تفسير سورة الإنسان

الدر المنثور
تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ
أخرج النحاس عن ابن عباس قال : نزلت سورة الإِنسان بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : أنزلت بمكة سورة ﴿ هل أتى على الإِنسان ﴾.
وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الإِنسان بالمدينة.

أخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الإِنسان بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: أنزلت بِمَكَّة سُورَة ﴿هَل أَتَى على الإِنسان﴾
وَأخرج ابْن الضريس وَابْن مردوية وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الإِنسان بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجل من الْحَبَشَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سل واستفهم فَقَالَ: يَا رَسُول الله فضلْتُمْ علينا بالألوان والصور والنبوّة أَفَرَأَيْت إِن آمَنت بِهِ وعملت بِمثل مَا عملت بِهِ إِنِّي لكائن مَعَك فِي الْجنَّة قَالَ: نعم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه ليرى بَيَاض الْأسود فِي الْجنَّة من مسيرَة ألف عَام ثمَّ قَالَ: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله كَانَ لَهُ عهد عِنْد الله وَمن قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ كتبت لَهُ مائَة ألف حَسَنَة وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف حَسَنَة وَنزلت عَلَيْهِ هَذِه السُّورَة ﴿هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر﴾ إِلَى قَوْله: ﴿وملكا كَبِيرا﴾ فَقَالَ الحبشي: وَإِن عَيْني لترى مَا ترى عَيْنَاك فِي الْجنَّة قَالَ: نعم فاشتكى حَتَّى فاضت نَفسه
قَالَ ابْن عمر: فَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدليه فِي حفرته بِيَدِهِ
365
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مُحَمَّد بن مطرف قَالَ: حَدثنِي الثِّقَة أَن رجلا أسود كَانَ يسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التَّسْبِيح والتهليل فَقَالَ لَهُ عمر بن الْخطاب: مَه أكثرت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَه يَا عمر وأنزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر﴾ حَتَّى إِذا أَتَى على ذكر الْجنَّة زفر الْأسود زفرَة خرجت نَفسه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَاتَ شوقاً إِلَى الْجنَّة
وَأخرج ابْن وهب عَن ابْن زيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه السُّورَة ﴿هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر﴾ وَقد أنزلت عَلَيْهِ وَعِنْده رجل أسود فَلَمَّا بلغ صفة الْجنان زفر زفرَة فَخرجت نَفسه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أخرج نفس صَاحبكُم الشوق إِلَى الْجنَّة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر﴾ حَتَّى خَتمهَا ثمَّ قَالَ: إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ وأسمع مَا لَا تَسْمَعُونَ أطت السَّمَاء وَحقّ لَهُ أَن تئط مَا فِيهَا مَوضِع أَربع أَصَابِع إِلَّا ملك وَاضع جَبهته سَاجِدا لله وَالله لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا وَمَا تلذذتم بِالنسَاء على الْفرش لخرجتم إِلَى الصعدات تجارون
أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر﴾ قَالَ: الإِنسان أَتَى عَلَيْهِ حِين من الدَّهْر ﴿لم يكن شَيْئا مَذْكُورا﴾ قَالَ: إِنَّمَا خلق الإِنسان هَهُنَا حَدِيثا مَا يعلم من خَلِيقَة الله خَلِيقَة كَانَت بعد إِلَّا هَذَا الإِنسان
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب أَنه سمع رجلا يقْرَأ ﴿هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا﴾ فَقَالَ عمر: ليتها تمت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود أَنه سمع رجلا يَتْلُو هَذِه الْآيَة ﴿هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا﴾ فَقَالَ ابْن مَسْعُود: يَا ليتها تمت فعوتب فِي قَوْله: هَذَا فَأخذ عوداً من الأَرْض فَقَالَ: يَا لَيْتَني كنت مثل هَذَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر﴾ قَالَ: إِن آدم آخر مَا خلق من الْخلق
366
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿هَل أَتَى على الإِنسان﴾ قَالَ: كل إِنْسَان
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن من الْحِين حينا لَا يدْرك
قَالَ الله: ﴿هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا﴾ وَالله مَا يدْرِي كم أَتَى عَلَيْهِ حَتَّى خلقه الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب أَنه تَلا هَذِه الْآيَة ﴿هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا﴾ قَالَ: أَي وَعزَّتك يَا رب فَجَعَلته سميعاً بَصيرًا وَحيا وَمَيتًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: إِذا جئناكم بِحَدِيث أَتَيْنَاكُم بتصديقه من كتاب الله إِن النُّطْفَة تكون فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ ثمَّ تكون مُضْغَة أَرْبَعِينَ فَإِذا أَرَادَ الله أَن يخلق الْخلق نزل الْملك فَيَقُول لَهُ اكْتُبْ فَيَقُول مَاذَا أكتب فَيَقُول: اكْتُبْ شقياً أَو سعيداً ذكرا أَو أُنْثَى وَمَا رزقه وأثره وأجله فَيُوحِي الله بِمَا يَشَاء وَيكْتب الْملك ثمَّ قَرَأَ عبد الله ﴿إِنَّا خلقنَا الإِنسان من نُطْفَة أمشاج نبتليه﴾ ثمَّ قَالَ عبد الله: أمشاجها عروقها
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: ﴿أمشاج﴾ قَالَ: الْعُرُوق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿من نُطْفَة أمشاج﴾ قَالَ: من مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة حِين يختلطان
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿من نُطْفَة أمشاج﴾ قَالَ: هُوَ نزُول الرجل وَالْمَرْأَة يمشج بعضه بِبَعْض
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿من نُطْفَة أمشاج﴾ قَالَ: اخْتِلَاط مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة إِذا وَقع فِي الرَّحِم
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت أَبَا ذُؤَيْب وَهُوَ يَقُول: كَأَن الريش والفوقين مِنْهُ خلال النصل خالطه مشيج وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ مشج مَاء الرجل بِمَاء الْمَرْأَة فَصَارَ خلقا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع قَالَ: إِذا اجْتمع مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة فَهُوَ أمشاج
367
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: الأمشاج إِذا اخْتَلَط المَاء وَالدَّم ثمَّ كَانَ علقَة ثمَّ كَانَ مُضْغَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: خلق من نُطْفَة مشجت بِدَم وَذَلِكَ الدَّم الْحيض إِذا حملت ارْتَفع الْحيض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿من نُطْفَة أمشاج﴾ قَالَ: مُخْتَلفَة الألوان
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿من نُطْفَة أمشاج﴾ قَالَ: ألوان نُطْفَة الرجل بَيْضَاء وحمراء ونطفة الْمَرْأَة خضراء وحمراء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأمشاج الَّذِي يخرج على أثر الْبَوْل كَقطع الأوتار وَمِنْه يكون الْوَلَد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم قَالَ: الأمشاج الْعُرُوق الَّتِي فِي النُّطْفَة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿من نُطْفَة أمشاج﴾ قَالَ: ألوان الْخلق
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿إِنَّا خلقنَا الإِنسان من نُطْفَة أمشاج نبتليه﴾ قَالَ: طوراً نُطْفَة وطوراً علقَة وطورا مُضْغَة وطورا عظما ﴿فكسونا الْعِظَام لَحْمًا﴾ وَذَلِكَ أَشد مَا يكون إِلَى كسي اللَّحْم ﴿ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر﴾ قَالَ: أنبت لَهُ الشّعْر ﴿فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ﴾ فأنباه الله مِم خلقه وأنباه إِنَّمَا بَين ذَلِك ليبتليه بذلك ليعلم كَيفَ شكره ومعرفته لحقه فَبين الله لَهُ مَا أحل لَهُ وَمَا حرم عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: ﴿إِنَّا هديناه السَّبِيل إِمَّا شاكراً﴾ لنعم الله ﴿وَإِمَّا كفوراً﴾ بهَا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأمشاج مِنْهُ الْعِظَام والعصب وَالْعُرُوق من الرجل وَاللَّحم وَالدَّم وَالشعر من الْمَرْأَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿أمشاج﴾ قَالَ: الظفر والعظم والعصب من الرجل وَاللَّحم وَالشعر من الْمَرْأَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة ﴿إِنَّا هديناه السَّبِيل﴾ قَالَ: السَّبِيل الْهدى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿إِنَّا هديناه السَّبِيل﴾ قَالَ: الشقاوة والسعادة
368
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ ﴿إِنَّا هديناه السَّبِيل﴾ قَالَ: الْخَيْر وَالشَّر
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل مولد يُولد على الْفطْرَة حَتَّى يعبر عَنهُ لِسَانه فَإِذا عبر عَنهُ لِسَانه إِمَّا شاكراً وَإِمَّا كفوراً وَالله تَعَالَى أعلم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿إِن الْأَبْرَار يشربون من كأس كَانَ مزاجها كافوراً﴾ قَالَ: تمزج بِهِ ﴿عينا يشرب بهَا عباد الله يفجرونها تفجيراً﴾ قَالَ: يَقُودُونَهَا حَيْثُ يشاؤوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿إِن الْأَبْرَار يشربون من كأس كَانَ مزاجها كافوراً﴾ قَالَ: قوم يمزج لَهُم بالكافور وَيخْتم لَهُم بالمسك ﴿عينا يشرب بهَا عباد الله يفجرونها تفجيراً﴾ قَالَ: يَسْتَفِيد ماؤهم يفجرونها حَيْثُ شاؤوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة ﴿كَانَ مزاجها﴾ قَالَ طعمها: ﴿يفجرونها تفجيراً﴾ قَالَ: الْأَنْهَار يجرونها حَيْثُ شاؤوا
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن إِسْحَق قَالَ فِي قِرَاءَة عبد الله: كأساً صفراً كَانَ مزاجها
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن ابْن شَوْذَب فِي قَوْله: ﴿يفجرونها تفجيراً﴾ قَالَ: مَعَهم قضبان ذهب يفجرون بهَا تتبع قضبانهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿يُوفونَ بِالنذرِ﴾ قَالَ: كَانُوا يُوفونَ بِطَاعَة الله من الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وَالْعمْرَة وَمَا افْترض عَلَيْهِم فسماهم الله الْأَبْرَار لذَلِك فَقَالَ: ﴿يُوفونَ بِالنذرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَره مُسْتَطِيرا﴾ قَالَ: إستطاروا لله شَرّ ذَلِك الْيَوْم حَتَّى مَلأ السَّمَوَات وَالْأَرْض
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿يُوفونَ بِالنذرِ﴾ قَالَ: إِذا نذروا فِي حق الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة ﴿يُوفونَ بِالنذرِ﴾ قَالَ: كل نذر فِي شكر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي فَقَالَ: إِنِّي نذرت أَن أنحر نَفسِي فشغل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذهب الرجل فَوجدَ يُرِيد أَن ينْحَر نَفسه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي
369
أمتِي من وَفِي بِالنذرِ وَيخَاف ﴿يَوْمًا كَانَ شَره مُسْتَطِيرا﴾ أهد مائَة نَاقَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: لما صدر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالأسارى عَن بدر أنْفق سَبْعَة من الْمُهَاجِرين على أُسَارَى مُشْركي بدر مِنْهُم أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن وَسعد وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح فَقَالَت الْأَنْصَار: قتلناهم فِي الله وَفِي رَسُوله وتوفونهم بِالنَّفَقَةِ فَأنْزل الله فيهم تسع عشرَة آيَة ﴿إِن الْأَبْرَار يشربون من كأس كَانَ مزاجها كافوراً﴾ إِلَى قَوْله: ﴿عينا فِيهَا تسمى سلسبيلاً﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿كَانَ شَره مُسْتَطِيرا﴾ قَالَ: فاشيا
الْآيَة ٨ - ٢٣
370
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عبد الله بن مسعود قال : إذا جئناكم بحديث أتيناكم بتصديقه من كتاب الله إن النطفة تكون في الرحم أربعين، ثم تكون مضغة أربعين، فإذا أراد الله أن يخلق الخلق نزل الملك فيقول له اكتب، فيقول ماذا أكتب ؟ فيقول : اكتب شقياً أو سعيداً ذكراً أو أنثى، وما رزقه، وأثره، وأجله، فيوحي الله بما يشاء، ويكتب الملك، ثم قرأ عبد الله ﴿ إنا خلقنا الإِنسان من نطفة أمشاج نبتليه ﴾ ثم قال عبد الله : أمشاجها عروقها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله :﴿ أمشاج ﴾ قال : العروق.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ من نطفة أمشاج ﴾ قال : من ماء الرجل وماء المرأة حين يختلطان.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله :﴿ من نطفة أمشاج ﴾ قال : هو نزول الرجل والمرأة يمشج بعضه ببعض.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله :﴿ من نطفة أمشاج ﴾ قال : اختلاط ماء الرجل وماء المرأة إذا وقع في الرحم.
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت أبا ذؤيب وهو يقول :
كأن الريش والفوقين منه خلال النصل خالطه مشيج
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال مشج ماء الرجل بماء المرأة فصار خلقاً.
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع قال : إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة فهو أمشاج.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : الأمشاج إذا اختلط الماء والدم، ثم كان علقة ثم كان مضغة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في الآية، قال : خلق من نطفة مشجت بدم، وذلك الدم الحيض إذا حملت ارتفع الحيض.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ من نطفة أمشاج ﴾ قال : مختلفة الألوان.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ﴿ من نطفة أمشاج ﴾ قال : ألوان نطفة الرجل بيضاء وحمراء ونطفة المرأة خضراء وحمراء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الأمشاج الذي يخرج على أثر البول، كقطع الأوتار ومنه يكون الولد.
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم قال : الأمشاج العروق التي في النطفة.
وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله :﴿ من نطفة أمشاج ﴾ قال : ألوان الخلق.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ﴿ إنا خلقنا الإِنسان من نطفة أمشاج نبتليه ﴾ قال : طوراً نطفة وطوراً علقة وطوراً مضغة وطوراً عظماً ﴿ ثم كسونا العظام لحماً ﴾ وذلك أشد ما يكون إذا كسي اللحم ﴿ ثم أنشأناه خلقاً آخر ﴾ قال : أنبت له الشعر ﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ فأنباه الله مم خلقه، وأنباه إنما بين ذلك ليبتليه بذلك، ليعلم كيف شكره ومعرفته لحقه، فبين الله له ما أحل له وما حرم عليه ثم قال :﴿ إنا هديناه السبيل إما شاكراً ﴾ لنعم الله ﴿ وإما كفوراً ﴾ بها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : الأمشاج منه العظام والعصب والعروق من الرجل واللحم والدم والشعر من المرأة.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عكرمة في قوله :﴿ أمشاج ﴾ قال : الظفر والعظم والعصب من الرجل، واللحم والشعر من المرأة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة ﴿ إنا هديناه السبيل ﴾ قال : السبيل الهدى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ﴿ إنا هديناه السبيل ﴾ قال : الشقاوة والسعادة.
وأخرج ابن المنذر عن عطية العوفي ﴿ إنا هديناه السبيل ﴾ قال : الخير والشر.
وأخرج أحمد وابن المنذر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«كل مولود يولد على الفطرة حتى يعبر عنه لسانه، فإذا عبر عنه لسانه إما شاكراً وإما كفوراً والله تعالى أعلم ».
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً ﴾ قال : تمزج به ﴿ عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً ﴾ قال : يقودونها حيث يشاؤوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً ﴾ قال : قوم يمزج لهم بالكافور ويختم لهم بالمسك ﴿ عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً ﴾ قال : يستفيد ماؤهم يفجرونها حيث شاؤوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة ﴿ كان مزاجها ﴾ قال طعمها :﴿ يفجرونها تفجيراً ﴾ قال : الأنهار يجرونها حيث شاؤوا.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن إسحاق قال في قراءة عبد الله :«كأساً صفراً كان مزاجها ».
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن شوذب في قوله :﴿ يفجرونها تفجيراً ﴾ قال : معهم قضبان ذهب يفجرون بها تتبع قضبانهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ يوفون بالنذر ﴾ قال : كانوا يوفون بطاعة الله من الصلاة والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم، فسماهم الله الأبرار لذلك، فقال :﴿ يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ﴾ قال : استطاروا لله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ يوفون بالنذر ﴾ قال : إذا نذروا في حق الله.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ﴿ يوفون بالنذر ﴾ قال : كل نذر في شكر.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والطبراني عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرت أن أنحر نفسي، فشغل النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب الرجل، فوجد يريد أن ينحر نفسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«الحمد لله الذي جعل في أمتي من يوفي بالنذر، ويخاف ﴿ يوماً كان شره مستطيراً ﴾ أهد مائة ناقة ».
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال : لما صَدَرَ النبي صلى الله عليه وسلم بالأسارى عن بدر أنفق سبعة من المهاجرين على أسارى مشركي بدر منهم أبو بكر وعمر وعليّ والزبير وعبد الرحمن وسعد وأبو عبيدة بن الجراح، فقالت الأنصار : قتلناهم في الله وفي رسوله وتوفونهم بالنفقة، فأنزل الله فيهم تسع عشرة آية ﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً ﴾ إلى قوله :﴿ عيناً فيها تسمى سلسبيلاً ﴾.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ كان شره مستطيراً ﴾ قال : فاشياً.
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿ويطعمون الطَّعَام على حبه﴾ قَالَ: وهم يشتهونه ﴿وأسيراً﴾ قَالَ: هُوَ المسجون ﴿إِنَّمَا نطعمكم لوجه الله﴾ الْآيَة قَالَ: لم يقل الْقَوْم ذَلِك حِين أطعموهم وَلَكِن علم الله من قُلُوبهم فَأثْنى عَلَيْهِ بِهِ ليرغب فِيهِ رَاغِب
370
وَأخرج سعيد بن الْمَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: كَانَ الْأُسَارَى مُشْرِكين يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة ﴿ويطعمون الطَّعَام على حبه مِسْكينا ويتيماً وأسيراً﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لقد أَمر الله بالأسارى أَن يحسن إِلَيْهِم وَأَنَّهُمْ يَوْمئِذٍ لمشركون فوَاللَّه لأخوك الْمُسلم أعظم عَلَيْك حُرْمَة وَحقا
وَأخرج أَبُو عبيد فِي غَرِيب الحَدِيث وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان فِي قَوْله: ﴿وأسيراً﴾ قَالَ: لم يكن الْأَسير على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا من الْمُشْركين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأسر أهل الإِسلام وَلكنهَا نزلت فِي أُسَارَى أهل الشّرك كَانُوا يأسرونهم فِي الْفِدَاء فَنزلت فيهم فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر بالإِصلاح لَهُم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وأسيراً﴾ قَالَ: هُوَ الْمُشرك
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿وأسيراً﴾ قَالَ: مَا أسرت الْعَرَب من الْهِنْد وَغَيرهم فَإِذا حبسوا فَعَلَيْكُم أَن تطعموهم وتسقوهم حَتَّى يقتلُوا أَو يفدوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي رزين قَالَ: كنت مَعَ شَقِيق بن سَلمَة فَمر عَلَيْهِ أُسَارَى من الْمُشْركين فَأمرنِي أَن أَتصدق عَلَيْهِم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿ويطعمون الطَّعَام على حبه مِسْكينا ويتيماً وأسيراً﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير وَعَطَاء ﴿ويطعمون الطَّعَام على حبه مِسْكينا ويتيماً وأسيراً﴾ قَالَا: من أهل الْقبْلَة وَغَيرهم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله الله: ﴿مِسْكينا﴾ قَالَ: فَقِيرا ﴿ويتيماً﴾ قَالَ: لَا أَب لَهُ ﴿وأسيراً﴾ قَالَ: الْمَمْلُوك والمسجون
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ويطعمون الطَّعَام على حبه﴾ الْآيَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي عَليّ بن أبي طَالب وَفَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن سعد عَن أم الْأسود سَرِيَّة الرّبيع بن خَيْثَم قَالَت: كَانَ الرّبيع يُعجبهُ السكر يَأْكُلهُ فَإِذا جَاءَ السَّائِل نَاوَلَهُ فَقلت: مَا يصنع بالسكر الْخبز لَهُ خير قَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يَقُول: ﴿ويطعمون الطَّعَام على حبه﴾
371
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿يَوْمًا عبوساً﴾ قَالَ: ضيقا ﴿قمطريراً﴾ قَالَ: طَويلا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿يَوْمًا عبوساً قمطريراً﴾ قَالَ: يقبض مَا بَين الْأَبْصَار
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق ابْن عَبَّاس قَالَ: القمطرير الرجل المنقبض مَا بَين عَيْنَيْهِ وَوَجهه
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿يَوْمًا عبوساً قمطريراً﴾ قَالَ: الَّذِي ينقبض وَجهه من شدَّة الوجع
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وَلَا يَوْم الحسار وَكَانَ يَوْمًا عبوساً فِي الشدائد قمطريراً قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: ﴿وَلَا زمهريراً﴾ قَالَ: كَذَلِك أهل الْجنَّة لَا يصيبهم حر الشَّمْس فيؤذيهم وَلَا الْبرد
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: برهوهة الْخلق مثل الْعَتِيق لم تَرَ شمساً وَلَا زمهريراً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿يَوْمًا عبوساً قمطريراً﴾ قَالَ: يَوْمًا تقبض فِيهِ الْحَيَاة من شدته
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿يَوْمًا﴾ قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة ﴿عبوساً﴾ قَالَ: العابس الشفتين ﴿قمطريراً﴾ قَالَ: تقبض الْوُجُوه بالسوء وَفِي لفظ انقباض مَا بَين عَيْنَيْهِ وَوَجهه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿ولقاهم نَضرة وسروراً﴾ قَالَ: نَضرة فِي وُجُوههم وسروراً فِي صُدُورهمْ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن ﴿ولقاهم نَضرة﴾ قَالَ: فِي الْوُجُوه ﴿وسروراً﴾ قَالَ: فِي الصُّدُور والقلوب
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿ولقاهم نَضرة وسروراً﴾ قَالَ: نَضرة فِي وُجُوههم وسروراً فِي قُلُوبهم ﴿وجزاهم بِمَا صَبَرُوا جنَّة وَحَرِيرًا﴾ قَالَ: الصَّبْر صبران صَبر على طَاعَة الله وصبرعن مَعْصِيّة الله ﴿متكئين فِيهَا على الأرائك﴾ قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنَّهَا الحجال على السرر ﴿لَا يرَوْنَ فِيهَا شمساً وَلَا زمهريراً﴾ قَالَ: علم الله
372
تبَارك وَتَعَالَى أَن شدَّة الْحر تؤذي وَأَن شدَّة الْبرد تؤذي فوقاهم الله عذابهما جَمِيعًا
قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدث أَن جَهَنَّم اشتكت إِلَى رَبهَا فنفسها فِي كل عَام نفسين فشدة الْحر من حرهَا وَشدَّة الْبرد من زمهريرها
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: ﴿لَا يرَوْنَ فِيهَا شمساً وَلَا زمهريراً﴾ قَالَ: حَدثنِي أَبُو سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اشتكت النَّار إِلَى رَبهَا فَقَالَت: يَا رب أكل بَعْضِي بَعْضًا فنفسني فَجعل لَهَا فِي كل عَام نفسين نفسا فِي الشتَاء ونفساً فِي الصَّيف
فشدة الْبرد الَّذِي تَجِدُونَ من زمهرير جَهَنَّم وَشدَّة الْحر الَّذِي تَجِدُونَ من حر جَهَنَّم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اشتكت النَّار إِلَى رَبهَا فَقَالَت: رب أكل بَعْضِي بَعْضًا فَجعل لَهَا نفسين نفسا فِي الشتَاء ونفساً فِي الصَّيف فشدة مَا تجدونه من الْبرد من زمهريرها وَشدَّة مَا تجدونه فِي الصَّيف من الْحر من سمومها
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَلَا زمهريراً﴾ قَالَ: بردا مقطعاً
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: الزَّمْهَرِير هُوَ الْبرد الشَّديد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الزَّمْهَرِير إِنَّمَا هُوَ لون من الْعَذَاب إِن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿لَا يذوقون فِيهَا بردا وَلَا شرابًا﴾
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَو أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم حَار ألْقى الله سَمعه وبصره إِلَى أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض فَإِذا قَالَ العَبْد لَا إِلَه إِلَّا الله مَا أَشد حر هَذَا الْيَوْم اللَّهُمَّ أجرني من حر جَهَنَّم قَالَ الله عز وَجل لِجَهَنَّم إِن عبدا من عَبِيدِي استجار بيّ مِنْك وَإِنِّي أشهدك أَنِّي قد أجرته وَإِذا كَانَ يَوْم شَدِيد الْبرد ألْقى الله سَمعه وبصره إِلَى أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض فَإِذا قَالَ العَبْد: لَا إِلَه إِلَّا الله مَا أَشد برد هَذَا الْيَوْم اللَّهُمَّ أجرني من زمهرير جَهَنَّم قَالَ الله لِجَهَنَّم: إِن عبدا من عَبِيدِي استجارني من زمهريرك وَإِنِّي أشهدك أَنِّي قد أجرته
فَقَالُوا وَمَا زمهرير جَهَنَّم قَالَ كَعْب: بَيت يلقى فِيهِ الْكَافِر فيتميز من شدَّة بردهَا بعضه من بعض
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْجنَّة سَجْسَج لَا قر فِيهَا وَلَا حر
373
أخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن المنذروابن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْبَراء بن عَازِب فِي وَقَوله: ﴿ودانية عَلَيْهِم ظلالهاً﴾ قَالَ: قريبَة ﴿وذللت قطوفها تذليلاً﴾ قَالَ: إِن أهل الْجنَّة يَأْكُلُون من ثمار الْجنَّة قيَاما وقعوداً ومضطجعين وعَلى أَي حَال شاؤوا وَفِي لفظ قَالَ: ذللت لَهُ فيتناولون مِنْهَا كَيفَ شاؤوا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة ﴿وذللت قطوفها تذليلاً﴾ قَالَ: إِن قعدوا نالوها
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك ﴿وذللت قطوفها تذليلاً﴾ قَالَ: أدنيت مِنْهُم يتناولونها وهم متكئون
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿وذللت قطوفها تذليلاً﴾ قَالَ: أدنيت مِنْهُم يتناولونها إِن قَامَ ارْتَفَعت بِقَدرِهِ وَإِن قعد تدلت حَتَّى ينالها وَإِن اضْطجع تدلت حَتَّى ينالها فَذَلِك تذليلها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: يَقُول غلْمَان أهل الْجنَّة من أَيْن نقطف لَك من أَيْن نسقيك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: أَرض الْجنَّة ورق وترابها مسك وأصول شَجَرهَا ذهب وورق وأفنانها اللُّؤْلُؤ والزبرجد وَالْوَرق وَالثِّمَار بَين ذَلِك فَمن أكل قَائِما لم يؤذه وَمن أكل مُضْطَجعا لم يؤذه وَمن أكل جَالِسا لم يؤذه ﴿وذللت قطوفها تذليلاً﴾ وَفِي لفظ إِن قَامَ ارْتَفَعت بِقَدرِهِ وَإِن قعد تدلت حَتَّى ينالها وَإِن اضْطجع تدلت حَتَّى ينالها فَذَلِك تذليلها
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿وَيُطَاف عَلَيْهِم بآنية من فضَّة﴾ الْآيَة قَالَ: صفاء الْقَوَارِير فِي بَيَاض الْفضة ﴿قدروها تَقْديرا﴾ قَالَ: قدرت على قدر رَأْي الْقَوْم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ / قدرهَا / بِرَفْع الْقَاف
وَأخرج عَن الْحسن أَنه قَرَأَهَا بِنصب الْقَاف
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
374
آنِية من فضَّة وصفاؤها كصفاء الْقَوَارِير ﴿قدروها تَقْديرا﴾ قَالَ: قدرت للكف
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو أخذت فضَّة من فضَّة الدُّنْيَا فضربتها حَتَّى جَعلتهَا مثل جنَاح الذُّبَاب لم ير المَاء عَن وَرَائِهَا وَلَكِن قَوَارِير الْجنَّة بَيَاض الْفضة فِي صفاء الْقَوَارِير
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَيْسَ فِي الْجنَّة شَيْء إِلَّا قد أعطيتم فِي الدُّنْيَا شبهه إِلَّا ﴿قَوَارِير من فضَّة﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: لَو اجْتمع أهل الدُّنْيَا على أَن يعملوا إِنَاء من فضَّة يرى مَا فِيهِ من خَلفه كَمَا يرى فِي الْقَوَارِير مَا قدرُوا عَلَيْهِ
وَأخرج الْفرْيَابِيّ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿قدروها تَقْديرا﴾ قَالَ: أَتَوا بهَا على قدرهم لَا يفضلون شَيْئا وَلَا يشتهون بعْدهَا شَيْئا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: الْآنِية الأقداح والأكواب الكوكبات وتقديرها أَنَّهَا لَيست بالملأى الَّتِي تفيض وَلَا نَاقِصَة بِقدر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿قدروها تَقْديرا﴾ قَالَ: قدرتها السقاة
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله: ﴿قَوَارِير من فضَّة﴾ قَالَ: صفاؤها صفاء الْقَوَارِير وَهِي من فضَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿كَانَ مزاجها زنجبيلاً﴾ قَالَ: يمزج لَهُم بالزنجبيل
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿كَانَ مزاجها زنجبيلاً﴾ قَالَ: يأثر لَهُم مَا كَانُوا يشربون فِي الدُّنْيَا فَيَجِيء إِلَيْهِم بذلك
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع عُيُون فِي الْجنَّة عينان تجريان من تَحت الْعَرْش إِحْدَاهمَا الَّتِي ذكر الله ﴿يفجرونها تفجيراً﴾ وَالْأُخْرَى الزنجبيل وعينان نضاختان من فَوق إِحْدَاهمَا الَّتِي ذكر الله سلسبيلاً وَالْأُخْرَى التسنيم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿عينا فِيهَا تسمى سلسبيلاً﴾ قَالَ: حَدِيدَة الجرية
375
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك ﴿عينا فِيهَا تسمى سلسبيلاً﴾ قَالَ: عين الْخمْرَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿تسمى سلسبيلاً﴾ قَالَ: تجْرِي سلسلة السَّبِيل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿عينا فِيهَا تسمى سلسبيلاً﴾ قَالَ: سلسلة فِيهَا يصرفونا حَيْثُ شاؤوا وَفِي قَوْله: ﴿حسبتهم لؤلؤاً منثوراً﴾ قَالَ: من حسنهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَينا الْمُؤمن على فرَاشه إِذْ أبْصر شَيْئا يسير نَحوه فَجعل يَقُول: لُؤْلُؤ فَإِذا ولدان مخلدون كَمَا وَصفهم الله وَهِي الْآيَة ﴿إِذا رَأَيْتهمْ حسبتهم لؤلؤاً منثوراً﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا أَوَّلهمْ خُرُوجًا إِذا خَرجُوا وَأَنا قائدهم إِذا وفدوا وَأَنا خطيبهم إِذا أَنْصتُوا وَأَنا مستشفعهم إِذا جَلَسُوا وَأَنا مبشرهم إِذا أيسوا الْكَرَامَة والمفاتيح بيَدي ولواء الْحَمد بيَدي وآدَم وَمن دونه تَحت لِوَائِي وَلَا فَخر يطوف عَلَيْهِم ألف خَادِم كَأَنَّهُمْ بيض مَكْنُون أَو لُؤْلُؤ منثور
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وهناد وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلا من يسْعَى عَلَيْهِ ألف خَادِم كل وَاحِد على عمل لَيْسَ عَلَيْهِ صَاحبه
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه ذكر ركب أهل الْجنَّة ثمَّ تَلا ﴿وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيماً وملكاً كَبِيرا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيماً وملكاً كَبِيرا﴾ قَالَ: هُوَ اسْتِئْذَان الْمَلَائِكَة لَا تدخل عَلَيْهِم إِلَّا بِإِذن
وَأخرج ابْن جرير عَن سُفْيَان فِي قَوْله: ﴿وملكاً كَبِيرا﴾ قَالَ: بلغنَا أَنه اسْتِئْذَان الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن وهب عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة الَّذِي يركب فِي ألف ألف من خدمَة من الْولدَان المخلدين على
376
خيل من ياقوت أَحْمَر لَهَا أَجْنِحَة من ذهب ﴿وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيماً وملكاً كَبِيرا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: دخل عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ رَاقِد على حَصِير من جريد قد أثر فِي جنبه فَبكى عمر فَقَالَ: مَا يبكيك فَقَالَ: ذكرت كسْرَى وَملكه وَقَيْصَر وَملكه وَصَاحب الْحَبَشَة وَملكه وَأَنت رَسُول الله على حَصِير من جريد فَقَالَ: أما ترْضى أَن لَهُم الدُّنْيَا وَلنَا الْآخِرَة فَأنْزل الله ﴿وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيماً وملكاً كَبِيرا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الجوزاء أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿عاليهم ثِيَاب سندس خضر﴾ قَالَ: علت الخضرة أكثرثياب أَهلهَا الخضرة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿شرابًا طهُورا﴾ قَالَ: مَا ذكر الله من الْأَشْرِبَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿شرابًا طهُورا﴾ قَالَ: مَا ذكر الله من الْأَشْرِبَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا﴾ قَالَ: إِذا أكلُوا أَو شربوا مَا شَاءَ الله من الطَّعَام وَالشرَاب دعوا الشَّرَاب الطّهُور فيشربون فيطهرهم فَيكون مَا أكلُوا وَشَرِبُوا جشاء برِيح مسك يفِيض من جُلُودهمْ ويضمر لذَلِك بطونهم
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ فِي هَذِه الْآيَة ﴿وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا﴾ قَالَ: عرق يفِيض من أعراضهم مثل ريح الْمسك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ: بَلغنِي أَنه يقسم للرجل من أهل الْجنَّة شَهْوَة مائَة رجل من أهل الدُّنْيَا وأكلهم ونهمتهم فَإِذا أكل سقِِي شرابًا طهُورا يخرج من جلده رشحاً كَرَشْحِ الْمسك ثمَّ تعود شَهْوَته
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿وَكَانَ سعيكم مشكوراً﴾ فَقَالَ: لقد شكر الله سعياً قَلِيلا
377
الْآيَة ٢٤ - ٣١
378
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ يوماً عبوساً ﴾ قال : ضيقاً ﴿ قمطريراً ﴾ قال : طويلاً.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ يوماً عبوساً قمطريراً ﴾ قال : يقبض ما بين الأبصار ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طرق ابن عباس قال : القمطرير الرجل المنقبض ما بين عينيه ووجهه.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله :﴿ يوماً عبوساً قمطريراً ﴾ قال : الذي ينقبض وجهه من شدة الوجع. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول :
ولا يوم الحسار وكان يوماً عبوساً في الشدائد قمطريراً
قال : أخبرني عن قوله :﴿ ولا زمهريراً ﴾ قال : كذلك أهل الجنة لا يصيبهم حر الشمس فيؤذيهم، ولا البرد. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم، أما سمعت الأعشى وهو يقول :
برهوهة الخلق مثل العتيق لم تر شمساً ولا زمهريراً
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ﴿ يوماً عبوساً قمطريراً ﴾ قال : يوماً تقبض فيه الحياة من شدته.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ يوماً ﴾ قال : يوم القيامة ﴿ عبوساً ﴾ قال : العابس الشفتين ﴿ قمطريراً ﴾ قال : تقبض الوجوه بالسوء، وفي لفظ انقباض ما بين عينيه ووجهه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ﴿ ولقاهم نضرة وسروراً ﴾ قال : نضرة في وجوههم وسروراً في صدورهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن ﴿ ولقاهم نضرة ﴾ قال : في الوجوه ﴿ وسروراً ﴾ قال : في الصدور والقلوب.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ ولقاهم نضرة وسروراً ﴾ قال : نضرة في وجوههم وسروراً في قلوبهم. ﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً ﴾ قال : الصبر صبران صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله. ﴿ متكئين فيها على الأرائك ﴾ قال : كنا نحدث أنها الحجال على السرر ﴿ لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً ﴾ قال : علم الله تبارك وتعالى أن شدة الحر تؤذي، وأن شدة البرد تؤذي، فوقاهم الله عذابهما جميعاً. قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدث أن جهنم اشتكت إلى ربها فنفسها في كل عام نفسين، فشدة الحر من حرها، وشدة البرد من زمهريرها.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ ولقاهم نضرة وسروراً ﴾ قال : نضرة في وجوههم وسروراً في قلوبهم. ﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً ﴾ قال : الصبر صبران صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله. ﴿ متكئين فيها على الأرائك ﴾ قال : كنا نحدث أنها الحجال على السرر ﴿ لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً ﴾ قال : علم الله تبارك وتعالى أن شدة الحر تؤذي، وأن شدة البرد تؤذي، فوقاهم الله عذابهما جميعاً. قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدث أن جهنم اشتكت إلى ربها فنفسها في كل عام نفسين، فشدة الحر من حرها، وشدة البرد من زمهريرها.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ ولقاهم نضرة وسروراً ﴾ قال : نضرة في وجوههم وسروراً في قلوبهم. ﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً ﴾ قال : الصبر صبران صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله. ﴿ متكئين فيها على الأرائك ﴾ قال : كنا نحدث أنها الحجال على السرر ﴿ لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً ﴾ قال : علم الله تبارك وتعالى أن شدة الحر تؤذي، وأن شدة البرد تؤذي، فوقاهم الله عذابهما جميعاً. قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدث أن جهنم اشتكت إلى ربها فنفسها في كل عام نفسين، فشدة الحر من حرها، وشدة البرد من زمهريرها.
وأخرج عبد الرزاق وابن مردويه عن الزهري في قوله :﴿ لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً ﴾ قال : حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«اشتكت النار إلى ربها، فقالت : يا رب أكل بعضي بعضاً فنفسني، فجعل لها في كل عام نفسين نفساً في الشتاء، ونفساً في الصيف. فشدة البرد الذي تجدون من زمهرير جهنم، وشدة الحر الذي تجدون من حر جهنم ».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي وابن مردويه من طرق عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«اشتكت النار إلى ربها فقالت : رب أكل بعضي بعضاً، فجعل لها نفسين نفساً في الشتاء، ونفساً في الصيف، فشدة ما تجدونه من البرد من زمهريرها، وشدة ما تجدونه في الصيف من الحر من سمومها ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ ولا زمهريراً ﴾ قال : برداً مقطعاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : الزمهرير هو البرد الشديد.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : الزمهرير إنما هو لون من العذاب، إن الله تعالى قال :﴿ لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً ﴾.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد الخدري أو أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :«إذا كان يوم حار ألقى الله سمعه وبصره إلى أهل السماء وأهل الأرض، فإذا قال العبد لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم ! اللهم أجرني من حر جهنم، قال الله عز وجل لجهنم إن عبداً من عبيدي استجار بيّ منك، وإني أشهدك أني قد أجرته، وإذا كان يوم شديد البرد ألقى الله سمعه وبصره إلى أهل السماء وأهل الأرض، فإذا قال العبد : لا إله إلا الله، ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من زمهرير جهنم قال الله لجهنم : إن عبداً من عبيدي استجارني من زمهريرك، وإني أشهدك أني قد أجرته. فقالوا وما زمهرير جهنم ؟ قال كعب : بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة بردها بعضه من بعض ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : الجنة سجسج لا قر فيها ولا حر.
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد بن السري وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في وقوله :﴿ ودانية عليهم ظلالهاً ﴾ قال : قريبة ﴿ وذللت قطوفها تذليلاً ﴾ قال : إن أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قياماً وقعوداً ومضطجعين وعلى أي حال شاؤوا، وفي لفظ قال : ذللت لهم فيتناولون منها كيف شاؤوا.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ﴿ وذللت قطوفها تذليلاً ﴾ قال : إن قعدوا نالوها.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك ﴿ وذللت قطوفها تذليلاً ﴾ قال : أدنيت منهم يتناولونها وهم متكئون.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ وذللت قطوفها تذليلاً ﴾ قال : أدنيت منهم يتناولونها إن قام ارتفعت بقدره، وإن قعد تدلت حتى ينالها، وإن اضطجع تدلت حتى ينالها، فذلك تذليلها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود قال : يقول غلمان أهل الجنة من أين نقطف لك ؟ من أين نسقيك ؟
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال : أرض الجنة ورق، وترابها مسك، وأصول شجرها ذهب وورق، وأفنانها اللؤلؤ والزبرجد والورق والثمار بين ذلك، فمن أكل قائماً لم يؤذه ومن أكل مضطجعاً لم يؤذه، ومن أكل جالساً لم يؤذه ﴿ وذللت قطوفها تذليلاً ﴾ وفي لفظ إن قام ارتفعت بقدره، وإن قعد تدلت حتى ينالها، وإن اضطجع تدلت حتى ينالها فذلك تذليلها.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ ويطاف عليهم بآنية من فضة ﴾ الآية، قال : صفاء القوارير في بياض الفضة. ﴿ قدروها تقديراً ﴾ قال : قدرت على قدر رأي القوم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥:وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ ويطاف عليهم بآنية من فضة ﴾ الآية، قال : صفاء القوارير في بياض الفضة. ﴿ قدروها تقديراً ﴾ قال : قدرت على قدر رأي القوم.

وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي أنه كان يقرأ ﴿ قدرها ﴾ برفع القاف.
وأخرج عن الحسن أنه قرأها بنصب القاف.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث من طريق العوفي عن ابن عباس قال : آنية من فضة وصفاؤها كصفاء القوارير ﴿ قدروها تقديراً ﴾ قال : قدرت للكف.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والبيهقي في البعث من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى جعلتها مثل جناح الذباب لم ير الماء عن ورائها، ولكن قوارير الجنة بياض الفضة في صفاء القوارير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه إلا ﴿ قوارير من فضة ﴾.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : لو اجتمع أهل الدنيا على أن يعملوا إناء من فضة يرى ما فيه من خلفه كما يرى في القوارير ما قدروا عليه.
وأخرج الفريابي من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله :﴿ قدروها تقديراً ﴾ قال : أتوا بها على قدرهم، لا يفضلون شيئاً ولا يشتهون بعدها شيئاً.
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد عن مجاهد قال : الآنية الأقداح، والأكواب الكوكبات، وتقديرها أنها ليست بالملأى التي تفيض، ولا ناقصة بقدر.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس ﴿ قدروها تقديراً ﴾ قال : قدرتها السقاة.
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي في قوله :﴿ قوارير من فضة ﴾ قال : صفاؤها صفاء القوارير وهي من فضة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ﴿ كان مزاجها زنجبيلاً ﴾ قال : يمزج لهم بالزنجبيل.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ كان مزاجها زنجبيلاً ﴾ قال : يأثر لهم ما كانوا يشربون في الدنيا فيجيء إليهم بذلك.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أربع عيون في الجنة عينان تجريان من تحت العرش إحداهما التي ذكر الله ﴿ يفجرونها تفجيراً ﴾ والأخرى الزنجبيل، وعينان نضاختان من فوق إحداهما التي ذكر الله سلسبيلاً والأخرى التسنيم ».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد في قوله :﴿ عيناً فيها تسمى سلسبيلاً ﴾ قال : حديدة الجرية.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك ﴿ عيناً فيها تسمى سلسبيلاً ﴾ قال : عين الخمرة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ﴿ تسمى سلسبيلاً ﴾ قال : تجري سلسلة السبيل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ عيناً فيها تسمى سلسبيلاً ﴾ قال : سلسلة فيها يصرفونها حيث شاؤوا. وفي قوله :﴿ حسبتهم لؤلؤاً منثوراً ﴾ قال : من حسنهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ عيناً فيها تسمى سلسبيلاً ﴾ قال : سلسلة فيها يصرفونها حيث شاؤوا. وفي قوله :﴿ حسبتهم لؤلؤاً منثوراً ﴾ قال : من حسنهم.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : بينا المؤمن على فراشه إذ أبصر شيئاً يسير نحوه، فجعل يقول : لؤلؤ فإذا ولدان مخلدون كما وصفهم الله، وهي الآية ﴿ إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أنا أولهم خروجاً إذا خرجوا، وأنا قائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا، وأنا مستشفعهم إذا جلسوا، وأنا مبشرهم إذا أيسوا، الكرامة والمفاتيح بيدي، ولواء الحمد بيدي، وآدم ومن دونه تحت لوائي، ولا فخر، يطوف عليهم ألف خادم كأنهم بيض مكنون أو لؤلؤ منثور ».
وأخرج ابن المبارك وهناد وعبد بن حميد والبيهقي في البعث عن ابن عمرو رضي الله عنه قال : إن أدنى أهل الجنة منزلاً من يسعى عليه ألف خادم كل واحد على عمل ليس عليه صاحبه.
وأخرج الحاكم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه ذكر ركب أهل الجنة ثم تلا ﴿ وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً ﴾ قال : هو استئذان الملائكة لا تدخل عليهم إلا بإذن.
وأخرج ابن جرير عن سفيان في قوله :﴿ وملكاً كبيراً ﴾ قال : بلغنا أنه استئذان الملائكة عليهم.
وأخرج ابن وهب عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي يركب في ألف ألف من خدمة من الولدان المخلدين، على خيل من ياقوت أحمر، لها أجنحة من ذهب ﴿ وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً ﴾ ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال :«دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راقد على حصير من جريد قد أثر في جنبه، فبكى عمر، فقال : ما يبكيك ؟ فقال : ذكرت كسرى وملكه وقيصر وملكه وصاحب الحبشة وملكه، وأنت رسول الله على حصير من جريد، فقال : أما ترضى أن لهم الدنيا ولنا الآخرة ؟ فأنزل الله ﴿ وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكاً كبيراً ﴾ ».
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي الجوزاء أنه كان يقرأ ﴿ عاليهم ثياب سندس خضر ﴾ قال : علت الخضرة أكثر ثياب أهلها الخضرة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ شراباً طهوراً ﴾ قال : ما ذكر الله من الأشربة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ شراباً طهوراً ﴾ قال : ما ذكر الله من الأشربة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن أبي قلابة رضي الله عنه ﴿ وسقاهم ربهم شراباً طهوراً ﴾ قال : إذا أكلوا أو شربوا ما شاء الله من الطعام والشراب دعوا الشراب الطهور فيشربون، فيطهرهم فيكون ما أكلوا وشربوا جشاء بريح مسك يفيض من جلودهم، ويضمر لذلك بطونهم.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم التيمي في هذه الآية ﴿ وسقاهم ربهم شراباً طهوراً ﴾ قال : عرق يفيض من أعراضهم مثل ريح المسك.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم التيمي قال : بلغني أنه يقسم للرجل من أهل الجنة شهوة مائة رجل من أهل الدنيا، وأكلهم ونهمتهم، فإذا أكل سقي شراباً طهوراً يخرج من جلده رشحاً كرشح المسك ثم تعود شهوته.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ وكان سعيكم مشكوراً ﴾ فقال : لقد شكر الله سعياً قليلاً.
أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفوراً﴾ قَالَ: حَدثنَا أَنَّهَا نزلت فِي عدوّ الله أبي جهل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أَنه بلغه أَن أَبَا جهل قَالَ: لما فرضت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة وَهُوَ يَوْمئِذٍ بِمَكَّة: لَئِن رَأَيْت مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأَطَأَن على عُنُقه
فَأنْزل الله فِي ذَلِك ﴿وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفوراً﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿آثِما أَو كفوراً﴾ قَالَ: كَانَ أَبُو جهل يَقُول: لَئِن رَأَيْت مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأَطَأَن على رقبته فَنَهَاهُ أَن يطيعه وَفِي قَوْله: ﴿يَوْمًا ثقيلاً﴾ قَالَ: عسراً شَدِيدا
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: ﴿وشددنا أسرهم﴾ قَالَ: خلقهمْ
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ ﴿وشددنا أسرهم﴾ قَالَ: هِيَ المفاصل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع ﴿وشددنا أسرهم﴾ قَالَ: مفاصلهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن مثله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿وشددنا أسرهم﴾
378
قَالَ: خلقهمْ وَفِي قَوْله: ﴿إِن هَذِه تذكرة﴾ قَالَ: هَذِه السُّورَة تذكرة وَالله أعلم
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾
أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لعن الله الْقَدَرِيَّة وَقد فعل لعن الله الْقَدَرِيَّة وَقد فعل
لعن الله الْقَدَرِيَّة وَقد فعل
مَا قَالُوا كَمَا قَالَ الله وَلَا قَالُوا كَمَا قَالَت الْمَلَائِكَة وَلَا قَالُوا كَمَا قَالَت الْأَنْبِيَاء وَلَا قَالُوا كَمَا قَالَت أهل الْجنَّة وَلَا قَالُوا كَمَا قَالَت أهل النَّار وَلَا قَالُوا كَمَا قَالَ الشَّيْطَان
قَالَ الله ﴿وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ وَقَالَت الْمَلَائِكَة: (لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة ٣٢) وَقَالَت الْأَنْبِيَاء فِي قصَّة نوح: (وَلَا ينفعكم نصحي إِن أردْت أَن أنصح لكم إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم) (سوره هود الْآيَة ٣٤) وَقَالَت أهل الْجنَّة: (وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله) (سُورَة الْأَعْرَاف الْآيَة ٤٣) وَقَالَ أهل النَّار (رَبنَا غلبت علينا شِقْوَتنَا) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة ١٠٦) وَقَالَ الشَّيْطَان: (رب بِمَا أغويتني) (سُورَة الْحجر الْآيَة ٣٩)
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: إِذا خطب كل مَا هُوَ آتٍ قريب لَا بعد لما يَأْتِي وَلَا يعجل الله لعجلة أحد مَا شَاءَ الله لَا مَا شَاءَ النَّاس يُرِيد النَّاس أمرا وَيُرِيد الله أمرا مَا شَاءَ الله كَانَ وَلَو كره النَّاس
لَا مباعد لما قرب الله وَلَا مقرب لما باعد الله لَا يكون شَيْء إِلَّا بِإِذن الله
379

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

٧٧
سُورَة المرسلات
مَكِّيَّة وآياتها خَمْسُونَ
الْآيَة ١ - ١٩
380
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله :﴿ آثماً أو كفوراً ﴾ قال : كان أبو جهل يقول : لئن رأيت محمداً يصلي لأطأن على رقبته، فنهاه أن يطيعه. وفي قوله :﴿ يوماً ثقيلاً ﴾ قال : عسراً شديداً.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وشددنا أسرهم ﴾ قال : خلقهم.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه ﴿ وشددنا أسرهم ﴾ قال : هي المفاصل.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع ﴿ وشددنا أسرهم ﴾ قال : مفاصلهم.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن مثله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ وشددنا أسرهم ﴾ قال : خلقهم. وفي قوله :﴿ إن هذه تذكرة ﴾ قال : هذه السورة تذكرة والله أعلم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ وشددنا أسرهم ﴾ قال : خلقهم. وفي قوله :﴿ إن هذه تذكرة ﴾ قال : هذه السورة تذكرة والله أعلم.
قوله تعالى :﴿ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ﴾.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لعن الله القدرية، وقد فعل لعن الله القدرية، وقد فعل. لعن الله القدرية، وقد فعل. ما قالوا كما قال الله ؟ ولا قالوا كما قالت الملائكة، ولا قالوا كما قالت الأنبياء، ولا قالوا كما قالت أهل الجنة، ولا قالوا كما قالت أهل النار، ولا قالوا كما قال الشيطان. قال الله ﴿ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ﴾ وقالت الملائكة :﴿ لا علم لنا إلا ما علمتنا ﴾ [ البقرة : ٣٢ ] وقالت الأنبياء في قصة نوح :﴿ ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم ﴾ [ هود : ٣٤ ] وقالت أهل الجنة :﴿ وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ] وقال أهل النار ﴿ ربنا غلبت علينا شقوتنا ﴾ [ المؤمنون : ١٠٦ ] وقال الشيطان :﴿ رب بما أغويتني ﴾ [ الحجر : ٣٩ ] ».
وأخرج ابن مردويه من طريق ابن شهاب عن سالم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :«إذا خطب كل ما هو آت قريب، لا بعد لما يأتي، ولا يعجل الله لعجلة أحد، ما شاء الله لا ما شاء الناس، يريد الناس أمراً ويريد الله أمراً ما شاء الله كان، ولو كره الناس. لا مباعد لما قرب الله ولا مقرب لما باعد الله. لا يكون شيء إلا بإذن الله ».
Icon