجل ذَلِك لاتنشف الأَرْض دَمًا بعد دم هابيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج نعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن عَن عبد الرَّحْمَن بن فضَالة قَالَ: لما قتل قابيل هابيل مسح الله عقله وخلع فُؤَاده تائها حَتَّى مَاتَ
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَأصْبح من الخاسرين﴾ أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتقتل نفس ظلما إِلَّا كَانَ على ابْن آدم الأول كفل من دَمهَا لِأَنَّهُ أول من سنّ الْقَتْل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماقتلت نفس ظلما إِلَّا كَانَ على ابْن آدم قَاتل الأول كفل من دَمهَا لِأَنَّهُ أول من سنّ الْقَتْل
وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن أَشْقَى النَّاس رجلا لِابْنِ آدم الَّذِي قتل أَخَاهُ مَا سفك دم فِي الأَرْض مُنْذُ قتل أَخَاهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا لحق بِهِ مِنْهُ شَيْء وَذَلِكَ أَنه أول من سنّ الْقَتْل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشْقَى النَّاس ثَلَاثَة:
وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَمْرو قَالَ إِنَّا لنجد ابْن آدم الْقَاتِل يقاسم أهل النَّار قسْمَة صَحِيحَة الْعَذَاب عَلَيْهِ شطر عَذَابهمْ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت من طَرِيق عبد الله بن دِينَار عَن أبي أَيُّوب الْيَمَانِيّ عَن رجل من قومه يُقَال لَهُ عبد الله أَنه وَنَفَرًا من قومه ركبُوا الْبَحْر وَإِن الْبَحْر أظلم عَلَيْهِم أَيَّامًا ثمَّ انجلت عَنْهُم تِلْكَ الظلمَة وهم قرب قَرْيَة
قَالَ عبد الله: فَخرجت ألتمس المَاء وَإِذا أَبْوَاب مغلقة تجأجأ فِيهَا الرّيح فهتفت فِيهَا فَلم يجبني أحد فَبينا أَنا على ذَلِك إِذْ طلع عليَّ فارسان فسألا عَن أَمْرِي فأخبرتهما الَّذِي أَصَابَنَا فِي الْبَحْر وَأَنِّي خرجت أطلب المَاء فَقَالَا لي: اسلك فِي هَذِه السِّكَّة فَإنَّك ستنتهي إِلَى بركَة فِيهَا مَاء فاستق مِنْهَا ولايهولنك ماترى فِيهَا
فَسَأَلتهمَا عَن تِلْكَ الْبيُوت المغلقة الَّتِي تجأجىء فِيهَا الرّيح فَقَالَا: هَذِه بيُوت أَرْوَاح الْمَوْتَى فَخرجت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى الْبركَة فَإِذا فِيهَا رجل مُعَلّق منكوس على رَأسه يُرِيد أَن يتَنَاوَل المَاء بِيَدِهِ فَلَا يَنَالهُ فَلَمَّا رَآنِي هتف بِي وَقَالَ: يَا عبد الله اسْقِنِي فغرفت بالقدح لأناوله فقبضت يَدي فَقلت: أَخْبرنِي من أَنْت فَقَالَ: أَنا ابْن آدم أول من سفك دَمًا فِي الأَرْض
- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطِيَّة قَالَ: لما قَتله نَدم ضمه إِلَيْهِ حَتَّى أروح وعكفت عَلَيْهِ الطير وَالسِّبَاع تنْتَظر مَتى يَرْمِي بِهِ فتأكله وَكره أَن يَأْتِي بِهِ آدم فيحزنه فَبعث الله غرابين قتل أَحدهمَا الآخر وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ ثمَّ حفر بِهِ بمنقاره وبرجليه حَتَّى مكَّن لَهُ ثمَّ دَفعه بِرَأْسِهِ حَتَّى أَلْقَاهُ فِي الحفرة ثمَّ بحث عَلَيْهِ برجليه حَتَّى واراه فَلَمَّا رأى مَا صنع الْغُرَاب ﴿يَا ويلتى أعجزت أَن أكون مثل هَذَا الْغُرَاب فأواري سوأة أخي﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ غراب إِلَى غراب ميت فَحَثَا عَلَيْهِ التُّرَاب حَتَّى واراه فَقَالَ الَّذِي قتل أَخَاهُ ﴿يَا ويلتى أعجزت أَن أكون مثل هَذَا الْغُرَاب فأواري سوأة أخي﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مكث يحمل أَخَاهُ فِي جراب على رقبته سنة حَتَّى بعث الله بغرابين فرآهما يبحثان فَقَالَ ﴿أعجزت أَن أكون مثل هَذَا الْغُرَاب﴾ فَدفن أَخَاهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: ان آدم لما قتل أحد ابنيه الآخر مكث مائَة عَام لايضحك حزنا عَلَيْهِ فَأتى على رَأس الْمِائَة فَقيل لَهُ: حياك الله وبياك وَبشر بِغُلَام فَعِنْدَ ذَلِك ضحك
وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قتل ابْن آدم بَكَى آدم فَقَالَ: تَغَيَّرت الْبِلَاد وَمن عَلَيْهَا فلون الأَرْض مغبر قَبِيح تغير كل ذِي لون وَطعم وَقل بشاشة الْوَجْه الْمليح فَأُجِيب آدم عَلَيْهِ السَّلَام: أَبَا هابيل قد قتلا جَمِيعًا وَصَارَ الْحَيّ بِالْمَيتِ الذَّبِيح وَجَاء بشره قد كَانَ مِنْهُ على خوف فجَاء بهَا يَصِيح وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قتل ابْن آدم أَخَاهُ قَالَ آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: تَغَيَّرت الْبِلَاد وَمن عَلَيْهَا فلون الأَرْض مغبر قَبِيح تغير كل ذِي لون وَطعم وَقل بشاشة الْوَجْه الْمليح قتل قابيل هابيلا أَخَاهُ فواحزنا مضى الْوَجْه الْمليح فَأَجَابَهُ إِبْلِيس عَلَيْهِ اللَّعْنَة: تَنَح عَن الْبِلَاد وساكنيها فَبِي فِي الْخلد ضَاقَ بك الفسيح
- أخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿من أجل ذَلِك كتبنَا على بني إِسْرَائِيل﴾ يَقُول: من أجل ابْن آدم الَّذِي قتل أَخَاهُ ظلما
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله ﴿من قتل نفسا بِغَيْر نفس أَو فَسَاد فِي الأَرْض فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا﴾ عِنْد الْمَقْتُول يَقُول: فِي الْإِثْم ﴿وَمن أَحْيَاهَا﴾ فاستنقذها من هلكة ﴿فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا﴾ عِنْد المستنفذ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا﴾ قَالَ: أوبق نَفسه كَمَا لَو قتل النَّاس جَمِيعًا وَفِي قَوْله ﴿وَمن أَحْيَاهَا﴾ قَالَ: من سلم من قَتلهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: احياؤها أَن لايقتل نفسا حرمهَا الله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: من قتل نَبيا أَو إِمَام عدل فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: دخلت على عُثْمَان يَوْم الدَّار فَقلت: جِئْت لأنصرك
فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة أَيَسُرُّك أَن تقتل النَّاس جَمِيعًا وإيار مَعَهم قلت: لَا
قَالَ: فَإنَّك إِن قتلت رجلا وَاحِدًا فَكَأَنَّمَا قتلت النَّاس جَمِيعًا فَانْصَرف
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿من قتل نفسا بِغَيْر نفس أَو فَسَاد فِي الأَرْض فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا﴾ قَالَ: فِي الْوزر ﴿وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا﴾ قَالَ: فِي الْأجر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمن أَحْيَاهَا﴾ قَالَ: من أنجاها من غرق أَو حرق أَو هدم أَو هلكة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿وَمن أَحْيَاهَا﴾ قَالَ: من قتل حميم فَعَفَا عَنهُ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه قيل لَهُ فِي هَذِه الْآيَة: أَهِي لنا كَمَا كَانَت لبني إِسْرَائِيل قَالَ: اي وَالَّذِي لااله غَيره
- أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ قَالَ: نزلت فِي الْمُشْركين مِنْهُم من تَابَ قبل أَن يقدر عَلَيْهِ لم يكن عَلَيْهِ سَبِيل وَلَيْسَت تحرز هَذِه الْآيَة الرجل الْمُسلم من الْحَد إِن قتل أَو أفسد فِي الأَرْض أَو حَارب الله وَرَسُوله ثمَّ لحق بالكفار قبل أَن يقدروا عَلَيْهِ لم يمنعهُ ذَلِك أَن يُقَام فِيهِ الْحَد الَّذِي أَصَابَهُ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن سعد قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الحرورية ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس أَن نَفرا من عكل قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأسلموا وآمنوا فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتُوا إبل الصَّدَقَة فيشربوا من أبوالها فَقتلُوا راعيها واستاقوها فَبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَلَبهمْ فَأتى بهم فَقطع أَيْديهم وأرجلهم وسمل أَعينهم وَلم يحسمهم وتركهم حَتَّى مَاتُوا فَأنْزل الله ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: نزلت آيَة الْمُحَاربين فِي الْعرنِين
وَأخرج ابْن جرير قَالَ: قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قوم من عرينة مضرورين فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا صحوا واشتدوا قتلوا رعاء اللقَاح ثمَّ صرخوا باللقاح عَامِدين بهَا إِلَى أَرض قَومهمْ قَالَ جرير: فَبَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفر من الْمُسلمين فقدمنا بهم فَقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف وسمل أَعينهم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن أبي حبيب أَن عبد الْملك بن مَرْوَان كتب إِلَى أنس يسْأَله عَن هَذِه الْآيَة فَكتب إِلَيْهِ أنس يُخبرهُ أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي أُولَئِكَ النَّفر من الْعرنِين وهم من بجيلة
قَالَ أنس فَارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام وَقتلُوا الرَّاعِي وَاسْتَاقُوا الْإِبِل وأخافوا السَّبِيل وَأَصَابُوا الْفرج الْحَرَام فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل عَن الْقَضَاء فِيمَن حَارب فَقَالَ: من سرق وأخاف السَّبِيل واستحل الْفرج الْحَرَام فاصلبه
وَأخرج الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ فِي إِيضَاح الْإِشْكَال من طَرِيق أبي قلَابَة عَن أنس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجال من بني فزاره قد مَاتُوا هزالًا فَأَمرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى لقاحه فسرقوها فطلبوا فَأتى بهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقطع أَيْديهم وأرجلهم وسمل أَعينهم قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فيهم نزلت هَذِه الْآيَة ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ قَالَ: فَترك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعْين بعد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ نَاس من بني سليم أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَايعُوهُ على الْإِسْلَام وهم كذبة ثمَّ قَالُوا: إِنَّا نَجْتَوِي الْمَدِينَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذِه اللقَاح تَغْدُو عَلَيْكُم وَتَروح فَاشْرَبُوا من أبوالها فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ جَاءَ الصَّرِيخ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قتلوا الرَّاعِي وَسَاقُوا النعم فَرَكبُوا فِي أَثَرهم فَرجع صحابة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أَسرُّوا مِنْهُم فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهم فَأنْزل الله ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
فَقتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم وصلب وَقطع وسمل الْأَعْين قَالَ: فَمَا مثل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل ولابعد وَنهى عَن الْمثلَة وَقَالَ: لاتمثلوا بِشَيْء
وَأخرج مُسلم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ إِنَّمَا سمل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعين أُولَئِكَ لأَنهم سملوا أعين الرُّعَاة
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي سودان عرينة أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبهم المَاء الْأَصْفَر فشكوا ذَلِك إِلَيْهِ فَأَمرهمْ فَخَرجُوا إِلَى إبل الصَّدَقَة فَقَالَ اشربوا من أبوالها وَأَلْبَانهَا فَشَرِبُوا حَتَّى إِذا صحوا وبرئوا قتلوا الرُّعَاة وَاسْتَاقُوا الْإِبِل فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى بهم فَأَرَادَ أَن يسمل أَعينهم فَنَهَاهُ الله عَن ذَلِك وَأمره أَن يُقيم فيهم الْحُدُود كَمَا أنزل الله
وَأخرج ابْن جرير عَن الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ: ذكرت لليث بن سعد ماكان من سمل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَترك حسمهم حَتَّى مَاتُوا فَقَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن عجلَان يَقُول: أنزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معاتبة فِي ذَلِك وعلَّمه عُقُوبَة مثلهم من الْقطع وَالْقَتْل وَالنَّفْي وَلم يسمل بعدهمْ وَغَيرهم
قَالَ: وَكَانَ هَذَا القَوْل ذكر لِابْنِ عمر فَأنْكر أَن تكون نزلت معاتبة وَقَالَ: بل كَانَت عُقُوبَة ذَلِك النَّفر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن أبي الزِّنَاد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قطع الَّذين أخذُوا لقاحه وسمل أَعينهم عاتبه الله فِي ذَلِك فَأنْزل الله ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
قَالَ: إِذا خرج الْمُحَارب فَأخذ المَال وَلم يقتل يقطع من خلاف واذا خرج فَقتل وَلم يَأْخُذ المَال قتل وَإِذا خرج فَقتل وَأخذ المَال قتل وصلب واذا خرج فَأَخَاف السَّبِيل وَلم يَأْخُذ المَال وَلم يقتل نفي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
قَالَ: من شهر السِّلَاح فِي قبَّة الْإِسْلَام وأفسد السَّبِيل وَظهر عَلَيْهِ وَقدر فإمام الْمُسلمين مخيَّر فِيهِ إِن شَاءَ قَتله وَإِن شَاءَ صلبه وَإِن شَاءَ قطع يَده وَرجله قَالَ ﴿أَو ينفوا من الأَرْض﴾ يهربوا يخرجُوا من دَار الْإِسْلَام إِلَى دَار الْحَرْب
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لايحل دم امرىء مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث خِصَال: زَان مُحصن يرْجم وَرجل قتل مُتَعَمدا فَيقْتل وَرجل خرج من الْإِسْلَام فحارب فَيقْتل أَو يصلب أَو ينفى من الأَرْض
وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس أَن قوما من عرينة جاؤوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأسلموا وَكَانَ مِنْهُم مواربة قد شلت أعضاؤهم واصفرت وُجُوههم وعظمت بطونهم فَأَمرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى إبل الصَّدَقَة يشْربُوا من أبوالها وَأَلْبَانهَا فَشَرِبُوا حَتَّى صحوا وسمنوا فعمدوا إِلَى راعي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَتَلُوهُ وَاسْتَاقُوا الْإِبِل وَارْتَدوا عَن الْإِسْلَام وَجَاء جِبْرِيل فَقَالَ: يامحمد ابْعَثْ فِي آثَارهم فَبعث ثمَّ قَالَ: ادْع بِهَذَا الدُّعَاء: اللَّهُمَّ إِن السَّمَاء سماؤك وَالْأَرْض أَرْضك والمشرق مشرقك وَالْمغْرب مغربك اللَّهُمَّ ضيق [] من مسك حمل حَتَّى تقدرني عَلَيْهِم
فجاؤوا بهم فَأنْزل الله تَعَالَى ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
فَأمره جِبْرِيل أَن من أَخذ المَال وَقتل يصلب وَمن قتل وَلم يَأْخُذ المَال يقتل وَمن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
قَالَ: هَذَا الَّذِي يقطع الطَّرِيق فَهُوَ محَارب فَإِن قتل وَأخذ مَالا صلب وَإِن قتل وَلم يَأْخُذ مَالا قتل وَإِن أَخذ مَالا وَلم يقتل قطعت يَده وَرجله وَإِن أَخذ قبل أَن يفعل شَيْئا من ذَلِك نفي وَأما قَوْله ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم﴾ فَهَؤُلَاءِ خَاصَّة وَمن أصَاب دَمًا ثمَّ تَابَ من قبل أَن يقدر عَلَيْهِ أهْدر عَنهُ مامضى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عَطاء وَمُجاهد قَالَا: الإِمَام فِي ذَلِك مُخَيّر إِن شَاءَ قتل وَإِن شَاءَ قطع وَإِن شَاءَ صلب وَإِن شَاءَ نفى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب وَالْحسن وَالضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالُوا: الإِمَام مخيَّر فِي الْمُحَارب يصنع بِهِ ماشاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك فال كَانَ قوم بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِيثَاق فنقضوا الْعَهْد وقطعو السبل وأفسدوا فِي الأَرْض فَخير الله نبيه فيهم إِن شَاءَ قتل وَإِن شَاءَ صلب وَإِن شَاءَ قطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض
قَالَ: هُوَ أَن يطلبوا حَتَّى يعْجزُوا فَمن تَابَ قبل أَن يقدروا عَلَيْهِ قبل ذَلِك مِنْهُ
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن الضَّحَّاك قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُشْركين
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نَفْيه أَن يَطْلُبهُ الإِمَام حَتَّى يَأْخُذهُ أَقَامَ عَلَيْهِ إِحْدَى هَذِه الْمنَازل الَّتِي ذكر الله بِمَا اسْتحلَّ
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿أَو ينفوا من الأَرْض﴾ قَالَ: من بلد إِلَى بلد
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: ينفى حَتَّى لايقدر عَلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله ﴿أَو ينفوا من الأَرْض﴾ قَالَ: نَفْيه أَن يطْلب فَلَا يقدرعليه كلما سمع بِهِ أَرض طلب
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: من أَخَاف سَبِيل الْمُؤمنِينَ نفي من بلد إِلَى غَيره
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا﴾ قَالَ: الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَقتل النَّفس وهلاك الْحَرْث والنسل
وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَسَعِيد بن جُبَير قَالَا: ان جَاءَ تَائِبًا لم يقطع مَالا ولاسفك دَمًا فَذَلِك الَّذِي قَالَ الله ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَشْرَاف وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ حَارِثَة بن بدر التَّمِيمِي من أهل الْبَصْرَة قد أفسد فِي الأَرْض وَحَارب وكلم رجَالًا من قُرَيْش أَن يستأمنوا لَهُ عليا فَأَبَوا فَأتى سعيد بن قيس الهمذاني فَأتى عليا فَقَالَ: ياأمير الْمُؤمنِينَ ماجزاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا قَالَ: أَن يقتلُوا أَو يصلبوا أَو تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض ثمَّ قَالَ ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم﴾ فَقَالَ سعيد: وَإِن كَانَ حَارِثَة بن بدر فَقَالَ: هَذَا حَارِثَة بن بدر قد جَاءَ تَائِبًا فَهُوَ آمن قَالَ: نعم
قَالَ: فجَاء بِهِ إِلَيْهِ فَبَايعهُ وقَبِل ذَلِك مِنْهُ وَكتب لَهُ أَمَانًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الْأَشْعَث عَن رجل قَالَ: صلى رجل مَعَ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْغَدَاة ثمَّ قَالَ: هَذَا مقَام العائذ التائب أَنا فلَان بن فلَان أَنا كنت مِمَّن حَارب الله وَرَسُوله وَجئْت تَائِبًا من قبل أَن يقدر عليَّ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: إِن فلَان بن فلَان كَانَ مِمَّن حَارب الله وَرَسُوله وَجَاء تَائِبًا من قبل أَن يقدر عَلَيْهِ فلايعرض لَهُ أحد إِلَّا بِخَير فَإِن يكن صَادِقا فسبيلي ذَلِك وَإِن يَك كَاذِبًا فَلَعَلَّ الله أَن يَأْخُذهُ بِذَنبِهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن رجل سرق سَرقَة فجَاء تَائِبًا من غير أَن يُؤْخَذ عَلَيْهِ هَل عَلَيْهِ حد قَالَ: لَا ثمَّ قَالَ: ﴿إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم﴾ الْآيَة
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي وسعيد بن جبير قالا : إن جاء تائباً لم يقطع مالاً، ولا سفك دماً، فذلك الذي قال الله ﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب الأشراف وابن جرير وابن أبي حاتم عن الشعبي قال : كان حارثة بن بدر التميمي من أهل البصرة، قد أفسد في الأرض وحارب، وكلم رجالاً من قريش أن يستأمنوا له علياً فأبوا، فأتى سعيد بن قيس الهمداني، فأتى علياً فقال : يا أمير المؤمنين ما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ؟ قال : أن يقتلوا، أو يصلبوا، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو ينفوا من الأرض، ثم قال ﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾ فقال سعيد : وإن كان حارثة بن بدر ؟ فقال : هذا حارثة بن بدر قد جاء تائباً فهو آمن ؟ قال : نعم.
قال : فجاء به إليه، فبايعه وقَبِل ذلك منه وكتب له أماناً.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الأشعث عن رجل قال : صلى رجل مع أبي موسى الأشعري الغداة، ثم قال : هذا مقام العائذ التائب، أنا فلان بن فلان، أنا كنت ممن حارب الله ورسوله وجئت تائباً من قبل أن يقدر عليَّ، فقال أبو موسى : إن فلان ابن فلان كان ممن حارب الله ورسوله وجاء تائباً من قبل أن يقدر عليه، فلا يعرض له أحد إلا بخير، فإن يكن صادقاً فسبيلي ذلك، وإن يك كاذباً فلعل الله أن يأخذه بذنبه.
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء أنه سئل عن رجل سرق سرقة فجاء تائباً من غير أن يؤخذ عليه، هل عليه حد ؟ قال : لا، ثم قال ﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم. . . ﴾ الآية.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن السدي في قوله ﴿ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ﴾ قال : سمعنا انه إذا قَتَلَ قُتِلَ، وإذا أخذ المال ولم يقتل قطعت يده بالمال، ورجله بالمحاربة، وإذا قتل وأخذ المال قطعت يده ورجلاه وصلب ﴿ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ﴾ فإن جاء تائباً إلى الإمام قبل أن يقدر عليه فأمنه الإمام فهو آمن، فإن قتله إنسان بعد أن يعلم أن الإمام قد أمنه قتل به، فإن قتله ولم يعلم أن الإمام قد أمنه كانت الدية.
- أخرج عبد بن حميد وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله ﴿وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة﴾ قَالَ: الْقرْبَة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة فِي قَوْله ﴿وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة﴾ قَالَ: الْقرْبَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة﴾ قَالَ: تقربُوا إِلَى الله بِطَاعَتِهِ وَالْعَمَل بِمَا يرضيه
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي وَائِل قَالَ ﴿الْوَسِيلَة﴾ فِي الْإِيمَان
وَأخرج الطستي وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل ﴿وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة﴾ قَالَ: الْحَاجة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت عنترة وَهُوَ يَقُول: إِن الرِّجَال لَهُم إِلَيْك وَسِيلَة إِن يأخذوك تكللي وتخضبي
قَالَ يزِيد بن الْفَقِير: فَقلت لجَابِر بن عبد الله: يَقُول الله ﴿يُرِيدُونَ أَن يخرجُوا من النَّار وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾ قَالَ: اتل أول الْآيَة ﴿إِن الَّذين كفرُوا لَو أَن لَهُم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا وَمثله مَعَه ليفتدوا بِهِ من عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة﴾ أَلا إِنَّهُم الَّذين كفرُوا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن طلق بن حبيب قَالَ: كنت من أَشد النَّاس تَكْذِيبًا للشفاعة حَتَّى لقِيت جَابر بن عبد الله فَقَرَأت عَلَيْهِ كل آيَة أقدر عَلَيْهَا يذكر الله فِيهَا خُلُود أهل النَّار
قَالَ: ياطلق أتراك أَقْرَأ لِكِتابِ الله وأَعْلَم لسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مني إِن الَّذين قَرَأت هم أَهلهَا هم الْمُشْركُونَ وَلَكِن هَؤُلَاءِ قوم أَصَابُوا ذنوباً ثمَّ خَرجُوا مِنْهَا ثمَّ أَهْوى بيدَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ: صمتا إِن لم أكن سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يخرجُون من النَّار بَعْدَمَا دخلُوا وَنحن نَقْرَأ كَمَا قَرَأت
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لِابْنِ عَبَّاس ﴿وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَيحك
اقْرَأ مافوقها هَذِه للْكفَّار
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن الله إِذا فرغ من الْقَضَاء بَين خلقه أخرج كتابا من تَحت عَرْشه فِيهِ: رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَأَنا أرْحم الرَّاحِمِينَ
قَالَ: فَيخرج من النَّار مثل أهل الْجنَّة أَو قَالَ مثلي أهل الْجنَّة مَكْتُوب هَهُنَا مِنْهُم - وَأَشَارَ إِلَى نَحره - عُتَقَاء الله تَعَالَى فَقَالَ رجل لعكرمة: يَا أَبَا عبد الله فَإِن الله يَقُول ﴿يُرِيدُونَ أَن يخرجُوا من النَّار وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾ قَالَ: وَيلك
أُولَئِكَ هم أَهلهَا الَّذين هم أَهلهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أَشْعَث قَالَ: قلت: أَرَأَيْت قَول الله ﴿يُرِيدُونَ أَن يخرجُوا من النَّار وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا﴾ فَقَالَ: إِنَّك وَالله لاتسقط على شَيْء إِن للنار أَهلا لايخرجون مِنْهَا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك قَالَ: ماكان فِيهِ عَذَاب مُقيم يَعْنِي دَائِم لاينقطع
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن مردويه والبيهقي في الشعب، عن طلق بن حبيب قال : كنت من أشد الناس تكذيباً للشفاعة حتى لقيت جابر بن عبد الله، فقرأت عليه كل آية أقدر عليها يذكر الله فيها خلود أهل النار. قال : يا طلق، أتراك أَقْرَأ لِكِتابِ الله وأَعْلَم لِسُنَّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم مني ؟ إن الذين قرأت هم أهلها، هم المشركون، ولكن هؤلاء قوم أصابوا ذنوباً ثم خرجوا منها، ثم أهوى بيديه إلى أذنيه فقال : صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « يخرجون من النار بعدما دخلوا » ونحن نقرأ كما قرأت.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس ﴿ وما هم بخارجين منها ﴾ فقال ابن عباس : ويحك. . . ! اقرأ ما فوقها، هذه للكفار.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : إن الله إذا فرغ من القضاء بين خلقه أخرج كتاباً من تحت عرشه فيه : رحمتي سبقت غضبي وأنا أرحم الراحمين. قال : فيخرج من النار مثل أهل الجنة، أو قال مثلي أهل الجنة، مكتوب ههنا منهم - وأشار إلى نحره - عتقاء الله تعالى، فقال رجل لعكرمة : يا أبا عبد الله، فإن الله يقول ﴿ يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ﴾ قال : ويلك. . ! أولئك هم أهلها الذين هم أهلها.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في الشعب عن أشعث قال : قلت : أرأيت قول الله ﴿ يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ﴾ فقال : إنك والله لا تسقط على شيء، إن للنار أهلاً لا يخرجون منها كما قال الله تعالى.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي مالك قال : ما كان فيه عذاب مقيم، يعني دائم لا ينقطع.
وَأخرج عبد بن حميد عَن نجدة بن نفيع قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله ﴿وَالسَّارِق والسارقة﴾ الْآيَة
قَالَ: ماكان من الرِّجَال وَالنِّسَاء قطع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ فَاقْطَعُوا أيمانهما
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ
أَنه قَالَ: فِي قراءتنا وَرُبمَا قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله والسارقون والسارقات فَاقْطَعُوا أَيْمَانهم
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿جَزَاء بِمَا كسبا نكالا من الله﴾ قَالَ: لاترثوا لَهُم فِيهِ فَإِنَّهُ أَمر الله الَّذِي أَمر بِهِ قَالَ: وَذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب كَانَ يَقُول: اشتدوا على الْفُسَّاق واجعلوهم يدا يدا ورجلاً رجلا
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لاتقطع يَد السَّارِق إلافي ربع دِينَار فَصَاعِدا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ إِن أول حد أقيم فِي الْإِسْلَام لرجل أَتَى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سرق فَشَهِدُوا عَلَيْهِ فَأمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقطع فَلَمَّا حف الرجل نظر إِلَى وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّمَا سفى فِيهِ الرماد فَقَالُوا: يارسول الله كَأَنَّهُ اشْتَدَّ عَلَيْك قطع هَذَا
قَالَ: ومايمنعني وَأَنْتُم أعون للشَّيْطَان على أخيكم قَالُوا: فَأرْسلهُ
قَالَ: فَهَلا قبل أَن تَأْتُونِي بِهِ إِن الإِمَام إِذا أَتَى بِحَدّ لم يسغْ لَهُ أَن يعطله
- أخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عمر أَن امْرَأَة سرقت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقطعت يَدهَا الْيُمْنَى
فَقَالَت: هَل لي من تَوْبَة يارسول
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَمن تَابَ من بعد ظلمه وَأصْلح فَإِن الله يَتُوب عَلَيْهِ﴾ يَقُول: الْحَد كَفَّارَته
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن ثَوْبَان قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل سرق شملة فَقَالَ: ماأخاله سرق أَو سرقت قَالَ: نعم
قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوا يَده ثمَّ احسموها ثمَّ ائْتُونِي بِهِ فَأتوهُ بِهِ فَقَالَ: تبت إِلَى الله فَقَالَ: إِنِّي أَتُوب إِلَى الله
قَالَ: اللَّهُمَّ تب عَلَيْهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن الْمُنْكَدر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع رجلا ثمَّ أَمر بِهِ فحسم وَقَالَ: تب إِلَى الله فَقَالَ أَتُوب إِلَى الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن السَّارِق إِذا قطعت يَده وَقعت فِي النَّار فَإِن عَاد تبعها وَإِن تَابَ استشلاها يَقُول: استرجعها
- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول لَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر﴾ قَالَ: هم الْيَهُود ﴿من الَّذين قَالُوا آمنا بأفواههم وَلم تؤمن قُلُوبهم﴾ قَالَ: هم المُنَافِقُونَ
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله أنزل ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَامر الشّعبِيّ فِي قَوْله ﴿وَلَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر﴾ قَالَ: رجل من الْيَهُود قتل رجلا من أهل دينه فَقَالُوا لحلفائهم من الْمُسلمين: سلوا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن كَانَ يقْضِي بِالدِّيَةِ اختصمنا إِلَيْهِ وَإِن كَانَ يقْضِي بِالْقَتْلِ لم نأته
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة أَن أَحْبَار الْيَهُود اجْتَمعُوا فِي بَيت الْمِدْرَاس حِين قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَقد زنى رجل بعد احصانه بِامْرَأَة من الْيَهُود وَقد أحصنت فَقَالُوا: ابْعَثُوا هَذَا الرجل وَهَذِه الْمَرْأَة إِلَى مُحَمَّد فَاسْأَلُوهُ كَيفَ الحكم فيهمَا وولوه الحكم فيهمَا فَإِن حكم بعملكم من التجبية وَالْجَلد بِحَبل من لِيف مَطْلِي بقار ثمَّ يسود وُجُوههمَا ثمَّ يحْملَانِ على حِمَارَيْنِ وُجُوههمَا من قبل أدبار الْحمار فَاتَّبعُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ ملك سيد الْقَوْم وَإِن حكم فيهمَا بِالنَّفْيِ فَإِنَّهُ نَبِي فَاحْذَرُوهُ على مَا فِي أَيْدِيكُم أَن يسلبكم
فَأتوهُ فَقَالُوا: يامحمد
هَذَا رجل قد زنى بعد إحْصَانه بِامْرَأَة قد أحصنت فاحكم فيهمَا فقد وليناك الحكم فيهمَا فَمشى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى أَحْبَارهم فِي بَيت
فَسَأَلَهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ حصل أَمرهم إِلَى أَن قَالُوا لعبد الله بن صوريا: هَذَا أعلم من بَقِي بِالتَّوْرَاةِ فَخَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وشدد الْمَسْأَلَة وَقَالَ: ياابن صوريا أنْشدك الله وأذكرك أَيَّامه عِنْد بني إِسْرَائِيل هَل تعلم أَن الله حكم فِيمَن زنى بعد إحْصَانه بِالرَّجمِ فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: اللَّهُمَّ نعم أما وَالله يَا أَبَا الْقَاسِم إِنَّهُم ليعرفون أَنَّك مُرْسل وَلَكنهُمْ يحسدونك فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر بهما فَرُجِمَا عِنْد بَاب الْمَسْجِد ثمَّ كفر بعد ذَلِك ابْن صوريا وَجحد نبوّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول لَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أول مرجوم رجمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْيَهُود زنى رجل مِنْهُم وَامْرَأَة فَقَالَ بَعضهم لبَعض: اذْهَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِي فَإِنَّهُ نَبِي بعث بتَخْفِيف فَإِن أَفتانا بِفُتْيَا دون الرَّجْم قبلناها واحتججنا بهَا عِنْد الله وَقُلْنَا: فتيا نَبِي من أنبيائك
قَالَ: فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد وَأَصْحَابه فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم ماترى فِي رجل وَامْرَأَة مِنْهُم زَنَيَا فَلم يكلمهُ كلمة حَتَّى أَتَى مِدْرَاسهمْ فَقَامَ على الْبَاب فَقَالَ: أنْشدك الله الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى ماتجدون فِي التَّوْرَاة على من زنى إِذا أحصن قَالُوا يحمم ويجبه ويجلد وَالتَّجْبِيَة أَن يحمل الزانيان على حمَار ويقابل أقفيتهما وَيُطَاف بهما وَسكت شَاب فَلَمَّا رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سكت ألظ النِّشْدَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَشَدتنَا فَإنَّا نجد فِي التَّوْرَاة الرَّجْم ثمَّ زنى رجل فِي أسرة من النَّاس فَأَرَادَ رجمه فحال قومه دونه وَقَالُوا: وَالله مانرجم صاحبنا حَتَّى تَجِيء بصاحبك فترجمه فَاصْطَلَحُوا بِهَذِهِ الْعقُوبَة بَينهم
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَإِنِّي أحكم بِمَا فِي التَّوْرَاة فَأمر بهما فرجمها
قَالَ الزُّهْرِيّ: فَبَلغنَا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فيهم ﴿إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٤ فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والنحاس فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر قَالَ: إِن الْيَهُود جاؤوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا لَهُ رجلا مِنْهُم وَامْرَأَة زَنَيَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماتجدون فِي التَّوْرَاة قَالُوا: نفصحهم ويجلدون
قَالَ عبد الله بن سَلام: كَذبْتُمْ ان فِيهَا آيَة الرَّجْم فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فنشروها فَوضع أحدهم يَده على آيَة الرَّجْم فَقَالَ ماقبلها وَمَا بعْدهَا فَقَالَ عبد الله بن سَلام: ارْفَعْ يدك فَرفع يَده فَإِذا آيَة الرَّجْم
قَالُوا: صدق فَأمر بهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرُجِمَا
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لم تؤتوه فاحذروا﴾ قَالَ هم الْيَهُود زنت مِنْهُم امْرَأَة وَقد كَانَ حكم الله فِي التَّوْرَاة فِي الزِّنَا الرَّجْم فنفسوا أَن يرجموها وَقَالُوا: انْطَلقُوا إِلَى مُحَمَّد فَعَسَى أَن تكون عِنْده رخصَة فَإِن كَانَت عِنْده رخصَة فاقبلوها فَأتوهُ فَقَالُوا: ياأبا الْقَاسِم إِن امْرَأَة منا زنت فَمَا تَقول فِيهَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَكيف حكم الله فِي التَّوْرَاة فِي الزَّانِي قَالُوا: دَعْنَا مِمَّا فِي التَّوْرَاة وَلَكِن ماعندك فِي ذَلِك فَقَالَ: ائْتُونِي
فَقَالَ لَهُم: بِالَّذِي نجاكم من آل فِرْعَوْن وَبِالَّذِي فلق لكم الْبَحْر فانجاكم وَأغْرقَ آل فِرْعَوْن إِلَّا أخبرتموني ماحكم الله فِي التَّوْرَاة فِي الزَّانِي قَالُوا: حكمه الرَّجْم فَأمر بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرجمت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله ﴿وَمن الَّذين هادوا سماعون للكذب﴾ قَالَ: يهود الْمَدِينَة ﴿سماعون لقوم آخَرين لم يأتوك﴾ قَالَ: يهود فدك ﴿يحرفُونَ الْكَلم﴾ قَالَ: يهود فدك ﴿يَقُولُونَ﴾ ليهود الْمَدِينَة ﴿إِن أُوتِيتُمْ هَذَا﴾ الْجلد ﴿فَخُذُوهُ وَإِن لم تؤتوه فاحذروا﴾ الرَّجْم
وَأخرج الْحميدِي فِي مُسْنده وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: زنى رجل من أهل فدك فَكتب أهل فدك إِلَى نَاس من الْيَهُود بِالْمَدِينَةِ اسألوا مُحَمَّدًا عَن ذَلِك فَإِن أَمركُم بِالْجلدِ فَخُذُوهُ عَنهُ وَإِن أَمركُم بِالرَّجمِ فَلَا تأخذوه عَنهُ فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: أرْسلُوا إليَّ أعلم رجلَيْنِ مِنْكُم فجاؤوا بِرَجُل أَعور يُقَال لَهُ ابْن صوريا وَآخر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهما أَلَيْسَ عندكما التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله قَالَا: بلَى
قَالَ: فانشدك بِالَّذِي فلق الْبَحْر لبني إِسْرَائِيل وظلل عَلَيْكُم الْغَمَام ونجاكم من آل فِرْعَوْن وَأنزل التَّوْرَاة على مُوسَى وَأنزل الْمَنّ والسلوى على بني إِسْرَائِيل ماتجدون فِي التَّوْرَاة فِي شَأْن الرَّجْم فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر: مانشدت بِمثلِهِ قطّ: قَالَا: نجد ترداد النّظر زنية والاعتناق زنية والقبل زنية فَإِذا شهد أَرْبَعَة أَنهم رَأَوْهُ يبدىء وَيُعِيد كَمَا يدْخل الْميل فِي المكحلة فقد وَجب الرَّجْم
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَهُوَ كَذَلِك فَأمر بِهِ فرجم فَنزلت ﴿فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم﴾ إِلَى قَوْله ﴿يحب المقسطين﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٢
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَلَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر﴾ قَالَ: نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار زَعَمُوا أَنه أَبُو لباتة أشارت اليه بَنو قُرَيْظَة يَوْم الْحصار ماالامر على ماننزل فَأَشَارَ إِلَيْهِم أَنه الذّبْح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَمن الَّذين هادوا سماعون للكذب﴾ قَالَ: هم أَبُو يسرة وَأَصْحَابه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله ﴿سماعون لقوم آخَرين﴾ قَالَ: يهود خَيْبَر
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله ﴿يحرِّفون الْكَلم عَن موَاضعه﴾ (الْمَائِدَة الْآيَة ١٣) قَالَ: كَانَ يَقُول بني إِسْرَائِيل: يابني أحباري فحرفوا ذَلِك فجعلوه يابني أبكاري فَذَلِك قَوْله ﴿يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه﴾ وَكَانَ إِبْرَاهِيم يَقْرَأها (يحرفُونَ الْكَلم من موَاضعه)
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿يحرفُونَ الْكَلم من بعد موَاضعه﴾ الْآيَة
قَالَ: ذكر لنا أَن هَذَا كَانَ فِي قَتِيل بني قُرَيْظَة وَالنضير إِذْ قتل رجل من قُرَيْظَة قَتله النَّضِير وَكَانَت النَّضِير إِذا قتلت من بني قُرَيْظَة لم يقيدوهم إِنَّمَا يعطونهم الدِّيَة لفضلهم عَلَيْهِم فِي أنفسهم تعوذاً فَقدم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَسَأَلَهُمْ فأرادوا ان يرفعوا ذَلِك إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليحكم بَينهم فَقَالَ لَهُم رجل من الْمُنَافِقين: إِن قتيلكم هَذَا قَتِيل عمد وَإِنَّكُمْ مَتى ترفعون أمره إِلَى مُحَمَّد أخْشَى عَلَيْكُم الْقود فَإِن قبل مِنْكُم الدِّيَة فَخُذُوهُ وَإِلَّا فكونوا مِنْهُم على حذر
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿يَقُولُونَ إِن أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ﴾ قَالَ: إِن وافقكم وَإِن لم يوافقكم ﴿فَاحْذَرُوهُ﴾ يهود تَقول: لِلْمُنَافِقين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يحرفُونَ الْكَلم﴾ يَعْنِي حُدُود الله فِي التَّوْرَاة
وَفِي قَوْله ﴿يَقُولُونَ إِن أُوتِيتُمْ هَذَا﴾ قَالَ: يَقُولُونَ إِن أَمركُم مُحَمَّد بِمَا أَنْتُم عَلَيْهِ فاقبلوه وَإِن خالفكم فَاحْذَرُوهُ
وَفِي قَوْله ﴿وَمن يرد الله فتنته﴾ قَالَ: ضلالته ﴿فَلَنْ تملك لَهُ من الله شَيْئا﴾ يَقُول: لن تغني عَنهُ شَيْئا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي﴾ قَالَ: أما خزيهم فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ إِذا قَامَ الْهدى فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة فَقَتلهُمْ فَذَلِك الخزي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي﴾ مَدِينَة تفتح بالروم فيسبون
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي﴾ قَالَ: يُعْطون الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون
- أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿سمَّاعون للكذب أكَّالون للسحت﴾ وَذَلِكَ أَنهم أخذُوا الرِّشْوَة فِي الحكم وقضوا بِالْكَذِبِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿سمَّاعون للكذب أكَّالون للسحت﴾ قَالَ: تِلْكَ أَحْكَام الْيَهُود يسمع كذبه وَيَأْخُذ رشوته
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: السُّحت الرِّشْوَة فِي الدّين
قَالَ سُفْيَان: يَعْنِي فِي الحكم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من شفع لرجل ليدفع عَنهُ مظلمته أويرد عَلَيْهِ حَقًا فاهدى لَهُ هَدِيَّة فقبلها فَذَلِك السُّحت
فَقيل: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن إِنَّا كُنَّا نعد السُّحت الرِّشْوَة فِي الحكم فَقَالَ عبد الله: ذَلِك الْكفْر ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٤
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن السُّحت فَقَالَ: الرشا
قيل: فِي الحكم قَالَ: ذَلِك الْكفْر ثمَّ قَرَأَ ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٤
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن السُّحت أهوَ الرِّشْوَة فِي الحكم قَالَ: لَا
﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٥ الْفَاسِقُونَ وَلَكِن السُّحت أَن يستعينك رجل على مظْلمَة فيهدي لَك فتقبله فَذَلِك السُّحت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رشوة الْحُكَّام حرَام وَهِي السُّحت الَّذِي ذكر الله فِي كِتَابه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل لحم نبت من سحت فَالنَّار أولى بِهِ
قيل: يارسول الله وَمَا السُّحت قَالَ: الرِّشْوَة فِي الحكم
وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد بن ثَابت
أَنه سُئِلَ عَن السُّحت فَقَالَ: الرِّشْوَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن أبي طَالب
أَنه سُئِلَ عَن السُّحت فَقَالَ: الرشا
فَقيل لَهُ: فِي الحكم قَالَ: ذَاك الْكفْر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: بَابَانِ من السُّحت يأكلهما النَّاس
الرشا فِي الحكم وَمهر الزَّانِيَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ قَالَ: أَبْوَاب السُّحت ثَمَانِيَة: رَأس السُّحت رشوة الْحَاكِم وَكسب الْبَغي وعَسَبُ الْفَحْل وَثمن الْميتَة وَثمن الْخمر وَثمن الْكَلْب وَكسب الْحجام وَأجر الكاهن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طريف قَالَ: مر عَليّ بِرَجُل يحْسب بَين قوم بِأَجْر وَفِي لفظ: يقسم بَين نَاس قسما فَقَالَ لَهُ عَليّ: إِنَّمَا تَأْكُل سحتاً
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: من السُّحت مهر الزَّانِيَة وَثمن الْكَلْب إِلَّا كلب الصَّيْد وَمَا أَخذ من شَيْء فِي الحكم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَدَايَا الْأُمَرَاء سحت
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتّ خِصَال من السُّحت: رشوة الإِمَام وَهِي أَخبث ذَلِك كُله وَثمن الْكَلْب وعسب الْفَحْل وَمهر الْبَغي وَكسب الْحجام وحلوان الكاهن
وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن سعيد قَالَ لما بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن رَوَاحَة إِلَى أهل خيبرأهدوا لَهُ فَرْوَة فَقَالَ: سحت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الراشي والمرتشي
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الراشي والمرتشي والرائش يَعْنِي الَّذِي يمشي بَينهمَا
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من ولي عشرَة فَحكم بَينهم بِمَا أَحبُّوا أَو كَرهُوا جِيءَ بِهِ مغلولة يَده فَإِن عدل وَلم يرتش وَلم يحف فك الله عَنهُ وَإِن حكم بِغَيْر ماأنزل الله ارتشى وحابى فِيهِ شدت يسَاره إِلَى يَمِينه ثمَّ رمي فِي جَهَنَّم فَلم يبلغ قعرها خَمْسمِائَة عَام
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سَتَكُون من بعدِي وُلَاة يسْتَحلُّونَ الْخمر بالنبيذ والبخس بِالصَّدَقَةِ والسحت بالهدية وَالْقَتْل بِالْمَوْعِظَةِ يقتلُون البريء لتوطى الْعَامَّة لَهُم فيزدادوا إِثْمًا
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من السُّحت: كسب الْحجام وَثمن الْكَلْب وَثمن القرد وَثمن الْخِنْزِير وَثمن الْخمر وَثمن الْميتَة وَثمن الدَّم وعسب الْفَحْل وَأجر النائحة وَأجر الْمُغنيَة وَأجر الكاهن وَأجر السَّاحر وَأجر الْقَائِف وَثمن جُلُود السبَاع وَثمن جُلُود الْميتَة فَإِذا دبغت فَلَا بَأْس بهَا وَأجر صور التماثيل وهدية الشَّفَاعَة وجعلة الْغَزْو
وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله قَالَ: هَذِه الرغف الَّتِي يَأْخُذهَا المعلمون من السُّحت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آيتان نسختا من هَذِه السُّورَة - يَعْنِي من الْمَائِدَة - آيَة القلائد وَقَوله ﴿فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم﴾ فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُخَيّرا إِن شَاءَ حكم بَينهم وَإِن شَاءَ أعرض عَنْهُم فردهم إِلَى
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم﴾ قَالَ: نسختها هَذِه الْآيَة ﴿وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله﴾ الْمَائِدَة ٤٩
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة
مثله
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن شهَاب
إِن الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة ﴿فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم﴾ كَانَت فِي شَأْن الرَّجْم
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن الْآيَات من الْمَائِدَة الَّتِي قَالَ الله فِيهَا ﴿فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم﴾ إِلَى قَوْله ﴿المقسطين﴾ إِنَّمَا نزلت فِي الدِّيَة من بني النَّضِير وَقُرَيْظَة وَذَلِكَ أَن قَتْلَى بني النَّضِير كَانَ لَهُم شرف يُرِيدُونَ الدِّيَة كَامِلَة وَأَن بني قُرَيْظَة كَانُوا يُرِيدُونَ نصف الدِّيَة فَتَحَاكَمُوا فِي ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ذَلِك فيهمفحملهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْحق فَجعل الدِّيَة سَوَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت قُرَيْظَة وَالنضير وَكَانَ النَّضِير أشرف من قُرَيْظَة فَكَانَ إِذا قتل رجل من النَّضِير رجلا من قُرَيْظَة أدّى مائَة وسق من تمر وَإِذا قتل رجل من قُرَيْظَة رجلا من النَّضِير قتل بِهِ فَلَمَّا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل رجل من النَّضِير رجلا من قُرَيْظَة فَقَالُوا: ادفعوه إِلَيْنَا نَقْتُلهُ فَقَالُوا: بَيْننَا وَبَيْنكُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتوهُ فَنزلت ﴿وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ﴾ والقسط
النَّفس بِالنَّفسِ ثمَّ نزلت ﴿أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٥٠
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم﴾ قَالَ: يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة كَانَ فِي سَعَة من أمره إِن شَاءَ حكم وَإِن شَاءَ لم يحكم ثمَّ قَالَ ﴿وَإِن تعرض عَنْهُم فَلَنْ يضروك شَيْئا﴾ قَالَ: نسختها ﴿وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَلَا تتبع أهواءهم﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٩
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ قَالَا: إِذا جاؤوا إِلَى حَاكم من حكام الْمُسلمين إِن شَاءَ حكم بَينهم وَإِن شَاءَ أعرض عَنْهُم وَإِن حكم بَينهم حكم بِمَا أنزل الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ مخيَّر
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي أهل الذِّمَّة يرتفعون إِلَى حكام الْمُسلمين قَالَ: يحكم بَينهم بِمَا أنزل الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: أهل الذِّمَّة إِذْ ارتفعوا إِلَى الْمُسلمين حكم عَلَيْهِم بِحكم الْمُسلمين
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ ﴿وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ﴾ قَالَ: بِالرَّجمِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك فِي قَوْله ﴿إِن الله يحب المقسطين﴾ قَالَ: المعدلين فِي القَوْل وَالْفِعْل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الزُّهْرِيّ فِي الْآيَة قَالَ: مَضَت السّنة أَن يردوا فِي حُقُوقهم ومواريثهم إِلَى أهل دينهم إِلَّا أَن يَأْتُوا راغبين فِي حد يحكم بَينهم فِيهِ فَيحكم بَينهم بِكِتَاب الله وَقد قَالَ لرَسُوله ﴿وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ﴾
- أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ مر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَهُودِيّ محمم قد جلد فَسَأَلَهُمْ ماشأن هَذَا قَالُوا: زنى
فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَهُود: ماتجدون حد الزَّانِي فِي كتابكُمْ قَالُوا نجد حَده التحميم وَالْجَلد
فَسَأَلَهُمْ أَيّكُم أعلم فوركوا ذَلِك إِلَى رجل مِنْهُم قَالُوا: فلَان
فارسل إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ قَالَ: نجد التحميم وَالْجَلد فَنَاشَدَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماتجدون حد الزَّانِي فِي كتابكُمْ قَالَ: نجد الرَّجْم وَلكنه
قَالَ: وَوَقع الْيَهُود بذلك الرجل الَّذِي أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وشتموه وَقَالُوا: لوكنا نعلم أَنَّك تَقول هَذَا ماقلنا انك أعلمنَا
قَالَ: ثمَّ جعلُوا بعد ذَلِك يسْأَلُون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ماتجد فِيمَا أنزل إِلَيْك حد الزَّانِي فَأنْزل الله ﴿وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله﴾ يَعْنِي حُدُود الله فَأخْبرهُ الله بِحكمِهِ فِي التَّوْرَاة قَالَ ﴿وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا﴾ إِلَى قَوْله ﴿والجروح قصاص﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٥
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله﴾ يَقُول: عِنْدهم بَيَان ماتشاجروا فِيهِ من شَأْن قتيلهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله ﴿وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله﴾ يَقُول: فِيهَا الرَّجْم للمحصن والمحصنة وَالْإِيمَان بِمُحَمد والتصديق لَهُ ﴿ثمَّ يتولون﴾ يَعْنِي عَن الْحق ﴿من بعد ذَلِك﴾ يَعْنِي بعد الْبَيَان ﴿وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ﴾ يَعْنِي الْيَهُود
- أخرج ابْن أبي حَاتِم وأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل فِي قَوْله ﴿إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور﴾ يَعْنِي هدى من الضَّلَالَة وَنور من الْعَمى ﴿يحكم بهَا النَّبِيُّونَ﴾ يحكمون بِمَا فِي التَّوْرَاة من لدن مُوسَى إِلَى عِيسَى ﴿للَّذين هادوا﴾ لَهُم وَعَلَيْهِم ثمَّ قَالَ وَيحكم بهَا ﴿الربانيون والأحبار﴾ أَيْضا بِالتَّوْرَاةِ ﴿بِمَا استحفظوا من كتاب الله﴾ من
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا للَّذين هادوا والربانيون والأحبار﴾ قَالَ: أما الربانيون
ففقهاء الْيَهُود وَأما الْأَحْبَار
فعلماؤهم
قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما أنزلت هَذِه الْآيَة: نَحن نحكم على الْيَهُود وعَلى من سواهُم من أهل الْأَدْيَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا﴾ قَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن قبله من الْأَنْبِيَاء يحكمون بِمَا فِيهَا من الْحق
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿والربانيون والأحبار﴾ قَالَ: الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء
وَأخرج عَن مُجَاهِد قَالَ: ﴿الربانيون﴾ الْعلمَاء الْفُقَهَاء وهم فَوق الْأَحْبَار
وَأخرج عَن قَتَادَة قَالَ ﴿الربانيون﴾ فُقَهَاء الْيَهُود ﴿والأحبار﴾ الْعلمَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ كَانَ رجلَانِ من الْيَهُود أَخَوان يُقَال لَهما ابْنا صوريا قد اتبعا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يسلما وأعطياه عهدا أَن لايسألهما عَن شَيْء فِي التَّوْرَاة إِلَّا أخبراه بِهِ وَكَانَ أَحدهمَا ربيّا وَالْآخر حبرًا وَإِنَّمَا الْأَمر كَيفَ حِين زنى الشريف وزنى الْمِسْكِين وَكَيف غيروه فَأنْزل الله ﴿إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا للَّذين هادوا﴾ يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿والربانيون والأحبار﴾ هما ابْنا صوريا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الربانيون
الْفُقَهَاء الْعلمَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿والربانيون﴾ قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ ﴿والأحبار﴾ قَالَ: هم الْقُرَّاء ﴿وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء﴾ يَعْنِي الربانيون والأحبار هم الشُّهَدَاء لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا قَالَ أَنه حق جَاءَ من عِنْد الله فَهُوَ نَبِي الله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَتْهُ الْيَهُود فَقضى بَينهم بِالْحَقِّ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جريج ﴿فَلَا تخشوا النَّاس واخشون﴾ لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن عَسَاكِر عَن نَافِع قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْن عمر فِي سفر فَقيل إِن السَّبع فِي الطَّرِيق قد حبس النَّاس فاستحث ابْن عمر
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ ﴿فَلَا تخشوا النَّاس﴾ فتكتموا مَا أنزلت ﴿وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا﴾ على أَن تكتموا مَا أنزلت
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا﴾ قَالَ: لاتأكلوا السُّحت على كتابي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله﴾ فقد كفر وَمن أقرّ بِهِ وَلم يحكم بِهِ فَهُوَ ظَالِم فَاسق
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور والْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ﴾ (الْمَائِدَة آيَة ٤٥) ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ﴾ (الْمَائِدَة آيَة ٤٧) قَالَ: كفر دون كفر وظلم دون ظلم وَفسق دون فسق
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا نزل الله ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ والظالمون والفاسقون فِي الْيَهُود خَاصَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي صَالح قَالَ: الثَّلَاث الْآيَات الَّتِي فِي الْمَائِدَة ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ هم الظَّالِمُونَ هم الْفَاسِقُونَ لَيْسَ فِي أهل الْإِسْلَام مِنْهَا شَيْء هِيَ فِي الْكفَّار
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ هم الظَّالِمُونَ هم الْفَاسِقُونَ نزلت هَؤُلَاءِ الْآيَات فِي أهل الْكتاب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله﴾ الْآيَات
قَالَ: نزلت الْآيَات فِي بني إِسْرَائِيل وَرَضي لهَذِهِ الْأمة بهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ قَالَ: الثَّلَاث آيَات الَّتِي فِي الْمَائِدَة ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله﴾ أَولهَا فِي هَذِه الْأمة وَالثَّانيَِة فِي الْيَهُود وَالثَّالِثَة فِي النَّصَارَى
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ قَالَ: من حكم بكتابه الَّذِي كتب بِيَدِهِ وَترك كتاب الله وَزعم أَن كِتَابه هَذَا من عِنْد الله فقد كفر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة أَن هَذِه الْآيَات ذكرت عِنْده ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ والظالمون والفاسقون فَقَالَ رجل: ان هَذَا فِي بني إِسْرَائِيل
قَالَ حُذَيْفَة: نعم الْأُخوة لكم بَنو إِسْرَائِيل إِن كَانَ لكم كل حلوة وَلَهُم كل مرّة كلا وَالله لتسلكن طريقهم قدر الشرَاك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نعم الْقَوْم أَنْتُم إِن كَانَ مَا كَانَ من حُلو فَهُوَ لكم وماكان من مُر فَهُوَ لأهل الْكتاب كَأَنَّهُ يرى أَن ذَلِك فِي الْمُسلمين ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ قَالَ: نعم
قَالُوا ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ﴾ قَالَ: نعم
قَالُوا: فَهَؤُلَاءِ يحكمون بِمَا أنزل الله
قَالَ: نعم هُوَ دينهم الَّذِي بِهِ يحكمون وَالَّذِي بِهِ يَتَكَلَّمُونَ وَإِلَيْهِ يدعونَ فَإِذا تركُوا مِنْهُ شَيْئا علمُوا أَنه جور مِنْهُم إِنَّمَا هَذِه الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكُونَ الَّذين لايحكمون بِمَا أنزل الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن حَكِيم بن جُبَير قَالَ: سَأَلت سعيد بن جُبَير عَن هَذِه الْآيَات فِي الْمَائِدَة ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ﴾ ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ﴾ فَقلت: زعم قوم أَنَّهَا نزلت على بني إِسْرَائِيل وَلم تنزل علينا قَالَ: اقْرَأ ماقبلها وَمَا بعْدهَا فَقَرَأت عَلَيْهِ فَقَالَ: لَا بل نزلت علينا ثمَّ لقِيت مقسمًا مولى ابْن عَبَّاس فَسَأَلته عَن هَذِه الْآيَات الَّتِي فِي الْمَائِدَة قلت: زعم قوم أَنَّهَا نزلت على
قَالَ: إِنَّه نزل على بني إِسْرَائِيل وَنزل علينا وَمَا نزل علينا وَعَلَيْهِم فَهُوَ لنا وَلَهُم ثمَّ دخلت على عَليّ بن الْحُسَيْن فَسَأَلته عَن هَذِه الْآيَات الَّتِي فِي الْمَائِدَة وحدثته أَنِّي سَأَلت عَنْهَا سعيد بن جُبَير ومقسماً قَالَ: فَمَا قَالَ مقسم فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ
قَالَ صدق وَلكنه كفر لَيْسَ ككفر الشّرك وَفسق لَيْسَ كفسق الشّرك وظلم لَيْسَ كظلم الشّرك فَلَقِيت سعيد بن جُبَير فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ: فَقَالَ سعيد بن جُبَير لِابْنِهِ: كَيفَ رَأَيْته لقد وجدت لَهُ فضلا عَلَيْك وعَلى مقسم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عمر قَالَ: مارأيت مثل من قضى بَين إثنين بعد هَذِه الْآيَات
وَأخرج سعيد قَالَ: استُعمل أَبُو الدَّرْدَاء على الْقَضَاء فَأصْبح يهينه
قَالَ: تهينني بِالْقضَاءِ وَقد جعلت على رَأس مهواة منزلتها أبعد من عدن وَأبين وَلَو علم النَّاس مَا فِي الْقَضَاء لأخذوه بالدول رَغْبَة عَنهُ وكراهية لَهُ وَلَو يعلم النَّاس مافي الْأَذَان لأخذوه بالدول رَغْبَة فِيهِ وحرصاً عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن سعد عَن يزِيد بن موهب
أَن عُثْمَان قَالَ لعبد الله بن عمر: اقْضِ بَين النَّاس قَالَ: لَا أَقْْضِي بَين إثنين وَلَا أؤم إثنين قَالَ: لَا وَلكنه بَلغنِي أَن الْقُضَاة ثَلَاثَة
رجل قضى بِجَهْل فَهُوَ فِي النَّار وَرجل حاف وَمَال بِهِ الْهوى فَهُوَ فِي النَّار وَرجل اجْتهد فَأصَاب فَهُوَ كفاف لَا أجر لَهُ وَلَا وزر عَلَيْهِ
قَالَ: إِن أَبَاك كَانَ يقْضِي قَالَ: إِن أبي إِذا أشكل عَلَيْهِ شَيْء سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا أشكل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ جِبْرِيل وَإِنِّي لَا أجد من أسأَل أما سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من عاذ بِاللَّه فقد عاذ بمعاذ فَقَالَ عُثْمَان: بلَى
قَالَ: فَانِي أعوذ بِاللَّه أَن تَسْتَعْمِلنِي فاعفاه وَقَالَ: لاتخبر بِهَذَا أحدا
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد قَالَ: بَلغنِي أَن قَاضِيا كَانَ فِي زمن بني إِسْرَائِيل بلغ من اجْتِهَاده أَن طلب إِلَى ربه أَن يَجْعَل بَينه وَبَينه علما إِذا هُوَ قضى بِالْحَقِّ عرف ذَلِك
فَقيل لَهُ: ادخل مَنْزِلك ثمَّ مد يدك فِي جدارك ثمَّ انْظُر كَيفَ تبلغ أصابعك من الْجِدَار فاخطط عِنْده خطا فَإِذا أَنْت قُمْت من مجْلِس الْقَضَاء فَارْجِع إِلَى ذَلِك الْخط فامدد يدك إِلَيْهِ فانك مَتى كنت على الْحق فانك ستبلغه وَإِن قصرت عَن الْحق قصر بك فَكَانَ يَغْدُو إِلَى الْقَضَاء وَهُوَ مُجْتَهد وَكَانَ لايقضي إِلَّا بِالْحَقِّ وَكَانَ إِذا فرغ لم يذقْ طَعَاما وَلَا
وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ عَن لَيْث قَالَ: تقدم عمر بن الْخطاب خصمان فأقامهما ثمَّ عادا ففصل بَينهم فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ: تقدما إليَّ فَوجدت لأَحَدهمَا مَا لم أجد لصَاحبه فَكرِهت أَن افصل بَينهمَا ثمَّ عادا فَوجدت بعض ذَلِك فَكرِهت ثمَّ عادا وَقد ذهب ذَلِك ففصلت بَينهمَا
- أخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ لما رَأَتْ قُرَيْظَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكم بِالرَّجمِ وَقد كَانُوا يخفونه فِي كِتَابهمْ فَنَهَضت قُرَيْظَة فَقَالُوا: يامحمد اقْضِ بَيْننَا وَبَين إِخْوَاننَا بني النَّضِير وَكَانَ بَينهم دم قبل قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت النَّضِير ينفرون على بني قُرَيْظَة دياتهم على انصاف ديات النَّضِير فَقَالَ: دم الْقرظِيّ وَفَاء دم النَّضِير فَغَضب بنوالنضير وَقَالُوا: لانطيعك فِي الرَّجْم وَلَكنَّا نَأْخُذ بحدودنا الَّتِي كُنَّا عَلَيْهَا فَنزلت ﴿أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٥٠ وَنزل ﴿وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ﴾ قَالَ: كتب عَلَيْهِم هَذَا فِي التَّوْرَاة فَكَانُوا يقتلُون الْحر بِالْعَبدِ وَيَقُولُونَ: كتب علينا أَن النَّفس بِالنَّفسِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كتب ذَلِك على بني إِسْرَائِيل فَهَذِهِ الْآيَات لنا وَلَهُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ﴾ إِلَى تَمام الْآيَة
أَهِي عَلَيْهِم خَاصَّة قَالَ: بل عَلَيْهِم وَالنَّاس عَامَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا﴾ قَالَ: فِي التَّوْرَاة ﴿أَن النَّفس بِالنَّفسِ﴾ الْآيَة
قَالَ: إِنَّمَا أنزل مَا تَسْمَعُونَ فِي أهل الْكتاب حِين نبذوا كتاب الله وعطّلوا حُدُوده وَتركُوا كِتَابه وَقتلُوا رسله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن يرويهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قتل عَبده قَتَلْنَاهُ وَمن جدعه جدعناه فراجعوه فَقَالَ: قضى الله ﴿أَن النَّفس بِالنَّفسِ﴾
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن شهَاب قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ﴾ أقيد الرجل من الْمَرْأَة وَفِيمَا تَعَمّده من الْجَوَارِح
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الرجل يقتل بِالْمَرْأَةِ إِذا قَتلهَا
قَالَ الله ﴿وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي قَوْله ﴿أَن النَّفس بِالنَّفسِ﴾ قَالَ: تقتل بِالنَّفسِ ﴿وَالْعين بِالْعينِ﴾ قَالَ: تفقأ بِالْعينِ ﴿وَالْأنف بالأنف﴾ قَالَ: يقطع الْأنف بالأنف ﴿وَالسّن بِالسِّنِّ والجروح قصاص﴾ قَالَ: وتقتص الْجراح بالجراح ﴿فَمن تصدَّق بِهِ﴾ يَقُول: من عَفا عَنهُ فَهُوَ كَفَّارَة للمطلوب
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَهَا ﴿وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ وَالْعين بِالْعينِ﴾ بِنصب النَّفس وَرفع الْعين ومابعده الْآيَة كلهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: الجروح قصاص وَلَيْسَ للْإِمَام أَن يضْربهُ ولايحبسه إِنَّمَا الْقصاص - ماكان الله نسياً - لَو شَاءَ لأمر بِالضَّرْبِ والسجن
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عمر
فِي قَوْله ﴿فَمن تصدَّق بِهِ﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾ قَالَ كَفَّارَة للمجروح
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر بن عبد الله ﴿فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾ قَالَ للَّذي تصدق بِهِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن رجل من الْأَنْصَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾ قَالَ: الرجل تكسر سنه أَو تقطع يَده أَو يقطع الشَّيْء أَو يجرح فِي بدنه فيعفو عَن ذَلِك فيحط عَنهُ قدر خطاياه فَإِن كَانَ ربع الدِّيَة فربع خطاياه وَإِن كَانَ الثُّلُث فثلث خطاياه وَإِن كَانَت الدِّيَة حطت عَنهُ خطاياه كَذَلِك
وَأخرج الديلمي عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾ الرجل تكسر سنه أَو يجرح من جسده فيعفو عَنهُ فيحط من خطاياه بِقدر مَا عَفا من جسده إِن كَانَ نصف الدِّيَة فَنصف خطاياه وَإِن كَانَ ربع الدِّيَة فربع خطاياه وَإِن كَانَ ثلث الدِّيَة فثلث خطاياه وَإِن كَانَت الدِّيَة كلهَا فخطاياه كلهَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عدي بن ثَابت
أَن رجلا هتم فَم رجل على عهد مُعَاوِيَة فَأعْطَاهُ دِيَة فَأبى إِلَّا أَن يقْتَصّ فاعطاه ديتين فَأبى فَأعْطى ثَلَاثًا
فَحدث رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من تصدق بِدَم فَمَا دونه فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ من يَوْم ولد إِلَى يَوْم يَمُوت
فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: فَانِي قد عَفَوْت
وَأخرج الديلمي عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾ قَالَ: هُوَ الرجل تكسر سنه ويجرح من جسده فيعفو عَنهُ فيحط عَنهُ من خطاياه بِقدر ماعفا عَنهُ من جسده إِن كَانَ نصف الدِّيَة فَنصف خطاياه وَإِن كَانَ ربع الدِّيَة فربع خطاياه وَإِن كَانَ ثلث الدِّيَة فثلث خطاياه وَإِن كَانَ الدِّيَة كلهَا فحطاياه كلهَا
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير عَن أبي الدَّرْدَاء
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مامن مُسلم يصاب بِشَيْء من جسده فَيتَصَدَّق بِهِ إِلَّا رَفعه الله بِهِ دَرَجَة وَحط بِهِ خَطِيئَة
فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: فَانِي قد عَفَوْت
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مامن رجل يجرح من جسده جرحة فَيتَصَدَّق بهَا إِلَّا كفر الله عَنهُ مثل مَا تصدق بِهِ
وَأخرج أَحْمد عَن رجل من الصَّحَابَة قَالَ: من أُصِيب بِشَيْء من جسده فَتَركه بعد كَانَ كَفَّارَة لَهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن يُونُس بن أبي إِسْحَق قَالَ: سَأَلَ مُجَاهِد أَبَا اسحق عَن قَوْله ﴿فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾ فَقَالَ لَهُ أَبُو اسحق: هُوَ الَّذِي يعْفُو
قَالَ مُجَاهِد: بل هُوَ الْجَارِح صَاحب الذَّنب
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾ قَالَ: كَفَّارَة للجارح وَأجر الْمُتَصَدّق على الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم ﴿فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾ قَالَا: للجارح
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾ للمتصدق عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ﴾ يَقُول: من جرح فَتصدق بِهِ على الْجَارِح فَلَيْسَ على الْجَارِح سَبِيل ولاقود ولاعقل ولاجرح عَلَيْهِ من أجل أَنه تصدق عَلَيْهِ الَّذِي جرح فَكَانَ كَفَّارَة لَهُ من ظلمه الَّذِي ظلم
وَأخرج الْخَطِيب عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من عَفا عَن دم لم يكن لَهُ ثَوَاب إِلَّا الْجنَّة
- أخرج أَبُو الشَّيْخ فِي قَوْله ﴿وقفينا على آثَارهم﴾ يَقُول: بعثنَا من بعدهمْ عِيسَى ابْن مَرْيَم
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله ﴿وقفينا على آثَارهم﴾ قَالَ: اتَّبعنَا آثَار الْأَنْبِيَاء أَي بعثنَا على آثَارهم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عدي بن زيد وَهُوَ يَقُول: يَوْم قفت عيرهم من عيرنَا وَاحْتِمَال الْحَيّ فِي الصُّبْح فلق وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وليحكم أهل الْإِنْجِيل بِمَا أنزل الله فِيهِ﴾ قَالَ: من أهل الْإِنْجِيل ﴿فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ﴾ قَالَ: الْكَاذِبُونَ
قَالَ ابْن زيد: كل شَيْء فِي الْقُرْآن فَاسق فَهُوَ كَاذِب إِلَّا قَلِيلا وَقَرَأَ قَول الله ﴿إِن جَاءَكُم فاسقٌ بنبإ﴾ الحجرات الْآيَة ٦ فَهُوَ كَاذِب
قَالَ: الْفَاسِق هَهُنَا كَاذِب
- أخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: لما أنبأكم الله عَن أهل الْكتاب قبلكُمْ بأعمالهم أَعمال السوء وبحكمهم بِغَيْر ماأنزل الله وعظ نبيه وَالْمُؤمنِينَ موعظة بليغة شافية وليعلم من ولي شَيْئا من هَذَا الحكم أَنه لَيْسَ بَين الْعباد وَبَين الله شَيْء يعطيهم بِهِ خيرا ولايدفع عَنْهُم بِهِ سوءا إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَالْعَمَل بِمَا يرضيه فَلَمَّا بيَّن الله لنَبيه وَالْمُؤمنِينَ صَنِيع أهل الْكتاب وجورهم قَالَ ﴿وأنزلنا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ﴾ يَقُول: للكتب الَّتِي قد خلت قبله
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ومهيمناً عَلَيْهِ﴾ قَالَ: مؤتمناً عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ومهيمناً عَلَيْهِ﴾ قَالَ: الْمُهَيْمِن الْأمين وَالْقُرْآن أَمِين على كل كتاب قبله
وَأخرج ابو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة ﴿ومهيمناً عَلَيْهِ﴾ قَالَ: أَمينا على التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل يحكم عَلَيْهِمَا وَلَا يحكمان عَلَيْهِ قَالَ: مؤتمنا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد ﴿ومهيمناً عَلَيْهِ﴾ قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مؤتمناً على الْقُرْآن والمهيمن الشَّاهِد على ماقبله من الْكتب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿ومهيمناً عَلَيْهِ﴾ قَالَ: شَهِيدا على كل كتاب قبله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي روق ﴿ومهيمناً عَلَيْهِ﴾ قَالَ: شَهِيدا على خلقه بأعمالهم
وَأخرج عبد بن حميد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿شرعة ومنهاجاً﴾ قَالَ: سَبِيلا وَسنة
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس
أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزوجل ﴿شرعة ومنهاجاً﴾ قَالَ: الشرعة الدّين والمنهاج الطَّرِيق
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت أَبَا سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَهُوَ يَقُول: لقد نطق الْمَأْمُون بِالصّدقِ وَالْهدى وَبَين لنا الْإِسْلَام دينا ومنهاجاً يَعْنِي بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿لكل جعلنَا مِنْكُم شرعة ومنهاجاً﴾ قَالَ: الدّين وَاحِد والشرائع مُخْتَلفَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿لكل جعلنَا مِنْكُم شرعة ومنهاجاً﴾ يَقُول: سَبِيلا وَالسّنَن مُخْتَلفَة للتوراة شَرِيعَة وللإنجيل من يطيعه مِمَّن يعصيه وَلَكِن الدّين الْوَاحِد الَّذِي لايقبل غَيره التَّوْحِيد وَالْإِخْلَاص الَّذِي جَاءَت بِهِ الرُّسُل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن كثير فِي قَوْله ﴿وَلَكِن ليَبْلُوكُمْ فِي مَا آتَاكُم﴾ قَالَ: من الْكتب
- أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ كَعْب بن أَسد وَعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس اذْهَبُوا بِنَا إِلَى مُحَمَّد لَعَلَّنَا نفتنه عَن دينه فَأتوهُ فَقَالُوا: يامحمد إِنَّك عرفت أَنا أَحْبَار يهود
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَإِن أحكم بَينهم بِمَا أنزل الله﴾ قَالَ: أَمر الله نبيه أَن يحكم بَينهم بَعْدَمَا كَانَ رخص لَهُ أَن يعرض عَنْهُم إِن شَاءَ فنسخت هَذِه الْآيَة ماكان قبلهَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نسخت من هَذِه السُّورَة ﴿فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٢ قَالَ: فَكَانَ مُخَيّرا حَتَّى أنزل الله ﴿وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله﴾ فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحكم بَينهم بِمَا فِي كتاب الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِن أحكم بَينهم بِمَا أنزل الله﴾ قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحكم بَينهم قَالَ: نسخت ماقبلها ﴿فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٤٢
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن مَسْرُوق
أَنه كَانَ يحلف أهل الْكتاب بِاللَّه وَكَانَ يَقُول ﴿وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله﴾
- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ﴾ قَالَ: يهود
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ﴾ قَالَ: هَذَا فِي قَتِيل الْيَهُود إِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَ يَأْكُل شديدهم ضعيفهم وعزيزهم ذليلهم
قَالَ ﴿أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: الحكم حكمان: حكم الله وَحكم الْجَاهِلِيَّة ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ وَمن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَت تسمى الْجَاهِلِيَّة العالمية حَتَّى جَاءَت امْرَأَة فَقَالَت: يارسول الله كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة كَذَا وَكَذَا
فَأنْزل الله ذكر الْجَاهِلِيَّة
- أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن عبَادَة بن الْوَلِيد أَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: لما حَارَبت بَنو قينقاع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تشبث بأمرهم عبد الله بن سلول وَقَامَ دونهم وَمَشى عبَادَة بن الصَّامِت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتبرأ إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله من حلفهم - وَكَانَ أحد بني عَوْف بن الْخَزْرَج - وَله من حلفهم مثل الَّذِي كَانَ لَهُم من عبد الله بن أبي فخلعهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: أتولى الله وَرَسُوله وَالْمُؤمنِينَ وَأَبْرَأ إِلَى الله وَرَسُوله من حلف هَؤُلَاءِ الْكفَّار وولايتهم وَفِيه وَفِي عبد الله بن أبي نزلت الْآيَات فِي الْمَائِدَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَإِن حزب الله هم الغالبون﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَن عبد الله بن أبيّ بن سلول قَالَ: أَن بيني وَبَين قُرَيْظَة وَالنضير حلف وَإِنِّي أَخَاف الدَّوَائِر فأرتد كَافِرًا
وَقَالَ عبَادَة بن الصَّامِت: أَبْرَأ إِلَى الله من حلف قُرَيْظَة وَالنضير وأتولى الله وَرَسُوله وَالْمُؤمنِينَ فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء﴾ إِلَى قَوْله ﴿فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض يُسَارِعُونَ فيهم﴾ يَعْنِي عبد الله بن أبي
وَقَوله ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ﴾ ) (الْمَائِدَة الْآيَة ٥٥) يَعْنِي
قَالَ: ﴿وَلَو كَانُوا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالنَّبِيّ وَمَا أنزل إِلَيْهِ مَا اتخذوهم أَوْلِيَاء وَلَكِن كثيرا مِنْهُم فَاسِقُونَ﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٨١
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عبَادَة بن الْوَلِيد عَن أَبِيه عَن جده عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: فيَّ نزلت هَذِه الْآيَة حِين أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبرأت إِلَيْهِ من حلف الْيَهُود وظاهرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُسْلِمين عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عَطِيَّة بن سعد قَالَ جَاءَ عبَادَة بن الصَّامِت من بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يارسول الله إِن لي موَالِي من يهود كثير عَددهمْ وَإِنِّي أَبْرَأ إِلَى الله وَرَسُوله من ولَايَة يهود وأتولى الله وَرَسُوله فَقَالَ عبد الله بن أبي: إِنِّي رجل أَخَاف الدَّوَائِر لَا أَبْرَأ من ولَايَة مواليّ
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن أُبَيِّ: يَا أَبَا حباب أَرَأَيْت الَّذِي نفست بِهِ من وَلَاء يهود على عبَادَة
فَهُوَ لَك دونه
قَالَ: إِذن أقبل
فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾ إِلَى أَن بلغ إِلَى قَوْله ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: لما كَانَت وقْعَة أُحد اشْتَدَّ على طَائِفَة من النَّاس وتخوَّفوا أَن يدال عَلَيْهِم الْكفَّار فَقَالَ رجل لصَاحبه: أما أَنا فَألْحق بفلان الْيَهُودِيّ فآخذ مِنْهُ أَمَانًا وأتهوّد مَعَه فَإِنِّي أَخَاف أَن يدال على الْيَهُود
وَقَالَ الآخر: اما أَنا فَألْحق بفلان النَّصْرَانِي بِبَعْض أَرض الشَّام فآخذ مِنْهُ أَمَانًا وأتنصر مَعَه
فَأنْزل الله تَعَالَى فيهمَا ينهاهما ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾ فِي بني قُرَيْظَة إِذْ غدروا وَنَقَضُوا الْعَهْد بَينهم وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كِتَابه إِلَى أبي سُفْيَان بن حَرْب يَدعُونَهُ وقريشاً ليدخلوهم حصونهم فَبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا لبَابَة بن عبد الْمُنْذر إِلَيْهِم ان يستنزلهم من حصونهم فَلَمَّا أطاعوا لَهُ بالنزول وَأَشَارَ إِلَى حلقه بِالذبْحِ وَكَانَ طَلْحَة وَالزُّبَيْر يكاتبان النَّصَارَى وَأهل الشَّام وَبَلغنِي أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كلوا من ذَبَائِح بني تغلب وتزوّجوا من نِسَائِهِم فَإِن الله يَقُول ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم﴾ فَلَو لم يَكُونُوا مِنْهُم إِلَّا بِالْولَايَةِ لكانوا مِنْهُم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء﴾ الْآيَة
قَالَ: إِنَّهَا فِي الذَّبَائِح من دخل فِي دين قوم فَهُوَ مِنْهُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن عِيَاض
أَن عمر أَمر أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن يرفع اليه مَا أَخذ وَمَا أعْطى فِي أزيم وَاحِد وَكَانَ لَهُ كَاتب نَصْرَانِيّ فَرفع إِلَيْهِ ذَلِك فَعجب عمر وَقَالَ: إِن هَذَا لحفيظ هَل أَنْت قارىء لنا كتابا فِي الْمَسْجِد جَاءَ من الشَّام فَقَالَ: إِنَّه لايستطيع أَن يدْخل الْمَسْجِد
قَالَ عمر: أجنب هُوَ قَالَ: لَا بل نَصْرَانِيّ
فَانْتَهرنِي وَضرب فَخذي ثمَّ قَالَ: أَخْرجُوهُ ثمَّ قَرَأَ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن حُذَيْفَة قَالَ: ليتق أحدكُم أَن يكون يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا وَهُوَ لايشعر وتلا ﴿وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم﴾
- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة ﴿فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض﴾ كَعبد الله بن أبي ﴿يُسَارِعُونَ فيهم﴾ فِي ولايتهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ ﴿فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض﴾ قَالَ: شكّ ﴿يَقُولُونَ نخشى أَن تصيبنا دَائِرَة﴾ والدائرة ظُهُور الْمُشْركين عَلَيْهِم ﴿فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح﴾ فتح مَكَّة ﴿أَو أَمر من عِنْده﴾ قَالَ: وَالْأَمر هُوَ الْجِزْيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض﴾ قَالَ: أنَاس من الْمُنَافِقين كَانُوا يوادّون الْيَهُود ويناصحونهم دون الْمُؤمنِينَ
قَالَ الله تَعَالَى ﴿فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح﴾ أَي بِالْقضَاءِ ﴿أَو أَمر من عِنْده فيصبحوا على مَا أَسرُّوا فِي أنفسهم نادمين﴾ وَأخرج ابْن سعد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو
انه سمع ابْن الزبير يقْرَأ فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح أَو أَمر من عِنْده فيصبحوا على ماأسروا فِي أنفسهم من موادتهم الْيَهُود وَمن غمهم الْإِسْلَام وَأَهله نادمين
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو
انه سمع ابْن الزبير يقْرَأ فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح أَو أَمر من عِنْده فَيُصْبِح الْفُسَّاق على مَا أَسرُّوا فِي أنفسهم نادمين قَالَ عمر: وَلَا أَدْرِي كَانَت قِرَاءَته أم فسر
- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة قَالَ: أنزل الله هَذِه الْآيَة وَقد علم أَنه سيرتد مرتدون من النَّاس فَلَمَّا قبض
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ قَالَ: هُوَ أَبُو بكر وَأَصْحَابه لما ارْتَدَّ من ارْتَدَّ من الْعَرَب عَن الْإِسْلَام جاهدهم أَبُو بكر وَأَصْحَابه حَتَّى ردهم إِلَى الْإِسْلَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وخيثمة الاترابلسي فِي فَضَائِل الصَّحَابَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْحسن ﴿فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ قَالَ: هم الَّذين قَاتلُوا أهل الرِّدَّة من الْعَرَب بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر وَأَصْحَابه
وَأخرج ابْن جرير عَن شُرَيْح بن عبيد قَالَ: لما أنزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا من يرْتَد مِنْكُم عَن دينه فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ قَالَ عمر: أَنا وقومي هم يارسول الله قَالَ: بل هَذَا وَقَومه يَعْنِي أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عِيَاض الْأَشْعَرِيّ قَالَ: لما نزلت ﴿فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم قوم هَذَا وَأَشَارَ إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم فِي جمعه لحَدِيث شُعْبَة وَالْبَيْهَقِيّ ﴿فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم قَوْمك يَا أَبَا مُوسَى أهل الْيمن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكنى وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ قَالَ: هم قوم من أهل الْيمن ثمَّ كِنْدَة من السّكُون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم﴾ قَالَ: هم أهل الْقَادِسِيَّة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن الْقَاسِم بن مخيمرة قَالَ: أتيت ابْن عمر فرحَّب بِي ثمَّ تَلا ﴿من يرْتَد مِنْكُم عَن دينه فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ﴾ ثمَّ ضرب على مَنْكِبي وَقَالَ: احْلِف بِاللَّه أَنهم لمنكم أهل الْيمن ثَلَاثًا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم﴾ قَالَ: هم قوم سبأ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا من يرْتَد مِنْكُم عَن دينه فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ قَالَ: هَذَا وَعِيد من عِنْد الله انه من ارْتَدَّ مِنْكُم سيتبدل بهم خيرا
وَفِي قَوْله ﴿أَذِلَّة﴾ لَهُ قَالَ: رحماء
وَأخرج ابْن جرير عَن قَوْله ﴿أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: أهل رقة على أهل دينهم ﴿أعزة على الْكَافرين﴾ قَالَ: أهل غلظة على من خالفهم فِي دينهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: رحماء بَينهم ﴿أعزة على الْكَافرين﴾ قَالَ: أشداء عَلَيْهِم
وَفِي قَوْله ﴿يجاهدون فِي سَبِيل الله﴾ قَالَ: يُسَارِعُونَ فِي الْحَرْب
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارْتَدَّ طوائف من الْعَرَب فَبعث الله أَبَا بكر فِي أنصار من أنصار الله فَقَاتلهُمْ حَتَّى ردهم إِلَى الْإِسْلَام فَهَذَا تَفْسِير هَذِه الْآيَة
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا يخَافُونَ لومة لائم﴾ أخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذَر قَالَ أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسبع: بحب الْمَسَاكِين وَأَن أدنو مِنْهُم وَأَن لَا أنظر إِلَى من هُوَ فَوقِي وَأَن أصل رحمي وَإِن جفاني وَأَن أَكثر من قَول لاحول ولاقوة إِلَّا
وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا لَا يمنعن أحدكُم رهبة النَّاس أَن يَقُول الْحق إِذا رَآهُ وَتَابعه فَإِنَّهُ لَا يقرِّب من أجل وَلَا يباعد من رزق أَن يَقُول بِحَق أَو أَن يذكر بعظيم
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لايحقرن أحدكُم نَفسه أَن يرى أَمر الله فِيهِ يُقَال فَلَا يَقُول فِيهِ مَخَافَة النَّاس فَيُقَال: إيَّايَ كنت أَحَق أَن تخَاف
وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ: بَايَعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وَأَبُو ذَر وَعبادَة بن الصَّامِت وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَمُحَمّد بن مسلمة وسادس على أَن لَا تأخذنا فِي الله لومة لائم فَأَما السَّادِس فاستقاله فأقاله
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه من طَرِيق الزُّهْرِيّ أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِن وليت شَيْئا من أَمر النَّاس فَلَا تبال لومة لائم
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي ذَر قَالَ: مازال بِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر حَتَّى مَا ترك لي الْحق صديقا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ بَايعنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على السّمع وَالطَّاعَة فِي الْعسر واليسر والمنشط وَالْمكْره وعَلى أَثَره علينا وَأَن لَا ننازع الْأَمر أَهله وعَلى أَن نقُول بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لَا نَخَاف فِي الله لومة
- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة بن سعد قَالَ: نزلت فِي عبَادَة بن الصَّامِت ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا﴾
وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تصدق عَليّ بِخَاتمِهِ وَهُوَ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمار بن يَاسر قَالَ: وقف بعلي سَائل وَهُوَ رَاكِع فِي صَلَاة تطوّع فَنزع خَاتمه فَأعْطَاهُ السَّائِل فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعلمه ذَلِك فَنزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ﴾ فَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَصْحَابه ثمَّ قَالَ: من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَال من وَالَاهُ وَعَاد من عَادَاهُ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيته ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين﴾ إِلَى آخر الْآيَة
فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل الْمَسْجِد جَاءَ وَالنَّاس يصلونَ بَين رَاكِع وَسَاجِد وقائم يُصَلِّي فَإِذا سَائل فَقَالَ: ياسائل هَل أَعْطَاك أحد شَيْئا قَالَ: لَا إِلَّا ذَاك الرَّاكِع - لعَلي بن أبي طَالب - أَعْطَانِي خَاتمه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن سَلمَة بن كهيل قَالَ: تصدق عَليّ بِخَاتمِهِ وَهُوَ رَاكِع فَنزلت ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب تصدق وَهُوَ رَاكِع
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ وَعتبَة بن حَكِيم مثله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَى عبد الله بن سَلام ورهط مَعَه من أهل الْكتاب نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الظّهْر فَقَالُوا يارسول الله إِن بُيُوتنَا قاصية لانجد من يجالسنا ويخالطنا دون هَذَا الْمَسْجِد وَإِن قَومنَا لما رأونا قد صدقنا الله وَرَسُوله وَتَركنَا دينهم أظهرُوا الْعَدَاوَة وأقسموا ان لَا يخالطونا وَلَا يؤاكلونا فشق ذَلِك علينا فبيناهم يَشكونَ ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ﴾
قَالَ: من قَالَ: ذَاك الرجل الْقَائِم
قَالَ: على أَي حَال أعطاكه قَالَ: وَهُوَ رَاكِع
قَالَ: وَذَلِكَ عَليّ بن أبي طَالب فَكبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك وَهُوَ يَقُول ﴿وَمن يتول الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا فَإِن حزب الله هم الغالبون﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٥٦
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن أبي رَافع قَالَ دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ نَائِم يُوحى إِلَيْهِ فَإِذا حَيَّة فِي جَانب الْبَيْت فَكرِهت أَن أَبيت عَلَيْهَا فأوقظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخفت أَن يكون يُوحى إِلَيْهِ فاضطجعت بَين الْحَيَّة وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَئِن كَانَ مِنْهَا سوء كَانَ فيَّ دونه فَمَكثت سَاعَة فَاسْتَيْقَظَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ﴾ الْحَمد لله الَّذِي أتمَّ لعَلي نعمه وهيأ لعَلي بِفضل الله إِيَّاه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ عَليّ بن أبي طَالب قَائِما يُصَلِّي فَمر سَائل وَهُوَ رَاكِع فَأعْطَاهُ خَاتمه فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي الَّذين آمنُوا وَعلي بن أبي طَالب أوّلهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله﴾ الْآيَة
قَالَ: يَعْنِي من أسلم فقد تولى الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي جَعْفَر
أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة من الَّذين آمنُوا قَالَ: الَّذين آمنُوا
قيل لَهُ: بلغنَا أَنَّهَا نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب
قَالَ: عَليّ من الَّذين آمنُوا
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان قَالَ: سَأَلت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ عَن قَوْله ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ﴾ قَالَ: أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت يَقُولُونَ عَليّ قَالَ: عَليّ مِنْهُم
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن جرير بن مُغيرَة قَالَ: كَانَ فِي قِرَاءَة عبد الله ﴿إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة﴾
- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَمن يتول الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا فَإِن حزب الله هم الغالبون﴾ قَالَ: أخْبرهُم من الْغَالِب فَقَالَ: لاتخافوا الدولة وَلَا الدائرة
- أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رِفَاعَة بن زيد بن التابوت وسُويد بن الْحَارِث قد أظهرا الْإِسْلَام ونافقا وَكَانَ رجال من الْمُسلمين يوادّونهما فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تتَّخذوا الَّذين اتَّخذُوا دينكُمْ هزوا وَلَعِبًا﴾ إِلَى قَوْله ﴿أعلم بِمَا كَانُوا يكتمون﴾
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود
أَنه كَانَ يقْرَأ (من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا)
- أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة اتَّخَذُوهَا هزوا وَلَعِبًا ذَلِك بِأَنَّهُم قوم لَا يعْقلُونَ﴾ أَمر الله
قَالَ: كَانَ مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نَادَى بِالصَّلَاةِ فَقَامَ الْمُسلمُونَ إِلَى الصَّلَاة قَالَت الْيَهُود: قد قَامُوا لَا قَامُوا فَإِذا رَأَوْهُمْ ركعا وَسجدا استهزأوا بهم وَضَحِكُوا مِنْهُم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة اتَّخَذُوهَا هزوا وَلَعِبًا﴾ قَالَ: كَانَ رجل من النَّصَارَى بِالْمَدِينَةِ إِذا سمع
قَالَ: أحرق الله الْكَاذِب فَدخل خادمه ذَات لَيْلَة من اللَّيَالِي بِنَار وَهُوَ قَائِم وَأَهله نيام فَسَقَطت شرارة فاحرقت الْبَيْت وَاحْتَرَقَ هُوَ وَأَهله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن شهَاب الزُّهْرِيّ قَالَ: قد ذكر الله الْأَذَان فِي كِتَابه فَقَالَ ﴿وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ ائتمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه كَيفَ يجْعَلُونَ شَيْئا إِذا أَرَادوا جمع الصَّلَاة اجْتَمعُوا لَهَا بِهِ فائتمروا بالناقوس فَبينا عمر بن الْخطاب يُرِيد أَن يَشْتَرِي خشبتين للناقوس إِذْ رأى فِي الْمَنَام ان لاتجعلوا الناقوس بل أذنوا بِالصَّلَاةِ فَذهب عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليخبره بِالَّذِي رأى وَقد جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي بذلك فَمَا رَاع عمر إِلَّا بِلَال يُؤذن فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد سَبَقَك بذلك الْوَحْي حِين أخبرهُ بذلك عمر
- أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفر من يهود فيهم أَبُو يَاسر بن أَخطب وَنَافِع بن أبي نَافِع وغازي بن عَمْرو وَزيد بن خَالِد وازار بن أبي أزار وأسقع فَسَأَلُوهُ عَمَّن يُؤمن بِهِ من الرُّسُل قَالَ: أُؤْمِن بِاللَّه ﴿وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب والأسباط وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ من رَبهم لَا نفرِّق بَين أحد مِنْهُم وَنحن لَهُ مُسلمُونَ﴾ فَلَمَّا ذكر عِيسَى جَحَدُوا نبوّته وَقَالُوا: لانؤمن بِعِيسَى فَأنْزل الله ﴿قل يَا أهل الْكتاب هَل تَنْقِمُونَ منا إِلَّا أَن آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَاسِقُونَ﴾
الثَّوَاب مثوبة الْخَيْر ومثوبة الشَّرّ وقرىء بشر ثَوابًا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿مثوبة عِنْد الله﴾ يَقُول: ثَوابًا عِنْد الله
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجعل مِنْهُم القردة والخنازير﴾ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَجعل مِنْهُم القردة والخنازير﴾ قَالَ: مسخت من يهود
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك
أَنه قيل: أَكَانَت القردة والخنازير قبل أَن يمسخوا قَالَ: نعم وَكَانُوا مِمَّا خلق من الْأُمَم
وَأخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن القردة والخنازير أَهِي مِمَّا مسخ الله فَقَالَ: إِن الله لم يهْلك قوما أَو يمسخ قوما فَيجْعَل لَهُم نَسْلًا ولاعاقبة وَإِن القردة والخنازير قبل ذَلِك
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن القردة والخنازير أَهِي من نسل من الْيَهُود فَقَالَ: لَا إِن الله لم يعلن قوما قطّ فمسخم فَكَانَ لَهُم نسل وَلَكِن هَذَا خلق فَلَمَّا غضب الله على الْيَهُود فمسخهم جعلهم مثلهم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَيَّات مسخ الْجِنّ كَمَا مسخت القردة والخنازير
وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن كثير عَن أَفْلح مولى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: حدثت ان المسخ فِي بني إِسْرَائِيل من الْخَنَازِير كَانَ أَن امْرَأَة كَانَت من بني إِسْرَائِيل كَانَت فِي قَرْيَة من قرى بني إِسْرَائِيل وَكَانَ فِيهَا ملك بني إِسْرَائِيل وَكَانُوا قد استجمعوا على الهلكة إِلَّا أَن تِلْكَ الْمَرْأَة كَانَت على بَقِيَّة من الْإِسْلَام متمسكة فَجعلت تَدْعُو إِلَى الله حَتَّى إِذا اجْتمع إِلَيْهَا نَاس فبايعوها على أمرهَا قَالَت لَهُم: أَنه لابد لكم من أَن تجاهدوا عَن دين الله وَأَن تنادوا قومكم بذلك فاخرجوا فَإِنِّي خَارِجَة فَخرجت وَخرج إِلَيْهَا ذَلِك الْملك فِي النَّاس فَقتل أَصْحَابهَا جَمِيعًا وانفلتت من بَينهم ودعت إِلَى الله حَتَّى تجمع النَّاس إِلَيْهَا إِذا رضيت مِنْهُم أَمرتهم بِالْخرُوجِ فَخَرجُوا وَخرجت مَعَهم
لَو كَانَ لهَذَا الدّين ولي وناصر لقد أظهره بعد فباتت محزونة وَأصْبح أهل الْقرْيَة يسعون فِي نَوَاحِيهَا خنازير مسخهم الله فِي ليلتهم تِلْكَ فَقَالَت حِين أَصبَحت وَرَأَتْ مَا رَأَتْ: الْيَوْم أعلم أَن الله قد أعز دينه وَأمر دينه قَالَ: فَمَا كَانَ مسخ الْخَنَازِير فِي بني إِسْرَائِيل إِلَّا على يَدي تِلْكَ الْمَرْأَة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي من طَرِيق عُثْمَان بن عَطاء عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَيكون فِي أمتِي خسف ورجف وقردة وَخَنَازِير
وَالله أعلم
أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن زُهَيْر قَالَ: قلت لِابْنِ أبي ليلى: كَيفَ كَانَ طَلْحَة يقْرَأ الْحَرْف ﴿وَعبد الطاغوت﴾ فسره ابْن أبي ليلى وخففه
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ: كَانَ أَبُو عبد الرَّحْمَن يقْرَأ (وَعبد الطاغوت) بِنصب الْعين وَالْبَاء
كَمَا يَقُول ضرب الله
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي جَعْفَر النَّحْوِيّ
أَنه كَانَ يَقْرَأها (وَعبد الطاغوت) كَمَا يَقُول: ضرب الله
وَأخرج ابْن جرير عَن بُرَيْدَة
أَنه كَانَ يقْرؤهَا (وعابد الطاغوت)
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي حَمَّاد قَالَ: حَدثنِي الْأَعْمَش وَعَن يحيى بن وثاب أَنه قَرَأَ (وَعبد الطاغوت) يَقُول: خدم قَالَ عبد الرَّحْمَن: وَكَانَ حَمْزَة رَحمَه الله يقْرؤهَا كَذَلِك
- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَإِذا جاؤوكم قَالُوا آمنا﴾ الْآيَة
قَالَ اناس من الْيَهُود وَكَانُوا يدْخلُونَ على
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذا جاؤوكم قَالُوا آمنا وَقد دخلُوا بالْكفْر وهم قد خَرجُوا بِهِ﴾ فَإِنَّهُم دخلُوا وهم يَتَكَلَّمُونَ بِالْحَقِّ وتسر قُلُوبهم الْكفْر فَقَالَ ﴿دخلُوا بالْكفْر وهم قد خَرجُوا بِهِ﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ نَاس من الْمُنَافِقين كَانُوا يهوداً يَقُول: دخلُوا كفَّارًا وَخَرجُوا كفَّارًا
- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَترى كثيرا مِنْهُم يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْم والعدوان﴾ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْيَهُود ﴿لبئس مَا كَانُوا يعْملُونَ لَوْلَا ينهاهم الربانيون﴾ إِلَى قَوْله ﴿لبئس مَا كَانُوا يصنعون﴾ ويعملون وَاحِد
قَالَ: هَؤُلَاءِ لم ينهوا كَمَا قَالَ لهَؤُلَاء حِين عمِلُوا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَترى كثيرا مِنْهُم يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْم والعدوان وأكلهم السُّحت﴾ قَالَ: كَانَ هَذَا فِي أَحْكَام الْيَهُود بَين أَيْدِيكُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار﴾ وهم الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿لَوْلَا ينهاهم﴾ الْعلمَاء والأحبار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لبئس مَا كَانُوا يصنعون﴾ قَالَ: حَيْثُ لم ينهوهم عَن قَوْلهم الْإِثْم وأكلهم السُّحت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم أَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي خطبَته: أَيهَا النَّاس إِنَّمَا هلك من هلك قبلكُمْ بركوبهم الْمعاصِي وَلم ينههم الربانيون والأحبار فَلَمَّا تَمَادَوْا فِي
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا فِي الْقُرْآن آيَة أَشد توبيخاً من هَذِه الْآيَة لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار عَن قَوْلهم الْعدوان وأكلهم السُّحت لبئس ماكانوا يعْملُونَ هَكَذَا قَرَأَ
وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك ابْن مُزَاحم قَالَ: مافي الْقُرْآن آيَة أخوف عِنْدِي من هَذِه الْآيَة ﴿لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار عَن قَوْلهم الْإِثْم وأكلهم السُّحت لبئس مَا كَانُوا يصنعون﴾ أَسَاءَ الثَّنَاء على الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا
وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق سَلمَة بن نبيط عَن الضَّحَّاك ﴿لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار عَن قَوْلهم الْإِثْم وأكلهم السُّحت﴾ قَالَ ﴿الربانيون والأحبار﴾ فقهاؤهم وقراؤهم وعلماؤهم قَالَ: ثمَّ يَقُول الضَّحَّاك: وَمَا أخوفني من هَذِه الْآيَة
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن جرير
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مامن قوم يكون بَين أظهرهم من يعْمل من الْمعاصِي هم أعز مِنْهُ وَأَمْنَع من يُغيرُوا إِلَّا أَصَابَهُم الله مِنْهُ بِعَذَاب
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله ﴿ لولا ينهاهم ﴾ العلماء والأحبار.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ لبئس ما كانوا يصنعون ﴾ قال : حيث لم ينهوهم عن قولهم الإثم وأكلهم السحت.
وأخرج ابن أبي حاتم أن علي رضي الله عنه أنه قال في خطبته : أيها الناس، إنما هلك من هلك قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار، فلما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار أخذتهم العقوبات، فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقطع رزقاً ولا يقرِّب أجلاً.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : ما في القرآن آية أشد توبيخاً من هذه الآية « لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم العدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون » هكذا قرأ.
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك ابن مزاحم قال : ما في القرآن آية أخوف عندي من هذه الآية ﴿ لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون ﴾ أساء الثناء على الفريقين جميعاً.
وأخرج عبد بن حميد من طريق سلمة بن نبيط عن الضحاك ﴿ لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت ﴾ قال ﴿ الربانيون والأحبار ﴾ فقهاؤهم وعلماؤهم قال : ثم يقول الضحاك : وما أخوفني من هذه الآية.
وأخرج أبو داود وابن ماجة عن جرير. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « ما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل من المعاصي هم أعز منه وأمنع من أن يغيروا إلا أصابهم الله منه بعذاب ».
- أخرج ابْن إِسْحَق وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس
قَالَ رجل من الْيَهُود يُقَال لَهُ النباش بن قيس: إِن رَبك بخيل لاينفق
فَأنْزل الله ﴿وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة غلت أَيْديهم ولعنوا بِمَا قَالُوا بل يَدَاهُ مبسوطتان ينْفق كَيفَ يَشَاء﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي فنحَاص الْيَهُودِيّ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة﴾ قَالَ: أَي بخيلة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة﴾ قَالَ: لايعنون بذلك أَن يَد الله موثوقة وَلَكِن يَقُولُونَ: إِنَّه بخيل أمسك مَا عِنْده تَعَالَى عَمَّا الله يَقُولُونَ علوا كَبِيرا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿مغلولة﴾ يَقُولُونَ: إِنَّه بخيل لَيْسَ بجواد
وَفِي قَوْله ﴿غلت أَيْديهم﴾ قَالَ: أَمْسَكت عَن النَّفَقَة وَالْخَيْر
وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أنس مَرْفُوعا أَن يحيى بن زَكَرِيَّا سَأَلَ ربه فَقَالَ: يارب اجْعَلنِي مِمَّن لايقع النَّاس فِيهِ
فَأوحى الله: يَا يحيى هَذَا شَيْء لم أستخلصه لنَفْسي كَيفَ أَفعلهُ بك اقْرَأ فِي الْمُحكم تَجِد فِيهِ ﴿وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله وَقَالَت النَّصَارَى الْمَسِيح ابْن الله﴾ التَّوْبَة الْآيَة ٣٠ وَقَالُوا ﴿يَد الله مغلولة﴾ وَقَالُوا وَقَالُوا
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: إِذا بلغك عَن أَخِيك شَيْء يسوءك فَلَا تغتم فَإِنَّهُ إِن كَانَ كَمَا يَقُول كَانَت عُقُوبَة أجلت وَإِن كَانَت على غير مَا يَقُول كَانَت حَسَنَة لم تعملها
قَالَ: وَقَالَ مُوسَى: يارب أَسَالَك أَن لَا يذكرنِي أحد إِلَّا بِخَير
قَالَ مافعلت ذَلِك لنَفْسي
وَأخرج أَبُو نعيم عَن وهب قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب أَسَالَك أَن لَا يذكرنِي أحد إِلَّا بِخَير
قَالَ مَا فعلت ذَلِك لنَفْسي
وَأخرج أَبُو نعيم عَن وهب قَالَ: قَالَ مُوسَى: يارب احْبِسْ عني كَلَام النَّاس
فَقَالَ الله عزوجل لَو فعلت هَذَا بِأحد لفعلته بِي
قَوْله تَعَالَى ﴿بل يَدَاهُ مبسوطتان ينْفق كَيفَ يَشَاء﴾
أخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي مَعًا فِي الْمَصَاحِف وَابْن المنذرعن ابْن مَسْعُود قَرَأَ ﴿بل يَدَاهُ مبسوطتان﴾
قَالَ: وعرشه على المَاء وَفِي يَده الْأُخْرَى الْقَبْض يرفع ويخفض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿وليزيدن كثيرا مِنْهُم مَا أنزل إِلَيْك من رَبك طغياناً وَكفرا﴾ قَالَ: حملهمْ حسد مُحَمَّد وَالْعرب على أَن تركُوا الْقُرْآن وَكَفرُوا بِمُحَمد وَدينه وهم يجدونه عِنْدهم مَكْتُوبًا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع قَالَ: قَالَت الْعلمَاء فِيمَا حفظو وَعَلمُوا: أَنه لَيْسَ على الأَرْض قوم حكمُوا بِغَيْر مَا أنزل الله إِلَّا ألْقى الله بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء وَقَالَ: ذَلِك فِي الْيَهُود حَيْثُ حكمُوا بِغَيْر ماانزل الله ﴿وألقينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة﴾ قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى
وَفِي قَوْله ﴿كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله﴾ قَالَ: حَرْب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله﴾ قَالَ: كلما اجْمَعُوا أَمرهم على شَيْء فرّقه الله وأطفأ حَدهمْ ونارهم وَقذف فِي قُلُوبهم الرعب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله﴾ قَالَ: أُولَئِكَ أَعدَاء الله الْيَهُود كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله فَلَنْ تلقى الْيَهُود بِبَلَد إِلَّا وَجَدتهمْ من أذلّ أَهله لقد جَاءَ الْإِسْلَام حِين جَاءَ وهم تَحت أَيدي الْمَجُوس وهم أبْغض خلق الله تعمية وتصغيراً باعمالهم أَعمال السوء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَفِي قَوْله عَن الْحسن ﴿كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله﴾ قَالَ: كلما اجْتمعت السفلة على قتل الْعَرَب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مَالك بن دِينَار قَالَ ﴿جنَّات النَّعيم﴾ بَين جنَّات الفردوس وجنات عدن وفيهَا جوَار خُلِقْنَ من ورد الْجنَّة
قيل فَمن سكنها قَالَ: الَّذين هموا بِالْمَعَاصِي فَلَمَّا ذكرُوا عَظمَة الله جلّ جَلَاله راقبوه
- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَو أَنهم أَقَامُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل﴾ الْآيَة
قَالَ: أما اقامتهم التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فَالْعَمَل بهما وَأما ﴿وَمَا أنزل إِلَيْهِم من رَبهم﴾ فمحمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وماأنزل عَلَيْهِ وَأما ﴿لأكلوا من فَوْقهم﴾ فَأرْسلت عَلَيْهِ مَطَرا وَأما ﴿وَمن تَحت أَرجُلهم﴾ يَقُول: لأنبت لَهُم من الأَرْض من رِزْقِي مَا يغنيهم ﴿مِنْهُم أمة مقتصدة﴾ وهم مسلمة أهل الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿لأكلوا من فَوْقهم﴾ يَعْنِي لأرسل عَلَيْهِم السَّمَاء مدراراً ﴿وَمن تَحت أَرجُلهم﴾ قَالَ: تخرج الأَرْض من بركاتها
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: لأكلوا من الرزق الَّذِي ينزل من السَّمَاء وَالَّذِي وَالَّذِي ينْبت من الأَرْض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿لأكلوا من فَوْقهم وَمن تَحت أَرجُلهم﴾ يَقُول لأعطتهم السَّمَاء بركاتها وَالْأَرْض نباتها ﴿مِنْهُم أمة مقتصدة﴾ على كتاب الله قد آمنُوا ثمَّ ذمّ أَكثر الْقَوْم فَقَالَ ﴿وَكثير مِنْهُم سَاءَ مَا يعْملُونَ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: الْأمة المقتصدة
الَّذين لاهم فسقوا فِي الدّين ولاهم غلوا
قَالَ: والغلو الرَّغْبَة وَالْفِسْق التَّقْصِير عَنهُ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ ﴿أمة مقتصدة﴾ يَقُول مُؤمنَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُوشك أَن يرفع الْعلم
قلت: كَيفَ وَقد قَرَأنَا الْقُرْآن وعلمناه أبناءنا فَقَالَ: ثكلتك أمك يَا ابْن نفير إِن كنت لأرَاك من أفقه أهل الْمَدِينَة أوليست التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل بأيدي الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَمَا أغْنى عَنْهُم حِين تركُوا أَمر الله ثمَّ قَرَأَ ﴿وَلَو أَنهم أَقَامُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل﴾ الْآيَة
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة من طَرِيق ابْن أبي الْجَعْد عَن زِيَاد بن لبيد قَالَ ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَقَالَ: وَذَلِكَ عِنْد ذهَاب أَبْنَائِنَا يارسول الله وَكَيف يذهب الْعلم وَنحن نَقْرَأ الْقُرْآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: ثكلتك أمك يَا ابْن أم لبيد
إِن كنت لأرَاك من أفقه رجل بِالْمَدِينَةِ أوليس هَذِه الْيَهُود وَالنَّصَارَى يقرؤون التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ولاينتفعون مِمَّا فيهمَا بِشَيْء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق يَعْقُوب بن زيد بن طَلْحَة عَن زيد بن أسلم عَن أنس بن مَالك قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر حَدِيثا قَالَ: ثمَّ حَدثهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: تفرَّقت أمة مُوسَى على إِحْدَى وَسبعين مِلَّة سَبْعُونَ مِنْهَا فِي النَّار وَوَاحِدَة مِنْهَا فِي الْجنَّة
وَتَفَرَّقَتْ أمة عِيسَى على اثْنَيْنِ وَسبعين مِلَّة وَاحِدَة مِنْهَا فِي الْجنَّة وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّار
وتعلوا أَنْتُم على الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا بِملَّة وَاحِدَة فِي الْجنَّة وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّار قَالُوا: من هم يارسول الله قَالَ: الْجَمَاعَات الْجَمَاعَات
قَالَ يَعْقُوب بن زيد: كَانَ عَليّ بن أبي طَالب إِذا حدث بِهَذَا الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا فِيهِ قُرْآنًا ﴿وَلَو أَن أهل الْكتاب آمنُوا وَاتَّقوا﴾ إِلَى قَوْله ﴿سَاءَ مَا يعْملُونَ﴾ وتلا أَيْضا ﴿وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٨١ يَعْنِي أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله بَعَثَنِي برسالة فضقت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: لما نزلت ﴿بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك﴾ قَالَ: يارب إِنَّمَا أَنا وَاحِد كَيفَ أصنع ليجتمع عليّ النَّاس فَنزلت ﴿وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته﴾ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك﴾ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم غَدِير خم فِي عَليّ بن أبي طَالب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نَقْرَأ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك﴾ أَن عليا مولى الْمُؤمنِينَ ﴿وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عنترة
أَنه قَالَ لعَلي هَل عنْدكُمْ شَيْء لم يُبْدِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنَّاس فَقَالَ: ألم تعلم إِن الله قَالَ ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك﴾ وَالله ماورثنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَوْدَاء فِي بَيْضَاء
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾
أخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي آيَة أنزلت من السَّمَاء أَشد عَلَيْك فَقَالَ كنت بمنى أَيَّام موسم وَاجْتمعَ مُشْرِكُوا الْعَرَب وافناء النَّاس فِي الْمَوْسِم فَنزل عليّ جِبْرِيل فَقَالَ ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾ قَالَ: فَقُمْت عِنْد الْعقبَة فناديت: ياأيها النَّاس من ينصرني على أَن أبلغ رِسَالَة رَبِّي وَلكم الْجنَّة أَيهَا النَّاس قُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنا رَسُول الله إِلَيْكُم وتنجحوا وَلكم الْجنَّة
قَالَ: فَمَا بَقِي رجل وَلَا امْرَأَة وَلَا صبي إِلَّا يرْمونَ عليّ بِالتُّرَابِ وَالْحِجَارَة ويبصقون فِي وَجْهي وَيَقُولُونَ: كَذَّاب صابىء فَعرض عَليّ عَارض فَقَالَ: يامحمد إِن كنت رَسُول الله فقد آن لَك أَن تَدْعُو عَلَيْهِم كَمَا دَعَا نوح على قومه بِالْهَلَاكِ
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ اهد قومِي فانهم لايعلمون وَانْصُرْنِي عَلَيْهِم أَن يجيبوني إِلَى طَاعَتك فجَاء الْعَبَّاس عَمه فأنقذه مِنْهُم وطردهم عَنهُ قَالَ: الْأَعْمَش فبذلك تفتخر بنوالعباس وَيَقُولُونَ: فيهم نزلت ﴿إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحرس حَتَّى نزلت ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾ فَأخْرج رَأسه من الْقبَّة فَقَالَ: أَيهَا النَّاس انصرفوا فقد عصمني الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاس عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن يَحْرُسهُ فَلَمَّا نزلت ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾ ترك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحرس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج بعث مَعَه أَبُو طَالب من يكلؤه حَتَّى نزلت ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾ فَذهب ليَبْعَث مَعَه فَقَالَ: ياعم أَن الله قد عصمني لاحاجة لي إِلَى من تبْعَث
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحرس وَكَانَ يُرْسل مَعَه عَمه أَبُو طَالب كل يَوْم رجلا من بني هَاشم يحرسونه فَقَالَ: ياعم أَن الله قد عصمني لاحاجة لي إِلَى من تبْعَث
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي ذَر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاينام إِلَّا وَنحن حوله من مَخَافَة الغوائل حَتَّى نزلت آيَة الْعِصْمَة ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عصمَة بن مَالك الخطمي قَالَ كُنَّا نحرس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّيْلِ حَتَّى نزلت ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾ فَترك الحرس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني أَنْمَار نزل ذَات الرّقاع بِأَعْلَى نخل فَبينا هُوَ جَالس على رَأس بِئْر قد دلى رجلَيْهِ فَقَالَ غورث بن الْحَرْث: لأقتلن مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: كَيفَ تقتله قَالَ: أَقُول لَهُ أعطيني سَيْفك فَإِذا أعطانيه قتلته بِهِ
فَأَتَاهُ فَقَالَ: يامحمد اعطني سَيْفك أشمه
وَأخرج ابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كُنَّا إِذا صَحِبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر تركنَا لَهُ أعظم دوحة وأظلها فَينزل تحتهَا فَنزل ذَات يَوْم تَحت شَجَرَة وعلق سَيْفه فِيهَا فجَاء رجل فَأَخذه فَقَالَ: يامحمد من يمنعك مني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الله ينمعني مِنْك ضع عَنْك السَّيْف فَوَضعه فَنزلت ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾
وَأخرج أحمدعن جعدة بن خَالِد بن الصمَّة الْجُشَمِي قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل فَقيل: هَذَا أَرَادَ أَن يقتلك
فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الم ترع
وَلَو أردْت ذَلِك لم يسلطك الله عَليّ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أخبر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سيكفيه النَّاس ويعصمه مِنْهُم وَأمره بالبلاغ وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ: لَو احتجت فَقَالَ: وَالله لايدع الله عَقبي للنَّاس مَا صاحبتهم
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تحرسوني إِن رَبِّي قد عصمني
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتعقبه نَاس من أَصْحَابه فَلَمَّا نزلت ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾ فَخرج فَقَالَ: ياأيها النَّاس الحقوا بملاحقكم فَإِن الله قد عصمني من النَّاس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا زَالَ يحرس يحارسه أَصْحَابه حَتَّى أنزل الله ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾ فَترك الحرس حِين أخبرهُ أَنه سيعصمه من النَّاس
وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزل منزلا اخْتَار لَهُ أَصْحَابه شَجَرَة ظليلة فيقيل تحتهَا فَأَتَاهُ اعرابي فاخترط سَيْفه ثمَّ قَالَ: من يمنعك مني قَالَ: الله فَرعدَت يَد الْأَعرَابِي وَسقط السَّيْف مِنْهُ قَالَ: وَضرب بِرَأْسِهِ الشَّجَرَة حَتَّى انتثرت دماغه فَأنْزل الله ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن الرّبيع بن أنس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَحْرُسهُ أَصْحَابه حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك﴾ الْآيَة
فَخرج إِلَيْهِم فَقَالَ: لاتحرسوني فَإِن الله قد عصمني من النَّاس
- أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رَافع بن حَارِثَة وَسَلام بن مشْكم وَمَالك بن الصَّيف وَرَافِع بن حَرْمَلَة قَالُوا: يامحمد أَلَسْت تزْعم أَنَّك على مِلَّة إِبْرَاهِيم وَدينه وتؤمن بِمَا عندنَا من التَّوْرَاة وَتشهد أَنَّهَا من حق الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلَى وَلَكِنَّكُمْ أحدثتم وجحدتم مافيها مِمَّا أَخذ عَلَيْكُم من الْمِيثَاق كتمتم مِنْهَا مَا أمرْتُم أَن تبينوا للنَّاس فبرئت من أحداثكم
قَالُوا: فَإنَّا نَأْخُذ مِمَّا فِي أَيْدِينَا فَإنَّا على الْهدى وَالْحق وَلَا نؤمن بك وَلَا نتبعك فَأنْزل الله فيهم ﴿قل يَا أهل الْكتاب لَسْتُم على شَيْء حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل﴾ إِلَى قَوْله ﴿الْقَوْم الْكَافرين﴾
- أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة﴾ قَالَ: يهود
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة﴾ قَالَ: بلَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة﴾ قَالَ: حسب الْقَوْم أَن لَا يكون بلَاء ﴿فعموا وصموا﴾ قَالَ: كلما عرض لَهُم بلَاء ابتلوا بِهِ هَلَكُوا فِيهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ ﴿وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة﴾ قَالَ: حسبوا أَن لَا يبتلوا فعموا عَن الْحق
فَقَالَ الرجل: هُوَ الله كَانَ فِي الأَرْض مَا بدا لَهُ ثمَّ صعد إِلَى السَّمَاء حِين بدا لَهُ
وَقَالَ الآخر: قد عرفنَا عِيسَى وعرفنا أمه هُوَ وَلَده وَقَالَ الآخر: لَا أَقُول كَمَا تَقولُونَ قد كَانَ عِيسَى يخبرنا أَنه عبد الله وروحه وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم فَنَقُول كَمَا قَالَ لنَفسِهِ لقد خشيت أَن تَكُونُوا قُلْتُمْ قولا عَظِيما
قَالَ: فَخَرجُوا على النَّاس فَقَالُوا لرجل مِنْهُم: مَاذَا قلت قَالَ: قلت هُوَ الله كَانَ فِي الأَرْض مابدا لَهُ ثمَّ صعد إِلَى السَّمَاء حِين بدا لَهُ
قَالَ: فَاتبعهُ عنق من النَّاس وَهَؤُلَاء النسطورية واليعقوبية ثمَّ خرج الرَّابِع فَقَالُوا لَهُ: مَاذَا قلت قَالَ: قلت هُوَ عبد الله روحه وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم فَاتبعهُ عنق من النَّاس فَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب فَكل قد ذكره الله فِي الْقُرْآن ﴿لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة﴾ الْآيَة
ثمَّ قَرَأَ ﴿وبكفرهم وَقَوْلهمْ على مَرْيَم بهتاناً عَظِيما﴾ النِّسَاء الْآيَة ١٥٦ ثمَّ قَرَأَ ﴿وَلَو أَن أهل الْكتاب آمنُوا وَاتَّقوا﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٦٥ إِلَى قَوْله ﴿مِنْهُم أمة مقتصدة وَكثير مِنْهُم سَاءَ مَا يعْملُونَ﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٦٦ قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: فَهَؤُلَاءِ أمة مقتصدة الَّذين قَالُوا: عِيسَى عبد الله وكلمته وروحه أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة﴾ قَالَ: النَّصَارَى يَقُولُونَ: ﴿إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة﴾ وكذبوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: تفرق بَنو إِسْرَائِيل ثَلَاث فرق فِي
وَقَالَت فرقة: هُوَ ابْن الله
وَقَالَت فرقة: هُوَ عبد الله وروحه وَهِي المقتصدة وَهِي مسلمة أهل الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة﴾ قَالَ: قَالَت النَّصَارَى: إِن الله هُوَ الْمَسِيح وَأمه فَذَلِك قَوْله ﴿أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ١١٦
قَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا عبد الله بن هِلَال الدِّمَشْقِي حَدثنَا أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ: قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي: ياأحمد - وَالله - مَا حرك ألسنتهم بقَوْلهمْ ثَالِث ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ وَلَو شَاءَ الله لأخرس ألسنتهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : تفرق بنو إسرائيل ثلاث فرق في عيسى، فقالت فرقة ! هو الله. وقالت فرقة : هو ابن الله. وقالت فرقة : هو عبد الله وروحه، وهي المقتصدة، وهي مسلمة أهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ﴾ قال : قالت النصارى : إن الله هو المسيح وأمه، فذلك قوله ﴿ أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ﴾ [ المائدة : ١١٦ ].
قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن هلال الدمشقي، حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال : قال أبو سليمان الداراني : يا أحمد - والله - ما حرك ألسنتهم بقولهم ثالث ثلاثة إلا هو، ولو شاء الله لأخرس ألسنتهم.
- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿لَا تغلوا فِي دينكُمْ﴾ يَقُول لَا تبتدعوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿لَا تغلوا فِي دينكُمْ﴾ قَالَ: الغلوا فِرَاق الْحق وَكَانَ مِمَّا غلوا فِيهِ أَن دعوا الله صَاحِبَة وَولدا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: قد كَانَ قَائِم قَامَ عَلَيْهِم فَأخذ بِالْكتاب وَالسّنة زَمَانا فَأَتَاهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: إِنَّمَا تركب اثر وأمراً قد عمل بِهِ قبلك فَلَا تحمد عَلَيْهِ وَلَكِن ابتدع أمرا من قبل نَفسك وادع إِلَيْهِ واجبر النَّاس عَلَيْهِ فَفعل ثمَّ ادّكر من بعد فعله زَمَانا فاراد أَن يَمُوت فَخلع سُلْطَانه وَملكه وَأَرَادَ أَن يتعبد فَلبث فِي عِبَادَته أَيَّامًا فَأتي فَقيل لَهُ: لَو أَنَّك تبت من خَطِيئَة عملتها فِيمَا بَيْنك وَبَين رَبك عَسى أَن يُتَاب عَلَيْك وَلَكِن ضل فلَان وَفُلَان فِي سَبِيلك حَتَّى فارقوا الدُّنْيَا وهم على الضَّلَالَة فَكيف لَك بهداهم فَلَا تَوْبَة لَك أبدا فَفِيهِ سمعنَا وَفِي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَلَا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا﴾ فهم أُولَئِكَ الَّذين ضلوا وأضلوا أتباعهم ﴿وَضَلُّوا عَن سَوَاء السَّبِيل﴾ عَن عدل السَّبِيل
وَالله أعلم
- أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ الرجل يلقى الرجل فَيَقُول لَهُ: ياهذا اتَّقِ الله ودع ماتصنع فانه لايحل لَك ثمَّ يلقاه من الْغَد فَلَا يمنعهُ ذَلِك أَن يكون أكيله وشريبه وقعيده فَلَمَّا فعلوا ذَلِك ضرب الله على قُلُوب بَعضهم بِبَعْض
قَالَ ﴿لعن الَّذين كفرُوا من بني إِسْرَائِيل على لِسَان دَاوُد﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَاسِقُونَ﴾ ثمَّ قَالَ: كلا وَالله لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر ولتأخذن على يَدي الظَّالِم ولتأطرنه على الْحق اطراء
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن بني اسرئيل لما عمِلُوا الْخَطِيئَة نَهَاهُم علماؤهم تعزيراً ثمَّ جالسوهم وآكلوهم وشاربوهم كَأَن لم يعملوا بالْأَمْس خَطِيئَة فَلَمَّا رأى الله ذَلِك مِنْهُم ضرب بقلوب بَعضهم على بعض ولعنهم على لِسَان نَبِي من الْأَنْبِيَاء ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهن عَن الْمُنكر ولتأطرنهم على الْحق أطراً أَو ليضربن الله بقلوب بَعْضكُم على بعض وليلعننكم كَمَا لعنهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُذُوا الْعَطاء ماكان عَطاء فَإِذا كَانَ رشوة عَن دينكُمْ فَلَا تأخذوه وَلنْ تتركوه يمنعكم
وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَالْبُخَارِيّ فِي الوحدانيات وَابْن السكن وَابْن مَنْدَه والباوردي فِي معرفَة الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن أَبْزَى عَن أَبِيه قَالَ خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ ذكر طوائف من الْمُسلمين فَأثْنى عَلَيْهِم خيرا ثمَّ قَالَ: مَا بَال أَقوام لَا يعلمُونَ جيرانهم وَلَا يفقهونهم وَلَا يفطنونهم وَلَا يأمرونهم وَلَا ينهونهم وَمَا بَال أَقوام لَا يتعلمون من جيرانهم وَلَا يتفقهمون وَلَا يتفطنون وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليعلمن جِيرَانه أَو ليتفقهن أَو ليفطنن أَو لأعاجلنهم بالعقوبة فِي دَار الدُّنْيَا ثمَّ نزل فَدخل بَيته
فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يَعْنِي بِهَذَا الْكَلَام قَالُوا: مَا نعلم يَعْنِي بِهَذَا الْكَلَام إِلَّا الْأَشْعَرِيين فُقَهَاء عُلَمَاء وَلَهُم جيران من أهل الْمِيَاه جُفَاة جهلة فَاجْتمع جمَاعَة من الْأَشْعَرِيين فَدَخَلُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ذكرت طوائف من الْمُسلمين بِخَير وذكرتنا بشر فَمَا بالنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لتعلمن جِيرَانكُمْ ولتفقهنهم ولتأمرنهم ولتنهونهم أَو لأعاجلنكم بالعقوبة فِي دَار الدُّنْيَا فَقَالُوا: يارسول الله فاما إِذن فامهلنا سنة فَفِي سنة مَا نعلمهُ ويتعلمون فامهلهم سنة ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿لعن الَّذين كفرُوا من بني إِسْرَائِيل على لِسَان دَاوُد وَعِيسَى ابْن مَرْيَم ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون كَانُوا لَا يتناهون عَن مُنكر فَعَلُوهُ لبئس مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لعن الَّذين كفرُوا﴾ الْآيَة
قَالَ: لعنُوا بِكُل لِسَان لعنُوا على عهد مُحَمَّد فِي الْقُرْآن
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿لعن الَّذين كفرُوا﴾ الْآيَة
خالطوهم بعد النَّهْي على تجارهم فَضرب الله قُلُوب بَعضهم على بعض وهم ملعونون على لِسَان دَاوُد وَعِيسَى بن مَرْيَم
وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك الْغِفَارِيّ فِي الْآيَة قَالَ: لعنُوا على لِسَان دَاوُد فجُعلوا قردة وعَلى لِسَان عِيسَى فجُعِلوا خنازير
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد
مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لعنهم الله على لِسَان دَاوُد فِي زمانهم فجعلهم قردة خَاسِئِينَ ولعنهم فِي الْإِنْجِيل على لِسَان عِيسَى فجعلهم خنازير
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون﴾ مَاذَا كَانَ بَعضهم قَالُوا ﴿لَا يتناهون عَن مُنكر فَعَلُوهُ﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي عَمْرو بن حماس أَن ابْن الزبير قَالَ لكعب: هَل لله من عَلامَة فِي الْعباد إِذا سخط عَلَيْهِم قَالَ: نعم يذلهم فَلَا يامرون بِالْمَعْرُوفِ ولاينهون عَن الْمُنكر وَفِي الْقُرْآن ﴿لعن الَّذين كفرُوا من بني إِسْرَائِيل﴾ الْآيَة
وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح مَرْفُوعا قتلت بَنو إِسْرَائِيل ثَلَاثَة وَأَرْبَعين نَبيا من أوّل النَّهَار فَقَامَ مائَة وَاثنا عشر رجلا من عبادهم فأمروهم بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْهُمْ عَن الْمُنكر فَقتلُوا جَمِيعًا فِي آخر النَّهَار فهم الَّذين ذكر الله ﴿لعن الَّذين كفرُوا من بني إِسْرَائِيل﴾ الْآيَات
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر أَو ليوشكن أَن يبْعَث الله عَلَيْكُم عقَابا من عِنْده ثمَّ لتدعنه فَلَا يستجيب لكم
وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيره بِيَدِهِ فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان
وَأخرج أَحْمد عَن عدي بن عميرَة
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله لايعذب الْعَامَّة بِعَمَل الْخَاصَّة حَتَّى يرَوا الْمُنكر بَين ظهرانيهم وهم قادرون على أَن ينكروه فَإِذا فعلوا ذَلِك عذب الله الْعَامَّة والخاصة
وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك من طَرِيق أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله لايعذب الْعَامَّة بِعَمَل الْخَاصَّة حَتَّى يرَوا الْمُنكر بَين ظهرانيهم وهم قادرون على أَن ينكروه فَلَا ينكرونه فَإِذا فعلوا ذَلِك عذب الله الْخَاصَّة والعامة
وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك من طَرِيق أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ ليخرجن من أمتِي اناس من قُبُورهم فِي صُورَة القردة والخنازير داهنوا أهل الْمعاصِي سكتوا عَن نهيهم وهم يَسْتَطِيعُونَ
وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عظمت أمتِي الدُّنْيَا نزعت مِنْهَا هَيْبَة الْإِسْلَام واذا تركت الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر حرمت بَرَكة الْوَحْي وَإِذا تسابَّت امتي سَقَطت من عين الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قيل يارسول الله أتهلك الْقرْيَة فيهم الصالحون قَالَ: نعم
فَقيل يارسول الله
قَالَ: تهانونهم وسكوتهم عَن معاصي الله عز وَجل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن من كَانَ قبلكُمْ من بني إِسْرَائِيل إِذا عمل الْعَامِل فيهم الْخَطِيئَة فَنَهَاهُ الناهي تعزيراً فَإِذا كَانَ من الْغَد جالسه وآكله وشاربه كَأَنَّهُ لم يره على خَطِيئَة بالْأَمْس فَلَمَّا رأى الله ذَلِك مِنْهُم ضرب بقلوب بَعضهم على بعض ولعنهم على لِسَان دَاوُد وَعِيسَى بن مَرْيَم ﴿ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون﴾ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهن عَن الْمُنكر ولتأخذن على يَد الْمُسِيء ولتأطرنه على الْحق أطرا أَو ليضربن الله بقلوب بَعْضكُم على بعض ويلعنكم كَمَا لعنهم
- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم﴾ قَالَ: مَا أَمرتهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يامعشر الْمُسلمين إيَّاكُمْ وَالزِّنَا فَإِن فِيهِ سِتّ خِصَال: ثَلَاث فِي الدُّنْيَا وَثَلَاث فِي الْآخِرَة فاما الَّتِي فِي الدُّنْيَا قد طَابَ إِلَيْهَا ودوام الْفقر وَقصر الْعُمر وَأما الَّتِي فِي الْآخِرَة فسخط الله وَطول الْحساب وَالْخُلُود فِي النَّار ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم أَن سخط الله عَلَيْهِم وَفِي الْعَذَاب هم خَالدُونَ﴾
- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَو كَانُوا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالنَّبِيّ وَمَا أنزل إِلَيْهِ مَا اتخذوهم أَوْلِيَاء﴾ الْآيَة
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ولتجدن أقربهم مَوَدَّة للَّذين آمنُوا الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ قَالَ: هم الْوَفْد الَّذين جاؤوا مَعَ جَعْفَر وَأَصْحَابه من أَرض الْحَبَشَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: مَا ذكر الله بِهِ النَّصَارَى قَالَ: هم نَاس من الْحَبَشَة آمنُوا إِذْ جَاءَتْهُم مهاجرة الْمُؤمنِينَ فَذَلِك لَهُم
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي النَّجَاشِيّ وَأَصْحَابه ﴿وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول ترى أَعينهم تفيض من الدمع﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية والواحدي من طَرِيق ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث بن هِشَام وَعُرْوَة بن الزبير قَالُوا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي وَكتب مَعَه كتابا إِلَى النَّجَاشِيّ فَقدم على النَّجَاشِيّ فَقَرَأَ كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ دَعَا جَعْفَر بن أبي طَالب والمهاجرين مَعَه وَأرْسل النَّجَاشِيّ إِلَى الرهبان والقسيسين فَجَمعهُمْ ثمَّ أَمر جَعْفَر بن أبي طَالب أَن يقْرَأ عَلَيْهِم الْقُرْآن فَقَرَأَ عَلَيْهِم سُورَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ قَالَ: هم رسل النَّجَاشِيّ الَّذين أرسل بِإِسْلَامِهِ وَإِسْلَام قومه كَانُوا سبعين رجلا اخْتَارَهُمْ من قومه الخيِّر الخيِّر فالخير فِي الْفِقْه وَالسّن وَفِي لفظ: بعث من خِيَار أَصْحَابه إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثِينَ رجلا فَلَمَّا أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخلُوا عَلَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِم سُورَة يس فبكوا حِين سمعُوا الْقُرْآن وَعرفُوا أَنه الْحق فَأنْزل الله فيهم ﴿ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ الْآيَة
وَنزلت هَذِه الْآيَة فيهم أَيْضا ﴿الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ﴾ الْقَصَص الْآيَة ٥٢ إِلَى قَوْله ﴿أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ الْقَصَص الْآيَة ٥٤ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن عُرْوَة قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي النَّجَاشِيّ ﴿وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول﴾ قَالَ: إِنَّهُم كَانُوا برايين يَعْنِي ملاحين قدمُوا مَعَ جَعْفَر بن أبي طَالب من الْحَبَشَة فَلَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن آمنُوا وفاضت أَعينهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رجعتم إِلَى أَرْضكُم انقلبتم عَن دينكُمْ فَقَالُوا لن ننقلب عَن ديننَا فَأنْزل الله ذَلِك من قَوْلهم ﴿وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي الَّذين أَقبلُوا مَعَ جَعْفَر من أَرض الْحَبَشَة وَكَانَ جَعْفَر لحق بِالْحَبَشَةِ هُوَ وَأَرْبَعُونَ مَعَه من قُرَيْش وَخَمْسُونَ من الْأَشْعَرِيين مِنْهُم أَرْبَعَة من عك أكبرهم أَبُو عَامر الْأَشْعَرِيّ وأصغرهم عَامر فَذكر لنا أَن قُريْشًا بعثوا فِي طَلَبهمْ عَمْرو بن الْعَاصِ وَعمارَة بن الْوَلِيد فَأتوا النَّجَاشِيّ فَقَالُوا: إِن هَؤُلَاءِ قد أفسدوا دين قَومهمْ فَأرْسل اليهم فجاؤوا فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: بعث الله فِينَا نَبيا كَمَا بعث فِي الْأُمَم قبلنَا يَدْعُونَا إِلَى الله وَحده ويأمرنا بِالْمَعْرُوفِ وينهانا عَن الْمُنكر ويأمرنا بالصلة وينهانا عَن القطيعة ويأمرنا بِالْوَفَاءِ وينهانا عَن النكث وَإِن قَومنَا بغوا علينا وأخرجونا حِين صدقناه وآمنا بِهِ فَلم نجد
فَقَالَ عَمْرو وَصَاحبه: إِنَّهُم يَقُولُونَ فِي عِيسَى غير الَّذِي تَقول
قَالَ: وَمَا تَقولُونَ فِي عِيسَى قَالُوا: نشْهد أَنه عبد الله وَرَسُوله وكلمته وروحه وَلدته عذراء بتول
قَالَ: مَا أخطأتم ثمَّ قَالَ لعَمْرو وَصَاحبه: لَوْلَا أنكما أقبلتما فِي جواري لفَعَلت بكما وَذكر لنا أَن جَعْفَر وَأَصْحَابه إِذْ أَقبلُوا جَاءَ أُولَئِكَ مَعَهم فآمنوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ قَائِل: لَو قد رجعُوا إِلَى أَرضهم لَحِقُوا بدينهم فحدثنا أَنه قدم مَعَ جَعْفَر سَبْعُونَ مِنْهُم فَلَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاضت أَعينهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ بعث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إثنا عشر رجلا سَبْعَة قِسِّيسِينَ وَخَمْسَة رهباناً ينظرُونَ إِلَيْهِ ويسألونه فَلَمَّا لقوه قَرَأَ عَلَيْهِم مَا أنزل الله بكوا وآمنوا وَأنزل الله فيهم ﴿وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِمَكَّة يخَاف على أَصْحَابه من الْمُشْركين فَبعث جَعْفَر بن أبي طَالب وَابْن مَسْعُود وَعُثْمَان بن مَظْعُون فِي رَهْط من أَصْحَابه إِلَى النَّجَاشِيّ ملك الْحَبَشَة فَلَمَّا بلغ الْمُشْركين بعثوا عَمْرو بن الْعَاصِ فِي رَهْط مِنْهُم وَذكروا أَنهم سبقوا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّجَاشِيّ فَقَالُوا إِنَّه قد خرج فِينَا رجل سفه عقول قُرَيْش وأحلامها زعم أَنه نَبِي وَأَنه بعث إِلَيْك رهطاً ليفسدوا عَلَيْك قَوْمك فأحببنا أَن نَأْتِيك ونخبرك خبرهم
قَالَ: إِن جاؤوني نظرت فِيمَا يَقُولُونَ فَلَمَّا قدم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتوا إِلَى بَاب النَّجَاشِيّ فَقَالُوا: اسْتَأْذن لأولياء الله فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُم فمرحباً بأولياء الله فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ سلمُوا فَقَالَ الرَّهْط من الْمُشْركين: ألم تَرَ أَيهَا الْملك انا صدقناك وانهم لم يحيوك بتحيتك الَّتِي تحيى بهَا
فَقَالَ لَهُم: مَا يمنعكم أَن تحيوني بتيحيتي قَالُوا: إِنَّا حييناك بِتَحِيَّة أهل الْجنَّة وتحية الْمَلَائِكَة
فَقَالَ لَهُم: مايقول صَاحبكُم فِي عِيسَى وَأمه قَالُوا: يَقُول عبد الله وَرَسُوله وَكلمَة من الله وروح مِنْهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وَيَقُول فِي مَرْيَم: إِنَّهَا الْعَذْرَاء الطّيبَة البتول
قَالَ: فَأخذ عوداً من الأَرْض فَقَالَ: مَا زَاد عِيسَى وَأمه على مَا قَالَ صَاحبكُم هَذَا الْعود فكره الْمُشْركُونَ قَوْله وَتغَير لون وُجُوههم فَقَالَ: هَل تقرأون شَيْئا مِمَّا أنزل عَلَيْكُم قَالُوا: نعم
قَالَ: فاقرأوا وَحَوله القسيسون والرهبان وَسَائِر النَّصَارَى فَجعلت طَائِفَة من
قَالَ الله ﴿ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول ترى أَعينهم تفيض من الدمع مِمَّا عرفُوا من الْحق﴾
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان فِي إِسْلَامه قَالَ لما قدم النَّبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة صنعت طَعَاما فَجئْت بِهِ فَقَالَ: ماهذا قلت: صَدَقَة
فَقَالَ لأَصْحَابه: كلوا وَلم يَأْكُل ثمَّ إِنِّي رجعت حَتَّى جمعت طَعَاما فَأَتَيْته بِهِ فَقَالَ: ماهذا قلت: هَدِيَّة
فَأكل وَقَالَ لأَصْحَابه: كلوا
قلت يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن النَّصَارَى قَالَ: لَا خير فيهم ولافيمن أحبهم فَقُمْت وَأَنا مثقل فَأنْزل الله ﴿لتجدن أَشد النَّاس عَدَاوَة للَّذين آمنُوا الْيَهُود﴾ حَتَّى بلغ ﴿تفيض من الدمع﴾ فَأرْسل إلىَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي: ياسلمان إِن أَصْحَابك هَؤُلَاءِ الَّذين ذكر الله
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿ولتجدن أقربهم مَوَدَّة﴾ الْآيَة
قَالَ: أنَاس من أهل الْكتاب كَانُوا على شَرِيعَة من الْحق مِمَّا جَاءَ بِهِ عِيسَى يُؤمنُونَ بِهِ وينتهون إِلَيْهِ فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صدقوه وآمنوا بِهِ وَعرفُوا مَا جَاءَ بِهِ من الْحق أَنه من الله فَأثْنى عَلَيْهِم بِمَا تَسْمَعُونَ
وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه والْحَارث بن أُسَامَة فِي مُسْنده والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَزَّار وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ قَالَ: الرهبان الَّذين فِي الصوامع نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ وَلَفظ الْبَزَّار دع القسيسين أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم / ذَلِك بِأَن مِنْهُم صديقين / وَلَفظ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ: قَرَأت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ﴾ فأقرأني / ذَلِك بِأَن مِنْهُم صديقين /
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سلمَان قَالَ: كنت يَتِيما من رامهرمز وَكَانَ ابْن دهقان رامهرمز يخْتَلف إِلَى معلم يُعلمهُ فَلَزِمته لأَكُون فِي كنفه وَكَانَ لي أَخ أكبر مني وَكَانَ مستغنياً فِي نَفسه وَكنت غُلَاما فَقِيرا فَكَانَ إِذا قَامَ من مَجْلِسه تفرق من يحفظه فَإِذا تفَرقُوا خرج فتقنع بِثَوْبِهِ ثمَّ صعد الْجَبَل فَكَانَ يفعل ذَلِك غير مرّة متنكراً قَالَ: فَقلت أما أَنَّك تفعل كَذَا وَكَذَا فَلم لَا تذْهب بِي مَعَك قَالَ:
قَالَ: قلت لاتخف
قَالَ: فَإِن فِي هَذَا الْجَبَل قوما فِي برطيل لَهُم عبَادَة وَصَلَاح يذكرُونَ الله عز وَجل ويذكرون الْآخِرَة يَزْعمُونَ أَنا عَبدة النيرَان وَعَبدَة الْأَوْثَان وَأَنا على غير دين
قلت: فَاذْهَبْ بِي مَعَك إِلَيْهِم
قَالَ: لَا أقدر على ذَلِك حَتَّى أستأمرهم وَأَنا أَخَاف أَن يظْهر مِنْك شَيْء فَيعلم أبي فَيقْتل الْقَوْم فَيجْرِي هلاكهم على يَدي
قَالَ: قلت لن يظْهر مني ذَلِك فاستأمرهم فَقَالَ: غُلَام عِنْدِي يَتِيم فَأحب أَن يأتيكم وَيسمع كلامكم قَالُوا: إِن كنت تثق بِهِ
قَالَ: أَرْجُو أَن لَا يَجِيء مِنْهُ إِلَّا مَا أحب
قَالُوا: فجيء بِهِ
فَقَالَ لي: قد اسْتَأْذَنت الْقَوْم أَن تَجِيء معي فَإِذا كَانَت السَّاعَة الَّتِي رَأَيْتنِي أخرج فِيهَا فأتني وَلَا يعلم بك أحد فَإِن أبي إِن علم قَتلهمْ
قَالَ: فَلَمَّا كَانَت السَّاعَة الَّتِي يخرج تَبعته فَصَعدَ الْجَبَل فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِم فَإِذا هم فِي برطيلهم
قَالَ: عَليّ
وَأرَاهُ قَالَ: هم سِتَّة أَو سَبْعَة
قَالَ: وَكَانَت الرّوح قد خرجت مِنْهُم من الْعِبَادَة يَصُومُونَ النَّهَار ويقومون اللَّيْل يَأْكُلُون الشّجر وَمَا وجدوا فَقَعَدْنَا إِلَيْهِم فَأثْنى ابْن الدهْقَان عليَّ خيرا فتكلموا فحمدوا الله وأثنوا عَلَيْهِ وَذكروا من مضى من الرُّسُل والأنبياء حَتَّى خلصوا إِلَى عِيسَى بن مَرْيَم قَالُوا: بَعثه الله وَولده بِغَيْر ذكر بَعثه الله رَسُوله وسخر لَهُ ماكان يفعل من إحْيَاء الْمَوْتَى وَخلق الطير وابراء الْأَعْمَى والأبرص فَكفر بِهِ قوم وَتَبعهُ قوم
وَإِنَّمَا كَانَ عبد الله وَرَسُوله ابتلى بِهِ خلقه
قَالَ: وَقَالُوا قبل ذَلِك: ياغلام إِن لَك رَبًّا وَإِن لَك معاداً وَإِن بَين يَديك جنَّة وَنَارًا إِلَيْهَا تصير وَإِن هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين يعْبدُونَ النيرَان أهل كفر وضلالة لايرضى الله بِمَا يصنعون وَلَيْسوا على دين فَلَمَّا حضرت السَّاعَة الَّتِي ينْصَرف فِيهَا الْغُلَام انْصَرف وانصرفت مَعَه ثمَّ غدونا إِلَيْهِم فَقَالُوا مثل ذَلِك وَأحسن فلزمتهم فَقَالُوا: ياغلام إِنَّك غُلَام وَإنَّك لَا تَسْتَطِيع أَن تصنع كَمَا نصْنَع فَكل واشرب وصل ونم
قَالَ: فَاطلع الْملك على صَنِيع ابْنه فَركب الْخَيل حَتَّى أَتَاهُم فِي برطيلهم فَقَالَ: ياهؤلاء قد جاورتموني فأحسنت جوراكم وَلم تروا مني سوءا فعمدتم إِلَى ابْني فافسدتموه عليَّ قد أجلتكم ثَلَاثًا فَإِن قدرت عَلَيْكُم بعد ثَلَاث أحرقت عَلَيْكُم برطيلكم هَذَا فالحقوا ببلادكم فَإِنِّي أكره أَن يكون مني إِلَيْكُم سوء
قَالُوا: نعم ماتعمدنا اساءتك وَلَا أردنَا إِلَّا الْخَيْر فكفَّ ابْنه عَن إتيانهم فَقلت لَهُ: اتَّقِ الله
قَالَ: ياسلمان هُوَ كَمَا تَقول وَإِنَّمَا أَتَخَلَّف عَن الْقَوْم بقيا عَلَيْهِم ان اتبعت الْقَوْم يطلبني أبي فِي الْخَيل وَقد جزع من إتياني إيَّاهُم حَتَّى طردهم وَقد أعرف أَن الْحق فِي أَيْديهم
قلت: أَنْت أعلم ثمَّ لقِيت أخي فعرضت عَلَيْهِ فَقَالَ: أَنا مشتغل بنفسي وَطلب الْمَعيشَة فأتيتهم فِي الْيَوْم الَّذِي أَرَادوا أَن يرتحلوا فِيهِ فَقَالُوا: ياسلمان قد كُنَّا نحذر فَكَانَ مَا رَأَيْت اتَّقِ الله وَاعْلَم أَن الدّين مَا أوصيناك بِهِ وَإِن هَؤُلَاءِ عَبدة النيرَان لايعرفون الله ولايذكرونه فَلَا يخدعنَّك أحد عَن ذَلِك
قلت: مَا أَنا بمفارقكم
قَالُوا: إِنَّك لَا تقدر على أَن تكون مَعنا نَحن نَصُوم النَّهَار ونقوم اللَّيْل وَنَأْكُل الشّجر وَمَا أصبْنَا وَأَنت لاتستطيع ذَلِك
قَالَ: قلت: لَا أفارقكم
قَالُوا: أَنْت أعلم قد أعلمناك حَالنَا فَإِذا أَبيت فاطلب أحدا يكون مَعَك واحمل مَعَك شَيْئا تَأْكُله لَا تَسْتَطِيع مانستطيع نَحن
قَالَ: فَفعلت فَلَقِيت أخي فعرضت عَلَيْهِ فَأبى فأتيتهم فتحمَّلوا فَكَانُوا يَمْشُونَ وأمشي مَعَهم فرزقنا الله السَّلامَة حَتَّى أَتَيْنَا الْموصل فأتينا بَيْعه بالموصل فَلَمَّا دخلُوا حفوا بهم وَقَالُوا: أَيْن كُنْتُم قَالُوا: كُنَّا فِي بِلَاد لَا يذكرُونَ الله بهَا عبّاد نيران فطردونا فقدمنا عَلَيْكُم فَلَمَّا كَانَ بعد قَالُوا: يَا سلمَان ان هَهُنَا قوما فِي هَذِه الْجبَال هم أهل دين وَإِنَّا نُرِيد لقاءهم فَكُن أَنْت هَهُنَا مَعَ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُم أهل دين وسترى مِنْهُم مَا تحب قلت: مَا أَنا بمفارقكم
قَالَ: وأوصوا بِي أهل الْبيعَة فَقَالَ أهل دين الْبيعَة: أقِم مَعنا فانه لايعجزك شَيْء يسعنا
قلت: مَا أَنا بمفارقكم
فَخَرجُوا وَأَنا مَعَهم فأصبحنا بَين الْجبَال فَإِذا صَخْرَة وَمَاء كثير فِي جرار وخبز كثير فَقَعَدْنَا عِنْد الصَّخْرَة فَلَمَّا طلعت الشَّمْس خَرجُوا من بَين تِلْكَ الْجبَال يخرج رجل رجل من مَكَانَهُ كَأَن الْأَرْوَاح انتزعت مِنْهُم حَتَّى كَثُرُوا فرحبوا بهم وحفوا وَقَالُوا: أَيْن كُنْتُم لم نركم قَالُوا: كُنَّا فِي بِلَاد لَا يذكرُونَ اسْم الله فِيهَا عَبدة النيرَان وَكُنَّا نعْبد الله فِيهَا فطردونا فَقَالُوا: ماهذا الْغُلَام قَالَ: فطفقوا يثنون عليَّ وَقَالُوا: صَحِبنَا من تِلْكَ الْبِلَاد فَلم نرَ مِنْهُ إِلَّا خيرا
قَالَ: فو الله إِنَّهُم لكذا إِذْ طلع عَلَيْهِم رجل من كَهْف رجل طَوِيل فجَاء حَتَّى سلم وَجلسَ فحف بِهِ أَصْحَابِي الَّذين كنت مَعَهم وعظموه وَأَحْدَقُوا بِهِ فَقَالَ لَهُم: أَيْن كُنْتُم فأخبروه
فَجعل الرجل يقوم فَيَأْخُذ الجرة من المَاء وَالطَّعَام وَالشَّيْء وَقَامَ إِلَيْهِ أَصْحَابِي الَّذين جِئْت مَعَهم فَسَلمُوا عَلَيْهِ وعظموه فَقَالَ لَهُم: الزموا هَذَا الدّين وَإِيَّاكُم أَن تفَرقُوا وَاسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلَام خيرا وَقَالَ لي: هَذَا دين الله الَّذِي لَيْسَ لَهُ دين فَوْقه وَمَا سواهُ هُوَ الْكفْر
قَالَ: قلت: مَا أُفَارِقك
قَالَ: إِنَّك لن تَسْتَطِيع أَن تكون معي إِنِّي لَا أخرج من كهفي هَذَا إِلَّا كل يَوْم أحد لَا تقدر على الكينونة معي
قَالَ: وَأَقْبل على أَصْحَابه فَقَالُوا: يَا غُلَام إِنَّك لَا تَسْتَطِيع أَن تكون مَعَه
قلت: مَا أَنا بمفارقك
قَالَ: يَا غُلَام فَإِنِّي أعلمك الْآن إِنِّي أَدخل هَذَا الْكَهْف وَلَا أخرج مِنْهُ إِلَى الْأَحَد الآخر وَأَنت أعلم
قلت: مَا أَنا بمفارقك
قَالَ لَهُ أَصْحَابه: يافلان هَذَا غُلَام ونخاف عَلَيْهِ
قَالَ: قَالَ لي: أَنْت أعلم
قلت: إِنِّي لَا أُفَارِقك
فَبكى أَصْحَابِي الأوّلون الَّذين كنت مَعَهم عِنْد فراقهم إيَّايَ
فَقَالَ: خُذ من هَذَا الطَّعَام مَا ترى أَنه يَكْفِيك إِلَى الْأَحَد الآخر وَخذ من هَذَا المَاء مَا تكتفي بِهِ فَفعلت وَتَفَرَّقُوا وَذهب كل إِنْسَان إِلَى مَكَانَهُ الَّذِي يكون فِيهِ وتبعته حَتَّى دخل الْكَهْف فِي الْجَبَل فَقَالَ: ضع مَا مَعَك وكل واشرب وَقَامَ يُصَلِّي فَقُمْت مَعَه أُصَلِّي قَالَ: وانفتل إِلَيّ فَقَالَ: إِنَّك لَا تَسْتَطِيع هَذَا وَلَكِن صل ونم وكل واشرب فَفعلت فَمَا رَأَيْته لَا نَائِما وَلَا طاعماً إِلَّا رَاكِعا وساجداً إِلَى الْأَحَد الآخر
فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ: خُذ جرتك هَذِه وَانْطَلق فَخرجت مَعَه أتبعه حَتَّى انتهينا إِلَى الصَّخْرَة وَإِذا هم قد خَرجُوا من تِلْكَ الْجبَال واجتمعوا إِلَى الصَّخْرَة ينتظرون
فَقَالَ: الزموا هَذَا الدّين وَلَا تفَرقُوا وَاتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَن عِيسَى بن مَرْيَم كَانَ عبد الله أنعم الله عَلَيْهِ ثمَّ ذكروني فَقَالُوا: يَا فلَان كَيفَ وجدت هَذَا الْغُلَام فَأثْنى عَليّ وَقَالَ: خيرا
فحمدوا الله فَإِذا خبز كثير وَمَاء فَأخذُوا وَجعل الرجل يَأْخُذ بِقدر مَا يَكْتَفِي بِهِ فَفعلت وَتَفَرَّقُوا فِي تِلْكَ الْجبَال وَرجع إِلَى كهفه وَرجعت مَعَه
فَلبث ماشاء الله يخرج فِي كل يَوْم أحد وَيخرجُونَ مَعَه ويوصيهم بِمَا كَانَ يوصيهم بِهِ فَخرج فِي أحد فَلَمَّا اجْتَمعُوا حمد الله ووعظهم وَقَالَ مثل ماكان يَقُول لَهُم ثمَّ قَالَ لَهُم آخر ذَلِك: يَا هَؤُلَاءِ إِنِّي قد كَبرت سني ورق عظمي واقترب أَجلي وَأَنه لَا عهد لي بِهَذَا الْبَيْت مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَلَا بُد لي من إِتْيَانه فَاسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلَام خيرا وَإِنِّي رَأَيْته لَا بَأْس بِهِ قَالَ: فجزع الْقَوْم فَمَا رَأَيْت مثل جزعهم وَقَالُوا: يَا أَبَا فلَان أَنْت كَبِير وَأَنت وَحدك وَلَا نَأْمَن أَن يصيبك الشَّيْء ولسنا أحْوج مَا كُنَّا إِلَيْك
قَالَ: لَا تراجعوني لَا بُد لي من إِتْيَانه وَلَكِن اسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلَام خيرا وافعلوا وافعلوا
قَالَ: قلت: مَا أَنا بمفارقك
قَالَ: ياسلمان قد رَأَيْت حَالي وماكنت عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا لَك إِنَّمَا أَمْشِي أَصوم النَّهَار وأقوم اللَّيْل وَلَا أَسْتَطِيع أَن أحمل معي زادا ولاغيره وَلَا تقدر على هَذَا
قَالَ: قلت: مَا أَنا بمفارقك
قَالَ: أَنْت أعلم قَالُوا: يَا أَبَا فلَان إِنَّا نَخَاف عَلَيْك وعَلى هَذَا الْغُلَام
قَالَ: هُوَ أعلم قد أعلمته الْحَالة وَقد رأى ماكان قبل هَذَا
قلت: لَا أُفَارِقك
فبكوا وودعوه وَقَالَ لَهُم: اتَّقوا الله وَكُونُوا على مَا أوصيتكم بِهِ فَإِن أعش فلعلي أرجع إِلَيْكُم وَإِن أمت فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت فَسلم عَلَيْهِم وَخرج وَخرجت مَعَه وَقَالَ لي: احْمِلْ مَعَك من هَذَا الْخبز شَيْئا تَأْكُله
فَخرج وَخرجت مَعَه يمشي وَاتبعهُ يذكر الله وَلَا يلْتَفت وَلَا يقف على شَيْء حَتَّى إِذْ أَمْسَى قَالَ: يَا سلمَان صل أَنْت ونم وكل واشرب ثمَّ قَامَ هُوَ يُصَلِّي إِلَى أَن انْتهى إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ لَا يرفع طرفه إِلَى السَّمَاء حَتَّى انتهينا إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَإِذا على الْبَاب مقْعد قَالَ: ياعبد الله قد ترى حَالي فَتصدق عليَّ بِشَيْء فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ وَدخل الْمَسْجِد وَدخلت مَعَه فَجعل يتتبع أمكنة من الْمَسْجِد يُصَلِّي فِيهَا ثمَّ قَالَ: ياسلمان إِنِّي لم أنم مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَلم أجد طعم نوم فَإِن أَنْت جعلت لي أَن توقظني إِذا بلغ الظل مَكَان كَذَا وَكَذَا نمت فَانِي أحب أَن أَنَام فِي هَذَا الْمَسْجِد
قَالَ: قلت: فَإِنِّي أفعل
قَالَ: فَانْظُر إِذا بلغ الظل مَكَان كَذَا وَكَذَا فأيقظني إِذا غلبتني عَيْني فَنَامَ فَقلت فِي نَفسِي: هَذَا لم ينم مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَقد رَأَيْت بعض ذَلِك لأدعنه ينَام حَتَّى يشتفي من النّوم
وَكَانَ فِيمَا يمشي وَأَنا مَعَه يقبل عليَّ فيعظني ويخبرني أَن لي رَبًّا وَأَن بَين يَدَيْهِ جنَّة وَنَارًا وحساباً ويعلمني بذلك ويذكرني نَحْو مَا كَانَ يذكر الْقَوْم يَوْم الْأَحَد حَتَّى قَالَ فِيمَا يَقُول لي: ياسلمان الله تَعَالَى سَوف يبْعَث رَسُولا اسْمه أَحْمد يخرج بتهامة - وَكَانَ رجلا أعجمياً لَا يحسن أَن يَقُول تهَامَة ولامحمد - علامته أَنه يَأْكُل الْهَدِيَّة وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة بَين كَتفيهِ خَاتم وَهَذَا زَمَانه الَّذِي يخرج فِيهِ قد تقَارب فَأَما أَنا فَإِنِّي شيخ كَبِير وَلَا أحسبني أدْركهُ فَإِن أَدْرَكته أَنْت فَصدقهُ وَاتبعهُ
قلت: وَإِن أَمرنِي بترك دينك وَمَا أَنْت عَلَيْهِ قَالَ: وَإِن أَمرك فَإِن الْحق فِيمَا يَجِيء بِهِ ورضا الرَّحْمَن فِيمَا قَالَ
فَلم يمض إِلَّا يسير حَتَّى اسْتَيْقَظَ فَزعًا يذكر الله تَعَالَى فَقَالَ: ياسلمان مضى الْفَيْء من هَذَا الْمَكَان وَلم أذكر الله أَيْنَمَا جعلت لي على نَفسك قَالَ: قلت: أَخْبَرتنِي أَنَّك لم تنم مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَقد رَأَيْت بعض ذَلِك فَأَحْبَبْت أَن تشتفي من النّوم فَحَمدَ الله فَقَامَ وَخرج فتبعته فَقَالَ المقعد: ياعبد الله دخلت فسألتك فَلم تعطني وَخرجت فسألتك فَلم تعطني فَقَامَ ينظر هَل يرى أحد فَلم يره فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ: ناولني يدك فَنَاوَلَهُ فَقَالَ: قُم بِسم الله فَقَامَ كَأَنَّهُ نشط من عقال صَحِيحا لاعيب فِيهِ فخلى عَن يَده فَانْطَلق ذَاهِبًا فَكَانَ لَا يلوي على أحد وَلَا يقوم عَلَيْهِ فَقَالَ لي المقعد: يَا غُلَام أحمل على ثِيَابِي حَتَّى أَنطلق وأبشر أَهلِي فَحملت عَلَيْهِ ثِيَابه وَانْطَلق لَا يلوي عليَّ
فَخرجت فِي أَثَره أطلبه وَكلما سَأَلت عَنهُ قَالُوا: أمامك
حَتَّى لَقِيَنِي الركب من كلب فسألتهم فَلَمَّا سمعُوا لغتي أَنَاخَ رجل مِنْهُم بعيره فَحَمَلَنِي فجعلني خَلفه حَتَّى بلغُوا بِي بِلَادهمْ قَالَ: فباعوني فاشترتني امْرَأَة من الْأَنْصَار فجعلتني فِي حَائِط لَهَا وَقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأُخبرت بِهِ فَأخذت شَيْئا من تمر حائطي فَجَعَلته على شَيْء ثمَّ أَتَيْته فَوجدت عِنْده أُنَاسًا وَإِذا أَبُو بكر أقرب الْقَوْم مِنْهُ فَوَضَعته بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا قلت صَدَقَة
فَقَالَ للْقَوْم: كلوا وَلم يَأْكُل هُوَ ثمَّ لَبِثت مَا شَاءَ الله ثمَّ أخذت مثل ذَلِك فَجَعَلته على شَيْء ثمَّ أَتَيْته بِهِ فَوجدت عِنْده أُنَاسًا
قَالَ: بِسم الله فَأكل وَأكل الْقَوْم قَالَ: قلت: فِي نَفسِي هَذِه من آيَاته كَانَ صَاحِبي رجلا أعجمياً لم يحسن أَن يَقُول تهَامَة قَالَ تُهْمَة وَقَالَ أَحْمد فَدرت خَلفه فَفطن بِي فَأرْخى ثَوْبه فَإِذا الْخَاتم فِي نَاحيَة كتفه الايسر فتبينته ثمَّ درت حَتَّى جَلَست بَين يَدَيْهِ فَقلت: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله
قَالَ: من أَنْت قلت: مَمْلُوك فَحَدَّثته بحديثي وَحَدِيث الرجل الَّذِي كنت مَعَه وَمَا أَمرنِي بِهِ قَالَ: لمن أَنْت قلت: لامْرَأَة من الْأَنْصَار جَعَلتني فِي حَائِط لَهَا
قَالَ: يَا أَبَا بكر قَالَ: لبيْك
قَالَ: اشتره
قَالَ: فاشتراني أَبُو بكر فاعتقني فَلَبثت مَا شَاءَ الله أَن ألبث ثمَّ أَتَيْته فَسلمت عَلَيْهِ وَقَعَدت بَين يَدَيْهِ فَقلت: يارسول الله مَا تَقول فِي دين النَّصَارَى قَالَ: لَا خير فيهم وَلَا فِي دينهم فدخلني أَمر عَظِيم فَقلت فِي نَفسِي: هَذَا الَّذِي كنت مَعَه وَرَأَيْت مِنْهُ مَا رَأَيْت أَخذ بيد المقعد فأقامه الله على يَدَيْهِ لَا خير فِي هَؤُلَاءِ وَلَا فِي دينهم فَانْصَرَفت وَفِي نَفسِي ماشاء الله فَأنْزل الله بعد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ إِلَى آخر الْآيَة
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليَّ بسلمان فَأَتَانِي الرَّسُول فدعاني وَأَنا خَائِف فَجئْت حَتَّى قعدت بَين يَدَيْهِ فَقَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ﴿ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ إِلَى آخر الْآيَة
فَقَالَ: ياسلمان أُولَئِكَ الَّذين كنت مَعَهم وَصَاحِبك لم يَكُونُوا نَصَارَى إِنَّمَا كَانُوا مُسلمين فَقلت: يارسول الله فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ لقد أَمرنِي باتباعك
فَقلت لَهُ: وَإِن أَمرنِي بترك دينك وَمَا أَنْت عَلَيْهِ فأتركه قَالَ: نعم فَاتْرُكْهُ فَإِن الْحق وَمَا يحب الله فِيمَا يَأْمُرك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿قِسِّيسِينَ﴾ قَالَ: علماؤهم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: القسيسون
عبادهم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: سَأَلت الزُّهْرِيّ عَن هَذِه الْآيَة ﴿ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ وَقَوله ﴿وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما﴾ الْفرْقَان الْآيَة ٦٣ قَالَ: مازلت أسمع عُلَمَائِنَا يَقُولُونَ: نزلت فِي النَّجَاشِيّ وَأَصْحَابه
وَفِي لفظ: قَالَ: يعنون بالشاهدين مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته أَنهم قد شهدُوا لَهُ أَنه بلِّغ وشهدوا للمرسلين أَنهم قد بلغُوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿ونطمع أَن يدخلنا رَبنَا مَعَ الْقَوْم الصَّالِحين﴾ قَالَ: الْقَوْم الصالحون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأصاحبه رَضِي الله عَنْهُم
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن عروة قال : كانوا يرون أن هذه الآية نزلت في النجاشي ﴿ وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ﴾ قال : إنهم كانوا برايين يعني ملاحين، قدموا مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة، فلما قرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن آمنوا وفاضت أعينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا رجعتم إلى أرضكم انقلبتم عن دينكم، فقالوا لن ننقلب عن ديننا، فأنزل الله ذلك من قولهم ﴿ وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ﴾.
وأخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن السدي قال « بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رجلاً، سبعة قسيسين وخمسة رهباناً، ينظرون إليه ويسألونه، فلما لقوه قرأ عليهم ما أنزل الله بكوا وآمنوا، وأنزل الله فيهم ﴿ وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ﴾ الآية ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه من طرق عن ابن عباس في قوله ﴿ فاكتبنا مع الشاهدين ﴾ قال : أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وفي لفظ : قال : يعنون بالشاهدين محمداً صلى الله عليه وسلم وأمته، أنهم قد شهدوا له أنه قد بلِّغ، وشهدوا للمرسلين أنهم قد بلغوا.
- أخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يارسول الله إِنِّي إِذا أكلت اللَّحْم انتشرت للنِّسَاء وأخذتني شهوتي وَإِنِّي حرمت عليّ اللَّحْم فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رَهْط من الصَّحَابَة قَالُوا: نقطع مذاكيرنا ونترك شهوات الدُّنْيَا ونسيح فِي الأَرْض كَمَا تفعل الرهبان قَالُوا: فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل إِلَيْهِم فَذكر لَهُم ذَلِك فَقَالُوا: نعم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لكني أَصوم أفطر وأصلي وأنام وأنكح النِّسَاء فَمن أَخذ بِسنتي فَهُوَ مني وَمن لم يَأْخُذ بسنَّتي فَلَيْسَ منى
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي مراسليه وَابْن جرير عَن أبي مَالك فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ قَالَ: نزلت فِي عُثْمَان بن مَظْعُون وَأَصْحَابه كَانُوا حرمُوا على أنفسهم كثيرا من الشَّهَوَات وَالنِّسَاء وهمَّ بَعضهم أَن يقطع ذكره فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا نغزو مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ مَعنا نسَاء فَقُلْنَا أَلا نستخصي فنهانا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك وَرخّص لنا أَن ننكح الْمَرْأَة بِالثَّوْبِ إِلَى أجل ثمَّ قَرَأَ عبد الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ أنَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم همُّوا بالخصاء وَترك اللَّحْم وَالنِّسَاء فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة
أَن عُثْمَان بن مَظْعُون فِي نفر من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَعضهم: لَا آكل اللَّحْم وَقَالَ الآخر: لَا أَنَام على فرَاش وَقَالَ الآخر: لَا أَتزوّج النِّسَاء وَقَالَ الآخر: أَصوم وَلَا أفطر فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ قَالَ: كَانُوا حرمُوا الطّيب وَاللَّحم فَأنْزل الله هَذَا فيهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي قلَابَة قَالَ أَرَادَ أنَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرفضوا الدُّنْيَا ويتركوا النِّسَاء ويترهبوا فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فغلظ فيهم الْمقَالة ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِالتَّشْدِيدِ شَدَّدُوا على أنفسهم فَشدد الله عَلَيْهِم فَأُولَئِك بقاياهم فِي الديار والصوامع اعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وحجوا واعتمروا واستقيموا يستقم بكم
قَالَ: وَنزلت فيهم ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ الْآيَة
قَالَ ذكر لنا أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفضوا النِّسَاء وَاللَّحم وَأَرَادُوا أَن يتخذوا الصوامع فَلَمَّا بلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ فِي ديني ترك النِّسَاء وَاللَّحم وَلَا اتِّخَاذ الصوامع وخبرنا أَن ثَلَاثَة نفر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّفقُوا فَقَالَ أحدهم أما أَنا فأقوم اللَّيْل لَا أَنَام وَقَالَ أحدهم: أما أَنا فأصوم النَّهَار فَلَا أفطر وَقَالَ الآخر: أما أَنا فَلَا آتِي النِّسَاء فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم فَقَالَ: ألم أنبأ إِنَّكُم اتفقتم على كَذَا وَكَذَا قَالُوا: بلَى يارسول الله وَمَا أردنَا إِلَّا الْخَيْر
قَالَ: لكني أقوم وأنام وَأَصُوم وَأفْطر وَآتِي النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني وَكَانَ فِي بعض الْقِرَاءَة فِي الْحَرْف الأول: من رغب عَن سنتك فَلَيْسَ من أمتك وَقد ضل سَوَاء السَّبِيل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا آمركُم أَن تَكُونُوا قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلس يَوْمًا فَذكر النَّاس ثمَّ قَامَ وَلم يزدهم على التخويف فَقَالَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا عشرَة مِنْهُم عَليّ بن أبي طَالب وَعُثْمَان بن مَظْعُون: مَا حَقنا أَن لم نُحدث عملا فَإِن النَّصَارَى قد حرَّموا على أنفسهم فَنحْن نحرم فَحرم بَعضهم أكل اللَّحْم والودك وَأَن يَأْكُل مِنْهَا وَحرم بَعضهم النّوم وَحرم بَعضهم النِّسَاء فَكَانَ عُثْمَان بن مَظْعُون مِمَّن حرم النِّسَاء وَكَانَ لَا يدنو من أَهله وَلَا يدنون مِنْهُ فَأَتَت امْرَأَته عَائِشَة - وَكَانَ يُقَال لَهَا الحولاء - فَقَالَت لَهَا عَائِشَة وَمن حولهَا من نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بالك يَا حولاء متغيرة اللَّوْن لَا تمتشطين وَلَا تتطيبين فَقَالَت: وَكَيف أتطيب وأمتشط وَمَا وَقع عليَّ زَوجي وَلَا رفع عني ثوبا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَجعلْنَ يضحكن من كَلَامهَا فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهن يضحكن فَقَالَ: مَا يضحككن قَالَت: يَا رَسُول الله الحولاء سَأَلتهَا عَن أمرهَا فَقَالَت: مَا رفع عني زَوجي ثوبا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَأرْسل إِلَيْهِ فَدَعَاهُ فَقَالَ: مَا بالك ياعثمان قَالَ: إِنِّي تركته لله لكَي أتخلى لِلْعِبَادَةِ وقصَّ عَلَيْهِ أمره وَكَانَ عُثْمَان قد أَرَادَ أَن يجب نَفسه
قَالَ: فَأفْطر وأتى أَهله فَرَجَعت الحولاء إِلَى عَائِشَة قد اكتحلت وامتشطت وتطيبت فَضَحكت عَائِشَة فَقَالَت: مَالك يَا حولاء فَقَالَت: أَنه أَتَاهَا أمس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بَال أَقوام حرمُوا النِّسَاء وَالطَّعَام وَالنَّوْم أَلا اني أَنَام وأقوم وَأفْطر وَأَصُوم وأنكح النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا﴾ يَقُول لعُثْمَان: لَا تجب نَفسك فَإِن هَذَا هُوَ الاعتداء وَأمرهمْ أَن يكفروا أَيْمَانهم فَقَالَ ﴿لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٨٩ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ أَرَادَ رجال مِنْهُم عُثْمَان بن مَظْعُون وَعبد الله بن عَمْرو أَن يتبتلوا ويخصوا أنفسهم ويلبسوا المسوح فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ وَالْآيَة الَّتِي بعْدهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة
أَن عُثْمَان بن مَظْعُون وَعلي بن أبي طَالب وَابْن مَسْعُود والمقداد بن الْأسود وسالماً مولى أبي حُذَيْفَة وَقُدَامَة تبتلوا فجلسوا فِي الْبيُوت واعتزلوا النِّسَاء ولبسوا المسوح وحرموا طَيّبَات الطَّعَام واللباس إِلَّا مَا يَأْكُل ويلبس السياحة من بني إِسْرَائِيل وهمُّوا بالاختصاء وَأَجْمعُوا لقِيَام اللَّيْل وَصِيَام النَّهَار فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ الْآيَة
فَلَمَّا نزلت بعث إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن لأنفسكم حَقًا ولأعينكم حَقًا وَإِن لأهلكم حَقًا فصلوا وناموا وأفطروا فَلَيْسَ منا من ترك سنتنا
فَقَالُوا: اللَّهُمَّ صدقنا وَاتَّبَعنَا مَا أنزلت على الرَّسُول
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم عُثْمَان بن مَظْعُون حرمُوا اللَّحْم وَالنِّسَاء على أنفسهم وَأخذُوا الشفار ليقطعوا مَذَاكِيرهمْ لكَي تَنْقَطِع الشَّهْوَة عَنْهُم ويتفرغوا لعبادة رَبهم فَأخْبر بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا أردتم قَالُوا: أَردنا أَن نقطع الشَّهْوَة عَنَّا ونتفرغ لعبادة رَبنَا ونلهو عَن النَّاس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم أُؤمر بذلك وَلَكِنِّي أُمِرْتُ فِي ديني أَن أَتزوّج النِّسَاء فَقَالُوا: نطيع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾
وَأخرج ابْن مردوية عَن الْحسن العرني قَالَ: كَانَ عَليّ فِي أنَاس مِمَّن أَرَادوا أَن يحرموا الشَّهَوَات فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ الْآيَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق ابْن جريج عَن الْمُغيرَة بن عُثْمَان قَالَ كَانَ عُثْمَان بن مَظْعُون وَعلي وَابْن مَسْعُود والمقداد وعمار أَرَادوا الاختصاء وَتَحْرِيم اللَّحْم وَلبس المسوح فِي أَصْحَاب لَهُم فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُثْمَان بن مَظْعُون فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: قد كَانَ بعض ذَلِك
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنكح النِّسَاء وآكل اللَّحْم وَأَصُوم وَأفْطر وأصلي وأنام وألبس الثِّيَاب لم آتِ بالتبتل وَلَا بالرهبانية وَلَكِن جِئْت بالحنيفية السمحة وَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني قَالَ ابْن جريج: فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم أَن عبد الله بن رَوَاحَة ضافه ضيف من أَهله وَهُوَ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله فَوَجَدَهُمْ لم يطعموا ضيفهم انتظاراً لَهُ فَقَالَ لامْرَأَته: حبست ضَيْفِي من أَجلي هُوَ حرَام عَليّ
فَقَالَت امْرَأَته: هُوَ عليَّ حرَام
قَالَ الضَّيْف: هُوَ عَليّ حرَام فَلَمَّا رأى ذَلِك وضع يَده وَقَالَ: كلوا بِسم الله ثمَّ ذهب إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد أصبت
فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن: ﴿لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا﴾ إِلَى مَا حرم الله عَلَيْكُم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْمُغيرَة قَالَ: قلت: لإِبْرَاهِيم فِي هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ هوالرجل يحرم الشَّيْء مِمَّا أحل الله قَالَ: نعم
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ من طرق عَن ابْن مَسْعُود
أَن معقل بن مقرن قَالَ لَهُ: إِنِّي حرمت فِرَاشِي عليَّ سنة
فَقَالَ: نم على فراشك وكفِّر عَن يَمِينك ثمَّ تَلا ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارقطني عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ آخى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين سلمَان وَأبي الدَّرْدَاء فزار سلمَان أَبَا الدَّرْدَاء فَرَأى أم الدَّرْدَاء متبذلة فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنك
قَالَت: أَخُوك أَبُو الدَّرْدَاء لَيْسَ لَهُ حَاجَة فِي الدُّنْيَا فجَاء أَبُو الدَّرْدَاء فَصنعَ لَهُ طَعَاما فَقَالَ: كل فَإِنِّي صَائِم قَالَ: مَا أَنا بآكل حَتَّى تَأْكُل فَأكل فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل ذهب أَبُو الدَّرْدَاء يقوم قَالَ: نم فَنَامَ ثمَّ ذهب يقوم فَقَالَ: نم
فَلَمَّا كَانَ من آخر اللَّيْل قَالَ سلمَان: قُم الْآن
فَصَليَا فَقَالَ لَهُ سلمَان: أَن لِرَبِّك عَلَيْك حَقًا وَلِنَفْسِك عَلَيْك حَقًا ولأهلك عَلَيْك حَقًا فأعط كل ذِي حق حَقه
فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ: صدق سلمَان
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألم أخبر أَنَّك تَصُوم النَّهَار وَتقوم اللَّيْل قلت: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: فَلَا تفعل صم وَأفْطر وقم ونم فَإِن لجسدك عَلَيْك حَقًا وَإِن لعينك عَلَيْك حَقًا وَإِن لزوجك عَلَيْك حَقًا وَإِن لزورك عَلَيْك حَقًا وَأَن بحسبك أَن تَصُوم من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن لَك بِكُل حَسَنَة عشر أَمْثَالهَا فَإِذن ذَلِك صِيَام الدَّهْر كُله
قلت: إِنِّي أجد قُوَّة
قَالَ: فَصم صِيَام نَبِي الله دَاوُد لَا تزد عَلَيْهِ
قلت: وَمَا كَانَ صِيَام نَبِي الله دَاوُد قَالَ: نصف الدَّهْر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن سعيد بن الْمسيب أَن نَفرا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن عَمْرو لما تبتلوا وجلسوا فِي الْبيُوت واعتزلوا وهما بالخصاء وَأَجْمعُوا على قيام اللَّيْل وَصِيَام النَّهَار فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَاهُمْ فَقَالَ: أما أَنا فَانِي أُصَلِّي وأنام وَأَصُوم وَأفْطر وأتزوج النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَائِشَة قَالَت دخلت امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي قلَابَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من: تبتل فَلَيْسَ منا
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن شهَاب أَن عُثْمَان بن مَظْعُون أَرَادَ أَن يختصي ويسيح فِي الأَرْض فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلَيْسَ لَك فيَّ أُسْوَة فَأَنِّي آتِي النِّسَاء وآكل اللَّحْم وَأَصُوم وَأفْطر إِن خصاء أمتِي الصّيام وَلَيْسَ من أمتِي من خصى أَو اختصى
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي بردة قَالَ دخلت امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرأينها سَيِّئَة الْهَيْئَة فَقُلْنَ لَهَا: مَالك فَقَالَت: مالنا مِنْهُ شَيْء أما ليله فقائم وَأما نَهَاره فصائم فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فذكرن ذَلِك لَهُ فَلَقِيَهُ فَقَالَ يَا عُثْمَان بن مَظْعُون أما لَك فيَّ أُسْوَة قَالَ: وَمَا ذَاك قَالَ: تَصُوم النَّهَار وَتقوم اللَّيْل
قَالَ: إِنِّي لأَفْعَل
قَالَ: لَا تفعل إِن لعينك عَلَيْك حَقًا ان لجسدك عَلَيْك حَقًا وَإِن لأهْلك عَلَيْك حَقًا فصل ونم وصم وَأفْطر قَالَ: فاتتهن بعد ذَلِك عطرة كَأَنَّهَا عروس فَقُلْنَ لَهَا مَه قَالَت: أَصَابَنَا ماأصاب النَّاس
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي قلَابَة أَن عُثْمَان بن مَظْعُون اتخذ بَيْتا فَقعدَ يتعبّد فِيهِ فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ فَأخذ بِعضَادَتَيْ بَاب الْبَيْت الَّذِي هُوَ فِيهِ فَقَالَ: يَا عُثْمَان إِن الله لم يَبْعَثنِي بالرهبانية مرَّتَيْنِ أوثلاثة وَإِن خير الدّين عِنْد الله الحنيفية السمحة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ كَانَت امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون امْرَأَة جميلَة عطرة تحب اللبَاس والهيئة لزَوجهَا فزارتها عَائِشَة وَهِي تفلة قَالَت: ماحالك هَذِه قَالَت: إِن نَفرا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن رَوَاحَة وَعُثْمَان بن مَظْعُون قد تخلوا لِلْعِبَادَةِ وامتنعوا من النِّسَاء وَأكل اللَّحْم وصاموا النَّهَار وَقَامُوا اللَّيْل فَكرِهت أَن أريه من حَالي مَا يَدعُوهُ إِلَى مَا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي إِنَّمَا بعثت بالحنيفية السمحة وَإِنِّي لم أبْعث بالرهبانية الْبِدْعَة إِلَّا وان أَقْوَامًا ابتدعوا الرهبانية فَكتبت عَلَيْهِم فَمَا رعوها حق رعايتها إِلَّا فَكُلُوا اللَّحْم وَأتوا النِّسَاء وصوموا وأفطروا وصلوا وناموا فَإِنِّي بذلك أمرت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة فليتزوّج فَإِنَّهُ أَغضّ لِلْبَصَرِ وَأحْصن لِلْفَرجِ وَمن لم يسْتَطع فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بفتية فَقَالَ: من كَانَ مِنْكُم ذَا طول فلينزوج فَإِنَّهُ أَغضّ لِلْبَصَرِ وَأحْصن لِلْفَرجِ وَمن لم يسْتَطع فليصم فَإِن الصَّوْم لَهُ وَجَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة قَالَ: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم وَاحِد لأحببت أَن يكون لي فِيهِ زَوْجَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر بن الْخطاب
أَنه قَالَ لرجل: أتزوجت قَالَ: لَا
قَالَ: إِمَّا أَن تكون أَحمَق وَإِمَّا أَن تكون فَاجِرًا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة قَالَ: قَالَ لي طَاوس: لتنكحن أَو لأقول لَك مَا قَالَ عمر لأبي الزَّوَائِد مايمنعك من النِّكَاح إِلَّا عجز أَو فجور
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: مثل الأعزب كَمثل شَجَرَة فِي فلاة تقلبها الرِّيَاح هَكَذَا وَهَكَذَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن سعيد بن هِلَال أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تناكحوا تكثروا فَإِنِّي أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ لقد رد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عُثْمَان بن مَظْعُون التبتل وَلَو أذن لَهُ فِي ذَلِك لاختصينا
وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من طَرِيق عَائِشَة بنت قدامَة بن
قَالَ: لَا وَلَكِن عَلَيْك يَا ابْن مَظْعُون بالصيام فَإِنَّهُ مجفر
وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن التبتل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن التبتل
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أنس أَن نَفرا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلُوا أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عمله فِي السِّرّ فَقَالَ بَعضهم: لَا أَتزوّج النِّسَاء وَقَالَ بَعضهم: لَا آكل اللَّحْم وَقَالَ بَعضهم: لَا أَنَام على فرَاش وَقَالَ بَعضهم أَصوم وَلَا أفطر فَقَامَ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: مَا بَال أَقوام قَالُوا كَذَا وَكَذَا لكني أُصَلِّي وأنام وَأَصُوم وَأفْطر وأتزوج النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبيد الله بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أحب فِطْرَتِي فَليَسْتَنَّ بِسنتي وَمن سنتي النِّكَاح
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مَيْمُون أبي الْمُغلس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَ مُوسِرًا لِأَن ينْكح فَلم ينْكح فَلَيْسَ منا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أَيُّوب
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من اسْتنَّ بِسنتي فَهُوَ مني وَمن سنتي النِّكَاح
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد عَن أبي ذَر قَالَ دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل يُقَال لَهُ عَكَّاف بن بشير التَّمِيمِي فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل لَك من زَوْجَة قَالَ: لَا
قَالَ: وَلَا جَارِيَة قَالَ: وَلَا جَارِيَة
قَالَ: وَأَنت مُوسر بِخَير قَالَ: نعم
قَالَ: أَنْت إِذا من إخْوَان الشَّيَاطِين لَو كنت من النَّصَارَى كنت من رهبانهم إِن من سنتنا النِّكَاح شِرَاركُمْ عُزَّابُكُمْ وأراذل مَوْتَاكُم عُزَّابُكُمْ أبالشيطان تتمرسون ماللشيطان من سلَاح أبلغ فِي الصَّالِحين من النِّسَاء إِلَّا المتزوجين أُولَئِكَ الْمُطهرُونَ المبرأون من الْخَنَا وَيحك ياعكاف إنَّهُنَّ صَوَاحِب أَيُّوب وَدَاوُد ويوسف وكرسف فَقَالَ لَهُ بشير بن عَطِيَّة: وَمن كُرْسُف يَا رَسُول الله قَالَ: رجل كَانَ يعبد الله بساحل من سواحل الْبَحْر ثلثمِائة عَام يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل ثمَّ إِنَّه كفر بعد ذَلِك بِاللَّه الْعَظِيم فِي سَبَب امْرَأَة عَشِقَهَا وَترك مَا كَانَ عَلَيْهِ من عبَادَة ربه ثمَّ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطِيَّة بن بسر الْمَازِني قَالَ جَاءَ عَكَّاف بن ودَاعَة الْهِلَالِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عَكَّاف أَلَك زَوْجَة قَالَ: لَا
قَالَ: وَلَا جَارِيَة قَالَ: لَا
قَالَ: وَأَنت صَحِيح مُوسر قَالَ: نعم وَالْحَمْد لله
قَالَ: فَأَنت إِذا من الشَّيَاطِين إِمَّا أَن تكون من رَهْبَانِيَّة النَّصَارَى فَأَنت مِنْهُم وَإِمَّا أَن تكون منا فتصنع كَمَا نصْنَع فَإِن من ستنا النِّكَاح شِرَاركُمْ عُزَّابُكُمْ وأراذل مَوْتَاكُم عُزَّابُكُمْ أبالشيطان تتمرسون مَاله فِي نَفسه سلَاح أبلغ فِي الصَّالِحين من النِّسَاء إِلَّا المتزوجون الْمُطهرُونَ المبرأون من الْخَنَا وَيحك ياعكاف
تزوج إنَّهُنَّ صَوَاحِب دَاوُد وَصَوَاحِب أَيُّوب وَصَوَاحِب يُوسُف وَصَوَاحِب كُرْسُف فَقَالَ عَطِيَّة من كُرْسُف يَا رَسُول الله فَقَالَ: رجل من بني إِسْرَائِيل على سَاحل من سواحل الْبَحْر يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل لَا يفتر من صَلَاة وَلَا صِيَام ثمَّ كفر من بعد ذَلِك بِاللَّه الْعَظِيم فِي سَبَب امْرَأَة عَشِقَهَا فَترك مَا كَانَ عَلَيْهِ من عبَادَة ربه عز وَجل فَتَدَاركهُ الله بِمَا سلف مِنْهُ فَتَابَ الله عَلَيْهِ وَيحك
تزوج وَإِلَّا فَإنَّك من الْمُذَبْذَبِينَ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي نجيح قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ مُوسِرًا لِأَن ينْكح فَلم ينْكح فَلَيْسَ مني
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي نجيح قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِسْكين مِسْكين مِسْكين رجل لَيست لَهُ امْرَأَة
قيل يَا رَسُول الله وَإِن كَانَ غَنِيا ذَا مَال قَالَ: وَإِن كَانَ غَنِيا من المَال
قَالَ: ومسكينة مسكينة مسكينة امْرَأَة لَيْسَ زوج قيل: يَا رَسُول الله وَإِن كَانَت غنية ومكثرة من المَال قَالَ: وَإِن كَانَت
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَبُو نجيح اسْمه يسَار وَهُوَ وَالِد عبد الله بن أبي نجيح والْحَدِيث مُرْسل
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنَا بِالْبَاءَةِ وينهانا عَن التبتل نهيا شَدِيدا وَيَقُول: تزوجوا الْوَدُود الْوَلُود فَإِنِّي مُكَاثِر بكم الْأَنْبِيَاء يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن أنس
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من رزقه الله امْرَأَة صَالِحَة فقد أَعَانَهُ على شطر دينه فليتق الله فِي الشّطْر الْبَاقِي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل عَابِد وَكَانَ مُعْتَزِلا فِي كَهْف لَهُ فَكَانَ بَنو إِسْرَائِيل قد أعجبوا بِعِبَادَتِهِ فَبَيْنَمَا هم عِنْد نَبِيّهم إِذْ ذَكرُوهُ فَأَثْنوا عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي: إِنَّه لَكمَا تَقولُونَ لَوْلَا أَنه تَارِك لشَيْء من السّنة وَهُوَ التَّزَوُّج
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة عَن شَدَّاد بن أَوْس أَنه قَالَ: زوِّجوني فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَوْصَانِي أَن لَا ألْقى الله عزباً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: قَالَ معَاذ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ: زوجوني إِنِّي أكره أَن ألْقى الله عزباً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: يُكفن الرجل فِي ثَلَاثَة أَثوَاب لَا تَعْتَدوا إِن الله لايحب الْمُعْتَدِينَ
- أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٨٧ فِي الْقَوْم الَّذين كَانُوا حرَّموا النِّسَاء وَاللَّحم على
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يعلى بن مُسلم قَالَ: سَأَلت سعيد ابْن جُبَير عَن هَذِه الْآيَة ﴿لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان﴾ قَالَ: اقْرَأ ماقبلها فَقَرَأت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم﴾ إِلَى قَوْله ﴿لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: اللَّغْو أَن تحرم هَذَا الَّذِي أحل الله لَك وأشباهه تكفرعن يَمِينك وَلَا تحرمه فَهَذَا اللَّغْو الَّذِي لَا يُؤَاخِذكُم ﴿وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان﴾ فَإِن مت عَلَيْهِ أخذت بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير ﴿لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: هُوَ الرجل يحلف على الْحَلَال أَن يحرمه فَقَالَ الله ﴿لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم﴾ أَن تتركه وتكفرعن يَمِينك ﴿وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان﴾ قَالَ: مَا أَقمت عَلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: هما الرّجلَانِ يتبايعان
يَقُول أَحدهمَا: وَالله لَا أبيعك بِكَذَا وَيَقُول الآخر: وَالله لَا أشتريه بِكَذَا
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: اللَّغْو
أَن يصل الرجل كَلَامه بِالْحلف وَالله لتجيئن وَالله لتأكلن وَالله لتشربن وَنَحْو هَذَا لَا يُرِيد بِهِ يَمِينا وَلَا يتَعَمَّد بِهِ حلفا فَهُوَ لَغْو الْيَمين لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك قَالَ: الْأَيْمَان ثَلَاثَة
يَمِين تكفر وَيَمِين لَا تكفر وَيَمِين لَا يُؤَاخذ بهَا فَأَما الَّتِي تكفر فالرجل يحلف على قطيعة رحم أَو مَعْصِيّة الله فيكفر يَمِينه وَالَّتِي لَا تكفر الرجل يحلف على الْكَذِب مُتَعَمدا وَلَا تكفر وَالَّتِي لَا يُؤَاخذ بهَا فالرجل يحلف على الشَّيْء يرى أَنه صَادِق فَهُوَ اللَّغْو لَا يُؤَاخذ بِهِ
وَالله أعلم
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: اللَّغْو
الْخَطَأ أَن تحلف على الشَّيْء وَأَنت ترى كَمَا حَلَفت عَلَيْهِ فَلَا يكون كَذَلِك تجوّز لَك عَنهُ وَلَا كفَّارة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان﴾ قَالَ: بِمَا تعمدتم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: الرجل يحلف على الشَّيْء يرى أَنه كَذَلِك وَلَيْسَ كَذَلِك ﴿وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان﴾ قَالَ: الرجل يحلف على الشَّيْء وَهُوَ يُعلمهُ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَائِشَة قَالَت: إِنَّمَا اللَّغْو فِي المراء والهزل والمزاحة فِي الحَدِيث الَّذِي لَا يعْقد عَلَيْهِ الْقلب وَإِنَّمَا الْكَفَّارَة فِي كل يَمِين حلف عَلَيْهَا فِي جد من الْأَمر فِي غضب أَو غَيره ليفعلن أَو ليتركن فَذَاك عقد الْأَيْمَان الَّذِي فرض الله فِيهِ الْكَفَّارَة
قَوْله تَعَالَى ﴿فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين﴾
أخرج ابْن مَاجَه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كفر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَاع من تمر وَأمر النَّاس بِهِ وَمن لم يجد فَنصف صَاع من بر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُقيم كَفَّارَة الْيَمين مدا من حِنْطَة بِمد الأول
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت: كُنَّا نعطي فِي كَفَّارَة الْيَمين بِالْمدِّ الَّذِي يقتات بِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: أَنِّي أَحْلف لَا أعطي أَقْوَامًا ثمَّ يَبْدُو لي أَن أعطيهم فأطعم عشرَة مَسَاكِين كل مِسْكين صَاعا من شعير أَو صَاعا من تمر أَو نصف صَاع من قَمح
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: فِي كَفَّارَة الْيَمين إطْعَام عشرَة مَسَاكِين لكل مِسْكين نصف صَاع من حِنْطَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس: فِي كَفَّارَة الْيَمين نصف صَاع من حِنْطَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي كَفَّارَة الْيَمين مد من حِنْطَة لكل مِسْكين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن ثَابت
أَنه قَالَ: فِي كَفَّارَة الْيَمين مد من حِنْطَة لكل مِسْكين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر
فِي كَفَّارَة الْيَمين قَالَ: إطْعَام عشرَة مَسَاكِين لكل مِسْكين مد من حِنْطَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ثَلَاث فِيهِنَّ مد مد كَفَّارَة الْيَمين وَكَفَّارَة الظِّهَار وَكَفَّارَة الصّيام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله ﴿فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين﴾ قَالَ: يغديهم ويعشيهم إِن شِئْت خبْزًا وَلَحْمًا أَو خبْزًا وزيتاً أَو خبْزًا وَسمنًا أَو خبْزًا وَتَمْرًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين
فِي كَفَّارَة الْيَمين قَالَ: أَكلَة وَاحِدَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ عَن كَفَّارَة الْيَمين فَقَالَ: رغيفين وعرق لكل مِسْكين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن جَابر قَالَ: قيل لِلشَّعْبِيِّ أردد على مِسْكين وَاحِد
قَالَ: لَا يجْزِيك إِلَّا عشرَة مَسَاكِين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن
أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يطعم مِسْكينا وَاحِدًا عشر مَرَّات فِي كَفَّارَة الْيَمين
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم﴾ قَالَ: من عسركم ويسركم
وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل يقوت أَهله قوتاً فِيهِ سَعَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل يقوت أَهله قوتاً فِيهِ فضل وَبَعْضهمْ يقوت قوتاً دون ذَلِك فَقَالَ الله ﴿من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم﴾ لَيْسَ بأرفعه وَلَا أدناه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر ﴿من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم﴾ قَالَ: من أَوسط مَا نطعم أَهْلينَا الْخبز وَالتَّمْر وَالْخبْز وَالزَّيْت وَالْخبْز وَالسمن وَمن أفضل مَا نطعمهم الْخبز وَاللَّحم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: أفضله الْخبز وَاللَّحم وأوسطه الْخبز وَالسمن وأخسه الْخبز وَالتَّمْر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ أهل الْمَدِينَة يفضلون الْحر على العَبْد وَالْكَبِير على الصَّغِير يَقُولُونَ: الصَّغِير على قدره وَالْكَبِير على قدره فَنزلت ﴿من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم﴾ فَأمروا بأوسط من ذَلِك لَيْسَ بأرفعه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير ﴿من أَوسط﴾ يَعْنِي من أعدل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿من أَوسط﴾ قَالَ: من أمثل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير ﴿من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم﴾ قَالَ: قوتهم وَالطَّعَام صَاع من كل شَيْء إِلَّا الْحِنْطَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: كل شَيْء فِيهِ إطْعَام مِسْكين فَهُوَ مد بِمد أهل مَكَّة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿أَو كسوتهم﴾ قَالَ عباءة لكل مِسْكين
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة قَالَ قُلْنَا يارسول الله ﴿أَو كسوتهم﴾ ماهو قَالَ: عباءة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿أَو كسوتهم﴾ قَالَ: عباءة لكل مِسْكين أَو شملة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: الْكسْوَة ثوب أَو إِزَار
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿أَو كسوتهم﴾ قَالَ: الْقَمِيص أَو الرِّدَاء أَو الْإِزَار
قَالَ: وَيجْزِي فِي كَفَّارَة الْيَمين كل ثوب إِلَّا التبَّان أَو القلنسوة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿أَو كسوتهم﴾ قَالَ: أدناه ثوب وَأَعلاهُ مَا شِئْت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن الْمسيب ﴿أَو كسوتهم﴾ قَالَ: إِزَار وعمامة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: السَّرَاوِيل لَا يَجْزِي والقلنسوة لَا تجزي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عمرَان بن حُصَيْن
أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿أَو كسوتهم﴾ قَالَ: لَو أَن وَفْدًا قدمُوا على أميركم فكساهم قلنسوة قلنسوة قُلْتُمْ قد كسوا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء
فِي الرجل يكون عَلَيْهِ الْكَفَّارَة من الْيَمين فيكسو خمس مَسَاكِين وَيطْعم خَمْسَة أَن ذَلِك جَائِز وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ (إطْعَام عشرَة مَسَاكِين أَو كاسوتهم) ثمَّ قَالَ سعيد: أَو كاسوتهم فِي الطَّعَام
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو تَحْرِير رَقَبَة﴾ وَأخرج ابْن أَبُو شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: لَا يَجْزِي الْأَعْمَى وَلَا المقعد فِي الرَّقَبَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن فضَالة بن عبيد قَالَ: يَجْزِي ولد الزِّنَا فِي الرَّقَبَة الْوَاجِبَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء بن أبي ريَاح قَالَ: تجزي الرَّقَبَة لصغيرة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن: أَنه كَانَ لَا يرى عتق الْكَافِر فِي شَيْء من الْكَفَّارَات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: لَا يَجْزِي ولد الزِّنَا فِي الرَّقَبَة ويجزىء الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ فِي كَفَّارَة الْيَمين
وَالله تَعَالَى أعلم
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام﴾
فِي آيَة كَفَّارَة الْيَمين قَالَ: هُوَ بِالْخِيَارِ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة الأول فالأوّل فَإِن لم يجد شَيْئا من ذَلِك فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت آيَة الْكَفَّارَات قَالَ حُذَيْفَة: يَا رَسُول الله نَحن بِالْخِيَارِ قَالَ أَنْت بِالْخِيَارِ إِن شِئْت أعتقت وَإِن شِئْت كسوت وَإِن شِئْت أطعمت فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: من كَانَ عِنْده دِرْهَمَانِ فَعَلَيهِ أَن يطعم فِي الْكَفَّارَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: إِذا كَانَ عِنْده خَمْسُونَ درهما فَهُوَ مِمَّن يجد وَيجب عَلَيْهِ الْإِطْعَام وَإِن كَانَت أقل فَهُوَ مِمَّن لَا يجد ويصوم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: إِذا كَانَ عِنْده عشرُون درهما فَعَلَيهِ أَن يطعم فِي الْكَفَّارَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي بن كَعْب
أَنه كَانَ يَقْرَأها (فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات)
وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن حميد بن قيس الْمَكِّيّ قَالَ: كنت أَطُوف مَعَ مُجَاهِد فَجَاءَهُ إِنْسَان يسْأَله عَن صِيَام الْكَفَّارَة أيتابع قَالَ حميد: فَقلت: لَا
فَضرب مُجَاهِد فِي صَدْرِي ثمَّ قَالَ: إِنَّهَا فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب (مُتَتَابِعَات)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن مَسْعُود
أَنه كَانَ يَقْرَأها (فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات) قَالَ سُفْيَان: وَنظرت فِي مصحف ربيع بن خَيْثَم فَرَأَيْت فِيهِ (فَمن لم يجد من ذَلِك شَيْئا فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ كل شَيْء فِي الْقُرْآن مُتَتَابِعَات
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقْرَأها (فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ
أَنه كَانَ لَا يفرق فِي صِيَام الْيَمين ثَلَاثَة أَيَّام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن
إِنَّه كَانَ يَقُول فِي صَوْم كَفَّارَة الْيَمين: يَصُومهُ مُتَتَابِعَات فَإِن أفطر من عذر يقْضِي يَوْمًا مَكَان يَوْم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير ﴿ذَلِك﴾ يَعْنِي الَّذِي ذكر من الْكَفَّارَة ﴿كَفَّارَة أَيْمَانكُم إِذا حلفتم﴾ يَعْنِي الْيَمين الْعمد ﴿واحفظوا أَيْمَانكُم﴾ يَعْنِي لَا تعمدوا الْأَيْمَان الكاذبة ﴿كَذَلِك﴾ يَعْنِي هَكَذَا ﴿يبين الله لكم آيَاته﴾ يَعْنِي مَا ذكر من الْكَفَّارَة ﴿لَعَلَّكُمْ تشكرون﴾ فَمن صَامَ من كَفَّارَة الْيَمين يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ وجد مَا يطعم فليطعم وَيجْعَل صَوْمه تطوّعاً
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ أَبُو بكر إِذا حلف لم يَحْنَث حَتَّى نزلت آيَة الْكَفَّارَة فَكَانَ بعد ذَلِك يَقُول: لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى غَيرهَا خيرا مِنْهَا إِلَّا أتيت الَّذِي هُوَ خير وَقبلت رخصَة الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من حلف على ملك يَمِين ليضربه فكفارته تَركه وَمَعَ الْكَفَّارَة حَسَنَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن جُبَير بن مطعم
أَنه افتدى يَمِينه بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ: وَرب هَذِه الْقبْلَة لَو حَلَفت لحلفت صَادِقا وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء افتديت بِهِ يَمِيني
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي نجيح
أَن نَاسا من أهل الْبَيْت حلفوا عِنْد الْبَيْت خمسين رجلا قسَامَة فكأنهم حلفوا على بَاطِل ثمَّ خَرجُوا حَتَّى إِذا كَانُوا فِي بعض الطَّرِيق قَالُوا تَحت صَخْرَة فَبَيْنَمَا هم قَائِلُونَ تحتهَا إِذْ انقبلت الصَّخْرَة عَلَيْهِم فَخَرجُوا يَشْتَدُّونَ من تحتهَا فانفلقت خمسين فلقَة فقتلت كل فلقَة رجلا
فَقَالَ النَّاس مَا حرم علينا إِنَّمَا قَالَ إِثْم كَبِير وَكَانُوا يشربون الْخمر حَتَّى كَانَ يَوْم من الْأَيَّام صلى رجل من الْمُهَاجِرين أمّ أَصْحَابه فِي الْمغرب خلط فِي قِرَاءَته فَأنْزل الله أغْلظ مِنْهَا ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ﴾ النِّسَاء الْآيَة ٤٣ وَكَانَ النَّاس يشربون حَتَّى يَأْتِي أحدهم الصَّلَاة وَهُوَ مغتبق ثمَّ نزلت آيَة أغْلظ من ذَلِك ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ﴾ قَالُوا: انتهينا رَبنَا فَقَالَ النَّاس: يَا رَسُول الله نَاس قتلوا فِي سَبِيل الله وماتوا على فرشهم كَانُوا يشربون الْخمر ويأكلون الميسر وَقد جعله الله رجساً من عمل الشَّيْطَان فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو حرم عَلَيْهِم لتركوه كَمَا تركْتُم
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر قَالَ: نزل فِي الْخمر ثَلَاث آيَات فأوّل شَيْء نزل ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٢١٩ الْآيَة
فَقيل حرمت الْخمر فَقَالُوا: يَا رَسُول الله دَعْنَا ننتفع بهَا كَمَا قَالَ الله فَسكت عَنْهُم
ثمَّ نزلت هَذِه الْآيَة ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ النِّسَاء الْآيَة ٤٣ فَقيل: حرمت الْخمر
فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَا نشربها قرب الصَّلَاة
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حرمت الْخمر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والنحاس فِي ناسخه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: فيَّ نزل تَحْرِيم الْخمر صنع رجل من الْأَنْصَار طَعَاما فَدَعَانَا فَأَتَاهُ نَاس فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى انتشوا من الْخمر
وَذَلِكَ قبل أَن تحرم الْخمر
فتفاخروا فَقَالَت الْأَنْصَار: الْأَنْصَار خير وَقَالَت قُرَيْش: قُرَيْش خير
فَأَهوى رجل بِلحي جزور فَضرب على أنفي ففزره فَكَانَ سعد مفزور الْأنف قَالَ: فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن شهَاب أَن سَالم بن عبد الله حَدثهُ
أَن أول مَا حرمت الْخمر إِن سعد بن أبي وَقاص وأصحاباً لَهُ شربوا فَاقْتَتلُوا فكسروا أنف سعد فَأنْزل الله ﴿إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ الْآيَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ نزلت فيَّ ثَلَاث آيَات من كتاب الله نزل تَحْرِيم الْخمر نادمت رجلا فعارضته وعارضني فعربدت عَلَيْهِ فشججته فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ﴾ وَنزلت فيَّ ﴿وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حسنا﴾ العنكبوت الْآيَة ٨ ﴿حَملته أمه كرها﴾ إِلَى آخر الْآيَة وَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة﴾ المجادلة الْآيَة ١٢ فَقدمت شعيرَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّك لَزَهِيد فَنزلت الْآيَة الْأُخْرَى ﴿أَأَشْفَقْتُم أَن تقدمُوا﴾ المجادلة الْآيَة ١٣ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا نزل تَحْرِيم الْخمر فِي قبيلتين من قبائل الْأَنْصَار شربوا فَلَمَّا أَن ثمل الْقَوْم عَبث بَعضهم بِبَعْض فَلَمَّا أَن صحوا جعل يرى الرجل مِنْهُم الْأَثر بِوَجْهِهِ وبرأسه ولحيته فَيَقُول: صنع بِي هَذَا أخي فلَان وَكَانُوا إخْوَة لَيْسَ فِي قُلُوبهم ضغائن وَالله لَو كَانَ بِي رؤوفاً مَا صنع
وَأخرج ابْن جرير عَن بُرَيْدَة قَالَ بَيْنَمَا نَحن قعُود على شراب لنا وَنحن نشرب الْخمر جلاء إِذْ قُمْت حَتَّى آتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم عَلَيْهِ وَقد نزل تَحْرِيم الْخمر ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ إِلَى قَوْله ﴿مُنْتَهُونَ﴾ فَجئْت إِلَى أَصْحَابِي فقرأتها عَلَيْهِم قَالَ: وَبَعض الْقَوْم شربته فِي بِيَدِهِ قد شرب بَعْضًا وَبَقِي بعض فِي الْإِنَاء فَقَالَ بِالْإِنَاءِ تَحت شفته الْعليا كَمَا يفعل الْحجام ثمَّ صبوا مَا فِي باطيتهم فَقَالُوا: انتهينا رَبنَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أهل الْمَدِينَة إِن الله يعرض عَن الْخمر تعريضاً لَا أَدْرِي لَعَلَّه سينزل فِيهَا أَمر ثمَّ قَامَ فَقَالَ: يَا أهل الْمَدِينَة إِن الله قد أنزل إليَّ تَحْرِيم الْخمر فَمن كتب مِنْكُم هَذِه الْآيَة وَعِنْده مِنْهَا شَيْء فَلَا يشْربهَا
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ: زَعَمُوا أَن عُثْمَان بن مَظْعُون حرم الْخمر فِي الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ: لَا أشْرب شَيْئا يذهب عَقْلِي ويضحك بِي من هُوَ أدنى مني ويحملني على أَن أنكح كَرِيمَتي من لَا أُرِيد فَنزلت هَذِه الْآيَة فِي سُورَة الْمَائِدَة فِي الْخمر فَمر عليَّ رجل فَقَالَ: حرمت الْخمر وتلا هَذِه الْآيَة فَقَالَ: تَبًّا لَهَا قد كَانَ بَصرِي فِيهَا ثَابتا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ لما نزلت فِي الْبَقَرَة ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٢١٩ شربهَا قوم لقَوْله مَنَافِع للنَّاس وَتركهَا قوم لقَوْله إِثْم كَبِير مِنْهُم عُثْمَان بن مَظْعُون حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي فِي النِّسَاء ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ النِّسَاء الْآيَة ٤٣ فَتَركهَا قوم وشربها قوم يتركونها بِالنَّهَارِ حِين الصَّلَاة ويشربونها بِاللَّيْلِ حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة ﴿إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾
قَالَ عمر: أقرنت بالميسر والأنصاب والأزلام بعدا لَك وَسُحْقًا فَتَركهَا النَّاس وَوَقع فِي صُدُور أنَاس من النَّاس مِنْهَا فَجعل قوم يمر بالراوية من الْخمر فتخرق فيمر بهَا أَصْحَابهَا فَيَقُولُونَ: قد كُنَّا نكرمك عَن هَذَا المصرع وَقَالُوا: مَا حرم علينا شَيْء أَشد من الْخمر حَتَّى جعل الرجل يلقى صَاحبه فَيَقُول: إِن فِي نَفسِي شَيْئا
فَيَقُول لَهُ صَاحبه: لَعَلَّك تذكر الْخمر
فَيَقُول: نعم
فَيَقُول: إِن فِي نَفسِي مثل مافي نَفسك حَتَّى ذكر ذَلِك قوم واجتمعوا فِيهِ فَقَالُوا: كَيفَ نتكلم وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَاهد وخافوا أَن ينزل فيهم فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أعدُّوا لَهُ حجَّة فَقَالُوا: أَرَأَيْت حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَمصْعَب بن عُمَيْر وَعبد الله بن جحش أَلَيْسُوا فِي الْجنَّة قَالَ: بلَى
قَالُوا: أَلَيْسُوا قد مضوا وهم يشربون الْخمر فَحرم علينا شَيْء دخلُوا الْجنَّة وهم يشربونه
فَقَالَ: قد سمع الله مَا قُلْتُمْ فَإِن شَاءَ أجابكم فَأنْزل الله ﴿إِنَّمَا يُرِيد الشَّيْطَان أَن يُوقع بَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء فِي الْخمر وَالْميسر ويصدكم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ﴾ قَالُوا: انتهينا وَنزل فِي الَّذين ذكرُوا حَمْزَة وَأَصْحَابه ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر﴾ قَالَ: الميسر
هُوَ الْقمَار كُله ﴿قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس﴾ قَالَ: فذمهما وَلم يحرمهما وَهِي لَهُم حَلَال يَوْمئِذٍ ثمَّ أنزل هَذِه الْآيَة فِي شَأْن الْخمر وَهِي أَشد مِنْهَا فَقَالَ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ النِّسَاء الْآيَة ٤٣ فَكَانَ السكر مِنْهَا حَرَامًا ثمَّ أنزل الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ﴾ فجَاء تَحْرِيمهَا فِي هَذِه الْآيَة قليلها وكثيرها مَا أسكر مِنْهَا وَمَا لم يسكر
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: أول مَا نزل تَحْرِيم الْخمر ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٢١٩ الْآيَة
فَقَالَ بعض النَّاس: نشربها لمنافعها الَّتِي فِيهَا وَقَالَ آخَرُونَ لَا خير فِي شَيْء فِيهِ إِثْم ثمَّ نزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾
فَقَالَ بعض النَّاس: نشربها ونجلس فِي بُيُوتنَا وَقَالَ آخَرُونَ: لَا خير فِي شَيْء يحول بَيْننَا وَبَين الصَّلَاة مَعَ الْمُسلمين فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ الْآيَة
فَانْتَهوا فنهاهم فَانْتَهوا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ النِّسَاء الْآيَة ٤٣ قَالَ: كَانَ الْقَوْم يشربونها حَتَّى إِذا حضرت الصَّلَاة أَمْسكُوا عَنْهَا قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِين أنزلت هَذِه الْآيَة: قد تقرَّب الله فِي تَحْرِيم الْخمر ثمَّ حرمهَا بعد ذَلِك فِي سُورَة الْمَائِدَة بعد غَزْوَة الْأَحْزَاب وَعلم أَنَّهَا تسفِّه الأحلام وتجهد الْأَمْوَال وتشغل عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ﴾ قَالَ: فَانْتهى الْقَوْم عَن الْخمر وأمسكوا عَنْهَا قَالَ: وَذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة لما أنزلت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَيهَا النَّاس إِن الله قد حرم الْخمر فَمن كَانَ عِنْده شَيْء فَلَا يطعمهُ وَلَا تَبِيعُوهَا فَلبث الْمُسلمُونَ زَمَانا يَجدونَ رِيحهَا من طرق الْمَدِينَة لِكَثْرَة مَا أهرقوا مِنْهَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس
أَن الشَّرَاب كَانُوا يضْربُونَ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْأَيْدِي وَالنعال والعصي حَتَّى توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو بكر: لَو فَرضنَا لَهُم حدا فتوخى نَحْو مَا كَانُوا يضْربُونَ فِي عهد رَسُول الله صللى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ أَبُو بكر يجلدهم أَرْبَعِينَ حَتَّى توفّي ثمَّ كَانَ عمر من بعده يجلدهم كَذَلِك أَرْبَعِينَ حَتَّى أَتَى بِرَجُل من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين وَقد شرب فَأمر بِهِ لن يجلد فَقَالَ: لم تجلدني بيني وَبَيْنك كتاب الله
قَالَ: وَفِي أَي كتاب الله تَجِد أَن لَا أجلدك قَالَ: فَإِن الله تَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ فَإنَّا من الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ﴿ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا﴾ شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق والمشاهد
فَقَالَ عمر: أَلا تردون عَلَيْهِ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَؤُلَاءِ الْآيَات نزلت عذرا للماضين وَحجَّة على البَاقِينَ عذرا للماضين لأَنهم لقوا الله قبل أَن حرم عَلَيْهِم الْخمر وَحجَّة على البَاقِينَ لِأَن الله يَقُول ﴿إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام﴾ حَتَّى بلغ الْآيَة الْأُخْرَى فَإِن كَانَ من ﴿الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وأمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا﴾ فَإِن
فَقَالَ عمر: فَمَاذَا ترَوْنَ فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: نرى أَنه إِذا شرب سكر وَإِذا سكر هذى وَإِذا هذى افترى وعَلى المفتري ثَمَانُون جلدَة فَأمر عمر فجلد ثَمَانِينَ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن أبي طَلْحَة زوج أم أنس قَالَ لما نزلت تَحْرِيم الْخمر بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هاتفاً يَهْتِف: أَلا أَن الْخمر قد حرمت فَلَا تَبِيعُوهَا فَمن كَانَ عِنْده مِنْهُ شَيْء فليهرقه
قَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا غُلَام حل عُزّلى تِلْكَ المزاد فَفَتحهَا فَأَهْرقهَا وخمرنا يَوْمئِذٍ الْبُسْر وَالتَّمْر فأهرق النَّاس حَتَّى امْتنعت فجاج الْمَدِينَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: كُنَّا نَأْكُل من طَعَام لنا وَنَشْرَب عَلَيْهِ من هَذَا الشَّرَاب فَأَتَانَا فلَان من نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّكُم تشربون الْخمر وَقد أنزل فِيهَا
قُلْنَا مَا تَقولُونَ قَالَ: نعم سمعته من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّاعَة وَمن عِنْده أتيتكم فقمنا فأكفينا ماكان فِي الْإِنَاء من شَيْء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ كَانَ عِنْد أبي طَلْحَة مَال ليتيم فَاشْترى بِهِ خمرًا فَلَمَّا حرمت الْخمر أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اجْعَلْهُ خلا فَقَالَ: لَا أهْرقْهُ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس
أَن الْآيَة الَّتِي حرم الله فِيهَا الْخمر نزلت وَلَيْسَ فِي الْمَدِينَة شراب يشرب إِلَّا من تمر
وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس قَالَ: لما نزل تَحْرِيم الْخمر فَدخلت على نَاس من أَصْحَابِي وَهِي بَين أَيْديهم فضربتها برجلي وَقلت: انْطَلقُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد نزل تَحْرِيم الْخمر وشرابهم يَوْمئِذٍ الْبُسْر وَالتَّمْر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانُوا يشربون الْخمر بعد مَا أنزلت الَّتِي فِي الْبَقَرَة وَبعد الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء فَلَمَّا نزلت الَّتِي الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة تَرَكُوهُ
وَأخرج مُسلم وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِن الله أعرض بِالْخمرِ فَمن كَانَ عِنْده مِنْهَا شَيْء فليبع ولينتفع بِهِ فَلم نَلْبَث إِلَّا يَسِيرا ثمَّ قَالَ: إِن الله قد حرم الْخمر فَمن أَدْرَكته هَذِه الْآيَة وَعِنْده مِنْهَا شَيْء فَلَا يبع وَلَا يشرب
قَالَ: فَاسْتقْبل النَّاس بِمَا كَانَ عِنْدهم مِنْهَا فسفكوها فِي طرق الْمَدِينَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حرمت الْخمر بِعَينهَا قليلها وكثيرها والمسكر من كل شراب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: حرمت الْخمر يَوْم حرمت وَمَا كَانَ شراب النَّاس إِلَّا التَّمْر وَالزَّبِيب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ كَانَ رجل عِنْده مَال أَيْتَام فَكَانَ يَشْتَرِي لَهُم وَيبِيع فَاشْترى خمرًا فَجعله فِي خوابي وَإِن الله أنزل تَحْرِيم الْخمر فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِنَّه لَيْسَ لَهُم مَال غَيره فَقَالَ: أهرقه
فأهرقه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: حرمت الْخمر وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَيْء وَمَا خمرهم يَوْمئِذٍ إِلَّا الفضيخ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: حرمت الْخمر يَوْم حرمت وَمَا بِالْمَدِينَةِ خمر إِلَّا الفضيخ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أَن هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْقُرْآن ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ لَعَلَّكُمْ تفلحون﴾ هِيَ فِي التَّوْرَاة إِن الله أنزل الْحق ليذْهب بِهِ الْبَاطِل وَيبْطل بِهِ اللّعب والزفن والمزامير والكبارات
يَعْنِي البرابط والزمارات يَعْنِي الدُّف والطنابير وَالشعر وَالْخمر مرّة لمن طعمها وَأقسم رَبِّي بِيَمِينِهِ وَعزة حيله لَا يشْربهَا عبد بَعْدَمَا حرمتهَا عَلَيْهِ إِلَّا عطشته يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يَدعهَا بعد مَا حرمتهَا إِلَّا سقيته إِيَّاهَا من حَظِيرَة الْقُدس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حرم الله الْخمر وكل مُسكر حرَام
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: لقد أنزل الله تَحْرِيم الْخمر وَمَا بِالْمَدِينَةِ زبيبة وَاحِدَة
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن الْجَارُود وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ كَانَ عندنَا خمر ليتيم فَلَمَّا نزلت الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا: ليتيم فَقَالَ: اهريقوها
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: حرمت الْخمر وَهِي تخمر فِي الجراري
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من التَّمْر خمر وَمن الْعَسَل خمر وَمن الزَّبِيب خمر وَمن الْعِنَب خمر وَمن الْحِنْطَة خمر وأنهاكم عَن كل مُسكر
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٢١٩ الْآيَة
كرهها قوم لقَوْله ﴿فيهمَا إِثْم كَبِير﴾ وشربها قوم لقَوْله ﴿وَمَنَافع للنَّاس﴾ حَتَّى نزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ النِّسَاء الْآيَة ٤٣ فَكَانُوا يَدَعونها فِي حِين الصَّلَاة ويشربونها فِي غير حِين الصَّلَاة
حَتَّى نزلت ﴿إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ الْآيَة فَقَالَ عمر: ضَيْعَة لَك الْيَوْم قرنت بالميسر
وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزلت فِي الْخمر أَربع آيَات ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر﴾ الْآيَة
فتركوها ثمَّ نزلت ﴿تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا﴾ النَّحْل الْآيَة ٦٧ فشربوها ثمَّ نزلت الْآيَتَانِ فِي الْمَائِدَة ﴿إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر﴾ الْآيَة
فَلم يزَالُوا بذلك يشربونها حَتَّى
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: نزل تَحْرِيم الْخمر فِي سُورَة الْمَائِدَة بعد غَزْوَة الْأَحْزَاب وَلَيْسَ للْعَرَب يَوْمئِذٍ عَيْش أعجب اليهم مِنْهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: لما نزلت آيَة الْبَقَرَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ربكُم يقدم فِي تَحْرِيم الْخمر ثمَّ نزلت آيَة النِّسَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن ربكُم يقرب فِي تَحْرِيم الْخمر ثمَّ نزلت آيَة الْمَائِدَة فَحرمت الْخمر عِنْد ذَلِك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ نزلت أَربع آيَات فِي تَحْرِيم الْخمر أولهنَّ الَّتِي فِي الْبَقَرَة ثمَّ نزلت الثَّانِيَة ﴿وَمن ثَمَرَات النخيل وَالْأَعْنَاب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا﴾ النَّحْل الْآيَة ٦٧ ثمَّ أنزلت الَّتِي فِي النِّسَاء بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بعض الصَّلَوَات إِذْ غنى سَكرَان خَلفه فَأنْزل الله ﴿لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾ النِّسَاء الْآيَة ٤٣ الْآيَة
فَشربهَا طَائِفَة من النَّاس وَتركهَا طَائِفَة ثمَّ نزلت الرَّابِعَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة فَقَالَ عمر ين الْخطاب انتهينا ياربنا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن قيس قَالَ لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة أَتَاهُ النَّاس وَقد كَانُوا يشربون الْخمر ويأكلون الميسر فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَأنْزل الله ﴿يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس وإثمهما أكبر من نفعهما﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٢١٦ فَقَالُوا: هَذَا شَيْء قد جَاءَ فِيهِ رخصَة نَأْكُل الميسر وَنَشْرَب الْخمر ونستغفر من ذَلِك حَتَّى أَتَى رجل صَلَاة الْمغرب فَجعل يقْرَأ ﴿قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد﴾ الْكَافِرُونَ الْآيَات الثَّلَاث فَجعل لَا يجوّد ذَلِك وَلَا يدْرِي مَا يقْرَأ فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَمُوت مدمن خمر إِلَّا لَقِي الله كعابد وثن ثمَّ قَرَأَ ﴿إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ الْآيَة
وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله حرم الْخمر وَالْميسر والكوبة والغبيراء وكل مُسكر حرَام
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله حرم عَلَيْكُم الْخمر وَالْميسر والكوبة وكل مُسكر حرَام
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: نزل تَحْرِيم الْخمر وَإِن بِالْمَدِينَةِ يَوْمئِذٍ لخمسة أشربة مَا فِيهَا شراب الْعِنَب
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَام الْفَتْح إِن الله حرَّم بيع الْخمر الأنصاب وَالْميتَة وَالْخِنْزِير فَقَالَ بعض النَّاس: كَيفَ ترى فِي شحوم الْميتَة يدهن بهَا السفن والجلود ويستصبح بهَا النَّاس فَقَالَ: لَا هِيَ حرَام ثمَّ قَالَ عِنْد ذَلِك: قَاتل الله الْيَهُود إِن الله لما حرم عَلَيْهِم الشحوم جملوه فباعوه وأكلوا ثمنه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم رجل من دوس على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم براوية من خمر أهداها لَهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل علمت أَن الله حرمهَا بعْدك فَأقبل الدوسي على رجل كَانَ مَعَه فَأمره بِبَيْعِهَا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل علمت أَن الَّذِي حرَّم شربهَا حرم بيعهَا وَأكل ثمنهَا وَأمر بالمزاد فأهريقت حَتَّى لم يبْق فِيهَا قَطْرَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو عوَانَة والطَّحَاوِي وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عمر
أَنه قَامَ على الْمِنْبَر فَقَالَ: أما بعد فَإِن الْخمر نزل تَحْرِيمهَا يَوْم نزل وَهِي من خَمْسَة
من الْعِنَب وَالتَّمْر وَالْبر وَالشعِير وَالْعَسَل وَالْخمر ماخامر الْعقل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: إِن هَذِه الأنبذة تنبذ من خَمْسَة أَشْيَاء
من التَّمْر وَالزَّبِيب وَالْعَسَل وَالْبر وَالشعِير فَمَا خمرته مِنْهَا ثمَّ عتقته فَهُوَ خمر
وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل مُسكر خمر وكل خمر حرَام
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الزَّبِيب وَالتَّمْر هُوَ الْخمر يَعْنِي إِذا انتبذا جَمِيعًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه والنحاس فِي ناسخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الْحِنْطَة خمرًا وَمن الشّعير خمرًا وَمن الزَّبِيب خمرًا وَمن التَّمْر خمرًا وَمن الْعَسَل خمرًا وَأَنا أنهاكم عَن كل مُسكر
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن مَرْيَم بنت طَارق قَالَت: كنت فِي نسْوَة من الْمُهَاجِرَات حجَجنَا فَدَخَلْنَا على عَائِشَة فَجعل نسَاء يسألنها عَن الظروف فَقَالَت: إِنَّكُم لتذكرن ظروفاً مَا كَانَ كثير مِنْهَا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاتقين الله واجتنبن مَا يسكركن فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل مُسكر حرَام وَإِن أسكرها مَاء حبها فلتجتنبه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْخمر من هَاتين الشجرتين: النَّخْلَة والعنبة
الْقمَار
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن نَافِع
أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول: الميسر
الْقمَار
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: الميسر كعاب فَارس وقداح الْعَرَب وَهُوَ الْقمَار كُله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: الميسر الْقمَار كُله حَتَّى الْجَوْز الَّذِي يلْعَب بِهِ الصّبيان
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اجتنبوا هَذِه الكعاب الموسومة الَّتِي يزْجر بهَا زجرا فَإِنَّهَا من الميسر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيَّاكُمْ وَهَذِه الكعاب الموسومة الَّتِي تزجر زجرا فَإِنَّهَا من الميسر
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيَّاكُمْ وَهَاتين اللُّعْبَتَيْنِ الموسومتين اللَّتَيْنِ يُزْجَرَانِ زجرا فَإِنَّهُمَا ميسر الْعَجم
وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وأبوالشيخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إيَّاكُمْ وَهَذِه الكعاب الموسومة الَّتِي تزجر زجرا فَإِنَّهَا ميسر الْعَجم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل الْقمَار من الميسر حَتَّى لعب الصّبيان بالجوز والكعاب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: النَّرْد وَالشطْرَنْج من الميسر
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ قَالَ: الشطرنج ميسر الْأَعَاجِم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد
أَنه سُئِلَ عَن النَّرْد أَهِي من الميسر قَالَ: كل مَا ألهى عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهُوَ ميسر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْقَاسِم
أَنه قيل لَهُ: هَذِه النَّرْد تكرهونها فَمَا بَال الشطرنج قَالَ: كل مَا ألهى عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهُوَ من الميسر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لعب بالنرد شير فقد عصى الله وَرَسُوله
وَأخرج أَحْمد عَن أبي عبد الرَّحْمَن الخطمي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مثل الَّذِي يلْعَب بالنرد ثمَّ يقوم فَيصَلي مثل الَّذِي يتَوَضَّأ بالقيح وَدم الْخِنْزِير ثمَّ يقوم فَيصَلي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: اللاعب بالنرد قماراً كآكل لحم الْخِنْزِير واللاعب بهَا من غير قمار كالمدهن بودك الْخِنْزِير
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مُجَاهِد قَالَ: اللاعب بالنرد قماراً من الميسر واللاعب بهَا سِفَاحًا كالصابغ يَده فِي دم الْخِنْزِير والجالس عِنْدهَا كالجالس عِنْد مسالخه وَإنَّهُ يُؤمر بِالْوضُوءِ مِنْهَا والكعبين وَالشطْرَنْج سَوَاء
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقوم يَلْعَبُونَ بالنرد فَقَالَ: قُلُوب لاهية وأيد عاملة وألسنة لاغية
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ: النَّرْد ميسر الْعَجم
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن أنس قَالَ: الشطرنج من النَّرْد بلغنَا عَن ابْن عَبَّاس أَنه ولي مَال يَتِيم فأحرقها
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبيد الله بن عُمَيْر قَالَ: سُئِلَ ابْن عمر عَن الشطرنج فَقَالَ: هِيَ شَرّ من النَّرْد
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي جَعْفَر أَنه سُئِلَ عَن الشطرنج فَقَالَ: تِلْكَ الْمَجُوسِيَّة لَا تلعبوا بهَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ: رأى رجل من أهل الشَّام أَنه يغْفر لكل مُؤمن فِي كل يَوْم اثْنَتَيْ عشرَة مرّة إِلَّا أَصْحَاب الشاه يَعْنِي الشطرنج
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: الميسر الْقمَار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق لَيْث عَن عَطاء وَطَاوُس وَمُجاهد قَالُوا: كل شَيْء فِيهِ قمار فَهُوَ من الميسر حَتَّى لعب الصّبيان بالكعاب والجوز
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين
أَنه رأى غلماناً يتقامرون فِي يَوْم عيد فَقَالَ: لَا تقامروا فَإِن الْقمَار من الميسر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: مَا كَانَ من لعب فِيهِ قمار أَو قيام أَو صياح أَو شَرّ فَهُوَ من الميسر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن شُرَيْح
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاث من الميسر: الصفير بالحمام والقمار وَالضَّرْب بالكعاب
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يتبع حمامة فَقَالَ: شَيْطَان يتبع شَيْطَانَة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ: شهِدت عُثْمَان وَهُوَ يخْطب وَهُوَ يَأْمر بِذبح الْحمام وَقتل الْكلاب
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن خَالِد الْحذاء عَن رجل يُقَال لَهُ أَيُّوب قَالَ: كَانَ ملاعب آل فِرْعَوْن الْحمام
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: من لعب بالحمام الطيارة لم يمت حَتَّى يَذُوق ألم الْفقر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد الْمسيب بن قَالَ: كَانَ من ميسر أهل الْجَاهِلِيَّة بيع اللَّحْم بِالشَّاة والشاتين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي الميسر قَالَ: كَانُوا يشْتَرونَ الْجَزُور فيجعلونها أَجزَاء ثمَّ يَأْخُذُونَ القداح فيلقونها وينادي: يَا يَاسر الْجَزُور يَا يَاسر الْجَزُور فَمن خرج قدحه أَخذ جُزْءا بِغَيْر شَيْء وَمن لم يخرج قدحه غرم وَلم يَأْخُذ شَيْئا
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن ابْن عَبَّاس
أَنه كَانَ يُقَال: ايْنَ ايسار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأنصاب حِجَارَة كَانُوا يذبحون لَهَا والأزلام قداح كَانُوا يقتسمون بهَا الْأُمُور
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَت لَهُم حَصَيَات إِذا أَرَادَ أحدهم أَن يَغْزُو أَو يجلس استقسم بهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿والأزلام﴾ قَالَ: هِيَ كعاب فَارس الَّتِي يقتمرون بهَا وسهام الْعَرَب
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سَلمَة بن وهرام قَالَ: سَأَلت طاوساً عَن الأزلام فَقَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَهُم قداح يضْربُونَ بهَا قدح معلم يَتَطَيَّرُونَ مِنْهُ فَإِذا ضربوا بهَا حِين يُرِيد أحدهم الْحَاجة فَخرج ذَلِك الْقدح لم يخرج لِحَاجَتِهِ وَإِن خرج غَيره خرج لِحَاجَتِهِ وَكَانَت الْمَرْأَة إِذا أَرَادَت حَاجَة لَهَا لم تضرب بِتِلْكَ القداح فَذَلِك قَوْله الشَّاعِر: إِذا جددت أُنْثَى لأمر خمارها أَتَتْهُ وَلم تضرب لَهُ بالمقاسم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿رِجْس﴾ قَالَ: سخط
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿رِجْس﴾ قَالَ: إِثْم ﴿من عمل الشَّيْطَان﴾ يَعْنِي من تَزْيِين الشَّيْطَان ﴿إِنَّمَا يُرِيد الشَّيْطَان أَن يُوقع بَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء فِي الْخمر وَالْميسر﴾ يَعْنِي حِين شج الْأنْصَارِيّ رَأس سعد بن أبي وَقاص ﴿ويصدكم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ﴾ فَهَذَا وَعِيد التَّحْرِيم ﴿وَأَطيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول﴾ يَعْنِي فِي تَحْرِيم الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام ﴿فَإِن توليتم﴾ يَعْنِي أعرضتم عَن طاعتهما ﴿فاعلموا أَنما على رَسُولنَا﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿الْبَلَاغ الْمُبين﴾ يَعْنِي أَن يبين تَحْرِيم ذَلِك
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزل تَحْرِيم
وَأخرج الطياليسي وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: مَاتَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم يشربون الْخمر فَلَمَّا نزل تَحْرِيمهَا قَالَ أنَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ بأصحابنا الَّذين مَاتُوا وهم يشربونها فَنزلت ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ بَينا أدير الكاس على أبي طَلْحَة وَأبي عُبَيْدَة بن الْجراح ومعاذ بن جبل وَسُهيْل بن بَيْضَاء وَأبي دُجَانَة حَتَّى مَالَتْ رؤوسهم من خليط بسر وتمر فسمعنا منادياً يُنَادي: أَلا إِن الْخمر قد حرمت
قَالَ: فَمَا دخل علينا دَاخل وَلَا خرج منا خَارج حَتَّى أهرقنا الشَّرَاب وكسرنا القلال وَتَوَضَّأ بَعْضنَا واغتسل بَعْضنَا وأصبنا من طيب أم سليم ثمَّ خرجنَا إِلَى الْمَسْجِد وَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ﴾ فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله فَمَا منزلَة من مَاتَ منا وَهُوَ يشْربهَا فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: كنت ساقي الْقَوْم فِي منزل أبي طَلْحَة فَنزل تَحْرِيم الْخمر فَنَادَى مُنَاد فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: اخْرُج فَانْظُر مَا هَذَا الصَّوْت فَخرجت فَقلت: هَذَا مُنَاد يُنَادي: أَلا إِن الْخمر قد حرمت
فَقَالَ لي: اذْهَبْ فَأَهْرقهَا
قَالَ: فجرت فِي سِكَك الْمَدِينَة قَالَ: وَكَانَت خمرهم يَوْمئِذٍ الفضيخ الْبُسْر وَالتَّمْر فَقَالَ بعض الْقَوْم: قتل قوم وَهِي فِي بطونهم فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: اصطبح نَاس الْخمر يَوْم أحد ثمَّ قتلوا شُهَدَاء
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما نزل تَحْرِيم الْخمر قَالَت الْيَهُود: أَلَيْسَ إخْوَانكُمْ الَّذين مَاتُوا كَانُوا يشربونها فَأنْزل الله
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لي: أَنْت مِنْهُم
وَأخرج الدَّارقطني فِي الافراد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لما نزل تَحْرِيم الْخمر قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ بِمن شربهَا من إِخْوَاننَا الَّذين مَاتُوا وَهِي فِي بطونهم فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا﴾ الْآيَة
يَعْنِي بذلك رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتُوا وهم يشربون الْخمر قبل أَن تحرم الْخمر فَلم يكن عَلَيْهِم فِيهَا جنَاح قبل أَن تحرم فَلَمَّا حرمت قَالُوا: كَيفَ تكون علينا حَرَامًا وَقد مَاتَ إِخْوَاننَا وهم يشربونها فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ يَقُول لَيْسَ عَلَيْهِم حرج فِيمَا كَانُوا يشربون قبل أَن أحرمهَا إِذْ كَانُوا محسنين متقين وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: نزلت ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ فِيمَن كَانَ يشْربهَا مِمَّن قتل ببدر وَأحد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: لما أنزل الله تَحْرِيم الْخمْرَة فِي سُورَة الْمَائِدَة بعد سُورَة الْأَحْزَاب قَالَ فِي ذَلِك رجال من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أُصِيب فلَان يَوْم بدر وَفُلَان يَوْم أحد وهم يشربونها فَنحْن نشْهد أَنهم من أهل الْجنَّة فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وأمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ﴾ يَقُول: شربهَا الْقَوْم على تقوى من الله وإحسان وَهِي لَهُم يَوْمئِذٍ حَلَال ثمَّ حرمت بعدهمْ فَلَا جنَاح عَلَيْهِم فِي ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح﴾ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا نقُول لإِخْوَانِنَا الَّذين مضوا كَانُوا يشربون الْخمر ويأكلون الميسر فَأنْزل الله ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ من الْحَرَام قبل أَن يحرم عَلَيْهِم ﴿إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وأمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا﴾ وأحسنوا بَعْدَمَا حرم عَلَيْهِم وهوقوله ﴿فَمن جَاءَهُ موعظة من ربه فَانْتهى فَلهُ مَا سلف﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٢٧٥
قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لي: أَنْت مِنْهُم
وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ثَابت بن عبيد قَالَ: جَاءَ رجل من آل حَاطِب إِلَى عَليّ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي أرجع إِلَى الْمَدِينَة وَإِنَّهُم سائلي عَن عُثْمَان فَمَاذَا أَقُول لَهُم قَالَ: أخْبرهُم أَن عُثْمَان كَانَ من ﴿الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وآمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن محَارب بن دثار أَن نَاسا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شربوا الْخمر بِالشَّام فَقَالَ لَهُم يزِيد بن أبي سُفْيَان: شربتم الْخمر فَقَالُوا: نعم لقَوْل الله ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ حَتَّى فرغوا من الْآيَة
فَكتب فيهم إِلَى عمر فَكتب إِلَيْهِ إِن أَتَاك كتابي هَذَا نَهَارا فَلَا تنظر بهم اللَّيْل وَإِن أَتَاك لَيْلًا فَلَا تنظر بهم النَّهَار حَتَّى تبْعَث بهم إليَّ لَا يفتنوا عباد الله فَبعث بهم إِلَى عمر فَلَمَّا قدمُوا على عمر قَالَ: شربتم الْخمر قَالُوا: نعم
فَتلا عَلَيْهِم ﴿إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ إِلَى آخر الْآيَة
قَالُوا: اقْرَأ الَّتِي بعْدهَا ﴿لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا﴾ قَالَ: فَشَاور فيهم النَّاس فَقَالَ لعَلي: مَا ترى قَالَ: أرى أَنهم شرَّعوا فِي دين الله مَا لم يَأْذَن الله فِيهِ فَإِن زَعَمُوا أَنَّهَا حَلَال فاقتلهم فقد أحلُّوا مَا حرم الله وَإِن زَعَمُوا أَنَّهَا حرَام فاجلدهم ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ فقد افتروا على الله الْكَذِب وَقد أخبرنَا الله بِحَدّ مَا يفتري بِهِ بَعْضنَا على بعض
قَالَ: فجلدهم ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لعن الْخمر وَلعن غارسها وَلعن شاربها وَلعن عاصرها وَلعن مؤويها وَلعن مديرها وَلعن سَاقيهَا وَلعن حاملها وَلعن آكل ثمنهَا وَلعن بَائِعهَا
وَأخرج وَكِيع وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة إِلَّا أَن يَتُوب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا وَلم يتب لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة وَإِن أُدخل الْجنَّة
أَن رجلا قدم من الْيمن فَسَأَلَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شراب يشربونه بأرضهم من الذّرة يُقَال لَهُ المزر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو يسكر هُوَ قَالُوا: نعم
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل مُسكر حرَام إِن الله عهد لمن يشرب الْمُسكر أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال
قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا طِينَة الخبال قَالَ: عرق أهل النَّار أَو عصارة أهل النَّار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من شرب الْخمر لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وَإِن شربهَا الثَّالِثَة لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن شربهَا الرَّابِعَة لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ لم يتب الله عَلَيْهِ وَكَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال
قيل: وَمَا طِينَة الخبال قَالَ: صديد أهل النَّار
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من شرب الْخمر شربة لم تقبل صلَاته أَرْبَعِينَ صباحاً فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن عَاد لم تقبل تَوْبَته أَرْبَعِينَ صباحاً فَلَا أَدْرِي أَفِي الثَّالِثَة أَو فِي الرَّابِعَة قَالَ: فَإِن عَاد كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من ردغة الخبال يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر وَعَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من ترك الصَّلَاة سكرا مرّة وَاحِدَة فَكَأَنَّمَا كَانَت لَهُ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا فسلبها وَمن ترك الصَّلَاة سكرا أَربع مَرَّات كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال
قيل: وَمَا طِينَة الخبال يَا رَسُول الله قَالَ: عصارة أهل النَّار
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الْخمر وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إِلَيْهِ وساقيها وشاربها وآكل ثمنهَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله لعن الْخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إِلَيْهِ وبائعها وساقيها ومسقيها
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اجتنبوا أم الْخَبَائِث فَإِنَّهُ كَانَ رجل فِيمَن كَانَ قبلكُمْ يتعبد ويعتزل النِّسَاء فعلقته امْرَأَة غاوية فَأرْسلت إِلَيْهِ خَادِمهَا فَقَالَت: إِنَّا ندعوك لشهادة فَدخل فطفقت كلما
وَأخرجه عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عُثْمَان موثوقا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجتنبوا الْخمر فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ
وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ أَوْصَانِي أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَا تشرك بِاللَّه شَيْئا وَإِن قطِّعت أَو حرِّقت وَلَا تتْرك صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فَمن تَركهَا مُتَعَمدا بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة وَأَن لَا تشرب الْخمر فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تبَارك وَتَعَالَى بنى الفردوس بِيَدِهِ وحظره على كل مُشْرك وكل مدمن الْخمر سكير
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا تقبل لَهُم صَلَاة وَلَا يرفع لَهُم إِلَى السَّمَاء عمل: العَبْد الْآبِق من موَالِيه حَتَّى يرجع فَيَضَع يَده فِي أَيْديهم وَالْمَرْأَة الساخط عَلَيْهَا زَوجهَا حَتَّى يرضى والسكران حَتَّى يصحو
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدْخل الْجنَّة عَاق وَلَا مدمن خمر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقْعد على مائدة يشرب عَلَيْهَا الْخمر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل حليلته الْحمام وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل الْحمام إِلَّا بمئزر وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يجلس على مائدة يدار عَلَيْهَا الْخمر
وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ عَن سهل بن أبي صَالح عَن مُحَمَّد بن عبيد الله عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من لَقِي الله وَهُوَ مدمن خمر لقِيه كعابد وثن
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من مَاتَ مدمن خمر لَقِي الله وَهُوَ كعابد الوثن
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من شرب شرابًا يذهب بعقله فقد أَتَى بَاب من أَبْوَاب الْكَبَائِر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: لِأَن أزني أحب إليَّ من أَن أسكر وَلِأَن أسرق أحب إليَّ من أَن أسكر لِأَن السَّكْرَان يَأْتِي عَلَيْهِ سَاعَة لَا يعرف فِيهَا ربه
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة وَمن شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا لم يشربه فِي الْآخِرَة وَمن شرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة لم يشرب بهَا فِي الْآخِرَة ثمَّ قَالَ: لِبَاس أهل الْجنَّة وشراب أهل الْجنَّة وآنية أهل الْجنَّة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مُوسَى
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة مدمن الْخمر وقاطع الرَّحِم ومصدِّق بِالسحرِ وَمن مَاتَ مدمن الْخمر سقَاهُ الله من نهر الغوطة قيل: وَمَا نهر الغوطة قَالَ: نهر يخرج من فروج المومسات يُؤْذِي أهل النَّار ريح فروجهم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر: أَن أَبَا بكر وَعمر وناساً جَلَسُوا بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا أعظم الْكَبَائِر فَلم يكن عِنْدهم فِيهَا علم فأرسلوني إِلَى عبد الله بن عَمْرو أسأله فَأَخْبرنِي أَن أعظم الْكَبَائِر شرب الْخمر
فأتيتهم فَأَخْبَرتهمْ فأنكروا ذَلِك ووثبوا جَمِيعًا حَتَّى أَتَوْهُ فِي دَاره فَأخْبرهُم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن ملكا من مُلُوك بني إِسْرَائِيل أَخذ رجلا فخيره بَين أَن يشرب الْخمر أَو يقتل نفسا أَو يَزْنِي أَو يَأْكُل لحم خِنْزِير أَو يقتلوه
فَاخْتَارَ الْخمر وَإنَّهُ لما شربه لم يمْتَنع من شَيْء أرادوه مِنْهُ وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من أحد يشْربهَا فَتقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَلَا يَمُوت وَفِي مثانته مِنْهُ شَيْء إِلَّا حرمت عَلَيْهِ بهَا الْجنَّة فَإِن مَاتَ فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَة مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مُسلم الْخَولَانِيّ
أَنه حج فَدخل على
قَالَت: صدق الله وَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمعته يَقُول إِن نَاسا من أمتِي يشربون الْخمر يسمونها بِغَيْر اسْمهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَعَثَنِي الله رَحْمَة وَهدى للْعَالمين وبعثني بمحق المعازف والمزامير وَأمر الْجَاهِلِيَّة ثمَّ قَالَ: من شرب خمرًا فِي الدُّنْيَا سقَاهُ الله كَمَا شرب مِنْهُ من حميم جَهَنَّم معذب بعد أَو مغْفُور لَهُ
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله بَعَثَنِي رَحْمَة وَهدى للْعَالمين بَعَثَنِي لأمحق المعازف والمزامير وَأمر الْجَاهِلِيَّة والأوثان وَحلف رَبِّي عز وَجل بعزته لَا يشرب الْخمر أحد فِي الدُّنْيَا إِلَّا سقَاهُ الله مثلهَا من الْحَمِيم يَوْم الْقِيَامَة مغْفُور لَهُ أَو معذب وَلَا يَدعهَا أحد فِي الدُّنْيَا إِلَّا سقيته إِيَّاهَا فِي حَظِيرَة الْقُدس حَتَّى تقنع نَفسه
وَأخرج الْحَاكِم عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حَلَفت على مَعْصِيّة فدعها واقذف ضغائن الْجَاهِلِيَّة تَحت قدمك وَإِيَّاك وَشرب الْخمر فَإِن الله لم يقدس شاربها
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب ذمّ الملاهي عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون فِي أمتِي خسف وَقذف ومسخ
قيل: يارسول الله مَتى قَالَ: إِذا ظَهرت المعازف والقينات واستحلت الْخمر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون فِي أمتِي وَقذف ومسخ وَخسف
قيل: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَتى ذَلِك قَالَ: إِذا ظَهرت المعازف وَكَثُرت الْقَيْنَات وشربت الْخمر
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون فِي أمتِي خسف ومسخ وَقذف
قلت: يَا رَسُول الله وهم يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: إِذا ظَهرت القيان وَظهر الزِّنَا وَشرب الْخمر وَلبس الْحَرِير كَانَ ذَا عِنْد ذَا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عملت أمتِي خمس عشرَة خصْلَة حل بهَا الْبلَاء قيل: وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ: إِذا كَانَ الْمغنم دولاً وَالْأَمَانَة مغنماً وَالزَّكَاة مغرماً وأطاع
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَليّ بن أبي طَالب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تمسخ طَائِفَة من أمتِي قردة وَطَائِفَة خنازير ويخسف بطَائفَة وَيُرْسل على طَائِفَة الرّيح الْعَقِيم بِأَنَّهُم شربوا الْخمر ولبسوا الْحَرِير وَاتَّخذُوا القيان وضربوا بِالدُّفُوفِ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيَكُونن فِي هَذِه الْأمة خسف وَقذف ومسخ وَذَلِكَ إِذا شربوا الْخمر وَاتَّخذُوا الْقَيْنَات وضربوا بالمعازف
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسخ قوم من هَذِه الْأمة فِي آخر الزَّمَان قردة وَخَنَازِير
قَالُوا: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ يشْهدُونَ أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله قَالَ: بلَى وَيَصُومُونَ وَيصلونَ ويحجون
قَالَ: فَمَا بالهم قَالَ: اتَّخذُوا المعازف والدفوف والقينات فَبَاتُوا على شربهم ولهوهم فَأَصْبحُوا قد مسخوا قردة وَخَنَازِير
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون فِي أمتِي خسف وَقذف ومسخ
قَالُوا: مَتى ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: إِذا أظهرُوا المعازف وَاسْتَحَلُّوا الْخُمُور وَلبس الْحَرِير
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْغَازِي بن ربيعَة رفع الحَدِيث قَالَ ليمسخن قوم وهم على أريكتهم قردة وَخَنَازِير بشربهم الْخمر وضربهم بالبرابط والقيان
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن صَالح بن خَالِد رفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليستحلن نَاس من أمتِي الْحَرِير وَالْخمر وَالْمَعَازِف وليأتين الله على أهل حاضرتهم بجبل عَظِيم حَتَّى ينبذه عَلَيْهِم ويمسخ آخَرُونَ قردة وَخَنَازِير
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليبيتن رجال على أكل وَشرب وعزف يُصْبِحُونَ على أرائكهم ممسوخين قردة وَخَنَازِير
واخرج ابْن عدي وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَا تَنْقَضِي هَذِه الدُّنْيَا حَتَّى يَقع بهم الْخَسْف وَالْمَسْخ
قَالُوا: وَمَتى ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: إِذا رَأَيْتُمْ النِّسَاء ركبن السُّرُوج وَكَثُرت المعازف وفشت شَهَادَات الزُّور وشربت الْخمر لَا يستخفى بِهِ وشربت المصلون فِي آنِية أهل الشّرك من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَاسْتغْنى النِّسَاء بِالنسَاء وَالرِّجَال بِالرِّجَالِ فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فاستدفروا واستعدوا وَاتَّقوا الْقَذْف من السَّمَاء
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اسْتعْملت أمتِي خمْسا فَعَلَيْهِم الدمار: إِذا ظهر فيهم التلاعن وَلبس الْحَرِير وَاتَّخذُوا الْقَيْنَات وَشَرِبُوا الْخمر وَاكْتفى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يبيت قوم من هَذِه الْأمة على طعم وَشرب وَلَهو وَلعب فيصبحوا وَقد مسخوا قردة وَخَنَازِير وليصيبنهم خسف وَقذف حَتَّى يصبح النَّاس فَيَقُولُونَ: قد خسف اللَّيْلَة ببني فلَان وَخسف اللَّيْلَة بدار فلَان وليرسلن عَلَيْهِم حاصباً من السَّمَاء كَمَا أرْسلت على قوم لوط على قبائل فِيهَا وعَلى دور وليرسلن عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم الَّتِي أهلكت عاداً على قبائل فِيهَا وعَلى دور بشربهم الْخمر ولبسهم الْحَرِير واتخاذهم الْقَيْنَات وأكلهم الرِّبَا وقطيعتهم الرَّحِم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماحه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليشربن نَاس من أمتِي الْخمر يسمونها بِغَيْر اسْمهَا وتضرب على رؤوسهم المعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأَرْض وَيجْعَل مِنْهُم القردة والخنازير
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ وَأبي عُبَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذَا الْأَمر بَدَأَ رَحْمَة ونبوّة ثمَّ يكون رَحْمَة وَخِلَافَة ثمَّ كَائِن ملكا عَضُوضًا ثمَّ كَائِن عتواً وَجَبْرِيَّة وَفَسَادًا فِي الأَرْض يسْتَحلُّونَ الْحَرِير وَالْخُمُور والفروج يرْزقُونَ على ذَلِك وينصرون حَتَّى يلْقوا الله عز وَجل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حبس الْعِنَب أَيَّام قطافه حَتَّى يَبِيعهُ من يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو مِمَّن يعلم أَنه يتَّخذ خمرًا فقد تقدم فِي النَّار على بَصِيرَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ يكره أَن تسقى الْبَهَائِم الْخمر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة: أَنَّهَا كَانَت تنْهى النِّسَاء أَن يمتشطن بِالْخمرِ
قَالَهَا ثَلَاثًا فَإِن شربهَا الرَّابِعَة فَاقْتُلُوهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بَعثه إِلَى الْيمن سَأَلَهُ قَالَ: إِن قومِي يصنعون شرابًا من الذّرة يُقَال لَهُ المزر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيسكر قَالَ: نعم قَالَ: فانههم عَنهُ
قَالَ: نهيتهم وَلم ينْتَهوا
قَالَ: فَمن لم ينتهِ فِي الثَّالِثَة مِنْهُم فاقتله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر فَاضْرِبُوهُ ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة: من شرب الْخمر فَاقْتُلُوهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا شربوا فَاجْلِدُوهُمْ
قَالَهَا ثَلَاثًا فَإِذا شربوا الرَّابِعَة فاقتلوهم
قَالَ معمر: فَذكرت ذَلِك لِابْنِ الْمُنْكَدر فَقَالَ: قد ترك الْقَتْل قد أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِابْن النعيمان فجلده ثمَّ أَتَى بِهِ فجلده ثمَّ أَتَى بِهِ فجلده ثمَّ أَتَى بِهِ فجلده الرَّابِعَة أَو أَكثر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا شربوا فَاجْلِدُوهُمْ ثمَّ إِذا شربوا فَاجْلِدُوهُمْ ثمَّ إِذا شربوا فاقتلوهم ثمَّ قَالَ: إِن الله قد وضع عَنْهُم الْقَتْل فَإِذا شربوا فَاجْلِدُوهُمْ ثمَّ إِذا شربوا فَاجْلِدُوهُمْ ذكرهَا أَربع مَرَّات
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَمْرو بن دِينَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من شرب الْخمر فحدُّوه فَإِن شرب الثَّانِيَة فحدُّوه فَإِن شرب الرَّابِعَة فَاقْتُلُوهُ قَالَ: فَأتى بِابْن النعيمان قد شرب فَضرب بالنعال وَالْأَيْدِي ثمَّ أَتَى بِهِ الثَّانِيَة فَكَذَلِك ثمَّ أَتَى بِهِ الرَّابِعَة فحدَّه وَوضع الْقَتْل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضرب رجلا فِي الْخمر أَربع مَرَّات ثمَّ أَن عمر بن خطاب ضرب أَبَا محجن الثَّقَفِيّ فِي الْخمر ثَمَان مَرَّات
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الرمد البلوي أَن رجلا مِنْهُم شرب الْخمر فَأتوا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضَربهُ ثمَّ شرب الثَّانِيَة فَأتوا بِهِ فَضَربهُ فَمَا أَدْرِي قَالَ فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة فَجعل على الْعجل فَضربت عُنُقه
وَفِي المنان ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٢٦٢ وَفِي الْخمر ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر﴾ إِلَى قَوْله ﴿من عمل الشَّيْطَان﴾
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن الديلمي قَالَ وفدت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله إِنَّا نصْنَع طَعَاما وَشَرَابًا فنطعمه بني عمنَا فَقَالَ: هَل يسكر قلت: نعم
فَقَالَ: حرَام
فَلَمَّا كَانَ عِنْد توديعي إِيَّاه ذكرته لَهُ فَقلت: يَا نَبِي الله إِنَّهُم لن يصبروا عَنهُ
قَالَ: فَمن لم يصبر عَنهُ فاضربوا عُنُقه
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن شُرَحْبِيل بن أَوْس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر فاجلدوه فَإِن عَاد فاجلدوه فَإِن عَاد فاجلدوه فَإِن عَاد فَاقْتُلُوهُ
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان أَن نَاسا من أهل الْيمن قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعلمهم الصَّلَاة وَالسّنَن والفرائض ثمَّ قَالُوا: يَا رَسُول الله إِن لنا شرابًا نصنعه من التَّمْر وَالشعِير فَقَالَ: الغبيراء قَالُوا: نعم
قَالَ: لَا تطعموه
قَالُوا: فَإِنَّهُم لَا يدعونها
قَالَ: من لم يَتْرُكهَا فاضربوا عُنُقه
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الَّذين يشربون الْخمر وَقد حرم الله عَلَيْهِم لَا يسقونها فِي حَظِيرَة الْقُدس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر قَالَ من شرب الْخمر لم يقبل الله مِنْهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحاً فَإِن مَاتَ فِي الْأَرْبَعين دخل النَّار وَلم ينظر الله إِلَيْهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يلقى الله شَارِب الْخمر يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ سَكرَان فَيَقُول: وَيلك مَا شربت
فَيَقُول: الْخمر
قَالَ: أَو لم أحرمهَا عَلَيْك فَيَقُول: بلَى
فَيُؤْمَر بِهِ إِلَى النَّار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِنَّه فِي الْكتاب مَكْتُوب: أَن خَطِيئَة الْخمر تعلو الْخَطَايَا كَمَا تعلو شجرتها الشّجر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مَسْرُوق بن الأجدع قَالَ: شَارِب الْخمر كعابد الوثن وشارب الْخمر كعابد اللات والعزى
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جُبَير قَالَ: من شرب مُسكرا لم يقبل الله مِنْهُ مَا كَانَت فِي مثانته مِنْهُ قَطْرَة فَإِن مَاتَ مِنْهَا كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال وَهِي صديد أهل النَّار وقيحهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي ذَر قَالَ: من شرب مُسكرا من الشَّرَاب فَهُوَ رِجْس ورجس صلَاته أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن شرب أَيْضا فَهُوَ رِجْس ورجس صلَاته أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن عَاد لَهَا قَالَ: فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبان رفع الحَدِيث قَالَ: إِن الْخَبَائِث جعلت فِي بَيت فأغلق عَلَيْهَا وَجعل مفتاحها الْخمر فَمن شرب الْخمر وَقع بالخبائث
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: إِن الْخمر مِفْتَاح كل شَرّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُحَمَّد الْمُنْكَدر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر صباحاً كَانَ كالمشرك بِاللَّه حَتَّى يُمْسِي وَكَذَلِكَ إِن شربهَا لَيْلًا كَانَ كالمشرك بِاللَّه حَتَّى يصبح وَمن شربهَا حَتَّى يسكر لم يقبل الله لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحاً وَمن مَاتَ وَفِي عروقه مِنْهَا شَيْء مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلف الله بعزته وَقدرته لَا يشرب عبد مُسلم شربة من خمر إِلَّا سقيته بِمَا انتهك مِنْهَا من الْحَمِيم معذب بعد أَو مغْفُور لَهُ وَلَا يَتْرُكهَا وهوعليها قَادر ابْتِغَاء مرضاتي إِلَّا سقيته مِنْهَا فأرويته فِي حَظِيرَة الْقُدس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة
أَو قَالَ: شدقه مدلياً لِسَانه يسيل لعابه على صَدره يقذره كل من يرَاهُ
وَأخرج أَحْمد عَن قيس بن سعد بن عبَادَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من شرب الْخمر أَتَى عطشان يَوْم الْقِيَامَة أَلا وكل مُسكر خمر وَإِيَّاكُم والغبيراء
وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر لم يقبل الله لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وَإِن عَاد كَانَ مثل ذَلِك فَمَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَة أم فِي الرَّابِعَة قَالَ: فَإِن عَاد كَانَ حتما على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال
قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا طِينَة الخبال قَالَ: عصارة أهل النَّار
وَأخرج ابْن أبي سعد وَابْن أبي شيبَة عَن خلدَة بنت طلق قَالَت: قَالَ لنا أبي: جلسنا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء صحار فَسَأَلَهُ مَا ترى فِي شراب نصنعه من ثمارنا قَالَ: تَسْأَلنِي عَن الْمُسكر لَا تشربه وَلَا تسقه أَخَاك فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا شربه رجل قطّ ابْتِغَاء لَذَّة سكر فيسقيه الله الْخمر يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد عَن أَسمَاء بنت يزِيد
أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من شرب الْخمر لم يرضَ الله عَنهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن مَاتَ مَاتَ كَافِرًا وَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وَإِن عَاد كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال
قلت: يَا رَسُول الله وَمَا طِينَة الخبال قَالَ: صديد أهل النَّار
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ الريب من الْكفْر وَالنوح عمل الْجَاهِلِيَّة وَالشعر من أَمر إِبْلِيس والغلول جمر من جَهَنَّم وَالْخمر جَامع كل إِثْم والشباب شُعْبَة من الْجُنُون وَالنِّسَاء حبائل الشَّيْطَان وَالْكبر شَرّ من الشَّرّ وَشر المآكل مَال الْيَتِيم وَشر المكاسب الرِّبَا والسعيد من وعظ بِغَيْرِهِ والشقي من شقي فِي بطن أمه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عليّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لم يزل جِبْرِيل ينهاني عَن عبَادَة الْأَوْثَان وَشرب الْخمر وملاحاة الرِّجَال
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ فِي أول مَا نهاني عَنهُ رَبِّي وعهد إليَّ بعد عبَادَة الْأَوْثَان وَشرب الْخمر لملاحاة الرِّجَال وَالله تَعَالَى أعلم
وأخرج ابن مردويه عن أنس عن أبي طلحة زوج أم أنس قال « لما نزلت تحريم الخمر بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتفاً يهتف : ألا أن الخمر قد حرمت فلا تبيعوها فمن كان عنده منه شيء فليهرقه.
قال أبو طلحة : يا غلام حل عُزّلى تلك المزاد، ففتحها فأهرقها وخمرنا يومئذ البسر والتمر، فأهرق الناس حتى امتنعت فجاج المدينة ".
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال :" كنا نأكل من طعام لنا ونشرب عليه من هذا الشراب، فأتانا فلان من نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنكم تشربون الخمر وقد أنزل فيها. قلنا ما تقولون ؟ قال : نعم، سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم الساعة ومن عنده أتيتكم، فقمنا فأكفينا ما كان في الإناء من شيء ".
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال " كان عند أبي طلحة مال ليتيم، فاشترى به خمراً، فلما حرمت الخمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اجعله خلاً ؟ فقال : لا، أهْرقْهُ ".
وأخرج ابن مردويه عن أنس. إن الآية التي حرم الله فيها الخمر نزلت وليس في المدينة شراب يشرب إلا من تمر.
وأخرج أبو يعلى عن أنس قال : لما نزل تحريم الخمر فدخلت على ناس من أصحابي وهي بين أيديهم فضربتها برجلي، وقلت : انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد نزل تحريم الخمر، وشرابهم يومئذ البسر والتمر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كانوا يشربون الخمر بعد ما أنزلت التي في البقرة، وبعد التي في سورة النساء، فلما نزلت التي في سورة المائدة تركوه.
وأخرج مسلم وأبو يعلى وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا أيها الناس إن الله أعرض بالخمر، فمن كان عنده منها شيء فليبع ولينتفع به، فلم نلبث إلا يسيراً ثم قال : إن الله قد حرم الخمر، فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يبع ولا يشرب. قال : فاستقبل الناس بما كان عندهم منها فسفكوها في طرق المدينة ".
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها، والمسكر من كل شراب.
وأخرج ابن مردويه عن وهب بن كيسان قال : قلت لجابر بن عبد الله متى حرمت الخمر ؟ قال : بعد أحد صبحنا الخمر يوم أحد حين خرجنا إلى القتال.
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : حرمت الخمر يوم حرمت، وما كان شراب الناس إلا التمر والزبيب.
وأخرج ابن مردويه عن جابر قال " كان رجل عنده مال أيتام، فكان يشتري لهم ويبيع، فاشترى خمراً فجعله في خوابي، وإن الله أنزل تحريم الخمر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله إنه ليس لهم مال غيره فقال : أهرقه. فأهرقه ".
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء، وما خمرهم يومئذ إلا الفضيخ.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : حرمت الخمر يوم حرمت، وما بالمدينة خمر إلا الفضيخ.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن عبد الله بن عمرو قال : إن هذه الآية التي في القرآن ﴿ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ﴾ هي في التوراة، إن الله أنزل الحق ليذهب به الباطل ويبطل به اللعب والزفن والمزامير والكبارات. يعني البرابط، والزمارات، يعني الدف، والطنابير والشعر والخمر مرة لمن طعمها، وأقسم ربي بيمينه وعزة حيله لا يشربها عبد بعدما حرمتها عليه إلا عطشته يوم القيامة، ولا يدعها بعد ما حرمتها إلا سقيته إياها من حظيرة القدس.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « حرم الله الخمر، وكل مسكر حرام ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : لقد أنزل الله تحريم الخمر، وما بالمدينة زبيبة واحدة.
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن الجارود وابن مردويه عن أبي سعيد قال « كان عندنا خمر ليتيم، فلما نزلت الآية التي في المائدة سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : ليتيم ؟ فقال : اهريقوها ».
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : حرمت الخمر وهي تخمر في الجراري.
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال : نزل تحريم الخمر وما في أسقيتنا إلا الزبيب والتمر، فأكفأناهما.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر « سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من التمر خمر، ومن العسل خمر، ومن الزبيب خمر، ومن العنب خمر، ومن الحنطة خمر، وأنهاكم عن كل مسكر ».
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت ﴿ يسألونك عن الخمر والميسر. . . ﴾ [ البقرة : ٢١٩ ] الآية. كرهها قوم لقوله ﴿ فيهما إثم كبير ﴾ وشربها قوم لقوله ﴿ ومنافع للناس ﴾ حتى نزلت ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ﴾ [ النساء : ٤٣ ] فكانوا يَدَعونها في حين الصلاة، ويشربونها في غير حين الصلاة. حتى نزلت ﴿ إنما الخمر والميسر. . . ﴾ الآية، فقال عمر : ضيعة لك اليوم قرنت بالميسر.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال : نزلت في الخمر أربع آيات ﴿ يسألونك عن الخمر والميسر. . . ﴾ الآية. فتركوها، ثم نزلت ﴿ تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً ﴾ [ النحل : ٦٧ ] فشربوها، ثم نزلت الآيتان في المائدة ﴿ إنما الخمر والميسر. . . ﴾ إلى قوله ﴿ فهل أنتم منتهون ﴾.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : نزلت هذه الآية ﴿ يسألونك عن الخمر والميسر. . . . ﴾ الآية. فلم يزالوا بذلك يشربونها حتى صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً، فدعانا ساقيهم وعلي بن أبي طالب يقرأ ﴿ قل يا أيها الكافرون ﴾ [ الكافرون : ١ ] فلم يفهمها، فأنزل الله يشدد في الخمر ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ﴾ فكانت حلالاً يشربونها من صلاة الغداة حتى يرتفع النهار، فيقومون إلى صلاة الظهر وهم مصحون، ثم لا يشربونها حتى يصلوا العتمة، ثم يقومون إلى صلاة الفجر وقد صحوا، فلم يزالوا بذلك يشربونها حتى صنع سعد بن أبي وقاص طعاماً، فدعا ساقيهم رجل من الأنصار، فشوى لهم رأس بعير ثم دعاهم عليه، فلما أكلوا وشربوا من الخمر سكروا، وأخذوا في الحديث، فتكلم سعد بشيء، فغضب الأنصاري، فرفع لحي البعير فكسر أنف سعد، فأنزل الله نسخ الخمر وتحريمها ﴿ إنما الخمر والميسر ﴾ إلى قوله ﴿ فهل أنتم منتهون ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : نزل تحريم الخمر في سورة المائدة بعد غزوة الأحزاب، وليس للعرب يومئذ عيش أعجب إليهم منها.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الربيع قال : لما نزلت آية البقرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن ربكم يقدم في تحريم الخمر، ثم نزلت آية النساء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن ربكم يقرب في تحريم الخمر، ثم نزلت آية المائدة، فحرمت الخمر عند ذلك ».
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال « نزلت أربع آيات في تحريم الخمر أولهن التي في البقرة، ثم نزلت الثانية ﴿ من ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً ﴾ [ النحل : ٦٧ ]، ثم أنزلت التي في النساء، بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعض الصلوات إذ غنى سكران خلفه، فأنزل الله ﴿ لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى. . . ﴾ [ النساء : ٤٣ ] الآية. فشربها طائفة من الناس وتركها طائفة، ثم نزلت الرابعة التي في المائدة، فقال عمر بن الخطاب، انتهينا يا ربنا ».
وأخرج ابن جرير عن محمد بن قيس قال « لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه الناس وقد كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر، فسألوه عن ذلك ؟ فأنزل الله ﴿ يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ﴾ [ البقرة : ٢١٦ ] فقالوا : هذا شيء قد جاء فيه رخصة، نأكل الميسر ونشرب الخمر ونستغفر من ذلك، حتى أتى رجل صلاة المغرب فجعل يقرأ ﴿ قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ﴾ [ الكافرون : الآيات الثلاث ] فجعل لا يجوّد ذلك ولا يدري ما يقرأ، فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ﴾ [ النساء : ٤٣ ] فكان الناس يشربون الخمر حتى يجيء وقت الصلاة فيدعون شربها، فيأتون الصلاة وهم يعلمون ما يقولون، فلم يزالوا كذلك حتى أنزل الله ﴿ إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام ﴾ إلى قوله ﴿ فهل أنتم منتهون ﴾ فقال : انتهينا يا رب ».
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا يموت مدمن خمر إلا لقي الله كعابد وثن، ثم قرأ ﴿ إنما الخمر والميسر. . . ﴾ الآية ».
وأخرج أحمد وابن مردويه عن عبد الله بن عمرو. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « إن الله حرم الخمر، والميسر، والكوبة، والغبيراء، وكل مسكر حرام ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن الله حرم عليكم الخمر، والميسر، والكوبة، وكل مسكر حرام ».
وأخرج البخاري وابن مردويه عن ابن عمر قال : نزل تحريم الخمر وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة، ما فيها شراب العنب.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن جابر بن عبد الله. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح « إن الله حرَّم بيع الخمر، الأنصاب، والميتة، والخنزير، فقال بعض الناس : كيف ترى، في شحوم الميتة يدهن بها السفن والجلود، ويستصبح بها الناس ؟ فقال : لا، هي حرام، ثم قال عند ذلك : قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم عليهم الشحوم، جملوه فباعوه وأكلوا ثمنه ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال « قدم رجل من دوس على النبي صلى الله عليه وسلم براوية من خمر أهداها له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل علمت أن الله حرمها بعدك ؟ فأقبل الدوسي على رجل كان معه
- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ليبلونكم الله بِشَيْء من الصَّيْد تناله أَيْدِيكُم ورماحكم﴾ قَالَ: هُوَ الضَّعِيف من الصَّيْد وصغيره يَبْتَلِي الله بِهِ عباده فِي إحرامهم حَتَّى لَو شاؤوا تناولوه بِأَيْدِيهِم فنهاهم الله أَن يقربوه فَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا قَالَ: إِن قَتله مُتَعَمدا أَو نَاسِيا أَو خطأ حكم عَلَيْهِ فَإِن عَاد مُتَعَمدا عجلت لَهُ الْعقُوبَة إِلَّا أَن يعْفُو الله عَنهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ليبلونكم الله بِشَيْء من الصَّيْد تناله أَيْدِيكُم ورماحكم﴾ قَالَ: النبل وَالرمْح ينَال كبار الصَّيْد وأيديهم تنَال صغَار الصَّيْد أَخذ الفروخ وَالْبيض
وَفِي لفظ: أَيْدِيكُم
أخذكم إياهن بِأَيْدِيكُمْ من بيضهن وفراخهن ورماحكم
مَا رميت أَو طعنت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿ليبلونكم الله بِشَيْء من الصَّيْد﴾ قَالَ: مَا لَا يَسْتَطِيع أَن يَرْمِي من الصَّيْد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي عمْرَة الْحُدَيْبِيَة فَكَانَت الْوَحْش وَالطير وَالصَّيْد يَغْشَاهُم فِي رحالهم لم يرَوا مثله قطّ فِيمَا خلا فنهاهم الله عَن قَتله وهم محرمون ﴿ليعلم الله من يخافه بِالْغَيْبِ﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طرق قيس بن سعد عَن ابْن عَبَّاس
أَنه كَانَ يَقُول فِي قَوْله: ﴿فَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ عَذَاب أَلِيم﴾ : أَن يُوسع ظَهره وبطنه جلدا ويسلب ثِيَابه
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ إِذا مَا أَخذ شَيْئا من الصَّيْد أَو قَتله جلد مائَة ثمَّ نزل الحكم بعد
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يمْلَأ بَطْنه وظهره إِن عَاد لقتل الصَّيْد مُتَعَمدا وَكَذَلِكَ صنع بِأَهْل وَج أهل وَاد بِالطَّائِف قَالَ ابْن
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿فَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ عَذَاب أَلِيم﴾ قَالَ: هِيَ وَالله مُوجبَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد
مثله
- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس ﴿لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم﴾ فَنهى الْمحرم عَن قَتله فِي هَذِه الْآيَة وَأكله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم﴾ قَالَ: حرم صَيْده هَهُنَا وَأكله هَهُنَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا﴾ قَالَ: إِن قَتله مُتَعَمدا أَو نَاسِيا أوخطأ حكم عَلَيْهِ فَإِن عَاد مُتَعَمدا عجلت لَهُ الْعقُوبَة إِلَّا أَن يعْفُو الله عَنهُ
وَفِي قَوْله ﴿فجزاء مثل مَا قتل من النعم﴾ قَالَ: إِذا قتل الْمحرم شَيْئا من الصَّيْد حكم عَلَيْهِ فِيهِ فَإِن قتل ظَبْيًا أَو نَحوه فَعَلَيهِ شَاة تذبح بِمَكَّة فَإِن لم يجد فإطعام سِتَّة مَسَاكِين فَإِن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن قتل إبِلا وَنَحْوه فَعَلَيهِ بقرة فَإِن لم يجدهَا أطْعم عشْرين مِسْكينا فَإِن لم يجد صَامَ عشْرين يَوْمًا وَإِن قتل نعَامَة أَو حمَار وَحش أَو نَحوه فَعَلَيهِ بَدَنَة من الْإِبِل فَإِن لم يجد أطْعم ثَلَاثِينَ مِسْكينا فَإِن لم يجد صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَالطَّعَام مدٌّ مدٌّ يشبعهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الحكم
أَن عمر كتب أَن يحكم عَلَيْهِ فِي الْخَطَأ والعمد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا﴾ قَالَ: متعمد القتلة نَاسِيا لإحرامه فَذَلِك الَّذِي يحكم عَلَيْهِ فَإِن قَتله ذَاكِرًا لإحرامه متعمد القتلة لم يحكم عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الَّذِي يقتل الصَّيْد مُتَعَمدا وَهُوَ يعلم أَنه محرم ومتعمد قَتله قَالَ: لَا يحكم عَلَيْهِ وَلَا حج لَهُ
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: الْعمد هُوَ الْخَطَأ الْمُكَفّر أَن يُصِيب الصَّيْد وَهُوَ يُرِيد غَيره فَيُصِيبهُ
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن ﴿وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا﴾ للصَّيْد نَاسِيا لإحرامه فَمن اعْتدى بعد ذَلِك مُتَعَمدا للصَّيْد يذكر إِحْرَامه لم يحكم عَلَيْهِ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا﴾ قَالَ: إِذا كَانَ نَاسِيا لإحرامه وَقتل الصَّيْد مُتَعَمدا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: من قَتله مُتَعَمدا لقَتله نَاسِيا لإحرامه فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَمن قَتله مُتَعَمدا لقَتله غير نَاس لإحرامه فَذَاك إِلَى الله إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ غفر لَهُ
وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: من قَتله مُتَعَمدا غير نَاس لإحرامه وَلَا يُرِيد غَيره فقد حل وَلَيْسَت لَهُ رخصَة وَمن قَتله نَاسِيا لإحرامه أَو أَرَادَ غَيره فَأَخْطَأَ بِهِ فَذَلِك الْعمد الْمُكَفّر
وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء ﴿وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا﴾ فَمن قَتله خطأ يغرم وَإِنَّمَا جعل الْغرم على من قَتله مُتَعَمدا قَالَ: نعم تعظم بذلك حرمات الله وَمَضَت بذلك السّنَن وَلِئَلَّا يدْخل النَّاس فِي ذَلِك
وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: رَأَيْت النَّاس أَجْمَعِينَ يغرمون فِي الْخَطَأ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير
وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: نزل الْقُرْآن بالعمد وَجَرت السّنة فِي الْخَطَأ يَعْنِي فِي الْمحرم يُصِيب الصَّيْد
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: يحكم عَلَيْهِ فِي الْعمد وَفِي الْخَطَأ وَمِنْه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أصَاب الْمحرم الصَّيْد فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير
فِي الْمحرم إِذا أمات صيدا خطأ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن أصَاب مُتَعَمدا فَعَلَيهِ الْجَزَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس قَالَ: لَا يحكم على من أصَاب صيدا خطأ إِنَّمَا يحكم من أَصَابَهُ عمدا وَالله مَا قَالَ الله إِلَّا ﴿وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فجزاء مثل مَا قتل من النعم﴾ قَالَ: إِذا أصَاب الْمحرم الصَّيْد يحكم عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ من النعم فَإِن وجد جَزَاؤُهُ ذبحه وتصدَّق بِلَحْمِهِ وَإِن لم يجد جَزَاؤُهُ قوم الْجَزَاء دَرَاهِم ثمَّ قومت الدَّرَاهِم حِنْطَة ثمَّ صَامَ مَكَان كل نصف صَاع يَوْمًا
قَالَ ﴿أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين أَو عدل ذَلِك صياما﴾ وَإِنَّمَا أُرِيد بِالطَّعَامِ الصّيام أَنه إِذا وجد الطَّعَام وجد جَزَاؤُهُ
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي الرجل يُصِيب الصَّيْد وَهُوَ محرم قَالَ: يحكم عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ فَإِن لم يجد قَالَ: يحكم عَلَيْهِ ثمنه فقوّم طَعَاما فَتصدق بِهِ فَإِن لم يجد حكم عَلَيْهِ الصّيام
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله ﴿فجزاء مثل﴾ قَالَ: شبهه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ ﴿فجزاء مثل مَا قتل من النعم﴾ قَالَ: نده
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: سَأَلَ مَرْوَان بن الحكم ابْن عَبَّاس وَهُوَ بوادي الْأَزْرَق قَالَ: أَرَأَيْت مَا أصبْنَا من الصَّيْد لم نجد لَهُ ندا فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ثمنه يهدى إِلَى مَكَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِن قتل نعَامَة أَو حمارا فَعَلَيهِ بَدَنَة وَإِن قتل بقرة أَو أيلاً أَو أروى فَعَلَيهِ بقرة أَو قتل غزالاً أَو أرنباً فَعَلَيهِ شَاة وَإِن قتل ظَبْيًا أَو جَريا أَو يربوعاً فَعَلَيهِ سخلة قد أكلت العشب وشربت اللَّبن
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء أَنه سُئِلَ: أيغرم فِي صَغِير الصَّيْد كَمَا يغرم فِي كبيره قَالَ: أَلَيْسَ يَقُول الله ﴿فجزاء مثل مَا قتل﴾ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿فجزاء مثل مَا قتل﴾ قَالَ: مَا كَانَ لَهُ مثل يُشبههُ فَهُوَ جَزَاؤُهُ قَضَاؤُهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حبَان فِي قَوْله ﴿فجزاء مثل مَا قتل﴾ قَالَ: فَمَا كَانَ من صيد الْبر مِمَّا لَيْسَ لَهُ قرن الْحمار والنعامة فَجَزَاؤُهُ من الْبدن وَمَا كَانَ من صيد الْبر ذَوَات الْقُرُون فَجَزَاؤُهُ من الْبَقر وَمَا كَانَ من الظباء فَفِيهِ من الْغنم والأرنب فِيهِ ثنية من الْغنم واليربوع فِيهِ برق وَهُوَ الْحمل وَمَا كَانَ من حمامة أونحوها من الطير فَفِيهَا شَاة وَمَا كَانَ من جَرَادَة أونحوها فَفِيهَا قَبْضَة من طَعَام
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: أَرَأَيْت إِن قتلت صيدا فَإِذا هُوَ أَعور أَو أعرج أَو مَنْقُوص أغرم مثله قَالَ: نعم إِن شِئْت
قَالَ عَطاء: وَإِن قتلت ولد بقرة وحشية فَفِيهِ ولد بقرة إنسية مثله فَكل ذَلِك على ذَلِك
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم فِي قَوْله ﴿فجزاء مثل مَا قتل من النعم﴾ قَالَ: مَا كَانَ من صيد الْبر مِمَّا لَيْسَ لَهُ قرن الْحمار أَو النعامة فَعَلَيهِ مثله من الْإِبِل وَمَا كَانَ ذَا قرن من صيد الْبر من وعل أَو إبل فَجَزَاؤُهُ من الْبَقر وَمَا كَانَ من ظَبْي فَمن الْغنم مثله وَمَا كَانَ من أرنب فَفِيهَا ثنية وَمَا كَانَ من يَرْبُوع وَشبهه فَفِيهِ حمل صَغِير وَمَا كَانَ من جَرَادَة أَو نَحْوهَا فَفِيهَا قَبْضَة من طَعَام وَمَا كَانَ من طير الْبر فَفِيهِ أَن يقوم وَيتَصَدَّق بِثمنِهِ وَإِن شَاءَ صَامَ لكل نصف صَاع يَوْمًا وَإِن أصَاب فرخ طير بَريَّة أَو بيضها فَالْقيمَة فِيهَا طَعَام أوصوم على الَّذِي يكون فِي الطير
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الضبع صيد فَإِذا أَصَابَهُ الْمحرم فَفِيهِ جَزَاء كَبْش مسن وتؤكل
أَن عمر وَعُثْمَان وَزيد بن ثَابت وَابْن عَبَّاس وَمُعَاوِيَة قَالُوا: فِي النعامة بَدَنَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر
أَن عمر قضى فِي الأرنب جفرة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء وَطَاوُس وَمُجاهد أَنهم قَالُوا: فِي الْحمار بقرة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة قَالَ: إِذا أصَاب الْمحرم بقرة الْوَحْش فَفِيهَا جزور
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء
أَن رجلا أغلق بَابه على حمامة وفرخيها ثمَّ انْطلق إِلَى عَرَفَات وَمنى فَرجع وَقد مَاتَت فَأتى ابْن عمر فَذكر ذَلِك لَهُ فَجعل عَلَيْهِ ثَلَاثَة من الْغنم وَحكم مَعَه رجل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي طير الْحرم شَاة شَاة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: أول من فدى طير الْحرم بِشَاة عُثْمَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: فِي الْجَرَاد قَبْضَة من طَعَام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: تَمْرَة خير من جَرَادَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْقَاسِم قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الْمحرم يصيد الجرادة فَقَالَ: تَمْرَة خير من جَرَادَة
وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: مَا أصَاب الْمحرم من شَيْء حكم فِيهِ قِيمَته
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي بَيْضَة النعام صِيَام يَوْم أَو إطْعَام مِسْكين
وَأخرج الشَّافِعِي عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَابْن مَسْعُود مَوْقُوفا
مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة وَأحمد عَن رجل من الْأَنْصَار
أَن رجلا أوطأ بعيره ادحي نعَامَة فَكسر بيضها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْك بِكُل بَيْضَة صَوْم يَوْم أَو إطْعَام مِسْكين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن ذكْوَان
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن رجل محرم أصَاب بيض نعام قَالَ: عَلَيْهِ فِي كل بَيْضَة صِيَام يَوْم أَو إطْعَام مِسْكين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الزِّنَاد عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
نَحوه
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي المهزم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي بيض النعام ثمنه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: فِي بيض النعام قِيمَته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي كل بيضتين دِرْهَم وَفِي كل بَيْضَة نصف دِرْهَم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن قبيصَة بن جَابر قَالَ: حجَجنَا زمن عمر فَرَأَيْنَا ظَبْيًا فَقَالَ أَحَدنَا لصَاحبه: أَترَانِي أبلغه فَرمى بِحجر فَمَا أَخطَأ خششاه فَقتله فأتينا عمر بن الْخطاب فَسَأَلْنَاهُ عَن ذَلِك وَإِذا إِلَى جنبه رجل يَعْنِي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَالْتَفت إِلَيْهِ فَكَلمهُ ثمَّ أقبل على صاحبنا فَقَالَ: أعمدا قَتله أم خطأ قَالَ الرجل: لقد تَعَمّدت رميه وَمَا أردْت قَتله
قَالَ عمر: مَا أَرَاك إِلَّا قد أشركت بَين الْعمد وَالْخَطَأ اعمد إِلَى شَاة فاذبحها وَتصدق بلحمها وأسق إهابها يَعْنِي ادفعه إِلَى مِسْكين يَجعله سقاء فقمنا من عِنْده فَقلت لصاحبي: أَيهَا الرجل أعظم شَعَائِر الله الله مَا درى أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا يفتيك حَتَّى شاور صَاحبه اعمد إِلَى نَاقَتك فانحرها فَلَعَلَّ ذَلِك
قَالَ قبيصَة: وَمَا أذكر الْآيَة فِي سُورَة الْمَائِدَة ﴿يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم﴾ قَالَ: فَبلغ عمر مَقَالَتي فَلم يفجأنا إِلَّا وَمَعَهُ الدرة فعلا صَاحِبي ضربا بهَا وَهُوَ يَقُول: أقتلت الصَّيْد فِي الْحرم وسفهت الْفتيا ثمَّ أقبل عليَّ يضربني فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا أحل لَك مني شَيْئا مِمَّا حرم الله عَلَيْك
قَالَ: يَا قبيصَة إِنِّي أَرَاك شَابًّا حَدِيث السن فصيح اللِّسَان فسيح الصَّدْر وَإنَّهُ قد يكون فِي الرجل تِسْعَة أَخْلَاق صَالِحَة وَخلق سيء فيغلب خلقه السيء أخلاقه الصَّالِحَة فإياك وعثرات الشَّبَاب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان
أَن أَعْرَابِيًا أَتَى أَبَا بكر فَقَالَ: قتلت صيدا وَأَنا محرم فَمَا ترى عليَّ من الْجَزَاء فَقَالَ أَبُو بكر لأبي بن كَعْب وهوجالس عِنْده: مَا ترى فِيهَا فَقَالَ الْأَعرَابِي: أَتَيْتُك وَأَنت خَليفَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسأَلك فَإِذا أَنْت تسْأَل غَيْرك قَالَ أَبُو بكر: فَمَا تنكر يَقُول الله ﴿يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم﴾ فشاورت صَاحِبي حَتَّى إِذا اتفقنا على أَمر أمرناك بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: كَانَ رجلَانِ من الْأَعْرَاب محرمان فأجاش أَحدهمَا ظَبْيًا فَقتله الآخر فَأتيَا عمر وَعِنْده عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ لَهُ عمر: مَا ترى قَالَ: شَاة
قَالَ: وَأَنا أرى ذَلِك
وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: أوطأ أَرْبَد ظَبْيًا فَقتله وَهُوَ محرم فَأتى عمر ليحكم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عمر: احكم معي
فحكما فِيهِ جدياً قد جمع المَاء وَالشَّجر ثمَّ قَالَ عمر ﴿يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مجلز: أَن رجلا سَأَلَ ابْن عمر عَن رجل أصَاب صيدا وهومحرم وَعِنْده عبد الله بن صَفْوَان فَقَالَ ابْن عمر لَهُ: إِمَّا أَن تَقول فأصدقك أَو أَقُول فتصدقني
فَقَالَ ابْن صَفْوَان: بل أَنْت فَقل
فَقَالَ ابْن عمر وَوَافَقَهُ على ذَلِك عبد الله بن صَفْوَان
وَأخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي حريز البَجلِيّ قَالَ: أصبت ظَبْيًا وَأَنا محرم فَذكرت ذَلِك لعمر فَقَالَ: ائْتِ رجلَيْنِ من إخوانك فليحكما عَلَيْك فَأتيت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وسعداً فحكما عليَّ تَيْسًا أعفر
وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن حبشِي قَالَ: سَمِعت رجلا سَأَلَ عبد الله بن عمر عَن رجل أصَاب ولد أرنب فَقَالَ: فِيهِ ولد مَاعِز فِيمَا أرى أَنا ثمَّ قَالَ لي: أكذاك فَقلت: أَنْت أعلم مني
فَقَالَ: قَالَ الله ﴿يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مليكَة قَالَ: سُئِلَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن محرم قتل سخلة فِي الْحرم فَقَالَ لي: احكم
فَقلت: أحكم وَأَنت هَهُنَا فَقَالَ: إِن الله يَقُول ﴿يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة بن خَالِد قَالَ: لَا يصلح إِلَّا بحكمين لَا يَخْتَلِفَانِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ أَن رجلا سَأَلَ عليا عَن الْهَدْي ممَّ هُوَ قَالَ: من الثَّمَانِية الْأزْوَاج فَكَأَن الرجل شكّ فَقَالَ عَليّ: تقْرَأ الْقُرْآن فَكَأَن الرجل قَالَ نعم
قَالَ: أفسمعت الله يَقُول ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَوْفوا بِالْعُقُودِ أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ١ قَالَ: نعم
قَالَ: وسمعته يَقُول ﴿لِيذكرُوا اسْم الله على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام﴾
قَالَ: أفسمعته يَقُول ﴿من الضَّأْن اثْنَيْنِ وَمن الْمعز اثْنَيْنِ﴾ ﴿وَمن الْإِبِل اثْنَيْنِ وَمن الْبَقر اثْنَيْنِ﴾ الْأَنْعَام قَالَ: نعم
قَالَ: أفسمعته يَقُول ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٩٥ إِلَى قَوْله ﴿هَديا بَالغ الْكَعْبَة﴾ قَالَ الرجل: نعم
فَقَالَ: إِن قتلت ظَبْيًا فَمَا عَليّ قَالَ: شَاة
قَالَ عَليّ: هَديا بَالغ الْكَعْبَة
قَالَ الرجل: نعم
فَقَالَ عَليّ: قد سَمَّاهُ الله بَالغ الْكَعْبَة كَمَا تسمع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر قَالَ: إِنَّمَا الْهَدْي ذَوَات الْجوف
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان ﴿هَديا بَالغ الْكَعْبَة﴾ قَالَ: مَحَله مَكَّة
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: الْهَدْي والنسك وَالطَّعَام بِمَكَّة وَالصَّوْم حَيْثُ شِئْت
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الحكم قَالَ: قيمَة الصَّيْد حَيْثُ أَصَابَهُ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين﴾ قَالَ: الْكَفَّارَة فِي قتل مَا دون الأرنب إطْعَام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: من قتل الصَّيْد نَاسِيا أَو أَرَادَ غَيره فَأَخْطَأَ بِهِ فَذَلِك الْعمد الْمُكَفّر فَعَلَيهِ مثله ﴿هَديا بَالغ الْكَعْبَة﴾ فَإِن لم يجد فَابْتَاعَ بِثمنِهِ طَعَاما فَإِن لم يجد صَامَ عَن كل مد يَوْمًا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ لي الْحسن بن مُسلم: من أصَاب من الصَّيْد مَا يبلغ أَن يكون فِيهِ شَاة فَصَاعِدا فَذَلِك الَّذِي قَالَ الله ﴿فجزاء مثل مَا قتل من النعم﴾ وَأما ﴿كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين﴾ فَذَلِك الَّذِي لَا يبلغ أَن يكون فِيهِ هدي العصفور يقتل فَلَا يكون هدي قَالَ ﴿أَو عدل ذَلِك صياما﴾ عدل النعامة أَو عدل العصفور أَو عدل ذَلِك كُله
قَالَ ابْن جريج: فَذكرت ذَلِك لعطاء فَقَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن أَو فلصاحبه أَن يخْتَار مَا شَاءَ
أَنه كَانَ يَقُول: إِذا أصَاب الْمحرم شَيْئا من الصَّيْد عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ من النعم فَإِن لم يجد قوم الْجَزَاء دَرَاهِم ثمَّ قومت الدَّرَاهِم طَعَاما بِسعْر ذَلِك الْيَوْم فَتصدق بِهِ فَإِن لم يكن عِنْده طَعَام صَامَ مَكَان كل نصف صَاع يَوْمًا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء وَمُجاهد فِي قَوْله ﴿أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين أَو عدل ذَلِك صياما﴾ قَالَا: هُوَ مَا يُصِيب الْمحرم من الصَّيْد لَا يبلغ أَن يكون فِيهِ الْهَدْي فَفِيهِ طَعَام قِيمَته
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: إِن أصَاب إِنْسَان محرم نعَامَة فَإِن لَهُ إِن كَانَ ذَا يسَار أَن يهدي مَا شَاءَ جزوراً أَو عدلها طَعَاما أَو عدلها صياما لَهُ ايتهن شَاءَ من أجل قَوْله عز وَجل فَجَزَاؤُهُ كَذَا
قَالَ: فَكل شَيْء فِي الْقُرْآن أَو فليختر مِنْهُ صَاحبه مَا شَاءَ
قلت لَهُ: أَرَأَيْت إِذا قدر على الطَّعَام أَلا يقدر على عدل الصَّيْد الَّذِي أصَاب قَالَ: ترخيص الله عَسى أَن يكون عِنْده طَعَام وَلَيْسَ عِنْده ثمن الْجَزُور وَهِي الرُّخْصَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي
أَن عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعلي بن أبي طَالب وَابْن عَبَّاس وَزيد بن ثَابت وَمُعَاوِيَة قضوا فِيمَا كَانَ من هدي مِمَّا يقتل الْمحرم من صيد فِيهِ جَزَاء نظر إِلَى قيمَة ذَلِك فأطعم بِهِ الْمَسَاكِين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآن أَو فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ وَمَا كَانَ فَمن لم يجد فَالْأول ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَالْحسن وَإِبْرَاهِيم وَالضَّحَّاك
مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ فِي محرم أصَاب صيدا بخراسان قَالَ: يكفر بِمَكَّة أَو بمنى ويقوِّم الطَّعَام بِسعْر الأَرْض الَّتِي يكفر بهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: مَا كَانَ من دم فبمكة وَمَا كَانَ من صَدَقَة أَو صَوْم حَيْثُ شَاءَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس وَعَطَاء
مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: أَيْن يتَصَدَّق بِالطَّعَامِ قَالَ: بِمَكَّة من أجل أَنه بِمَنْزِلَة الْهَدْي
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: إِذا قدمت مَكَّة بجزاء صيد فانحره فَإِن الله يَقُول ﴿هَديا بَالغ الْكَعْبَة﴾ إِلَّا أَن تقدم فِي الْعشْر فيؤخر إِلَى يَوْم النَّحْر
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: هَل لصيامه وَقت قَالَ: لَا إِذا شَاءَ وَحَيْثُ شَاءَ وتعجيله أحب إليَّ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: مَا عدل الطَّعَام من الصّيام قَالَ: لكل مد يَوْم يَأْخُذ زعم بصيام رَمَضَان وبالظهار وَزعم أَن ذَلِك رَأْي يرَاهُ وَلم يسمعهُ من أحد
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿أَو عدل ذَلِك صياما﴾ قَالَ: يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام إِلَى عشرَة أَيَّام
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا جعل الطَّعَام ليعلم بِهِ الصّيام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿ليذوق وبال أمره﴾ قَالَ: عُقُوبَة أمره
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قتاد ﴿ليذوق وبال أمره﴾ قَالَ: عَاقِبَة عمله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ من طَرِيق نعيم بن قعنب عَن أبي ذَر ﴿عَفا الله عَمَّا سلف﴾ عَمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة ﴿وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ﴾ قَالَ: فِي الإِسلام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء ﴿عَفا الله عَمَّا سلف﴾ قَالَ: عَمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة ﴿وَمن عَاد﴾ قَالَ: من عَاد فِي الْإِسْلَام ﴿فينتقم الله مِنْهُ﴾ وَعَلِيهِ مَعَ ذَلِك الْكَفَّارَة
قَالَ ابْن جريج: قلت لعطاء: فَعَلَيهِ من الآثام عُقُوبَة قَالَ: لَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس
فِي الَّذِي يُصِيب الصَّيْد وَهُوَ محرم يحكم عَلَيْهِ من وَاحِدَة فَإِن عَاد لم يحكم عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِك إِلَى الله إِن شَاءَ عاقبه وَإِن شَاءَ عَفا عَنهُ ثمَّ تَلا ﴿وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ﴾ وَلَفظ أبي الشَّيْخ: وَمن عَاد قيل لَهُ اذْهَبْ ينْتَقم الله مِنْك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ
أَن رجلا أصَاب صيدا وَهُوَ محرم فَسَأَلَ شريحاً فَقَالَ: هَل أصبت قبل هَذَا شَيْئا قَالَ: لَا
قَالَ: أما إِنَّك لَو فعلت لم أحكم عَلَيْك ولوكلتك إِلَى الله يكون هُوَ ينْتَقم مِنْك
وَأخرج ابْن جرير وأبوالشيخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: رخص فِي قتل الصَّيْد مرّة فَإِن عَاد لم يَدعه الله حَتَّى ينْتَقم مِنْهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم
فِي الَّذِي يقتل الصَّيْد ثمَّ يعود قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: من عَاد لَا يحكم عَلَيْهِ أمره إِلَى الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: يحكم عَلَيْهِ فِي الْعمد مرّة وَاحِدَة فَإِن عَاد لم يحكم عَلَيْهِ وَقيل لَهُ: اذْهَبْ ينْتَقم الله مِنْك وَيحكم عَلَيْهِ فِي الْخَطَأ أبدا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: يحكم عَلَيْهِ كلما عَاد
وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كلما أصَاب الصَّيْد الْمحرم حكم عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق زيد أبي الْمُعَلَّى عَن الْحسن
أَن رجلا أصَاب صيدا وَهُوَ محرم فَتجوز عَنهُ ثمَّ عَاد فَأصَاب صيدا آخر فَنزلت نَار من السَّمَاء فَأَحْرَقتهُ فَهُوَ قَوْله ﴿وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجلا عَاد فَبعث الله عَلَيْهِ نَارا فأكلته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقْتل الْمحرم الْفَأْرَة وَالْعَقْرَب والحدأ والغراب وَالْكَلب الْعَقُور زَاد فِي رِوَايَة وَيقتل الْحَيَّة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول خمس فواسق فاقتلوهن فِي الْحرم: الحدأ والغراب وَالْكَلب والفأرة وَالْعَقْرَب
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر محرما أَن يقتل حَيَّة فِي الْحرم بمنى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يقتل الْمحرم الذِّئْب
- أخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه مَتَاعا لكم﴾ قَالَ: مَا لَفظه مَيتا فَهُوَ طَعَامه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا
مثله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق قَتَادَة عَن أنس عَن أبي بكر الصّديق فِي الْآيَة قَالَ: صَيْده مَا حويت عَلَيْهِ وَطَعَامه مَا لفظ إِلَيْك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة
أَن أَبَا بكر الصّديق قَالَ فِي قَوْله ﴿أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه﴾ قَالَ: صيد الْبَحْر مَا تصطاده أَيْدِينَا وَطَعَامه مَا لاثه الْبَحْر
وَفِي لفظ: طَعَامه كل مَا فِيهِ وَفِي لفظ: طَعَامه ميتَته
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي الطُّفَيْل عَن أبي بكر الصّديق قَالَ فِي الْبَحْر: هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صيد الْبَحْر حَلَال وماؤه طهُور
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي الزبير عَن عبد الرَّحْمَن مولى بني مَخْزُوم قَالَ: مَا فِي الْبَحْر شَيْء إِلَّا قد ذكَّاه الله لكم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خطب أَبُو بكر النَّاس فَقَالَ ﴿أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه مَتَاعا لكم﴾ قَالَ: وَطَعَامه مَا قذف بِهِ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قدمت الْبَحْرين فَسَأَلَنِي أهل الْبَحْرين عَمَّا يقذف الْبَحْر من السّمك فَقلت لَهُم: كلوا فَلَمَّا رجعت سَأَلت عمر بن الْخطاب عَن ذَلِك
قَالَ: لَو أفتيتهم بِغَيْر ذَلِك لعلوتك بِالدرةِ ثمَّ قَالَ ﴿أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه﴾ فصيده مَا صيد مِنْهُ وَطَعَامه مَا قذف
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صَيْده مَا صيد وَطَعَامه مَا لفظ بِهِ الْبَحْر وَفِي رِوَايَة مَا قذف بِهِ يَعْنِي مَيتا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق أُخْرَى عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: صَيْده الطري وَطَعَامه المالح للْمُسَافِر والمقيم
وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن ثَابت قَالَ: صَيْده مَا اصطدت
وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: مَا حسر عَنهُ فَكل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ: صَيْده مَا اضْطربَ وَطَعَامه مَا قذف
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿أحل لكم صيد الْبَحْر﴾ يَعْنِي طَعَامه مالحه وَمَا حسر عَنهُ المَاء وَمَا قذفه فَهَذَا حَلَال لجَمِيع النَّاس محرم وَغَيره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن نَافِع أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي هُرَيْرَة سَأَلَ ابْن عمر عَن حيتان أَلْقَاهَا الْبَحْر فَقَالَ ابْن عمر: أميتة هِيَ قَالَ: نعم
فَنَهَاهُ فَلَمَّا رَجَعَ عبد الله إِلَى أَهله أَخذ الْمُصحف فَقَرَأَ سُورَة الْمَائِدَة فَأتى على هَذِه الْآيَة ﴿وَطَعَامه مَتَاعا لكم﴾ فَقَالَ: طَعَامه هُوَ الَّذِي أَلْقَاهُ فألحقه فمره يَأْكُلهُ
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: مَا لفظ الْبَحْر فَهُوَ طَعَامه وَإِن كَانَ مَيتا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: صَيْده مَا اصطدت طرياً وَطَعَامه مَا تزوّدت مملوحاً فِي سفرك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير
مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان قَالَ: مَا نعلمهُ حرم من صيد الْبَحْر شَيْئا غير الْكلاب
أَن ابْن عَبَّاس كَانَ رَاكِبًا فَمر عَلَيْهِ جَراد فَضَربهُ فَقيل لَهُ: قتلت صيدا وَأَنت محرم فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ من صيد الْبَحْر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: قَالَ كَعْب الْأَحْبَار لعمر: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن هُوَ إِلَّا نثرة حوت يَنْثُرهُ فِي كل عَام مرَّتَيْنِ
يَعْنِي الْجَرَاد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز فِي الْآيَة قَالَ: مَا كَانَ من صيد الْبَحْر يعِيش فِي الْبر وَالْبَحْر فَلَا يصيده وَمَا كَانَ حَيَاته فِي المَاء فَذَلِك لَهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة ﴿مَتَاعا لكم﴾ لمن كَانَ يحضرهُ الْبَحْر ﴿وللسيارة﴾ قَالَ: السّفر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿وَطَعَامه﴾ قَالَ: حيتانه ﴿مَتَاعا لكم﴾ لأهل الْقرى ﴿وللسيارة﴾ أهل الْأَسْفَار وأجناس النَّاس كلهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن ﴿وللسيارة﴾ قَالَ: هم المحرمون
وَأخرج الْفرْيَابِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس ﴿وللسيارة﴾ قَالَ: الْمُسَافِر يتزوّد مِنْهُ وَيَأْكُل
وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق طَاوس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر مَا دمتم حرما﴾ قَالَ: هِيَ مُبْهمَة لَا يحل لَك أكل لحم الصَّيْد وَأَنت محرم وَلَفظ ابْن أبي حَاتِم قَالَ: هِيَ مُبْهمَة صَيْده وَأكله حرَام على الْمحرم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق قَالَ: قلت لمجاهد: فَإِنَّهُ صيد اصطيد بهمذان قبل أَن يحرم الرجل بأَرْبعَة أشهر
فَقَالَ: لَا كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: هِيَ مُبْهمَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحَارِث بن نَوْفَل قَالَ: حج عُثْمَان بن عَفَّان فَأتى بِلَحْم صيد صَاده حَلَال فَأكل مِنْهُ عُثْمَان وَلم يَأْكُل عَليّ فَقَالَ عُثْمَان: وَالله مَا صدنَا وَلَا أمرنَا وَلَا أَشَرنَا فَقَالَ عَليّ ﴿وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر مَا دمتم حرما﴾
أَن عمر بن الْخطاب لم يكن يرى بَأْسا بِلَحْم الصَّيْد للْمحرمِ إِذا صيد لغيره وَكَرِهَهُ عَليّ بن أبي طَالب
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب
إِن عليا كره لحم الصَّيْد للْمحرمِ على كل حَال
وَأخرج عَن ابْن عَبَّاس
مثله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عمر
أَنه كَانَ لَا يَأْكُل الصَّيْد وَهُوَ محرم وَإِن صَاده الْحَلَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِسْمَاعِيل قَالَ: سَأَلت الشّعبِيّ عَنهُ فَقَالَ: قد اخْتلف فِيهِ فَلَا تَأْكُل مِنْهُ أحب إليَّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة
أَنه سُئِلَ عَن لحم صيد صَاده حَلَال أيأكله الْمحرم قَالَ: نعم
ثمَّ لَقِي عمر بن الْخطاب فَأخْبرهُ فَقَالَ: لَو أَفْتيت بِغَيْر هَذَا لعلوتك بِالدرةِ إِنَّمَا نهيت أَن تصطاده
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر مَا دمتم حرما﴾ فَجعل الصَّيْد حَرَامًا على الْمحرم صَيْده وَأكله حَرَامًا وَإِن كَانَ الصَّيْد صيد قبل أَن يحرم الرجل فَهُوَ حَلَال وَإِن صَاده حرَام للْحَلَال فَلَا يحل أكله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان قَالَ كُنَّا مَعَ طَلْحَة بن عبيد الله وَنحن حرم فأهدي لنا طَائِر فمنا من أكل وَمنا من تورع فَلم يَأْكُل فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَة وَافق من أكل وَقَالَ: أكلناه مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اقرأها كَمَا تقرؤها فَإِن الله ختم الْآيَة بِحرَام قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي ﴿وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر مَا دمتم حرما﴾ يَقُول: فَهَذَا يَأْتِي مَعْنَاهُ على قَتله وعَلى أكل لَحْمه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج حَاجا فَخَرجُوا مَعَه فصرف طَائِفَة مِنْهُم فيهم أَبُو قَتَادَة فَقَالَ: خُذُوا سَاحل الْبَحْر حَتَّى نَلْتَقِي فَأخذُوا سَاحل الْبَحْر فَلَمَّا انصرفوا أَحْرمُوا كلهم إِلَّا أَبُو قَتَادَة لم يحرم فَبَيْنَمَا هم يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حمر وَحش فَحمل أَبُو قَتَادَة على الْحمر فعقر مِنْهَا أَتَانَا فنزلوا فَأَكَلُوا من لَحمهَا فَقَالُوا: نَأْكُل لحم صيد وَنحن محرمون فحملنا مَا بَقِي من لَحمهَا فَلَمَّا أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا كُنَّا أحرمنا وَقد كَانَ أَبُو قَتَادَة
قَالَ: أمنكم أحد أمره أَن يحمل عَلَيْهَا أَو أَشَارَ إِلَيْهَا قَالُوا: لَا
قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِي من لَحمهَا
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحم صيد الْبر لكم حَلَال وَأَنْتُم حرم مَا لم تصيدوه أَو يصد لكم
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ يَا زيد بن أَرقم أعلمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهدي لَهُ بيضات نعام وَهُوَ حرَام فردهن قَالَ: نعم
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حج أَو عمْرَة فَاسْتقْبلنَا رَحل جَراد فَجعلنَا نضربهن بعصينا وسياطنا فنقتلهن فأسقط فِي أَيْدِينَا فَقُلْنَا: مَا نصْنَع وَنحن محرمون فسألنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا بَأْس بصيد الْبَحْر
وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: كل شَيْء عَاشَ فِي الْبر وَالْبَحْر فَأَصَابَهُ الْمحرم فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة
- أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: إِنَّمَا سميت الْكَعْبَة لِأَنَّهَا مربعة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِنَّمَا سميت الْكَعْبَة لتربيعها
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿جعل الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام قيَاما للنَّاس﴾ قَالَ: قيَاما لدينهم ومعالم لحجهم
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: قِيَامهَا أَن يَأْمَن من توجه إِلَيْهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿قيَاما للنَّاس﴾ قَالَ: قواماً للنَّاس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير ﴿قيَاما للنَّاس﴾ قَالَ: شدَّة لدينهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير ﴿قيَاما للنَّاس﴾ قَالَ: عصمَة فِي أَمر دينهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ النَّاس كلهم فيهم مُلُوك يدْفع بَعضهم عَن بعض وَلم يكن فِي الْعَرَب مُلُوك يدْفع بَعضهم عَن بعض فَجعل الله لَهُم الْبَيْت الْحَرَام قيَاما يدْفع بَعضهم عَن بعض بِهِ ﴿والشهر الْحَرَام﴾ كَذَلِك يدْفع الله بَعضهم عَن بعض بِالْأَشْهرِ الْحرم والقلائد ويلقي الرجل قَاتل أَبِيه أَو ابْن عَمه فَلَا يعرض لَهُ وَهَذَا كُله قد نسخ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب قَالَ: جعل الله الْبَيْت الْحَرَام والشهر الْحَرَام قيَاما للنَّاس يأمنون بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّة الأولى لَا يخَاف بَعضهم بَعْضًا حِين يلقونهم عِنْد الْبَيْت أَو فِي الْحرم أَو فِي الشَّهْر الْحَرَام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿جعل الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام قيَاما للنَّاس والشهر الْحَرَام وَالْهَدْي والقلائد﴾ قَالَ: حواجز أبقاها الله فِي الْجَاهِلِيَّة بَين النَّاس فَكَانَ الرجل لَو جر كل جريرة ثمَّ لَجأ الْحرم لم يتَنَاوَل وَلم يقرب وَكَانَ الرجل لَو لَقِي قَاتل أَبِيه فِي الشَّهْر الْحَرَام لم يعرض لَهُ وَلم يقربهُ وَكَانَ الرجل لَو لَقِي الْهَدْي مُقَلدًا وَهُوَ يَأْكُل العصب من الْجُوع لم يعرض لَهُ وَلم يقربهُ وَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ الْبَيْت تقلد قلادة من شعر فأحمته ومنعته من النَّاس وَكَانَ إِذا نفر تقلد قلادة من الْإِذْخر أَو من السمر فمنعته من النَّاس حَتَّى يَأْتِي أَهله حواجز أبقاها الله بَين النَّاس فِي الْجَاهِلِيَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن
أَنه تَلا هَذِه الْآيَة ﴿جعل الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام قيَاما للنَّاس﴾ قَالَ: لَا يزَال النَّاس على دين مَا حجُّوا الْبَيْت واستقبلوا الْقبْلَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: جعل الله هَذِه الْأَرْبَعَة قيَاما للنَّاس هِيَ قوام أَمرهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل بن حَيَّان ﴿قيَاما للنَّاس﴾ يَقُول: قواماً علما لقبلتهم وَأمنا هم فِيهِ آمنون
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم ﴿قيَاما للنَّاس﴾ قَالَ: أمنا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن مُسلم بن هُرْمُز قَالَ: حَدثنِي من أصدق قَالَ: تنصب الْكَعْبَة يَوْم الْقِيَامَة للنَّاس تخبرهم بأعمالهم فِيهَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز
أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَ الرجل مِنْهُم إِذا أحرم تقلد قلادة من شعر فَلَا يعرض لَهُ أحد فَإِذا حج وَقضى حجه تقلد قلادة من إذخرفقال الله ﴿جعل الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام قيَاما للنَّاس والشهر الْحَرَام﴾ الْآيَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا دخل الشَّهْر الْحَرَام وضعُوا السِّلَاح وَمَشى بَعضهم إِلَى بعض
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْعَرَب فِي جَاهِلِيَّتهَا جعل الله هَذَا لَهُم شَيْئا بَينهم يعيشون بِهِ فَمن انتهك شَيْئا من هَذَا أَو هَذَا لم يناظره الله حَتَّى بعد ذَلِك ﴿لِتَعْلَمُوا أَن الله يعلم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض﴾
وَالله تَعَالَى أعلم
- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَن أَبَا بكر الصّديق حِين حَضرته الْوَفَاة قَالَ: ألم ترَ أَن الله ذكر آيَة الرخَاء عِنْد آيَة الشدَّة وَآيَة الشدَّة عِنْد آيَة الرخَاء ليَكُون الْمُؤمن رَاغِبًا رَاهِبًا لَا يتَمَنَّى على الله غير الْحق وَلَا يلقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لدرهم حَلَال أَتصدق بِهِ أحب إليَّ من مائَة ألف وَمِائَة ألف حرَام فَإِن شِئْتُم فاقرأوا كتاب الله ﴿قل لَا يَسْتَوِي الْخَبيث وَالطّيب﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى حَدثنَا ابْن وهب حَدثنِي يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الاسكندراني قَالَ: كتب إِلَى عمر عبد العزبز بعض عماله يذكر أَن الْخراج قد انْكَسَرَ فَكتب إِلَيْهِ عمر أَن الله يَقُول ﴿لَا يَسْتَوِي الْخَبيث وَالطّيب وَلَو أعْجبك كَثْرَة الْخَبيث﴾ فَإِن اسْتَطَعْت أَن تكون فِي الْعدْل والإصلاح وَالْإِحْسَان بِمَنْزِلَة من كَانَ قبلك فِي الظُّلم والفجور والعدوان فافعل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿يَا أولي الْأَلْبَاب﴾ يَقُول: من كَانَ لَهُ لب أَو عقل
- أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة مَا سَمِعت مثلهَا قطّ فَقَالَ رجل: من أبي قَالَ فلَان فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق قَتَادَة عَن أنس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسؤْكُم﴾ أَن النَّاس سَأَلُوا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أحفوه بِالْمَسْأَلَة فَخرج ذَات يَوْم حَتَّى صعد الْمِنْبَر فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي الْيَوْم عَن شَيْء إِلَّا أنبأتكم بِهِ فَلَمَّا سمع ذَلِك الْقَوْم أرموا وظنوا أَن ذَلِك بَين يَدي أَمر قد حضر فَجعلت الْتفت عَن يَمِيني وشمالي فَإِذا كل رجل لاف ثَوْبه بِرَأْسِهِ يبكي فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله من أبي
قَالَ: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا رَأَيْت فِي الْخَيْر وَالشَّر كَالْيَوْمِ قطّ إِن الْجنَّة وَالنَّار مثلتا لي حَتَّى رأيتهما دون الْحَائِط
قَالَ قَتَادَة: وَإِن الله يرِيه مَا لَا ترَوْنَ ويسمعه مَا لَا تَسْمَعُونَ
قَالَ: وَأنزل عَلَيْهِ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾ الْآيَة
قَالَ قَتَادَة: وَفِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب (قد سَأَلَهَا قوم بيّنت لَهُم فَأَصْبحُوا بهَا كَافِرين)
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ نَاس يسْأَلُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استهزاء فَيَقُول الرجل: من أبي وَيَقُول الرجل تضل نَاقَته: أَيْن نَاقَتي فَأنْزل الله فيهم هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾ حَتَّى فرغ من الْآيَة كلهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عون قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عَن قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾ قَالَ: ذَاك يَوْم قَامَ فيهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أَخْبَرتكُم بِهِ فَقَامَ رجل فكره الْمُسلمُونَ مقَامه يَوْمئِذٍ فَقَالَ: يَا رَسُول الله من أبي قَالَ: أَبوك حذافة
فَنزلت هَذِه الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن طَاوس قَالَ نزلت ﴿لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾ فِي رجل قَالَ: يَا رَسُول الله من أبي قَالَ: أَبوك فلَان
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾ الْآيَة
قَالَ: غضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا من الْأَيَّام فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: سلوني فَإِنَّكُم لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أنبأتكم بِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ رجل من قُرَيْش من بني سهم يُقَال لَهُ عبد الله بن حذافة - وَكَانَ يطعن فِيهِ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله من أبي قَالَ: أَبوك فلَان فَدَعَاهُ لِأَبِيهِ فَقَامَ إِلَيْهِ عمر فَقبل رجله وَقَالَ: يَا رَسُول الله رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وَبِك نَبيا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا فَاعْفُ عَنَّا عَفا الله عَنْك فَلم يزل بِهِ حَتَّى رَضِي فَيَوْمئِذٍ قَالَ: الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر وَأنزل عَلَيْهِ ﴿قد سَأَلَهَا قوم من قبلكُمْ﴾
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ غَضْبَان محمار الوجهه حَتَّى جلس على الْمِنْبَر فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: أَيْن
فَقَامَ آخر فَقَالَ: من أبي فَقَالَ: أَبوك حذافة
فَقَامَ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا إِنَّا يَا رَسُول الله حَدِيث عهد بجاهلية وشرك وَالله أعلم مَنْ آبَاؤُنَا فسكن غَضَبه وَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾
وَأخرج ابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِن الله تَعَالَى قد افْترض عَلَيْكُم الْحَج فَقَامَ رجل فَقَالَ: لكل عَام يَا رَسُول الله فَسكت عَنهُ حَتَّى أَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات قَالَ: لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت مَا قُمْتُم بهَا ذروني مَا تركتكم فَإِنَّمَا هلك الَّذين قبلكُمْ بِكَثْرَة سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ على أَنْبِيَائهمْ فَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَاجْتَنبُوهُ وَإِذا أَمرتكُم بِشَيْء فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم وَذكر أَن هَذِه الْآيَة فِي الْمَائِدَة نزلت فِي ذَلِك ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس كتب الله عَلَيْكُم الْحَج
فَقَامَ عكاشة بن مُحصن الْأَسدي فَقَالَ: أَفِي كل عَام يارسول الله قَالَ: أما أَنِّي لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت ثمَّ تركتكم لَضَلَلْتُمْ اسْكُتُوا عني مَا سكت عَنْكُم فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بسؤالهم وَاخْتِلَافهمْ على أَنْبِيَائهمْ فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس فَقَالَ: إِن الله تَعَالَى كتب عَلَيْكُم الْحَج
فَقَالَ رجل من الْأَعْرَاب: أَفِي كل عَام فَسكت طَويلا ثمَّ تكلم فَقَالَ: من السَّائِل فَقَالَ: أَنا ذَا
فَقَالَ: وَيحك
مَاذَا يُؤمنك أَن أَقُول نعم وَالله لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت لتركتم وَلَو تركْتُم لكَفَرْتُمْ أَلا أَنه إِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ أَئِمَّة الْحَرج وَالله لَو أَنِّي أحللت لكم جَمِيع مَا فِي الأَرْض من شَيْء وَحرمت عَلَيْكُم مِنْهَا مَوضِع خف بعير لوقعتم فِيهِ وَأنزل الله عِنْد ذَلِك ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كتب الله عَلَيْكُم الْحَج
فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله كل عَام فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي
وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَيْن أبي قَالَ: فِي النَّار
ثمَّ جَاءَ آخر فَقَالَ: يَا رَسُول الله الْحَج كل عَام فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحول وركه فَدخل الْبَيْت ثمَّ خرج فَقَالَ: لم تَسْأَلُونِي عَمَّا لَا أَسأَلكُم عَنهُ ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ عَلَيْكُم كل عَام ثمَّ لكَفَرْتُمْ فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾ الْآيَة
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارقطني وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ لما نزلت ﴿وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت﴾ آل عمرَان الْآيَة ٩٧ قَالُوا: يَا رَسُول الله أَفِي كل عَام فَسكت ثمَّ قَالُوا: أَفِي كل عَام قَالَ: لَا: وَلَو قلت نعم لَوَجَبَتْ فَنزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت آيَة الْحَج أذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله قد كتب عَلَيْكُم الْحَج فحجوا
فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أعاماً وَاحِدًا أم كل عَام فَقَالَ: لَا بل عَاما وَاحِدًا وَلَو قلت كل عَام لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت لكَفَرْتُمْ وَأنزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن فِي النَّاس فَقَالَ: يَا قوم كتب عَلَيْكُم الْحَج فَقَامَ رجل من بني أَسد فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَفِي كل عَام فَغَضب غَضبا شَدِيدا فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت مَا اسْتَطَعْتُم وَإِذن لكَفَرْتُمْ فَاتْرُكُونِي ماتركتكم واذ أَمرتكُم بِشَيْء فافعلوا وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَانْتَهوا عَنهُ فَأنْزل الله ﴿لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾ نَهَاهُم أَن يسْأَلُوا عَن مثل الَّذِي سَأَلت النَّصَارَى من الْمَائِدَة فَأَصْبحُوا بهَا كَافِرين فَنهى الله عَن ذَلِك وَقَالَ ﴿لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾ أَي إِن نزل الْقُرْآن فِيهَا بتغليظ ساءكم ذَلِك وَلَكِن انتظروا فَإِذا نزل الْقُرْآن فَإِنَّكُم لَا تسْأَلُون عَن شَيْء إِلَّا وجدْتُم تبيانه
فَقيل: أواجب هُوَ يَا رَسُول الله كل عَام قَالَ: لَا وَلَو قلتهَا لَوَجَبَتْ عَلَيْكُم كل عَام وَلَو وَجَبت مَا أطقتم وَلَو لم تُطِيقُوا لكَفَرْتُمْ ثمَّ قَالَ: سلوني فَلَا يسألني رجل فِي مجلسي هَذَا عَن شَيْء إِلَّا أخْبرته وَإِن سَأَلَني عَن أَبِيه
فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: من أبي قَالَ: أَبوك حذافة بن قيس
فَقَامَ عمر فَقَالَ: يَا رَسُول الله رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبيا ونعوذ بِاللَّه من غَضَبه وَغَضب رَسُوله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: إِن كَانُوا ليسألون عَن الشَّيْء وَهُوَ لَهُم حَلَال فَمَا يزالون يسْأَلُون حَتَّى يحرم عَلَيْهِم وَإِذا حرم عَلَيْهِم وَقَعُوا فِيهِ
وَأخرج الشَّافِعِي وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعظم الْمُسلمين فِي الْمُسلمين جرما من سَأَلَ عَن شَيْء لم يحرم فَحرم من أجل مَسْأَلته
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله حد حدوداً فَلَا تعتدوها وَفرض لكم فَرَائض فَلَا تضيعوها وَحرم أَشْيَاء فَلَا تنتهكوها وَترك أَشْيَاء فِي غير نِسْيَان وَلَكِن رَحْمَة مِنْهُ لكم فاقبلوها وَلَا تبحثوا عَنْهَا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق خصيف عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس
فِي قَوْله ﴿لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾ قَالَ يَعْنِي بحيرة والسائبة والوصيلة والحام أَلا ترى أَنه يَقُول بعد ذَلِك: مَا جعل الله من كَذَا وَلَا كَذَا قَالَ: وَأما عِكْرِمَة فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّهُم كَانُوا يسألونه عَن الْآيَات فنهوا عَن ذَلِك ثمَّ قَالَ ﴿قد سَأَلَهَا قوم من قبلكُمْ ثمَّ أَصْبحُوا بهَا كَافِرين﴾ قَالَ: فَقلت: قد حَدثنِي مُجَاهِد بِخِلَاف هَذَا عَن ابْن عَبَّاس فَمَا لَك تَقول هَذَا فَقَالَ: هاه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عبد الْكَرِيم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾ قَالَ: هُوَ الَّذِي سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أبي وَأما سعيد بن جُبَير فَقَالَ: هم الَّذين سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْبحيرَة والسائبة وَأما مقسم فَقَالَ: هِيَ فِيمَا سَأَلت الْأُمَم أنبياءها عَن الْآيَات
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم
أَنه قَرَأَ (تبد لكم) بِرَفْع التَّاء وَنصب الدَّال
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الْملك بن أبي جُمُعَة الْأَزْدِيّ قَالَ: سَأَلت الْحسن عَن كسب الكناس فَقَالَ لي: وَيحك
مَا تسْأَل عَن شَيْء لَو ترك فِي مَنَازِلكُمْ لضاقت عَلَيْكُم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف فِي حجَّة الْوَدَاع وَهُوَ مردف الْفضل بن عَبَّاس على جمل آدم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس خُذُوا الْعلم قبل رَفعه وَقَبضه
قَالَ: وَكُنَّا نهاب مَسْأَلته بعد تَنْزِيل الله الْآيَة ﴿لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾ فقدمنا إِلَيْهِ أَعْرَابِيًا فرشوناه برداء على مَسْأَلته فاعتم بهَا حَتَّى رَأَيْت حَاشِيَة الْبرد على حَاجِبه الْأَيْمن وَقُلْنَا لَهُ: سل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ يرفع الْعلم وَهَذَا الْقُرْآن بَين أظهرنَا وَقد تعلمناه وعلمناه نِسَاءَنَا وذرارينا وخدامنا فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه قد علا وَجهه حمرَة من الْغَضَب فَقَالَ: أوليست الْيَهُود وَالنَّصَارَى بَين أظهرها الْمَصَاحِف وَقد أَصْبحُوا مَا يتعلقون مِنْهَا بِحرف مِمَّا جَاءَ بِهِ أنبياؤهم أَلا وَإِن ذهَاب الْعلم أَن تذْهب حَملته
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء﴾ قَالَ: فَنحْن نَسْأَلهُ إِذْ قَالَ: ان لله عبادا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء وَلَا شُهَدَاء يَغْبِطهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاء بقربهم ومقعدهم من الله يَوْم الْقِيَامَة
فَقَالَ أَعْرَابِي: من هم يَا رَسُول الله قَالَ: هم عباد من عباد الله من بلدان شَتَّى وقبائل شَتَّى من شعوب الْقَبَائِل لم تكن بَينهم أَرْحَام يتواصلون بهَا وَلَا دنيا يتبادلون بهَا يتحابون بِروح الله يَجْعَل الله وُجُوههم نورا وَيجْعَل لَهُم مَنَابِر من لُؤْلُؤ قُدَّام الرَّحْمَن يفزع النَّاس وَلَا يفزعون وَيخَاف النَّاس وَلَا يخَافُونَ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَالك بن بُحَيْنَة قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أهل الْمقْبرَة ثَلَاث مَرَّات وَذَلِكَ بعد نزُول هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾
فَقَامَ أَبُو بكر فَأتى عَائِشَة فَقَالَ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على أهل الْمقْبرَة فَقَالَت عَائِشَة: صليت على أهل الْمقْبرَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تِلْكَ مَقْبرَة بعسقلان يحْشر مِنْهَا سَبْعُونَ ألف شَهِيد
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن معَاذ بن جبل قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتقدمت بِهِ رَاحِلَته ثمَّ إِن رَاحِلَتي لحقت براحلته حَتَّى تصْحَب ركبتي ركبته فَقلت: يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن أَسأَلك عَن أَمر يَمْنعنِي مَكَان هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾ قَالَ: مَا هُوَ يَا معَاذ قلت: مَا الْعَمَل الَّذِي يدخلني الْجنَّة وينجيني من النَّار قَالَ: قد سَأَلت عَن عَظِيم وَإنَّهُ يسير شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله واقام الصَّلَاة وايتاء الزَّكَاة وَحج الْبَيْت وَصَوْم رَمَضَان ثمَّ قَالَ: أَلا أخْبرك بِرَأْس الْأَمر وعموده وذروته أما رَأس الْأَمر فالإسلام وعموده الصَّلَاة وَأما ذروته فالجهاد ثمَّ قَالَ: الصّيام جنَّة وَالصَّدَََقَة تكفر الْخَطَايَا وَقيام اللَّيْل وَقَرَأَ ﴿تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع﴾ إِلَى آخر الْآيَة
ثمَّ قَالَ: أَلا أنبئكم مَا هُوَ أملك بِالنَّاسِ من ذَلِك ثمَّ أخرج لِسَانه فأمسكه بَين أصبعيه فَقلت: يَا رَسُول الله أكل مَا نتكلم بِهِ يكْتب علينا قَالَ: ثكلتك أمك
وَهل يكب النَّاس على مناخرهم فِي النَّار إِلَّا حصائد ألسنتهم إِنَّك لن تزَال سالما مَا أَمْسَكت فَإِذا تَكَلَّمت كتب عَلَيْك أَو لَك
- أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الْبحيرَة
الَّتِي يمْنَع درها للطواغيت وَلَا يحلبها أحد من النَّاس والسائبة: كَانُوا يسيبونها لآلهتهم
قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت عَمْرو بن عَامر الْخُزَاعِيّ يجر قصبه فِي النَّار كَانَ أول من سيب السوائب قَالَ ابْن الْمسيب: والوصيلة
النَّاقة الْبكر تبكر فِي أول نتاج الْإِبِل ثمَّ تثني بعد بأنثى وَكَانُوا يسيبونها لطواغيتهم إِن وصلت إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى لَيْسَ بَينهمَا ذكر والحامي: فَحل الْإِبِل يضْرب الضراب الْمَعْدُود فَإِذا قضى ضرابه وَدعوهُ للطواغيت واعفوه من الْحمل فَلم يحمل شَيْء وسموه الحتمي
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي الْأَحْوَص عَن أَبِيه قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خلقان من الثِّيَاب فَقَالَ لي: هَل لَك من مَال قلت: نعم
قَالَ: من أَي مَال قلت: من كل المَال من الْإِبِل وَالْغنم وَالْخَيْل وَالرَّقِيق
قَالَ: فَإِذا آتاك الله مَالا فلير عَلَيْك ثمَّ قَالَ: تنْتج إبلك رافية آذانها قلت: نعم وَهل تنْتج الْإِبِل إِلَّا كَذَلِك قَالَ: فلعلك تَأْخُذ مُوسَى قتقطع آذان طَائِفَة مِنْهَا وَتقول: هَذِه بَحر وتشق آذان طَائِفَة مِنْهَا وَتقول: هَذِه الصرم قلت: نعم
قَالَ: فَلَا تفعل إِن كل مَا آتاك الله لَك حل ثمَّ قَالَ ﴿مَا جعل الله من بحيرة وَلَا سائبة وَلَا وصيلة وَلَا حام﴾ قَالَ أَبُو الْأَحْوَص: أما الْبحيرَة فَهِيَ الَّتِي يجدعون آذانها فَلَا تنْتَفع امْرَأَته وَلَا بَنَاته وَلَا أحد من أهل بَيته بصوفها وَلَا أوبارها وَلَا أشعارها وَلَا أَلْبَانهَا فَإِذا مَاتَت اشْتَركُوا فِيهَا
وَأما السائبة: فَهِيَ الَّتِي يسيبون لآلهتهم
وَأما الوصيلة: فالشاة تَلد سِتَّة أبطن وتلد السَّابِع جدياً وعناقاً فَيَقُولُونَ: قد وصلت فَلَا يذبحونها وَلَا تضرب وَلَا تمنع مهما وَردت على حَوْض وَإِذا مَاتَت كَانُوا فِيهَا سَوَاء
والحام من الْإِبِل إِذا أدْرك لَهُ عشرَة من صلبه كلهَا تضرب حمى ظَهره فَسُمي الحام فَلَا ينْتَفع لَهُ بوبر وَلَا ينْحَر وَلَا يركب لَهُ ظهر فَإِذا مَاتَ كَانُوا فِيهِ سَوَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْبحيرَة
هِيَ النَّاقة إِذا أنتجت خَمْسَة أبطن نظرُوا إِلَى الْخَامِس فَإِن كَانَ ذكرا ذبحوه فَأَكله الرِّجَال دون النِّسَاء وَإِن كَانَت أُنْثَى جدعوا آذانها فَقَالُوا: هَذِه بحيرة
وَأما السائبة: فَكَانُوا يسيبون من أنعامهم لآلهتهم لَا يركبون لَهَا ظهرا وَلَا يحلبون لَهَا لَبَنًا وَلَا يجزون لَهَا وَبرا وَلَا يحملون عَلَيْهَا شَيْئا
وَأما
وَأما الحام: فالفحل من الْإِبِل إِذا ولد لوَلَده قَالُوا: حمى هَذَا ظَهره فَلَا يحملون عَلَيْهِ شَيْئا وَلَا يجزون لَهُ وَبرا وَلَا يمنعونه من حمى رعي وَلَا من حَوْض يشرب مِنْهُ وَإِن كَانَ الْحَوْض لغير صَاحبه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿مَا جعل الله من بحيرة﴾ قَالَ: الْبحيرَة النَّاقة كَانَ الرجل إِذا ولدت خَمْسَة فيعمد إِلَى الْخَامِسَة فَمَا لم تكن سقيا فيبتك آذانها وَلَا يجز لَهَا وَبرا وَلَا يَذُوق لَهَا لَبَنًا فَتلك الْبحيرَة ﴿وَلَا سائبة﴾ كَانَ الرجل يسيب من مَاله مَا شَاءَ ﴿وَلَا وصيلة﴾ فَهِيَ الشَّاة إِذا ولدت سبعا عمد إِلَى السَّابِع فَإِن كَانَ ذكرا ذبح وَإِن كَانَت أُنْثَى تركت وَإِن كَانَ فِي بَطنهَا اثْنَان ذكر وَأُنْثَى فولدتهما قَالُوا: وصلت أخاها فيتركان جَمِيعًا لَا يذبحان فَتلك الوصيلة ﴿وَلَا حام﴾ كَانَ الرجل يكون لَهُ الْفَحْل فَإِذا ألقح عشرا قيل: حام فاتركوه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿مَا جعل الله من بحيرة﴾ الْآيَة
قَالَ: الْبحيرَة من الْإِبِل كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يحرمُونَ وبرها وظهرها ولحمها ولبنها إِلَّا على الرِّجَال فَمَا ولدت من ذكر وَأُنْثَى فَهُوَ على هيئتها فَإِن مَاتَت اشْترك الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي أكل لَحمهَا فَإِذا ضرب من ولد الْبحيرَة فَهُوَ الحامي والسائبة من الْغنم على نَحْو ذَلِك إِلَّا أَنَّهَا مَا ولدت من ولد بَينهَا وَبَين سِتَّة أَوْلَاد كَانَ على هيئتها فَإِذا ولدت فِي السَّابِع ذكرا أَو أُنْثَى أَو ذكرين ذبحوه فَأَكله رِجَالهمْ دون نِسَائِهِم وَإِن توأمت أُنْثَى وَذكر فَهِيَ وصيلة ترك ذبح الذّكر بِالْأُنْثَى وَإِن كَانَتَا أنثيين تركتا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر فاستأخر عَن قبلته وَأعْرض بِوَجْهِهِ وتعوَّذ بِاللَّه ثمَّ دنا من قبلته حَتَّى رَأَيْنَاهُ يتَنَاوَل بِيَدِهِ فَلَمَّا سلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلْنَا: يَا نَبِي الله لقد صنعت الْيَوْم فِي صَلَاتك شَيْئا ماكنت تَصنعهُ
قَالَ: نعم عرضت عليَّ فِي مقَامي هَذَا الْجنَّة وَالنَّار فَرَأَيْت فِي النَّار مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله وَرَأَيْت فِيهَا الحميرية صَاحِبَة الْهِرَّة الَّتِي ربطتها فَلم
قَالَ: وسمى لي الرَّابِع فَنسيته
وَرَأَيْت الْجنَّة فَلم أر مثل مَا فِيهَا فتناولت مِنْهَا قطفاً لأريكموه فحيل بيني وَبَينه فَقَالَ رجل من الْقَوْم: كَيفَ تكون الْحبَّة مِنْهُ قَالَ: كأعظم دلو فرته أمك قطّ
قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَق: فَسَأَلت عَن الرَّابِع فَقَالَ: هُوَ صَاحب ثنيتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي نزعهما
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت جَهَنَّم يحطم بَعْضهَا بَعْضًا وَرَأَيْت عمرا يجر قصبه فِي النَّار وَهُوَ أول من سيب السوائب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لأكتم بن الجون: يَا أكتم عرضت عليَّ النَّار فَرَأَيْت فِيهَا عَمْرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه فِي النَّار فَمَا رَأَيْت رجلا أشبه بِرَجُل مِنْك بِهِ وَلَا بِهِ مِنْك
فَقَالَ أكتم: أخْشَى أَن يضرني شبهه يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا إِنَّك مُؤمن وَهُوَ كَافِر إِنَّه أول من غيَّر دين إِبْرَاهِيم وبحر الْبحيرَة وسيب السائبة وَحمى الحامي
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أول من سيب السوائب وَعبد الْأَصْنَام أَبُو خُزَاعَة عَمْرو بن عَامر وَإِنِّي رَأَيْته يجر أمعاءه فِي النَّار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأعرف أول من سيَّب السوائب وَنصب النصب وَأول من غير دين إِبْرَاهِيم قَالُوا: من هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ: عَمْرو بن لحي أَخُو بني كَعْب لقد رَأَيْته يجر قصبه فِي النَّار يُؤْذِي أهل النَّار ريح قصبه وَإِنِّي لأعرف من بَحر البحائر
قَالُوا: من هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ: رجل من بني مُدْلِج كَانَت لَهُ ناقتان فجدع آذانهما وَحرم ألبانهما وَظُهُورهمَا وَقَالَ: هَاتَانِ لله ثمَّ احْتَاجَ إِلَيْهِمَا فَشرب ألبانهما وَركب ظهورهما قَالَ: فَلَقَد رَأَيْته فِي النَّار وهما يقضمانه بأفواههما ويطآنه بأخفافهما
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿وَلَكِن الَّذين كفرُوا يفترون على الله الْكَذِب وَأَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ﴾ قَالَ: لَا يعْقلُونَ تَحْرِيم الشَّيْطَان الَّذِي يحرم عَلَيْهِم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن أبي مُوسَى فِي الْآيَة قَالَ: الْآبَاء جعلُوا هَذَا وماتوا وَنَشَأ الْأَبْنَاء وظنوا أَن الله هُوَ جعل هَذَا فَقَالَ الله ﴿وَلَكِن الَّذين كفرُوا يفترون على الله الْكَذِب﴾ الْآبَاء فالآباء افتروا على الله الْكَذِب وَالْأَبْنَاء أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ يظنون الله هُوَ الَّذِي جعله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن أبي مُوسَى فِي قَوْله ﴿وَلَكِن الَّذين كفرُوا يفترون على الله الْكَذِب﴾ قَالَ: هم أهل الْكتاب ﴿وَأَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ﴾ قَالَ: هم أهل الْأَوْثَان
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله ﴿وَلَكِن الَّذين كفرُوا يفترون على الله الْكَذِب وَأَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ﴾ قَالَ: الَّذين لَا يعقلوهم الأتباع وَأما الَّذين افتروا فعقلوا أَنهم افتروا
وَأخرج ابْن جرير عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: صعد أَبُو بكر مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّكُم لتتلون آيَة من كتاب الله وتعدونها رخصَة وَالله مَا أنزل الله فِي كِتَابه أَشد مِنْهَا ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ وَالله لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر أَو ليعمنكم الله مِنْهُ بعقاب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن جرير البَجلِيّ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مامن قوم يكون بَين أظهرهم رجل يعْمل بِالْمَعَاصِي هم أمنع مِنْهُ وأعز ثمَّ لَا يغيرون عَلَيْهِ إِلَّا أوشك أَن يعمهم الله مِنْهُ بعقاب
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي أُميَّة الشَّعْبَانِي قَالَ أتيت أَبَا ثَعْلَبَة الْخُشَنِي فَقلت لَهُ: كَيفَ تصنع فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: أَيَّة آيَة قَالَ: قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قَالَ: أما وَالله لقد سَأَلت عَنْهَا خَبِيرا سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بل ائْتَمرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهوا عَن الْمُنكر
حَتَّى إِذا رَأَيْت شحا مُطَاعًا وَهوى مُتبعا وَدُنْيا مُؤثرَة وَإِعْجَاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ فَعَلَيْك بِخَاصَّة نَفسك ودع عَنْك أَمر الْعَوام فَإِن من وَرَائِكُمْ أَيَّام الصَّبْر الصابر فِيهِنَّ مثل الْقَابِض على الْحمر لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مثل أجر خمسين رجلا يعْملُونَ مثل عَمَلكُمْ
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عَامر الْأَشْعَرِيّ أَنه كَانَ فيهم شَيْء فاحتبس على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: مَا حَبسك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن
أَن ابْن مَسْعُود سَأَلَهُ رجل عَن قَوْله ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّه لَيْسَ بزمانها فَإِنَّهَا الْيَوْم مَقْبُولَة وَلكنه قد أوشك أَن يَأْتِي زمَان تأمرون بِالْمَعْرُوفِ فيصنع بكم كَذَا وَكَذَا أَو قَالَ: فَلَا يقبل مِنْكُم فَحِينَئِذٍ عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ الْآيَة
قَالَ: مروا بِالْمَعْرُوفِ وانهوا عَن الْمُنكر مالم يكن من دون ذَلِك السَّوْط وَالسيف فَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك فَعَلَيْكُم أَنفسكُم
وَأخرج عبد بن حميد ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانُوا عِنْد عبد الله بن مَسْعُود فَوَقع بَين رجلَيْنِ بعض مَا يكون بَين النَّاس حَتَّى قَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه فَقَالَ رجل من جلساء عبد الله: أَلا أقوم فآمرهما بِالْمَعْرُوفِ وأنهاهما عَن الْمُنكر فَقَالَ آخر إِلَى جنبه: عَلَيْك نَفسك فَإِن الله تَعَالَى يَقُول ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ فَسَمعَهَا ابْن مَسْعُود فَقَالَ: مَه لم يَجِيء تَأْوِيل هَذِه الْآيَة بعد إِن الْقُرْآن أنزل حَيْثُ أنزل وَمِنْه آي قد مضى تأويلهن قبل أَن ينزلن وَمِنْه مَا وَقع تأويلهن على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمِنْه آي يَقع تأويلهن بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسنين وَمِنْه آي يَقع تأويلهن بعد الْيَوْم وَمِنْه آي يَقع تأويلهن عِنْد السَّاعَة مَا ذكر من أَمر السَّاعَة وَمِنْه آي يَقع تأويلهن عِنْد الْحساب مَا ذكر من أَمر الْحساب وَالْجنَّة وَالنَّار فَمَا دَامَت قُلُوبكُمْ وَاحِدَة وأهواؤكم وَاحِدَة وَلم تلبسوا شيعًا فَلم يذقْ بَعْضكُم بَأْس بعض فَمروا وانهوا فَإِذا اخْتلفت الْقُلُوب والأهواء وألبستم شيعًا وذاق بَعْضكُم بَأْس بعض فَكل امرىء وَنَفسه فَعِنْدَ ذَلِك جَاءَ تَأْوِيل هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر
أَنه قيل لَهُ: أجلست فِي هَذِه الْأَيَّام فَلم تَأمر وَلم تنه فَإِن الله قَالَ ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ فَقَالَ: إِنَّهَا لَيست لي وَلَا لِأَصْحَابِي لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب فَكُنَّا نَحن الشُّهُود
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير من طَرِيق قَتَادَة عَن رجل قَالَ: كنت فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب بِالْمَدِينَةِ فِي حَلقَة فيهم أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا فيهم شيخ حسبت أَنه قَالَ أبي بن كَعْب فَقَرَأَ ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ فَقَالَ: إِنَّمَا تَأْوِيلهَا فِي آخر الزَّمَان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي مَازِن قَالَ: انْطَلَقت على عهد عُثْمَان إِلَى الْمَدِينَة فَإِذا قوم جُلُوس فَقَرَأَ أحدهم ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ فَقَالَ: أَكْثَرهم: لم يَجِيء تَأْوِيل هَذِه الْآيَة الْيَوْم
وَأخرج ابْن جرير عَن جُبَير بن نفير قَالَ: كنت فِي حَلقَة فِيهَا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنِّي لأصغر الْقَوْم فتذاكروا الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فَقلت: أَلَيْسَ الله يَقُول ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ فَأَقْبَلُوا عَليّ بِلِسَان وَاحِد فَقَالُوا: تنْزع آيَة من الْقُرْآن لَا تعرفها وَلَا تَدْرِي مَا تَأْوِيلهَا حَتَّى تمنيت أَنِّي لم أكن تَكَلَّمت ثمَّ أَقبلُوا يتحدثون فَلَمَّا حضر قيامهم قَالُوا: إِنَّك غُلَام حدث السن وَإنَّك نزعت أَيَّة لَا تَدْرِي ماهي وَعَسَى أَن تدْرك ذَلِك الزَّمَان إِذا رَأَيْت شحا مُطَاعًا وَهوى مُتبعا وَإِعْجَاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ فَعَلَيْك بِنَفْسِك لَا يَضرك من ضل إِذا اهتديت
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ: يارسول الله أَخْبرنِي عَن قَول الله عز وَجل ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قَالَ: يَا معَاذ مروا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهوا عَن الْمُنكر فَإِذا رَأَيْتُمْ شحا مُطَاعًا وَهوى مُتبعا وَإِعْجَاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ فَعَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم ضَلَالَة غَيْركُمْ فَهُوَ من وَرَائِكُمْ أَيَّام الصَّبْر المتمسك فِيهَا بِدِينِهِ مثل الْقَابِض على الْجَمْر فللعامل مِنْهُم يَوْمئِذٍ مثل عمل أحدكُم الْيَوْم كَأَجر خمسين مِنْكُم
قلت: يَا رَسُول الله خمسين مِنْهُم قَالَ: بل خمسين مِنْكُم أَنْتُم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: ذكرت هَذِه الْآيَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَول الله عز وَجل ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم يجىء تَأْوِيلهَا لَا يَجِيء تَأْوِيلهَا حَتَّى يهْبط عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن عبد الله التَّيْمِيّ عَن أبي بكر الصّديق سَمِعت
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ: خطب أَبُو بكر النَّاس فَكَانَ فِي خطبَته قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَيهَا النَّاس لَا تتكلموا على هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ إِن الذاعر ليَكُون فِي الْحَيّ فَلَا يمنعوه فيعمهم الله بعقاب
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن
أَنه تَلا هَذِه الْآيَة ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ فَقَالَ: يالها من سَعَة مَا أوسعها ويالها ثِقَة مَا أوثقها
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عُثْمَان الشحام أبي سَلمَة قَالَ: حَدثنِي شيخ من أهل الْبَصْرَة وَكَانَ لَهُ فضل وَسن قَالَ: بَلغنِي أَن دَاوُد سَأَلَ ربه قَالَ: يَا رب كَيفَ لي أَن أَمْشِي لَك فِي الأَرْض واعمل لَك فِيهَا بنصح قَالَ ياداود تحب من أَحبَّنِي من أَحْمَر وأبيض وَلَا يزَال شفتاك رطبتين من ذكري واجتنب فرَاش المغيب
قَالَ: أَي رب فَكيف أَن تحبني أهل الدُّنْيَا الْبر والفاجر قَالَ: ياداود تصانع أهل الدُّنْيَا لدنياهم وتحب أهل الْآخِرَة لآخرتهم وتجتان إِلَيْك ذَنْبك بيني وَبَيْنك فَإنَّك إِذا فعلت ذَلِك فَلَا يَضرك من ضل إِذا اهتديت
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر
أَنه جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن نفر سِتَّة كلهم قَرَأَ الْقُرْآن وَكلهمْ مُجْتَهد لَا يألوهم فِي ذَلِك يشْهد بَعضهم على بعض بالشرك فَقَالَ: لَعَلَّك ترى أَنِّي آمُرك أَن تذْهب إِلَيْهِم تقَاتلهمْ عظهم وانههم فَإِن عصوك فَعَلَيْك نَفسك فَإِن الله تَعَالَى يَقُول ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ حَتَّى ختم الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن صَفْوَان بن مُحرز
أَنه أَتَاهُ رجل من أَصْحَاب الْأَهْوَاء فَذكر لَهُ بعض أمره فَقَالَ لَهُ صَفْوَان: أَلا أدلك على خَاصَّة الله الَّتِي خص الله بهَا أولياءه ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ يَقُول: إِذا مَا أَطَاعَنِي العَبْد فِيمَا أَمرته من الْحَلَال وَالْحرَام فَلَا يضرّهُ من ضل بعده إِذا عمل بِمَا أَمرته بِهِ
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق قَارب بَينهمَا عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ مالم يكن سيف أَو سَوط
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول
أَن رجلا سَأَلَهُ عَن قَول الله ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ الْآيَة
فَقَالَ: إِن تَأْوِيل هَذِه الْآيَة لم يَجِيء بعد إِذا هاب الْوَاعِظ وَأنكر الموعوظ فَعَلَيْك نَفسك لَا يَضرك حِينَئِذٍ من ضل إِذا اهتديت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر مولى غفرة قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة لِأَن الرجل كَانَ يسلم وَيكفر أَبوهُ وَيسلم الرجل وَيكفر أَخُوهُ فَلَمَّا دخل قُلُوبهم حلاوة الْإِيمَان دعوا آبَاءَهُم وإخوانهم فَقَالُوا: حَسبنَا مَا وجدنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا
فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: نزلت فِي أهل الْكتاب يَقُول ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل﴾ من أهل الْكتاب ﴿إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة فِي قَوْله ﴿عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قَالَ: إِذا أمرْتُم بِالْمَعْرُوفِ ونهيتم عَن الْمُنكر
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله ﴿لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قَالَ: إِذا أمرت بِالْمَعْرُوفِ ونهيت عَن الْمُنكر لَا يَضرك من ضل إِذا اهتديت
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن
أَنه تَلا هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم﴾ فَقَالَ: الْحَمد لله بهَا وَالْحَمْد لله عَلَيْهَا مَا كَانَ مُؤمن فِيمَا مضى وَلَا مُؤمن فِيمَا بَقِي إِلَّا وَإِلَى جَانِبه مُنَافِق يكره عمله
قَالُوا: وَمَا ذَاك يارسول الله قَالَ: إِذا ظهر الادهان فِي خياركم والفاحشة فِي كباركم وتحوّل الْملك فِي صغاركم وَالْفِقْه وَفِي لفظ: وَالْعلم فِي رذالكم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر أَو ليوشكن الله أَن يبْعَث عَلَيْكُم عقَابا مِنْهُ ثمَّ تَدعُونَهُ فَلَا يستجيب لكم
وَالله تَعَالَى أعلم
- أخرج التِّرْمِذِيّ وَضَعفه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو النَّعيم فِي الْمعرفَة من طَرِيق أبي النَّضر وَهُوَ الْكَلْبِيّ عَن باذان مولى أم هانىء عَن ابْن عَبَّاس عَن تَمِيم الدَّارِيّ فِي هَذِه الْآيَة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت﴾ قَالَ برىء النَّاس مِنْهَا غَيْرِي وَغير عدي بن بداء وَكَانَا نَصْرَانِيين يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّام قبل الْإِسْلَام فَأتيَا الشَّام لِتِجَارَتِهِمَا وَقدم
قَالَ تَمِيم: فَلَمَّا مَاتَ أَخذنَا ذَلِك الْجَام فَبِعْنَاهُ بِأَلف دِرْهَم ثمَّ اقتسمناه أَنا وعدي بن بداء فَلَمَّا قدمنَا إِلَى أَهله دفعنَا إِلَيْهِم ماكان مَعنا وَفقدُوا الْجَام فَسَأَلُونَا عَنهُ فَقُلْنَا: مَا ترك غير هَذَا وَمَا دفع إِلَيْنَا غَيره
قَالَ تَمِيم: فَلَمَّا أسلمت بعد قدوم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة تَأَثَّمت من ذَلِك فَأتيت أَهله فَأَخْبَرتهمْ الْخَبَر وَأديت إِلَيْهِم خَمْسمِائَة دِرْهَم وَأَخْبَرتهمْ أَن عِنْد صَاحِبي مثلهَا فَأتوا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُمْ الْبَيِّنَة فَلم يَجدوا فَأَمرهمْ أَن يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يعظم بِهِ على أهل دينه فَحلف الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم﴾ إِلَى قَوْله ﴿أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم﴾ فَقَامَ عَمْرو بن الْعَاصِ وَرجل آخر فَحَلفا فنزعت الْخَمْسمِائَةِ دِرْهَم من عدي بن بداء
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج رجل من بني سهم مَعَ تَمِيم الدَّارِيّ وعدي بن بداء فَمَاتَ السَّهْمِي بِأَرْض لَيْسَ فِيهَا مُسلم فأوصى إِلَيْهِمَا فَلَمَّا قدما بِتركَتِهِ فقدوا جَاما من فضَّة مخوصاً بِالذَّهَب فَأَحْلفهُمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّه: مَا كتمتماها وَلَا اطلعتما ثمَّ وجدوا الْجَام بِمَكَّة فَقيل: اشْتَرَيْنَاهُ من تَمِيم وعدي فَقَامَ رجلَانِ من أَوْلِيَاء السَّهْمِي فَحَلفا بِاللَّه لَشَهَادَتنَا أَحَق من شَهَادَتهمَا وَإِن الْجَام لصَاحِبِهِمْ وَأخذ الْجَام وَفِيه نزلت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ كَانَ تَمِيم الدَّارِيّ وعدي بن بداء رجلَيْنِ نَصْرَانِيين يتجران إِلَى مَكَّة فِي الْجَاهِلِيَّة ويطيلان الْإِقَامَة بهَا فَلَمَّا هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حوّل متجرهما إِلَى الْمَدِينَة فَخرج بديل بن أبي مَارِيَة مولى عَمْرو بن الْعَاصِ تَاجِرًا حَتَّى قدم الْمَدِينَة فَخَرجُوا جَمِيعًا تجارًا إِلَى الشَّام حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق اشْتَكَى بديل فَكتب وَصيته بِيَدِهِ ثمَّ دسها فِي مَتَاعه وَأوصى إِلَيْهِمَا فَلَمَّا مَاتَ فتحا مَتَاعه فأخذا مِنْهُ شَيْئا ثمَّ حجزاه كَمَا كَانَ وقدما الْمَدِينَة على أَهله فدفعا مَتَاعه فَفتح أَهله مَتَاعه فوجدوا كِتَابه وَعَهده وَمَا خرج بِهِ وَفقدُوا شَيْئا فسألوهما عَنهُ فَقَالُوا: هَذَا الَّذِي قبضنا لَهُ وَدُفِعَ إِلَيْنَا فَقَالُوا لَهما: هَذَا كِتَابه بِيَدِهِ قَالُوا:
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ ﴿شَهَادَة بَيْنكُم﴾ مُضَاف بِرَفْع شَهَادَة بِغَيْر نون وبخفض بَيْنكُم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس من طَرِيق عَليّ عَن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت حِين الْوَصِيَّة اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم﴾ هَذَا لمن مَاتَ وَعِنْده الْمُسلمُونَ أمره الله أَن يشْهد على وَصيته عَدْلَيْنِ من الْمُسلمين ثمَّ قَالَ ﴿أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ إِن أَنْتُم ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض﴾ فَهَذَا لمن مَاتَ وَلَيْسَ عِنْده أحد من الْمُسلمين أمره الله بِشَهَادَة رجلَيْنِ من غير الْمُسلمين فَإِن ارتيب بِشَهَادَتِهِمَا استحلفا بِاللَّه بعد الصَّلَاة: مَا اشترينا بشهادتنا ثمنا قَلِيلا فَإِن اطلع الْأَوْلِيَاء على أَن الْكَافرين كذبا فِي شَهَادَتهمَا قَامَ رجلَانِ من الْأَوْلِيَاء فَحَلفا بِاللَّه أَن شَهَادَة الْكَافرين بَاطِلَة فَذَلِك قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِن عثر على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا﴾ يَقُول: إِن اطلع على أَن الْكَافرين كذبا قَامَ الأوليان فَحَلفا أَنَّهُمَا كذبا ذَلِك أدنى أَن يَأْتِي الكافران بِالشَّهَادَةِ على وَجههَا أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم فَتتْرك شَهَادَة الْكَافرين وَيحكم بِشَهَادَة الأوليان فَلَيْسَ على شُهُود الْمُسلمين أَقسَام إِنَّمَا الْأَقْسَام إِذا كَانَا كَافِرين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله
وَفِي قَوْله ﴿فآخران يقومان مقامهما﴾ قَالَ: من أَوْلِيَاء الْمَيِّت فيحلفان ﴿بِاللَّه لَشَهَادَتنَا أَحَق من شَهَادَتهمَا﴾ يَقُول: فيحلفان بِاللَّه مَا كَانَ صاحبنا ليوصي بِهَذَا وإنهما لكاذبان
وَفِي قَوْله ﴿ذَلِك أدنى أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ على وَجههَا أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم﴾ يَعْنِي أَوْلِيَاء الْمَيِّت فيستحقون مَاله بأيمانهم ثمَّ يوضع مِيرَاثه كَمَا أَمر الله وَتبطل شَهَادَة الْكَافرين
وَهِي مَنْسُوخَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة ﴿اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم﴾ قَالَ: مَا من الْكتاب إِلَّا قد جَاءَ على شَيْء جَاءَ على إدلاله غير هَذِه الْآيَة وَلَئِن أَنا لم أخْبركُم بهَا لأَنا أَجْهَل من الَّذِي ترك الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة هَذَا رجل خرج مُسَافِرًا وَمَعَهُ مَال فأدركه قدره فَإِن وجد رجلَيْنِ من الْمُسلمين دفع إِلَيْهِمَا تركته وَأشْهد عَلَيْهِمَا عَدْلَيْنِ من الْمُسلمين فَإِن لم يجد عَدْلَيْنِ من الْمُسلمين فرجلين من أهل الْكتاب فَإِن أدّى فسبيل مَا أدّى وَإِن هُوَ جحد اسْتحْلف بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ دبر صَلَاة: أَن هَذَا الَّذِي وَقع إِلَيّ وَمَا غيبت شَيْئا فَإِذا حلف برىء فَإِذا أَتَى بعد ذَلِك صاحبا الْكتاب فشهدا عَلَيْهِ ثمَّ ادّعى الْقَوْم عَلَيْهِ من تسميتهم مَا لَهُم جعلت أَيْمَان الْوَرَثَة مَعَ شَهَادَتهم ثمَّ اقتطعوا حَقه فَذَلِك الَّذِي يَقُول الله ﴿ذَوا عدل مِنْكُم أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت﴾ قَالَ: أَن يَمُوت الْمُؤمن فيحضر مَوته مسلمان أَو كَافِرَانِ لَا يحضرهُ غير اثْنَيْنِ مِنْهُم فَإِن رَضِي ورثته بِمَا غابا عَنهُ من تركته فَذَلِك وَيحلف الشَّاهِدَانِ أَنَّهُمَا صادقان فَإِن عثر قَالَ: وجد لطخ أَو لبس أَو تَشْبِيه حلف الِاثْنَان الأوّلان من الْوَرَثَة فاستحقا وأبطلا أَيْمَان الشَّاهِدين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ﴾ قَالَ: من غير الْمُسلمين من أهل الْكتاب
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله ﴿اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم﴾ قَالَ: من أهل دينكُمْ ﴿أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ﴾ قَالَ: من أهل الْكتاب إِذا كَانَ بِبِلَاد لَا يجد غَيرهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن الشّعبِيّ
أَن رجلا من الْمُسلمين حَضرته الْوَفَاة بدقوقاء وَلم يجد أحدا من الْمُسلمين يشْهد على وَصيته فَأشْهد رجلَيْنِ من أهل الْكتاب فَقدما الْكُوفَة فَأتيَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَأَخْبَرَاهُ وقدما بِتركَتِهِ ووصيته فَقَالَ الْأَشْعَرِيّ: هَذَا أَمر لم يكن بعد الَّذِي كَانَ فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَأَحْلفهُمَا بعد الْعَصْر بِاللَّه مَا خَانا وَلَا كذبا وَلَا بدَّلا وَلَا كتما وَلَا غيرا وَإِنَّهَا وَصِيَّة الرجل وَتركته فَأمْضى شَهَادَتهمَا
وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله ﴿شَهَادَة بَيْنكُم﴾ الْآيَة
كلهَا قَالَ: كَانَ ذَلِك فِي رجل توفّي وَلَيْسَ عِنْده أحد من أهل الْإِسْلَام وَذَلِكَ فِي أول الْإِسْلَام وَالْأَرْض حَرْب وَالنَّاس كفار إِلَّا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ النَّاس يتوارثون بَينهم بِالْوَصِيَّةِ ثمَّ نسخت الْوَصِيَّة وفرضت الْفَرَائِض وَعمل الْمُسلمُونَ بهَا
وَأخرج ابْن جرير عَن الزبير قَالَ: مَضَت السّنة أَن لايجوز شَهَادَة كَافِر فِي حضر وَلَا سفر إِنَّمَا هِيَ فِي الْمُسلمين
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة
وَأخرج عبد بن حميد وأبوالشيخ عَن عِكْرِمَة ﴿أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ﴾ قَالَ: من الْمُسلمين من غير حيه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه ﴿اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم﴾ قَالَ: من قبيلتكم ﴿أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ﴾ قَالَ: من غير قبيلتكم أَلا ترى أَنه يَقُول ﴿تحبسونهما من بعد الصَّلَاة﴾ كلهم من الْمُسلمين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عقيل قَالَ: سَأَلت ابْن شهَاب عَن هَذِه الْآيَة قلت: أَرَأَيْت الِاثْنَيْنِ اللَّذين ذكر الله من غير أهل الْمَرْء الْمُوصي أَهما من الْمُسلمين أَو هما من أهل الْكتاب وَرَأَيْت الآخرين اللَّذين يقومان مقامهما أتراهما من أهل الْمَرْء الْمُوصي أم هما فِي غير الْمُسلمين قَالَ ابْن شهَاب: لم نسْمع فِي هَذِه اللآية عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا عَن أَئِمَّة الْعَامَّة سنة أذكرها وَقد كُنَّا نتذكرها أُنَاسًا من عُلَمَائِنَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عُبَيْدَة فِي قَوْله ﴿تحبسونهما من بعد الصَّلَاة﴾ قَالَ: صَلَاة الْعَصْر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿لَا نشتري بِهِ ثمنا﴾ قَالَ: لَا نَأْخُذ بِهِ رشوة ﴿وَلَا نكتم شَهَادَة الله﴾ وَإِن كَانَ صَاحبهَا بَعيدا
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ (وَلَا نكتم شَهَادَة) يَعْنِي بِقطع الْكَلَام منوّناً (الله) بِقطع الْألف وخفض اسْم الله على الْقسم
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَنه كَانَ يقْرؤهَا (وَلَا نكتم شَهَادَة الله) يَقُول هوالقسم
وَأخرج عَن عَاصِم (وَلَا نكتم شَهَادَة الله) مُضَاف بِنصب شَهَادَة ولاينون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَإِن عثر على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا﴾ أَي اطلع مِنْهُمَا على خِيَانَة على أَنَّهُمَا كذبا أَو كتما فَشهد رجلَانِ هما أعدل مِنْهُمَا بِخِلَاف مَا قَالَا أُجِيز شَهَادَة الآخرين وَبَطلَت شَهَادَة الْأَوَّلين
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَأَبُو عُبَيْدَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وأبوالشيخ عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه كَانَ يقْرَأ (من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الأوليان) بِفَتْح التَّاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن عدي عَن أبي مجلز أَن أبي بن كَعْب قَرَأَ ﴿من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الأوليان﴾ قَالَ عمر: كذبت
قَالَ: أَنْت أكذب
فَقَالَ الرجل: تكذب أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: أَنا أَشد تَعْظِيمًا لحق أَمِير الْمُؤمنِينَ مِنْك وَلَكِن كَذبته فِي تَصْدِيق كتاب الله وَلم أصدق أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي تَكْذِيب كتاب الله
فَقَالَ عمر: صدق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى ابْن يعمر أَنه قَرَأَهَا (الأوليان) وَقَالَ: هما الوليان
وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وأبوالشيخ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ (من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الْأَوَّلين) وَيَقُول: أَرَأَيْت لَو كَانَ الأوليان صغيرين كَيفَ يقومان مقامهما وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة أَنه كَانَ يقْرَأ الْأَوَّلين مُشَدّدَة على الْجِمَاع
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم (من الَّذين اسْتحق) بِرَفْع التَّاء وَكسر الْحَاء (عَلَيْهِم الْأَوَّلين) مُشَدّدَة على الْجِمَاع
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن يزِيد فِي قَوْله ﴿الأوليان﴾ قَالَ: الْمَيِّت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿ذَلِك أدنى أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ على وَجههَا﴾ يَقُول: ذَلِك أَحْرَى أَن يصدقُوا فِي شَهَادَتهم ﴿أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم﴾ يَقُول: وَأَن يخَافُوا الْعَنَت
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن يزِيد فِي قَوْله ﴿أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم﴾ قَالَ: فَتبْطل أَيْمَانهم وَتُؤْخَذ أَيْمَان هَؤُلَاءِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن مقَاتل فِي قَوْله ﴿وَاتَّقوا الله واسمعوا﴾ قَالَ: يَعْنِي الْقَضَاء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَالله لَا يهدي الْقَوْم الْفَاسِقين﴾ قَالَ: الْكَاذِبين الَّذين يحلفُونَ على الْكَذِب
وَالله تَعَالَى أعلم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وأبو عبيدة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب أنه كان يقرأ ﴿ من الذين استحق عليهم الأوليان ﴾ بفتح التاء.
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ﴿ من الذين استحق عليهم الأوليان ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن عدي عن أبي مجلز أن أبي بن كعب قرأ ﴿ من الذين استحق عليهم الأوليان ﴾ قال عمر : كذبت. قال : أنت أكذب. فقال الرجل : تكذب أمير المؤمنين ! قال : أنا أشد تعظيماً لحق أمير المؤمنين منك، ولكن كذبته في تصديق كتاب الله ولم أصدق أمير المؤمنين في تكذيب كتاب الله. فقال عمر : صدق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى ابن يعمر أنه قرأها ﴿ الأوليان ﴾ وقال : هما الوليان.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس أنه كان يقرأ « من الذين استحق عليهم الأولين » ويقول : أرأيت لو كان الأوليان صغيرين كيف يقومان مقامهما ؟
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية أنه كان يقرأ الأوّلين مشدّدة على الجماع.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم ﴿ من الذين استحق ﴾ برفع التاء وكسر الحاء « عليهم الأولين » مشددة على الجماع.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ﴿ الأوليان ﴾ قال : الميت.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ﴿ أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ﴾ فتبطل أيمانهم وتؤخذ أيمان هؤلاء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل في قوله ﴿ واتقوا الله واسمعوا ﴾ قال : يعني القضاء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ والله لا يهدي القوم الفاسقين ﴾ قال : الكاذبين الذين يحلفون على الكذب. والله تعالى أعلم.
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا﴾ قَالَ: ذَلِك أَنهم نزلُوا منزلا ذهلت فِيهِ الْعُقُول فَلَمَّا سئلوا قَالُوا: لَا علم لنا ثمَّ نزلُوا منزلا آخر فَشَهِدُوا على قَومهمْ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم﴾ فَيَقُولُونَ للرب تبَارك وَتَعَالَى: لَا علم لنا إِلَّا علم أَنْت أعلم بِهِ منا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا﴾ قَالَ: فرقا تذهل عُقُولهمْ ثمَّ يرد الله عُقُولهمْ إِلَيْهِم فيكونون هم الَّذين يسْأَلُون يَقُول الله ﴿فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم ولنسألن الْمُرْسلين﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ٦
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا﴾ قَالَ: من هول ذَلِك الْيَوْم
وَأخرج أبوالشيخ عَن زيد بن أسلم قَالَ: يَأْتِي على الْخلق سَاعَة يذهل فِيهَا عقل كل ذِي عقل ﴿يَوْم يجمع الله الرُّسُل﴾
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: جَاءَ نَافِع بن الْأَزْرَق إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتفسرن لي آياً من كتاب الله عز وَجل أَو لأكفرن بِهِ
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَيحك
أَنا لَهَا الْيَوْم أَي آي قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ ﴿يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا﴾ وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى ﴿وَنَزَعْنَا من كل أمة شَهِيدا فَقُلْنَا هاتوا برهانكم فَعَلمُوا أَن الْحق لله﴾ الْقَصَص الْآيَة ٧٥ فَكيف علمُوا وَقد قَالُوا لَا علم لنا وَأَخْبرنِي عَن قَول الله ﴿ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون﴾ الزمر الْآيَة ٣١ وَقَالَ فِي آيَة آخرى ﴿لَا تختصموا لدي﴾ ق الْآيَة ٣٨ فَكيف يختصمون وَقد
حَتَّى إِذا كَانَت من الْموقف على مسيرَة مائَة عَام وَهُوَ قَول الله تَعَالَى ﴿إِذا رأتهم من مَكَان بعيد﴾ الْفرْقَان الْآيَة ١٢ زفرت زفرَة فَلَا يبْقى ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَلَا صديق منتخب وَلَا شَهِيد مِمَّا هُنَالك الآخر جاثياً على رُكْبَتَيْهِ ثمَّ تزفر الثَّانِيَة زفرَة فَلَا يبْقى قَطْرَة من الدُّمُوع إِلَّا بدرت فَلَو كَانَ لكل آدَمِيّ يَوْمئِذٍ عمل اثْنَيْنِ وَسبعين نَبيا لظن أَنه سيواقعها ثمَّ تزفر الثَّالِثَة زفرَة فتنقطع الْقُلُوب من أماكنها فَتَصِير بَين اللهوات والحناجر ويعلو سَواد الْعُيُون بياضها يُنَادي كل آدَمِيّ يَوْمئِذٍ: يَا ربّ نَفسِي نَفسِي لَا أَسأَلك غَيرهَا ونبيكم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَا رب أمتِي أمتِي لَا همة لَهُ غَيْركُمْ فَعِنْدَ ذَلِك يدعى بالأنبياء وَالرسل فَيُقَال لَهُم ﴿مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا﴾ طاشت الأحلام وذهلت الْعُقُول فَإِذا رجعت الْقُلُوب إِلَى أماكنها ﴿وَنَزَعْنَا من كل أمة شَهِيدا فَقُلْنَا هاتوا برهانكم فَعَلمُوا أَن الْحق لله﴾ الْقَصَص الْآيَة ٧٥ وَأما قَوْله تَعَالَى ﴿ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون﴾ الزمر الْآيَة ٣١ فَيُؤْخَذ
وَأما قَوْله ﴿الْيَوْم نختم على أَفْوَاههم وتكلمنا أَيْديهم وَتشهد أَرجُلهم﴾ يس الْآيَة ٦٥ فَهَذَا يَوْم الْقِيَامَة حَيْثُ يرى الْكفَّار مَا يُعْطي الله أهل التَّوْحِيد من الْفَضَائِل وَالْخَيْر
يَقُولُونَ: تَعَالَوْا حَتَّى نحلف بِاللَّه مَا كُنَّا مُشْرِكين فتتكلم الْأَيْدِي بِخِلَاف مَا قَالَت الألسن: وَتشهد الأرجل تَصْدِيقًا للأيدي ثمَّ يَأْذَن الله للأفواه فَتَنْطِق ﴿وَقَالُوا لجلودهم لم شهدتم علينا قَالُوا أنطقنا الله الَّذِي أنطق كل شَيْء﴾ فصلت الْآيَة ٢١
- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دعِي بالأنبياء وأممها ثمَّ يدعى بِعِيسَى فيذكره الله نعْمَته عَلَيْهِ فيقربها يَقُول ﴿يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم اذكر نعمتي عَلَيْك وعَلى والدتك﴾ الْآيَة
ثمَّ يَقُول ﴿أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ١١٦ فينكر أَن يكون قَالَ ذَلِك فيؤتي بالنصارى فَيسْأَلُونَ فَيَقُولُونَ: نعم هُوَ
فَيطول شعر عِيسَى حَتَّى يَأْخُذ كل ملك من الْمَلَائِكَة بشعرة من شعر رَأسه وَجَسَده فيجاثيهم بَين يَدي الله مِقْدَار ألف عَام حَتَّى يُوقع عَلَيْهِم الْحجَّة وَيرْفَع لَهُم الصَّلِيب وينطلق بهم إِلَى النَّار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي بكر بن عَيَّاش عَن ابْن وهب عَن أَبِيه قَالَ: قدم رجل من أهل الْكتاب الْيمن فَقَالَ أبي: ائته واسمع مِنْهُ
فَقلت: تحيلني على رجل نَصْرَانِيّ قَالَ: نعم
ائته واسمع مِنْهُ
فَأَتَيْته فَقَالَ: لما رفع الله عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَقَامَهُ بَين يَدي جِبْرِيل وَمِيكَائِيل فَقَالَ لَهُ ﴿اذكر نعمتي عَلَيْك وعَلى والدتك﴾ فعلت بك وَفعلت بك ثمَّ أخرجتك من بطن أمك فَفعلت بك وَفعلت بك سَتَكُون أمة بعْدك ينتجلونك وينتجلون ربوبيتك وَيشْهدُونَ أَنَّك قدمت وَكَيف يكون رب يَمُوت فبعزتي حَلَفت لأناصبنهم الْحساب يَوْم الْقِيَامَة ولأقيمنهم مقَام الْخصم من الْخصم حَتَّى ينفذوا مَا قَالُوا وَلنْ ينفذوه أبدا ثمَّ أسلم وَجَاء من الْأَحَادِيث بِشَيْء لم أسمع مثلهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذ كَفَفْت بني إِسْرَائِيل عَنْك إِذْ جئتهم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ أَي الْآيَات الَّتِي وضع على يَدَيْهِ من احياء الْمَوْتَى وخلقه من الطين كَهَيئَةِ الطير
ثمَّ ينْفخ فِيهِ فَيكون طيراً بِإِذن الله وإبراء الأسقام وَالْخَبَر بِكَثِير من الغيوب مِمَّا يدخرون فِي بُيُوتهم وَمَا رد عَلَيْهِم من التَّوْرَاة مَعَ الإِنجيل الَّذِي أحدث الله إِلَيْهِ ثمَّ ذكر كفرهم بذلك كُله
- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَإِذ أوحيت إِلَى الحواريين﴾ يَقُول: قذفت فِي قُلُوبهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿وَإِذ أوحيت إِلَى الحواريين﴾ قَالَ: وَحي قذف فِي قُلُوبهم لَيْسَ بِوَحْي نبوّة وَالْوَحي وحيان: وَحي تَجِيء بِهِ الْمَلَائِكَة ووحي يقذف فِي قلب العَبْد
- أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ الحواريون أعلم بِاللَّه من أَن يَقُولُوا هَل يَسْتَطِيع رَبك إِنَّمَا قَالُوا: هَل تَسْتَطِيع أَنْت رَبك هَل تَسْتَطِيع أَن تَدعُوهُ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ: سَأَلت معَاذ بن جبل عَن قَول الحواريين ﴿هَل يَسْتَطِيع رَبك﴾ أَو تَسْتَطِيع رَبك فَقَالَ أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (هَل تَسْتَطِيع رَبك) بِالتَّاءِ
وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وأبوالشيخ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا (هَل تَسْتَطِيع رَبك) بِالتَّاءِ وَنصب رَبك
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَهَا (هَل تَسْتَطِيع رَبك) قَالَ: هَل تَسْتَطِيع أَن تسْأَل رَبك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَامر الشّعبِيّ أَن عليا كَانَ يَقْرَأها (هَل يَسْتَطِيع رَبك) قَالَ: هَل يعطيك رَبك
وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن وثاب وَأبي رَجَاء أَنَّهُمَا قرآ (هَل يَسْتَطِيع رَبك) بِالْيَاءِ وَالرَّفْع
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿هَل يَسْتَطِيع رَبك أَن ينزل علينا مائدة من السَّمَاء﴾ قَالَ: قَالُوا: هَل يطيعك رَبك إِن سَأَلته فَأنْزل الله عَلَيْهِم مائدة من السَّمَاء فِيهَا جَمِيع الطَّعَام إِلَّا اللَّحْم فَأَكَلُوا مِنْهَا
وَفِي قَوْله ﴿وتطمئن﴾ قَالَ: توقن
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا﴾ يَقُول: نتَّخذ الْيَوْم الَّذِي نزلت فِيهِ عيداً نعظمه نَحن وَمن بَعدنَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا﴾ قَالَ: أَرَادوا أَن تكون لعقبهم من بعدهمْ
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ فِي العظمة وَأَبُو بكر الشَّافِعِي فِي فَوَائده الْمَعْرُوفَة بالغيلانيات عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: لما سَأَلَ الحواريون عِيسَى بن مَرْيَم الْمَائِدَة كره ذَلِك جدا وَقَالَ: اقنعوا بِمَا رزقكم الله فِي الأَرْض وَلَا تسألوا الْمَائِدَة من السَّمَاء فَإِنَّهَا إِن نزلت عَلَيْكُم كَانَت آيَة من ربكُم وَإِنَّمَا هَلَكت ثَمُود حِين سَأَلُوا نَبِيّهم آيَة فابتلوا بهَا حَتَّى كَانَ بوارهم فِيهَا فَأَبَوا إِلَّا أَن يَأْتِيهم بهَا فَلذَلِك ﴿قَالُوا نُرِيد أَن نَأْكُل مِنْهَا وتطمئن قُلُوبنَا ونعلم أَن قد صدقتنا ونكون عَلَيْهَا من الشَّاهِدين﴾
فَلَمَّا رأى عِيسَى أَن قد أَبَوا إِلَّا أَن يدعوا لَهُم بهَا قَامَ فَألْقى عَنهُ الصُّوف وَلبس الشّعْر الْأسود وجبة من شعر وعباءة من شعر ثمَّ تَوَضَّأ واغتسل وَدخل مُصَلَّاهُ فصلى مَا شَاءَ الله فَلَمَّا قضى صلَاته قَامَ قَائِما مُسْتَقْبل الْقبْلَة وصف قَدَمَيْهِ حَتَّى اسْتَويَا فألصق الكعب بالكعب وحاذي الْأَصَابِع بالأصابع وَوضع يَده الْيُمْنَى على الْيُسْرَى فَوق صَدره وغض بَصَره وطأطأ رَأسه خشوعاً ثمَّ أرسل عَيْنَيْهِ بالبكاء فَمَا زَالَت دُمُوعه تسيل على خديه وتقطر من أَطْرَاف لحيته حَتَّى ابتلت الأَرْض حِيَال وَجهه من خشوعه فَلَمَّا رأى ذَلِك دَعَا الله فَقَالَ ﴿اللَّهُمَّ رَبنَا أنزل علينا مائدة من السَّمَاء تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا﴾ تكون عظة مِنْك لنا ﴿وَآيَة مِنْك﴾ أَي عَلامَة مِنْك تكون بَيْننَا وَبَيْنك وارزقنا عَلَيْهَا طَعَاما نأكله ﴿وَأَنت خير الرازقين﴾
فَأنْزل الله عَلَيْهِم سفرة حَمْرَاء بَين غمامتين غمامة فَوْقهَا وغمامة تحتهَا وهم ينظرُونَ إِلَيْهَا فِي الْهَوَاء منقضة من فلك السَّمَاء تهوي إِلَيْهِم وَعِيسَى يبكي خوفًا
وَأَقْبَلت الْيَهُود ينظرُونَ فَرَأَوْا أمرا عجبا أورثهم كمداً وغماً ثمَّ انصرفوا بغيظ شَدِيد وَأَقْبل عِيسَى والحواريون وَأَصْحَابه حَتَّى جَلَسُوا حول السفرة فَإِذا عَلَيْهِ منديل مغطى قَالَ عِيسَى: من أجرؤنا على كشف المنديل عَن هَذِه السفرة وأوثقنا بِنَفسِهِ وأحسننا بلَاء عِنْد ربه فليكشف عَن هَذِه الْآيَة حَتَّى نرَاهَا وَنَحْمَد رَبنَا وَنَذْكُر باسمه وَنَأْكُل من رزقه الَّذِي رزقنا فَقَالَ الحواريون: يَا روح الله وكلمته أَنْت أولانا بذلك وأحقنا بالكشف عَنْهَا
فَقَامَ عِيسَى: فاستأنف وضُوءًا جَدِيدا ثمَّ دخل مُصَلَّاهُ فصلى بذلك رَكْعَات ثمَّ بَكَى طَويلا ودعا الله أَن يَأْذَن لَهُ فِي الْكَشْف عَنْهَا وَيجْعَل لَهُ ولقومه فِيهَا بركَة وَرِزْقًا ثمَّ انْصَرف وَجلسَ إِلَى السفرة وَتَنَاول المنديل وَقَالَ: بِسم الله خير الرازقين وكشف عَن السفرة وَإِذا هُوَ عَلَيْهَا سَمَكَة ضخمة مشوية لَيْسَ عَلَيْهَا بواسير وَلَيْسَ فِي جوفها سوك يسيل مِنْهَا السّمن سيلاً قد نضد حولهَا بقول من كل صنف غير الكراث وَعند رَأسهَا خل وَعند ذنبها ملح وحول الْبُقُول خَمْسَة أرغفة على وَاحِد مِنْهَا زيتون وعَلى الآخر تمرات وعَلى الآخر خمس رمانات فَقَالَ شَمْعُون رَأس الحواريين لعيسى: يَا روح الله وكلمته أَمن طَعَام الدُّنْيَا هَذَا أم من طَعَام الْجنَّة فَقَالَ: أما آن لكم أَن تعتبروا بِمَا ترَوْنَ من الْآيَات وَتَنْتَهُوا عَن تنقير الْمسَائِل مَا أخوفني عَلَيْكُم أَن تعاقبوا فِي سَبَب هَذِه الْآيَة
فَقَالَ شَمْعُون: لَا وإله إِسْرَائِيل مَا أردْت بهَا سوءا يَا ابْن الصديقة
فَقَالَ عِيسَى: لَيْسَ شَيْء مِمَّا ترَوْنَ عَلَيْهَا من طَعَام الْجنَّة وَلَا من طَعَام الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ شَيْء ابتدعه الله فِي الْهَوَاء بِالْقُدْرَةِ الْغَالِبَة
فَقَالَ يَا روح الله وكلمته إِنَّا نحب أَن ترينا آيَة فِي هَذِه الْآيَة
فَقَالَ عِيسَى: سُبْحَانَ الله
أما اكتفيتم بِمَا رَأَيْتُمْ من هَذِه الْآيَة حَتَّى تسألوا فِيهَا آيَة أُخْرَى ثمَّ أقبل عِيسَى على السَّمَكَة فَقَالَ: يَا سَمَكَة عودي بِإِذن الله حَيَّة كَمَا كنت فأحياها الله بقدرته فاضطربت وعادت بِإِذن الله حَيَّة طرية تلمظ كَمَا يتلمظ الْأسد تَدور عَيناهَا لَهَا بصيص وعادت عَلَيْهَا بواسيرها فَفَزعَ الْقَوْم مِنْهَا وانحاسوا فَلَمَّا رأى عِيسَى ذَلِك مِنْهُم قَالَ: مَا لكم تسْأَلُون الْآيَة فَإِذا أراكموها ربكُم كرهتموها مَا أخوفني عَلَيْكُم أَن تعاقبوا بِمَا تَصْنَعُونَ يَا سَمَكَة عودي بِإِذن الله كَمَا كنت فَعَادَت بِإِذن الله مشوية كَمَا كَانَت فِي خلقهَا الأول
فَقَالُوا لعيسى: كن أَنْت يَا روح الله الَّذِي تبدأ بِالْأَكْلِ مِنْهَا ثمَّ نَحن بعد
فَقَالَ: معَاذ الله من ذَلِك يبْدَأ بِالْأَكْلِ كل من طلبَهَا
فَلَمَّا رأى الحواريون وأصحابهم امْتنَاع نَبِيّهم مِنْهَا خَافُوا أَن يكون نُزُولهَا سخطَة وَفِي أكلهَا مثلَة فتحاموها فَلَمَّا رأى ذَلِك عِيسَى دَعَا لَهَا الْفُقَرَاء والزمنى وَقَالَ: كلوا من رزق ربكُم ودعوة نَبِيكُم واحمدوا الله الَّذِي أنزلهَا لكم يكون مهناها لكم وعقوبتها على غَيْركُمْ وافتتحوا أكلكم بِسم الله واختتموه بِحَمْد الله فَفَعَلُوا فَأكل مِنْهَا ألف وثلثمائة إِنْسَان بَين رجل وَامْرَأَة يصدرون عَنْهَا كل وَاحِد مِنْهُم شبعان يتجشأ
وَنظر عِيسَى والحواريون فَإِذا مَا عَلَيْهَا كَهَيئَةِ إِذْ نزلت من السَّمَاء لم ينتقص مِنْهُ شَيْء ثمَّ إِنَّهَا رفعت إِلَى السَّمَاء وهم ينظرُونَ فاستغنى كل فَقير أكل مِنْهَا وبريء كل زمن مِنْهُم أكل مِنْهَا فَلم يزَالُوا أَغْنِيَاء صحاحاً حَتَّى خَرجُوا من الدُّنْيَا وَنَدم الحواريون وأصحابهم الَّذين أَبُو أَن يَأْكُلُوا مِنْهَا ندامة سَأَلت مِنْهَا أشفارهم وَبقيت حسرتها فِي قُلُوبهم إِلَى يَوْم الْمَمَات
قَالَ: فَكَانَت الْمَائِدَة إِذا نزلت بعد ذَلِك أَقبلت بَنو إِسْرَائِيل إِلَيْهَا من كل مَكَان يسعون يزاحم بَعضهم بَعْضًا الْأَغْنِيَاء والفقراء وَالنِّسَاء وَالصغَار والكبار والأصحاء والمرضى يركب بَعضهم بَعْضًا فَلَمَّا رأى عِيسَى ذَلِك جعلهَا نوباً بَينهم فَكَانَت تنزل يَوْمًا وَلَا تنزل يَوْمًا فلبثوا فِي ذَلِك أَرْبَعِينَ يَوْمًا تنزل عَلَيْهِم غبا عِنْد ارْتِفَاع الضُّحَى فَلَا تزَال مَوْضُوعَة يُؤْكَل مِنْهَا حَتَّى إِذا قَالُوا ارْتَفَعت عَنْهُم بِإِذن الله إِلَى جو السَّمَاء وهم ينظرُونَ إِلَى ظلها فِي الأَرْض حَتَّى توارى عَنْهُم
قَالَ عِيسَى: كَذبْتُمْ وإله الْمَسِيح طلبتم الْمَائِدَة إِلَى نَبِيكُم أَن يطْلبهَا لكم إِلَى ربكُم فَلَمَّا أَن فعل وأنزلها الله عَلَيْكُم رَحْمَة وَرِزْقًا وأراكم فِيهَا الْآيَات والعبر كَذبْتُمْ بهَا وشككتم فِيهَا فأبشروا بِالْعَذَابِ فَإِنَّهُ نَازل بكم إِلَّا أَن يَرْحَمكُمْ الله وَأوحى الله إِلَى عِيسَى إِنِّي آخذ المكذبين بشرطي فَإِنِّي معذب مِنْهُم من كفر بالمائدة بعد نُزُولهَا عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين فَلَمَّا أَمْسَى المرتابون بهَا وَأخذُوا مضاجعهم فِي أحسن صُورَة من نِسَائِهِم آمِنين فَلَمَّا كَانَ من آخر اللَّيْل مسخهم الله خنازير وَأَصْبحُوا يتتبعون الأقذار فِي الكناسات
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن ابْن عَبَّاس
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن ابْن عَبَّاس
أَنه كَانَ يحدث عَن عِيسَى بن مَرْيَم أَنه قَالَ لبني إِسْرَائِيل: هَل لكم أَن تَصُومُوا لله ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ تسألوه فيعطيكم مَا سَأَلْتُم فَإِن أجر الْعَامِل على من عمل لَهُ فَفَعَلُوا ثمَّ قَالُوا: يَا معلم الْخَيْر قلت لنا إِن أجر الْعَامِل على من عمل لَهُ وأمرتنا أَن نَصُوم ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَفَعَلْنَا وَلم نَكُنْ نعمل لأحد ثَلَاثِينَ يَوْمًا إِلَّا أطعمنَا ﴿هَل يَسْتَطِيع رَبك أَن ينزل علينا مائدة من السَّمَاء﴾ إِلَى قَوْله ﴿أحدا من الْعَالمين﴾ فَأَقْبَلت الْمَلَائِكَة تطير بمائدة من السَّمَاء عَلَيْهَا سَبْعَة أحوات وَسَبْعَة أرغفة حَتَّى وَضَعتهَا بَين أَيْديهم فَأكل مِنْهَا آخر النَّاس كَمَا أكل مِنْهَا أَوَّلهمْ
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وأبوالشيخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمار بن يَاسر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزلت الْمَائِدَة من السَّمَاء خبْزًا وَلَحْمًا وَأمرُوا أَن لَا يخونوا وَلَا يدخروا لغد فخانوا وَادخرُوا وَرفعُوا لغد فمسخوا قردة وَخَنَازِير
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن عمار بن يَاسر مَوْقُوفا مثله
قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَالْوَقْف أصح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمَائِدَة سَمَكَة وأريغفة
وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عِكْرِمَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْلَا بَنو إِسْرَائِيل مَا خنز الْخبز وَلَا أنتن اللَّحْم وَلَكِن خَبَّأوه لغد فأُنتن اللَّحْم وخنز الْخبز
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ فِي قَوْله ﴿أنزل علينا مائدة من السَّمَاء﴾ قَالَ: خبْزًا وسمكاً
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: نزلت الْمَائِدَة وَهِي طَعَام يفور فَكَانُوا يَأْكُلُون مِنْهَا قعُودا فأحدثوا فَرفعت شَيْئا فَأَكَلُوا على الركب ثمَّ أَحْدَثُوا فَرفعت الْبَتَّةَ
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كَانَت مائدة يجلس عَلَيْهَا أَرْبَعَة آلَاف فَقَالُوا لقوم من وضعائهم: إِن هَؤُلَاءِ يلطخون ثيابنا علينا فَلَو بنينَا لَهَا دكاناً يرفعها فبنوا لَهَا دكاناً فَجعلت الضُّعَفَاء لَا تصل إِلَى شَيْء فَلَمَّا خالفوا أَمر الله عز وَجل رَفعهَا عَنْهُم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ: الْمَائِدَة سَمَكَة فِيهَا من طعم كل طَعَام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة
أَن الْخبز الَّذِي أنزل مَعَ الْمَائِدَة كَانَ من أرز
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزل على عِيسَى ابْن مَرْيَم والحواريين خوان عَلَيْهِ خبز وسمك يَأْكُلُون مِنْهُ أَيْنَمَا توَلّوا إِذا شاؤوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْمَائِدَة قَالَ: كَانَ طَعَاما ينزل عَلَيْهِم من السَّمَاء حَيْثُمَا نزلُوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: هُوَ الطَّعَام ينزل عَلَيْهِم حَيْثُ نزلُوا
وَأخرج ابْن جرير عَن إِسْحَق بن عبد الله
أَن الْمَائِدَة نزلت على عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهَا سَبْعَة أرغفة وَسَبْعَة أحوات يَأْكُلُون مِنْهَا مَا شاؤوا فَسرق بَعضهم مِنْهَا وَقَالَ: لَعَلَّهَا لَا تنزل غَدا فَرفعت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أنزل على الْمَائِدَة كل شَيْء إِلَّا اللَّحْم
والمائدة الخوان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ميسرَة وزاذان قَالَا: كَانَت الْمَائِدَة إِذا وضعت لبني إِسْرَائِيل اخْتلفت الْأَيْدِي فِيهَا بِكُل طَعَام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن الْمَائِدَة الَّتِي أنزلهَا الله من السَّمَاء على بني إِسْرَائِيل قَالَ: كَانَ ينزل عَلَيْهِم فِي كل يَوْم فِي تِلْكَ الْمَائِدَة من ثمار الْجنَّة فَأَكَلُوا مَا شاؤوا من ضروب شَتَّى فَكَانَت يقْعد عَلَيْهَا أَرْبَعَة آلَاف فَإِذا أكلُوا أبدل الله مَكَان ذَلِك بِمثلِهِ فلبثوا بذلك مَا شَاءَ الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿أنزل علينا مائدة من السَّمَاء﴾ قَالَ: هُوَ مثل ضرب وَلم ينزل عَلَيْهِم شَيْء
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مائدة عَلَيْهَا طَعَام أَبوهَا حِين عرض عَلَيْهِم الْعَذَاب إِن كفرُوا فَأَبَوا أَن ينزل عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن الْحسن قَالَ: لما قيل لَهُم ﴿فَمن يكفر بعد مِنْكُم فَإِنِّي أعذبه عذَابا﴾ قَالُوا: لَا حَاجَة لنا فِيهَا فَلم تنزل عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَإِنِّي أعذبه عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين﴾ قَالَ: ذكر لنا أَنهم لما صَنَعُوا فِي الْمَائِدَة مَا صَنَعُوا حوِّلوا خنازير
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿فَمن يكفر بعد مِنْكُم﴾ بعد مَا جَاءَتْهُ الْمَائِدَة ﴿فَإِنِّي أعذبه عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين﴾ يَقُول: أعذبه بِعَذَاب لَا أعذبه أحدا غير أهل الْمَائِدَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة من كفر من أَصْحَاب الْمَائِدَة والمنافقون وَآل فِرْعَوْن
- الْآيَة (١١٦ - ١١٧)
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ﴿ تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا ﴾ قال : أرادوا أن تكون لعقبهم من بعدهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين ﴾ قال : ذكر لنا أنهم لما صنعوا في المائدة ما صنعوا حوِّلوا خنازير.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ فمن يكفر بعد منكم ﴾ بعد ما جاءته المائدة ﴿ فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين ﴾ يقول : أعذبه بعذاب لا أعذبه أحداً غير أهل المائدة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمرو قال : إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة من كفر من أصحاب المائدة والمنافقون وآل فرعون.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ إني منزلها ﴾ مثقلة.
الْآيَة كلهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ميسرَة قَالَ: لما ﴿قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله﴾ أرعد كل مفصل مِنْهُ حَتَّى وَقع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن بن صَالح قَالَ: لما قَالَ ﴿أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله﴾ زَالَ كل مفصل لَهُ من مَكَانَهُ خيفة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله﴾ مَتى يكون ذَلِك قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة أَلا ترى أَنه يَقُول ﴿هَذَا يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ١١٩
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله﴾ قَالَ: لما رفع الله عِيسَى بن مَرْيَم إِلَيْهِ قَالَت النَّصَارَى مَا قَالَت وَزَعَمُوا أَن عِيسَى أَمرهم بذلك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: احْتج عِيسَى وربه وَالله وَفقه ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يكون لي أَن أَقُول مَا لَيْسَ لي بِحَق﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق طَاوس عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن عِيسَى حاجه ربه فحاج عِيسَى ربه وَالله لقاه حجَّته بقوله ﴿أَأَنْت قلت للنَّاس﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن مردوية عَن جَابر بن عبد الله سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمعت الْأُمَم ودعي كل أنَاس بإمامهم قَالَ: ويدعى عِيسَى فَيَقُول لعيسى ﴿يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله﴾ فَيَقُول ﴿سُبْحَانَكَ مَا يكون لي أَن أَقُول مَا لَيْسَ لي بِحَق﴾ إِلَى قَوْله ﴿يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج ﴿وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله﴾ وَالنَّاس يسمعُونَ فَرَاجعه بِمَا قد رَأَيْت فَأقر لَهُ بالعبودية على نَفسه فَعلم من كَانَ يَقُول فِي عِيسَى مَا كَانَ يَقُول أَنه إِنَّمَا كَانَ يَقُول بَاطِلا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَن اعبدوا الله رَبِّي وربكم﴾ قَالَ: سَيِّدي وسيدكم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنَّكُم مَحْشُورُونَ إِلَى الله حُفَاة عُرَاة غرلًا ثمَّ قَرَأَ ﴿كَمَا بدأنا أوّل خلق نعيده وَعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعلين﴾ الْأَنْبِيَاء الْآيَة ١٠٤ ثمَّ قَالَ: أَلا وَإِن أول الْخَلَائق يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم أَلا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم﴾ قَالَ: الحفيظ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿كنت أَنْت الرَّقِيب﴾ قَالَ: الحفيظ
- الْآيَة (١١٨)
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال « يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلاً، ثم قرأ ﴿ كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين ﴾ [ الأنبياء : ١٠٤ ] ثم قال : ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول : يا رب أصحابي أصحابي، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح ﴿ وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ﴾ فيقال : أما هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم مذ فارقتهم ».
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ كنت أنت الرقيب عليهم ﴾ قال : الحفيظ.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ كنت أنت الرقيب ﴾ قال : الحفيظ.
فَلَمَّا أصبح قلت: يَا رَسُول الله مَا زلت تقْرَأ هَذِه الْآيَة حَتَّى أَصبَحت قَالَ: إِنِّي سَأَلت رَبِّي الشَّفَاعَة لأمتي فَأَعْطَانِيهَا وَهِي ائلة إِن شَاءَ الله من لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا
وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي ذَر قَالَ قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِآيَة حَتَّى أصبح يُرَدِّدهَا ﴿إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وان تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم﴾
وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي حسن الظَّن وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا قَول الله فِي إِبْرَاهِيم ﴿رب إنَّهُنَّ أضللن كثيرا من النَّاس فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني﴾ إِبْرَاهِيم الْآيَة ٣٦ الْآيَة
وَقَالَ عِيسَى بن مَرْيَم ﴿إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وان تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ فَرفع يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أمتِي أمتِي وَبكى
فَقَالَ الله: جِبْرِيل اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد فَقل إِنَّا سنرضيك فِي أمتك وَلَا نسوءك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ بَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة يشفع لأمته
كَانَ بهَا يسْجد وَبهَا يرْكَع وَبهَا يقوم وَبهَا يقْعد حَتَّى أصبح
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله قُمْت اللَّيْلَة بِآيَة من الْقُرْآن ومعك قُرْآن لَو فعل هَذَا بَعْضنَا لوجدنا عَلَيْهِ قَالَ: دَعَوْت لأمتي
قَالَ: فَمَاذَا أجبْت قَالَ: أجبْت بِالَّذِي لَو اطَّلع كثير مِنْهُم عَلَيْهِ تركُوا الصَّلَاة
قَالَ: أَفلا أبشر النَّاس قَالَ: بلَى
فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله إِنَّك إِن تبْعَث إِلَى النَّاس بِهَذَا نكلوا عَن الْعِبَادَة فناداه أَن ارْجع فَرجع وتلا الْآيَة الَّتِي يتلوها ﴿إِن تعذِّبهم فَإِنَّهُم عِبَادك وان تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك﴾ يَقُول: عبيدك قد استوجبوا الْعَذَاب بمقالتهم ﴿وَإِن تغْفر لَهُم﴾ أَي من تركت مِنْهُم وَمد فِي عمره حَتَّى أهبط من السَّمَاء إِلَى الأَرْض يقتل الدَّجَّال فنزلوا عَن مقالتهم ووحدوك وأقروا إِنَّا عبيد ﴿وَإِن تغْفر لَهُم﴾ حَيْثُ رجعُوا عَن مقالتهم ﴿فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك﴾ يَقُول: إِن تُعَذبهُمْ تميتهم بنصرانيتهم فيحق عَلَيْهِم الْعَذَاب فَإِنَّهُم عِبَادك ﴿وان تغْفر لَهُم﴾ فتخرجهم من النَّصْرَانِيَّة وتهديهم إِلَى الْإِسْلَام ﴿فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ هَذَا قَول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي الدُّنْيَا
- الْآيَة (١١٩ - ١٢٠)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿قَالَ الله هَذَا يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم﴾ قَالَ: هَذَا فصل بَين كَلَام عِيسَى وَهَذَا يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: متكلمان تكلما يَوْم الْقِيَامَة
نَبِي الله عِيسَى وإبليس عَدو الله فَأَما إِبْلِيس فَيَقُول ﴿إِن الله وَعدكُم وعد الْحق﴾ إِبْرَاهِيم الْآيَة ٤٢ إِلَى قَوْله ﴿إِلَّا أَن دعوتكم فاستجبتم﴾ لي وَصدق عَدو الله يَوْمئِذٍ وَكَانَ فِي الدُّنْيَا كَاذِبًا وَأما عِيسَى فَمَا قصّ الله عَلَيْكُم فِي قَوْله ﴿وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يكون لي﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ١١٦ إِلَى آخر الْآيَة: ﴿قَالَ الله هَذَا يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم﴾ وَكَانَ صَادِقا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَبعد الْمَوْت
قَوْله تَعَالَى: ﴿لله ملك السَّمَاوَات﴾ الْآيَة
أخرج أبوعبيد فِي فضائله عَن أبي الزَّاهِرِيَّة أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ كتب فِي آخر الْمَائِدَة لله ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالله سميع بَصِير
سُورَة الْأَنْعَام
مَكِّيَّة وآياتها خمس وَسِتُّونَ وَمِائَة أخرج ابْن الضريس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت سُورَة الْأَنْعَام بِمَكَّة
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة وَابْن الضريس فِي فضائلهما وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْعَام بِمَكَّة لَيْلًا جملَة حولهَا سَبْعُونَ ألف ملك يجأرون بالتسبيح
وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت سُورَة الْأَنْعَام جَمِيعًا بِمَكَّة مَعهَا موكب من الْمَلَائِكَة يشيعونها قد طبقوا مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لَهُم زجل بالتسبيح حَتَّى كَادَت الأَرْض أَن ترتج من زجلهم بالتسبيح ارتجاجا فَلَمَّا سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زجلهم بالتسبيح رعب من ذَاك فَخر سَاجِدا حَتَّى أنزلت عَلَيْهِ بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْعَام يشيعها سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء قَالَت: نزلت سُورَة الْأَنْعَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي مسير فِي زجل من الْمَلَائِكَة وَقد نظموا مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: نزلت سُورَة الْأَنْعَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جملَة وَاحِدَة وَأَنا آخذة بزمام نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن كَادَت من ثقلهَا لتكسر عِظَام النَّاقة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلت عَليّ سُورَة الْأَنْعَام جملَة وَاحِدَة يشيعها سَبْعُونَ ألف ملك لَهُم زجل بالتسبيح والتحميد
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان والسلفي فِي
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والإسماعيلي فِي مُعْجَمه عَن جَابر قَالَ: لما نزلت سُورَة الْأَنْعَام سبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ لقد شيع هَذِه السُّورَة من الْمَلَائِكَة مَا سد الْأُفق
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه والخطيب فِي تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: أنزل الْقُرْآن خمْسا خمْسا وَمن حفظ خمْسا خمْسا لم ينسه إِلَّا سُورَة الْأَنْعَام فَإِنَّهَا نزلت جملَة فِي ألف يشيعها من كل سَمَاء سَبْعُونَ ملكا حَتَّى أدوها إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قُرِئت على عليل إِلَّا شفَاه الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزلت عَليّ سُورَة الْأَنْعَام جملَة وَاحِدَة يشيعها سَبْعُونَ ألف ملك لَهُم زجل بالتسبيح والتحميد وَالتَّكْبِير والتهليل
وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُورَة الْأَنْعَام نزلت بِمَكَّة جملَة وَاحِدَة فَهِيَ مَكِّيَّة إِلَّا ثَلَاث آيَات مِنْهَا نزلتا بِالْمَدِينَةِ ﴿قل تَعَالَوْا أتل﴾ الْأَنْعَام الْآيَات ١٥١ - ١٥٣ إِلَى تَمام الْآيَات الثَّلَاث
وَأخرج الديلمي بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس مَرْفُوعا يُنَادي مناديا: قارىء سُورَة الْأَنْعَام هَلُمَّ إِلَى الْجنَّة بحبك إِيَّاهَا وتلاوتها
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْعَام كلهَا جملَة مَعهَا خَمْسمِائَة ملك يزفونها ويحفونها
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْعَام جَمِيعًا مَعهَا سَبْعُونَ ألف ملك كلهَا مَكِّيَّة إِلَّا ﴿وَلَو أننا نزلنَا إِلَيْهِم الْمَلَائِكَة﴾ الْأَنْعَام الْآيَة ١١١ فَإِنَّهَا مَدَنِيَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: لما نزلت سُورَة الْأَنْعَام سبح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ لقد شيع هَذِه السُّورَة من الْمَلَائِكَة مَا سد الْأُفق
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَإِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد عَن شهر بن
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: أنزلت الْأَنْعَام جَمِيعًا وَمَعَهَا سَبْعُونَ ألف ملك
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: نزلت الْأَنْعَام كلهَا بِمَكَّة إِلَّا آيَتَيْنِ نزلتا بِالْمَدِينَةِ فِي رجل من الْيَهُود وَهُوَ الَّذِي قَالَ ﴿مَا أنزل الله على بشر من شَيْء﴾ الْأَنْعَام الْآيَة ٩١ الْآيَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان قَالَ: نزلت الْأَنْعَام كلهَا بِمَكَّة إِلَّا آيَتَيْنِ نزلتا بِالْمَدِينَةِ فِي رجل من الْيَهُود وَهُوَ الَّذِي قَالَ ﴿مَا أنزل الله على بشر من شَيْء﴾ الْأَنْعَام الْآيَة ٩١ وَهُوَ فنحَاص الْيَهُودِيّ أَو مَالك بن الصَّيف
وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فِي فضائله والدارمي فِي مُسْنده وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: الْأَنْعَام من مواجب الْقُرْآن
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْأَنْعَام من مواجب الْقُرْآن
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن حبيب أبي مُحَمَّد العابد قَالَ: من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول الْأَنْعَام إِلَى تكسبون بعث الله لَهُ سبعين ألف ملك يدعونَ لَهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَله مثل أَعْمَالهم فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أدخلهُ الله الْجنَّة وسقاه من سلسبيل وغسله من الْكَوْثَر وَقَالَ: أَنا رَبك حَقًا وَأَنت عَبدِي حَقًا
وَأخرج ابْن الضريس عَن حبيب بن عِيسَى عَن أبي مُحَمَّد الْفَارِسِي قَالَ: من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول سُورَة الْأَنْعَام بعث الله سبعين ألف ملك يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَله مثل أُجُورهم فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أدخلهُ الله الْجنَّة أظلهُ فِي ظلّ عَرْشه وأطعمه من ثمار الْجنَّة وَشرب من الْكَوْثَر واغتسل من السلسبيل وَقَالَ الله: أَنا رَبك وَأَنت عَبدِي
وَأخرج السلَفِي بِسَنَدِهِ واه عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا قَالَ من قَرَأَ إِذا صلى الْغَدَاة
وَأخرج الديلمي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى الْفجْر فِي جمَاعَة وَقعد فِي مُصَلَّاهُ وَقَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول سُورَة الانعام وكل الله بِهِ سبعين ملكا يسبحون الله وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلَى الْقِيَامَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن حُذَيْفَة أَنه مر بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة وَهُوَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد قَالَ: فَقُمْت أُصَلِّي وَرَاءه فَاسْتَفْتَحَ سُورَة الْبَقَرَة فَلَمَّا ختم قَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد اللَّهُمَّ لَك الْحَمد وترا ثمَّ افْتتح آل عمرَان فختمها فَلم يرْكَع وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد ثَلَاث مَرَّات ثمَّ افْتتح سُورَة الْمَائِدَة فختمها فَرَكَعَ فَسَمعته يَقُول: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وَيرجع شَفَتَيْه فَاعْلَم انه يَقُول: غير ذَلِك ثمَّ افْتتح سُورَة الْأَنْعَام فتركته وَذَهَبت
- الْآيَة (١)
أخرج أبو عبد في فضائله عن أبي الزاهرية أن عثمان رضي الله عنه كتب في آخر المائدة « لله ملك السموات والأرض والله سميع بصير ».