تفسير سورة المنافقون

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة المنافقون من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾ [ المنافقون : ١ ] أي في شهادتهم التي يعتقدونها، فالتكذيب للشهادة، لا للمشهود به( ١ ).
١ - المشهود به هو لأن محمد رسول، فالله تعالى كذّبهم في هذه الدعوى، التي قالوها بألسنتهم دون اعتقادهم بها، ولهذا جاءت الجملة الاعتراضية ﴿والله يشهد إنك لرسوله﴾ ولو لم تُذكر هذه الجملة، لأوهم أن قولهم: (محمد رسول الله) كذب، وأن الله لم يرسله رسولا للخلق، فتنبّه لهذا السرّ الدقيق..
قوله تعالى :﴿ ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطُبع على قلوبهم ﴾ [ المنافقون : ٣ ]، " ذلك بأنهم " أي المنافقين " آمنوا ثم كفروا " أي آمنوا بألسنتهم، وكفروا بقلوبهم، ف " ثُمّ " للترتيب الإخباري لا الإيجادي.
قوله تعالى :﴿ يحسبون كل صيحة عليهم هم العدوّ فاحذرهم ﴾ [ المنافقون : ٤ ]، " كلّ " مفعول أول ليحسب، و " عليهم " مفعول ثان له، والتقدير : يحسبون كل صيحة واقعة عليهم، وقوله " هم العدوّ " استئناف، وقيل : هو المفعول الثاني ليحسب، وعليه ف " عليهم " حال.
قوله تعالى :﴿ ولكن المنافقين لا يفقهون ﴾ [ المنافقون : ٧ ].
ختمه هنا ب ﴿ لا يفقهون ﴾ وبعده ب ﴿ لا يعلمون ﴾( ١ ) لأن الأول متّصل بقوله :﴿ ولله خزائن السموات والأرض ﴾ [ المنافقون : ٧ ] وفي معرفتها غموض يحتاج إلى فطنة وفقه، فناسب نفي الفقه عنهم، والثاني متصل بقوله ﴿ ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين ﴾ [ المنافقون : ٨ ] وفي معرفتها غموض زائد، يحتاج إلى علم، فناسب نفي العلم عنهم، فالمعنى : لا يعلمون أن الله معزّ أوليائه، ومذلّ أعدائه.
١ - أشار إلى قوله تعالى: ﴿ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون﴾ إنما ختم الأولى بقوله: ﴿لا يفقهون﴾ لأن الرزق والعطاء، راجع إلى الحكمة والتدبير، فالمنافقون لم يدركوا حكمة الله، ولم يفقهوا تدبيره في الغنى والفقر، فلذلك يقولون ما يقولون، وختم الثانية بقوله: ﴿لا يعلمون﴾ لأنها متعلقة بالعزة والغلبة وهي من أسرار العلم الإلهي، فتدبر أسرار القرآن..
Icon