تفسير سورة المنافقون

فتح البيان
تفسير سورة سورة المنافقون من كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن المعروف بـفتح البيان .
لمؤلفه صديق حسن خان . المتوفي سنة 1307 هـ
سورة المنافقون
هي إحدى عشر آية بلا خلاف، وهي مدنية
قال القرطبي : في قول الجميع، قال ابن عباس : نزلت بالمدينة، وعن ابن الزبير مثله.
" وعن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة، فيحرض بها المؤمنين، وفي الثانية بسورة المنافقين فيقرع بها المنافقين، " أخرجه سعيد بن منصور والطبراني في الأوسط قال السيوطي : بسند حسن، وأخرج البراز والطبراني عن أبي عتبة الخولاني مرفوعا نحوه.

(إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ) أي إذا وصلوا إليك وحضروا مجلسك، قال ابن عباس: إنما سماهم الله منافقين لأنهم كتموا الشرك، وأظهروا الإيمان، والمراد بهم عبد الله بن أبيّ وأصحابه (قالوا) هذا جواب الشرط، وقيل محذوف، وقالوا: حال أي جاؤوك قائلين كيت وكيت، فلا تقبل منهم وقيل: الجواب اتخذوا أيمانهم جنة، وهو بعيد جداً كما لا يخفى (نشهد إنك لرسول الله) أكدوا شهادتهم بإن واللام للإشعار لأنها صادرة من صميم قلوبهم، مع خلوص اعتقادهم، ومعنى نشهد نحلف، فهو يجري مجرى القسم، ولذلك يتلقى بما يتلقى به القسم، وإنما عبر عن الحلف بالشهادة لأن كل واحد من الحلف والشهادة إثبات لأمر معين ويحتمل أن يكون ذلك محمولاً على ظاهره نفياً للنفاق عن أنفسهم، وهو الأشبه، ومثل نشهد نعلم فإنه أيضاًً يجري مجرى القسم، كما في قول الشاعر:
ولقد علمت لتأتين منيتي إن المنايا لا تطيش سهامها
(والله يعلم إنك لرسوله) جملة معترضة مقررة لمضمون ما قبلها، وهو ما أظهروه من الشهادة، وإن كانت بواطنهم على خلاف ذلك (والله يشهد
145
إن المنافقين لكاذبون) أي في شهادتهم التي زعموا أنها من صميم القلب، وخلوص الاعتقاد، لا في منطوق كلامهم، وهو الشهادة بالرسالة، فإنه حق يعني أنهم لكاذبون فيما تضمنه كلامهم، من التأكيد الدال على أن شهادتهم بذلك صادرة عن خلوص اعتقاد، وطمأنينة قلب، وموافقة باطن لظاهر، أو إنهم كاذبون عند أنفسهم، لأنهم كانوا يعتقدون أن قولهم: إنك لرسول الله كذب، وخبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه.
146
(اتخذوا أيمانهم جنة) أي جعلوا حلفهم الذي حلفوا لكم به إنهم لمنكم، وإن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاية تقيهم منكم، وسترة يستترون بها من القتل والأسر، قال النسفي: وفيه دليل على أن أشهد يمين، قال ابن عباس: اجتنبوا بأيمانهم من القتل والحرب، والجملة مستأنفة لبيان كذبهم وحلفهم عليه، قرأ الجمهور أيمانهم بفتح الهمزة وقرىء بكسرها، وقد تقدم تفسير هذا في سورة المجادلة، والجنة الترس ونحوه، وكل ما يقيك سوءاً ومن كلام الفصحاء جبة البرد جنة البرد.
(فصدوا عن سبيل الله) أي منعوا الناس عن الإيمان والجهاد وأعمال الطاعة، بسبب ما يصدر منهم من التشكيك، والقدح في النبوة، وهذا معنى الصد الذي بمعنى الصرف، ويجوز أن يكون بمعنى الصدود، أي أعرضوا عن الدخول في سبيل الله وإقامة أحكامه (إنهم ساء ما كانوا يعملون) من النفاق والصد، و (ساء) هذه هي الجارية مجرى بئس، في إفادة الذم، ومع ذلك ففيها معنى التعجيب، وتعظيم أمرهم عند السامعين.
(ذلك) أي ما تقدم ذكره من الكذب والصد وقبح الأعمال (بأنهم) أي بسبب أنهم (آمنوا) باللسان في الظاهر نفاقاً (ثم كفروا) بالقلب في الباطن، فثم للترتيب الإخباري لا الإيجادي، أو أظهروا الإيمان للمؤمنين وأظهروا الكفر للكافرين، وهذا صريح في كفر المنافقين، وقيل: نزلت الآية في قوم آمنوا ثم ارتدوا، والأول أولى كما يفيده السياق.
(فطبع على قلوبهم) أي ختم عليها بسبب كفرهم، قرأ الجمهور طبع مبنياً للمفعول، وقرىء مبنياً للفاعل، والفاعل ضمير يعود إلى الله سبحانه،
146
ويدل عليه قراءة الأعمش فطبع الله على قلوبهم (فهم لا يفقهون) ما فيه صلاحهم ورشادهم، وهو حقيقة الإيمان، ولا يعرفون صحته.
147
(وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) أي هيئاتهم ومناظرهم، يعني أن لهم أجساماً يعجب من يراها لما فيها من النضارة والرونق، قال ابن عباس: كان ابن أبيّ جسيماً صحيحاً فصيحاً ذلق اللسان، وكان قوم من المنافقين مثله وهم رؤساء المدينة، وكانوا يحضرون مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، ويستندون فيه إلى الجدر وكان النبي ﷺ ومن حضر يعجبون بهياكلهم.
(وإن يقولوا) أي يتكلموا في مجلسك (تسمع لقولهم) أي تستمع وتصغي وتميل، فلذلك عُدي باللام، والمعنى لتحسب أن قولهم حق وصدق لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم، قال الكلبي: المراد عبد الله بن أبيّ وجد بن قيس ومعتب بن قشير، كانت لهم أجسام ومنظر وفصاحة، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: لكل من يصلح له، ويدل عليه قراءة يسمع على البناء للمفعول.
وجملة (كأنهم خشب مسندة) خبر مبتدأ مضمر، أي هم كأنهم، أو مستأنفة لتقرير ما تقدم من أن أجسامهم تعجب الرائي وتروق الناظر، قالها الزمخشري أو في محل نصب على الحال، وصاحب الحال الضمير في قولهم، قاله أبو البقاء شبهوا في جلوسهم في مجالس النبي ﷺ مستندين بها بالخشب المنصوبة المسندة إلى الحائط، التي لا تفهم ولا تعلم، وهم كذلك لخلوهم عن الفهم النافع، والعلم الذي ينتفع به صاحبه، قال الزجاج: وصفهم بتمام الصور، ثم أعلم أنهم في ترك الفهم والاستبصار، وعظم الأجسام، بمنزلة الخشب قرأ الجمهور خشب بضمتين، وقرىء بإسكان الشين لأن واحدتها خشبة كبدنة وبدن، وهما سبعيتان، وقرىء بفتحتين.
ومعنى مسندة أنها أسندت إلى غيرها، من قولهم: أسندت كذا إلى كذا والتشديد للتكثير، قال ابن عباس في الآية: كأنهم نخل قيام، وقيل: إنهم أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما " عن زيد بن أرقم قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في سفر
147
فأصاب الناس شدة، فقال عبد الله بن أبيّ لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت النبي ﷺ فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أبيّ فسأله فاجتهد يمينه ما فعل فقالوا: كذب زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقع في نفسي مما قالوا شدة، حتى أنزل الله تصديقي في: إذا جاءك المنافقون، فدعاهم النبي ﷺ ليستغفر لهم، فلووا رؤوسهم، وهو قوله: (كأنهم خشب مسندة) قال: كانوا رجالاً أجمل شيء " (١).
وأخرجه عنه بأطول من هذا ابن سعد، وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي، ثم عابهم الله سبحانه بالجبن فقال:
(يحسبون كل صيحة) يسمعونها واقعة (عليهم) نازلة بهم لفرط جبنهم ورعب قلوبهم، وفي المفعول الثاني للحسبان وجهان:
أولهما أنه عليهم، ويكون جملة: (هم العدو) مستأنفة لبيان أنهم الكاملون في العداوة لكونهم يظهرون غير ما يبطنون.
والوجه الثاني أن المفعول الثاني للحسبان هو قوله: (هم العدو)، ويكون قوله: (عليهم) متعلقاً بصيحة وإنما جاء بضمير الجماعة باعتبار الخبر، وكان حقه أن يقال: هو العدو، والوجه الأول أولى قال مقاتل والسدي: أي نادى مناد في العسكر، أو انفلتت دابة، أو أنشدت ضالة، ظنوا أنهم المرادون لما في قلوبهم من الرعب، وقيل: كان المنافقون على وجل من أن ينزل فيهم ما يهتك أستارهم، ويبيح دماءهم وأموالهم.
ثم أمر الله سبحانه رسوله ﷺ بأن يأخذ حذره منهم فقال: (فاحذرهم) أن يتمكنوا من فرصة منك، أو يطلعوا على شيء من أسرارك، لأنهم عيون لأعدائك من الكفار، قال أبو السعود: الفاء لترتيب الأمر بالحذر على كونهم أعدى الأعداء، وعلى هذا جعل قوله: (هم العدو) مفعولاً ثانياً مما لا يساعده النظم الكريم أصلاً، ثم دعا عليهم بقوله:
_________
(١) رواه البخاري.
148
(قاتلهم الله) أي لعنهم الله، وقد تقول العرب هذه الكلمة على طريق التعجب، كقولهم: قاتله الله من شاعر، أو ما أشعره، وليس بمراد هنا، بل المراد ذمهم وتوبيخهم، وهو طلب من الله سبحانه طلبه من ذاته عز وجل أن يلعنهم ويخزيهم، أو هو تعليم للمؤمنين أن يقولوا ذلك، وقيل: معناه أهلكهم وهذا ما جرى عليه أبو عيسى ومعنى (أنىَّ يؤفكون)؟ كيف يصرفون عن الحق؟ ويميلون عنه إلى الكفر بعد قيام البرهان على حقية الإيمان؟ قال قتادة: يعدلون عن الحق، وقال الحسن: معناه يصرفون عن الرشد.
149
(وإذا قيل لهم تعالوا) أي إذا قال لهم القائل من المؤمنين: قد نزل فيكم ما نزل من القرآن فتوبوا إلى الله ورسوله وتعالوا (يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم) أي حركوها استهزاء بذلك، قال مقاتل: عطفوا رؤوسهم رغبة عن الاستغفار، وقيل: إعراضاً عنه واستكباراً، قرأ الجمهور: لووا بالتشديد وقرىء بالتخفيف، واختار الأولى أبو عبيد وهما سبعيتان.
(ورأيتهم يصدون) أي يعرضون عن قول من قال لهم تعالوا إلخ، أو يعرضون عن رسول الله ﷺ وجملة: (وهم مستكبرون) في محل نصب على الحال من فاعل الحال الأولى، وهي يصدون لأن الرؤية بصرية، فيصدون في محل نصب على الحال، والمعنى رأيتهم صادين مستكبرين عن الاعتذار والإستغفار، ولما كان رسول الله ﷺ يحب صلاحهم، وأن يستغفر لهم، وربما ندبه إلى ذلك بعض أقاربهم، قال تعالى منبهاً له على أنهم ليسوا بأهل للاستغفار لأنهم لا يؤمنون:
(سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم) أي الاستغفار وعدمه سواء لا ينفعهم ذلك لإصرارهم على النفاق، واستمرارهم على الكفر، وهذا تيؤس له من إيمانهم.
(ولن يغفر الله لهم) أي ما داموا على النفاق (إن الله لا يهدي القوم الفاسقين) أي الكاملين في الخروج عن الطاعة، والانهماك في معاصي الله.
ويدخل فيهم المنافقون دخولاً أولياً ثم ذكر سبحانه بعض قبائحهم فقال:
149
هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١١)
150
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ) استئناف جار مجرى التعليل لفسقهم أو لعدم هداية الله لهم والمعنى يقولون لأصحابهم من الأنصار المخلصين في الإيمان وصحبتهم للمنافقين بحسب ظاهر الحال.
(لا تنفقوا على من عند رسول الله) الظاهر أنه حكاية ما قالوه بعينه، لأنهم منافقون مقرون برسالته ظاهراً؛ ولا حاجة إلى أنهم قالوه تهكماً أو لغلبته عليه حتى صار كالعلم كما قيل، ويحتمل أنهم عبروا بغير هذه العبارة فغيرها الله إجلالاً لنبيه صلى الله عليه وسلم.
(حتى ينفضوا) أي لأجل أن يتفرقوا عنه بأن يذهب كل واحد منهم إلى أهله وشغله الذي كان له قبل ذلك، يعنون بذلك فقراء المهاجرين، قرأ الجمهور ينفضوا من الانفضاض وهو التفرق، وقرىء ينفضوا من انفض القوم إذا فنيت أزوادهم، يقال: نفض الرجل وعاءه من الزاد فانفض، قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في عسيف لعمر بن الخطاب، وقرأ زيد بن أرقم
150
وابن مسعود: حتى ينفضوا من حوله، ثم أخبر سبحانه بسعة ملكه فقال:
(ولله خزائن السموات والأرض) أي أنه هو الرزاق لهؤلاء المهاجرين وغيرهم، لأن خزائن الرزق له، فيعطي من شاء ما شاء، ويمنع من شاء ما شاء، لا بأيديهم، وهذا رد وإبطال لما زعموا من أن عدم إنقاقهم يؤدي إلى انفضاض الفقراء من حوله، والجملة حالية، أي قالوا ما ذكر، والحال أن الرزق بيده تعالى، لا يقدر أحد على منع شيء من ذلك، لا مما في يده، ولا مما في يد غيره (ولكن المنافقين لا يفقهون) ذلك، ولا يعلمون أن خزائن الأرزاق بيد الله عز وجل، وأنه الباسط القابض، المعطي المانع.
ثم ذكر سبحانه مقالة شنعاء قالوها فقال:
151
(يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) القائل لهذه المقالة هو عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين، وعنى بالأعز نفسه ومن معه، وبالأذل رسول الله ﷺ ومن معه، والمراد بالرجوع رجوعهم من تلك الغزوة، وإنما أسند القول إلى المنافقين مع كون القائل فرداً من أفرادهم وهو ابن أبيّ لكونه رئيسهم، وصاحب أمرهم، وهم راضون بما يقوله السامعون له مطيعون.
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما.
" عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع النبي ﷺ في غزاة، قال سفيان: يرون أنها غزوة بني المصطلق فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال المهاجري: يا للمهاجرين، وقال الأنصاري: يا للأنصار، فسمع ذلك النبي ﷺ فقال: ما بال دعوة الجاهلية؟ قالوا: رجل من المهاجرين كسع رجلاً من الأنصار، فقال النبي
151
صلى الله عليه وسلم: دعوها فإنها منتنة، فسمع ذلك عبد الله بن أبيّ فقال: أوقد فعلوها؟ والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عمر فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي ﷺ دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، زاد الترمذي فقال له ابنه عبد الله بن عبد الله: والله لا تنقلب حتى تقرَّ أنك الذليل ورسول الله العزيز ففعل " (١) وكانت تلك الغزوة في السنة الرابعة، وقيل في السادسة، ثم رد الله سبحانه على قائل تلك المقالة فقال:
(ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) الجملة حالية أي قالوا ما ذكر، والحال أن كل من له نوع بصيرة يعلم أن القوة والغلبة لله وحده، ولمن أفاضها عليه من رسله، وصالحي عباده، وعزة الله قهره وغلبته لأعدائه، وعزة رسوله إظهار دينه على الأديان كلها، وعزة المؤمنين نصر الله إياهم على أعدائهم، عن بعض الصالحات وكانت في هيئة رثة ألست على الإسلام وهو العز الذي لا ذل معه، والغنى الذي لا فقر معه؟ وعن الحسن بن علي أن رجلاً قال له: إن الناس يزعمون أن فيك تيهاً، قال: ليس بتيه ولكنه عزة، وتلا هذه الآية اللهم كما جعلت العزة للمؤمنين على المنافقين، فاجعل العزة للعادلين من عبادك، وأنزل الذلة على الجائرين الظالمين.
(ولكن المنافقين لا يعلمون) بما فيه النفع فيفعلونه، وبما فيه الضر فيجتنبونه، بل هم كالأنعام لفرط جهلهم، ومزيد حيرتهم، والطبع على قلوبهم، ختم هذه الآية بلا يعلمون، وما قبلها بلا يفقهون. لأن الأول متصل بقوله: (ولله خزائن السموات والأرض)، وفي معرفتها غموض يحتاج إلى فطنة وفقه، فناسب نفي الفقه عنهم، والثاني متصل بقوله: (ولله العزة) الخ وفي معرفتها غموض زائد يحتاج إلى علم فناسب نفي العلم عنهم، فالمعنى لا يعلمون أن الله معز أولياءه ومذل أعداءه، قال الكرخي: والحاصل أنه لما أثبت المنافقون لفريقهم إخراج المؤمنين من المدينة أثبت الله
_________
(١) رواه البخاري ومسلم.
152
تعالى في الرد عليهم صفة العزة لغير فريقهم، وهو الله ورسوله والمؤمنون.
وفي شرح جمع الجوامع: ومن قوادح العلة القول بالموجب بفتح الجيم، وهو تسليم الدليل مع بقاء النزاع بأن يظهر المعترض عدم استلزام الدليل لمحل النزاع، وشاهده: (ولله العزة ولرسوله) في جواب (ليخرجن الأعز منها الأذل) ولما ذكر سبحانه قبائح المنافقين، رجع إلى خطاب المؤمنين مرغباً لهم في ذكره فقال:
153
(يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم) أي لا تشغلكم (أموالكم) بالتصرف فيها، والسعي في تدبير أمرها بالنماء، وطلب النتاج، والاهتمام بها (ولا أولادكم) وسروركم بهم وشفقتكم عليهم، والقيام بمؤنتهم، حذرهم عن التشبه بالمنافقين في الاغترار عن أخلاق الذين ألهتهم أموالهم وأولادهم (عن ذكر الله) والمراد بالذكر فرائض الإسلام قاله الحسن، وقال الضحاك: الصلوات الخمس، وقيل: قراءة القرآن، وقيل: الحج والزكاة، وقيل: إدامة الذكر، وقيل: هو خطاب للمنافقين ووصفهم بالإيمان لكونهم آمنوا ظاهراً، والأول أولى.
" وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عمية وسلم في الآية قال: هم عباد من أمتي الصالحون منهم، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وعن الصلوات الخمس المفروضة " أخرجه ابن مردويه.
(ومن يفعل ذلك) أي يَلْتَهِ بالدنيا عن الدين، ويشتغل بها عما ذكر (فأولئك هم الخاسرون) أي الكاملو الخسران في تجارتهم، حيث باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني.
" وهو عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدنيا ملعونة: وملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالم ومتعلم "، أخرجه الترمذي.
(وأنفقوا مما رزقناكم) الظاهر أن المراد الإنفاق في الخير على عمومه، وقيل: المراد الزكاة المفروضة، ومن للتبعيض أي أنفقوا بعض ما رزقناكم في سبيل الخير، وفي التبعيض بإسناد الرزق منه تعالى إلى نفسه زيادة ترغيب في الامتثال، حيث كان الرزق له تعالى بالحقيقة، ومع ذلك اكتفى منهم ببعضه.
(من قبل أن يأتي أحدكم الموت) بأن تنزل عليه مقدماته وأسبابه وأماراته، ويشاهد حضور علاماته ودلائله، ويتعذر عليه الإنفاق، وقدم المفعول على الفاعل للإهتمام (فيقول رب لولا أخرتني) أي يقول عند نزول ما نزل به منادياً لربه: هلا أمهلتني وأخرت موتي، فلولا بمعنى هلا التي معناها التحضيض وتختص بما لفظه ماض، وهو في تأويل المضارع كما هنا، إذ لا معنى لطلب التأخير في الزمن الماضي، أو لا زائدة، ولولا للتمني، وقضية كلام الكشاف أن لولا بمعنى هل الاستفهامية والأولى أولى.
(إلى أجل) أي زمن واحد (قريب) قصير قليل بقدر ما أستدرك فيه ما فاتني (فأصدق) أي فأتصدق بمالي، أو بالزكاة، قرأ الجمهور بإدغام التاء في الصاد، وانتصابه على أنه جواب التمني، وقيل: إن لا في لولا زائدة، والأصل لو أخرتني، وقرىء فأتصدق بدون إدغام على الأصل (وأكن) قرأ الجمهور بالجزم على محل فأصدق، كأنه قيل: إن أخرتني أصدق وأكن، قال الزجاج: معناه هلا أخرتني؟ وجزم أكن على موضع فأصدق، لأنه على معنى إن أخرتني أصدق وأكن، وكذا قال أبو علي الفارسي وابن عطية وغيرهم، وقال سيبويه حاكياً عن الخليل: إنه جزم على توهم الشرط الذي يدل عليه التمني، وجعل سيبويه هذا نظير قول زهير:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ولا سابق شيئاًً إذا كان جائياً
فخفض ولا (سابق) عطفاً على (مدرك) هو خبر ليس على توهم زيادة الباء فيه، وقرىء وأكون بالنصب عطفاً على فأصدق، ووجهها واضح، ولكن
154
قال أبو عبيدة: رأيت في مصحف عثمان وأكن بغير واو، وقرىء بالرفع على الاستئناف أي وأنا أكون.
(من الصالحين) أي من المؤمنين، قال ابن عباس: أحج، وقال الضحاك: لا ينزل الموت بأحد لم يحج ولم يؤد زكاة إلا سأل الرجعة، وقرأ هذه الآية.
" وقال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان له مال يبلغه حج بيت الله، أو تجب عليه فيه الزكاة، فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت فقال له رجل: يا ابن عباس اتق الله فإنما يسأل الكافر فقال: سأتلو عليكم بذلك قرآناً: يا أيها الذين آمنوا إلى آخر السورة " أخرجه الترمذي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحسن ابن أبي الحسن في كتاب منهاج الدين إلى قوله الموت مرفوعاً ثم أجاب الله عن هذا المتمني فقال:
155
(ولن يؤخر الله نفساً) أية نفس كانت عن الموت (إذا جاء أجلها) أي آخر عمرها الكتوب في اللوح المحفوظ ومن جملة النفوس التي شملها النفي نفس هذا القائل فلا يؤخر أيضاًً (والله خبير بما تعملون) قرىء بالتاء والياء ولكل وجه يعني أنه لو رد إلى الدنيا وأجيب إلى ما يسأل ما حج، وما زكّى وقيل: هو خطاب شائع لكل عامل عملاً من خير أو شر، وهو الأولى.
واعلم أنه قد وقع الخلاف بين أهل العلم وطالت ذيوله وتشعبت أبحاثه في التعارض بين ما ورد من أن القضاء الأزلي من الله عز وجل لا يتغير ولا يتبدل، وهو المعبر عنه بأم الكتاب، وبقوله: تعالى: (لا معقب لحكمه) وقوله: (ما يبدل القول لدي) وبين ما ورد من الإرشاد إلى الأدعية وطلب الخير من الله عز وجل وسؤاله أن يدفع الضر ويرفع الضر، وسائر المطالب التي يطلبها العباد من ربهم سبحانه.
" كقوله صلى الله عليه وسلم: لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في
155
العمر إلا البر " أخرجه الترمذي من حديث سلمان وحسنه، وأبو حيان وصححه، والحاكم وصححه، والطبراني في الكبير، والضياء في المختارة.
ومثله حديث ثوبان مرفوعاً بلفظ: لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
" وكقوله ﷺ لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة " أخرجه الحاكم في المستدرك والبزار والطبراني في الأوسط والخطيب قال الحاكم: صحيح الإِسناد من حديث عائشة مرفوعاً وقال في مجمع الزوائد: رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه والبزار والطبراني في الأوسط ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح غير علي بن علي الرفاعي وهو ثقة وقد ضعف هذا الحديث بزكريا بن منصور كما ذكره الشوكاني في شرحه للعدة.
ومن ذلك ما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة وابن حبان وصححه " عن سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ إن ربكم حي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفراً " وأخرجه أيضاًً الحاكم وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وله شاهد صحيح ثم رواه من " حديث أنس مرفوعاً: إن ربكم رحيم حي كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه ثم لا يضع فيهما خيراً " وأخرجه الطبراني وأبو يعلى ومن ذلك:
" قوله صلى الله عليه وسلم: لا تعجزوا في الدعاء فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد " أخرجه ابن حبان من حديث أنس والحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد والضياء في المختارة وقد رد الشوكاني في شرحه للعمدة على من ضعفه.
ومن ذلك ما أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة والحاكم في المستدرك
156
وقال صحيح الإسناد وأقره الذهبي وأخرجه أيضاًً من حديث سلمان وقال: صحيح الإسناد ومن ذلك ما أخرجه الحاكم في المستدرك.
" من حديث أبي هريرة وقال صحيح الإسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض " (١) وأخرجه أبو يعلى.
" من حديث علي قال: قال رسول الله ﷺ ألا أدلكم على ما ينجيكم من عدوكم ويدر لكم أرزاقكم؟ تدعون الله في ليلكم ونهاركم فإن الدعاء سلاح المؤمن " (٢).
وأخرج أحمد في المسند من " حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم ينصب وجهه لله في مسألة إلا أعطاه إياها إما أن يعجلها له وإما أن يدخرها له " (٣) قال المنذري في الترغيب والترهيب: لا بأس بإسناده وأخرجه البخاري في الأدب المفرد والحاكم وشهد لمعناه ما أخرجه أحمد والبزار وأبو يعلى قال المنذري: بأسانيد جيدة.
" من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها " (٤).
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان " قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الدعاء هو العبادة ثم تلا: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي) " الآية وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم في المستدرك.
_________
(١) رواه الحاكم.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه أحمد.
(٤) رواه أحمد.
157
" من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدعاء مخ العبادة " (١) وأخرج الترمذي والحاكم في المستدرك:
" من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يسأل الله يغضب عليه " (٢) وفي لفظ: من لم يدع الله يغضب عليه أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف والحاكم في المستدرك وصححه. ومن ذلك.
" استعاذته ﷺ من سوء القضاء " كما في صحيح مسلم وغيره.
" ومن ذلك ما ثبت في قنوت الوتر عنه ﷺ أنه قال فيه: وقني شر ما قضيت "، وهو حديث صحيح، وإن لم يخرجه الشيخان، وفيهما الاستعاذة من القضاء المشتمل على الشر والسوء ومن ذلك الأحاديث الواردة في صلة الرحم وأنها تزيد في العمر وهي أحاديث صحيحة ومن ذلك الأحاديث الواردة في إجابة دعاء المظلوم على ظالمه والأحاديث الواردة في دعاء الوالدين لولدهما والأحاديث الواردة في دعوة الإمام العادل والأحاديث الواردة في إجابة دعوة من دعا ربه باسمه الأعظم وغير ذلك كثير.
وجميع ذلك على اختلاف دلالته متواتر فليت شعري كيف ذهب جماعة من أهل العلم إلى مخالفة ذلك كله، وقالوا: إن أحكام الله وقضاءه في سابق علمه لا تغير أصلاً فإن استدلوا بمثل قوله تعالى: (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ)، وما ورد في اللوح المحفوظ، وما كتب فيه، وأنه قد جف القضاء، ونحو ذلك، فأي فائدة في مثل قوله عز وجل: (أدعوني أستجب لكم)؟ فإن هذا أمر منه عز وجل لعباده بدعائه، وأي فائدة في أمر رسول الله ﷺ بأن يخبر عباده أنه قريب مجيب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه؟ وأي فائدة في قوله عز وجل، مخبراً لعباده (يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم
_________
(١) رواه الحاكم.
(٢) رواه الحاكم.
158
الكتاب) وعلمنا سبحانه كيف ندعو في نحو قوله: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) إلى آخر الآية.
" وحكى لنا رسول الله ﷺ كما ثبت في الصحيح أن الله عز وجل قال عند هذه الدعوات: قد فعلت "، وكذلك سائر ما قصه الله علينا في كتابه من إجابته لدعوة أنبيائه كما في قوله: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا)، وفي مثل: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) وما شابه ذلك من الآيات، وما شوهد من نبينا ﷺ من إجابة دعواته في مواطن يتعسر إحصاؤها، وما شوهد من صالحي هذه الأمة في كل قرن من القرون من إجابة دعواتهم في الحال.
ومن جهل هذا أو بعضه نظر في مثل حلية الأولياء، ومثل رسالة القشيري، ومثل صفوة الصفوة لابن الجوزي، وغير ذلك مما يكثر تعداده، بل ينظر في الدعوات المجابة من الصحابة رضي الله عنهم، وكما وقع من جماعة كثيرة من السلف رحمهم الله تعالى أنهم كانوا يقولون في أدعيتهم: اللهم إن كنت قد كتبتني في ديوان الأشقياء فانقلني إلى ديوان السعداء بعبارات مختلفة هذه إحداها، وبالجملة فالكتاب العزيز والسنة المتواترة ترد عليهم رداً أوضح من شمس النهار.
وطائفة قالت: إن الأقضية نوعان مطلقة ومقيدة، فالمطلقة ما لم تكن مشروطة بشروط واقعة، وإلا فلا، وهذا القول وإن كان مردوداً مثل الأول إلا أنه أقل مفسدة منه، وإن كان رأياً بحتاً ليس عليه دليل، وبالجملة فالبحث يطول فلنقتصر على هذا المقدار، والحمد لله أولاً وآخراً، واستنبط بعضهم من هذه الآية عمر النبي صلى الله عليه وسلم، لأن السورة رأس ثلاث وستين سورة، وعقبت بالتغابن إشارة لظهور التغابن بوفاته صلى الله عليه وسلم، ذكره الكرخي، وليس هذا من تفسير الكتاب في شيء، بل من لطائف الكلام وتفنن المرام.
159
سورة التغابن
(هي ثماني عشرة آية بالاتفاق، وهي مدنية في قول الأكثر)
وقال الضحاك، هي مكية، وقال الكلبي: هي مدنية ومكيّة، وقال ابن عباس: نزلت بالمدينة، وعن ابن الزبير مثله، وعن ابن عباس أيضاً قال: نزلت بمكة إلا آيات من آخرها نزلن بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي شكا إلى رسول الله - ﷺ - جفاء أهله وولده، فأنزل الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) إلى آخر السورة، وعن عطاء ابن يسار نحوه.
أخرج البخاري في تاريخه.
عن عبد الله بن عمرو قال: " ما من مولود يولد إلا مكتوب في تشبيك رأسه خمس آيات من أول سورة التغابن "، وأخرجه ابن حبان في الضعفاء والطبراني وابن مردويه وابن عساكر مرفوعاً عنه، قال ابن كثير: وهو غريب جداً بل منكر.
161

بسم الله الرحمن الرحيم

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٤) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٥) ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦) زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧)
163
Icon